سؤال : لماذا لا يزال العالم يفتقر على كمّامات وقاية صحّية ؟ لا سيما في عالم الإنتاج الضخم و القدرات التي لا تصدّق – الجواب : الرأسماليّة – الإمبريالية

شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6522 - 2020 / 3 / 24 - 14:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

جريدة " الثورة " عدد 640 ، 23 مارس 2020
https://revcom.us/a/640/why-does-the-world-still-lack-for-face-masks-en.html

وقد وقع في قبضة الوباء العالمي لفيروس كورونا ، يواجه العالم بأسره نقصا يبعث على اليأس في كمّامات الوقاية الصحّية للحيلولة دون أن يصاب بدورهم بالفيروس – و يموت - العاملون في قطاع الصحّة .
يصف مقال في جريدة أمريكيّة ، " أخبار و تقارير عالميّة " ( " الجهود العالميّة المبذولة لمعالجة فيروس كورونا تواجه نقصا في الكمّامات " ) وضعا جنونيّا : بلدان لا تملك مخزونا من الكمّامات لمواجهة بواء عالمي كان من الممن توقّعه ؛ و قدرة إنتاجيّة هائلة للرأسماليّة العالميّة و مع ذلك عدم القدرة على إنتاج الكمّامات و تزويد المحتاجين إليها بكمّيات تكون تقريبا كافية ؛ و حتّى الكمّامات الموجودة مكدّسة جرّاء ممنوعات تصدير نو لا توجّه إلى المناطق الأكثر إحتياجا إليها .
و على سبيل المثال ، يصف المقال إيّاه وضعا حيث " النقص الفادح في الصين ، حتّى في المستشفيات ، صار بديهيّا فظيعا بفعل إصابة أكثر من ثلاثة آلاف عامل في مجال الصحّة بالفيروس . و إضطرّت الصين إلى العمل على إستيراد كمّامات من عدّة بلدان أخرى ... و إيطاليا ، البلد الأكثر تضرّرا في أوروبا ، تحصّلت على 800 ألف كمّامة من جنوب أفريقيا لكنّها لا تزال في حاجة إلى ما لا يقلّ عن عشرة ملايين أخرى . و في الظروف العاديّة ، تنتج الصين نصف الكمّامات في العالم.
و معترفا بالوقائع الصعبة ، أعرب المقال عن الآتى : " مثل هذه الأزمات مديدة و معقّدة جدّا و يتعيّن على الدول – الأمم أن تواجهها منفردة " ( التشديد من وضعنا ) و تساءل : " كيف يكون بوسعنا أن ندفع الشركات العالميّة إلى أن تشارك بصورة أتمّ في الإستعداد للوباء العالمي التالى و للعمل مع الحكومات على أصعدة متنوّعة ؟ "
فلنلقى نظرة على الواقع في ظلّ النظام الرأسمالي- الإمبريالي !
أجل ، " سلسلة الإنتاج العالميّة " (1) لهذا النظام تنتج الكثير من السلع و الخدمات ، الكثير من الثروة ! بيد أنّه غير موجودة و غير منظّمة لإنتاج حاجيات الإنسانيّة . هي منظّمة من أجل و يحرّكها الحدّ الأقصى من الربح الذى تحقّقه التجمّعات الكبرى المتنافسة من رأس المال وهي " مرتبطة " و تستفيد من الإستغلال – و الإستغلال الفاحش – للجماهير الشعبيّة ، لا سيما في العالم الثالث ( أو " جنوب الكوكب " بكلمات المقال إيّاه ).
إنّ سلاسل الإنتاج الرأسمالي منظّمة حول ما يمكن أن يكون مربحا على المدى القصير، و ليس حول ما هي أو ما يمكن أن تكون حاجيات الإنسانيّة وهي لا تسترشد بالتخطيط الواعي لذلك . الصناعة الفعليّة و شركات الإنتاج تتطلّب عملا كثيفا و غالبا ما تتركّز بصفة عالية في المناطق حيث الأجور منخفضة ،كالصين و بنغلاداش إلخ . و في أوضاع أزمة كوباء كوفيد-19 العالميّة ، إنقطاع إنتاج الكمّامات في بلد واحد كالصين يمكن بالتالى أن يفضي إلى نقص عالمي هائل – في الوقت الذى تكون الحاجة إليه ماسّة ! ( بينما وُجدت بعض التعديلات على المدى القصير لتكييف مصانع في أماكن أخرى لصناعة الكمّامات ، إلى جانب إعادة إطلاق الإنتاج في الصين ، ثمّ’ حاجة كبيرة لتلبية الطلبات المتوقّعة – زيادة 40 بالمائة في التصنيع ).
و علاوة عن هذا ، في لحظة عدم وجود مجتمعات او دول إشتراكية حقيقيّة في العالم (2) ، لا توجد الحكومات الوطنيّة اليوم جوهريّا لتلبية الحاجيات الإنسانيّة – أو حاجيات شعوبها " ذاتها " ، كذلك. إنّها أساسا تخدم كأدوات بيد الطبقات الحاكمة ، وهي جزء من النظام العالمي للرأسماليّة – الإمبرياليّة . إنّها تتنافس وهي غالبا في نزاع مع بعضها البعض حول الموارد و الأسواق و التحكّم في مناطق العالم ( من مثل الشرق الأوسط أو بحر جنوب الصين ) . إنّها تيسّر توسّع – و الميزات التنافسيّة – كتل رأس المال المتجذّرة في بلدانها ، في تنافس مع رأس مال البلدان الأخرى .
و قد أدّى كلّ هذا في نهاية المطاف إلى وضع حيث يقرّ بذلك المقال إيّاه ، " في إطار الرأسماليّة العالميّة ، غدت الآن بديهيّة حماقة الإستهانة بمركزة العولمة الإقتصاديّة – هذه المرّة في شكل سلسلة التزويد العالميّة بالكمّامات – و مساهمتها فى و الردّ على أزمة صحّة عالميّة . "
و في تعارض بيّن مع هذا ، تصوّروا عالما أين يكون الاقتصاد و تكون البنية التحتيّة الإنتاجيّة و تكون جهود الجماهير الشعبيّة و المعرفة و افبداع منظّمن – عالميّا – حول تلبية حاجيات الإنسانيّة ؛ و غير مقيّد بالحاجيات المحرّكة لمراكمة الأرباح و الفوائد ، و التنافس و النزاع بين كتل رأس المال و الدول – الأمم . تصوّروا عالما يكون فيه الفكر الإستباقي و التخطيط الواعي متوفّر في الإعداد للكوارث ، و حيث – لمّا تحدث – تتمّ إعادة تويجه الاقتصاد و المجتمع و قيادة الجماهير و إطلاق العنان لإبداعها و دفع موجات من المساعدة للأماكن ألكثر تضرّرا و حيث تكون الحاجة ماسة أكثر .
و هذا العالم ممكن غير أنّه يتطلّب ثورة فعليّة – لا شيء أقلّ من ذلك ! لفكّ اسره من كوابيس اليوم ، و تحريره من قبضة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
---------------
(1) سلاسل الإنتاج العالمي – أو التزويد العالمي – مصطلح يصف شبكة العمل العالميّةمن الناس و النشاطات المعنيّة بالإنتاج و بمعالجة المواد و المنتوجات او الخدمات و توزيعها في ظلّ هذا النظام . بالنسبة لشيء مثل الحاسوب ، قد يشمل هذا مظاهر من التزويد بالمواد الأوّليّة كمادة الكلتون النادرة المستخرجة من مناجم الكنغو، و الرسم و التسويق في كاليفرنيا، بالولايات المتّحدة الأمريكيّة ، و قطع السليكون و القطع الألكترونيّة المصنوع في تايوان و بلدان أخرى ، و تجميع القطع المتطلّب لكثافة يد عاملة في معامل هشّة بالصين ، و النقل البحري عبر العالم ، و معظم السفن الحاملة للحاويات تستخدم نفطا بخس الثمن و عالي التلويث للبيئة في المياه الدوليّة.
(2) الصين دولة رأسماليّة ، بالرغم من توصيفها بالعكس من قبل الحكومة الصينيّة و أيضا من قبل المثقّفين و وسائل الإعلام السائدة و غيرهما . و للمزيد حول هذا ، أنظروا [ كتاب لريموند لوتا ترجمه و نشره شادي الشماوي وهو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن – " الماويّة : نظريّة و ممارسة " عدد 23 / فيفري 2016 ] " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
مقالات هامة أخرى ذات صلة بوباء كورونا فيروس ( من إقتراح المترجم الذى عرّب و نشر بعدُ على صفحات الحوار المتمدّن ثلاثة مقالات تستحقّ الدراسة ) :
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
https://revcom.us/a/640/covid-19-hits-two-million-palestinian-people-in-gaza-en.html
COVID-19 Hits Two Million Palestinian People Under Blockade in Gaza
March 23, 2020 | revcom.us
---------
https://revcom.us/a/640/the-corona-virus-and-the-attacks-on-immigrants-we-need-a-revolution-en.html
Communique #3 from the Revcoms
The Coronavirus and the Attacks on Immigrants: We Need a Revolution!
Permalink: https://revcom.us/a/639/real-truth-on-the-coronavirus-what-it-is-and-how-to-confront-it-en.html
Communique #1 from the Revcoms:
Real Truth on the Coronavirus: What It Is and How to Confront It
March 16, 2020 | revcom.us
https://revcom.us/a/639/coronavirus-what-we-know-what-we-dont-know-en.html
Updated March 23, 2020 | revcom.us
The Coronavirus Pandemic: Frequently Asked Questions—
A Resource Page (Updated March 22, 2020)
What is the coronavirus?
• What happens to people infected with the coronavirus?
• Why is COVID-19 so dangerous?
• What can be done to prevent "worst-case" scenario?
• What can people do to avoid getting´-or-spreading the virus?

https://revcom.us/a/640/viruses-and-natural-disasters-how-dealt-with-depends-on-system-en.html
Viruses and Natural Disasters Happen in Every Society...
How They Are Dealt with Depends on the System in Power
March 23, 2020 | revcom.us
https://revcom.us/a/639/trump-on-google-and-the-coronavirus-spewing-lies-and-ignorance-en.html
Trump on Google and the Coronavirus:
Spewing Lies and Ignorance
March 16, 2020 | revcom.us
https://revcom.us/a/640/new-yorker-interviews-doctor-at-rikers-island-prison-as-coronavirus-hits-en.html
Check It Out
New Yorker Interviews Doctor at Rikers Island Prison as Coronavirus Hits: Horror on Top of Horror at America’s Hellholes
March 23, 2020 | revcom.us
-------------
https://revcom.us/a/639/how-the-revolution-would-deal-with-health-care-including-epidemics-en.html
How the Revolution Would Deal with Health Care, Including Epidemics
Excerpt from the Constitution for the New Socialist Republic in North America
March 16, 2020 | revcom.us
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل