أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم الجوهرى - مصر بين صفقة القرن وسد النهضة و سياسة حافة الهاوية لترامب















المزيد.....

مصر بين صفقة القرن وسد النهضة و سياسة حافة الهاوية لترامب


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 6502 - 2020 / 2 / 29 - 13:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مقالٍ نشرته مؤخرا بعنوان "بدائل الأمن القومي المصري في ملف المياه/ أثيوبيا"؛ كشفت عن "النمط السياسي" الذي يتبعه دونالد ترامب في سياساته الخارجية مع دول العالم، وذلك وفق "دراسة حالة" لتعاطيه مع الملف الكوري والسوري والصيني والإيراني، وقلت صراحة أنه يتبع سياسة "حافة الهاوية" التي تعتمد على المزايدة والضغط المستمر على الخصم لاستكشاف المساحة والحد الأدنى الممكن له القبول به، ثم يعتمد ترامب هذا الحد كإطار استراتيجي في العلاقة مع هذا الطرف أو الخصم.

في العموم يعتمد دونالد ترامب "توجها سياسيا" يقوم على الهيمنة والخطاب "الامبراطوري" والواقعية النفعية الشديدة؛ مقدما خلطة بين المادية الرأسمالية والفكر الديني المتشدد المسيحي، واضعا نصب عينيه الانتصار للصهيونية ودولتها "إسرائيل" لما للصهيونية من مكانة في الفكر الديني المسيحي (البروتستانتي) السائد في أمريكا مع المستوطنين الأوائل القادمين من بريطانيا (منشأ التيار البروتستانتي بتمثلاته المتعددة)، حيث صرح ترامب منذ حملته الانتخابية بموقفه المعلن للانتصار للصهيونية فيما أسماه بـ"صفقة القرن".

فيما يخص مصر حذرت في مقالي السابق من أن ترامب يتبع معنا سياسته الخارجية القائمة على سياسة "حافة الهاوية"، في ملف المياه وأنه يربط بين الملف وبين الضغط على مصر لتمرير بنود "صفقة القرن" والإعلان عنها، خاصة بعد لجوء مصر لتدويل الملف ووضعه في يد أمريكا/ ترامب، ورأيت أن المؤشرات الصادرة عن الاجتماعات المنعقدة في أمريكا بمشاركة مصر وأثيوبيا والسودان وبحضور ممثل البنك الدولي ووزيرا الخزانة والخارجية الأمريكية؛ تقول بإن المفاوضات تسير وفق سياسة "حافة الهاوية" نفسها، وأن الضغط سيستمر على مصر حتى يكتشف فريق المفاوضين التابع لترامب الحد الأدنى الممكن القبول به عند المصريين، أو كسب الوقت بالمزيد من الضغوط لتمرير بنود صفقة القرن.

قلت أن البديل الوحيد المتبقى لمصر للعمل ضمن مفاهيم "الأمن القومي" هو اتباع سياسة "حافة الهاوية" ذاتها في مواجهة ترامب، لتغيير "أفق توقعه" للحدود الدنيا الممكن لمصر أن تتنازل عليها، ورسمت تصورا لهذا البديل القائم على المواجهة وأسميته الاستراتيجية "زيرو".
اليوم وليس ببعيد عما قلته في مقال الأسبوع الماضي؛ تطورت المؤشرات بوضوح أكثر لتؤكد على وجهة نظري وقراءتي للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب، التي تعتمد على الضغط المتواصل لحين اكتشاف نقطة الانكسار او التحول أمام الخصم، فقد حدثت الأسبوع الماضي ثلاثة متغيرات منفصلة لكنها متصلة بشدة للمدقق وفق سياسية "حافة الهاوية"، وفرض الهيمنة والتصورات الأمريكة للمنطقة العربية في العموم.

أول هذه المتغيرات كان خبر عابر لم يلتفت له الكثيرون، يتعلق بوصول لجنة أمريكية إلى أرض فلسطين المحتلة لإعادة رسم الحدود وفق اتفاقية صفقة القرن وبنودها، وظهرت بعض اللافتات التي تنص على ذلك في المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية. المتغير الثاني كان إعلان وزير الخارجية الأمريكية فجاة بعد زيارته مؤخرا لأثيوبيا، أن التوقيع النهائي على اتفاق سد النهضة قد يستغرق عدة شهور. أما المتغير الأوضح كان إعلان الجانب الأثيوبي عدم مشاركته في جولة المفاوضات التي كانت مقررة بأمريكا نهاية الأسبوع الحالي.

ثلاثة متغيرات واضحة للغاية كاشفة عن نية الوساطة الأمريكية التي لجئت إليها مصر كبديل متصور للبحث عن حل، أو ربما رأى البعض –وفق تصوره- أنه يمكن إحراج أمريكا بإلقاء الكرة في ملعبها، لكن هذا البديل لم يقم على دراسة كافية للسياسة الأمريكية وشخصية دونالد ترامب، ومحاولة عمل تحليل "دراسة شخصية" (Profiling) متعمقة وفاحصة له، هذه المتغيرات الثلاث تؤكد على ضرورة الوعي بسياسة "حافة الهاوية" التي يعتمدها، وضرورة البحث عن بدائل أخرى لمواجهة ترامب في ملفي المياه وصفقة القرن، اللذان ربطهما ترامب معا في سياسته تجاه مصر كما هو واضح، خاصة وأن أمريكا سبق وحددت تاريخ جولة المفاوضات السابقة، في اليوم نفسه الذي كان مخصصا لإعلان صفقة القرن الشهر الماضي.

في البداية سأمر سريعا بأثر سياسة "حافة الهاوية" وتطبيقها على مستوى الأشقاء الفلسطينيين وملف "صفقة القرن" قبل العودة لبدائل الأمن القومي المصري، اتبع ترامب مع الملف سياسة "جس النبض" وتسريب الأخبار عن صفقة القرن، قبل أن يعلنها كاملة الشهر الماضي، وخطوة إرسال لجنة رسم الحدود هي البداية في سياسة "حافة الهاوية" التي سيتبعها مع الفلسطينيين، ليرى لأي حد يمكنهم التنازل، هو بالفعل يتعامل مع السياسة الخارجية بمفهوم الصفقات والمفاوضات المباشرة لكن من منطق المواجهة ومركز القوة، جسا لنبض الطرف الآخر ولأي مدى يمكنه أن يتنازل أو يقبل بالضغط. الأسقف المرتفعة التي وضعها ترامب في الصفقة هي لب سياسة "حافة الهاوية"، التي تفكك الثوابت الفلسطينية المتعلقة بالعودة إلى ما قبل عدوان 1967 وتفاهمات الهدنة ما بعد حرب 1948م، والطريقة الوحيدة الفعالة في التعامل مع سياسة حافة الهاوية هنا، هي إبقاء الوضع كما هو عليه أو العمل لتثبيت الوضع الراهن "Status quo"، والحركة "خطوة بخطوة" (Step by step) لمحو أي أثر تحاول أمريكا فرضه وفق بنود الصفقة، ومحاصرته قانونيا وفق الإجراءات الأممية والدولية المتبعة والممكنة، والبحث في البدائل السياسية التي تتفق مع مفهوم "الأمن القومي" الفلسطيني، والاسترشاد بالبدائل السياسية التي كانت مطروحة قبل اتفاقية أوسلو، وربما تغيير الأرضية السياسية تماما وطرح بدائل مغايرة للغاية، تتطلب الحشد الدولي والدعم العربي (او الحركة وفق أقل دعم ممكن ومحتمل).

أما المفاوض وصانع القرار المصري إزاء سد النهضة وملف المياه مع أثيوبيا، فعليه البحث عن "نقطة تحول" (Turning point) في المسار التفاوضي برعاية أمريكا، وطرح بدائل أكثر فعالية تتفق مع سياسة ترامب القائمة على المواجهة و"حافة الهاوية"، هذه البدائل تكاد كلها تصب في طريق واحد لن يفهم ترامب غيره، وهو طريق إثبات الجدية المصرية في الحفاظ على أمنها القومي المائي، وشن حملة دبلوماسية مكثفة داخل الاتحاد الأفريقي ودوله الرئيسية، وبقية دول العالم الفاعلة والمحتملة تكشف العدوان الأثيوبي، وتمهد لاحتمالية لجوء مصر للقوة الخشنة بعد إصرار أثيوبيا على سد الطريق أمام المفاوضات والقوة الناعمة، سيمر هذا البديل بإعلان مصر في "نقطة تحول" ما على المفاوض المصري العامل على الملف اختيارها، تعلن مصر عندها تجميد مفاوضات أمريكا لعدم تحقيقها الحد الأدني لمفاهيم "الأمن القومي" المصري صراحة، وتطالب إثيوبيا بوقف العمل الفوري في بناء السد والالتزام بالاتفاقيات الدولية والثنائية ذات الصلة.

حينها سيصر ترامب ويوجه إثيوبيا للرفض والتعنت واختبار مدى جدية الجانب المصري، وقدرته على الوقوف الخشن أمام ما يطرحه من تصورات وخطاب ناعم للأمن القومي المصري، لتكون لحظة الحقيقة التي لا مفر منها بتوجيه ضربة صاروخية محدودة الأثر للسد، وما قد يراه العسكريون الذين سيكلفون بالعلملية لازما لضبط رد الفعل الأثيوبي (كهدف ومحدد سياسي للضربة العسكرية وهذه نقطة محورية) بما قد يستدعي إذا رأوا ذلك، توسيع نطاق الضربة لتشمل أهدافا عسكرية أخرى تضبط رد الفعل الأثيوبي، وتضعه في الوجه الناعمة السياسية للجلوس بجدية على طاولة المفاوضات.

من ثم لتصل الرسالة واضحة لترامب والدولة الصهيونية، بأن سياسة "الصنبور المتحرك" والضغط على مصر من المستحيل أن تمر وفق الخطوط الحمراء للأمن القومي المصري، وكذلك لتصله الرسالة بأن مفاهيم "الأمن السياسي" التي زَينَ البعض بأن يكون لها الصدارة في التعامل مع ملف صفقة القرن، هي مجرد مرحلة عابرة، ستستعيد مصر بعدها مفاهيم "الأمن القومي" وتتحمل تبعاته. خاصة استعادة مصر لخطاب التأكيد على "الذات العربية" ومستودع هويتها، في مواجهة خطاب "الاستلاب" للآخر الصهيوني والغربي ودعاة الانسلاخ عن الذات العربية.

مصر تشهد لحظة مفصلية خطيرة للغاية ستحدد مسارها ومسار الأمة العربية لفترة طويلة مقبلة؛ إذا انتصر تيار مفاهيم "الأمن السياسي" والترويج لخطاب الاستلاب للآخر والصهيونية والانسلاخ عن الذات، وانسحق تيار مفاهيم "الأمن القومي" واستعادة خطاب "الذات العربية" وضرورة امتلاك متطلبات الدفاع عن "مستودع هويتها"، ورصف المسافة مع رصيد ومشروع الثورات العربية وتوظيفها كقوة ناعمة تضاف للأمن القومي المصري والعربي، فستكون الإدارة السياسية الحالية قد وقعت في أكبر أخطائها المفصلية، ووصلت بـ"دولة ما بعد الاستقلال" عن الاستعار الأجنبي لمحطتها النهائية، ولن يغفر لهم التاريخ أبدا عدم حسمهم للاختيارات الوجودية الكبرى المشكلة لوعي الأمة المصرية والعربية، في وقت أحوج ما تكون هي لذلك.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصريحات الوزير والتخطيط الاستراتيجي للعبور الجديدة
- بدائل الأمن القومي المصري في ملف المياة/ أثيوبيا
- مسئولية رئيس جهاز العبور الجديدة بين عامي 2020 و2010
- تطبيع السودان والأفق السياسي لدولة ما بعد الاستقلال
- ترامب وسياق صفقة القرن
- الثورة كإضافة ناعمة للأمن القومي المصري
- ظهور تيار الاستلاب العربي للصهيونية/ الآخر وتبريراته النظرية
- الترجمة من الذات للآخر كدالة حضارية
- تغيير الصورة النمطية وإشكاليات الترجمة للآخر
- مراد وهبة.. أفلسطين حائطكم المائل!
- الترجمة للآخر كقوة ثقافية مصرية ناعمة
- نحو برنامج بيانات موحد للموارد البشرية بالحكومة
- دروس الملف السوداني لمصر في ليبيا
- بديل الانتحار: عن المسافة بين النبوة والسقوط
- إطار بروتوكول العمل للمراكز الثقافية
- أنماط التمدد الحضاري: الثقافة ومشروع طريق الحرير نموذجا
- مشروع طريق الحرير الجديد
- ثورة لبنان: استمرار تَفكك توازنات دولة ما بعد الاستقلال
- سد أثيوبيا.. وأسطورة الدولة حارسة التناقضات مجددا
- الأمن القومي المصري ودور الحاضنة الفكرية الرافعة


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم الجوهرى - مصر بين صفقة القرن وسد النهضة و سياسة حافة الهاوية لترامب