أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - مراد وهبة.. أفلسطين حائطكم المائل!















المزيد.....

مراد وهبة.. أفلسطين حائطكم المائل!


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 6464 - 2020 / 1 / 13 - 02:26
المحور: القضية الفلسطينية
    


إنه باسم (.........)
تلك هي الجملة الأبرز في التاريخ البشري التي تحتها كان الكل يراهن على بيع بضاعته ويمررها من خلالها..
أحيانا تتوحد الكلمة (وذلك الذي تتحدث باسمه) مع مستودع هوية جماعة بشرية ما، فيحتضنها الناس ويدافعون عنها بتلقائية وفطرية، وأحيانا في ظل خلق التناقضات وإدارتها يخرج علينا البعض باسم شعار ما، ليمرر هواه الخاص، ربما سكت الناس عن هذا الهوى، ربما صبروا عليه، ربما توقعوا مآله وترقبوه..
الحقيقة ان مراد وهبة ذلك الفيلسوف الكبير خرج علينا شاهرا إنه باسم (.....)
قال إنه باسم (العلمانية) عليكم ان تقبلوا العدوان والاحتلال الصهيوني، لأنه في أحد تمثلاته يعبر عن المشروع الأوربي الحداثي!
وعليكم أن تطبعوا مع "إسرائيل"، وتقبلوا وتفتحوا ذراعكم للمحتل الغربي الوافد لأنه يمثل الذات الأوربية/ الأعلى/السيد، التي جاءت لتنقذ الذات العربية البائسة والفاقدة لأهليتها العبد/ التابع..
والحقيقة أن الذين يصفون د.مراد وهبة بـ"الخرف"، لا يتفحصون كثيرا مايقدمه خطابه، هو يقدم فلسفة نظرية واضحة تتمترس حول لحظة الحداثة/العلمانية الأوربية، وتعتبر التاريخ البشري بعدها انتهى، وعلي البشر ان يقيسوا كل وجودهم الراهن والمستقبلي بها..
فلقد أطلق د.مراد وهبة أستاذ الفلسفة المعروف بجامعة عين شمس المصرية عدة تصريحات بالإعلام المرئي المصري مؤخرا، ظهرت تلك التصريحات المثيرة للجدل للعلن صعودا من يوم 5 نوفمبر 2019، متخذة من برنامج"نطق فكرا" بقناة "تن" مع المذيع عمرو عبد الحميد منصة أولى لها، بالمواكبة مع مقالاته الصحفية التالية وكذلك السابقة، كما نقلت الصحف أيضا تصريحاته في البرنامج التليفزيوني في حينه، وشملت تلك التصريحات دعوة صريحة لقبول: الاستعمار الصهيوني مع وصفه بالتقدمية والعلمانية، والدعوة لتفكيك الهوية العربية والمصرية بوصفها هوية جامدة، وكذلك القول بالتطبيع الثقافي مع إسرائيل واستنكار مقاطعتها، مع تثمين فكرة الاستعمار الخارجي في العموم والغربي في الخصوص تجاه الذات العربية، وغيرها من التصريحات الصادمة للمشاهد والمتلقي العربي والمصري؛ تبعها ظهوره المتكرر في عدة قنوات إعلامية ليقدم الخطاب نفسه ويؤكد عليه.
الحقيقة هناك ما يشي بأن خطاب د.مراد وهبة ليس خطابا فرديا ساقته الصدفة، بل يبدو جزءا من "نمط سياسي" يجرى اختبار رد فعله في المجال العام من قبل البعض، لاستكشاف إمكانية اعتماده وتطبيقه وطرحه كمشروع سياسي مقترح في المشهد المصري. وهنا يجب مقارنة ملابسات ظهور تلك التصريحات بمثيلتها، التي ظهرت منذ فترة قريبة عند د.يوسف زيدان الأكاديمي المصري المعروف، وكذلك د.سعد الدين إبراهيم الأكاديمي المعروف أيضا وغيرهما.
يمكن ربط ظهور خطاب الاستلاب للآخر الغربي/ الصهيوني بتمثلاته المتعددة، في الموجة الأولى عند يوسف زيدان أو في الموجة الثانية مراد وزهبة، بظهور صفقة القرن والتدافعات الإقليمية وضغوطها على المشهد المصري والعربي، من ثم كان خطاب "الاستلاب" نمطا سياسيا تحت الاختبار لجس نبض الجماهير لقبول بنود الصفقة أو تمريرها مرحليا، خاصة فيما يخص القدس والتطبيع، باعتبار أن خطاب الاستلاب سيكون نمطا سياسيا رخيص التكلفة السياسية في وقت حرج للغاية لمصر، تتعرض فيه لضغوط من الجنوب بملف سد النهضة والغرب أيضا بملف ليبيا وتسخينه.
يمكن تعريف خطاب الاستلاب الذي يقدمه د.مراد وهبة وتيار الاستلاب عموما، على أنه حالة رفض "مستودع هوية" الذات العربية بطبقاته التاريخية المتعددة المتراكمة والدعوة للانسلاخ عنه، واعتبار الذات العربية ذاتا عاجزة فاقدة للأهلية الذاتية غير قادرة على توليد لحظة تحديث مفصلية نابعة من سياقها الخاص، من ثم يدعو هذا الخطاب لضرورة إلحاق الذات العربية بالآخر الغربي/ الصهيوني/ العلماني كوسيلة وحيدة ومطلقة ومقدسة للتغيير والعبور للمستقبل، متخذة من مصطلح الأصولية وفرق الدين السياسي تمثلا وحيدا، وتكأة تبرر حكمها المطلق بفساد الذات العربية كلية.
يمكن رصد البناء النظري الذي يستخدمه د.مراد وهبة لتبرير خطاب الاستلاب، وتقديم النقد له بالاستناد للمراجع والأنساق الغربية ذاتها التي تجاوزت مرحلة تقديس العلمانية وأسطرتها، كذلك نقد التمثل النظري الرئيس الذي يطرحه مراد وهبة للذات العربية و"التنخيب الزائف" و"خلق التناقضات" وإدارتها، ما بين خياري: الأصولية أو العلمانية، بالاستناد لوجود إرهاصات لتمثلات جديدة خرجت تحديدا مع مشروع الثورات العربية التي انطلقت في القرن الحادي والعشرين، وتسعى لتقديم خطاب جديد بنطلق من لحظته التاريخية المفصلية، ويتجاوز تناقضات اليمين واليسار العربيين.
الحقيقة أن خطاب الاستلاب للآخر والصهيونية عند مراد وهبة (وقبله يوسف زيدان وسعد الدين إبراهيم وغيرهما) وظهوره مؤخرا بالتوازي مع استحقاقات صفقة القرن وبنودها وتقلبات المنطقة عموما، قد يبدو محاولة لاختبار نمط سياسي رخيص التكلفة السياسية ظاهريا؛ لكنه في واقع الأمر سيكون عالي التكلفة للغاية نظرا لما قد يسببه من زيادة مساحة التطرف والإرهاب والخروج على المجتمع المصري، من جانب الجماعات المتطرفة بدعوى أن الدولة المصرية ترعي خطاب الاستلاب للآخر والانسلاخ عن مستودع هوية الذات العربية.
قد يقف مراد وهبة وتيار الاستلاب للآخر الغربي/ الصهيوني على خط واحد مع فرق الدين السياسي أو الأصولية، من حيث أن كليهما يرفض "آنية الذات العربية"، وقدرتها على التمفصل حول لحظتها الراهنة وإنتاج خطاب خاص بها، وأن كل منهما يسعى لممارسة نوع خاص به من الاستلاب عبر "إزاحة الذات العربية" عن لحظتها الراهنة، لكن كل منهما يمارس إزاحة خاصة به، تيار الاستلاب يدعو لإزاحة الذات العربية في الجغرافيا والمكان وسلبها نحو النموذج الغربي وإلحاقها به، وفرق الدين السياسي تمارس إزاحة في الزمان والتاريخ وترى ضرورة إزاحة الذات العربية للوراء في الزمن ، والعودة لبدايات لحظة الدعوة وشكلها السياسي المرتبط بالمطلق والوحي السماوي.
لكن يبقى الأمل في قدرة الذات العربية على التمفصل حول لحظتها التاريخية وتجاوز الصعوبات المحيطة، وإنتاج لحظة تحديث جديدة خاصة بها وبخطاب ومفاهيم جديدة، تتجاوز سياقات الماضي واستقطاباته.
يبقى الأمل في ذلك الحائط المائل الذي يظنه البعض مطية؛ حين ينتفض ويصبح هو الحائط الذي يفرد ظهر الجماعة العربية ويشد عودها..
فإلى مراد وهبة – ومعه بقية تيار الاستلاب- أقول إن كنتم تظنون فلسطين حائطكم المائل، ظنكم إلى زوال.. فمنها سينصلح الحال، وعلى حائطها الصلب سيرتد ظنكم خائبا منكس الرأس، وعاجلا أو آجلا ستتمفصل الذات العربية حول لحظتها، وتنتج خطابها للعبور للمستقبل.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترجمة للآخر كقوة ثقافية مصرية ناعمة
- نحو برنامج بيانات موحد للموارد البشرية بالحكومة
- دروس الملف السوداني لمصر في ليبيا
- بديل الانتحار: عن المسافة بين النبوة والسقوط
- إطار بروتوكول العمل للمراكز الثقافية
- أنماط التمدد الحضاري: الثقافة ومشروع طريق الحرير نموذجا
- مشروع طريق الحرير الجديد
- ثورة لبنان: استمرار تَفكك توازنات دولة ما بعد الاستقلال
- سد أثيوبيا.. وأسطورة الدولة حارسة التناقضات مجددا
- الأمن القومي المصري ودور الحاضنة الفكرية الرافعة
- تكرار فجوة الخطاب الأيديولوجي مع الحراك الاجتماعي
- فجوة الخطاب الأيديولوجي المصري مع الحراك الاجتماعي
- الموقف المصري من ثورة السودان وأثره على سد النهضة
- الأمن القومي وخطورة تغييب الثقافة الذاتية
- النمط الاجتماعي المصري وبطل محمد رمضان وبطل السقا
- الدعوة لزيارة القدس والنماذج المعرفية التطبيقية
- النموذج التفسيري للصهيوينة الماركسية واليسار الأممي والقومي ...
- مفاجأة التصريح الرئاسي بالمرجعية الدولية للقضية الفلسطينية
- العبور الجديدة وولاية قانون التصالح في المباني
- مفهوم المقاومة وزيارة القدس: كشف ورقة المفاوض المصري الأخيرة


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - مراد وهبة.. أفلسطين حائطكم المائل!