أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلال الاسدي - لماذا يُعطِّش بعض العرب حروفاً عربية بعينها … ؟















المزيد.....

لماذا يُعطِّش بعض العرب حروفاً عربية بعينها … ؟


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 21:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بداية : ما هو التعطيش … ؟
هو مصطلح أراه مناسبا لوصف هذه الحالة التي سندخل في تفاصيلها … استعملته للتعبير عن تغيير أو لوي أو تحوير الأصوات لبعض الحروف العربية بسبب الصعوبة على تعود نطقها لانها اصوات دخيلة على المتكلم ، وليست موجودة في لغته الأم … !
ولنبدأ أولًا بمصر كنموذج واضح والعودة لاحقا إلى جذور هذه الظاهرة … بعد الغزو العربي الاسلامي إلى مصر بقيادة سعد بن ابي وقاص ، واحتلاله لها في زمن كانت فيه السيطرة والعزة والمجد للاقوى ، وفعله الافاعيل التي نحن اليوم لسنا بصددها ، وما قام به العرب المسلمون في ذلك الوقت
بفرض دينهم ولغتهم وثقافتهم على سكان ليس مصر وحدها وإنما سكان كل الأراضي التي طالتها وأسقطتها سنابك خيولهم ، وما وصلت اليه سيوفهم الشرسة البتارة !
إذن فرض العرب الغزاة دينهم العربي الإسلامي الجديد ، ولغتهم وثقافتهم في التداول اليومي والتعليم وكل مناحي الحياة … إلخ متعمدين إلغاء وطمس كل ما له علاقة بحضارة وثقافة ولغة الشعوب المستعّمَرة ، وبالخصوص هنا على كل المصريين الأقباط سواء من تخلى منهم عن دينه ودخل في الدين الإسلامي الجديد ، أو من لم يدخل ودفع الجزية اتقاءً لشرهم … وهكذا !
وبما ان بعض الاصوات في اللغة العربية الجديدة لم تكن موجودة في لغتهم القبطية ، فوجدوا صعوبة في نطقها وتعويد السنتهم على التأقلم معها مما اجبر عجز السنتهم على تعطيشها لتمشية الحال … مثلا : حرف ( الجيم ) عند المصريين يلفظ ( گيم )وعند السوريين وغيرهم يلفظ ( چيم ) … وحرف القاف في ( قال ) مثلا : يلفظ / آ /وتقرء الكلمة / آلَ / عند معظم الشعوب المعطِّشة للحروف ان صح التعبير !
والأمثلة كثيرة على الحروف التي يعطشها الإخوة في معظم الدول العربية اليوم ! وقد تبدو هذه هوية أو عنوان مميز ومميِّز ومحبب للإخوة في ارجاء الوطن العربي …
بمعنى ان العربية لم تكن اللغة الأم للمصريين أو السوريين أو غيرهم قبل الاحتلال العربي لمصر وسوريا وغيرهما من الدول العربية ، وعندما فُرضت عليهم واستعملوها في التداول اليومي عجز لسانهم ، ولم يستطيعوا نطق بعض حروفها لصعوبتها أولًا ، ولان بعض أصواتها جديدة ودخيلة عليهم ، ولم تكن موجودة في لغتهم الأم ثانيا ، فاضطر لسانهم الى تعطيشها ، حتى تحولت إلى عادة ملازمة لهم ، وهكذا استمر الحال حتى انتقل من جيل إلى آخر وذاب الكل … حتى العرب الأصليين الذي صاحبوا الحملة على قلتهم اندمجوا ، وتحول الجميع إلى شئ واحد وثقافة واحدة إلى يومنا هذا وسيستمر إلى الأبد ، فأصبح بمرور الزمن شئ عادي وسمة مميِّزة للنطق عند المصريين وغيرهم ، وحقيقة لا تسترعي حتى الانتباه والاهتمام !
في دراسة علم الأصوات في اللغة الانگليزية في الكلية يعانى بعض الطلبة العرب من صعوبة نطق أو لفظ حرف الپي p مثلا لانه غير موجود في اللغة العربية الأم فيلفظون people مثلا beoble … مما يجبر الأستاذ على ان يأتي بشمعة ويشعلها ويطلب من الطلبة ان يقتربوا منها ويلفظوا الصوت
/ پَ / حتى ترتعش النار فيها ليعلم الطلبة كيف يفرقون بين الصوت / بَ / b / وبين الصوت / پَ / p/ … !
حتى بعض العرب اليوم في دول الخليج وفي غيرها يلفظ سوڤيت … سوفيت لانه لم يتعود على الصوت/ ڤَ / v / لعدم وجوده في لغته الأصلية … ومهما حاولت ان تعدل عنده اللفظ لن تستطيع لتعوّد لسانه وإدمانه على نطق الأصوات الدخيلة … معطشةً ! وهذا ينسحب ايضا على الاوربيين أو الغربيين عموما فهم مثلا لا يستطيعون لفظ الصوت / ضَ / فيعطشونه إلى / دَ / إلى آخره والأمثلة كثيرة … !
لماذا تعطِّش الكثير من الشعوب العربية الحروف في اللغة العربية ؟ سؤال قد يجرنا إلى مناحي أخرى وهو الأهم … فقبل الدخول في تفاصيل الموضوع دعونا نسأل : هل ما نطلق عليهم اليوم بالعرب هم كلهم فعلا عرب اصليين أم عُرِّبوا ؟ بمعنى إلغاء قوميتهم الأصلية أو تنحيتها جانبا ، وإحلال قومية المحتل مكانها … الجواب البديهي والذي لا يحتاج الى مجهود فكري : لا … لم يكونوا عربا وإنما عُرِّبوا وأُسلموا ان صح التعبير بالقوة وبحد الدين والسيف !
وهذه حقيقة من حقائق التاريخ لا يختلف عليها اثنان ، وهذا ديدن كل محتل ينوي الاستيلاء والاستيطان إلى الأبد في الأرض التي يحتلها ومصادرتها وابتلاعها ، وهذا ما فعله الاستعمار الفرنسي في العصر الحديث عند احتلاله للجزائر … فقد عمم اللغة والثقافة الفرنسية على الجزائريين وتحولت الجزائر إلى ولاية فرنسية ، وألغيت اللغة العربية وثقافتها من التداول تماما الا ما ندر ، وحلت مكانها اللغة والثقافة الفرنسية ، فكانت هي لغة التداول اليومي والثقافة والعلوم وكانها لغتهم الاصلية ولا لغة عندهم غيرها ، فكان معظم الجزائريون اذا لم يكن كلهم لا يتكلمون العربية ، وان تكلمها البعض فلا يحسنوها ، واستمر الحال معهم حتى اضطر الجزائريون ومن بعدهم العرب على اعادة تعريب الجزائر ثانية بعد التحرير عن طريق إرسال مدرسين ومعلمين من بعض الدول العربية إلى الجزائر … لماذا … ؟ لان فرنسا كانت بصدد ابتلاع الجزائر ، وضمها نهائيا إلى فرنسا واعتبارها جزء لا يتجزء من فرنسا الكبرى … !
المعروف ان هناك نوعان من الاستعمار : الأول استعمار اقتصادي مادي جشع مؤقت لحلب ونهب البلد ، والاستيلاء على ما يستطيع من خيراته مع بقاء هويته الوطنية كالاستعمار الانگليزي ، وآخر ثقافي وهو الاخطر لانه بقصد البقاء والضم وإلغاء الهوية الوطنية للبلد المحتل وإحلال هوية وثقافة ولغة المستعمِر كالاستعمار الفرنسي …
الأجانب من طليان ويونانيين ويهود وغيرهم الذين كانوا يعيشون في مصر الملكية وحتى بداية الجمهورية كانوا يتكلمون اللهجة المصرية بصعوبة فيضطرون إلى لوي الكلمات وتعطيش الحروف بطريقة تثير سخرية المصريين ، وشهيتهم المفتوحة دوما إلى التنكيت وخفة الدم الغالبة على الشخصية المصرية على طريقة كلام المصريين الأجانب من أصول غير عربية … قبل دخولهم عالم الكآبة بعد ذلك … ! وربما كان هذا تكرار لموقف وسلوك العرب بعد الاحتلال العربي الإسلامي قبل الف واربعمائة عام وسخريتهم من المصريين الأقباط في لويهم للكلمات وتعطيشهم للحروف في بداية تعلمهم اللغة العربية الصعبة … من يدري ؟!
أما بالنسبة للعراقيين فلا يوجد اثر واضح وقوي على التعطيش الا النادر ، والسبب كما اعتقد هو أولًا قرب البلد من الجزيرة العربية ، ودخول الكثير من العرب حتى اصبحوا هم الأكثرية على حساب القلة القليلة من أهل العراق الأصليين من سريان واراميين واثوريين … إلخ من الأقوام التي كانت تعيش في العراق قبل الاحتلال العربي الإسلامي ، وثانيًا ما قام به خالد بن الوليد عند احتلاله للعراق ، فقد قتل اكثر من سبعين الفا من أهله وفر الناجون بارواحهم وعوائلهم إلى أماكن أخرى بعيدة عن بطشه وبطش جنوده !
اخيرا :
قد يقول قائل ما الداعي الى نبش أشياء قد ماتت وشبعت موتا ! ونحن نقول لا ينبغي لها ان تموت … لان الموت يجوز على البشر ولا يجوز على الأفكار ، ومهمتنا ان نسلط الضوء عليها … فان أصبنا كان بها وان اخطأنا فيكفي اننا قد حاولنا بنية صادقة ، ولا خاب من سعى … !



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب … إلى أين ؟!
- ذاب الثلج وظهر المرج … !
- نيرون يغني ، وروما تحترق … !!
- كورونا … خراب مستعجل !
- الدين عند الله الإسلام … !
- ألعراق … وأزمة كورونا !
- هل كورونا سلاح بيولوجي … ؟
- زمن خسيس … ! ( خاطرة )
- المنطقة على كف عفريت … !
- إذا كان الشيوخ قد تنبئوا بزوال اسرائيل ، فلماذا لم يتنبئوا ب ...
- لحظة الحب الأولى … ! ( خاطرة )
- نحن نعيش الايام التي تسبق يوم القيامة … !
- الله يملك ولا يحكم … !
- أنا اكتب اذن أنا موجود … ؟ ( مجرد خاطرة )
- من يفهم الوضع في العراق يفهم كل شئ … !
- اين العرب من كورونا … ؟!
- حديث وتعليق … !
- التهويل .vs التهوين … !
- كورونا يغني والعالم يحترق … !
- المصائب لا تأتي فُرادا … !


المزيد.....




- ألمانيا.. زعيم يهودي يدعو لاتخاذ موقف حازم من حزب البديل من ...
- استعدادا لانتخاب بابا جديد.. شاهد لحظة تركيب المدخنة على سطح ...
- الغويري في بلا قيود: حظر جماعة الإخوان ليس موجهاً للعمل السا ...
- دور ليبي ومسجد -مغربي-.. كيف أسلم بونغو وانتشر الإسلام بالغا ...
- السّر الكبير: ماذا يأكل الكرادلة المرشحون لمنصب بابا الفاتيك ...
- صحيفة سويسرية:لهذه الأسباب تم حظر جماعة الإخوان المسلمين في ...
- أعمال عنف بحق الطائفة الدرزية في سوريا.. اتفاق داخلي ودولي ن ...
- العراق يحظر نشاطات الأحزاب المناوئة للجمهورية الاسلامية على ...
- وجهاء الطائفة الدرزية يؤكدون رفضهم الانفصال من سوريا
- الجهاد الاسلامي: استهداف سفينة المساعدات اهانة للقيم الانسان ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلال الاسدي - لماذا يُعطِّش بعض العرب حروفاً عربية بعينها … ؟