أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس سالم - أغنية «كوباني»: ألم كلّ الكوبانيين















المزيد.....

أغنية «كوباني»: ألم كلّ الكوبانيين


إدريس سالم

الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 16:05
المحور: الادب والفن
    


«لم أشك للحظة في أن الموسيقى والتفكير متشابهان، بل يمكن القول أن الموسيقى هي طريقة أخرى للتفكير، وربّما التفكير ما هو إلا نوع آخر من الموسيقى». هذا ما قالته الأديبة الأمريكية «أورسولا لي جوين – Ursula K. Le Guin» عن الموسيقى والفنّ بشكل عام. وحتى يكون التفكير نوعاً من الموسيقى، أو الموسيقى نوعاً من التفكير، لا بدّ أن يكون خيالنا حرّاً، هنا أقول فقط الخيال؛ لأننا نعيش في غابة الكلّ فيها ملوك وأمراء وشرفاء.

إذاً الفنّ يؤثّر على حركة المجتمع وتطوّره، إذ هناك علاقة ديناميكية حيّة وجدلية بين حركة المجتمع وحركة الفنّ. أيّ، أن الفنّانين من خلال نتاجهم الفنّي يطرحون معالجات للواقع أو تحسين هذا الوقع ودور الفرد والمجتمع فيه، لكن بطرق ووسائل مختلفة، مرّة بشكل مباشر وأخرى بشكل غير مباشر. فأحياناً كثيرة يكون التغيير والتأثير من خلال بناء وعي عند الفرد، أو منح بذور التفكير الناضج له، هذا الوعي إضافة إلى الخبرات الإنسانية الأخرى المتعدّدة لديه بشكل عام وليس فقط لدى النخبة يقوم بخلق نوات لتحريك المجتمع وتطورّه.

مثلاً، لو يشكّل الفنّانون (ملحّنون، مغنّون، رسّامون، تشكيليون، مسرحيون، ممثّلون...) في غربي كردستان حركة أو مدرسة فنّية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأتت بمجموعة من الأفكار والمقترحات والحلول، للأزمات الفكرية المتفاقمة في العقلية الكردية، وعملت عليها ودعت إلى تطبيقها فنّياً وانعكاسها اجتماعياً، كأن تدخل الفنّ في كلّ تفاصيل الحياة اليومية، وبهذه الطريقة سيصبح للفنّ بُعداً آخر وبمتناول الجميع، تماماً مثلما فعلت حركة أو مدرسة «الباوهاس – Bauhaus» في ألمانيا، والتي أثّرت نتاج أعمالها طيلة (14) عاماً على الفرد والمجتمع، لا في ألمانيا فحسب بل كلّ أوروبا، بل وعلى العالم كلّه.

بعد هذه المقدّمة، أعود إلى موضوعي الأساسي، فمنذ صدورها لأول مرّة في (22) آب من عام 2017م، أيّ، قبل ثلاثة أعوام، وتحتلّ أغنية «كوباني – Kobanî» المرتبة الأولى في ذاكرتي، كأفضل أغنية كردية، عبّرت عن الحرب المسعورة التي قادتها دول متاجرة ومتناحرة، خلف كواليس الحقد والكره والعنف، وضد أنبل قومية في الشرق الأوسط، وأهضم مدينة جريحة.

هي أغنية أجزم أنها ستدخل التاريخ، ومن بوّابة الأغاني الكردية الشامخة الخالدة. غنّاها في «ديو» متألق وجميل كلّ من الفنّان الصادق «تَيَار علي» والفنّانة الصاعدة «شيندا بصري»، وهي من كلمات وألحان تَيَار علي نفسه، وإخراج «سامان عدنان»، حيث تم تصوير الكليب في إقليم كردستان وبعض المناطق التي تحرّرت من تنظيم داعش.

علّقت – كمستمع موسيقي – على الأغنية في قناة الفنّان تَيَار علي على «اليوتيوب» قبل عامين، في أن الأغنية ككليب وكإنتاج من قناة ضخمة مثل «رووداو» أرى أنه ظُلِم إلى حدّ كبير، لكن كأغنية أستطيع أن أعطيها تعريفاً مختصراً، إذ تُعتبر «ألم كلّ الكوبانيين»؛ لما لها من كلمات معبّرة وإحساس عنفواني وصوت شامخ غير متصنّع.

فالمستمع الكوباني سيجد نفسه فيها أكثر من أيّ مستمع كردي آخر؛ فهي أغنية تحمل طابعاً قومياً سياسياً وفكرياً عميقاً، تتحدّث عن الصدق الإنساني ومآلاته، عن الأمّ الحنونة التي تدعو لأطفالها في السرّاء والضرّاء في الفرح والترح، عن التوعية وضرورة تنفيذها على الأرض الكردية بعد أن نزف الكرد الكثير من الدماء، عن الصداقة بين روح الإنسان وقلبه، تمرّد الألم على اليأس والاستسلام والظفر بشهوة الانتصار المتهالك بأرواح الأمّهات وأجساد الآباء، وأيضاً التنديد باتفاقية سايكس – بيكو بطريقة مختلفة.

إن غالبية ممَن أبدوا رأيهم بالأغنية، قالوا أنها «فتحت جروحهم»، لكن عليهم أن يدركوا أن إخماد الجروح يتم بإعلان الثورة عليها ومحاربتها وقلْعها من جذورها؛ فالأغنية رسالة مفادها «اصنعْ من ألمك أملاً... أملاً للجيل الجديد».

انتقدت الأغنية كثيراً، خاصة من قبل الجمهور، بل هناك مَن هاجمها؛ لغايات سياسية وشخصية...، وبأفقها الضيقة، في أنها فضّلت طرف كردي على حساب طرف كردي آخر، وأنها أهملت دماء الشهداء الذين سقطوا وهم يدافعون عن جغرافية كوباني وروحها الثائرة، لكنها لم تُنتقد من قبل نقّاد الأغنية الكردية السورية؛ فالكرد مقصّرون – أكاديمياً ونقدياً – لا برامج في نقد الأغنية الكردية، ولا جرائد ومجلات فنّية، ولا حتى كتّاب في الغناء والموسيقى والسينما ونقدها.

إن الغناء والحبال الصوتية والموسيقى تتطوّر بالدعم المادي الكبير من الدولة، وذلك بإنشاء أكاديميات موسيقية – فنّية، أو معاهد تدريبية متوسطّة، يشرف عليها أساتذة مختصّين في الفنّ والموسيقى، سواء من الكرد أو العرب أو حتى من الدول الأوروبية، والتي من شأنها أن تساهم في ولادة أصوات وكتّاب ونقّاد موسيقيين كرد، ربّما يساهمون في الفرز بين الموسيقى الكرديّة والتركية والإيرانية والآشورية...

حقيقة، الأغنية كانت حيادية فنّياً وسياسياً، فهي خاطبت الجغرافية الكوبانية على حدّ سواء، فتَيار علي بكلماته يقول في المقطع الثاني:
Hatin ji dîroka tarî
Çav berdane mala me
Rakirin alên xweye reş
Divên wêrankin warê me
Nizanin em xudan rûmetin
Nizanin em eşîr û latin
Nizanin ko şervan hene
Keç û xortin felaketin
Kobanî...

وفي المقطع الثالث يقول:
Derbûn li wan mîna jehrê
Refê keç û xortên ciwan
Ji bîr kirin dîwar hene
Sînor xençer bû li pişta wan
Reh berdane zikê erdê
Mina axê mîna daran
Neçûn ji axa xwey pîroz
Mina axê mîna goran.

نحن الكرد، حتى نمدح أحداً لا بدّ أن نخاطبه بلغة تقريرية مباشرة، دون أن نلجئ إلى الصور البيانية – البلاغية، الغنية بالرموز والدلالات والسيميائيات، ففي المقطع الثاني والثالث بعد أن ترجمه لي الصديق الدكتور «محمد بركل» لم ينسَ تَيَار دور وأهمية الشهداء – من أبناء غربي كردستان – ولم يهملهم مطلقاً، فهو يقول عنهم بلغة شاعرية عميقة:
ترجمة المقطع الثاني من الأغنية:
أتوا من التاريخ الأسود
عيونهم على ملكنا
رفعوا راياتهم السوداء
يريدون تدميرنا
لا يعلمون
أننا أصحاب عزّة
لا يعلمون
أننا عشائر وصناديد
لا يعلمون
أن هناك مقاتلين
فتيان وفتيات كالبلاء.

ترجمة المقطع الثالث:
تهافتوا عليهم كالسمّ
أسراب الشباب والشابات
نسوا أن هناك جدران
الحدود خنجر في ظهرهم
كانوا مرابطين كالأشجار
تغلغلوا في الأرض بجذورهم
لم يرحلوا عن أرضهم المباركة
كالقبور كالتراب بقوا حيث هُم.

بعد ترجمة المقطع الثاني والثالث من الأغنية، لا بدّ للمنتقدين أن يعودوا ويستمعوا إلى الأغنية مجدّداً، وأن يكونوا عميقين أكثر في ذائقتهم الموسيقية، وألا يحكموا على الأغنية من المرّة الأولى، بل يعملوا على تفكيك اللحن والكلمات والتوزيع وحتى الإخراج إن كانت مصوّرة، من دلالات ورموز ورسائل وأهداف، إن أرادوا أن يعلّقوا – ينتقدوا الأغنية، ويقدّموا لها الفائدة.

أغنية «كوباني» هي إحدى أغاني ألبوم «آمال الحرّية»، وهو الألبوم الغنائي الثاني الذي أصدرته فرقة «سرخبون» الفنّية برعاية شبكة رووداو الإعلامية، حيث يتألف من عشرة أغاني، وهي: (ملا مصطفى، إدريس بارزاني، بيشمركة، سليم سوراني، عفرين، كوباني، قامشلوكا من، حسكة، الشهيدة شفاء كَردي، يوم الاستقلال). تأسّست فرقة «سرخبون» في (1) حزيران من عام 2015م.



#إدريس_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع «يلماز غوني» مع الذات والتاريخ... في «صالبا»
- قرآن الله
- مازن عرفة لموقع «سبا»: رواية «سرير على الجبهة» انكسارٌ للأزم ...
- مازن عرفة لموقع «سبا»: الحياة التي أعيشها هي رواية، والرواية ...
- الشخصية وبناؤها في رواية «هيمَن تكنّسين ظلالك»
- على الأمم المتّحدة ومحكمة الجنايات الدوليّة قراءة رواية «سري ...
- تقنية «الراوي» في رواية جان بابيير «هيمَن تكنّسين ظلالك»
- رواية «هيمَن تكنّسين ظلالك» توثيق الحرب بتقنيات روائية مبهرة
- ماذا قدّمت قناة «ARK TV» للقضية الكردية؟
- كاتب كوردي يتحدث عن اللجنة الدستورية وانقسام الكورد
- سكوت كوردي على فساد مخيّمات لاجئي إقليم كوردستان
- تشبيح حزبي وبازارات على القضية
- احتراز تركي أمام استقرار كوردي فوضوي
- ترامب، وتعلّم ساستنا الدروس منه
- نحن نُهان على أرضكم سيّدي الرئيس
- مَن المسؤول عن استغلال إجازات اللاجئين في إقليم كوردستان؟
- رواية «الطاعون» أسئلة فلسفية عن الموت والقدر والإنسان
- كلّنا قرَابين
- جَان بابيير: رحلتي عبر زمكانية رواية «فوضى الفوضى» مرتبطة بق ...
- ملتقى سوريا الغد يقيم محاضرة صحية عن «أساسيات الصحة الفموية» ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس سالم - أغنية «كوباني»: ألم كلّ الكوبانيين