أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى إبراهيم - النازي والنازية في النار














المزيد.....

النازي والنازية في النار


مصطفى إبراهيم
(Mostafa Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 6499 - 2020 / 2 / 25 - 23:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أغمض جفنيه أخيرا، بعد يوم يعز عليه أن يصفه بالشاق، فالشقاء ليس إلا وسيلة تسلية طفولية مقارنة بما يعانيه في عمله يوميا، استغرق في سباته بسرعة تكاد تلامس سرعة الصوت أو بعضا منها، تلاشت الموجودات من حوله شيئا فشيئا إلى أن نادته نداهة الأحلام، فانطلق وراءها دون مقاومة.

هناك حالة علمية معروفة يدرك فيها الحالم أنه يعيش في عالم الأحلام، لا شأن لنا بها على أي حال، القصد أنه غاص في أحلامه حتى بلغ العمق منتهاه، فرأى فيما يرى النائم جنودا تصطف و"بروجي" يأذن لهم أن تحركوا، وصوت يأتي من بعيد هاتفا: heil fuhrer، لم يصدمه التعبير الألماني، بل لم يتفاجأ من فهمه للألمانية، فالنائم مغيب، والحلم خيال يفرضه علينا العقل واقعا شئنا أم أبينا، رأى الحشود تهتف باسم يعلمه، يحفظه عن ظهر قلب، بالتأكيد لا يوجد في التاريخ أكثر من هتلر واحد، وهذا الذي يسمعه هو اسمه لا جدال، اللافت أنه لم يلتفت لغرابة المشهد، بل خرج في تحية الجنود كما يفعل غيره من السائرين، هاتفا مثلهم، مبجلا ومقدسا ورافعا يمينه إلى أعلى، يصرخ بأعلى صوت بألمانية أنيقة: "يحيا هتلر.. يحيا الفوهرر"..
دقائق مضت لا يدري لها عددا، إلى أن بدأ الموكب في التقاطر، مدرعات وسيارات عتيقة تليق بمنتصف قرن مضى، ووجوه يبدو عليها الشحوب بقدر الحماس، إلى أن بلغ القائد منتصف ميدان الجنود، فانطلق إلى أعلى منصة ملقيا خطبة عصماء، تحدث فيها عن ظروف يجب تحملها، وواجبات ليس من أدائها بد، محذرا من خراب يحمي الجميع منه، وفساد قد يهلك البلاد والعباد من بعده، ثم أعلن إرسال جنوده المصطفين إلى جبهة باردة قاسية، ليأتوا بخير وفير ونصر مبين ورفعة للشإن والجبين.

لم يشعر بنفسه وهو يصفق بحرارة، بحماس يكاد يخرج من بين ضلوعه متجسدا، ظل مصفقا هاتفا إلى أن غادر الجنود… بلا رجعة.

مر الزمن سريعا كعادة الأحلام، فرأى موكبا من أطفال يرتدون "أوفارول" الجنود، ويمسكون بالبنادق، في انتظار الفوهرر من جديد، اقشعر بدنه حين رأى القائد يصافح أطفاله المقاتلين، فأي زعيم ملهم هذا الذي يداعب الأطفال ويطمئنهم ويربت على أكتافهم مشجعا، لا بالطبع لم يعنه مقتل جنود الجمع السابق أجمعين، ولم يلتفت كثيرا إلى أنه أمام أطفال مسلحين يستعدون للقتال، فالقطيع يصفق، والقائد أمامنا بشحمه ولحمه، يرفض الهروب وقت المعركة، يتمسك بوطنه رغم قدرته على المغادرة والتمتع برغد العيش، فالقائد لا يموت إلا على أرضه…
لا يهم من مات، لا يهم من حُرق، وبالطبع لن نبخس قائدنا المحارب حقه لحفنة من الشعب سجنت أو سحلت أو قتلت، فالوطن باق- على أي حال- والأشخاص زائلون.

كان يعلم في حلمه كل مفاسد النازية، ربما من تاريخ قرأه في يقظته، أو لعل الحلم تكوّن في لا وعيه بكامل المعلومات اللازمة، لكنه تأثر بالزعيم، بحنانه على الأطفال قبل إرسالهم للموت، بتشجيعه لجنوده، ببقائه في أرض الرايخ وعدم هروبه رغم الهزيمة الوشيكة.
اختفى المشهد وحل محله مشهد أكثر رعبا، الصوت فيه يغلب على الصورة، قنابل وصواريخ ترج حتى جزيئات الهواء، صرخات تتعالى بلا توقف، تستنجد بالزعيم الملهم، هو لم يهرب، لقد آثر البقاء وهذا يكفي، لن يغيثنا غيره، من غيره قدم ما قدمه، اتسعت بلادنا في عهده، فلا تحدثني عن الديكتاتورية، تحسنت معيشتنا فكيف تلتفت لأعداد قتلى أو مسجونين، لقد وعد بالبقاء والمواجهة، فعن أي فساد تتحدث؟

صوت يتكرر في خلفية الحلم كالموسيقى التصويرية، مشكلتها أنها موسيقى لا تناسب الحدث على الإطلاق، يعلو صوتها تدريجيا كلما تكررت، يعلو حتى على صوت القصف نفسه، جسمه يهتز ثم يسمع صوتا يناديه: "هتصحى ولا أقفل المنبه".
استيقظ مذعورا، يحمد الله على أنه خرج من هذا الحلم بأعضائه كاملة غير منقوصة، ينظر في مرآة حمّامه ويتذكر كيف مات هتلر، نعم، لقد مات منتحرا… أطلق تنهيدة طويلة أتبعها بقوله: "يالا.. ماتجوزش عليه إلا الرحمة".



#مصطفى_إبراهيم (هاشتاغ)       Mostafa_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا آسف يا ماركس
- رابعة... الذكرى الخامسة ل(المعرفش)


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى إبراهيم - النازي والنازية في النار