أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسعد عبد الرزاق - عقلانية الفقه, المنطلقات والابعاد















المزيد.....

عقلانية الفقه, المنطلقات والابعاد


اسعد عبد الرزاق
كاتب وباحث

(Asaad Abdulrazzak)


الحوار المتمدن-العدد: 6509 - 2020 / 3 / 9 - 16:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عقلانية الفقه, المنطلقات والابعاد د. أسعد عبد الرزاق إن العقلانية ليست مذهبًا مغلقاً يضم فريقاً من الأنصار، مثلما الحال مع الماركسية أو الوجودية أو الليبرالية مثلاً، بل هي نزعة ومنهج في التفكير ينحو إليه المفكرون والفلاسفة بل والفقهاء داخل منظوماتهم ومذاهبهم الفكرية أو الفلسفية أو الشرعية، مُولِين العقل مكانة محورية سواء في نظرية المعرفة أو في فهم العالم، أو -في حالة الفلسفة والفقه الإسلامي- في تحكيم الشرع والاجتهاد في فهم الوحي وتنزيله وتطبيق السنة، وتأصيل بعدهما الإنساني والاجتماعي فيما وراء سياقهما التاريخي. فالعقلانية اقتراب فكري يعتبر العقل مركزيًّا في توليد المعرفة الصحيحة. ويتحدد معنى “العقلانية” المقصود بحسب المجال: نظرية المعرفة، الدين، علم الأخلاق، المنطق، العلم الطبيعي والرياضي. لكن الاستخدام الأكثر شيوعاً للكلمة يتعلق بنظرية المعرفة واقتراب التعامل مع الدين (وحياً ونبوة) كمصدر للمعرفة. ليس الفقه نتاج منطقة واحدة في التفكير, ولا هو واقع منفرد بذاته, بل حصيلة لمنظومة ذات خصائص بائنة, فعلى المستوى الشيعي/الإمامي, ينتمي الفقه الى مدرسة كلامية عرفت بالعدلية, أي –كما هو واضح- تتبني مقولة العدل الإلهي, كأصل ديني مستقل, إضافة الى تميزها عن مسلك الاشاعرة, من تبنيها استقلالية العدل كقيمة عقلية, ذات معيار منفصل عن التشريع, فالأفعال الإلهية متصفة بالعدل, بنحو مستقل, وهو ما تم تفصيله من قبل علماء الكلام في مظانه, وما يهمنا هو أن عقلانية الفقه قضية مستمدة من عقلانية الفعل الإلهي تبعا لمسلك العدلية, وهي جزء من عقلانية الأخلاق, لذا فإن عقلانية الأخلاق تحتم على الفقه أن يكون عقلانيا في نتاجه, بمعنى: أن ما ينتهي إليه الفقه من منظومة سلوك وأفعال يستدعي إخضاع الفقه لاستحقاقات وفرضيات العقلانية التي فرضتها مدرسته الكلامية التي ينتمي إليها, ومن هنا كان من الضروري مراعاة تلك الخاصية في مواجهة الشبهات والنقود الموجهة حول بعض الأحكام الشرعية التي تنتجها المعرفة الفقهية. قد يتحدد المنطلق العقلاني للفقه من خلال مرجعية العقل كأحد مصادر الاستنباط, أو مرجعية العقل كأصل لتأسيس الأصول الاعتقادية للمدرسة الكلامية التي ينتمي إليها الفقه, ومهما يكن فإن طبيعة المعرفة الفقهية لا تجانب المنطق العقلاني في ظل طبيعة المرجعيات التي تحدد النسق المعرفي للفقه. إن تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد -رغم طبيعة الخلاف حولها- تؤيد ما على الفقه من ضمانات للجانب العقلاني, فالبنية الفقهية المتمثلة بالمعرفة الأصولية تتضمن أصولا عقلانية من قبيل اعتماد العقل كأحد مصادر التشريع, وجملة من العناوين الثانوية التي تحكم عملية الاستنباط بإحالة الأخيرة إلى معايير الواقع كحفظ النظام العام ودفع المفسدة المحتملة ونفي العسر والحرج ورفع الضرر.., كذلك فإن ما يصدر عن تلك البنية من منظومة أفعال يجب ان لا تتجاوز أسس العقلانية في مخرجات الفقه, التي تمثل نسقاً ثقافيا كما بينت له مسبقا, وبالرغم من أن ادراك ملاكات الاحكام متعسر غالبا حسب مبنى الفقه الامامي, فإن ذلك لا يعني امتناع بناء فلسفة للتشريعات الصادرة وتبريرها بما يتوافق مع عقلانية الدين, وحسب المشهد الديني الفقهي الراهن فثمة محاولات جادة في إطار تبرير مواقف الفقه تجاه الاستحقاقات الانسانية والعقلانية على حد سواء, وكأن الهاجس المتمثل في اثبات عقلانية الفقه حاضر في جوانب التفكير الديني المعاصر حاضر بنسبة ملفتة, لكن ذلك لا يلغي اشكالية اللاسؤال التي يكرسها منطق التعبد كما سيأتي توضيحه في محله, تلك الاشكالية التي تنطوي على منطق تعامل مع القضايا الجديدة بأدوات قديمة, وعدم قبول النقد على مخرجات المعرفة الفقهية مهما كان نوعه, بسبب سريان معصومية النص الى الفهم بنحو خفي وغير مدرك. إن محاولات فقهية عقلانية متوفرة الى حد مرضي في الدائرة الشيعية, ومناوبات النقد حاضرة في بعض صفحات المعرفة لدى بعض فقهاء المذهب, منها ما ذكره محمد جواد مغنية من وجود عدد لا يحصى في كتب الفقهاء مما لا يتفق مع المبادئ الإسلامية، منها بعض الاجماعات التي اتفق عليها فقهاء الشيعة رغم أنها تتعارض مع عدالة الإسلام ومبادئه الإنسانية . فمثلاً اذا كانت عين في يد انسان فأقر بها لآخر، ثم أقرّ بها لغيره، كما لو قال: هي لزيد، بل هي لعمر، وجب على المقر ان يدفع العين للأول، وثمنها بكامله للثاني، لأنه ساوى بينهما في الاقرار. يعطي العين للأول لتقدم الاقرار له، وثمنها للثاني، لأنه أحال بينه وبين حقه. وهذه (الحيلولة) بمنزلة التلف. ومن الواضح ان مثل هذا الحكم ضرر فاحش ومبالغ به على المقر، حيث حكم عليه بأكثر مما ثبت في الواقع، وأن أحد المحكوم لهما أخذ منه ما لا يستحقه ظلماً بحكم القضاء. فهنا يلاحظ ان هناك تعارضاً بين الوجدان العقلي في العدل والاستحقاق، وبين ما عليه الصنعة الفقهية من اعتبارات وضعية لا دليل عليها في النص ولا في العقل، حيث أصبح تعدد الاقرار وتساويه له من التأثير في الحقوق أكثر مما يستوجبه واقع الامر. ومثل ذلك الشاهد ما عليه بعض الفقهاء من أنه اذا ظلم قوي عاملاً فحبسه حائلاً بينه وبين عمله الذي يدرّ عليه وعلى عياله القوت؛ قالوا: ان القوي آثم يستحق الذم والعقاب، ولكن لا يجوز الحكم عليه بالمبلغ الذي فوّته على العامل، وبالتالي لا يحكم عليه بالعطل والضرر, لكن لو غصب دابة ضَمن منافعها سواء استوفاها الغاصب أم لا, وقد استند الفقهاء في ذلك التمييز والتفريق - بحسب ما أملت عليهم الصنعة من اعتبارات وضعية - إلى ان العامل نفسه انسان حر لا يتقوم بمال، فمنافعه كذلك، بخلاف الدابة فإنها تتقوم هي ومنافعها بالمال, مع ان هذا الحكم، كما يرى الشيخ مغنية، يتنافى مع مبدأ الحرية واحترام الأنفس والأموال, والعرف لا يرى أدنى تفاوت بين حبس عامل لو ترك حراً لحصل على المال، وبين التعدي على ماله الحاصل, وبالتالي فإن الحكم السابق يتعارض مع الوجدان العقلي ومقاصد الشرع من ضرورة التعويض في الحقوق المضيعة بالاعتداء. ومن ذلك ما ذكره صاحب (جواهر الكلام) بأن من الغريب ما صدر عن عدد من الفقهاء المعاصرين، ومنهم بعض مشايخه، من فتوى توجب على المحبوس في المكان المغصوب الصلاة على الكيفية التي كان عليها اول الدخول إلى هذا المكان؛ فإن كان قائماً فقائم، وإن كان جالساً فجالس، بل لا يجوز له الانتقال إلى حالة أخرى في غير الصلاة ايضاً، وذلك باعتبار ان أي حركة إنما هي تصرف في مال الغير بغير اذنه، ومن هؤلاء من يقول أنه ليس له ان يحرك أجفان عيونه أكثر مما يحتاج اليه، ولا يديه ولا سائر اعضائه، وان الحاجة تقدر بما تتوقف عليه حياته ونحوها. وهي فتوى ادعى أصحابها ان الفقهاء عليها. لكن النجفي اعتبرها من الخرافات غير اللائقة، خاصة وانها تفضي إلى ظلم المحبوس بأعظم من ظلم الظالم الذي الجأه إلى هذا الحبس المغصوب . ومن ذلك ايضاً ما ذكره الشهيد الثاني في (المسالك) من الحيل المحرمة، وكذا الشيخ النجفي والبحراني، وهو أنه اذا كرهت المرأة زوجها، وارادت انفساخ عقد الزواج، فارتدت عن الإسلام انفسخ العقد وبانت منه.. فاذا رجعت بعد ذلك إلى الإسلام قُبل منها وتمت الحيلة . ومثل هذا الاحتيال الذي يتنافى مع العقل والمقاصد فتح بعض الفقهاء الباب أمام الذين لا يريدون دفع الزكاة، وذلك ان بامكان الشخص ان يهب ماله إلى زوجته مثلاً قبل انقضاء الحول بيوم أو اكثر، ولو مع الاشتراط عليها ان تعيده له بعد اتمام الحول بيوم أو اكثر، وبذلك يتصور أنه لا يشمله هذا الفرض العظيم . كما جاء في (قواعد الأحكام في مصالح الأنام) أنه إذا أتت الزوجة بالولد لدون أربع سنين ولو بساعة من حين طلقها الزوج، بعد انقضاء عدتها بالأقراء، فإن الولد يلحق بالزوج, رغم ان ذلك في غاية البعد وخلاف السنن الطبيعية . ان طبيعة الفهم في مثل تلك الاستدلالات تخضع الى طبيعة التفكير الفقهي الذي يتجاوز انتماءاته العقلانية في بعض الأحيان نتيجة ضغط ادوات الفهم الاصولي المنفعلة بقوالب المنطق الارسطي, الذي يقف عند شكل القضايا سلامتها من ناحية توفر عناصرها المنطقية لا أكثر..



#اسعد_عبد_الرزاق (هاشتاغ)       Asaad_Abdulrazzak#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغريزة الكارهة.. قراءة في السلوك الديني المتطرف


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسعد عبد الرزاق - عقلانية الفقه, المنطلقات والابعاد