أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حياة مرشاد - شرع قاتل: تسقط محاكمكم!














المزيد.....

شرع قاتل: تسقط محاكمكم!


حياة مرشاد

الحوار المتمدن-العدد: 6500 - 2020 / 2 / 27 - 08:29
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أكاد أجزم بأنَّه لم يغمض لي جفن ليلة أمس، أتقلّب مِنْ جنبٍ لآخر، أتفقّد وَلَدَّيْ، ألمسهما، أقبّلهما، وعند كل محاولة للنوم يُلاحقني صوتُ إمرأة، يؤرِّقني نَحِيبها، تصطادني صورتَها، ترعبني صرخَتَها، تغضبني، تحرقني، تُحرِّضني… هذه المرأة هي أمٌّ، وبإستخفاف مشين وعلى مرأى من الشرّع والدين والمجتمع والإنسانيَّة والقانون، وبِجَرَّةِ قلم من رجل دين، حُرِمَتْ من رؤية إبنتها لِسَنَتَيْنِ، حُرِمَتْ من ضمِّها، حُرِمَت من شمِّها، حُرِمَت من صباحاتِها، وضحكاتِها، ودمعاتِها، وتفاصيلِها… ولكنْ كلُّ ذلك لَمْ يُشبِعْ ظلم الذكورية القاتلة التي تَحكُمْ حياواتنِا وأقدارِنا كنساء، بَلْ أمعنت بجريمتِها حارِمَة تلك الأم من وداعِ أو زيارة إبنتِها حتى بعدَ وفاتها.

أمُّ الطفلةِ مايا اسماعيل، ابنة الـ15عاماً، تداول الناشطون/ات أنَّها مطلَّقة منذ مُدَّة وأنَّ هناك خلاف بينَها وبينَ طليقِها، وبعد وفاة ابنتِهِمِا بظروفٍ غامضة في شهر كانون الأول الماضي، إثْرَ اصابتِها بطلقٍ ناري، أراد الوالد أن يُمْعِن بحرق قلبِ الأمّ، من خلال حرمانِها من الوصول إلى قبرِها، فَعَمَد إلى دفنِ الجثمان في حديقةِ منزلِهِ المُسَيَّجَة.

الأمُّ ذهبت لزيارة قبرِ إبنتِها للمرّةِ الأولى بالأمس، مِنْ خلفِ السياج المشيّد لمنعِ الأمّ عن ابنتِها وفلذةِ كبدِها… بالأمس مايا سَمِعت صوتَ أمِها أخيراً، وبعد ٦٢ يوم من الإنتظار تحتَ التراب وَصَلَتهْا صرخَتها ووجَعَها وكلماتِها، في مَشْهد وثّقه فيديو إختارت أخت الأم أن تنشرَهُ على وسائل التواصل الإجتماعي، علَّه يُزعزع الفساد الذي يَسكنُ العمامات.

الفيديو هذا كان لِيَكونَ كفيلاً بهزِّ عروشِ الطوائفِ وتهديمِ جدرانِ المحاكمِ على رأسِ كُلِّ ظالمٍ مُتَجَبِّر. ولكنْ لبعضِ الضمائر الغافلة رأيٌ آخرٌ، إذْ وبَعْدَ مشاركتي في نشرِ الفيديو، وردتني تعليقاتٌ من البعضِ الذي لَمْ تُحَرِّك فيهِ صرخة الأمِ ذرَّةَ إستنكارٍ، بَلْ إستفزتْهُ عبارةً أورَدْتُها في تعليقي تقول “يلعن شرعكم”.

إذاً مشهد عذابات الأمهات لم يَنْفك يُعْتَبَرُ إعتيادياً ومقبولاً للبعض، ولكنَّ الكارثة كُلُّ الكارثة تقع عند المسِّ بالشريعةِ والدينِ المفصّل على قياسات أنظمة تعمل على التحكّم بأقدار النساء… هذه الشريعةُ التي حلَّلَت قهرَ أمومتِنَا، ذبحَ كرامتِنَا، إهدارَ حقوقِنَا، إستباحةَ أجسادِنا وحريتِنَا، هذه الشريعةُ التي دَفَنَتْ إنسانيتَنا وأمعنت في إذلالِنا وتهميشِنا وتعنيفِنا والتمييزِ ضدَنا نحن النساء، فقط لأنَّنَا نساء في مجتمع أبوي بطريركي تَحكِمُهُ طغمة فاسدة من الرجال الذين يَحمِلونَ عصا الدين لِيَحكموننا ويأدبوننا مَعْ كُلِّ صيحةِ ديك.

حسناً، لِكُلِّ الذين استفزَّهم تعليقي، والذين أيضاً يستفزُّهم دِفاعي الدائم عن حقوقِ النساء، والذين يستخفُّون بقضايانا كنِساء… لِكُلِّ هؤلاء أقول، لَنْ نخجلَ بعدَ اليوم بتسميةِ الأشياءِ بمسمياتِها، و لَنْ نسمحَ بتضييع ِالبوصلة عن مكمنِ العنفِ والتمييزِ الحقيقيّ، وسنقولُها وبالفمِّ الملآن “إيه يَسقُط شرعكم”، تسقط فتاواكم، تسقط محاكمكم، يسقط بطشكم، تسقط سلطتكم، يسقط قهركم… وتحيا الأمهات، تحيا النساء، تحيا الفتيات، وسيحييّنَ جميعاً في مستقبلٍ لا قوانينَ أحوال شخصية طائفية فيه، ولا ظلم ولا تمييز ولا سطوة أبويّة ولا عنفٍ ذكوري… فقد قلناها يوماً وسنبقى نُكرِّرُها “إحذروا غضب النساء”.



#حياة_مرشاد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرع قاتل: تسقط محاكمكم!


المزيد.....




- بين الغارات الإسرائيلية والاقتتال الداخلي: مشهد معقد في الجن ...
- انفجرت بيدها.. مقتل امرأة كانت تحاول تفجير بنك على ما يبدو ف ...
- مسلسل -لام شمسية- يثير جدلا كبيرا في مصر حول قضية العنف الجن ...
- اليونان.. مقتل امرأة بانفجار عبوة ناسفة (صور)
- خرم سلطان: من هي -أقوى- امرأة في التاريخ العثماني؟
- أبرزها الزواج من 20 سنه!.. قانون الزواج الجديد في الجزائر 20 ...
- المزيد من الفتيات يرغبن في دراسة التكنولوجيا
- مراهق يُقنع الأطفال بممارسة الجنس في العالم الافتراضي من خلا ...
- نساء في البلديات: تضييق أبوي تكسره التجارب الناجحة
- امرأة تتعرض لاعتداء جنسي على متن طائرة أمريكية (صور)


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حياة مرشاد - شرع قاتل: تسقط محاكمكم!