الإنجليز مازالوا إنجليز

شوقي سالم جابر

الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 13:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أمام أزمة فايروس "كورونا المستجد" ، كان على بوريس جونسون (رئيس وزراء بريطانيا)، أن يختار بين المقامرة بأموال الشعب في تنفيذ إجراءات وقائية تشل عجلة الاقتصاد أو المقامرة بأرواح الفئات المهدَّدة بالموت المحتوم من خلال الأخذ برأي أعظم أطباء بريطانيا بانتهاج سياسة ما يسمى "مناعة القطيع" ببرود إنجليزي معهود.
كان على جونسون المفاضلة بين توصيات عمالقة الاقتصاد وتوصيات عمالقة الطب والصحة, والمفاضلة هنا خُلق من الأخلاق, فلا يمكن أن لا يفاضل, وقد يرى بعضنا أن المقامرة بالمال أهون من المقامرة بأرواح, ولكن لا أحد يعلم ما هو الحد الأقصى للمليارات التي يمكن لجونسون المقامرة بها؟
لقد سمعنا من أجدادنا الرأي القائل في من لا يُرجى صلاحه " بده طخ زي خيل الإنجليز" ولكن لم نتخيل أن ينطخ الإنجليزي الهزيل ويعيش البغل العفي, وأدهشتنا مرونة التغير في الأخلاق زمانيا ومكانيا وظرفيا.
فلماذا تم وضع خيار التضحية بأرواح إنجليزية على الطاولة "مناعة القطيع" مع أن تلك الفئة تشمل الملكة إليزابيث التسعينية ؟
أولا/ قبل ظهور أعراض المرض على الشخص, وبالتالي تنفيذ الحجر الصحي عليه, يكون استنفذ اسبوعين على الأقل يتنقل في الأماكن العامه والخاصه ينفث الفيروس, والمنفوث عليهم ينفثونه على آخرين وهكذا, وهذا ما عزز الاعتقاد بوصول نسبة الإصابة 80% من السكان حسب آليات إحصائيه, وبالتالي فإن المنظومه الصحيه ستنهار في منتصف الطريق وسيستفيد منها فقط الذين أصيبوا أولا ومن يأتي متأخرا فلا سرير له.
يتوقعون الوصول لتلك النسبة من الإصابات قبل تطوير اللقاح والعلاج للاستخدام الآدمي المحتمل بعد شهور.
ثانيا/ جونسون يعرف بأنه سيدفع / يكسب ثمن سياساته لاحقا في صناديق الاقتراع, وعليه أن يمتلك الإجابات, فهو يخشى استنفاذ أموال طائلة في حماية حياه الفئات المهددة بالموت الحتمي -حسب أطباء عظماء- ثم لا ينجح التصرف في إنقاذهم من الموت بالكورونا.
ويبدو أن التوصية الطبية بتفعيل "مناعة القطيع" عقّدت الموقف أمام "جونسون", فهو ربما يريد مبررات أقوى لاستثناء "مناعة القطيع" من الخيارات أو هكذا يظن أمثالي, ولكن لا مظاهرات لمبايعته تدعمه ولا مجال لاستفتاء يستند على نتائجه في زمن الكورونا.
وما زال الإنجليز يفاجئوننا بأنهم مازالوا إنجليز

#شوقي_سالم_جابر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات