أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - الموقف المصري من ثورة السودان وأثره على سد النهضة















المزيد.....

الموقف المصري من ثورة السودان وأثره على سد النهضة


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 6355 - 2019 / 9 / 19 - 10:50
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


فجأة؛ تم الإعلان مؤخرا عن تعثر المفاوضات بين مصر وأثيوبيا حول سد النهضة واشتراطات تعبئة خزان السد بالمياة وجدولها الزمني، وهو ما تواكب مع تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي تفوح منها رائحة المرارة في مؤتمر الشباب الذي عقد أخيرا، حين حاول تحميل الهزيمة في الملف وإلقاء تبعتها على ثورة 25 يناير! ليتساءل المتابع عن سبب التحول في الموقف المصري وتبدل قناعاته تجاه ملف المياه، بعد أن ظل الخطاب المصري في دولة ما بعد 30 يونيو شديد التفاؤل والثقة في تصديره للصورة الوردية للملف!

توافق سوداني / أثيوبي هاديء
خاصة وأن التصريحات الإثيوبية المتشددة أخيرا والموقف السوداني المتأني تشي بتشكل تحالف مصالح هاديء بين السودان وأثيوبيا، أو على الأقل صمت سوداني دبلوماسي ذكي في إدارة العلاقة بين مصر وإثيوبيا من أجل مصالحه، في حين دعت مصر سفراء الاتحاد الأوربي لإطلاعهم على الموقف فيما يعد خطوة دبلوماسية تصعيدية استثنائية للغاية، ويُطرح السؤال ما المتغير الذي طرأ ليتبدل الموقف الأثيوبي فجأة من مصر، بتصريحات متشددة وصمت سوداني مدروس في السياق نفسه!

الدور المصري مقارنة بالإثيوبي في ثورة السودان
أعتقد أن الإدارة المصرية لملف الثورة السودانية هى التي تقف لحد كبير وراء الإجابة وسرعة تعقد الملف! أو بشكل أكثر دقة تقف وراء حدة الخطاب الإثيوبي وصمت الجانب السوادني في الوقت نفسه، فلقد تحركت مصر في ملف الثورة السودانية دون قراءة استشرافية فاحصة للموقف، واندفعت بكل ثقلها في اتجاه النظام القديم والرهان السعودي/ الإماراتي عليه، وأوكلت الملف فيما يبدو لمجموعات تكتيكية تفتقد للخبرة الاستراتيجية والفهم لأبعاد الموقف وسيناريوهاته البديلة، فأهمل هؤلاء قراءة الموقف الحقيقي بأن البنية الاجتماعية للثورة في السودان والجزائر تختلف عن الملفين المصري والتونسي، وأن تكتيك إدارة التناقضات وخلقها لا يمكن نقله تماما للحالة السودانية.

أثيوبيا تكتسب أرضية ثورية في السودان
في حين كان الجانب الإثيوبي مدعوما بالاتحاد الإفريقي والخبرة الإفريقية -التي يبدو أصبحت مجهولة للمصريين- في إدارة الثورات والنزاعات المسلحة، كان الجانب الإثيوبي أكثر وعيا في وساطته بين النظام القديم والمطالب الثورية ليكسب أرضية مشتركة عند الجانبين، في حين خسرت مصر -أو كادت- كل شيء بدعمها للقمع الرسمي للثورة. ولم تكد الأمور تستقر في النظام السوداني الجديد وفق الوساطة الإثيوبية/ الإفريقية، حتى كشرت إثيوبيا عن أنيابها لمصر مستندة على الأرضية الصلبة التي لن ينسها ثوار السودان وممثليهم في نظام الحكم الجديد لهم، وبالطبع النظام الجديد لا يدين لمصر/ النظام شيئا، ولكنه يدين لمصر/ الدولة/ التاريخ بكل المحبة والتقدير، حتى انه في كل البرامج الحوارية كان ممثلوا الثورة السودانية يمسكون عن ذكر اسم "مصر" حين يعددون القوى الداعمة للنظام القديم هناك، ويتحرجون حبا لها وأملا فيها..

أزمة المراهنة على دولة ما بعد الاستقلال في السودان
أخطأت مصر حين دعمت النظام القديم ودولة ما بعد الاستقلال بقلبها المركزي العسكري في السودان، مثلما تفعل تماما في ليبيا، والآن نحن ندفع الثمن.. ثورة يناير كسرت بالفعل أسطورة "الدولة حارسة التناقضات" التي أسس لها السادات وازدهرت في عهد مبارك، الدولة التي مهمتها رعاية التناقضات المحلية والإقليمية، وفي مقابل ذلك يحرص النظام الدولي على مصالحها ونفخ الروح فيها، وكان البديل هو دولة النقاء الثوري واستعادة الذات التي يتطلع إليها الآخرون، والنموذج الإنساني الجديد الذي يحلم الجميع بمطاولته.

تفكك معادلة التناقضات
مشكلة الإدارة السياسية الحالية أنها تغمض عينيها بشدة عن الواقع المرير؛ معادلة التناقضات كانت ترتبط بسيطرتها على فرق الدين السياسي وامتدادها في فلسطين، وهذه المعادلة تفككت بتفكك التحالف بين دولة ما بعد الاستقلال في مصر بقلبها العسكري وبين الإخوان بانتهاء دور نظام الإخوان/ مرسي بالنسبة لهم، والكرة الآن في الملعب الإيراني/ التركي بامتياز في إدارة الفصائل المؤثرة بمواجهة إسرائيل وأمريكا.
على الإدارة السياسية أن تتحلى ببعض الواقعية وتتعامل مع أفق المتاح السياسي، "الدولة حارسة التناقضات" التي كان يضمن بقاءها النظام الدولي انتهت بلا رجعة مع كل المتغيرات بالمنطقة والذاتية بمصر، والإصرار على استمرار دولة ما بعد الاستقلال بقلبها العسكري وبتفاصيلها نفسها يكاد يكون مستحيلا.

الطريق إلى التصالح مع يناير/ استعادة المكانة
ليس أمام مصر سوى البحث عن معادلة وجودية جديدة لها في العالم، لا تخرج عن نظام قيمي جديد يقوم على فكرة استعادة الذات والتحرر الذاتي من أثر تناقضات الماضي، أنظمة ما بعد الاستقلال بقلبها العسكري كانت من أجل التحرر من أثر الاحتلال الأجنبي وسيطرته، لكن ثورات الربيع العربي هى بهدف التحرر الذاتي وتجاوز حالة مورث التراكم التاريخي الخاص بقيم التكيف والقهر واحتكار الحكم وتقييد الحريات وغياب العدالة، ثورات الربيع العربي ليست ثورات ملونة كما يقول دعاة الاستلاب للآخر أو للأيديولوجيا الغربية من الماركسيين أو الليبراليين لتشويهها، بل هى التطور الطبيعي لفكرة الثورة في السياق العربي من حالة التحرر من الأجنبي إلى حالة التحرر الذاتي، وهو ما لا تدركه معظم النخب الأيديولجية والثقافية والأكاديمية التي على ضفاف الماركسيين والليبراليين، لأنهم تشبعوا بالنموذج الغربي بمختلف تمثلاته، وهم جزء من حالة التمرد على التناقضات التي تمارسها الحالة العربية وتخرج عليها..

خياران أمام مصر
مصر تملك خيارين رئيسيين؛ الأول استمرار فلسفة تفكيك أبنية المجتمع الجديدة والقديمة والمزيد من النفوذ الأمني على مؤسسات الدولة، ومحاولة فرض دولة ما بعد الاستقلال بقلبها العسكري حتى اللحظة الأخيرة مع إدارة التناقضات بين اليمين واليسار ما بين الاستقطاب والتشويه.
الخيار الثاني هو السماح للفرز الطبيعي في المجتمع بأن يأخذ مجراه وتتشكل أبنية قيمية جديدة خارج التناقضات القديمة لدولة ما بعد الاستقلال ومعارضتها اليسارية واليمينية، على أمل أن يتمكن هذا الفرز الطبيعي بنخبه الجديدة أن يشكل كتلة جامعة جديدة تلتصق بمستودع هوية الذات المصرية، ويمكن له أن يقدم النموذج القيمي الجديد ويضع آليات الدمج والتسكين المرتبطة بالسلطة في موضع العدل والموضوعية، بما يحقق سرعة بناء نموذج الدولة الجديدة وبناء قوة نفسية ناعمة لمصر جديدة وحقيقية، تقوم على تفعيل مكونات مستودع هويتها التاريخي بطبقاته.

القرار الصعب: إعلاء ما هو وطني
أتمني من ممثلي دولة ما بعد الاستقلال في مصر بمركزها العسكري أن تتفهم الظرف التاريخي الراهن، وأن دورها التاريخي مُقدر تماما في تحقيق الاستقلال لمصر من الاحتلال الأجنبي، لكن استمرار الحياة الآن يتطلب التحول لدولة المؤسسات والفرز الطبيعي والثورة على الذات، بالتخلص من إرث الاستبداد ومنظومة قيم التكيف التاريخية وخلق التناقضات وإدارتها.
أهداف ثورة يناير هى الأمل والمشترك الوحيد المحتمل لبناء اللحمة ثانية بين جدران البيت المصري، واستعادة المكانة التاريخية لمصر في محيطها العربي والإفريقي والعالمي، سوى ذلك سيكون الدرس مريرا والخروج منه أكثر مرارة، لكنها سنن الدنيا والتاريخ.. وسنري إلى أي السنن ستؤول سفينة الحلم المصري وإلى أي الطرق ستسير.






#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن القومي وخطورة تغييب الثقافة الذاتية
- النمط الاجتماعي المصري وبطل محمد رمضان وبطل السقا
- الدعوة لزيارة القدس والنماذج المعرفية التطبيقية
- النموذج التفسيري للصهيوينة الماركسية واليسار الأممي والقومي ...
- مفاجأة التصريح الرئاسي بالمرجعية الدولية للقضية الفلسطينية
- العبور الجديدة وولاية قانون التصالح في المباني
- مفهوم المقاومة وزيارة القدس: كشف ورقة المفاوض المصري الأخيرة
- زيارة القدس.. شرعنة الاحتلال وتجميل لوجهه
- ثورة الفلاشا: اليهودي الأبيض أم اليهودي الأصفر
- صفقة القرن وتيار الاستلاب للصهيونية/الغرب
- مرجعية مفهوم السلب الوجودي لصفقة القرن
- دولة ما بعد 30 يونيو: كيف يضبط السياسي الأمني أو العكس؟
- مصر وإعادة تدوير المتاح الثقافي
- الجزار يرد على حملة خليها تعمر بمدفن قمامة
- نمط الحرب الأمريكي: الصفقة وصدمة الوعي
- ميلاد لحظة التحديث بين ثورتي العرب وأوربا
- التوصيف الوظيفي والعاصمة الإدارية الجديدة لمصر
- لماذا تعطيل مرحلة القادسية بالعبور الجديدة للآن
- استمرار الجزار في تجميد العبور الجديدة
- سبل الانتصار على ترامب وصهيونية الاحتلال الإقصائي


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - الموقف المصري من ثورة السودان وأثره على سد النهضة