أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس نهرا - الانتفاضة وترابط المواجهة الوطنية والاجتماعية














المزيد.....

الانتفاضة وترابط المواجهة الوطنية والاجتماعية


موريس نهرا

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 14 - 09:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ليس بوسع أيّ عاقل الوقوف ضدّ الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة، التي شكّلت ردّاً طبيعياً على أزمات وفساد وانهيار غير مسبوق أيضاً. حتى أنّ كل أطراف الطبقة السلطوية وزعمائها، في السلطة والمعارضة، لم يستطيعوا إلّا اعتبار الحقوق والمطالب التي ترفعها الانتفاضة محقّة، وأنّهم مع مشروعيتها ولو كلامياً. وعديدون منهم، حتى في مواقع سلطوية عليا، يصرّحون بأنّ للانتفاضة أهمية أخرى، تعزز موقع دعاة الإصلاح داخل السلطة، وتتيح لهم التغلب على عقبات ومواقف داخلها، كانت تعرقل الإصلاح المنشود.

وينسب بعض أهل السلطة، مسؤولية الوضع الكارثي في بلدنا، إلى وجود مؤامرة خارجية، ترمي إلى زعزعة الوضع اللبناني الهشّ بالأساس، لإضعافه، وجعل لبنان يرضخ للمخطط الأميركي الصهيوني، خصوصاً الآن، في موضوع "صفقة القرن" المُدانة والمرفوضة، ومعها توطين اللاجئين الفلسطينيين، والضغط على لبنان في ترسيم الحدود، وفي شأن الثروة البترولية في مياهنا البحرية، التي تطمع بها "اسرائيل". كما أنّ من الأغراض الأساسية لهذا المخطط، إثارة الصراعات والنزاعات المحلية لتفتيت البلدان العربية خصوصاً المحيطة بـ"إسرائيل" ومنها لبنان، وتحويلها إلى دويلات دينية وطائفية وأثنية، لتصبح الدولة الدينية اليهودية الأقوى في محيطها، وعلى حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.

ومع أنّ هذه الأهداف العدائية للمخطط معروفة، إلّا أنّ التذرّع بها لتبرير تدهور الأوضاع وتفاقم الأزمات، التي يُناط أمر معالجتها بالسلطة اللبنانية، هو هروب من المسؤولية وتغطية لمنظومة الفساد ونهبها للدولة. فهل هذا الفساد والصفقات في الكهرباء والاتصالات ومعالجة النفايات والتلوث البيئي الخطير، وانعدام الضمانات الصحية والاجتماعية لقسم كبير من اللبنانيين والهدر الفاضح في المرفأ، إلخ... هو من صنع الامبريالية؟ المسألة الأساسية هنا تكمن في كيفية التصدي لهذا المخطط العدائي من جهة، ولإهمال وفشل الطبقة السلطوية في العمل لمنع الانهيار داخلياً، من جهة أخرى.

فالمواجهة تمرُّ بالضرورة، برفض استمرار سياسات الطبقة السلطوية التي جعلت الوضع الاقتصادي والمالي في موقع التبعية لمراكز الرأسمالية المعولمة التي توجّهها أميركا، وبإحداث تغيير جدي لإزالة نظامها التحاصصي الطائفي الفاسد، لتجفيف منابع التناقض والانقسامات، واقامة دولة وطنية على قاعدة الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية.

وهذه الانتفاضة يجب أن تلبّي المطالب والحقوق الشعبية، بديلاً لدولة طائفية تنخرها التناقضات ويعشعش الفساد في كلّ مفاصلها. ولقد بات ولوج طريق التغيير، ضرورة إنقاذية للخروج الفعلي من الأزمات والانهيار من جهة، ولتعزيز مناعة لبنان وطنياً في وجه كل انواع الضغوط والتحديات الخارجية، من جهة أخرى. ورغم الحاجة الملحّة لاعتماد هذا المنحى الإصلاحي والتغييري، نجد الأطراف السلطوية تستمر في النمط نفسه، سواءً في إدارة الدولة أم في تشكيل الحكومة الجديدة والجنوح نحو خصخصة مؤسسات الدولة المربحة. وما زال انشغالهم الأساسي في التحايل والتزاحم والصراع على الحصص والحقائب الدسمة، والتعاطي مع الدولة ومواردها كأنّها مجرد محميات وموارد مفتوحة لفسادهم، ومواقع مملوكة لهم. فقد كانوا مطمئنين لغياب المحاسبة برلمانياً وقضائياً، واعتبار أنّ الشعب مغيّب وغارق في انقساماته الطائفية. في حين أنّ الشعب إذا صمت حيال هذه الحالة المأساوية يكون شعباً ميتاً.

واندفاع مئات الآلاف إلى الشارع بانتفاضة خارقة للحواجز الطائفية والمناطقية، أظهر عكس ذلك، وجسّد الرد الوجع المشترك لجميع كادحي شعبنا وطبقته الوسطى، ذات الحجم الأكبر في مجتمعنا اللبناني، وطبيعي أن يحوي مثل هذا التحرك الكبير، تنوعاً حتى بالمشارب السياسية للبعض. لكنّ ذلك لم يحل دون التبني للمطالب الشعبية الأساسية المشتركة للانتفاضة، وتنامي وعي أهمية التحرك الجماهيري المشترك، وتعزيز شعور الناس بدورهم وبقدرتهم على المواجهة والمطالبة الفاعلة بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، واستعادة المال المنهوب ووقف الانهيار، وإجراء انتخابات مبكرة على قاعدة قانون انتخاب جديد نسبي وغير طائفي وفي دائرة وطنية.

أمّا من يرى تعارضاً بين الانتفاضة والمقاومة فإنّه يتغاضى عن رؤية فداحة الانهيار الاقتصادي والمالي على الوضع الاجتماعي للشعب بشبابه وكل أطيافه، ومن ضمنه على شعبية المقاومة. فوضع المقاومة في مواجهة الانتفاضة أو العكس ايضاً، هو تجاهل للترابط والتكامل الموضوعي والواقعي القائم بينهما، فالمقاومة من أجل كرامة الوطن وحريته، لا تنفصل عن مقاومة الظلم الاجتماعي والفقر المذلّ الذي يلحق بكرامة المواطن وحريته، فهما وجهان لعملية واحدة. وإنّ فكرة الصمت عن معاناة الشعب وفقرائه من جراء السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتبعة والمال المنهوب، بداعي حماية ظهر المقاومة، أثبتت التجربة، في أول حرب تموز 2006 بطلانها. فلا تُحمى المقاومة بمن ينتظر أول فرصة للطعن في الظهر. والأساسي والثابت هو كسب تأييد الشعب وتبني قضاياه وحقوقه. وكون المخطط الامبريالي يستخدم أشكالاً وأساليب متنوعة، من الضغط السياسي إلى الامني والعسكري، وإلى الاقتصادي والمالي.. إلخ. فإن مواجهته تستدعي سدّ كل المنافذ التي ينفذ منها، بما في ذلك انقسامات ومعايير نظام التحاصص الطائفي. وهذا ما يقتضي مقاومة تشمل جميع المجالات، ويتكامل فيها الوجهان الوطني والاقتصادي والاجتماعي. فالتحرير لا يستوي مع التجويع والتبعية والاهتراء الداخلي.



#موريس_نهرا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمع السلطوي ليس علاجاً للفقر والانهيار
- كلمة في ذكرى اسبوع الرفيق ابو اكرم في بلدة كفركلا
- حزب التحرير والتغيير والاشتراكية: متجدّد بشبابه وراسخ بشعبه
- في ذكرى تشافيز: فينزويلا والهجمة الأميركية
- فيديل... القائد التاريخي والرمز الثوري العالمي.. يُنصفه التا ...
- -انتخابات فنزويلا- مجابهة بين النهج التحرري وقوى التبعية وال ...
- ندوة الدولة من منظور علماني ومعوقات قيام الدولة العلمانية
- الأزمة المستمرة والبرنامج المطلوب
- السياسة الاميركية وفلسفة اللصوص
- حوار انتظاري متعثّر وأزمات متداخلة مفتوحة
- مغزى الإنتصارات في أميركا اللاتينية ودلالاتها


المزيد.....




- -كابوس لوجستي-..أمريكي يزور جميع بلدان العالم للتأقلم مع الو ...
- 7 نجمات ارتدين الفستان الأسود الضيّق بقصّات مختلفة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية 4 مسؤولي استخبارات بإيران بينهم ...
- ولا تزال السماء تمطر غارات وصواريخ في معركة كسر العظم بين إي ...
- دمار واسع وارتفاع في حصيلة القتلى.. استمرار التصعيد العسكري ...
- ألمانيا تستضيف محادثات دولية حول المناخ قبل قمة البرازيل
- الوحدة الشعبية: الرفيق الدكتور عصام الخواجا حر كما عهدناه
- إيران: على أمريكا أن تعلن موقفا واضحا من العدوان الإسرائيلي ...
- وأطلق الكوريون الشماليون النار على الطائرات الأمريكية!
- انفجار بمصنع ألعاب نارية في هونان جنوب وسط الصين (فيديو + صو ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس نهرا - الانتفاضة وترابط المواجهة الوطنية والاجتماعية