أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - كيف لا نحب العراق ؟















المزيد.....

كيف لا نحب العراق ؟


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6482 - 2020 / 2 / 4 - 09:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف لأحد أن لا يحب العراق , مهد الحضارات ومهبط الرسالات والديانات , العراق الذي علم البشرية الكتابة وإختراع العجلة التي تعد أعظم إختراع عرفته البشرية حتى يومنا هذا . إمتاز العراق منذ الأزل بخصوبة تربته ووفرة مياهه وإنسيابها , وتنوع تضاريس أرضه بين السهول والجبال , وبين البوادي والبحار , وتنوع مناخه بين شتاء قارس ممطر وصيف قائض جاف وريبع معتدل , والتي جميعها جعلت من العراق بيئة طبيعية لنشوء أولى المستوطنات البشرية في العالم التي أنشأت القرى والمدن , لتتطور فيما بعد لتأسيس أول الإمبراطوريات التي إمتدت سيطرتها لمناطق واسعة خارج العراق , كما تؤكد ذلك الدراسات التاريخية المختلفة ,وما خلفته من شواخص ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.
كان العراق قلب العالم القديم النابض بالحياة ومصدر الإشعاع الفكري والثقافي لزمن طويل , وهو اليوم يشغل موقعا جغرافيا ستراتيجيا يمثل عقدة المواصلات الدولية , ويمتلك ثروات طبيعية هائلة وقدرات بشرية متميزة , يمكن أن تجعل منه بلدا متقدما بكل المقاييس لو توفرت له القيادة الوطنية المخلصة التي تضع مصلحة العراق أولا , وعدم إقحامه في صراعات عبثية لا مصلحة للعراقيين فيها لا من قريب ولا من بعيد.
إمتاز العراق عما سواه من دول المنطقة ومن معظم دول العالم , بتعدد حضاراته وتنوعها وثرائها الثقافي وعطائها الإنساني , بخلاف ما شهدته الدول الأخرى التي تبزغ فيها الحضارة, وتتعاظم قوتها وتزدهرثقافتها لمدة من الزمن , ينتابها الضعف والتفكك والإنهيار فيما بعد لتصبح أثرا بعد عين لا تقوم لها قائمة. والأمثلة على ذلك كثيرة , لعل أبرزها صعود الإمبراطورية الرومانية التي حكمت معظم أجزاء العالم القديم وسقوطها دون أن تقوم لها قائمة فيما بعد, وكذا حال الحضارة اليونانية التي مثلت منهل العلم والفلسفة والمعرفة في العالم القديم لمدة من الزمن , لتخفت بعد ذلك حيث لم تعد بلاد الإغريق المعروفة باليونان حاليا مصدر العلم والمعرفة عالميا , وكذا حال الحضارة الفرعونية المصرية وحضارات الشرق القديم الصينية والهندية والفارسية , وسواها الكثير من حضارات العالم , بخلاف ما عليه الحال في العراق الذي قامت على أرضه حضارات متعددة لأقوام مختلفة في حقب وأزمان مختلفة ,فما أن يخفت بريق حضارة عراقية في جزء من العراق , إلاّ ويسطع بريق حضارة أخرى أكثر وهجا وإشراقا في جزء آخر منه,ذلك أن حضارة العراق لم تقتصر على حضارة واحدة في فترة معينة , الأمر الذي نتجت عنه ثقافة عراقية متعددة الجذور والإنتماءات بروح إنسانية متجددة. نستعرض هنا بإيجاز أهم تلك الحضارات :
كانت الحضارة السومرية التي نشأت في جنوبي العراق قبل نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وإستمرت لأكثر من ستة قرون , اولى الحضارات التي عرفتها البشرية, وإليها يعود الفضل بإكتشاف الكتابة حيث ابتدع السومريون الرقم الطينية لتسجيل الحروف المسمارية والتي بعد حفرها تصبح وثائق دائمة, كما ابتدعوا نظام الأعداد الذي يستعمل (12 ) رقما في بعض الحالات او (60 ) رقماً في حالات اخر, فضلا عن إنجازات معمارية متميزة ما زالت شواخصها الأثرية قائمة حتى يومنا هذا في مدينة اور ومدينة الوركاء . كما إخترع السومريون طريقة سبك المعادن والذهب التي أسهمت كثيرا بزيادة الإنتاج الصناعي من المعادن في العالم القديم.تلتها الحضارة الأكدية بحدود العام 2350 قبل الميلاد , بتأسيس الأمبراطورية الأكدية وعاصمته أكد, التي تعد أول إمبراطورية حقيقية عرفتها البشرية , تميزت بنظام حكم منظم وتقدم كبير في العمارة والنحت والفنون والإدارة وتطوير أساليب الحرب.
وفي العام 1894 قبل الميلاد تأسست الدولة البابلية في وسط العراق التي إشتهرت بتشريع القوانين والتي أبرزها قوانين حمورابي المدونة في مسلته المعروفة بمسلة حمورابي , وبتقدم العلوم حيث توصل المهندسون البابليون الى العمليات الحسابية والجبرية الاساسية، وبذلك تمكنوا من حساب المساحات السطحية والحجوم المختلفة. ومازلنا حتى الان نستعمل القياسات البابلية لحساب الزمن والزوايا.كما استطاع البابليون تشييد المباني والجسور وشق الطرق وتعبيدها وذلك قبل اكثر من ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد. وتعد حدائق بابل المعلقة التي بنيت في عهد الملك البابلي نبوخذ نصر قرابة عام 570 قبل الميلاد ضمن اعمال عظيمة اخرى بنيت في اعقاب الحملة العسكرية الناجحة ضد اليهود والفينيقين والمصريين، احد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم.كان البابليون متقدمون جداً في علوم الفلك اذ امضوا قروناً طويلة برصدهم الفلكي للكواكب والنجوم.
وفي العام 934 قبل الميلاد نشأت الإمبراطورية الآشورية في شمالي العراق التي إتخذت من نينوى عاصمة لها . اشتهر الأشوريون بمهاراتهم العسكرية وحسن تنظيمهم للجيوش وامتلاكهم اسلحة متطورة في ذلك الزمان,كما انشأ الأشوريون اعظم مكتبة في العالم القديم عرفت بمكتبة اشور بانيبال.
وفي عهد الخلافة الإسلامية , حظي العراق بمكانة خاصة بين الأمصار الإسلامية , فقد إتخذ الخليفة الراشد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من الكوفة عاصمة للخلافة الإسلامية بدلا من المدينة المنورة في شبه الجزيرة العربية . وفي العراق قامت الخلافة العباسية التي كانت عاصمتها الكوفة , لتنتقل فيما بعد إلى مدينة بغداد التي بناها المنصور في وسط العراق . شهد العراق خلال فترة الحكم العباسي نهضة علمية بارزة لاسيما في بغداد زمـن الخلبفة العباسي هارون الرشـيد وابنـه الخليفـة المأمون الذي انشأ بيت الحكمة ليكون ملتقى العلماء ورجال الفكر من جميع إرجاء العالم.كانت بغداد يومذاك عاصمة العلم والفكر والإبداع في العالم أجمع .
يلاحظ أن الحضارات العراقية لم تقتصر على منطقة عراقية واحدة , بل شملت جنوب ووسط العراق وشماله , وإنها كانت نتاج قوميات مختلفة , بذلك إمتازت الثقافة العراقية بالثراء والتعددية , والتي إنعكست بدورها على سمات الشخصية العراقية المتفتحة على كل الثقافات والحضارات دون تعصب , على الرغم من محاولات البعض إسقاط ثقافاتهم التي لا تمت بصلة للموروث الثقافي العراقي بهدف تشويهها وحرفها عن نهجها السوي القائم على التسامح والتعايش بين كل الأديان والثقافات.
والعراق بهذا التاريخ الحافل والعطاء الثر , بلد الأباء والأجداد الذي فيه نشأنا وترعرنا وتعلمنا , كيف يمكن لأي منا أن لا يحب العراق طال الزمن أم قصر , ومهما أبعدتنا عنه المسافات , ليستقر بنا الحال في بلدان الغربة قسرا لا طوعا , بعد أن إفترسته الذئاب وقطعت أوصاله, وسعت بكل الوسائل الخبيثة لفك أواصر المحبة والمودة بين أبنائه ,وتفتيت نسيجه الإجتماعي وهدم قيمه الأخلاقية والقضاء على كل أشكال الحضارة والتمدن فيه ومحاولتها بالعودة بالعراق إلى عصور ما قبل الحضارة . نقول سيبقى العراق عراق الخير والعطاء , دوما في حدقات العيون وحنايا الضلوع , وليس لدينا أدنى شك من العراق سينهض قريبا إن شاء الله من محنته أشد عزما وأكثر قوة وإقتدار بفضل نضال شعبه الدؤوب الذي لن يكل ولا يمل.



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق يتهاوى ... هل من منقذ ؟
- لماذا إنحسر دور اليسار العراقي... في الإنتفاضات الشعبية
- التشكيلات العسكرية في العراق
- أريد وطن
- بعيدا عن الطائفية والعنصرية ... قريبا من الوطن
- العلاقات العراقية الإيرانية ... قراءة موضوعية هادئة
- زيارة بنس نائب الرئيس الأمريكي .... ما وراء الأكمة وما وراءه ...
- ما يجب أن يقال
- حكومات عراق ما بعد 2003
- الإنتفاضة التشرينية ... قراءة موضوعية
- العزف النشاز على وتر الطائفية
- العراق مستودع بارود ... حذار أن ينفجر
- التظاهرات في العراق ... ثمة تساؤلات مشروعة؟
- رحمة بالعراق ... رفقا بدماء العراقيين
- الأمانة العلمية وحقوق الملكية الفكرية
- -الديمقراطية العراقية - ... ديمقراطية ممسوخة
- هل باتت دولة العراق ... دولة الرجل المريض حقا ؟
- تداعيات المنظومة الأخلاقية في العراق ... من يوقفها ؟
- آه ... يا عراق
- التعليم العالي في العراق... كيف نصلحه؟


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - كيف لا نحب العراق ؟