أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عوض حبيب - مفاهيم توازن القوة في العلاقات الدولية















المزيد.....


مفاهيم توازن القوة في العلاقات الدولية


عوض حبيب
كاتب / دكتور العلوم السياسية والعلاقات السياسة الدولية والقانون الدستوري

(Awad Salim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 6498 - 2020 / 2 / 24 - 17:40
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يمكن تعريف التوازن الدولي بأنه حالة من التساوي في القوة بين الدول سواء كانت قوة اقتصادية أو تسليحية أو سياسية تجعل سلوك الدول مع بعضها البعض يتسم بالمرونة والتفاهم وتقبل اللجوء للوسائل السلمية في التعامل عن الدخول في صراعات وحروب , والتعريف العلمي هو حالة من التعادل أو التكافؤ النسبي بين مجموعة من المتغيرات المترابطة فى النسق الدولي.
هذه المتغيرات تتميز بدرجة من المرونة والترابط فى التفاعلات مع رضاء الوحدات الأساسية فى النسق الدولي عن واقع التعادل القائم , ومن ثم فالتوازن الدولي ينصرف إلى ثلاثة أبعاد أساسية هم :
الأول: البعد البنياني :وقوامه حالة التعادل أو التكافؤ بين ما نحدده على انه المتغيرات الأساسية التى تميز النسق الدولي كالمقدرات ،أو مستوى التسلح ،أو تدخلات القوى الكبرى فى منطقة إقليمية معينة. الثانى : البعدالسلوكي :ويعتمد في وجوده علي قدر من المرونة فى التفاعلات الدولية وقدر من الارتباط فترابط المتغيرات ومرونتها يتجه بالظاهرة فى معظم الأحوال نحو وضع التوازن بما يسمح بتصحيح الاختلال التوازني عبر فترات زمنية معينة .
الثالث : البعدالقيمى :و أساسه رضاء الوحدات الكائنة فى النسق عن حالة التوازن القائمة . فوجود دولة أساسية ترفض واقع التوازن وتعمل على تغييره من شأنه تهديد العلاقات التوازنية .
ومن هذه التعريفات الثلاث السابقة , يختلف مفهوم التوازن الدولي عن مفهوم الاستقرار الدولي الذى يعنى ديمومة الخصائص البنائية والتفاعلية الأساسية للنسق الدولي وقدرته على التكيف مع التغيرات البيئية مع عدم حدوث حروب ذات نطاق تدميري واسع ومن منطلق ذلك يعم السلام علي المجتمع الدولي وتزداد معدلات التنمية وتقل الوفيات نتيجة الحروب ويصح ميزان الاقتصاد وإذا تحقق ذلك كله اصبح العالم كما يشيعون قرية واحدة بدون حدود ولا تفرقة عنصرية ولا خطط عسكرية , ولا يعتدي شخص علي شخص ولا قبيلة علي اخري ولا تطمع دولة في مقدرات اخري .
و توزان القوى ، هي نظرية تقوم على أن وجود الدول والتحالفات في حالة تكاد تتعادل فيها قوتها العسكرية أمر من شأنه أن يحول دون نشوب النزاع المسلح، وعليه فإن بعضاً من الدول تسعى إلى الحفاظ على التوازن العسكري فيما بينها، ويعتبر سعي إحدى الدول لزيادة قدرتها العسكرية بالصورة التي تخل بتوازن القوى أمراً يدعو للاضطراب ويولّد سعياً من قبل الدول الأخرى لتعزيز توازن القوى بمعاهدات تلتزم فيها الدول الأطراف بالحفاظ على قوتها العسكرية ضمن حدود مقبولة من الدول الأخرى. وفي معاهدات السلام التي تبرم بين الدول بعد إنقضاء الحروب يتم في العادة التطرق لتوازن القوى والإشارة إلى الترتيبات التي من شأنها أن تحافظ عليه وتحول دون الإخلال به.
ولقد تعددت مفاهيم توازن القوى لدى كثير من علماء السياسة والعالقات الدولية، وذلك نتيجة لأسباب متعددة، منها ما يتعلق بمفهوم التوازن ذاته بإعتباره نقطة التعادل بين نوعين متعارضين ، ومنها افتراض جمود توازن القوى وانعدام حركاته، أو على الأقل تحركه ببطء، ومنها افتراضه كسياسة دولية مقصودة لذاتها بوصفها إدارة لحفظ الإستقرار والأمن الدوليين.
لكن الأمر المؤكد يشير إلى أن توازن القوى ليس سياسة بحد ذاتها ولكن تسعى الدولة إلى تحقيقه وتجاهد من أجله، بل علي الأكثر إنها تسعى إلى التفوق والهيمنة، مما يؤدي إلى نشوء توازن القوى، وهذا التوازن ليس حالة مقصودة لذاتها، بل يتم التوصل إليها بشكل عرضي من خلال السعي إلى التفوق، ومن المرجح أن الدولة الساعية إلى التفوق تجد نفسها في وضع متوازن مع خصمها في لحظة تاريخية معينة .
لقد ساد هذا المفهوم في مرحلة القطبين الثنائيين التي تلت الحرب العالمية الثانية عندما برز القطب السوفيتي والقطب الأمريكي في قيادة كال منهما معسكر من الدول المنضوية تحت لوائه، وعلى أثره تغير التوازن الدولي من توازن القوى التقليدي إلى توازن الرعب بين المعسكرين نتيجة دخول العامل النووي في مجرى العالقات الدولية، مما فسر عدم نشوب حرب عالمية ثالثة بين القطبين رغم وجود الإستقطاب العالمي الثنائي , كما لاحت في الأفق عدة مفاهيم أخرى منها توازن الرعب، وظهرت أيضاً الحرب الباردة، والتعايش السلمي، والإنفراج الدولي، كما تبلورت مجموعة من الصراعات الدولية وعمليات التكامل الدولي، وذلك في إطار مجموعة من القواعد المتفق عليها بين المعسكرين.
وإن مفهوم توازن القوي كما أسلفنا , هو نظام يقوم على وجود عدد من التحالفات ، أو محاور القوى المضادة ، والتي تتكافأ قواها أو تكاد تكون كذلك في أغلي الأحيان ، وذلك لردع أي محور من إستغلال أي تفوق مؤقت له على حساب المحور الآخر , و أن الفكرة الكامنة وراء نظام توازن القوى الدولية هي أن الطابع المميز لهذه العلاقات هو الصراع الذي لا تمليه عوامل الاختلال في المصالح القومية للدول فحسب وإنما ينبع من محاولة كل دولة زيادة قوتها القومية على حساب غيرها من الدول .
ووفقا لمفهوم التوازن الاستراتيجي في الأدبيات العلوم السياسية يعرف بأنه الحالة التي تتعادل وتتكافا عندها المقدرات البنيانية والسلوكية والقيمية لدولة ما منفردة أو مجموعة من الدول المتحالفة فيما بينها، مع غيرها من الوحدات السياسية المتنافسة معها، بحيث تضمن هذه الحالة للدولة أو مجموعة الدول المتحالفة، ردع أو جبه التهديدات الموجهة ضدها من دولة أخرى أو أكثر، وبما يمكنها أيضا من التحرك السريع وحرية العمل في جميع المجالات للعودة إلى هذه الحالة عند اختلالها لتحقيق الاستقرار. .
و من هذا المنطلق يستند هذا المفهوم إلى ركيزتين أساسيتين علي حسب رأي اللواء دكتور خضر وهما: الأولى :أن الدول الأطراف في تجمعات ومحاور القوى المضادة يجمعها هدف واحد هو الإبقاء على الاستقرار السائد في علاقات القوى ، وردع العدوان .
والثانية : أن التوازن يتحقق بقدرة النظام ” نظام توازن القوى ” على توليد ضغوط متعادلة ومتعاكسة لتفادي أي اختلال غير مرغوب فيه في علاقات هذه القوى وعلي ذلك يمكن أن يتحقق الهدف الذي قام من أجله لتحقيق الإستقرار , أو ردع العدوان , نتيجة الإستعداد أو الضغوط , و تنقسم توازنات القوى إلى ثلاث أنواع من القوي القطبية :
1 ـ أحادية القوي القطبية المسيطرة , وهو وضع تفرض فيه دولة واحدة أو قوة واحدة عظمي سيطرتها وسلطتها علي النظام الدولي وتسمي هيمنة دولية.
2 ـ توازنات القوى البسيطة الثنائية : والتي تتكون من دولتين متعادلتي القوى ، أو من مجموعتين من القوى المضادة ، والتي هي في حالة من التعادل والتكافؤ النسبي .
3 ـ توازنات القوى المتعددة أو المعقدة : وتتكون من مجموعات قوى كثيرة وتعمل هذه التجمعات على موازنة بعضها البعض وليست هناك حدود قصوى على عدد هذه المحاور والتجمعات في ظل النظام المتعدد لتوازن القوى .
ويعتبر بعض العلماء أن قدرة الدول الصغيرة والمتوسطة على التحرك السياسي والمناورة في هذا النظام الدولي تزداد عندما تسود حالة من التنافس والصراع بين القوى الكبرى ، وهذا يعني أن نظام تعدد القطبية أو ما يسمى بثنائية القطبية يؤدي ذلك إلى تعميم فرص الاستفادة والحركة المستقلة أمام الدول الصغرى ، والعكس صحيح .
ولقد كان لظهور الأسلحة النووية ، أو أسلحة الدمار الشامل ، وبروز نظام الكتلتين في السياسة الدولية ، التي تمثلت كل منها إمكانيات هائلة من القوة النووية أثره في تغيير معالم توازن القوى التقليدي والانتقال به إلى أن اصبح يعرف بتوازن الرعب النووي . والذي أدى إلى تحييد متبادل بين الدول الكبرى تحت تأثير الخوف من الأخطار الرهيبة الناجمة عن الحرب النووية.
كما أدى إلى الحد من قدرة الدول الكبرى على التدخل العسكري المباشر في شئون الدول النووية وأكبر مثال علي ذلك الدوار الذي أصاب أمريكا من جراء تسلح كوريا الشمالية بالسلاح النووي وإجبار أمريكا علي الجلوس معها علي طاولة واحدة 2018 في سنغافورا, مع ان ترامب الرئيس الأمريكي كان يستهتر بكوريا الشمالية وبمجرد إلقاء صاروخ بالقرب من الساحل الأمريكي رضخت لها وجلست لرفع العقوبات عن كوريا ومازالت المباحثات جارية ولكنها في صالح كوريا الشمالية .
ومن هذا المنطلق نجد أدبيات العلاقات الدولية تحفل بمعاني وتعريفات متعددة لمفهوم التوازن الدولي للقوي وأن هذا التوازن يستخدم في أكثر من شكل و معني ,والتوازن يراد به شيئا معينا , وذلك لكونه يعكس ظاهرة لا تقتصر علي العلاقات الدولية , بل هي موجودة في الطبيعة والعلاقات الإقتصادية والإجتماعية , و تبعا لذلك عبرت عنه مجموعة مفاهيم ونظريات متنوعة ومتعددة, مما يوضح بأن دعاته لم يكونوا يفكرون بعقل واحد.
ويخرج علينا روبرت كانتور بتعريف التوازن الدولي للقوي فيقول : "إنه حالة من التوازن الساكن أو المتحرك بين قوتين أو أكثر متعارضة" , ومن المعروف أن الإتزان يعني حالة الإستقرار المعتادة التي تنشأ عن تعاون قوي متصارعة أو متضادة , ونجد أن هانز مورجانثيو يستخدم مصطلح التكافؤ مرادفا للتوازن , والإستقرار عنده يقول فيه " الإستقرار ضمن إطار نظام يضم عدداً من القوي المستقلة "
ويري الدكتور عدنان السيد حسين أن التوازن يقوم علي مبدأين أساسيين هما : العمل علي زيادة القوي الذاتية للدولة كي تتوازن مع قوة دولة أخري , ليس ذلك فقط بل تعمل علي إضعاف القوي المنافسة للدولة أيضا, ومن هذا المنطلق يفترض وجود عدد كبير من الدول المتفاوتة في قواها , ذلك ما يدفع بعضها إلي إقامة تحالفات أو محاور متكافئة بغية التقليل من محاولات الحرب , وزيادة فرص السلام , وكذلك حماية الدول التي تكون منضوية في المحاور المتقابلة .
ويقول إبرامو أورجانسكي أن التوازن يرتب أثرين هامين في العلاقات الدولية ,يتعلق أولهما بحفظ السلم الدولي , بينما يتعلق ثانيهما بحماية الإستقلال للدول الأعضاء التي إندرجت في إطار محاور وتكتلات , لذا فإن سياسة توازن القوي تعتمد علي مقومين أساسيين وهما :
الأول ـ الدول الأطراف التي يجمعها هدف واحد ألا وهو الإبقاء علي الإستقرار السائد في علاقات القوي وردع العدوان وشبح الحرب , وهي تلك الدول الأطراف التي تتجمع في محاور القوي المضادة .
الثاني ـ وأن التوازن يتحقق عن طريق قدرة نظام توازن القوي علي توليد ضغوط متعادلة ومتعاكسة , وبذلك يمكن تفادي أي إختلال في علاقات القوي في توزيعاتها القائمة في أي موقف دولي .
ويري مارتن جريفيش و تيري أوكالاهان , بأن التوازن يدل بطريقة موضوعية أو وصفية علي توزيع القوي بين الدول بشكل متساو أو غير متساو , وهي تدل علي حالة لا تتفوق فيها دولة علي أخري , هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى الفرضية , فإنه يعبر عن سياسة ترويج تساوي القوي , القائمة علي إفتراض أن عدم توازنها أمر خطير.
لذلك يتعين علي الدول الحذرة وهي الدول التي لا تقف في الطرف المتضرر من ميزان القوي أن يون لديها الدافع في أن تتحالف بعضها مع بعض ضد أي دولة مهيمنة , أو أن تتخذ تدابير أخري من شأنها أن تعزز قدرتها علي وضع حد لأي معتد أو مهيمن من شأنه السيطرة والمساس بسياسة أو سيادة أي دولة .
ومن هذا المنطلق يمكن أن نقول أن الولايات المتحدة الأمريكية , أصبحت شرطي العالم تأمر وتنهي وتنفذ مخططاتها التي رسمها مهندس التقسيم الجديد كما فعلا سايكس ــ بيكو أعقاب الحرب العالمية الأولي في الوطن العربي , وهو المهندس الجديد برنارد لويس , الذي فعل شيئين , أطلق مصطلح الشرق الأوسط علي الوطن العربي وانجر ورائه إعلاميو الوطن العربي , وذلك ليمحو الهوية العربية ولتذويب الوجود الصهيوني بين البلاد العربية , ثم تلاه بخرائط التقسيم , بدأوا بالسودان , وهلم جر .
وقد ظهر هذا بوضوح جلي منذ عام 1990، عندما تم إسدال الستار على المشهد الأخير من العلاقات الدولية المحكومة بالثنائية القطبية، وتفكيك الإتحاد السوفيتي علي يد أمريكا والعرب , ومن هذا التاريخ , أصبحت أمريكا تمسك العصا والجزرة للعالم أجمع وعلي وجه الأخص للوطن العربي و, وبالأخص لدول الخليج , ووضح ذلك وضوح الشمس في كبد السماء , بشنق المرحوم صدام ليكون عبرة لمن بعده , حيث تم الإعلان عن نهاية الحرب الباردة، وولادة المشهد العالمي "الجديد" المحكوم بالرؤى والممارسات الأحادية للنظام الرأسمالي في طوره الأمريكي المعولم. وبولادة هذا المشهد، تكرس إنجاز ميزان القوى العالمي لصالح المشروع الأمريكي في الهيمنة على هذا الكوكب وإخضاعه –بصورة مباشرة أو غير مباشرة- للسياسات والمصالح الأمريكية، حيث تحولت معظم حكومات وأنظمة هذا العالم إلى أدوات خاضعة أو شريكة من الدرجة الثانية للنظام الإمبريالي الأمريكي في هذه المرحلة التي قد تمتد إلى عقدين أو اكثر من هذا القرن الحادي والعشرين، خاصة وانه لا يزال أمام الهيمنة الأمريكية أيام عمر مشرقة –كما يقول سمير امين- .
حيث ان "الكتل" الإقليمية القادرة على تهديدها ليست على جدول الأعمال، ذلك ان العولمة الليبرالية السائدة حالياً ليست "عولمة اقتصادية" بحتة مستقلة عن إشكالية الهيمنة أو منطق التوحش الإمبريالي التوسعي وأدواته الذي تمارسه المؤسسات والأجهزة الأمريكية الحاكمة التي تعلم ان الخطاب السائد الذي يزعم أن الأسواق تضبط من تلقاء نفسها، وأن سيادتها المطلقة دون قيود تنتج تلقائياً الديمقراطية والسلام، إنما هو –كما يقول سمير امين بحق- خطاب أيديولوجي مبتذل لا أساس علمياً له. وبالتالي فان ما يجب ان يستنتج من هذا الاعتراف إنما هو ان الولايات المتحدة سوف توظف قوتها العسكرية الاستثنائية من اجل إخضاع الجميع لمقتضيات ديمومة مشروعها للسيادة العالمية، بمعنى آخر لن تكون هناك "عولمة" دون إمبراطورية عسكرية أمريكية، تقوم على المبادئ الرئيسية التالية : ـ
 إحلال الناتو محل الأمم المتحدة من اجل إدارة السياسة العالمية.
 تكريس التناقضات داخل أوروبا من اجل إخضاعها لمشروع واشنطن.
 تكريس المنهج العسكري او عولمة السلاح كأداة رئيسية للسيطرة.
 توظيف قضايا "الديمقراطية" و"حقوق الشعوب"لصالح الخطة الأمريكية عبر الخطاب الموجه للرأي العام من ناحية وبما يساهم في تخفيض بشاعة الممارسات الأمريكية من ناحية ثانية.
إن تعبير "توازن القوى" يستعمل أحيانا بطرق متناقضة، الإستعمال الأكثر إثارة لهذا التعبير يكمن عند استخدامه كمتنبئ لما ستكون عليه تصرفات الدول، بمعنى هل سيتبعون سياسات تمنع أي دولة أخرى من تطوير قوتها التي من الممكن أن تهدد استقلالهم؟.
ومن المؤكد أن تفوق الولايات المتحدة الجائر علي الدول الأخرى سيحفز على تشكيل تحالف مضاد وموازي لقوتها وسيحد في نهاية الأمر من قوتها, ويشهد التاريخ بذلك , تحالف الصين مع روسيا في الآونة الأخيرة ضد تعنت أمريكا في إصدار القرارات ضد الدول المسالمة من أجل مصالحها كما فعلت في افغانستان والعراق وسوريا واليمن وتواطؤها مع إسرائيل ضد الفلسطينيين .
وكما يقول عالم السياسة (الواقعي) كينيث والتز: "سيتفاعل كل من الأعداء معا ويصبحون أصدقاء كأنهم دولة واحدة طال عليها دائما أن تكون تحت التهديد، أو أ ن أحدهم كان يسيطر على الآخر, سيعملون على إعادة التوازن في ميزان القوى، فالوضع الحالي في السياسة الدولية غير طبيعي وهذا مخالف لنواميس النظريات ولكن يستعملون قانون أخر لكل فعل رد فعل , يحدث التوازن. .
ومن وجهة نظري، أعتقد أن هكذا توقع آلي وميكانيكي يخطأ الهدف، وذلك لسبب واحد وهو أ ن الدول تتفاعل في بعض الأحيان إثر صعود قوة أحادية فتنضم إلى القوى بدل من الإنضمام إلى الجهة الأضعف , وهذا ما فعله موسوليني بالضبط عندما تحالف مع هتلر بعد سنوات من التردد, أضف إلى ذلك , إحساسه بمدى اقتراب الخطر والتصورات المتعلقة به يؤثر على طريقة تفاعل الدول.
ولقد استفادت الولايات المتحدة من بعدها الجغرافي عن أوروبا وآسيا، لذلك بدت وكأنها أقل خطرا على تلك المناطق من البلدان المجاورة لها , وبالفعل في عام 1945 ، كانت الولايات المتحدة إلى حد بعيد أقوى أمة على الأرض، وبحسب التطبيق العملي لنظرية توازن القوى، كان يجب أن يتم تكوين تحالف ضدها, لكن بدل من ذلك، فقد تحالفت أوروبا واليابان مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا لضعف الإتحاد السوفيتي بشكل عام في ذلك الوقت ، بينما يشكل تهديدا عسكريا أعظم بسبب قربه الجغرافي وطموحاته الثورية الطويلة الأمد.
واليوم، لا يحبذ كل من العراق وإيران وجود الولايات المتوحدة في المنطقة لذلك من المتوقع أن يعملوا سويا لموازنة القوة الأمريكية في الخليج العربي، ولكنهم يخشون أيضا أكثر من بعضهم البعض, وما جمعهم إحساسهم بالخطر مثلما حدث للعراق في 2004 والحصار علي ايران من قبل أمريكا ألان , أما من جهة القومية أيضا من المتوقع للكوريتين أن تعقد التوقعات, على سبيل المثال، إذا أعيد توحيد كل من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، سيكون عندهما دافع كبير للحفاظ على تحالف قوي مع قوة بعيدة مثل أمريكا وذلك من أجل الحفاظ على توازن أكبر مع جاريها العملاقين الصين واليابان.
لكن بعض الدول القومية المتشددة يمكن أن تؤدي إلى معارضة الوجود الأمريكي ومن الممكن لها أن تغير هذا الوفاق أو الإتحاد ، خاصة إذا كانت الدبلوماسية الأمريكية قاسية , و الفاعلون غير الحكوميون أيضا يمكنهم أن يؤثروا كما لاحظنا ذلك في التحالف ضد الجماعات الإرهابية في بعض الدول مثل سوريا واليمن ومصر وليبيا والذي أدوى إلى تغيير تصرفات بعض الدول بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 وهزيمة أمريكا وتوحشها .
ومن المحتمل اليوم أن يدوم السلام الأمريكي ليس فقط لأنه لا يوجد أحد يضاهي أمريكا في قوتها وإنما لا ن أمريكا "هي الوحيدة القادرة استثنائيا على التداخل في المناطق الإستراتيجية والساخنة لتأكيد الشركاء وتسهيل التعاون" 48 وإن الطريق المفتوح والمتعدد الذي تتصنع فيه السياسة الخارجية الأمريكية بإمكانه غالبا أن يخفف من المفاجآت ويسمح للآخرين بأن يكون لديهم صوت مسموع ومساهمة في القوة الناعمة.
أضف إلى ذلك، أن التفوق الأمريكي يلين الأن ويصبح ناعما عندما يغلف بشبكة من المؤسسات المتعددة الأطراف والتي تسمح للآخرين بالمشاركة في القرارات وتعمل كنوع من الدستور العالمي الذي يحدو من تقلب القوة الأمريكية. وذلك نتيجة ما لقته في محاربة الإرهاب بعد 11 سبتمبر , ولذلك ستحدد الدول الأخرى العمل علي موازنة القوة الأمريكية , وبناء عليه ستتصرف أمريكا بناءا علي قوة وتوجهات المنافسين لها, وهيهات هيهات أن يتحقق توازن القوي ويسود السلام العالمي في أرجاء المعمورة , إلا بحدث خارج عن إدراك أمريكا يضج مضجعها , في وجود منافسين يردعونها وتعمل لهم حساب. يتبع .



#عوض_حبيب (هاشتاغ)       Awad_Salim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة المجتمع الدولي السا ئدة اثناء الحرب الباردة 1945 1991م.


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عوض حبيب - مفاهيم توازن القوة في العلاقات الدولية