أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شفيق جلال - الصَّابِئَّة الْمَنْدَائِيُون !! ج1















المزيد.....



الصَّابِئَّة الْمَنْدَائِيُون !! ج1


شفيق جلال

الحوار المتمدن-العدد: 6469 - 2020 / 1 / 19 - 18:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


دِيَانَة الصَّابِئَّة الْمَنْدَائِيُون !!
الدّيَانة الصَّابِئِيَّة هي إِحْدَى الدِّيانَات التُّوحِيديّة الشّرقيّة ، وتُعد هذهِ الدِّيانة المُوحدة اول واقدم الدِياناتِ والشَّرائع السَّماوية وتعتبر واحدة مِن الدِياناتِ الإبرَاهِيميّة الكريمَة ، وتتميز هذه الدِّيانة السَّمَاويّة بِتعَاليمِها الصُّوفيّة التّوحِيديّة الحَنيفيّة السّمحة التي تدعو لِلإيمانِ بِالإلهِ الوَاحد الاحد وأنبيائهِ ورُسلهِ وكتبهِ وملائكتهِ واليّوم الآخر ؛ ويتبعُ الصَّابِئُون شريعة انبياء الله آدم ، وشيت بن آدم ، وانوش بن شيت ، ونوح ، وسام بن نوح ، وادريس ، وإبراهيم ، وزكريا ، ويحيى بن زكريا عليهم ازكى السَّلام ، ويجمع كِتَاب الصَّابئة المُقدَّس مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا ( گِنْزَا رَبَّا : جِنْزَا رَبَّا ، أي: الْكَنْزُ العَظِيم ) الصُّحُف التي انزلها الله سُبحانه على انبيَائِهم الصَّابِئَة.

انتشر الصَّابِئُون تَأرِيخياً في شتى مناطِق ومُدن وقرى الشَّرق القِديم ، وبِصورةٍ كَبيرة كانَ انتشارُهم على ضفافِ أنهار الهلال الخَصِيب في العِراقِ والشَّامِ والأردنِ وفِلسْطِين ، ووصل انتشارهم حتى وصل مِن الشّمال الى المَناطقِ الجَنوبيّةِ من هضبةِ الانَاضول ( تركيا ) ، ومن الشَّرقِ حتى مَناطق الاحواز الوَاقعة غرب خراسان ( ايران ) ، ومن الغَربِ عاشوا في مصرِ القَديمة ، بلاد الفَراعنة ، ومن الجَنوب حتى مملكة السَّبئيين في اليمنِ ؛ وسَكنوا بِتجمعاتٍ كبيرة على طولِ المَناطق المُحاذيّة لِضفافِ دجلة والفُرات والاردن والكَارون ؛ ومن اشهرِ المُدن والمَناطق التي سكنوا فيها وعمروها وساهموا في بناءها ومارسوا فيها طقوسهم وشعائرهم الدينيّة هي مملكة ميسان ( مَلوكثا إدْ مِيشَان : مَمْلَكَة مِيسَان ) التي تقع في جنوبِ العِراق والمَناطق المُحيطة بها التي يُطلق عليها بِمناطقِ البَطائح او الأهوار ، ولا تزال تجمعاتهم هناك حتى يومنا هذا ؛ وعاش الصَّابِئُون في مختلفِ مدن وقرى العِراق القَديم مُنذ بدء أولى الحَضارات على ارضهِ ، حيث عاشوا في مدينةِ اوروك وسومر واور واكد وبابل والحَضر واشور ... وبغداد والبصرة والكوفة وغيرها ، وعاشوا في مُختلفِ مُدن فلسطين كالقدس ( أَورَاشَلِيم ) ، وسكنوا وبنوا مدينة حران الشَّهيرة ، مدينة العِلم والفَلسفة ، حيث نزح اليها جزء منهم من مدينة أور العِراقيّة مع نبي الله إبراهيم عليه السلام بعد تعرضهم لِلإضطهادِ والاذى من قبلِ النَّمرود حاكم بلاد ما بين النَّهرين حينها ؛ وهكذا عاشوا في بقية مدن ومَناطق الشّرق القَديم والحَديث.

ولِلصابِئين دور كبير وبارز في عصورِ النّهضة العلميّة والمَعِرفيّة التي انطلقت من الشّرق ومن بلادِ الرَّافدين ، ابرزها كان في العَصرِ العَربي العَباسي بِالأخصِ في مَجالات التَّرجمة والطّب والفَلك والفَلسفة والرِّياضيات ، واستمرت ادوارهم العِلمية والمَعرفية والفَنية في ازدهارِ الحَضارات وبنائها حتى يومنا هذا ، بِحيث سُميت الدِّيَانة الصَّابِئِيَّة في عام 2001 بِطائفةِ العِراق الذَّهبيّة من قبل رِئاسة الجُمهوريّة العِراقيّة ، وذلك لِدورِهم العِلمي والمَعرفي والفَني الفَاعل في بناءِ الدّولة العِراقيّة الحَديثة ، اضافةً الى حُبِهم المُتأصل والكبير لِلعراقِ وشعبه وعَيشِهم الاخوي بِسلامٍ ومَحبةٍ ووئام مع جميعِ أطيافه العراقية والشَّرقية جميعاً ، سواءاً الدِّينيّة منها او القوميّة ، مُنذ فجر الحَضارات إلى يومنا هذا ؛ وتُعد اليُوم ديانة الصَّابِئَة الْمَنْدَائِيِّين احدى اطياف المُجتمع العِراقي والايرَاني ، وواحِدة من اقدمِ اديان الشّرق والعَالم ، وتُقدرُ اعدادُهم هذا اليُوم بقرابةِ السّبعين ألف شخص.


الصَّابِئُون الْمَنْدَائِيُون إِيمَانهم وَعَقِيدَتهم:ـ
يُؤمن الصَّابِئُونَ الْمَنْدَائِيُّونَ ( صَابِيَّا : صَابِئَة ، مَنْدَايَا : مَنْدَائِيُّونَ ) بِالْإِلهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ ، الْحَيِّ الْعَظِيم ، الْأَزَلِيِّ الْقَيُّومِ ، اللهِ سبحانه ، الذي لا ابٌ له ولا ولد ولا يُشاركهُ ملكه أحد ، حيث جاء في اولى آيات ( ابْوَاثِي ) صَحِيفة التّوحِيد التي انزلها الله جل وعلا على سيدنا آدم عليه السّلام:ـ ﴿ هُوَ الْحَيُّ الْعَظِيم ، الْبَصِيرُ الْقَدِيرُ الْعَلِيم ، الْعَزِيزُ الْحَكِيمْ ، هُوَ الْأزَليُّ الْقَدِيمْ ،..، الْحَنَّانُ التَّوابُ الرَّؤُوفُ الرَّحِيْم ، الْحَيُّ الْعَظِيْم ، لَا حَدَّ لِبَهائِهْ ، وَلَا مَدىٰ لِضيَائِهْ ، الْمُنتَشِرةُ قـُوتُهْ ، الْعَظِيمَةُ قـُدرَتُهْ ، هُوَ الْعَظِيْمُ الَّذِي لَا يُرَىٰ وَلَا يُحَدّْ ؛ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي سُلْطَانِهْ ، وَلَا صَاحِبَ لَهُ فِي صَوْلَجَانِهِ ،..، هُوَ الْمَلِكُ مُنْذُ الْأزَلْ ، ثَابتٌ عَرْشُهُ ، عَظِيمٌ مَلَكُوتُهْ ، لَا أبَ لَهُ وَلَا وَلْد ، وَلَا يُشَارِكهُ مِلْكَهُ أحَدْ ، مُبارَكٌ هُوَ فِي كُلِّ زَمَانْ ، ومُسبَّحٌ هُوَ فِي كُلِّ زَمَان ، مَوْجُودٌ مُنْذُ الْقِدَم ، بَاقٍ إِلَىٰ الْأبَدْ ﴾ ، وتُعد هذه الصَّحِيفَة المُبارَكة والمُكرمة التي انزلهَا الله جل جلاله على نبيهِ آدم عليه السّلام ، أولى الصُّحُف التي اُنزلت على نبي الله آدم عليه السّلام ، وهي اولى صَحائِف مُصْحَف الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا ( گِنْزَا رَبَّا : جِنْزَا رَبَّا : الْكَنْز الْعَظِيم ) ، وآياتها الكَريمة هي فاتحة لِكِتَابِ الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس وفاتحة لِجميعِ الكتب والرّسالات السّماويّة.

ويؤمن الصَّابِئَة بِوجودِ المَلائكةِ ، ويعتقدون بأن المَلائكة خلقها الله عز وجل لِتُنفذ أوامره وتطيعه ، وتمجده وتسبح بحمدهِ ، وتسجد إليه وتثني عليه ، حيث جاء في آياتِ صُحُف كِتَابهم الْمُقَدَّس:ـ ﴿ أَمَامَهُ الْمَلاَئِكَة مَاثِلُونْ ، بِأضْوَيْتَهُمْ يَتألَّقُونْ ، سَاجِدِينَ خَاشِعِينْ ، شَاكِرِينَ مُسَبِّحِينْ ،..، قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ كُونِي فَكَانَتْ ، بِقَوْلِهِ مَلاَئِكَةُ النُّورِ كَانَتْ ، وَمِنْ ضِيَائِهِ النَّقيَّ انْبَثَقَ مَلاَئِكَةُ التَّسْبِيح ،..، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبَّحُ لِمَلِكِ النُّور ،..، جَمِيعُهُمْ خَاشِعُونْ ، للهِ يُسَبِّحُونْ ، اللهُ مَلِكُ النُّورِ السَّامِي ، مَلِكُ الْمَلاَئِكَةِ وَالْأُثِريِّينَ ، مُسبَّحٌ اِسْمُهُ إِلَىٰ أَبَدِ الْآبِدِينَ ﴾.

ويَعتقدُ الصَّابِئُونَ أن الله عز شأنه يبعثُ الرُّسلَ والنّبيّين ، ويصطفيهم بِالحقِ والهدى لِيكونوا رحمة لِلناسِ كافة ، وقدوة حسنة وإسوة صالحة ؛ ويدعون النَّاس لِلإيمانِ به وحده لا شريك له ، وعبادتهِ إلهاً واحداً مُفرداً مُتفرداً لا سِواه ، ويُبلغون النَّاس رسالاته السّماويّة ويُرشدونهم إلى الهدى ، ويُحدثونهم عن عظمتهِ وسعةِ علمهِ وقدرتهِ المطلقة ، ويُعلمونهم شرعة الدّين وتعاليمه وأحكامه ، ويَدعونهم لِلعملِ الصّالح والتّوبة وطاعة الله سبحانه ، ويَشرحون لهم المنهاج الصَّحيح في عبادةِ الله وطاعتهِ وتقواهِ ، ويُبينون لهم الحَلال والحَرام وكل ما يحتاجونه في حياتِهم الايمانيّة والعَقائديّة ، ويَجيبونهم على تساؤلاتِهم واستفساراتهم ، ويشرحون لهم آياته وتعاليمه ووصاياه ، ويُحذرونهم مِن الشّركِ به اوعبادة ما دونه من أربابٍ باطلة او معصيته أو صرف العِبادة لغيرهِ تعالى ، ويُنبهونهم مِن غِوايةِ الشّيطانِ وضلالهِ المبين ، ويَنذرونهم بِالعذابِ والعِقابِ واليوم الآخرِ ، ويُنبهونهم لأخطائِهم العَقيديّة والسَّلوكيّة ، ويَعِظونهم القيم والمَبادئ الحَسنة التي يستحب ويستحسن او يتوجب عليهم القيام بها ، ويقصون عليهم القَصص ودروس الحِكمة والسّداد ، ويضربون لهم الامثال والعبر وعِظات الهِدايَة ، ويحثوهم التّحلي بِمكارمِ الاخلاق والتّخلي عن مساوئِها ، وينهونهم عن الباطلِ والمُنكرِ والسَّوء وعن كلِ فعل لا يرضي الله جل وعلا ، ويَدلّونهم على الطّريقِ الحَق إلى اللهِ سبحانه ، ويُبصرونهم بِمعالمِ الهِدايَة ، ويرشدونهم إلى أقومِ الطّرق وأوضح السُّبل للتقربِ إلى اللهِ وطاعتهِ والتّوبةِ إليهِ ، والامتثال لأمرهِ واجتناب نهيه لما يكون فيه خيرهم وسعادتهم وإصلاح امورهم في الدَّارين : الحَياة الدّنيا والآخرة ؛ حيث جاء في كِتَابِ الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس ، مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا:ـ ﴿ اللهُ مَلِكُ النُّورِ السَّامِي ، مَلِكُ الْمَلاَئِكَةِ وَالْأُثِريِّينَ ، مُسبَّحٌ اِسْمُهُ إِلَىٰ أَبَدِ الْآبِدِينَ ، وَالْأثُرِيُّون وَالْمَلاَئِكَةُ وَالرُّسُلُ وَالسِّيمَاءُ وَالْأمْثَالُ وَالْغُيُوم السَّارِيَةَ ، وَالْمِيَاهُ الْجَارِيَة ، وَالْأَشْجَارُ الْعَالِيَة ، وَالضِّيَاءُ الَّذِي هِيَ بِهِ حَالِيَةْ .. كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، مَلِكِ النُّورِ السَّامِي ﴾ ، ومن بينِ انبياء الله ورُسله ، انبياءه ورُسله الذين بعثهم لِنقلِ رِسالته الإلهيّة إلى القَومِ الصَّابِئِينَ لِهدايتِهم نحو عبادته وطاعته وتوحيده إلهاً خالقاً واحداً لا شريك له ، وانبياء الله الذين يتبعهم الصَّابِئَة ويطبقون شريعتهم وتعاليمهم هم:ـ
رَأْسُ الذُّرِّيَّةُ الْحَيَّة ، أوَّلَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلَيْنِ ، سَيِّدُنَا نَبْيُّ الله آدَم ( آدَم جِبْرَا قَدَّمَاييّ ) ، وَالنَّبِيّ شِيت بْنَ آدَم ( شِيِتَل بِرْ آدَم ) ، وَالنَّبِيّ أنُوش بْنَ شِيت ( أنْش بِرْ شِيتَل ) ، وَالنَّبِيّ إِدْرِيس دَنَانُوخْت ( إِدْ رِيش دَنَانُوخْت ) وَالنَّبِيّ نُوح ( نو ) ، وَالنَّبِيّ سَام بْن نُوح ( شُوم بِرْ نُو ) ، وَالنَّبِيّ وَالْمُعَلِّم الْجَلِيل سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيم ( بُهْرَام رَبَّا ، إبْرَاهَام نَبيّهَا ) ، وَالنَّبِيّ الْحَكِيم زَكَرِيَّا أبو الصَّابِئَة ( زَاكَارِيا اَبْا صَابَا ) ، وَالْمُعَلِّم وَالنَّبِيّ وَرَسُول اَلْحَقَّ يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا ( رَبيّ اشْلِيهَا وَنَبِيهَا إِدْ كُوشْطَا يَهيَا يُهَانَا بِرْ زَاكَاريَا ) ، عليهم وعلى انبياءِ الله ورُسله جميعاً اطيب وازكى واصدق السّلام ، ومُصْحَف الصَّابِئِينَ ، كِتَابهم الْمُقَدَّس : جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ( گِنْزَا رَبَّا : الْكَنْز الْعَظِيم ) يجمع الصُّحُف المُكرمات التي انزلها الله واوحى بها إلى انبياءهِ ورسلهِ الذين بعثهم في القُومِ الصَّابِئِينَ ، مِن خلالِ أمين وحيه الرَّسول جبرائيل عليه السَّلام ( گيبْرَائِيل : جِبْرَائِيل ، جِبْرِيل ) ، ولِلملاكِ الرَّسول جبرائيل عليه السَّلام في الشَّريعةِ الصَّابِئِيَّة أسمين آخرين: ( هِيبَل زِيُوا وابْثَاهِيَّل ) ، وانزل الله سبحانه صُحُف هذا الْكِتَاب الْمُبَارَك لِتكون هادياً للصَّابِئِين المُؤمنين يهديهم إليه ، وتبين لهم مراده وأحكامه وأوامره الشَّرعيّة ، ولِتكون لهم تعاليم هذه الصُّحُف الْمُبَارَكات نبراساً لِلعلمِ والمَعرفةِ ومنبعاً لِلحكمةِ والعَدلِ والسَّلامِ ، وتكون دليلاً يهديهم لِسبيلهِ وطاعتهِ وتقربهم إليه في كلِ زمان ، وتنظم سُنَّة حياتهم وامورهم وعلاقتهم مع الله سبحانه ومع بعضِهم البعض ومع سائرِ مخلوقاته في كلِ مكان.

ويؤمن الصَّابِئُونَ بِاللهِ الذي لا إله إلا هو الرّب الْعَلي سبحانه ، الْحَيّ الْوَاحد الْأحد ، الْحَيّ الْعَظيم ، ذي الْوقار والْجَلال والسّيماء الْعَظيم ، الْحَي الْقَيوم الذي لا يُرى ولا يُحد ، ملكِ النُّور السّامي ، الذي لا رب غيره ولا معبود سواه ، الْحَيّ الْأزلي سُبحانه الذي لا شَريك له في ملكهِ ولا شَريك له في سُلطانهِ ولا صَاحب له في صُولجانهِ ولا اب له ولا ولد ؛ سبحانه الله ، الإله الواحد الاوحد الذي لا شبيه له في عظمتهِ ولا كفو له في جلالتهِ ، ولا حد لِقدرتهِ ولا حصر لقوته ولا مقياس لعلمه ، ولا شيء يحول دون إرادته ، ذو الحَول الشَّامل ، والتّدبير الكَامل ، لا مُدبر غيره وكل ما في الوجودِ مَا كانَ إلا بِأمرهِ ، سبحانه الذي لا وجود بدونه، وما من شيء لولاه ؛ خالق الاكوان جميعاً العُليا والوِسطى والسُّفلى ، ورب العَوالم كلها ، الظّاهرة والخَافيّة ، هو البَارئ لكلِ شيء في الوِجودِ ، وكل شيء ما كان إلا بِمشيئتهِ وإرادتهِ ، حيث جاء في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا:ـ ﴿ قَالَ مَلِكُ النُّور السَّامِي قَوْلِهِ ، فَكَانَ كُلَّ شَيْء ﴾ ، وجاء في آياتِ صَحائِف كِتَابهم ان كل شيء ما كان إلا بِأمرِ الله سبحانه وكلمته ( مِيمْرا : كَلِمَتُهُ ) ، وكل شيء ما خلق إلا بِإرادتهِ جل جلاله:ـ ﴿ مُبَارَكٌ وَمُسَبَّحٌ أَنْتَ إِلَىٰ أَبَدِ الْآبِدِينَ ، بِأَمْرِكَ كَانَ كُلُّ شَيْء ، وَبِأَمْرِكَ خُلِقَ كُلُّ شَيْء ، يَا خَالِقَ هيَبل زِيُوا ، جِبْرَائِيلَ الرَّسُول ، وَمُرسِلَهُ إِلَىٰ عَالَمِ الظَّلاَمِ ﴾ ، وجاءَ في كِتَابِ الصَّابِئَة الْمُقَدَّس في صُحُفِ النّبي آدم عليه السّلام ان العالم المادي الذي نعيش فيه ما صنع إلا بمشيئة الله الحي العظيم:ـ ﴿ وَأعلَمْ يَا آدَم ، أنَّ بثَاهِيَّل مَا صَنَعَ هَـٰذَا الْعَالَم ، إِلاَّ بِأَمْرِ الْحَيَّ الْعَظِيم .. وَأنَّ رَبَّهُ بِأَمْرِهِ عَلِيم ﴾ ، وجاء في آياتِ افتتاحيّة مُصْحَف الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس ، في صَحِيفَةِ التّوحيد أن الله سبحانه الذي لا إله غيره ، هو خالق كل شيء وقوته ليس لها مثيل:ـ ﴿ هُوَ الْجَلاَلُ والْأَتقَانْ ، هُوَ الْعَدْلُ وَالْأَمَانْ ، هُوَ الرَّأفَةُ وَالْحَنَانْ ، الْأوَّلُ مُنْذُ الْأزَلْ ، خَالِقُ كُلَّ شَيْء ، ذُو الْقُوَّةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَثِيل ، صَانِعُ كُلَّ شَيْء جَمِيلْ ، رَبُّ أكْوَانِ النُّورِ جَمِيعًا ، أَسْمَىٰ مِنْ الْأُثْرِيَّين جَمِيعًا ، إِلَـٰهَهُمْ جَمِيعًا ﴾.

وجاءَ في آياتِ مُصْحَف الصَّابِئِينَ جِنْزَا رَبَّا الْمُبارَك ( كَنْزَا رَبَّا ) أن المَلاك الرّسول جبرائيل عليه السّلام وبِمعاونةِ المَلائكة هِيبَل وشِيتَل وآنُوش عليهم السّلام قد نفذوا أمر الله الحَيّ العَظِيم فبُسِطت الأرض ورُفِعت السّماء ، ووُضِعت النّجوم في مداراتِها ، ومُنحت الشّمس ضياءاً والقمر بهاءاً ، ثم خلق الله سيدنا آدَم عليه السّلام وزوجته السّيدة حَوَّاء وحلت فيهما بركة سبحانه ، وبدأت حياة بنو البشر فوق سطح الأرض التي امتدت وتمتد حتى نهايَة الحياة بمشيئةِ رب العالمين وقدرته وقدره وقضاءه:ـ ﴿ مُبارَكٌ هُوَ الْحَيُّ الْأَزَليُّ الْعَظِيم ،..، وَمُبَجَّلٌ جِبْرَائِيلُ الرَّسُول ، الَّذِي بِقُوَّتِهِ ، وَبِمَعُونَةِ هِيبَل وَشِيتَل وَآنُوش .. نَفَذَ أَمَرُ الْحَيِّ الْعَظِيم ، فبُسِطَتْ الْأَرْض ، ورُفِعَتْ السَّمَاء ، وَعُلِّقتْ فِيهَا النُّجُوم ، وَحَمَلَتْ الْأَرْضُ أَشْجَارهَا ، وَحَمَلتْ الْأَشْجَارُ ثِمَارهَا ، وَتَبِعَتْ كُلُّ نَجْمَةٍ مَدَارَهَا ، وَمُنِحَتْ الشَّمْسُ ضِيَاءًا ، وَالْقَمَرُ بَهَاءًا ؛ وَخُلِقَ آدَمُ ، وَوُهِبَ حَوَّاءَ زَوْجَاً لَهُ ، فَحَلَّتْ فِيهِمَا بَرَكَةُ الله ، وَامْتَدَّتْ جُذُورُهُمَا فِي هَـٰذَا الْعَالَمِ حَتَّىٰ مُنْتَهَاه ﴾ ، وجاءَ في آياتِ مُصْحَفهم أن الله سُبحانه هو الذي أمر الْمَلاك جِبرائِيل عليه السّلام لِتكوين العَالم وان يهيئ الأرض لِلإنسانِ ويُصلبها ويكثفها:ـ ﴿ إِلَىٰ أَنْ يَشَاءَ الْحَيُّ رَبِّي ،..، إِلَىٰ أَنْ يُنَادَىٰ جِبْرَائِيل الرَّسُول ، وَإِلَىٰ أَنْ يُؤْمَّر بِالْمَجِيءِ إِلَىٰ هُنَا ، يُؤْمَّرُ ويُرْسَلُ لِيُكَونَ الْعَالَم ، سَوْفَ يُكثِّفُ الْأَرْضَ ، وَيَمُدُّ الرَّقِيع ، وَيُهَيءُّ حُدُودًا لِلأَكْوَانِ ﴾ ، وجاء في آياتِ الْجِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك أن الله سبحانه وتعالى أمر المَلاك جبرائيل عليه السّلام لِيهيئ الأرض لِلإنسانِ ويبسطها ويضع النّجوم في افلاكِها ، ويُعلم آدم ما لم يكن يعلم من معرفةِ وحكمة ، وقراءة وكِتَابة ، ويُعلمه عبادة الله سبحانه ، ويعلمه الصّلاة والسّجود للهِ وحده لا سواه خمس مرات في اليومِ ، ويُعلمه فرائض الدّين والوَاجبات والاحكام ، وجاء في آياتِ المُصْحَف الْمُقَدَّس ان الله سبحانه أمرَ ملائكة النَّار لِتسجد لآدمِ فسجدت جميعاً إلا إبليس الذي رفض السّجود لآدمِ عليه السّلام:ـ ﴿ مُبَارَكٌ وَمُسَبَّحٌ أَنْتَ إِلَىٰ أَبَدِ الْآبِدِينَ ، بِأَمْرِكَ كَانَ كُلُّ شَيْء ، وَبِأَمْرِكَ خُلِقَ كُلُّ شَيْء ، يَا خَالِقَ هِيبَل زِيُوا ، جِبْرَائِيلَ الرَّسُول ، وَمُرسِلَهُ إِلَىٰ عَالَمِ الظَّلاَمِ ، قَالَ لِي رَبَّي: إذْهَبْ إِلَىٰ عَالَمِ الظَّلاَم ، الْمَمْلُوءِ كُلِّه بِالشَّرِّ ، كُلِّه مَمْلُوءٌ بِالشَّرِّ ، بِالْغَائِلَةِ ، بِالنَّارِ الْأَكْلَةِ ، عَالَمِ الْفِتْنَةِ الْمُضْطَرِبْ ، عَالَمِ الْغِشّ وَالْكَذِبْ ، الْمَزْرُوعِ بِالشَّوْكِ وَالْعُلَّيْقِ ، إذْهَبْ إِلَيْهِ وَسَيْطرْ عَلَيْهِ ، ابْسُطْ الْأَرْض ، وَارْفَعْ السَّمَاء ، وَعلِّقْ فِيهَا الْكَوَاكِبِ ، هَبْ الشَّمْسَ ضِيَاءً ، وَالْقَمَرَ بَهَاءً ، وَالنُّجُومَ سَنَاءً ، وَالْمَاءَ عُذُوبَةً ، وَالنَّارَ أُنسًا .. وَلِتَبَدّأ بِأَمْرَي الْحَيَاة ، كَوِّنْ بِأَمْرَي الثِّمَارَ ، وَالْأَعْنَابَ وَالْأَشْجَارَ ، يَبْتَهِجْ بِهَا الْعَالَم ، وَلِيَكُنْ رَجُلٌ وَامْرَأَة .. إسْمَاهُمَا آدَمُ وَحَوَّاء ، لْيَسْجُدْ لَهُمَا مَلاَئِكَة النَّار ، وَمَنْ عَصَىٰ فمَصِيرُه النَّار ، وَلِيَكُنْ ثَلاَثَةٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ النُّورِ إنْسًا لِآدَم ، وَبِبثاهِيَّلِ سَيَسْتَنِيرُ الْعَالَم ، قَالَ مَلِكُ النُّور السَّامِي قَوْلِهِ ، فَكَانَ كُلَّ شَيْء ، نَزَلَ بِثَاهِيَّلُ ، فَرَفَعَ السَّمَاء ، وَبَسَطَ الْأَرْض ، وَنَادَىٰ مَلاَئِكَةُ النَّارِ ، وُهِبَت الشَّمْسُ ضِيَاءً ، وَوُهِبَ الْقَمَرُ بَهَاءً ، وَالنُّجُومُ سَنَاءً ، وَرُفعَتْ كُلٌ إِلَىٰ مَدَار ، وَتَكَوَّنَتْ الْعَوَاصِفُ وَالْمَاءُ وَالنَّار ، وَتَكَوَّنَتْ الثِّمَار ، وَالْأَعْنَابُ وَالْأَشْجَار ، وَكُوِّنَ الْحَيَوَانُ الْألِيف ، وَالْوَحْشُ الْكَاسِر، وَمِنْ التُّرَابِ وَالطِّينِ الْأَحْمَرِ ، وَالدَّمِ وَالْمَرَارَةِ .. وَمِنْ سِرِّ الْكَوُن ، جُبِلَ آدَمُ وَحَوَّاء .. وَحَلَّتْ فِيهِمَا النَّفْس الرُّوحِيَّة "نِشمْثا" بِقُدْرَةِ مَلِكِ النُّور ؛ قَالَ الْحَيُّ: لْيَسجِدْ مَلاَئِكَةُ النَّارِ لِآدَمِ ، لَا يُخَالِفُونَ لَهُ قَوْلا ، فَسَجَدُوا إلاَّ الشِّرِّير فَقَدْ أَبَىٰ ، فَأسَرَهُ رَبُّهُ أسْرَا ؛ أَنَا الرَّسُولُ الطَّاهِر ، أمَرَنِي رَبِّي أنْ إذهَبْ وَنَادِ آدَمَ وَحَوَّاءَ زَوْجَهُ بِصَوْتٍ سَنِيّ ؛ عَلِّمْ آدَمَ لِيَسْتَنِيرَ قَلْبُه ، وَقَوِّمْهُ لِيَسْتَنِيرَ عَقْلُهُ وَجَنَانُه ، كُنْ أُنَسْاً لَهُ أَنْتَ وَالْمَلاَكَان ، اللَّذَانِ مَعَكَ إِلَىٰ الْعَالَمِ سَيَهْبِطَانِ ، عَلِّمْهُ وَزَوْجَهُ ، وَذُرِّيَّتِهُ الْحِكْمَة كَيْلاَ يُغْوِيهِمْ الشَّيْطَان ، عَلِّمْهُمُ الصَّلاَة يُقِيمُونَهَا مُسَبِّحِينَ لِمَلِكِ النُّورِ السَّامِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ ، وَمَرَّتَيْن فِي اللَّيْلِ ، قُلْ لَهُمْ اِتَّخِذُوا لِأَنْفُسِكُمْ أزْوَاجًا ، وَتَنَاسَلُوا مِنْكُمْ لِيَزْدَادَ عَدَدُكُمْ ﴾ ، وجاء في مُصْحَفِ الصَّابِئِينَ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ان ابْثاهِيل عليه السَّلام قد نفذ ما امره به الله سُبحانه ، واعد الأرض والبِحار والجِبال والسّهول والوديان ، وشق الأنهار والجَداول ، وصَنعَ المَخلوقات الحَيَّة كما شاء الله ، وصَنع جسد النَّبي آدم عليه السّلام كما أمره الله جل جلاله ، وكان جسد سيدنا آدم على هيئتهِ ومن ثم صَنع جسد زوجته السيدة حواء على هيئةِ سيدنا آدم:ـ ﴿ نَادَىٰ بِثَاهِيَّل عَالَمًا ، وَأَعَدَّ فِيهِ أَجْيَالًا ، وَمَدَّ بِحَارًا ، وَرَفَعَ جِبَالًا ، وَثَبَّتَ فِيهِ مَلاَئِكةً وَشَيَاطِين ، وَبَيْتًا لِآدَمِ مِنْ طِينٍ ، وَصَنَعَ جَدَاوِلَ وَأَنْهَارًا ، وَأَعْنَابًا وَأشْجَارا ، وَسَمَكًا وَأطْيَارا ، وَصَنَعَ الْوَحْشَ الْكَاسِر ، وَالْحَيَوَانَ الْأَلِيف ، وَصَنَعَ الثَّمَرَ اللَّطِيف .. بِهِ آدَم وَحَوَّاءُ يَأنَسَان ، وَمِنهِ يَأْكُلاَن ، وَبِالرَّاحَةِ وَالْهُدُوءِ يَنْعَمَان ، بَعْدَ أَنْ صَنَعَ الْعَالَم ، تَلَّقَىٰ أمْرَ الْحَيّ ، فَصَنَعَ آدَم ، صَوَّرَ بِثَاهِيَّلُ آدَمَ اِبْنَهُ عَلَىٰ هَيْئَتُهِ ، وَعَلَىٰ هَيْئَةِ آدَمَ هَيْئَةَ حَوَّاءَ زَوْجَتِهِ ﴾ ، وجاء في آياتِ مُصْحَفهم الْكَنْز الْعَظِيم الْمُقَدَّس ( گِنْزَا رَبَّا : جِنْزَا رَبَّا ) ان تكوين العالم المادي كان بسبعةِ مراحل بدأت بتهيئةِ الأرض ثم الماء ثم النَّبات ثم الكائنات الحَيَّة البحريّة والبريّة:ـ ﴿ مِنْ ضِيَاءِ أَبِي الزَّاخرِ أتَيْتُ ، أَنَا بِثَاهِيَّلُ ، حِينَ نَادَانِي أَبِي ، مِنْ عَيْنِ الضِّيَاء نَادَانِي ، أَرْدِيَةَ الضِّيَاء أَلْبَسَنِي ، وَأَكْسِيَةُ النُّور كَسَانِي ، وَوَهَبَنِي تَاجًا عَظِيمًا تُنِيرُ بِهِ الْأَكْوَان ، قَالَ لِي قُمْ يَا بُنَيَّ لِتَبْدَأَ رِحْلَتَكَ الْخَطِرَة ، إِذْهَبْ إِلَىٰ الْمَعْمُورَةِ ، وَكَثِّفْهَا فِي الْمِيَاهِ الْعَكِرَة ، إرْفَعْ فَوْقَهَا السَّمَاء ، وَفَجِّرْ فِيهَا يَنَابِيعَ الْمَاء ، لِتكُنْ يَرْدِنِي وَسَوَاقِي ، وَعُيُوناً رَوْاقِي ، وَهَيءّْ آدَم كَمَا الْحَيُّ الْعَظِيمُ أمَرْ ، فَمِنْ آدَمَ سَيكُونُ الْمُخْتَارُونَ ، الَّذِينَ إِلَىٰ النُّورِ يَصْعَدُونَ ، نَادِ بِثَلاَثَةِ أَصْوَات: بِالصَّوْتِ الْأَوَّل تَتَكَثَّفُ ْالْأَرْضُ وَتَنْبَسِطُ السَّمَاء ، بِالصَّوْتِ الثَّانِي يَتَرَقْرَقُ الْمَاء ، وَبِالصَّوْتِ الثَّالِثِ تَنْهَضُ الْأَشْجَار ، وَتَطِيرُ الْأَطْيَار ، وَتَسبَحُ الْأَسْمَاكُ فِي الْبِحَارِ .. وَتَمْتَلِيءُ الْأَرْضُ بِالْحَيَوَانِ ، مِنْ جَمَيعِ الْأَلْوَان ،..، كَانَ هَـٰذَا صَوْتِي الْأوَّل .. أوَّلَ نِدَاء .. كُثِّفَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَرُفِعَتْ السَّمَاء ، بِالنِّدَاءِ الثَّانِي امْتَدَّتْ الْبِحَار ، وَتَدَفَّقَتْ الْمِيَاهُ فِي الْجَدَاوِلِ وَالْأَنْهَار ، وَبِنِدَائِي الثَّالِثِ نَهَضَتْ الْأَشْجَار ، وَسَبَحَ السَّمَكُ وَحَلَّقَت الْأَطْيَار ، وَانْطَلَقَتْ الْحَيَوَانَاتُ فِي الْغَابَاتِ وَالْقِفَار ، نِدَاءَيِنِ آخَرَيْنَ نَادَيْت ، رَابِعًا وَخَامِسًا ، ثُمَّ نَادَيْتُ نِدَاءً سَادِسًا ، فَانْطَلَقَتْ مَخْلُوقَاتُ الظَّلاَم ، وَنِدَاءً سَابِعًا نَادَيْت ، وَقفَتْ بِهِ الرُّوهَةُ وَأَبْنَاؤُهَا السَّبْعَة عَلَىٰ أَبْوَابِ الْبَيْتِ ،..، ثُمَّ أُرْسِلَ هِيِبل زِيُوا ، لِيُتِقِنَ مِنْ الْعَالَمِ مَا تَبَقَّىٰ .. وَلِيحْرُسَ آدَمَ وَحَّوَاءَ وَيَكُونَ لَهُمَا إنْسَا ، فَمِنْهُمَا سَيَجِيءُ الْمُخْتَارُونَ ، وَبَاهِرو الصِّدْقِ وَالْكَامِلُونَ ، يُصَلُّونَ وَيَتَعَبَّدُونَ ، وَبِإسْمِ الْحَيِّ يُسَبِّحُونَ ، ثُمَّ بَعدَ ذلِكَ إِلَىٰ بَلَدِ النُّور يَصْعَدُونَ ﴾.

وبينت آيات مُصْحَف الْكَنْز الْعَظِيم الْمُبَارَك ( گِنْزَا رَبَّا : جِنْزَا رَبَّا ) ان الحياة نشأت بأمرِ الله الحَيّ المُحيي سبحانه وبدأت في المِياهِ الجَاريّة والمُتدفقة في مياهِ الأنهار والينابيع العَذِبة المَعروفة بِاللغةِ الْمَنْدَائِيَّةِ بـ: ( يَرْدِنَا ) ، وبينت نصوص وآيات هذا الْكِتَاب الْمُقَدَّس ان المَاء هو اساس الحَياة وعنصر استمرارها وديمومتها ، ولِلماءِ ( مَاي : مَاء ) دورٌ مهم في جميعِ فروض الصَّابِئِينَ وطقوسهم وشعائرهم الدّينيّة ، ويسمى المَاء الجَاري في النِّصُوصِ الْمَنْدَائِيَّة بـ: ( مَيَّا إِدْ هَيِّي ) أي: ( مِيَاهُ الْحَيَاةِ ) ، كون الحَياة قد بَدأت في المَاءِ ، والتسميَة تحتمل معنى آخر ، حيث مُمكن ان يكون معناها: ( مِيَاه الْحَيّ )، لان خَالق المَاء هو الله الحَيّ العَظيم سُبحانه ، وكذلك يمكن ان تكون هذه التّسميَة بِمعنى: ( الْمِيَاه الْحَيَّة ) كون التّسميَة لا تصح إلا على المِياهِ المُتحركة الغير راكدة ، كمياه الأنهار والينابيع الجَاريَة ؛ وتَصِف آيات مُصْحَف الصَّابِئَة المَاء كهِبة إلهيّة وعَطية ربّانيّة ونِعمة من نِعمِ الله الحَيّ الأزلي الكَثيرة ، وجاءَ في آياتِ مُصْحَف الصَّابِئِينَ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ان المَاء هو اول ما خلق بعدما صُلبت الارض وتكورت:ـ ﴿ هُوَ أوَّلُ مَا خَلَق ، مِنْ مَكَانِهِ اِنْبَثَق ، وَمِنْهُ سُحِبَ وَفِي الْيَرْدِنِي تَدَفَّق ، مُنْذُ السَّمَاء انْكَشَفَتْ ، وَالْأَرْضُ تَكَثَّفَتْ ، مُنْذُ النَّفْس الرُّوحِيَّة "نِشِمَاثَا" كُوِّنَتْ ، مَوْجَةٌ مِنْ الْمَاءِ الْحَيِّ "مَيَّا إِدْ هَيِّي" نُودِيَتْ ،..، مِنْ بيْتِ هَيِّي "الْحَيّ ، الْحَيَاة" جِيءَ بِالْمَاءِ الْحَيّ ، دَفْقَةٌ مِنْ الْمَاءِ الْحَيّ ، جِيءَ بِهَا مِنْ بَيْتِ الْحَيّ ، وَأُلْقيَتْ فِي الْعَالَم ﴾ ، وجاءَ في آياتِ كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس ، ان الحَياة بدأت بعدما أنصهر الثَّلج ، فتكونت مِياه الأنهار والينابيع العَذبة ( يَرْدِنا ) التي بها بدأت الحَياة:ـ ﴿ فَسَخَنَ الثَّلْجُ وَذَابَ ، اتَّقَدَ الثَّلْجُ فَصَارَتْ الْيَنَابِيعُ وَاِئْتَلفَتْ ، وَإِلَىٰ الْحَيَاةِ ازْدَلَفَتْ .. فَثَبَّتَتَ الْحَيَاةُ ذَاتَهَا دَاخِلَ يَنَابِيع الْمِيَاهِ ، مَعَ الْمَاءِ تَدَفَّقَت الْحَيَاة ، الْحَيَاةُ مَع المَيَاهِ تَدَفَّقتْ ، مِنْهَا اِنْبَثَقتْ ، وَفِيهَا أَشْرَقَتْ ، فَأَقَامَ فِي أضْوَيَتِهَا اِسْمُ التَّعْليمِ الْحَيِّ الَّذِي بِهِ تَسَرْبَلَتْ ، وَفِيهِ ثُبِّتَتْ ﴾ ، وجاءَ في آياتِ مُصْحَفهم ان الأرض التي نعيش عليها لم تكنْ صلبة قبل ان تبدأ عليها الحَياة ، بل سائل ولا يزال باطنها سَائلاً ، وكُثِفت وصُلِبت بِأمرِ الله جل وعلا:ـ ﴿ وَأمَّا الْأرْضُ الَّتِي سَمَّاهَا بَنُو الْبَشَرِ أرْضًا فَمَا هِيَ بِأَرْض .. إِنْ هِيَ إِلاَّ مِيَاه ، كُثِّفَتْ بِأمْرِ الله ، وَبَقَىٰ مِنْهَا سَيلٌ مُدَّخَر يُهَيءُّ سُبُلًا لِبَنِي الْبَشَر ﴾ ، وجاءَ في آياتِ الْمُصْحَف الصّابئي الْمُقَدَّس التي تتحدث عن الخَلقِ والتّكوينِ وبدايةِ الحَياةِ ان مياه الأنهار والينابيع العَذِبة ( يَرْدِنَا ) والْمِياه الْحَيَّة ( مَيَّا إِدْ هَيِّي ) كانت مِن الوهجِ العَظِيم ( يُورَا رَبَّا ) ، وفي المِياهِ بدأت الحَياة بأمرِ الله جل جلاله:ـ ﴿ مِنْ يَرْدِنَا الْعَظِيم ، صَارَتْ يَرْدِنِي لَيْسَ لَهَا عَدَدٌ ، وَلَا حُدُود ، الثَّمَرُ دَاخِلَ الثَّمَر ، وَالْأَثْيرُ دَاخِلَ الْأَثْير ، وَيَرْدِنَا الْعَظِيمُ صَار مِنْ يُورَا الْعَظِيم ، مِنْ يُورَا الْعَظِيمِ الْمُنْتَشِرةِ أضْوَاؤُهُ ، صَارَ يَرْدِنَا وَالْمَاءِ الْحَيِّ الَّذِي مِنه بَدَأتْ الْحَيَّاة ، مِنْ يَرْدِنَا الْعَظِيم بَدَأتْ الْحَيَّاة ،..، مِنْ الْحَيِّ كَانَ يَرْدِنَا ، يَرْدِنَا مِنْ الْحَيِّ كَان ،..، هَـٰذَا يَرْدِنَا ، هَـٰذَا الْمَاءُ الْحَيّ ،..، أنْتُمْ ، وَالْمَاءُ الْحَيّ ، صِرْتُمْ بِقُدْرَةِ الْحَيِّ الْعَظِيم ،..، قَبْلَ الْأَكْوَانِ جَمِيعًا صَارَ الثَّمَرُ الْعَظِيم ، بَأمْرِ مَلَكِ النُّور الْعَظِيم ذِي الْوَقَار حَلَّ الثَّمَرُ الْعَظِيمُ دَاخِلَ الثَّمَرِ الْعَظِيم ، وَبِأمْرِهِ سُبْحَانِهُ ، كَانَ أثْيرُ الضِّيَاءِ الْعَظِيم ، ومِنْ آيَر زِيُوا ، أَثْيرِ الضِّيَاء الْعَظِيم ، كَانَتْ الْحَرَارَةُ الْحَيَّة ، ومِنْ الْحَرَارَةِ الْحَيَّة كَانَ النُّور ، بِقُدْرَةِ مَلِكِ النُّور السَّامِي صَارَتْ الْحَيَّاة ، وَصَارَ الثَّمَرُ الْعَظِيم ، وَصَارَ فِيه يَرْدِنَا ، وَإذْ صَارَ يَرْدِنَا الْعَظِيم ، صَارَ الْمَاءُ الْحَيّ ، الْمَاءُ الْمُتَأَلِّقُ الْبَهِيج ، وَمِنْ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ نَحْنُ الْحَيَّاةَ صِرْنَا ، ثُمَّ صَارَ الْأُثْرِيُّون ﴾.

ويؤمن الصَّابِئَة بأن كل شيء في الوجودِ وفي هذا الكَون مَملوكاً للهِ الْحَيّ الْقيُوم سبحانه ، خاضعاً لِسلطانهِ وربوبيتهِ ، مذعناً لِمشيئتهِ وإرادتهِ ، ذليلاً لِعزتهِ ، مقهوراً تحت جبروته وقوته الكبيرة المُنتشرة في كلِ مكان وتحت بَأْس قدرته العظيمة التي ليس كمثلها شيء ، صَاغراً لقضائهِ ، ومتسعاً لحكمهِ العادل وعظيم شموليّة حكمته البالغة ، وكبير رحمته الواسعة التي وسعت لتغمر كل شيء ؛ ومنقاداً بشكلٍ مُطلق لِتصرفهِ وكل ما قدره في علاه ، فله كل ما في السّماواتِ والأرضين ، وسبحانه الذي لا يقضي حكم او قضاء إلا بكمالِ حكمته وعدالته ، وكمال علمه ومعرفيته ، وكمال حقه وقيوميته ؛ وحثت آياتِ صُحُف الْكِتَاب الصَّابئي الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا ( گِنْزَارَبَّا ) الصَّابِئِينَ الْأحنَاف على وجوبِ الرِضا بِقضاءِ الله سبحانه ومشيئتهِ واختيارهِ ، وعلى وجوبِ التّسليم لِأمرهِ سبحانه ، والخضوع لِحكمهِ ، والأذعان لِإرادتهِ ، والرّضاء بِقدرهِ ، والتّوبة والإنابة إليه سبحانه:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي ، لَا تَعْتَرِضُوا عَلَىٰ أمْرِ رَبُّكمْ ، وَكُونُوا صَالِحِينَ ، وَادِعينَ مُتَواضِعِينَ ، وَلْتَكُنْ فِيكُمْ التَّوْبَةِ ، وتَحَلَّوا بِالْحَنَّانِ وَالتَّسَامُحِ وَالرَّحْمَةِ إنَّها مِنْ طَبِيعَةِ النُّور ﴾ ؛ سبحانه الحَق العَظِيم ، الدّيان الْمُدين ، الرّحمن الرّحوم الرّحيم ؛ كما وجاء في آياتِ مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُقَدَّس أن الحُنَفَاء المُؤمنين بِاللهِ هم مَنْ يصبروا في ايمانِهم على البلاءِ ويحتملوا كرب الحَياة الدّنيا وشدتها ومتاعبها ، ويفوضوا أمرهم إلى اللهِ جل جلاله ، دون اعتراض او غضب او سخط على مشيئةِ رب العالمين:ـ ﴿ لَا تَنْظُرُوا إِلَىٰ مَا لَيْسَ لَكُمْ ، لَا تَشْتَهوهُ وَلَا تَبتَغُوه ، وَلَا تَعْتَرِضُوا عَلَىٰ مَا وَهَبَكَمْ رَبَّكُمْ خَاطِئِين ، إنَّ كُلَّ نِعْمةٍ وُهِبَتْ بِمَشِيئَةِ رَبَّ الْعَالَمِينْ ؛ إِنْ أَصَابَكُمْ سُوْءٌ فَاصْبِرُوا ، وَاثبُتُوا فِي إِيمَانِكُمْ ، لَا تَلْوُوا أَلْسِنَتَكُمْ ، وَلَا تَثْنُوا رُكَبَكُمْ ، وَلَا تَحْنُوا رُؤُوسَكُمْ ؛ وَلَا تَسْجُدُوا لِلشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ ، وورد في آياتِ مُصْحَف الْكَنْز الْعَظِيم ان الله سبحانه يأمر المؤمنين على الثّباتِ في الايمانِ به والاعتصام به وطاعته وشكره وتقواه ، والتّوكل عليه بعضاً لبعض متكاتفين وعلى ايمانِهم صابرين عند المصائب والشّدائد والمحن:ـ ﴿ كُونُوا أَقْوِيَاءَ ثَابِتَيْن ، فَإِنْ اُضْطُهِدتُم فَاحْتَمِلُوا الْاِضْطِهَادَ إِلَىٰ أَنْ تُقَضُّوا آجَالَكمْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ مُسَانِدِينَ ، وَلَا تَغْضَبُوا وَلَا تَهتاجُوا ، إنَّ الْغَضَبَ وَالْهِيَاجَ مَمْلُوءَانِ بِوَسوَسةِ الشَّيْطَانِ ، فَأطْفِئُوا نَارَ غَضَبِكمْ بِالْأَيْمَانِ ﴾ ؛ وجاء في آياتِ مُصْحَفهم ان يتوكلوا على اللهِ ويعبدونه ، ويُسبحوا بِحمدهِ بُكرة وعَشيا ، ويسألونه حوائجهم ، ويستعينوا به فهو السّميع المجيب:ـ ﴿ مَنْ يَتَّكلْ عَليْهِ فَلَنْ يَخِيبْ ، وَمَنْ يُسَبَّحْ بِاسْمِهِ فَلَنْ يَسْتَرِيبْ ، وَمَنْ يَسْألْهُ فَهُوَ السَّمِيعُ الْمُجِيبْ ﴾ ، وكذلك جاء في الْمُصْحَفِ الْمُبَارَك ان المُؤمنين ليس لهم وكيل غير ربهم الله سبحانه الذي عليه يتوكلون ، ينجيهم ويسمع ما في صدورِهم ويستجيب لدعواهِم:ـ ﴿ مَنْ يتَّجِه للرَّبّْ .. فإنَّهُ يُنَجِّيه ، الرَّبُّ لَا يَنبُذهُ يَوْمًا ، وَلَا يُخْزِيه ﴾.

وجاء في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس بان جهادهم وسلاحهم هو الايمان بِاللهِ وطاعتهِ والدّعاءِ إليه ، والتّسلحِ بكلماتهِ والعمل بتعاليمهِ والصَّبر والتّوكل عليه ، والحِكمة والمَعْرِفَةِ الحَقَّة ( نَاصِرُوثَا ) والموعظة الحسنة:ـ ﴿ أَيُّهَا الصَّادِقُونَ ، لَا تَقُولُوا مَا لَا تَعْرِفُونَ ، وَلَا تَدَّعُوا الْوَحَي فَلَا يُوحِي إِلَّا الْعَليُّ الْعَظِيم ، سَلِّحُوا نُفُوسَكُمْ بِأمْضَىٰ مِنْ الْحَدِيدِ: سِلاَح نَاصِرُوثَا ، وَكَلِماتِ رَبَّكُمْ الصَّادِقَة ﴾ ، وبشر الله المُجاهدين في سبيلهِ والصّابرين مِن الصَّابِئِينَ المُحنفين والمُؤمنين الذين آمنوا به وأطاعوه واعتصموا بحبلهِ بخيرٍ عظيم ، ووعدهم بِخيراتِ جنة النَّعيم ، ارض النُّور الوضَّاءة ( أرْضُ آيِر ) ، ووعدهم بانهِ سيرزقهم الطّيبات مِن نهرِها العظيم ، وبشر مُضطهديهم والمُسيئين لهم بعِذابٍ أليم:ـ ﴿ وَأَنْتُمْ يَا مَنْ اُضْطُهِدتُم فِي الدُّنْيَا وَأَنْتُمْ صَامِتونَ سَأُلْبِسُكُمْ نُورًا ، وَأُلْبِسُ مُضْطَهِدِيكمْ الْخِزْيِ وَالْهَوَانَ ، فَأَيْنَ يَذْهَبُونَ ؛ يَا مَنْ قُلتُمْ الْحَيُّ مَلْجَؤنا ، وَهُوَ مُتَّكَؤنا ، عَلَيْه أتكَلْنا ، وَإِلَيْهِ أوكَلْنا ، فَكَساكُمْ بأنْوَار شَرْيانِ أرْضِ آيِر الْعَظِيم ﴾.

ويتوجه الصَّابِئَة في أداءِ صَلواتهم ومُمارسة طِقوسهم وشَعائرهم الدّينيّة نحو قِبلَتهم التي تعرف بِبيتِ الْحَيّ التي تقع في اقاصي الشّمال العِلوي مِن الكونِ ، وتدعى بِلغةِ الصَّابِئِينَ : اللغة الْمَنْدَائِيَّة بِـ: ( بَيْت هَيِّي ) أي: ( بَيْت الْحَيّ او بَيْت الْحَيَاة ) ، وبيت هنا تعني عالم او ملكوت ، أي: عالم الْحَيّ او عالم الحَياة الآخرة ، والمقصُود منها دارُ النَّعيم في الآخرةِ ، فردوس الحَياة النُّورانيّة ، عوالم الانوار ( آلمِي إِدْ انْهُورَا ) ، حيث جنات النَّعيم والخلد والملكوت السّماوي ، مَلكُوت الْحَيّ ( مَلكُوثَا إِدْ هَيِّي : مَلَكُوت الْحَيّ ) مواطن ملائكته والاثريّين ، والمَواطن التي أعدها الرّحمن لِعِبَادهِ المؤمنين الذين آمنوا به وعملوا الصّالحات مكافأة لهم ، حيث جاء في مُصْحَفِ الصَّابِئَة الْمُقَدَّس ان ملكوت الله يقع صوب الشّمال العلوي:ـ ﴿ السَّاكِنُ فِي الشِّمَالِ الْعُلْوِيِّ ،..، الْمُقِيمُ فِي مَلَكُوتِهِ ، الْعَادِلُ فِي جَبَرُوتِهِ ﴾ ، وجاء في كِتَابِ الصَّابِئِينَ الْمُبَارَك ان عالم الانوار ، دار الآخرة تقع في الاقاصي العُليا:ـ ﴿ أكْوَانِ النُّور.. ،..، عَالَمٌ عَال ، بَعِيدُ الْمَنَال ، خَارِجٌ عَنْ حُدُودِ الدُّنْيا ، فِي الأَقَاصِي الْعُلْيَا ، مِنْ عَوَالِمِ الشِّمَال ﴾ ؛ ويُذكر تأريخياً ان الصَّابِئِينَ كانوا يَستعينون بِحركةِ ظل الشّمس لِتحديدِ مواقيت الصَّلوات خِلال أوقات النّهار ، وايضاً كانوا يَستعينون بِظلالِ ضوء الشّمس لِتعيّين جهة الشّمال حيث قبلتهم التي يستقبلونها عند ممارستهم لِفرائِضِهم الدّينيّة ، او من خلالِ تحديد جهة بزوغها وغروبها التي تشير إلى جهتي الشّرق والغرب ؛ وفي ظلماتِ اللّيل او في سفرِهم وترحالهم في البرِ والبحرِ كانوا يستعينون بِالفلكِ ويَهتدون بِالنّجمِ القطبي وعلامات الخَارطة النَّجميّة لِلسماءِ لِتعيّين الاتجاهات ؛ والإستعانة بِالنّجمِ القطبي ، نجم الشَّمال العَلوي ، نجم الجَدي بِالدّورةِ الفلكيّة الحَاليَة ، وكانت هذه الوسيلة هي الأكثر شيوعاً حينها لِتعيّين الجهات الاربعة ؛ ويقع هذا النّجم في المَجموعةِ النّجميّة ذات السّبعة نجوم نيرة التي تنتهي بِالفرقدين ، المَعروفة بِكوكبةِ الدّب الاصْغَر ( بنات نعش الصّغرى ) ، وهو اول نجوم هذه المَجموعة ، والنّجم القطبي هو نجم خلقه الله سبحانه وجعله بذلك المَوضع في السّماءِ لِيكون كدالة لِلشمالِ ، وهو الأبرز بين نجوم السّماء على مدى الدّهور ، وكانت النّاس تستخدمه وتستعين به لِتحديدِ الاتجاهات منذُ اقدم العصور لما يتميز به هذا النّجم من خصائصِ ، ككونه دائمي الظّهور في السّماءِ بِحيث يَسهل تعيينه بِالعينِ المُجردة ، إضافة إلى قربهِ من محورِ دوران الأرض ، فان مَكانه واتجاهه الشّمالي شبه ثابت في السّماءِ ؛ ويُرجحُ أن تقويم الصّابِئِيُّونَ كان يرتبط بِظهورِ الشّروق الأحتراقي لِنجم الشّعرى اليمانيّة ( زيريوس : سوثيس او سوبدت ) الذي يُعد احد نجوم مجموعة الكَلب الأكبر ، فكان اليوم الذي يظهر فيه هذا النّجم مرة كل ثلاثمائة وخمس وستين يوماً ( 365 ) يمثل رأس السّنة الصَّابِئِيَّة ، وبِظهورهِ كان يبدأ عيدهم الكبير ( دَهُوا رَبَّا ) ، وتبدأ ساعات الانزواء والاعتزال ما يعرف عند الصَّابِئِينَ في لغتِهم الْمَنْدَائِيَّة بِالـ: ( كَرَاص ) والاجتماع والنّقاء المعروف بِالـ: ( كَنشُو زَهَلِّي ) ، وفي الوقتِ الحَاضر ومع تقدمِ وسائل الارصاد لم يعودوا يستخدمون ظلال الشّمس ومواضع النّجوم لِتعيّين قِبلتهم ومَواقيت صلواتهم ، فقد حلّت محلها السَّاعة والبُوصلة ووَسائل الرّصد الحَديثة ، وبِصورةٍ عامة لم تبقى لِلفلكِ أية اهميّة عند الصَّابِئِينَ ، غير تحديد أيام خسوف القمر التي لا يزال حسابها قائماً إلى يومِنا هذا.

ويؤمن الصَّابِئُونَ بِالحَياةِ الآخرة ، وبِاليومِ الآخر ، يوم الحساب والدّينونة ( يَوْم دِينَا : يَوْم الدِّين ، يَوْم الدَّيْنُونَة ) ، وفي البَعثِ والمعادِ ؛ ويتزهد الصَّابِئُونَ عن عَالمِ المَادّة ، حيث يَعتقدون ان هذا العَالم ، العَالم المَادي ( آلمَا إِدْ تِيَبل : الْعَالَم الْمَادِيِّ ) وعَالم الْأَرْض ( آلمَا إِدْ آرْا : عَالَم الْأَرْض ) وكل ما عليه فانٍ ؛ والصَّابِئُونَ يَعتقدون بان النّفس الرّوحيّة ( نِشِمَاثَا : النَّسَمَةَ ، النَّفْسُ الرُّوحِيَّة ) عندما تخرج من الجَسدِ في رحلةِ عروجها نحو الحَياة الأبديّة فإنها تجتاز اولاً الصِّراط المُمتد عبر بحر الآخرة ، بحر الزّوال والهَلاك ، أي: الفَضاء السَّماوي ، الذي يُعرف في النَّصوصِ الْمَنْدَائِيَّة بِبحرِ سوف السَّماوي ( اِشر إِدْ سُوف رَبَّا : صِراط سَوف الْعَظِيم ) ، وثم توزن اعمال تلك النّفس في ميزانِ الحِساب الذي يُدعى بِميزانِ البَعث ( ابْاثَر مُوزَنِيا : مِيزَان ابْاثُر : مِيزَان الْبَعْث ) ، ومن هناك يحدد مَصيرها الجَنة او النّار ، فالنّفوس المُؤمنة ، الزّكيّة والطّاهرة ، ذات الحَسنات الكَثيرة والاعمال الصَّالحة التي تجتاز بحر الآخرة والميزان تذهب إلى المَطهِرات السّبعة ( مِطَرَاثِي : مَطْهَّرَات ) ، والمَطهرات هي البرزخ الذي تحتجز فيه النّفوس وتمكث فيه حتى يتم تنقيتها وتطهيرها من جميعِ الخَطايا والاخطاء والسّيئات والذّنوب التي اقترفتها تلك النّفوس خلال حياتها في هذهِ الدّنيا ، ثم تُكملُ رحلتها نحو جنان الرّحمن ، عَوالم الانوار ( آلمِي إِدْ اِنْهُورَا : عَوالِم النُّور ) ، عوالم الخَير والنّعيم والسّعادة الابديّة ، امَّا النّفوس السّيئة والشّريرة ، ذات القلوب السّقيمة ، والبواطن المُظلمة ، المُثقلة بِالآثامِ والمَعاصي والذّنوب ، واعمال الشّر والشّرك البَاطلة والافعال الرّذيلة فيكون مَثواها جهنم ، عَوالم النّار والظّلام ( آلمِي إِدْ اِهْشُوخَا : عَوالِم الظَّلاَم ) ، والسَّبيل إلى الخَلاصِ بحسبِ الشَّريعة الصَّابِئِيَّة المُوحدة السَّمحة يكون من خلالِ الايمان بِاللهِ سُبحانه وعِبادتهِ واحدٌ احد وعمل الصَّالحات المُتمثل في طاعتهِ وتقواهِ ، وتنفيذ أمره واجتِناب نهيه ومن خِلالِ البُعد عن مَعصيتهِ وعن كلِ ما من شأنهِ الإساءة لِلقيمِ الايمانيّة والضّوابط الأخلاقيّة ، ويتحقق خلاص النّفوس من خلالِ أداء الفرائض والطّقوس والشَّعائر والمَناسك الدِّينيّة التَّعبديّة له سُبحانه ، إلهاً واحداً مفرداً لا شريك له ولا رب سواه ولا مَعبوداً مِن دونهِ ، والقيام بما تيسر من النّوافلِ وأعمَالِ الخير لِمساعدةِ الفُقراء والمَعوزين والمُحتاجين من صدقةٍ ( زِدْقَا ) وإحسان ( طَبْوُثَا ) وغيرها ، والحُكم بكلِ ما أنزل الله الْحَيّ الْعَظيم سبحانه بِرسالتهِ الأولى التي انزلها على انبياءهِ الصَّابِئَة الذين بعثهم في الصَّابِئِينَ الحُنَفَاء ، فالمُؤمنون الذين ساروا على دربِ الهُدى وآمنوا بِاللهِ سُبحانه وشَهدوا له واصطبغوا بِصبغتهِ تعالى ، ووُسِموا بوَسمه الطّاهر وثبتوا على أيمانِهم به وتمسكوا بِصبغتِهم وعملوا صَالحاً فلا خوف عليهم يوم الحِساب ومَصيرهم في الآخرة الجَنة ، عَالم النُّور ( آلمَا إِدْ اِنْهُورَا : عَالَم النُّور ) ، حيث جاءَ في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس ، مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ( گِنْزَارَبَّا ):ـ ﴿ مَنْ وُسِمَ بِوَسْمِ الْحَيِّ ، وَذُكِرَ اِسْمُ مَلِكِ النُّور عَلَيْه ، ثُمَّ ثَبَتَ وَتَمَسَّكَ بِصِبْغَتهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ، فَلَنْ يُؤَخَّرَهُ مُؤَخَّرٌ يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ ، وجاءَ ايضاً في آياتِ كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس ، مَنْ سمع النّداء وآمن بِاللهِ يَصعدُ إلى بلدِ النّور:ـ ﴿ طُوبَىٰ لِمَنْ سَمِعَ وَآمَن .. إِنَّهُ يَصْعَدُ ظَافِرًا إِلَىٰ بَلَدِ النُّورِ ﴾ ، وورد في آياتِ مُصْحَف جِنْزَارَبَّا الْمُبَارَك ، صُحُف الله السَّماويّة الأولى ، ان الايمان بِاللهِ وعبادتهِ وطاعتهِ واجتنابِ نهيه وعمل الخيرات والصّالحات هو السَّبيل لِإنقاذ النّفس وخلاصها:ـ ﴿ أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، أيُّهَا الْكَامِلُونَ ، أحِبُّوا لِأَصْحَابِكُمْ مَا تِحُبُّونَ لِأنفُسِكُمْ ، وَاكْرَهُوا لَهُمْ مَا تَكْرَهُونَ لَهَا ، وَتَزَوَّدُوا لِآخِرَتِكُمْ بِالْعَمَلِ الصَّالِح .. فَانْظُرُوا ، وَاسْمَعُوا ، وَآمِنُوا ، وَتَقبَّلوا كَلِماتِ رَبَّكمْ ، انْظُرُوا بِأعيُنِكُمْ ، وَانطِقُوا بِأفْوَاهِكُمْ ، وَاسْمَعُوا بِآذَانِكُمْ ، وآمِنُوا بِقِلوبِكُمْ ، وَاعَمَلُوا بِأيْدِيكُمْ صَدَقَةً "زِدْقَا" وإِحْسَانَ "طَبْوُثَا" ، اِعْمَلُوا بِمَشِيئَةِ رَبَّكُمْ ، وَلَا تَعْمَلُوا بِمَشِيئَةِ الشَّيْطَان ، لَا يَأْسِرنَّكُمْ جَمَالُ الْأجْسَامِ ، فَجَمَالهُا زَائِل ، وَلَا تَسْجُدُوا للشَّيْطَانِ ، وَلَا لِأَصْنَامِ هَـٰذَا الْعَالمِ الزَّائِف ؛ كُلُّ مَنْ يُولدُ يَمُوت ، وَكُلُّ مَا يُصْنَعُ بِالْأَيْدِي يَفسُدُ ، وَالْعَالمُ كُلّه يَفْنَىٰ ، فَأَيْنَ سِرُّ الْألْوهيَّةِ الَّتِي فِيهِ إِنْ كُنْتُمْ تَنْتَظِرُونَ ، إِنْ عُكـَّازتَكُمْ يـَوْمَ الْحِسَابِ أعْمَالـُكُمْ الَّتِي عَلَيْهَا تتوكـَّأون ، فَانْظُرُوا إِلَىٰ مَاذَا تَسْتَنِدون ﴾ ، وجاء في آياتِ صَحائِف كِتَاب الْكَنْز الْعَظِيم الْمُبَارَك بان منقذ النّفس الرّوحيّة ( نِشِمَاثَا ) هو الايمان الصَّادق بِاللهِ وحده لا شريك له والإخلاص في عبادتهِ والتّسبيحِ له والعَملِ الصّالح:ـ ﴿ لَا تَكْنِزُوا الذَّهَب وَالْفِضَّة ، فَالدُّنْيَا بَاطِلَةْ ، وَمُقْتَنَيَاتِهُا زَائِلَةْ .. ولَا تَحسَبُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةُ مُنقِذَينَ النَّفْس الرُّوحِيَّة "نِشِمَاثَا" .. إنَّمَا يُنقِذُها الصِّدْقُ وَالْأيْمَانُ وَالتَّسبيحُ وَالْإِحْسَانُ ، بِهَـٰذَا تُنقِذون النَّفْس الرُّوحِيَّة "نِشِمَاثَا" فَتُخرِجُونَهَا مِنْ الظَّلاَمِ إِلَىٰ النُّورِ ، وَمِنْ الضَّلاَلِ إِلَىٰ الْهُدَىٰ ، وَمِنْ الْكُفْرِ إِلَىٰ الْإِيْمَانِ .. فتَنعمُ بِالصَّلاَةِ وَالتَّسبيحِ بَعْدَ الْانْحِرافِ وَالْعِصْيَان ﴾ ؛ أما الذين لم يؤمنوا باللهِ والذين سَاروا على طريقِ الكفر والانحراف والضَّلالة وغِواية الشّيطان فان مثواهم ومصيره جهنم ، حيث العَذاب والآلام ، والنّار الآكلة والمُحرقة ، عَالم الظّلمات ( آلمَا إِدْ اِهْشُوخَا : عَالَم الظَّلاَم ) ، حيث جاء في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس جِنْزَارَبَّا الْمُبَارَك:ـ ﴿ إنَّ الَّذيِن لَا يَذُودُون نُفُوسَهُمْ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُوبِقَات فِي غَيَاهِبِ الظَّلاَم يُوثَقُون ، بَعِيدًا عَنْ الْعَالمِ عِطَاشًا يُحْشَرُون ، وَكُلُّ حَفْنَةِ مَاءٍ يُسْقَونَهَا يُعَذَّبُونَ أَضْعَافَهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ ، وجاء في آياتِ الْمُصْحَف الْمُبَارَك أن الذين كفروا والذين لم يؤمنوا بِاللهِ سُبحانه واليَوم الآخر ، والذين ظلموا والذين ارتكبت ايديهم السّوء والشّرور ولم يفعلوا الصّالحات فإن نار جهنم مأواهم:ـ ( أمَّا الْأَشْرَار .. أمَّا الْكُفّار .. أمَّا مَنْ أقصَوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ نَبْعِ النَّور .. وَالتَّحَفوا بِالدَّيْجُور .. النُّور كَاَنَ بيَّنًا لَهُمْ ، فَلمْ يُبْصُروه ؛ وَجَاءَهُمْ صَوْتٌ مِنْ الرَّبِّ فَلَمْ يَسمَعوه ، أُولَـٰئِكُمْ طَائِفَة الْأَشْرَار ، بذَنْبِهِمْ يُؤْخَذُون ، بذَنْبِهِمْ فِي لُجَجِ الظَّلاَم يَغْرقُون ، سَتكُونُ الظُّلْمَةُ مَأوَاهُمْ ، وَكُهُوفُ الظُّلمةِ مَثوَاهُمْ .. حَتىٰ يَوْمِ الدِّين ) ، فالذين آمنوا بِاللهِ ولم يثنوا قاماتهم ساجدين لغيره ، واطاعوه ونفذوا امره واتقنوا اعمالهم فلهم حسن الخَاتمة ؛ أما الذين لم يؤمنوا بِاللهِ سبحانه ، ولم يشهدوا له ، او رفضوا السّجود إليه ، والذين انكروا وجوده ، او اشركوا به ، ولم يتوبوا وينوبوا ويصلوا اليه سَاجدين خَاشعين ، فان الله جل وعلا سيحاسبهم على ذلك ، وما على المُؤمنين الإ البلاغ ودعوتهم نحو الطّريق الحَق:ـ ﴿ ادْعُوا مَنْ تُحبّوُنَهُ ليَستَمعَ إِلَىٰ التَّسَابِيِحِ الَّتِي وَهَبَكُمْ رَبُّكُمْ لَعَلَّهُ يُؤْمِنُ وَيُطِيعُ ، فَإِنْ آمَنَ بِاللهِ وَشَهِدَ لَهُ فأكْرِمُوه ، وَإِلَيْكُمْ قَرَّبُوه ، وَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ بِمَا تَمْلِكُونَ ، أَمَّا إِذَا أَبَىٰ أَن يَسمَعْ ، أوْ سَمِعَ وَلَمْ يَخشَعْ ، فرَبُّهُ هُوَ الْأَرْفَع ﴾ ، وجاء في كِتَاب جِنْزَارَبَّا الْمُبَارَك ان واجب المُؤمن دعوة الضال عن الطّريقِ الحَق إلى الطّريقِ القويم ، ودعوة ذلك الضال الذي أختار طريق البَاطل والعِصيان إلى الطّاعةِ والايمانِ ، وما على المُؤمنِ إلا البَلاغ والدَّعوة ومحاولة ارشاده وهدايته وإصلاح امره:ـ ﴿ مَنْ أَخْطَأَ مِنْكُم فَقَوِّمُوهُ وَأَسْنِدُوهُ ، فَإِنْ أَخْطَأ ثَانِيَةً فَقَوِّمُوه وَأَعِينُوه ، فَإِنْ أَخْطَأ ثَالِثَةً فَأَرْشِدُوه ، وَالصَّلاَةَ وَالتَّسْبِيحَ للهِ أَسْمِعُوه ، فَإِنْ عَصَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَأَبَىٰ إِلَّا الْمُنْكَر ، فَاِجْتَثُوا هَـٰذِهِ الْكَرْمَةَ مِنْ الْجُذور وَاِزْرَعُوا مَكَانَهَا كَرْمَةً تَعْرِفُ طَرِيقَ النُّور ، فَقَدْ قَالُوا لَهُ: إسْمَعْ فَلَمْ يَسْمَعْ ، وَأَرُوهُ نَوَّرَ اللَّهِ فَلَمْ يَخْشَعْ فَسَقَطَ فِي الْعَذَابِ ﴾.

وجاء في آياتِ كِتَاب الله مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ( كَنْزَا رَبَّا ) ان الله خلق الكَون وجعله منازل وطبقات وكلف عليها حراساً مِن المَلائكةِ التي تعمل بأمره:ـ ﴿ إِنَّا جَعَلَنَا الْكَوْنَ مَنازِلَ وَطَبَقَات ، مُكتَمِلاَتٍ وَغَيَّرَ مُكتَمِلاَت ، وَأُوَكِّلْنَا بِكُلِّ طَبَقَةٍ حُرَّاسَاً ، مَلاَئِكةً أَجْنَاسًا ﴾ ، وبينت آيات كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا ، ان الله سبحانه سَيفصل يوم الحِساب بين الذين آمنوا به واطاعوه وعملوا بما امرهم به والذين لم يؤمنوا به ، فالدّنيا دار عمل ، والآخرة دار حِساب ، فالمؤمنون الذين عبدوا الله حق عبادة وعملوا الصّالحات ، فان الله سيجزيهم بِالآخرةِ السّعيدة ، جنانه النُّورانيّة ، جنان النُّور:ـ ﴿ وَهَلُمَّ لِأكْشِفَ لَكَ عَنْ بَاهِري الصِّدْقِ فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا ، إِنَّهُمْ حِينَ تَنْتَهِي أَعْمَارُهِمْ عَنْهَا يَرْحَلُون .. وَإِلَىٰ هُنَاكَ يَذْهَبُون .. يَطْلُبُونَ فَيَجِدُون ، وَيُصَلُّون وَيُسَبَّحُون .. ثَوْبًا عَلَىٰ ثَوْبٍ مِنْ الضِّيَاءِ يَلْبِسُون ، وَثَوْبًا عَلَىٰ ثَوْبٍ مِنْ النُّورِ يَكْتَسُون ، يَفْرَحُون وَيَضْحَكُون .. ويَتَمَتَّعُون وَيتألَّقون .. وَفِي مَلَكُوتِ الْحَيِّ يُقِيمُون ﴾ ؛ ووصفت الجَنة في كِتَابِ الصَّابِئَة الْمُقَدَّس الْجِنْزَارَبَّا ، بانها عالم من النُّورِ والضِّياء والبَهاء ، بيضاءٌ ناصعة ، جميلة ويانعة ، بديعة ناضرة ، نقيّة رائعة ، انوارها متميزة ، طبيعتها خلابة ، مليئة بِالنِّعم والطّيبات ، والبَهجة والسّرور ، معطرة بأطيب العُطور ، فيها المِياه العَذبة تجري ونسمات الرّياح الطّيبة تسري ، لا ظلام فيها ولا احزان ، ولا سوء ولا شرور ، ولا برد ولا حرور ؛ مفعمةٌ بِالسّلامِ والرّخاء والطّمأنينة ، والمَحبة والأمان ، هي دار لِلخيرين والصّالحين ومنازل للمؤمنين والمُتقين ، فيها المَلائكة والاثريّين والمُؤمنين جميعاً للهِ سبحانه يَسجدون ، له يتعبدون ويُسبحون ، ويَخشعون ويشكرون:ـ ﴿ فَأَمَّا أرْضُ النُّور ، فَقَدْ ثَبَّتْنَا فِيهَا الْأُثرِيِّينَ ، وَمَلاَئِكةَ النُّور ، وَزَيَّنَّاهَا بِمَصَابِيحَ تَدُور ، وَوَهَبْناهَا رِيَاحًا سَاريَة وَمِيَاهًا جَارِيَة ، وَعَطَّرْنَاهَا بِالْأَرِيج ، وَأنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بَهيِج ﴾ ، وبينت آيات جِنْزَا رَبَّا الْمُقَدَّس ان عوالم النُّور تقع في الأقاصي العُليا من عوالمِ الشّمال ، خارج حدود الدّنيا ، وفيها كل ما تقر له العُيون من النِّعمِ ، عوالم كاملة مليئة في الايمانِ وفي محبةِ الرّحمن ، فيها المُؤمنين والمَلائكة والاثريّين للهِ ملك الانوار العَلي يَسجدون ويُسبحون:ـ ﴿ أَقُولُ لَكُمْ عَنْ أَكْوَانِ النُّورِ وَمَا فِيهَا ، مَلِكٌ سَام ، عَظِيمُ الْمَقَام ، سَاهِرٌ لَا يَنَام ، لَا يُرَىٰ ، وَلَا يُرَام ، إلاَّ بِالْحَدْسِ وَالتَّلْمِيح ، وَالصَّلاَة وَالتَّسْبِيح ، ذلِكَ هُوَ مَلِكُ أكْوَانِ النُّور ، عَظِيمَةٌ قُدْرَتُه ، كَاشِفَةٌ نَظَرْتُه ، طيِّبَةٌ عِتْرَتُه ؛ مَلاَئِكةٌ أَطْهَار ، وَأثَرِيُّونَ أَبْرَار ، وَأصْفِيَاءُ أَخْيَار ، وَأَضْوِيَةٌ وَأَنْوَار ، عَالَمٌ عَال ، بَعِيدُ الْمَنَال ، خَارِجٌ عَنْ حُدُودِ الدُّنْيا ، فِي الْأَقَاصِي الْعُلْيَا ، مِنْ عَوَالِمِ الشِّمَال ، ضَوْءٌ وَإِتْقَان ، وَأَنْهَارٌ وَجِنَان ، وَمَبَاهِجٌ أَلْوَان ، مَاءٌ يَجْرِي ، وَرِيَاحٌ تَسْرِي ، وَعَوالِمُ أُثرِي ، مَمْلوءَةٌ بِالْمَحَبَّةِ وَالْإِيْمَان ؛ أَبْرَاجُهُ لَا تَغُور ، وَنُجُومُهُ لَا تَدُور ، وَعَوالِمُهُ دَائِمَة النُّور ، لَا يَعْتَرِيهَا بَرْدٌ وَلَا حَرُور ؛ تِلْكَ هِيَ عَوالِمُ الرَّحْمَن ، بَعِيدةٌ عَنْ كُلِّ الْأَكْوَان ، لَا يَرْقَىٰ إِلَيْهَا عَيْبٌ وَلَا نُقْصَان ، وَلَا زَيْفَ فِيْهَا وَلَا بُهْتَان ﴾ ، وجاءَ في آياتِ مُصْحَف الصَّابِئَة الْحُنَفَاء جِنْزَارَبَّا الْمُقَدَّس ان جنان الانوار ، ملكوت الحَيّ الْعَظيم ، هي عالم العدل والسّلام ، والاتقان والايمان ، مواطن من النّورِ والنّعيم ، هناك يعيش المُختارين الصَّالحين والمَلائكة والاثريّين:ـ ﴿ هُوَ مَلِكُ النُّور السَّامِي ، هُوَ الله ، مِنْهُ كَانَ الْمَلاَئِكَةُ وَالْأَثَرِيّون ، بِضِيَائِهِ وَنُورِهِ يَرفُلونْ ، أَسْنَى مِنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرْ ، مُنَزَّهُون عَنْ الْكَدَرْ ، أجِلَّاءُ حَينَ يَظْهِرُونَ ، سِرَاعٌ حِينَ يَسِيرُونْ ، أَرَأَيْتُّمُ إِلَىٰ الضِّيَاءِ ، كَيْفَ يَعْبُرُ إِلَىٰ الْأَرْضِ مِنْ السَّمَاءِ ، كَذَلِكَ هُمْ يَصِلَونْ ، لَا عَدَّ لِفَضَائِلِهِمْ ، وَلَا قِيَاسَ لِشَمَائِلِهِمْ ؛ ذلِكَ هُوَ مَلَكُوتُ الْحَيّ ، عَدْلٌ وَإِتْقَانْ ، وَسَلاَمٌ وَإيمَانْ ، وَكَمَالٌ دُونَ نُقْصَانْ ﴾ ، اما جهنم ، عوالم الظّلام فقد وصفتها آيات مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك بأنها تقع في اقاصى الاكوان الجَنوبيّة ، وهي عوالم مُوحِشة وكريهة ، عوالم مِن نارٍ ودخانٍ ، ونيران شديدة حارقة ومياه ساخنة ، وعواصف خانقة ، وخلائق مروعة ومُخيفة ، ونفوس كثيرة هناك ، في النّارِ والظّلام والعَذاب قابعة ، محشورة افواجاً في غياهبِ الجحيم حيث العَذاب الأليم ، جزاء ما كانت فاعلة:ـ ﴿ وَأمَّا عَالَمُ الظَّلاَم ، عَالَمُ الشُّرُورِ وَالْآثَامِ .. فَأرْضٌ مُقْفِرَةٌ مَسْعُورَة ، دُفِعَتْ إِلَىٰ أقْصَىٰ الْجَنُوبِ ، بَعِيدًا عَنْ الْمَعْمُورَةُ ، عَوالِمُ مِنْ دُخَانٍ وَنَار ، وَنَقْصٍ وَشَنار ، تَعِجُّ عَجِيجًا بِالْأَشْرَارِ ، وَبِالْقَتَلةِ وَالْفُجَّارِ ، وَالسَّحَرةِ وَالْمُشَعْوذِيِنَ وَالْكُفَّار ، أَرْوَاحٌ زَاهِقَة ، وَنِيرَانٌ حَارِقَة ، وَعَوَاصِفُ خَانِقَة ، تَسُوقُهَا شَيَاطِين حَانِقَة ، وَسُفَهَاء ، وَمَصَّاصُو دِمَاء ، بِوُجُوهٍ مُظْلِمَةٍ سَوْدَاءٍ ، صُمٌّ بَلْهَاء ، يَنْهَضُ بَيْنَهُمْ الْمُشَعَوِذُون ، وَالْمُزَيِّفُون وَالْكَذَّابُونَ ، وَالسُّرَّاقُ وَالْغَاصِبُونَ ، وَالْقَتَلَةَ الْمُجْرِمُونَ ، أَنْوَالًا أنْوَالا ، قِصَارًا وَطِوَالَا ، وَخَلاَئِقَ أَشْكَالَا ، مِنْهُمْ يَطِيرُونَ ، ومِنْهُمْ يَسِيرُونَ ، ومِنْهُمْ عَلَىٰ بُطُونِهِمْ يَزْحَفُون ﴾.

وجاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئِينَ مُصْحَف الْكَنْز الْعَظِيم ( كَنْزَارَبَّا : جِنْزَا رَبَّا ) الْمُبَارَك ، ان كل إنسان مسؤول مسؤوليّة مباشرة عن نفسهِ ، وسيحاسب كل أمرء على افعالهِ ، وسيجازى كل شخص على اعمالهِ ونتائجها ، ولا يحاسب او يعاقب على اخطاءِ غيره:ـ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ تُسْألُ هِيَ عَنْ أَعْمَالِهَا ، لَا تُشَارِكُ نفسٌ نَفْسًا ، وَلَا تَتَحملُ نَفْسٌ نَفْسًا ﴾ ، وورد ايضاً في مُصْحَفِ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك في آياتِ صُحُف سيدنا أنوش عليه السّلام بان كل إنسان سيجازى ويحاسب بعد الموت بما عمل ، وما فعل ، وما قدمت يداه في الدّارِ الفانيَة ، الحَياة الدّنيا ، ولا تُؤاخذ نفسٌ بذنوب نفسٌ أخرى ، ولا تحاسب مكانها:ـ ﴿ إنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مَأْخُوذ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاه ﴾ ، وجاء كذلك في مُصْحَفِ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ، ان لكل كائن حي نفساَ مسؤولاً عنها ، يحفظها ويقومها من الوقوعِ بِالمعاصي:ـ ﴿ أَنَا رَسُولُ النُّور الْمَلَكَ الَّذِي أتىٰ مِنْ هَيْلمَانِ النُّورِ ، إِلَىٰ هُنَا أَتَيْتُ ، وَفِى يَدِي الْإشْرَاق ، أَتَيْتُ وَالْإشْرَاق فِى يَدِي إِلَىٰ هُنَا ، يُحِيطُ بِي السَّنا ، وَالنُّورُ وَالتَّمْجِيدْ ، بِالصِّبَاغةِ وَالصَّلاَةِ أَتَيْتْ ، وَالصَّوْتِ وَالْبَلاَغ ، أَنَا رَسُولُ النُّور ، أضأتُ كُلَّ خَافِقٍ يَملؤُه الدَّيْجورْ ، بِبَلاَغي وَبِصَوْتِي فِي هَـٰذِي الدُّنْيَا الْمَخْتُومةِ بِالْمَوْتِ ، أَنَا أَطْلَقَتُ صَرْخَةْ ، صَرْخَةً أَنَا أَطْلَقَتُ فِيهَا: كُلُّ حَيٍّ لهُ نَفْـسُهُ يَصْطَفِيهَا ، يَتَعَهَّدُهَا ويَـقِيهَا ، لَا تَكُنْ فِي خَطِيئتِهَا ثَاوِيَةْ ، إن أَرَادَ الْخَلاَصَ مِنْ الْهَاوِيَةِ ، طُوبَىٰ لِلأَخْيَار ، وَلِخُدَّامِ الْعَهْدِ الْأَبْرَارِ ، لِلْكَامِلِينَ ، لِّلْمُؤْمِنِينَ ، طُوبَىٰ لِّلْمُؤْمِنِينَ الْكَامِلِينَ ، النَّائِينَ عَنْ رِجْسِ الْأَشْرَار ، أَنَا رَسُولُ النُّور ؛ الْوَاحِدُ الْعَظِيمْ ، الْأحَدُ الْعَظِيمْ .. أَرْسَلَنِيَ لِهَـٰذِهِ الدُّنْيَا ، رَسُولُهُ الْحَقُّ أَنَا لِهَـٰذِهِ الدُّنْيَا ، آيتُهُ الْعُلْيَا ، أَنَا رَسُولُهُ الَّذِي لَا زَيْفَ .. لَا تَمْوِيه ، لَا عَيْبَ ، لَا نُقْصَان ، لَا أيَّ افْتِرَاءٍ فِيهِ ، أَنَا رَسُولُ الْحَقّْ ﴾ ، وايضاً جاء في هذا الكِتَاب الْمُبَارَك ان الخلق اجمعين سوف يحاسبون على اعمالِهم يوم الحساب:ـ ﴿ إِنْ عُكَّازَتَكُمْ يـَوْمَ الْحِسَابِ أعْمَالُكُمْ الَّتِي عَلَيْهَا تتوكَّأونَ ، فَانْظُرُوا إِلَىٰ مَاذَا تَسْتَنِدون ﴾ ، وجاء في الْمُصْحَف الْمُبَارَك:ـ ﴿ أَيَّتُهَا الْأُمَمُ وَالْأَجْيَالُ لِمَاذَا تَبْكُونَ ، أَوَمَا عَلِمْتُمْ بِأَنَّ أَعْمَالَكُمْ تَرتدُّ عَلَيْكُمْ ، وَأَنَّكُمْ بِمَا فَعَلْتُمْ تُؤْخَذُونَ ﴾ ، وجاء في الْكِتَاب الْمُبَارَك ان النّفوس لا تزدرى إلا بما قدمتْ من اعمال نافعة او ضارة:ـ ﴿ إِيَّاكُمْ وَالْهُزْءَ بِمُعَوَّقٍ ، أَوْ السُّخْرِيَّةَ مِنْ ذِي عَاهَة ، إِنَّ الْأَجْسَادَ قَدْ تُبْتَلَىٰ بِالْأَوْجَاعِ ، وَلَـٰكِنَّ النَّفْسُ الرُّوحِيَّةِ "نِشْمَاثَا" لَا تُهَانُ وَلَا تُزْدَرَىٰ إِلَّا بِأَعْمَالِهَا ﴾ ، وكذلك ورد في مُصْحَفِ الْجِنْزَارَبَّا الْمُبَارَك ان الناس سوف تنادى بامهاتهم وان الحساب سيشمل النَّاس كافة:ـ ﴿ سَتُحَاسَبُ الْأَكْوَانُ يَوْمَ الدَّيْنُونَة .. كُلُّ صَاعِدٍ سَيُحَاسِبُونَهَ ﴾ ، وجاء في آياتِ هذا الْمُصْحَف الْمُبَارَك ان الله سبحانه سيحاسب النّفوس كافة ، ولا تبدل عنده نفس بدل نفس اخرى ، ولا تنفع واسطة بين الخالق والمخلوق او تَحُول دون الحساب ، ولا تنفع الكفارات والقرابين او ما يعرف بِالفداءِ وما شابهها ، الْكل سوف يحاسبهم رب العالمين وسوف توزن أعمالهم ، ولا يستبدل عنده إنسان بآخر:ـ ﴿ الْحَيُّ هُوَ الَّذِي يَرَىٰ ، وَهُوَ الَّذِي أمَرَ أمْرَا ،..، الْوَاحِدِ الْأحَدْ ، لَا تُقْبَلُ لَدَيهِ شَفَاعَةٌ وَلَا قُرْبَان ، وَلَا يُستَبْدَلُ إنْسَانٌ بِإنْسَان ﴾.

وجاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس جِنْزَ ارَبَّا الْمُبَارَك ان الموت أي موت الأجساد هو من نصيبِ كل نفسٍ حيَّة:ـ ﴿ قَالَ الْحَيُّ وَهُوَ مُستَوٍ عَلَىٰ عَرْشِهِ بَيْنَ أَنْوَارِهِ: لْيَكُنْ الْمَوْتُ مِنْ نَصْيِبِ أَهْل الدُّنْيَا ﴾ ، وورد في آياتِ كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس ان الموت هو حق وعاقبة تدرك كل نفس حيَّة ، فالموت هو حَق محتوم على كلِ إنسان لا مهرب منه ولا مفر ، ولا يجوز الاعتراض على الموتِ فذلك يعادل ستة وستين خطيئة ، لأن الاعتراض على الموتِ هو كاعتراض على مشيئةِ الله الحَيّ القدير سبحانه وقضاءه وقدره:ـ ﴿ نَحْنُ نُسِّميَهِ الْحَقّ ، وَأنْتُمْ تُسَمُّونَهُ الْمَوْت ، كُلُّ مَنْ لَعَنَهُ وَضَعَ أَمَام نَفسِهِ سِتَّةً وَسِّتِين مَعْثَرًا ﴾ ، وحرمتْ آيات الْكِتَابِ الْمُبَارَك الصَّابِئِينَ من الاعتراضِ على حكمِ الله سبحانه وقضاءه:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي ، لَا تَعْتَرِضُوا عَلَىٰ أمْرِ رَبُّكُمْ ، وَكُونُوا صَالِحِينَ ﴾ ، وأشارت آيات مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُقَدَّس إلى ان الموت ما هو إلا تحرير للنفوس مِن الاجساد ، وان جميع الأجساد تفنى ، والكل يهلك ويموت في هذه الدّنيا ، وجميع النّفوس سوف تتحرر وترجع إلى بارئِها وخالقها ، الله سبحانه ، حينها سوف تحاسب جميع النّفوس على ايمانِها وافعالها واعمالها:ـ ﴿ كُلُّ مَنْ يُولدُ يَمُوت ، وَكُلُّ مَا يُصنَعُ بِالأَيْدِي يَفسُدُ ، وَالْعَالمُ كُلّه يَفْنَىٰ ، فَأَيْنَ سِرُّ الْألْوهيَّةِ الَّتِي فِيهِ إِنْ كُنْتُمْ تَنْتَظِرُونَ ، إنْ عُكّازتَكُمْ يَوْمَ الْحِسَابِ أعْمَالُكُمْ الَّتِي عَلَيْهَا تتوكَّأون ، فَانْظُرُوا إِلَىٰ مَاذَا تَسْتَنِدون ﴾ ، وبينت آيات الْكِتَاب الصّابئي الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ان جميع النّفوس لا تتحرر من الأجسادِ إلا بمشيئةِ رب العالمين ، وسوف تتم محاسبتها على الأعمالِ التي قامت بها في هذه الدّنيا ، والملاك صَورئيل عليه السّلام هو المسئول عن مهمةِ قبض النّفوس وتحريرها من الاجسادِ منفذاً امر الخالق ، الله سبحانه ، الواحد الأوحد:ـ ﴿ الْحَيُّ هُوَ الَّذِي يَرَىٰ ، وَهُوَ الَّذِي أمَرَ أمْرَا ، فَاِمْتَثَلَ صُورِيّيل ، وَصَارَ بِأَمْرِهِ يُخَلِّصُ النَّفْسُ الرُّوحِيَّة "نِشِمَاثَا" مِنْ الْجَسَدِ ، وَيَصَعَدُ بِهَا إِلَىٰ الْوَاحِدِ الْأحَدْ ؛ لَا تُقْبَلُ لَدَيهِ شَفَاعَةٌ وَلَا قُرْبَان ، وَلَا يُستَبْدَلُ إنْسَانٌ بِإنْسَان ﴾ ، وحرمت آيات كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس الصَّابِئِينَ ونهتهم من الجزعِ والضْجرِ والنّدبِ والنّياحِ والعويلِ والصّراخِ والثّبورِ ولطمِ الخدود والاجساد على الامواتِ ، وحرمت آيات كِتَابهم الْمُقَدَّس قلع الشّعر وتمزيق الثّياب وغيرها مِن مظاهرِ السّخط والاعتراض على موتِ الاجساد ، حكم الله سبحانه ومشيئته ؛ وبينت نصوص مُصْحَف جِنزا رَبَّا الْمُبَارَك ، ان المؤمنين بِاللهِ عليهم قبول حكمه والرّضاء بقدره وقضاءه ، وبينت النّصوص ان النّفوس كلما طالت اعمارها في هذهِ الدّنيا زادت خطاياها ، فمَنْ احبوا موتاهم الذين فارقت نفوسهم هذه الدّنيا الفانيَة ليس لهم إلا أن يسألوا الله الرّحمة ومغفرة الخطايا والذّنوب لِموتاهِم ، وذلك من خلالِ قراءة الادعية والتّضرعات للهِ سبحانه ، وقراءة تراتيل وصلوات التّرحم والغفران ، واعطاء الصّدقات واقامة طقوس وشعائر المراحم وطلب السّكينة والصّعود والارتقاء إلى الحياةِ الآخرة ما يعرف بِاللغةِ الْمَنْدَائِيَّة بـ"مَسْقثَا":ـ ﴿ لَا تَبْكُوا مَوَّتَاكُمْ ، وَلاَ تُقِيمُوا عَلَيْهِمْ الْأَحْزَان ، إِنَّ مَنْ مَزَّقَ ثِيَابِهُ عَلَىٰ مَيِّتٍ فَقَدْ دَنَّسَهَا ، وَمَنْ قَلَعَ شَعْرَةً عَلَىٰ مَيِّتٍ فَسَيُرْبَطُ بِجَبَلِ الظَّلاَمِ بِحَبْلٍ لَا يَبِيد ، كُلَّمَا طَالَتْ أعْمَارُكُمْ زَادَتْ خَطَايَاكُمْ ، فَلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ النَّفْسِ الرُّوحِيَّة "نشِمَاثَا" إِذَا فَارَقَت الْحَيَاة ،..، مَنْ أحَبَّ مَوْتَاهُ فَلْيَطْلُبْ لِأَنْفُسِهِمْ الرَّحْمَة ، وَأَقِيمُوا عَلَيْهَا الصَّلاَة وَالتَّسْبِيح ، وَاقْرَأُوا الْابْتِهَالاَت ، وَأَقِيمُوا طَلَبَ السَّكِينَة وَالْمَغْفِرَة وَالْارْتِقَاء "مَسْقِثَا" وَالرَّحْمَة مِنْ أَجْلِهَا ، عِنْدَئِذٍ يَسِيرُ الضِّيَاءُ أمَامَهَا ، وَيَأْتِي النُّورُ وَرَاءهَا ، وَرُسُلُ الْحَيِّ عَنْ يَمِينِهَا ، وَمَلاَئِكةُ النُّورِ عَنْ شِمَالِهَا ، فتَنْجُو مِنْ الْمَطْهَّرَاتِ "مَطْرَاثا" وَمِنْ مَرَاجِلِ النَّار ﴾ ، ويقرأ الصَّابِئِينَ دعاء الرحمة ( ارْواهَا إِدْ هَيِّي : رَحْمَة الْحَيّ ) على موتاهِم ، سائلين الله الرحمة والمغفرة للميت ولأنفسهم ، حيث يقولون فيها:ـ ﴿ بِأَسْمَاءِ الْحَيِّ الْعَظِيم ، الْإِئْتِلاَفُ وَرَحْمَةُ الْحَيِّ وَغُفْرَانُ الْخَطَايَا إِلَيْهِ ، لِذِي النَّفْسِ الرُّوحِيَّة الصَّاعِدَةُ "اِسْمُ الْمُتَوَفَّى" ، وَغُفْرَانُ الْخَطَايَا إِلَيْنَا ، مَوْجُودٌ الْحَيّ "هَيِّي" ، مَوْجُودٌ الْمَوْلَىٰ "مَارِي" ، مَوْجُودٌ الْمُدْرِك "مَنْدَا ادْ هَيِّي" ﴾ : ( ابْشُومَيْهُون إِدْ هَيِّي رَبِّي ، لَوفَا وَارْواهَا إِدْ هَيِّي وَشَابِق هَطَايِّي نِهُوِيلِي ، الْهَازَا نِشِمَاثَا الدِّيلِي "مِلُواشَا" إِدْ هَازَا مَسْقِثَا ، وشَابِق هَطايَا نِهُوِيلِي ، أكّا هَيِّي ، أكّا مَارِي ، أكّا مَنْدَا ادْ هَيِّي ).

ويؤمن الصَّابِئُونَ بِاللهِ سبحانه ايمان توحيدي صِرْف ، حيث يؤمنون به إلهاً واحداً لا شريك له ولا ند ، حيث جاء في آياتِ مُصْحَفهم جِنْزَا رَبَّا : الْكَنْز الْعَظِيم الْمُبَارَك ان يشهدوا لا إله إِلا الله الحَيّ العَظِيم ، مَلكُ النُّور السّامي ، الواحد الأحد:ـ ﴿ وَأَشْهَدُوا بِالْأَحَدِ ، رَّبُّ الْعَوَالِمِ جَمِيعًا ، مَلِكُ النُّور ، الْعَظِيمُ السَّامِي ، الَّذِي اِنبَعَثَ مِنْ ذَاتِهِ ﴾ : ( وَسَاهَدا ابْهَادَ ، مَارَيهون إِدْ كُلَهون آلْمِي ، مَلكَا ربّا رَامَا اد انْهُورَا ، إِدْ مَنْ نافشِي هُوَا ) ، وورد ايضاً في آيات كِتَابهم ان الله جل جلاله هو ملك النُّور الأحد ، الذي لا شيء أعظم منه ، وهو صاحب المُلك والسّلطان:ـ ﴿ الْأَحَدُ هُوَ مَلَكُ النُّور ، ذُو الْمَلَكُوتِ ، وَلَا شَيْءٌ أَعْظَمُ مِنْه ﴾ : ( اهَاد هُوَ مَلكَا إِدْ انْهُورا ، إِدْ مَلَكُوتيَ ، وَلَا ييَتا إِدْ رَبَّا مِنا ) ، وجاء ايضاً في آياتِ مُصْحَفهم في صُحُفِ نبي الله آدم عليه السّلام ، ان الله جل جلاله هو الإله الاحد ، الخالق والفاطر وهو الذي خلق سيدنا آدم عليه السّلام:ـ ﴿ الْأَحَدُ الْخَلاَّقُ ، الْأَحَدُ الْفَاطِرُ ، الْأَحَدُ هُوَ الَّذِي جَبَلَنِي ﴾ : ( هَاد بَان ، هَاد بَنان ، هَاد هُوَ جَابرا نَاصِبي ) ، وكذلك جاء في صُحُفِ آدم عليه السّلام ان الله هو اب جميع الخلق ، وهو الخالق الاحد وهو الذي خلق نبيه آدم عليه السّلام:ـ ( الْأَبُ الْأَحَدُ الْخَلاَّقُ ، الْأَحَدُ الْفَاطِرُ ، الْأَحَدُ الَّذِي جَبَلَنِي ﴾ : ( آب هَاد بَان ، هَاد بَنان ، هَاد جَابْرا نَاصِبي ) ، ويرتبط اسم الجلالة الله الحَيّ الْعَظِيم سبحانه في آياتِ كتب الصَّابِئَة الحُنَفَاء بصفات العظمة والكمال والتّنزيه عن النّقصِ ، والقوة والقدرة والعلو والكرم والجبروت والكبرياء والرّحمة والمحبة والعدل والسّلام ، منها:ـ الْوَاحِدُ الْأَحَد : ( اهْدا هَد ) ، الْوَاحِدُ الْعَظِيم : ( اهْدا رَبَّا ) ، الْأَحَدُ الْعَظِيم : ( هَاد رَبَّا ) ، رَّبُّ الْعَوَالِمِ جَمِيعَاً : ( مَاريّهون إِدْ كُلَهُون آلْمِي ) ، وسلطان كل شيء: ( اشْلِيطا إِدْ كُل اصْبو ) ، اللهُ الرَّبُّ الَّذِي اِنْبَعَثَ مِنْ ذَاتِهِ : ( اِلاهَا رَبَّا إِدْ مِن نَافِشِي افْرَش ) ، والحياة بكلمته صارت ، وبأمره تستمر ، وبمشيئته تزول وتقوم السّاعة بعد أن تكمل قدرها ؛ هو الله سبحانه الذي ليس كمثله شيء ، ومنزه الله جل جلاله عند الصَّابِئِينَ غاية التّنزيه عن عوالمِ المادة والطّبيعة المرئيّة وغير المرئيّة ، ومنزه عن جميعِ الهيئات الجسمانيّة والاشكال الماديّة وغير الماديّة ، بحيث عند الصَّابِئِينَ ، لا تناله الحواس ، ولا يفضي إليه مخلوق ، وهو الَّذي لا حَدَّ لِعَظَمَتِهِ : ( سَاجا لِيتلا ) ، ولا يُرَىٰ ولا يُحَدّْ : ( لَا مِتهَزيا وَلَا مَستيج ) ، وَهو الْمَعْبُود بِالْحَقِّ : ( ابْكَوُشْطَا تَشبَهثا ) ، ولاَ كُفُوًا لَهُ بِعَظَمَتِهِ : ( إِدْ لِيثلىٰ اهْبَارَا ابْتاجَا ) ، ولَا شَرِيكَ لَهُ بِسُلْطَانِهِ : ( لَا شُوتابا ابْشلطانا ) ، ولَا أبَ لَهُ ولَا وَلْد : ( ليتلا أبا إِدْ قَاشِيش مِينا وَلَا بُخرا إِدْ قُودَامَا هُوا ) ، وَلَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْمُلْكِ : ( لِيتلا اهْا إِدْ ابْلاجَلا مِناتَا ) ، وَلَا شَبِيه له فِي كَيْنُونَتهِ ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ ، وَلَا يُشَارِكهُ مِلْكَهُ أحَدْ : ( وَلَا تُوئما إِدْ بِكيسات هَداديا لَا قَبلا وَلَا بِلاجلا مِناتا وَلَا هويا بِلجتا ابْمدينتا ) ؛ وَالَّذي لَا كَيلْ لهُ وَلَا حَدَّ لِبَهائِهِ وَلَا قِيَاسْ لضيائِهْ ولَا مَدىٰ لِعَظَمَتِهِ : ( إِدْ لِيتلا كَيلا وَمَنِيانا وَسَاجَا لزِيوا وِلِنهُورا وَلَايْقَارا ) ، رب الخيرات التي لا تنضب ، ذو القوة الكبيرة التي ليس لها مثيل ، المتسلط على كلِ رغبة ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، لَا بدايَة لِوجودِه ولا نِهاية ؛ وَمَا كَانَ لأنهُ مَا كَانْ ، وَلاَ يَكُونُ لأنـَّهُ لَا يَكُونْ:ـ ( إِدْ لَا هُو كَد إِدْ لَا هُو ، وَلَا هَاوي كَد إِدْ لَا هَاوي ) ؛ وموجود منذ الازل وباقٍ إلى الابدِ :ـ ﴿ مَوْجُودٌ مُنْذُ الْقِدَم ، بَاقٍ إِلَىٰ الْأَبَدْ ﴾ ، ولا يُفنى ولا يَموت:ـ ﴿ خَالِدُ فَوْقَ كُلَّ الأَكْوَانْ ، لَا مَوْتَ يَدنو مِنْهُ وَلَا بُطْلاَنْ ﴾ ، وهو الْحَيُّ الْحَق ( كُوشْطَا ) بداية الوجود:ـ ﴿ اللهُ هُوَ الْحَيُّ مُنْذُ الْأزَل ، وَالْحَقُّ "كَـُشْطَا" بِدَايَةُ كُلَّ الْبِدَايَات ﴾ ، وهو الاول قبل كل شيء:ـ ﴿ الْأوَّلُ مُنْذُ الْأزَلْ ﴾: ( هَييِّ هَينُون قَدمَايي إِدْ هَينُون مِن لا قَادمي هُون ) ، والعبادة في الشَّريعةِ الصَّابِئِيَّة لا تكون إلا للهِ ، والتّعظيم والسّجود والإتكال والتّضرع والدّعاء كلها له وحده لا سواه ، وهو الوحيد ذو الكمال المُطلق ، حيث جاءَ في آياتِ صُحُف جِنْزَا رَبَّا الْمُقَدَّس في وجوبِ توحيده الهاً واحداً:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي:ـ اللهَ وَحَّـدُوه ، وَالشَّرَّ لَا تُقَرِّبُوه ﴾ ، وورد بآيات الْكِتَاب الصَّابِئِي الْمُقَدَّس بان الله الواحد الْعَظِيم هو المُعين وناصر المُؤمنين ومُنجيهم فلا غالب لهم ولا معين ولا وكيل إلا هو سُبحانه ، ومَنْ يتكل على غيرهِ مِن آلهةٍ باطلة وزائفةٍ فمصيره العَذاب الأليم:ـ ﴿ مَنْ يتَّجِه لِلرَّبّْ .. فإنَّهُ يُنَجِّيه ؛ الرَّبُّ لَا يَنبُذهُ يَوْماً ، وَلَا يُخْزِيه ؛ أمَّا الْأَشْرَار .. أمَّا الْكُفّار .. أمَّا مَنْ أَقْصَوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ نَبْعِ النُّور .. وَالتَّحَفُوا بِالدَّيْجُورِ .. النُّور كَاَنَ بيَّنًا لَهُمْ ، فَلمْ يُبْصِرُوه ؛ وَجَاءَهُمْ صَوْتٌ مِنْ الرَّبَّ فَلَمْ يَسْمَعُوه ، أُولَـٰئِكُمْ طَائِفَة الْأَشْرَار ، بِذَنْبِهِمْ يُؤْخَذُون ، بِذَنْبِهِمْ فِي لُجَجِ الظَّلاَم يَغْرقُون ، سَتَكُونُ الظُّلْمَةُ مَأوَاهُمْ ، وَكُهُوفُ الظُّلْمَةِ مَثوَاهُمْ .. حَتىٰ يَوْمِ الدِّين ؛ الْحَمْدُ لَكْ .. يَا مَلكَ الْأنْوَار ، يَا مُنقِذًا عِبَادَكَ الصَّالِحِين .. مِنْ ظَلَمُوتِ النَّار ، وَغَالِبٌ أنْتَ يَا أَيُّهَا الْحَيّ الْعَلِيم "مَنْدَا إِدْ هَيِّي" ، يَا ذَائِدَ الْأَبْرَار عَنْ جَمْرِهَا اللاَّهِب ، وَالْوَاحِدُ الْعَظِيم ، وَالْحَيُّ هُوَ الْغَالِب ﴾ ، وجاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئَة ، مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ، أن مَنْ عبد الله الخالق الواحد الاوحد ولم يشرك به وعمل صالحاً ولم يقترف الآثام فمصيره الجنة ، فردوس عالم الانوار:ـ ﴿ رَبِّي شَاهِدِي .. هُوَ خَالِقِي ، وَهُوَ سَانِدِي ، لَمْ أفْعَلْ الشَّر أَنَا ، لَمْ أُقْتَلْ ، وَلَا اقتَرَفْتُ الزِّنَا ، يَدي لَمْ تَسْرِقْ ، وَبَابَ سَاحِرٍ لَمْ أطْرُقْ ، لَا رَأْسِي عَلَىٰ الشَّرَّ اتَّسَد ، وَلَا عَذَّبتُ نَفْسًا فِي جَسدٍ ، وَلَا شَهِدْتُ شَهادَةَ زُورٍ عَلَىٰ أَحَدٍ ، لَا غَيَرْتُ حُدُودًا ، وَلَا نَقَلْتُ أوْتَادًا وَلَا بُنودًا ، وَلَا عَيْنَي غَمَزتْ ، وَلَا فَمِي زُورًا تَكَلَّمْ .. لَا سَحَرَنِي سَاحِرٌ ، وَلَا مُنَجَّمَ ليّ نَجَّمْ ، لَمْ أَسْجُدْ لِرَبَّيْنِ اثْنَيْن ، وَلَمْ آكُلْ صَدَقَتَين اثنَتَين ، كُنْتُ لِلأَعْمَىٰ دَلِيلًا ، وَلَمْ أكُنْ بِالصَّدَقةِ بَخِيلًا ، مَا وَجَدْتُ جَائِعًا إلّا أشبَعْتُه ، وَلَا كَنَفَ أرْمَلَةٍ إلّا مَلأتُه ، وَلَا عُرْيَانَ إلّا كَسَوتُه ، وَلَا مَسبِيْتًا إلاّ حَرَّرْتُه ، وَإِلَىٰ وَطَنهِ أَعَدْتُه ، وبزُوَّادةٍ زَوَّدتُه ، كَمْ مِنْ مَرِيضٍ صَعِدتُ مَعَهُ عَلَىٰ السَّرِير ، وَكَمْ مُتوفَّي ذَهَبْتُ مَعَهُ إِلَىٰ مَقرَّهِ الْأَخِير ﴾ ، وجاء في آياتِ كِتَاب الْكَنْز الْعَظِيم الْمُبَارَك في صَحائِفِ نبي الله آنوش عليه السّلام ، ان يُحذر المؤمنين من الشّركِ بِاللهِ ، لان الشّرك مِن اعظمِ المعاصي والذّنوب ، وان يحذرهم مِن ضلال الشّيطان واعماله الباطلة التي تغويهم:ـ ﴿ يْا آنُوش قُلْ لِأصْفيَائِكَ فِي تِلْكَ الدَّار ، عَنْ الشَّرَّ الَّذِي يُزَيَّنُهُ لَهُمْ الشَّيْطَان ، وَعَنْ الشَّرَّ الَّذِي يتَوَعَّدُهُم بِهِ الشَّيْطَان ، قُلْ لَهُمْ إِنَّ الْكُرْهَ ، وَالْحَسَدَ ، وَالنَّمِيمَة مِنْ سمُومِ الأَشْرَار ، وَلَنْ تَصْعَدَ بِصَاحِبِهَا إِلَىٰ بَلَدِ الأَنْوَار ، أمَّا مَنْ يُشْـرَكُ بِاللهِ فَمَصَيرُهُ النَّار ﴾ ، وجاء في تعاليم ومواعظ ووصايا ودروس نبي الله يحيى بن زكريا عليه اطيب واجمل السّلام في كِتَابِ سُنَّة النّبي يحيى عليه السّلام ( إِدْرَاشا إِدْ يَهيَا : دُرُوس يَحْيَىٰ ) بان الخزي والعار يلحق كل مَنْ لم يؤمن بِاللهِ ملك النُّور العظيم ، وكل مَنْ لا يعرف بان الله سبحانه هو الخالق الواحد الاحد الذي لا شريك له:ـ ﴿ مَلْعُونٌ وَمَوْصُومٌ بِالْعَارِ ، كُلُّ مَنْ لاَ يَعْرِف ، وَكُلَّ مَنْ لاَ يَعْلَم ، إِنَّ رَبِّنَا هُوَ مَلِكُ النُّور الْعَظِيم ، مَلِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، الْـوَاحِدُ الْأَحَـد ﴾.

وآيات صُحُف الأولين ، صُحُف انبياء الصَّابِئِينَ الْمَنْدَائِيِّين ، كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس : مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ( كَـِنْزَا رَبَّا : جِنْزَا رَبَّا : الْكَنْز الْعَظِيم ) والذي يجمع كلام الله الخالق الاوحد ملك الانوار العلي ووصاياه وأول رسالاته لبني البشر ، تدعو لعبادة الله الخَالق العَظيم الواحد الاحد ، وتحرم وتنهي وتحذر الصَّابِئِينَ والمؤمنين به اشد التّحريم من الشّركِ او السّجود لغير الله الحي العظيم سبحانه او عبادة ما دونه من الأربابِ الزّائفة ، وأنهت آيات كِتَاب الصَّابِئِينَ من تأليهةِ الرّسل والانبياءِ والمَخلوقين ، وحرَّمت إتباع مَنْ يدعون لعبادةِ أهوائهم وما سواه من آلهة باطلة او الاشراك به ، فهو الواحد الاحد الذي لا اب له ولا ولد ولا شريك له ، وحرَّمت آيات كتابهم عبادة الملائكة والجن والشّياطين ، وحرَّمت عبادة الأصنام واْلأوثان والأنصاب والتّماثيل والصّور ، والمذابح والهياكل ، والنّار والكَواكب والنّجوم ، فكل هذه المعبودات خاطئة ، وكل معبود دون الله فهو باطل ، وتؤدي عبادة هذه المعبودات الزّائفة إلى هلاكِ عابديها في نارِ جهنم الحارقة ودياجي الظّلمات بحسب الشّريعةِ الصَّابِئِيَّة.

فقد جاء في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس ان الله الحَيّ الْعَظِيم ينهي المحنفين والْمؤمنين من تأليهةِ الرّسل والنّبيّين ، ويحذيرهم من إتباعِ المخادعين مدّعي النّبوءات الزّائفة أولئك الذين يضللون النّاس ويدعونهم لعبادة ما دونه من اربابٍ ومعبودات مضللة ، فان دعواتهم ما هي إلا زيف وبهتان ، وضلال وبطلان:ـ ﴿ لَا تَتَشَبَّهُوا بِأنْبِيَاءِ الزُّورِ ، وَلَا بِقُضَاةِ الْكَذِب .. أَنَّهُمْ إِلَىٰ ضَفَّةِ يَرْدِنَا لَا يَصْعَدُونَ ، وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ ثَبَاتٍ ، بِأَمْرِ الْحَيِّ الْمُقِيمِ فِي السَّمَاءِ الْقَاصِيَة ﴾ ، وحذرت آيات صُحُف كِتَاب الصَّابِئَة مِن إتباعِ انبياء الدّجل والزّور الذين يدعون لعبادة غيره او ما سواه من بشر وحجر وغير ذلك ، او مَنْ يؤلهون انفسهم ، او مَنْ يُشركون به ، او مِمَنْ يحاولون فرض تلك العبادات المزيفة على المؤمنين بِالمكرِ والخداعِ تارةٍ ، او بِالعنفِ والقوةِ وحدةِ السّيف تارةٍ اخرى ، او مِمَنْ يُلبسون الحق بِالباطلِ ويحرفون الكلم عَن مواضعهِ ويبدلونهِ حسب أهوائهم ويزعمون انه مِن عندِ الله ، حيث جاء في مُصْحَفِ الصَّابِئِينَ:ـ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِأَدُونَاي ، وَيُحَرِّفُونَ النِّدَاءَ الْأَوَّل قَدْ أَلَّفُوا لَهُمْ كِتَابًا ، لَا تَكُونُوا مِنْهُمْ ، وَلَا تَخْتَتِنُوا ، وَلَا تَسْلُكُوا طَرِيقَ الَّذِينَ عَلَىٰ كَلاَمِهِمْ لَا يَثْبُتُونْ ، فَمِنْ هَـٰؤُلَاءِ سَيْلٌ مُنْسَرِب ، وَأَنْبِيَاءُ كَذِب ، يَنْزَعُونَ الْحِكْمَة مِنْ قُلُوبِهِمْ ، وَيتَألهَّون فِي شُعُوبِهِمْ ، فيَكْتُبُونَ كِتَابَ الزَّيْف ، وَيَنْشُرُونَ الْفِتْنَةَ وَالْحَيْف ، أَنَا الرَّسُولُ الطَّاهِرُ .. أَقُولُ لِجَمِيعِ النَّاصُورَائِيِّينَ: ميَّزُوا كَلِماتِ هَـٰؤُلَاء ، إِنَّ بَعْضُهُمْ يُكَذبُ بَعْضَا ، النَّبيُّ يُكذَّبُ النَّبيّ ، والْمَلِكُ يَطْعَنُ الْمَلِك ، يَتَزَلَّفُونَ إِلَىٰ الْبَشَرِ ، ويُغرُّونَهُمْ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ ، بِالْغِنَاءِ وَالطَّرَبِ ، وَنُصُبِ الطِّينِ وَالْخَشَب ، فَيُوقِعونَهُمْ فِي الْعَطَبِ ، أَوْ يلجَأُونَ إِلَىٰ السَّيْفِ ، وَيَنْشُرُونَ الظُّلْمَ وَالْحَيْف ، أَوْ بالْمَلَقِ وَالْخِدَاعِ وَالزَّيْف ، يَجْعَلُونَ أَبْنَاءَ آدَمَ يَنْحَرِفُونَ ، وَيَضَعُونَ إسْمَ اللهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَهُمْ كَاذِبُونَ ، يَقُولُونَ هَـٰذَا كَلاَمُ الله وَهُمْ فِي كَلاَمِ الله يَدُسُّونَ ، أَنَا الرَّسُولُ الطَّاهِرُ أقُولُ لَكُمْ: لَا تَسْمَعُوا نِدَاءَ أَنْبِيَاءَ الْكَذِب ، أَنَّهُمْ يَتَشبَّهُونَ بِالْأثُرِيِّينَ الثَّلاَثَة الَّذِينَ هَبَطُوا إِلَىٰ الْعَالَمِ ، وَلَـٰكِنَّ أضْويَتَّهُمْ ليَستْ كَأضْويَتِهِمْ ، وَأَرْدِيَتِهِمْ لَيْسَتْ كَأرْديَتِهِمْ ، أُولَـٰئِكَ أرْديَتَهُمْ مِنْ نُورِ ، وَهَـٰؤُلَاءِ أكْسِيتَهُمْ مِنْ نَارِ ﴾ ، وكذلك قد حذرت آيات صُحُف كِتَاب الْكَنْز الْعَظِيم الْمُقَدَّس المؤمنين مِن الدّعواتِ الزّائفة لمدعي النّبوءات واتباعهم الذين يفترون على اللهِ وانبياءهِ كذباً ويسيئون الاحكام والافعال ، و يؤذون المؤمنين والمؤمنات ، ويقاتلونهم ويضطهدوهم ويشردونهم ويخرجوهم من ديارِهم ، أن الله سيحاسبهم على ما أقترفت أيديهم من آثامٍ:ـ ﴿ يَا أصْفيَاءَ الصِّدْقِ الْمُعَظَّمِينَ ، إحْفَظُوا أنْفُسَكُمْ مِنْ الرَّاجِفَة ، وَمِنْ الذِّئَابِ الْخَاطِفة ، وَمِنْ أيَّمَا دَعْوةٍ زَائِفَة ، لَا تَقْتَدُوا بِأَبْنَاءِ الْإِثْم اللُّؤَمَاء ، الْمُلَطَّخةِ أَيْدِيهِمْ بِالْدِّمَاءِ ، إِنَّهُمْ بِالْحَيِّ يَكْفُرُونَ ، وَعَلَىٰ عُرُوشَ الْعِصْيَانِ يَجْلِسُونَ ، يَظْلِمُونَ وَيَضْطَهِدُونَ ، إِنَّهُمْ بآثَامِهِمْ مَأْخُوذَونَ ﴾.

ويؤمن الصَّابِئُونَ بان الله سبحانه خلق الملائكة مِن النّورِ ، وهي لا تعمل عملاً إلا بإذنه وإرادته ، فإنها خلقت لخدمتهِ وطاعتهِ وعبادتهِ ، وانها تسبح له وتسجد لجلالتهِ العظيمة وتعبده حق العبادة ، حيث جاء في صُحُفِ مُصْحَف الصَّابِئَة الحُنَفَاء الْمُبَارَك في صُحُفِ سيدنا آدم عليه السّلام:ـ ﴿ أَمَامَهُ الْمَلاَئِكَة مَاثِلُونْ ، بِأضْوَيتِهِمْ يَتألَّقونْ . سَاجِدِينَ خَاشِعِينْ . شَاكِرِينَ مُسبِّحِينْ ،..، قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ كُونِي فَكَانَتْ ، بِقَوْلِهِ مَلاَئِكَة النُّورِ كَانَتْ ، وَمِنْ ضِيَائِهِ النَّقيَّ انْبَثَقَ مَلاَئِكَةُ التَّسْبِيح الَّذِينَ لَا حَدَّ لَهُمْ ، وَلَا عَدَّ ، وَلَا بُطْلاَنْ ، مِنْ نُورِهِ الْعَظِيمِ اِنَبَثَقوا مُمْتَلِئِينَ بِالتَّسْبِيحِ ، مُتقَنٌ ضِيَاؤه ، بَهِيٌ نُورُه ، مُتْقَنٌ وبَهيٌ مَقَامُهُمْ فِيهِ ، نُورٌ لَا بُطْلاَنَ فِيهِ ، وَخُشُوعٌ لَا عِصْيَانَ فِيهِ ، وَبَرٌّ لَا شِقَاقَ فِيهِ ، وَإيمَانٌ لَا خِدَاعَ فِيهِ ، وَصِدْقٌ لَا كَذِبَ فِيهِ ، هُوَ الْخَيِّرُ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ ، وَهُمْ فِيهِ مُقِيمُونَ ، لِلحَيِّ مُسَبِّحُونْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِالضِّيَاءِ الَّذِي وَهَبَهُ إِيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِثِيَابِ الضِّيَاءِ الَّتِي وَهَبَها إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِأَرْدِيَةِ النُّور الَّتِي وهَبَها إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِأحْزِمَةِ الضِّيَاءِ الَّتِي وَهبَها إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِأَكَالِيل الضِّيَاءِ الَّتِي وَهَبَهَا إيَّاهُمْ ، وَضَفَرهَا لهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضَّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلكِ النَّور بِالْقوَّةِ وَالثَّبَاتِ اللَّذَينِ وهَبَهُما إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِالصَّدْقِ وَالْوَفَاءِ وَالْإِيمَانِ الَّتِي وهَبَها إيَّاهُمْ ،..، جَمِيعُهُمْ خَاشِعُونْ ، للهِ يُسَبِّحُونْ ، اللهُ مَلِكُ النُّورِ السَّامِي ، مَلِكُ الْمَلاَئِكَةِ وَالْأُثِريِّينَ ، مُسبَّحٌ اِسْمُهُ إِلَىٰ أَبَدِ الْآبِدِينَ ، وَالْأثُرِيُّون وَالْمَلاَئِكَةُ وَالرُّسُلُ وَالسِّيمَاءُ وَالْأمْثَالُ وَالْغُيُوم السَّارِيَةَ ، وَالْمِيَاهُ الْجَارِيَة ، وَالْأَشْجَارُ الْعَالِيَة ، وَالضِّيَاءُ الَّذِي هِيَ بِهِ حَالِيَةْ .. كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، مَلِكِ النُّورِ السَّامِي ﴾.

وأنهت وحذرت نصوص صُحُف كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس المُؤمنين وحذرتهم مِن عِبَادةِ الشّيطان والاصنامِ والاوثان ، والتّماثيلِ والانصابِ وما شَابهها من حِجارةٍ وطينٍ وخشبٍ وغيرها من مظاهرِ الشّرك والوَثنيّة ، حيث جاء في آياتِ صَحائِف مُصْحَف جِنْزا رَبَّا الْمُبَارَك:ـ ﴿ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّيْطَانِ ، وَلَا تَعْبُدُوا الْأَصْنَامَ وَالْأَوْثَان ، مَنْ يَسجُدْ لِلشَّيْطَانِ فمَصِيرُهُ النَّارْ ، بِئْسَ الْمُنْتَهَىٰ ، وَبِئْسَ الْقَرَارْ ، خَالِدًا فِيهَا إِلَىٰ يَوْمِ الدِّين .. سَاعَةِ خَلاَصِ الْعَالمِ .. سَاعَةَ يُحَاسِبُ الَّديَّانْ ، نَفْس كُلَّ إنْسَانْ ﴾ ، وتكرر النّهي بآية اخرى:ـ ﴿ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّيْطَانِ ، وَلَا لِأَصْنَامَ هَـٰذَا الْعَالمِ الزَّائِف ﴾ ، وجاء في آيةٍ أخرى من الكِتَابِ الْمُقَدَّس أمر الله الْحَيّ الْقَيوم سبحانه لِلمؤمنين لِيمسكوا ركبهم من السّجود لِغيره من اصنامِ وشيطان وغيرها:ـ ﴿ أَمْسِكُوا رُكَبَكُمْ عَنْ السَّجُودِ لِلشَّيْطَانِ وَلِأَصْنَامِ الزَّيف ﴾ ، وحذر الله سبحانه الصَّابِئِينَ من غِوايةِ الشّيطان وضلالته التي تَحرفُ قلوب المُؤمنين:ـ ﴿ لَا تَزْنُوا ، وَلَا تَفسِقُوا ، وَلَا تَمِلْ قُلُوبُكُمْ إِلَىٰ غَوَايَةِ الشَّيْطَان ، إِنَّ غَوَايَةَ الشَّيْطَان ضَلاَلٌ مُبِين ﴾ ، وجاء في آياتِ صُحُف مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُبَارَك أمر الله لِلصَّابِئِينَ الْحُنَفَاء أن يؤمنوا به ويعملوا الصَّالحات من صدقةٍ وإحسانٍ ونهاهم من القيامِ باعمالِ الشّيطان المُنكرة:ـ ﴿ اِنْظُرُوا بِأعيُنِكم ، وَانْطِقُوا بِأَفْوَاهِكُمْ ، وَاسْمَعُوا بِآذَانِكُمْ ، وَآمِنُوا بِقُلُوبِكُمْ ، وَاعْمَلُوا بِأَيْدِيكُمْ صَدَقَةً وإِحْسَانَ "زِدْقَا وَطَبْوُثَا" ، إعْمَلُوا بِمَشِيئَةِ رَبَّكم ، وَلَا تَعْمَلُوا بِمَشِيئَةِ الشَّيْطَان ﴾ ، وبينت آيات مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُقَدَّس بان مصير مَنْ عبدوا الشّيطان والأصنام والأوثان النّار الحارقة:ـ ﴿ أمّا عَبَدةُ الشَّيْطَان .. أمَّا عَبَدةُ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَان ، فَإِلَىٰ النَّارِ الْمَوْقِدَةِ يَذْهَبُونَ ﴾ ، وحذر النّبي يحيى عليه السلام المؤمنين من السّجودِ للشيطانِ والاصنامِ والاوثانِ ، حيث جاء في كِتَابِ سُنَّة النّبي يحيى بن زكريا عليه السّلام ودروسه وتعاليمه ومواعظه ووصاياه ( إِدْرَاشا إِدْ يَهيَا : دُرُوس يَحْيَى ):ـ ﴿ أَبْنَائِي ، اِحْذَرُوا ، لَا تَسْجُدُوا لِلشَّيْطَانِ ، وَالْأَصْنَامِ ، وَالتَّمَاثِيلِ فِي هَـٰذَا الْعَالَمِ ، مُذْنِبٌ مَنْ يَفْعَل ذلِكَ ، وَلَنْ يَصِلَ إِلَىٰ دَارِ الْكَمَال ﴾ ، وجاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس بأن الذين يقتلون بني البَشر والذين يرهبون العَالمين ، ويسرقون ويتحايلون ، ويختطفون النّساء ، ويزنون ويفسقون ، ولا يأمرون بِالْمَعروفِ ولا ينهون عن المنكرِ ، هؤلاء طائفة الشّيطان ، لا شفاعة لهم ولا غفران يوم الحِساب ، ومصيرهم الظّلمات والنّار الحارقة:ـ ﴿ إِنِّي أُعلَّمُ بَاهِري الصِّدْقِ ، أنَّ هَـٰذِهِ النُّفُوسَ الْقَاتِلةَ قَتْلا ، السَّافِكَةَ دَمَ بنِ آدَمَ عَلَىٰ الْأَرْضِ سَفْكا ، وَالسَّابِيَةَ سَبْيا ، هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ مَا لَمْ يَشْتَرُوا لَا بِذَهَبِهِمْ ، وَلَا بِفِضَّتِهِمْ ، وَيُقايِضُونَ مَا لَمْ يَقْتَنُوا لَا بِمَالِهِمْ ولَا بِتِجَارَتِهِمْ ، هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْهَبُوا ، وَنَهَبُوا ، وَبُيُوتَ النَّاسَ سَلَبُوا ، جَعَلُوا الْأَحْرَارَ عَبِيدًا ، وَالْحَرائِرَ إمَاءً ، وَالرَّجَالَ زُنَاةً ، وَالنِّسَاءَ زَانِيات ، يَأْمُرُونَ الْأَمْرَ وَلَا يَفْعَلُونَ الْخَيْر ، وَيَنْفَعُونَ أَنْفُسَهُمْ وَلَا يَنْفَعُونَ الْغَيْر ، يَنْصُرُونَ الْابْنَ عَلَىٰ أَبِيهِ ، ثُمَّ يَسْلُبُونَ مِنْ بَيْتِهِ كُلَّ مَا فِيهِ ، إنَّ هَـٰؤُلَاءِ اتِّبَاعُ الشَّيْطَان ، مَصِيرُهُمْ الظُّلْمَة وَالنِّيرَانَ ، لَا شَفَاعَةَ لَهُمْ وَلَا غُفْرَان ﴾.

وجاء في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس ما يبين لِلمُؤمنين بان كل مَنْ لم يعبدوا الله الْحَيّ الْعَظيم ملك الانوار العلي ، او اتخذوا يعبدون ما دونه مِن ارباب وآلهة بَاطلة او اشركوا به فمَصيرهم النّار:ـ ﴿ يْا آنُوش قُلْ لِأصْفيَائِكَ فِي تِلْكَ الدَّار ، عَنْ الشَّرِّ الَّذِي يُزَيَّنُهُ لَهُمْ الشَّيْطَان ، وَعَنْ الشَّرِّ الَّذِي يتَوَعَّدُهُمْ بِهِ الشَّيْطَان ، قُلْ لَهُمْ إنَّ الْكُرْهَ ، وَالْحَسَدَ ، وَالنَّمِيمَة مِنْ سُمُومِ الْأَشْرَار ، وَلَنْ تَصَعَّدَ بِصَاحِبِهَا إِلَىٰ بَلَدِ الْأَنْوَار ، أمَّا مَنْ يُشْرَكُ بِاللهِ فَمَصَيرُهُ النَّار ﴾ ، وجاء في الْمُصْحَفِ الْمُبَارَك ان الكفار والمشركين ضالين عن الحق وبعيدين عن الصواب:ـ ﴿ ثمَّ وَصَلْتُ دَارَةَ الْكُفَّارْ ؛ الْمُشْرِكِينَ ثَانِيًا ، وَثَالِثًا بِمَلِكِ الْأنْوَارْ ؛ وَعَابِدِي الْأَخْشَابِ وَالْأَحْجَارِ ، سَأَلْتَ: مَاذَا يُشْبِهُونَ؟ سَمِعْتُ صَوْتًا قَالْ: كغَنَمٍ يَقُودُهَا مُضَلَّلٌ مُحْتَالْ ، يُوقِفُهَا عَلَىٰ ضِفَافٍ عَالِيَة ، الْمَاءُ يَجْرِي تَحْتَهَا .. تَرَاهُ بِالْعُيُونِ ، لَـٰكِنَّهُ أبْعَدُ مَا يَكُونْ ، فَهِيَ عِطَاشٌ أبَدًا ، لاَهِبةُ الْأَحْشَاءْ ، وَكَلَّمَا رُؤُوسُهَا دَنَتْ يَبْعدُ عَنْهَا الْمَاءْ ﴾ ، وجاء في آياتِ هذا الْكِتَاب الْمُبَارَك ان الكَافرين في الظّلامِ سيَحشرون:ـ ( وَكُلُّ مَنْ كَانُوا بِربَّهِمْ يَكْفُرُونَ ، فِي أَعْمَاقِ الظَّلاَمِ يُحشَرُونَ ) ، وحرمت نصوص كِتَاب الصَّابِئِينَ الصَّابِئَة حتى الاقتران والزّواج من الكفارِ والمُشركين وعابدي الأوثان والأصنام:ـ ﴿ إنَّ الَّذِينَ يُزَوِّجُونَ بَنَاتُهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْكَافِرِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَعَبَدةَ الْأَوْثَان ، أُولَـٰئِكَ بِسِياطِ النَّارِ يُجْلَدُون ، يُعَذَّبُونَ بِالنَّارِ الْآكِلَة وَالْبَرَدِ وَالْحَرِيقِ ، وَفِي الظَّلاَمِ يُحْشَرُون ، لَا يَنْفَعُهُمْ حُزْنُهُمْ وَلَا نَدَمُهُمْ حِينَ يَنْدَمُونَ ؛ كُلَّمَا قُدِّمَتْ إحْدَاهُنَّ قُرْبَانًا لِمَعَابِدِ الْأصْنَامِ ، أوْ رَكَعَتْ لِلمُنَجِّمِينَ سُئِلَتْ نَفْسُ أَبِيهَا عَنْهَا ، فَكَيْفَ مِنْ ذُنُوبِكُمْ تَتَنَصَّلُون ﴾.

ونهى الله جل وعلا المُؤمنين الصَّابِئَة من جميعِ اشكال العبادات الوثنيّة ، وحرم عليهم العِبادة من خلالِ تقديم النّذور والاضاحي والذّبائح والقرابين للمذابحِ ومعابد الاصنام والانداد والاوثان وهياكل عبادة الكواكب وبيوت النّار وما شابهها ، وحُرِم تعظيمها او العبادة من خلالها ، حيث جاء في آياتِ مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُقَدَّس:ـ ﴿ مَنْ يُقدَّم الضَّحَايَا وَالْقَرَابِينَ لِمَعَابِدِ الْأصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ تُعقَدْ خُطَاهُ فِي جَبَلِ الظَّلاَمِ ، فَلَا يَرَىٰ نُورَ الله ، أَمَّا مَنْ آمَنَ وَأتَّقَىٰ فَلَهُ مِنْ النُّورِ مُرْتَقَىٰ حَتَّىٰ يَبلُغَ بَلَدَ النُّور ﴾ ، وجاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس تحريم الله سبحانه للمُؤمنين الصَّابِئِينَ من تناول الأطعمة والاشربة التي توزع وتقدم كنذور واضاحي وقرابين في شعائرِ وطقوس العِبادات الوثنيّة والشّركيّة البَاطلة ، وتلك التي تقدم إلى مَعابدِ وهياكلِ عبادة النّجوم والكواكب والمجموعات النّجميّة المعروفة بِالبروجِ الاثنتي عشر:ـ ﴿ لَا تَأْكُلُوا وَلَا تَشْرَبُوا مِنْ هَيَاكِلِ الْكَوَاكِبِ وَمِنْ الْاثْنَيْ عَشَرَ بَاب ، كُلِّهَا كَفْر وَدَنَس وَمَكْر ﴾ ، وجاء في كِتَابِ سُنَّة نبي الله يحيى بن زكريا عليه ازكى السّلام ، ان القرابين والنّذور التي تقدمها الناس للهياكل وما شابهها تُضعِف الايمان وتبعدهم عن عبادة الرحمن:ـ ﴿ أَيُّهَا الْمُخْتَارُونَ ، أَنَّ الْقَرَابِينِ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا لِلهَيَاكِلِ تُفْقِرُ تَفْكِيرُكُمْ وَإِيمَانُكُمْ وَتُفَرَّقُكُمْ ﴾.

وحرم الله سبحانه ونهى جل جلاله الصَّابِئِينَ اشد النّهي والتّحريم مِن عبادةِ الكواكب والنّجوم والبروجِ والاجرَام ، وأمر المُؤمنين به لِصرفِ العِبادة له وحده لا شريك له ، حيث جاء في آياتِ الْمُصْحَف الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا : الْكَنْز الْعَظِيم:ـ ﴿ لَا تُسَبِّحُوا لِلْكَوَاكِبِ وَالْأَبْرَاجِ ، وَلَا تُسَبِّحُوا لِلشَّمْسِ وَالْقَمَر المَنْوَرَيْنِ هَـٰذَا الْعَالَم ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي وَهَبَهُما هَـٰذَا الضِّيَاء ﴾ ، ونهت آيات مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُؤمنين مِن عبادة الشّمس والقَمر ، وبينت لهم بان نورهما كان بِأمرِ الله وسيزولان عند قيام السّاعة:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، لَا تُمَجِّدُوا الشَّمْسَ وَالْقَمَر ، هُوَ اللهُ الَّذِي أمَرْ فَكَانَ لَهُمَا وَلِلكَوَاكِبِ هَـٰذَا الضِّيَاء ، لِكَيْ يُنِيرُوا بِهِ الظَّلْمَاء ، فَإِذَا نَادَىٰ الْحَيُّ الْعَظِيم ، سَقَطَتْ كُلُّهَا فِي قَرَارٍ بَهِيم ﴾ ، وجاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس في صُحُفِ نبي الله آدم عليه السّلام ان الشّمس والقمر والكواكب والنّجوم جميعها زائلة يوم تقوم السّاعة:ـ ﴿ يَا آدَم ، يَوْمَ يَبْطُلُ هَـٰذَا الْعَالَم .. يَوْمَ يُطْوَىٰ الرَّقِيع ، وَيَهْوِي الْجَمِيعَ .. الْمَلاَئِكَةُ وَالْجِنُّ وَالْبَشَر .. يَوْم لَا تَبْقَىٰ شَمْسٌ وَلَا قَمَرَ .. تَسْقُطُ الرُّجُوم ، وَتَنْطَفِئُ النُّجُوم ، وَكُلُّ دَارَةٍ تَقُوم ﴾ ، وورد النّهي والتّحريم من عبادةِ الكواكب والنّجوم والاجرام ، وتحريم عبادة الوحدات والمجموعات النّجميّة التي تعرف بِالبروجِ بِآيةٍ أخرى من كِتَابِهم الْمُقَدَّس الصُّحُف الأولى:ـ ﴿ إِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: يَا أَيُّهَا الْمُخْتَارُونَ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنِّي أُعَلِّمُكُمْ ، لَا تَعْبُدُوا الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ السَيَّارة وَلَا الْبُرُوج الْاثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي تَتَسَلَّطُ عَلَىٰ هَـٰذَا الْعَالَم الَّتِي مَا تَنْفَكَّ تَدُورُ فِي مَحْاورِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا ، ذِلكَ لِأَنَّ هَـٰذهِ الْأَجْرَام الْفَلَكِيَّة وَتِلكَ الْبُرُوجِ مَا تَفْتَأُ تَغْوِي سُلاَلَة الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ؛ اما مَنْ زاغت قلوبهم عن عبادةِ الله الْحَيّ الْعَظيم ، الواحد الاحد سبحانه ، وغووا بِضلالِ الشّيطان والبُطلان ومالت قلوبهم ليعبدوا الكَواكب والنّجوم فمصيرهم ومثواهم النّار واعمالهم سوف ترتد عليهم وآلهتهم البَاطلة التي راحوا يعبدونها لن تنقذهم يوم الحساب:ـ ﴿ أشْرَقَ نُورُ الْحَيّ ، وَتجلَّىٰ مَنْدَاِدْهَيِّي بِأنْوَارِهِ فَأَضَاءَ جَمِيع الْأَكْوَان ، حَطَّمَ ألْوهيَّةَ الْكَوَاكِب وَأَزَالَ أسْيَادُهَا مِنْ مَواقِعِهِمْ ، رَأَوْا نُورَ مَنْدَاِدْهَيِّي الَّذِي الْتَحَفَ بِهِ أصْفِياءُ الصِّدْق ، فَانْهَارَتْ عُرُوشُ آلِهَتِهِمْ ، وَانْكَفَأَتْ جُمُوعُهُمُ عَلَىٰ وُجُوهِهَا ، كُلَّ الْأَكْوَانِ الَّتِي نَظَرَتْ إِلَيْهِ رَدَّتْ حَسِيرَةَ الْأبْصَار ، لَمْ تَسْتَطِعْ فَتَحَ عُيُونِهَا فِي وَهَجِ الْأَنْوَارِ ، فَلَمْ يَتَبيَّنوا وَجْهَ الْحَيَّ الْعَظِيم ، وَلَا هَيَّأَتْهُ ذَاتَ الْجَلاَل وَالْوَقَار .... أَيَّتُهَا الْأُمَمُ وَالْأَجْيَالُ لِمَاذَا تَبْكُونَ؟ أَوَمَا عَلِمْتُمْ بِأَنَّ أَعْمَالَكُمْ تَرتدُّ عَلَيْكُمْ ، وَأَنَّكُمْ بِمَا فَعَلْتُمْ تُؤْخَذُونَ ؛ وَيَتَمَرَّدُونَ عَلَىٰ إِلـٰهِهِمْ ، وَيَلْعَنُهُ اللَّاَعِنُونَ ، يَلْعَنُونَ إِلَـٰهَ الزَّيفِ وَألْوهيِّتهُ الْمَشْبُوهة ، وَيَلْعَنُونَ الرُّوهَة ، فَانْحَلَّتْ وَتَبْعثَرت قُوَاهُمْ ، كَانَ الزَّيفُ وَالْكَذِبُ مَأْوَاهمْ ، فَصَارَ الظَّلاَمُ مَثوَاهُمْ ، وَمَالَتْ آلِهَتَهُمْ عَنْ دَعْوَاهُمْ .... وَغَضِبْتَ الْجِنُّ عَلَىٰ الْأَرْضِ فَاسْتُؤْصِلتْ ، وَعَلَىٰ الْكَوَاكِبِ فَعُطِلتْ ، فَأَلْقَىٰ الْحَيُّ مَرَدَتَها مِنْ عُرُوشِهِمْ ، أَسْقَطَ تِيجَانَهُمْ ، وَابْعُدْ عَنْهُمْ عُرُوشِهِمْ ، فَظَلُّوا عَاجِزِينَ ﴾ ، وجاء في آياتِ كِتَاب الْكَنْز الْعَظِيم ، مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُقَدَّس بان الكواكب والنّجوم زائلة ، وعابديها افواجاً مقيدين إلى النّارِ الحَارقة سوف يساقون يوم الحِساب:ـ ﴿ حِينَ يكْتَمِلُ الْعَالَمُ ، تَسْقُطُ الْأَرْضُ فِي الظُّلُمَاتِ .. وَالسَّمَاءِ تَلتَفُّ مِثلَ الْقَصَب ، الشَّمسُ تَنْطَفِي وَالْقَمَرُ يَخْتَفِي ، وَتَتَناثرُ الْكَوَاكِبُ مِثْل أَوْرَاق التَّيِن ، تَذْهَبُ النَّارُ إِلَىٰ كُنَّهَا ، وَالْمِيَاهُ تَؤُوبُ إِلَىٰ مَقَرِّهَا ، وَالرِّيَاحُ الْأَرْبَعُ تَطْوِي أَجْنِحَتَهَا وَتتوَقَّفُ عَنْ الْهُبُوبِ ، أَمَّا الْأَشْرَار "عَابِدي الْكَوَاكِب وَمَنْ اِتَّخذوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَة" ، فَسَيُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيُمْسِكُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، مُقَيَّدِينَ مِثْلَ رُمَّان الرَّصَاصِ ، ثُمَّ يَسْقُطُونَ فِي غَيَاهِبِ الْجَحِيم ﴾.

ونهى وحرم الله عز وجل الصَّابِئِينَ من جميعِ مظاهرِ السِّحر والدّجل وعبادة النّار والتّنجيم والشّعوذة بكل أنواعها واعتُبرت هذه الأفعال والاعمال من المُنكرات ، حيث جاء آيات صُحُف كِتَابهم الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا ( كَنْزَا رَبَّا ):ـ ﴿ إِنَّمَا الشَّرّ وَالْعِصْيَانِ وَالْحُمَّىٰ الْآكِلَة وَالسَّحَرُ وَالشَّعوَذةُ رِجْسٌ مِنْ بَلَدِ الظَّلاَم ﴾ ، ونهى الله سبحانه الصَّابِئَة في آياتهِ المُبَارَكات مِن مزاولةِ السّحر والشّعوذة ونهاهم من الذّهاب إلى السّحرةِ والمُنجمين والمُشعوذين:ـ ﴿ لَا تُزَاوَلُوا سِحَر الشَّيْطَان ؛ وَلَا تَقْصِدُوا السَّحَرَة وَالْمُنَجِّمِينَ الْكَاذِبِينَ الْمُتَلفَّعِينَ بِالظَّلاَمِ ﴾ ، وجاء في آياتِ مُصْحَفَهم ان مصير السّحرة والمُنجمين هو الظّلام:ـ ﴿ وَاعْلَمُوا أنَّ السَّحَرةَ وَالْمُنَجِّمِينَ فِي الظَّلاَمِ قَابِعُونَ فَلَا تَقْصِدُوهُمْ ﴾ ، وجاء في كِتَابِ الصَّابِئِينَ ان التّعاويذ والطّلاسم السّحريّة مِن اعمالِ الشّيطان فلا يجوز استخدامها والعمل بها:ـ ﴿ لَا تَتَعَلَّمُوا رُقىٰ الشَّيْطَان ﴾ ، وجاء في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس ان مصير الكفار والمجرمين والسّراق واللصوص والسّحرة والمُنجمين يوم الحِساب هو النّار الحَارقة:ـ ﴿ الدُّهُور كُلُّها سَتَدُول ، وَالْمَخْلُوقَات سَتَزُول ، تَنْضُبُ الْآبَار ، وَتَجِفُّ الْأَنْهَار ، وَتتَيبَّسُ الْبِحَار ، تَتَفتَّتُ الرِّجَام ، وَتَتَهدَّمُ الْجِبَالُ وَالْآكَام ،..، وَسَيُحكَمُ عَلَى مَنْ سَفَكَ دَمَ ابْنِ آدَم ، وَشَوَّهَ الْوُجُوهَ الَّتِي هِيَ كَوَجْهِهِ ، سَيُنادىٰ عَلَىٰ الْمُجْرِمِينَ .. الزُّنَاةِ وَاللُّصُوصِ وَالْمُنَافِقِينَ ، وَعَلَىٰ السَّحَرَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ ، وَيُدْفَعُونَ إِلَىٰ حَرَائقِ النَّارِ أَجْمَعِينَ ، يَوْمَها تَتَزَعْزَعُ التُّخُوم ، وَتَخْلُو السَّمَاءُ مِنْ النُّجُومِ .. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَذْهَبَانِ ، كُلٌّ إِلَىٰ مَكَان .. وَكُلُّ مَنْ كَانُوا بِربِّهِمْ يَكْفُرُونَ ، فِي أَعْمَاقِ الظَّلاَمِ يُحشَرُونَ ﴾ ، وحذرت نصوص مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك الصَّابِئِيَات بعد الكفر من ثلاثٍ: الزّنى والسّرقة ومُزاولة السّحر:ـ ﴿ أيُّتُها النِّسَاءُ اللَّوَاتِي تَكُنَّ لِلرِّجَالِ حَذَارِ مِمَّا لَا يُرْضَي الله ، وَلَا يَحسُنُ لَدَىٰ النَّاس: الزِّنَىٰ ، وَالسَّرِقَةِ ؛ وَإيَّاكُنَّ وَعَملَ السِّحْر إنَّهُ مِنْ رِجْسِ الشَّيْطَان ﴾ ، وجاء في الْكِتَابِ الْمُبَارَك ان الغش والاثم والفتنة والكراهية والكذب والزّنى والضلال والكفر والدّجل والحَسد والحِقد وشرب الخَمر كلها من المُنكرات ، حيث جاء في مُصْحَفِ الصَّابِئَة في صَحائِفِ نبي الله يحيى بن زكريا عليه السّلام:ـ ﴿ أيُّهَا الْأَصْفِيَاءُ وَالْكَامِلُونَ ، صُونُوا أنفُسَكُمْ مِنْ الْغِشِّ وَالْإثمِ وَالزَّورِ ، وَالْكَذِبِ وَالزَّيفِ وَالشُّرورِ ، وَاتَّقوا الدَّجَل وَالْإفْك وَالضَّلاَلَة ، وَالْفِتنَةَ وَالْقَسْوَةَ وَاَلْجَهَالَةُ ، وَلَا تَكْفُرُوا ، وَلَا تَقْرُبُوا الزِّنَىٰ ، وَاجْتَنِبُوا الْحَسَدَ وَالْبُغَضَاء ، وَالْحِقْد وَالْكُرُهَ وَعَدَمَ الْحَيَاء. ايُّهَا الْأَصْفِيَاءُ: إِيَّاكُمْ وَتَصْعِيرَ الْوُجُوه ، وَالسُّكْرَ لَا تَقْرَبُوهُ ، وَالظُّلْمَ الْمُرَّ تَجنَّبُوه .. إنَّهَا مِنْ رِجْس الشَّيْطَان ﴾ ، وجاء ايضاً في كِتَابِ الصَّابِئَة الْمُقَدَّس في صُحُفِ نبي الله يحيى بن زكريا عليه ازكى السّلام بان الدّجالين يغرقون في باطلِ اعمالهم:ـ ﴿ الدَّجَلُ بَحْرٌ تَتِيهُ فِيهِ السُّفُن ﴾ ، وورد في نِصوصِ كِتَاب سُنَّة نبي الله يحيى بن زكريا عليه السّلام ان مَنْ يقصدون السّحرة والمنجمين سوفَ يُحاسبون ويُعذبون على ذلك:ـ ﴿ كُلُّ مَنْ يَجْرِي خَلْفَ السَّحَرَة وَالْمُنَجِّمِينَ وَالدَّجَّالِينَ يُعَذَّبُ فِي مُسْتَوْدَعِ الْبَرَدِ وَالزَّمْهَريرِ ﴾ ، واوصى النّبي يحيى بن زكريا عليه اطيب السّلام تابعيه من الصَّابِئَة لأخذ الحِيطة والحَذر من السّحرةِ والدّجالين ، وحذرهم مِن مزاولة أعمال السِّحر البَاطلة ، حيث جاء في كِتَابِ سنّته وتعاليمه ووصَاياه:ـ ﴿ أبْنَائِي ، احْذَرُوا مُزاوَلة السَّحَرِ ، وَلَا تَخْتِموا الْأَجْسَادَ لِأَنَّ الدَّجَّالِينَ وَالسَّحَرَة يُلْقَىٰ بِهِمْ فِي مَرَاجِلَ تَغْلِي ؛ ذلِكَ هُوَ جِزَاؤُهم فَلَا تَتَخَطَّوا الْحُدُود ﴾ ، وجاء ايضاً في كِتَابِ سُنَّة نبي الله يحيى بن زكريا عليه السّلام انه يحذر الصَّابِئِينَ مِن اتباع السّحرة والمُنجمين والدّجالين ويُحذرهم من الايمان بِافعالهم الشِّيطانيّة:ـ ﴿ مَنْ اتَّبَعَ السَّحَرَة وَالْمُنَجِّمِينَ وَالدَّجَّالِينَ وَآمَنَ بِهِمْ يُعَذَّبُ فِي أَحْوَاضٍ مِنْ الزَّمْهَريرِ ﴾.

ويؤمن الصَّابِئُونَ أن الله سبحانه كامل بذاته وصفاته وقائم بِالفضائلِ جميعاً حيث جاء في آياتِ صُحُف التّوحيد التي انزلت على سيدِنا آدم عليه السّلام ، افتتاحيّة مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا ( گِنْزَا رَبَّا ):ـ ﴿ هُوَ النُّورُ الَّذِي لَا ظُلْمَةَ فِيهِ ، الْحَيُّ الَّذِي لَا مَوْت فِيهِ ، وَالْخَيِّرُ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ ، هُوَ الْهَادِئُ دُونَ غَضَبْ ، اللَّذِيذُ الَّذِي مَا نَضَبْ ﴾ ، وايضاً ورد في قسمِ الْمُصْحَف الصَّابِئِي الأيمن في آياتِ صُحُف نبي الله ورسوله يحيى بن زكريا عليه السّلام:ـ ﴿ رَأْسُ الْإِيْمَانِ أَنْ تُؤْمِنَ بِأنَّ اللهَ مُقِيمٌ فِي الْفَضَائِلِ جَمِيعًا ﴾ ، ويعتقد الصَّابِئُونَ بان للهِ الأسماء الحُسنى والصِّفات الفُضلى والافعَال العُظمى التي لا تُحصى ولا تُعد ، ولا تُحصر ولا تُحد ، ولا تُقاس ولا تُسبر ، كما جاء في مُصْحَفِ جِنْزَا رَبَّا ، في صُحُفِ سيدنا آدم عليه السّلام:ـ ﴿ هُوَ الْعَظِيْم الَّذِي لَا يُرىٰ وَلَا يُحَدّْ ،..، هُوَ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ وَلَا كَيلْ ،..، قُدْرَتُهُ لَا تُحْصَرُ فِي الْعَدِّ وَالْحُسْبَانْ ﴾ ، فهو الحق القَيوم ، الوَاحد الأحد ، الخَالق المُدبر الأوحد ، هو الحَيّ العَظيم الذي لا يُرى ولا يُحد ، ولا اب له ولا ولد ، ولا يُشاركه ملكه احد ، هو الكَامل في كلِ أسمائه وصِفاته وأفعاله وقدرته ومَعرفته ، هو العَظيم الذي ليس كمثله شيء ، هو العَلي الذي علاه من كلِ شيء اكبر ، هو الأول الذي ليس قبله شيء ، والآخر الذي ليس بعده شيء ، هو الأزلي الذي ليس له بداية ، والأبدي الذي ليس له نهاية ، هو الثّابت الذي لا يغير حكمه شيء ، هو القَوي الذي لا يصد حكمه شيء ، ولا شيء يوقف شيء مما يريده ، هو القَدير القَادر على كلِ شيء ، هو البَصير الذي يرى كل شيء ، ولا يراه أي شيء ، هو العَارف الذي لا يخفى عليه شيء ، ويعرف بكل ما كان وما سيكون ، هو العَليم الذي أحاط علمه بكل شيء ، يعلم بكل ما ظهر وما خفي ، سُبحانه الحَيّ القَيوم الذي لا حد له ولا كيل ، ولا يَحول دون إرادته شيء ؛ قوته ليس لها مثيل ، نوره ليس له حد ، ضياءه ليس له مدى ؛ سُبحانه ملك النّور السّامي ذو القدرة العَظيمة التي لا يتفرد بها إلا هو وحده جل وعلا ، ذو القوة الوَاسعة التي ليس لها حدود ، ذو الضّياء البهي والنّور العظِيم الذي لا ينضب ، الله المَولى العليّ الواحد الاحد ، الرّحمن التّواب الغَفور الرَّحيم ، الحَيّ الْعَظِيم ، لا قياس لِجلالتهِ وعَظمتهِ وسلطانهِ ، ولا حَصرَ لِقوتهِ وقدرتهِ ؛ كله ضِياء ونور وإتقان ، وحق وعدل وكمال ، وكله محبة وحياة وحنان ، وتوبة ورحمة وغفران ، وكله سلام وخير وأمان ، سُبحانه الله المُدرك العَليم ، هو الذي لا موت يدنو منه ولا بطلان ، ذو المُلك والسّلطان ، الذي لا يشاركه فيه احد ، ذو الكبرياء الذي لا يُوصف به إلاّ هو ذو الجَلالة والعَظمة والكَمال ؛ سُبحانه ذو العِلم الوَاسع الذي لا يَنضب ولا يُسبر ، ذو القُوة والقُدرة التي لا تُحد ولا تُحصر ، ذو العَظمة والجَلالة التي لا تُقاس ولا تُبصر ، لا في العدِ ولا في الحسبانِ ، لِكمالِ عظمته ؛ لأن إدراك ذلك ممتنع على العقولِ ، فالعقول لا تحيط بِخالِقها ، فهو أجل وأعظم من أن يفضي إليه مخلوقه او تصله الحَواس او تدركه بَصيرة خليقة ما ، ولا تبلغه الأوهام او تناله ظنون الخلائق ؛ سبحانه مُنزه عن سِماتِ الحدوث ، ما كان لأنه ما كان ، ولا يَكون لأنه لا يَكون ، ومُنزه عن صِفاتِ النّقص ونعوت النّقائص والعِيوب والظّلم والقَبيح والعَبث ومِن كلِ ما ينافي كَماله وعَظمته وعُلاه ؛ سُبحانه ملك الانوار السّامي ، الله الذي لا إله إلا هو ، ذاته عُظمى وصِفاته فُضلى ، وافعاله مُثلى وقوته كُبرى ، وقُدرته عُلى واسماؤه حُسنى ؛ ومَنْ شاء من المُؤمنين لِمعرفةِ الله ، فليس لهم لِمعرفته إلا من خلالِ فِقه أسمائه وصِفاته وافعاله ، كما لا يتحقق توحيد العبادة إلا بذلك ، ويمكن لِلمُؤمنين معرفة ذلك مِن خلالِ الآيات والنّصوص الوَاصفة له ، المُصرحة بِأفعالهِ وأسمائهِ وصِفاتهِ وافعالهِ وعظمتهِ وقوتهِ وقدرتهِ وكبريائهِ وجبروتهِ ، تلك النّصوص التي هو مَصدرها ، كنصوص صُحُف مُصْحَف جِنْزا ربَّا الْمُبَارَك الذي يجمع عدداً من الصُّحُفِ التي انزلها الله على انبياءهِ الصَّابِئَة الْحُنَفَاء ، كصَحِيفة التّوحيد المُبَارَكة التي يبدأ بها هذا الْكِتَاب الْمُقَدَّس ، وهي اولى رسالات سبحانه وأول صَحِيفَة سَماويّة ، صَحِيفَة اول النّبيّين والمُرسَلين نبي الله آدم عليه افضل وازكى واطيب السّلام وتُمثلُ هذه الصَّحِيفَة افتتاحِيّة كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس كِتَاب ( گِنْزَا رَبَّا : جِنْزَا رَبَّا ) الْكَنْز الْعَظِيم الْمُبَارَك وافتتاحيّة الْكُتب السّماويّة الْمُقَدَّسة جميعاً ، حيث جاء فيها:ـ

﴿ بِأَسْمَاءِ الْحَيِّ الْعَظِيم ، مُسَبَّحٌ رَبِّيّ بِقَلْبٍ نَقِيّ ، هُوَ الْحَيُّ الْعَظِيم ، الْبَصِيرُ الْقَدِيرُ الْعَلِيمْ ، الْعَزِيزُ الْحَكِيمْ ، هُوُ الْأَزَلِيُّ الْقَدِيمْ ، الْغَرِيبُ عَنْ أكْوَانِ النُّورْ ، الْغَنِيُّ عَنْ أكْوَانِ النُّورْ ، هُوَ الْقَوْلُ وَالسَّمْعُ والْبَصَرْ ، الشِّفَاءُ وَالظَّفَرْ ، وَالْقُوَّةُ وَالثَّبَاتْ ، هُوَ الْحَيَّ الْعَظِيمْ ، مَسَرَّة الْقَلْبْ ، وَغُفْرَانُ الْخَطَايَا ، مُسَبَّحٌ رَبِّيّ بِقَلْبٍ نَقِيّ ، يَا رَبَّ الْأَكْوَانِ جَمِيعًا .. مُسَبَّحٌ أنْتَ ، مُبَارَكٌ ، مُمَجَّدٌ ، مُعَظَّمٌ ، مَّوَقَّرٌ ، قَيُّومْ ، الْعَظِيمُ الْسَّامِي ، مَلِكُ النُّورِ السَّامِي ، الْحَنَّانُ التَّوَّابُ ، الرَّؤُوفُ الرَّحِيمْ ـ الْحَيُّ الْعَظِيْم ، لَا حَدَّ لِبَهائِهْ ـ وَلَا مَدَىٰ لِضِيَائِهْ ، الْمُنْتَشِرةُ قُوتُهْ ، الْعَظِيمَةُ قُدْرَتُهْ ، هُوَ الْعَظِيْم الَّذِي لَا يُرىٰ وَلَا يُحَدّْ ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي سُلْطَانِهِ ، وَلَا صَاحِبَ لَهُ فِي صَوْلَجَانِهِ ، مَنْ يَتَّكلْ عَليْهِ فَلَنْ يَخِيبْ ، وَمَنْ يُسَبَّحْ بِاِسْمِهِ فَلَنْ يَسْتَرِيبْ ، وَمَنْ يَسْألْهُ فَهُوَ السَّمِيعُ الْمُجِيبْ ، مَا كَانَ لِأَنَّهُ مَا كَانْ ، وَلَا يَكُونُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونْ ، خَالِدٌ فَوْقَ كُلَّ الْأَكْوَانْ ، لَا مَوْتَ يَدْنُو مِنْهُ وَلَا بُطْلاَنْ ، وَأمَامَهُ الْمَلاَئِكَةُ مَاثِلُونْ ، بِأضْوَيتِهِمْ يَتألَّقُونْ ، سَاجِدِينَ خَاشِعِينْ ، شَاكِرِينَ مُسَبِّحِينَ ، هَوُ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ وَلَا كَيلْ ، وَلَا تَدْنُو عَتَمَةٌ مِنْ ضَوْئِهِ وَلَا لَيْلْ ، هُوَ الْجَلاَلُ وَالْإِتْقَانْ ، هُوَ الْعَدْلُ وَالْأمَانْ ، هُوَ الرَّأفَةُ وَالْحَنَانْ ، الْأوَّلُ مُنْذُ الْأزَلْ ، خَالِقُ كُلَّ شَيْء ، ذُو الْقُوَّةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَثِيل ، صَانِعُ كُلَّ شَيْء جَمِيلْ ، رَبُّ أكْوَانِ النُّورِ جَمِيعًا ، أَسْمَىٰ مِنْ الْأُثْريِّين جَمِيعًا ، إِلـٰهَهُمْ جَمِيعًا ، هُوَ النُّورُ الَّذِي لَا ظُلْمَةَ فِيهِ ، الْحَيُّ الَّذِي لَا مَوْت فِيهِ ، وَالْخَيِّرُ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ ، هُوَ الْهَادِئُ دُونَ غَضَبْ ، اللَّذِيذُ الَّذِي مَا نَضَبْ ، الْبَهِيّْ .. السَّاكِنُ فِي الشِّمَالِ الْعُلْوِيّْ ، أَصِلُ النَّيِّرَاتِ جَمِيعًا ، وَأَبْو الْأُثرِيِّينَ جَمِيعًا ، الْمُقِيمُ فِي مَلَكُوتِهِ ، الْعَادِلُ فِي جَبَرُوتِهِ ، أَطْلَقَ الْكَامِلِينَ الصَّادِقِينْ ، وَطبعَ اسْمَهُ عَلَىٰ أفْوَاهِ الْمُؤْمِنِينْ ، وَبَارَكَهُمْ بِبَرَكَتِهِ أَجْمَعِينْ ، قُدْرَتُهُ لَا تُحْصَرُ فِي الْعَدِّ وَالْحُسْبَانْ ، وَلَمَعَاتُ تَاجَهِ تَنْطَلُقُ إِلَىٰ كُلِّ مَكَانْ ، وَإشْعَاعَاتُ نُورِهِ تَنْبَعِثُ مِنْ بَيْنِ أوْرَاقِ إِكْلِيلِهِ مِلْءَ الْأَكْوَان ؛ مَنْ يُسَبِّحَكَ تَسْبِيَحَك ، قَالَ الْأُثرِيّونَ ، فَتَسْبِيُحَكَ لَا يُحَدّْ ، وَمَنْ يُبَارِكُكَ بِبَرَكَتِكَ ، فَبَرَكَتُك لَا تُعَدّْ ، وَمَنْ يُعَظِّمُكَ بِعُلاَكَ فَعُلاَكَ لَيْسَ لَهُ قِيَاس ، عُمْقُك لَا يُسْبَرْ ، وَقُدْرَتَكَ لَا تُحْصَرْ ، وَعَظَمَتُكَ لَا تُبْصِرْ ، وَعُلاَكَ مِنْ كُلَّ شِيْءٍ أَكْبَرْ ، هَا هُمْ جَمِيعًا خَاشِعُون .. لَا يَعْرِفُونَ اسْمَكْ ، وَلَا يَتَبِيَّنُون رَسْمَكْ ، طُوبَىٰ لِلْكَامِلِينَ الَّذِين عَرَفُوكَ بِقَلْبٍ نَقْيٍّ فَآمَنُوا بِكَ مُخْلِصِينْ ، وَخَشَعُوا لِعَظَمَتِكَ صَادِقِينْ ، طُوبَىٰ لِلْكَامِلِينَ الصَّادِقِينْ ؛ هُوَ الْمَلِكُ مُنْذُ الْأزَلْ ، ثَابِتٌ عَرْشُهُ ، عَظِيمٌ مَلَكُوتُهْ ، لَا أبَ لَهُ وَلَا وَلْد ، وَلَا يُشَارِكهُ مِلْكَهُ أحَدْ ، مُبَارَكٌ هُوَ فِي كُلِّ زَمَانْ ، ومُسبَّحٌ هُوَ فِي كُلِّ زَمَان ، مَوْجُودٌ مُنْذُ الْقِدَم ، بَاقٍ إِلَىٰ الْأبَدْ ، قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ كُونِي فَكَانَتْ ، بِقَوْلِهِ مَلاَئِكَة النُّورِ كَانَتْ ، وَمِنْ ضِيَائِهِ النَّقيَّ انْبَثَقَ مَلاَئِكَةُ التَّسْبِيح الَّذِينَ لَا حَدَّ لَهُمْ ، وَلَا عَدَّ ، وَلَا بُطْلاَنْ ، مِنْ نُورِهِ الْعَظِيمِ اِنَبَثَقوا مُمْتَلِئِينَ بِالتَّسْبِيحِ ، مُتقَنٌ ضِيَاؤه ، بَهِيٌ نُورُه ، مُتْقَنٌ وبَهيٌ مَقَامُهُمْ فِيهِ ، نُورٌ لَا بُطْلاَنَ فِيهِ ، وَخُشُوعٌ لَا عِصْيَانَ فِيهِ ، وَبَرٌّ لَا شِقَاقَ فِيهِ ، وَإيمَانٌ لَا خِدَاعَ فِيهِ ، وَصِدْقٌ لَا كَذِبَ فِيهِ ، هُوَ الْخَيِّرُ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ ، وَهُمْ فِيهِ مُقِيمُونَ ، لِلحَيِّ مُسَبِّحُونْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِالضِّيَاءِ الَّذِي وَهَبَهُ إِيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِثِيَابِ الضِّيَاءِ الَّتِي وَهَبَها إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِأَرْدِيَةِ النُّور الَّتِي وهَبَها إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِأحْزِمَةِ الضِّيَاءِ الَّتِي وَهبَها إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِأَكَالِيل الضِّيَاءِ الَّتِي وَهَبَهَا إيَّاهُمْ ، وَضَفَرهَا لهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضَّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلكِ النَّور بِالْقوَّةِ وَالثَّبَاتِ اللَّذَينِ وهَبَهُما إيَّاهُمْ ، مَلاَئِكَةُ الضِّيَاءِ تُسَبِّحُ لِمَلِكِ النُّور بِالصَّدْقِ وَالْوَفَاءِ وَالْإِيمَانِ الَّتِي وهَبَها إيَّاهُمْ ، كُلُّهُمْ لُطَفَاءُ طَيِّبُونْ ، وَحُكَمَاءُ صَادِقُونْ ، لَا إِسَاءَةَ فِيهِمْ وَلَا خِدَاع ، بَعْضُهُم يَحْلُّ فِي مَنَازِلِ بَعْض لَا يُخْطِئُونَ ، وَلَا بَعْضٌ إِلَىٰ بَعْضٍ يُسِيئُون ، مُعَزَّزُون مُكَرَّمُونْ ، كَمِثْل أهْدَابِ الْعَيْنِ مُتَشَابِهُونْ ، نَوَايَاهُمْ بَعْضٌ لِبَعْضٍ مَكْشُوفَةْ، وَأَخْبَارُ مَا تَقَّدمَ وَمَا تَأخَّرَ لَدَيْهِمْ مَعْرُوفَةْ ، يُنِيرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيُعَطِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيَمدُّون الْكُشْطَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْض ، هُمْ بِمَشِيئَةِ اللِه خَالِدُونْ ، لَا زَوَال لَهُمْ وَلَا يَشِيخُونْ ، وَلَا يَتَوَجَّعُونَ وَلَا يَضْعُفُونْ ، ثِيَابُهُمْ أنْقَىٰ ، وَأَكَالِيلُهُمْ أبْقَىٰ ، وَأوْلاَدُهُمْ أتْقَىٰ ، لَا يَجُوعُونَ وَلَا يَعْطَشُونَ ، وَلَا يَحْتَرُّونَ وَلَا يَبْرَدُون ، وَلَا يُسَاءُ إِلَيْهِمْ وَلَا يَغْضَبُون ، لَا خُبْثَ فِي أَشْجَارِهِمْ ، وَلَا مَرَارَةَ فِي أثْمَارَهِمْ ، وَلَا ذُبُولَ فِي أزْهَارِهِمْ ، مَوَاقِعُهُمْ سَامِيَّةْ وَبِحَارُهُمْ هَادِيَةْ ، وَمِيَاهُهُمْ جَارِيَةْ .. أعْذَبَ مِنْ الْحَلِيبِ وَأبْرَدْ ، لَا يَذُوقُ شَارِبُهَا مَوْتًا ، وَلَا يَسْمَعُ لِلْحُزَنِ صَوْتًا ، أعْوَامُهُمْ لَا عَدَّ لَهَا ، وَحَيَاتُهُمْ لَا كَيْلَ لَهَا ، فَرِحُونَ مُبْتَهِجُونْ ، بِخُطَّىٍٰ سَرِيعَةٍ يَنْطَلِقُونْ ، وَفِي أرْضِ آيرَ الْبَيْضَاءَ يَطِيرُونَ .. حَيْثَ الضِّيَاءُ التَّامّْ لَا غُرُوبَ وَلَا إظْلاَمْ ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورْ ، شَفَّافُونَ كَالْبِلَّوْر ، جَمِيعُهُمْ خَاشِعُونْ ، للهِ يُسَبِّحُونْ ، اللهُ مَلِكُ النُّورِ السَّامِي ، مَلِكُ الْمَلاَئِكَةِ وَالْأُثِريِّينَ ، مُسبَّحٌ اِسْمُهُ إِلَىٰ أَبَدِ الْآبِدِينَ ، وَالْأثُرِيِّون وَالْمَلاَئِكَةُ وَالرُّسُلُ وَالسِّيمَاءُ وَالْأمْثَالُ وَالْغُيُوم السَّارِيَةَ ، وَالْمِيَاهُ الْجَارِيَة ، وَالْأَشْجَارُ الْعَالِيَة ، وَالضِّيَاءُ الَّذِي هِيَ بِهِ حَالِيَةْ .. كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، مَلِكِ النُّورِ السَّامِي ، وَالْحَيُّ الْغَالِبُ ﴾.

اما أسْماء الله الحُسْنى جلَ وعَلا ، كلها عظمة ووقار ، وأوصافه كلها جلال وكمال ، وأفعاله كلها خير ورحمة وعدل وحكمة ، وقُوة وثبات ، حيث جاءَ في آياتِ مُصَفُ الصَّابِئِينَ:ـ ﴿ كُلَّ أَسْمَاءَهُ وَقَار ، اللهُ الرَّبُّ السَّامِيُّ ، سُبْحَانَهُ ﴾ : ( كُل شُومَا اِقارا ، الْاهَا رَبَّا رَامَا ، واشْبِيهَا ) ، وتفتتح نصوص صُحُف المُصْحَف الْمُقَدَّس عند الصَّابِئَة وجميع كتبهم وصُحُفهم الْمُقَدّسة والدّينيّة بِالبسملةِ الصَّابِئِيَّة ؛ والبَسملة عند الصَّابِئِينَ بِصيغتين اثنين ، المُفردة والجَمع ، إن هَاتين الصّيغتين هما بِدلالةٍ واحدةٍ وهي ذكر الله سبحانه والإستعانة به والتّسبيح بِاسماءهِ تعالى والبِدء بها:ـ ( اِبْشُومَا إِدْ هَيِّي رَبِّي ) أي: ( بِاسْمِ الْحَيِّ الْعَظِيم ، او بِاسْمِهِ الْحَيِّ الْعَظِيم ) ، والأخرى وهي الاكثر شيوعاً في صُحُفِ وكُتب الصَّابِئَة:ـ ( ابْشُومَيْهُون إِدْ هَيِّي رَبِّي ) اي: ( بِأَسْمَاءِ الْحَيِّ الْعَظِيم ، او بِأَسْمَاءِه الْحَيِّ الْعَظِيم ) ويمكن ان تترجم وتصاغ بصيغة الجمع: ( بِأَسْمَاءِ الْحَيِّ الْمُعَظَّمَة ) ، وتُختم صُحُف مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك وكتب الصَّابِئَة الدّينيّة بإسم الحَيّ تعالى:ـ ( هَيِّي زَاكِن ) التي تعني: ( الْحَيُّ الْمُزَكَّىٰ ، الْحَيُّ الْغَالِبُ ، الْحَيُّ النَّاصِرُ ).

وهذه بعض اسْمَاءه وصِفاته الحُسْنى التي ورد ذِكرها في كِتَابِ الصَّابِئَة الْمُقَدَّس مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك وكُتب سُنن وتعاليم ومواعظ انبياء الصَّابِئَة الْمَنْدَائِيِّينَ ، لفظ الأسم بِاللغةِ الْمَنْدَائِيَّة لإسمِ الجَلالة بِالحَروفِ العَربيّة وما يُقابل كل أسم بِالمعنى في اللغةِ الْعَربيّة:ـ

| إلاهْا : اللَّهُ | هَيِّي : الْحَيُّ | رَبَّا : الْعَظِيمُ | مَارِي : الْمَوْلَىٰ | مَنْدَا ادْ هَيِّي : الْمُدْرِكُ | قَدَّمَايِّي : الأَزَلِيّ | قَيَوْمَا : الْقَيُّومُ | رَبِّي : الرَّبُ | هَاد : الْوَاحِدُ | اهْدا : الأوْحَدُ | اهِيدَا : الْمُوحَّدُ | هَد : الأَحَدُ | ابْا : الأَبُ | ابْدا : الأَبَدِيُّ | ابْرُوشَا : الْخَبِيرُ | اِبْرِيخا : الْبَرُّ | ابْهِيَرَا : الْبَاهِرُ | إتريص : الْمُنَزَّهُ | اتْيِقَا : الْخَالِدُ | اجْبَّارَّا : الْجَبَّارُ | ازَهِيرَا : الْبَهِيُّ | ازِيزَا : الْعَزِيزُ | أسبَاسَا : الْمُحْسِنُ | آسِيّ : الشَّافِي | اسِينَان : الطَّبِيبُ | اشْبِيّهَا : السَّبُّوحُ | اشْرَارَا : الْحَقُّ | اشْلاَمَا : السَّلَامُ | إِشَلِيطَا : اَلشَّدِيدُ | اشْمِينَان : السَّمِيعُ | إلاوِي : الْأَعْلَىٰ | امْأسّيا : الْمُعَافِي | امْاطِيْبَا : الْكَرِيمُ | امْبَرّخ : الْمُبَاركُ | امْبَرْقا : الْمُحَرِّرُ | امْجَدْلا : الْمَجِيدُ | امْدَبْرا : الْمُدَبِّرُ | امْدَلّايِّي : الْمُتَعَالِ | امْرَهْمَا : الرَّؤُوفُ | امْرُورَب : الْمُعَظَّمُ | امْرَيُّوا : الْمُهَيْمِنُ | امْزَرزَا : الْمَتِينُ | امْشَبْا : الْمُسَبَّحُ | امْشَدْخَا : الْحَلِيمُ | امْشَدْرا : الْمُشِيرُ | امْشُوزَبَا : الْمُسْتَعَانُ | امْشَوْيانا : الصَّانِعُ | امْفَرَقَّتَا : الْحَسِيبُ | إمْكَبَّر : الْأَكْبَرُ | امْهَيْلا : الْمُقْتَدِرُ | إِنْطِيْرَا : الْحَافِظُ | نَاطِرا : الْحَفِيظُ | إِنْهُورَا : النُّورُ | أنْيَا : الْمُجِيبُ | اهْزانَا : الرَّائِي | الايَّا : الْعَلِيُّ | ايقَارَا : الْوَقُورُ | ايِمْرَا : الآمِرُ | بَاثَر : الْبَاعِثُ | بَارُوقا : الْمُنجِّي | بَارُويِّي : الْبَارِئُ | بَاسْطَا : الْبَاسِطُ | بَان : الْخَلاَّقُ | بَرصُوفْا رَبّا : السِّيمَاءُ الْعَظِيمُ | بَرْقَانَا : الْمُنقِذُ | بَنان : الْفَاطِرُ | بَهرَانَا : الْبَهِيّْ | تَاكَلايِّي : الْوَكِيلُ | تُوكلانَا : الْكَفِيلُ | تَيَابَا : الْتَّوَّابُ | جَالايّا : الْكَاشِفُ | جَبَال : الْمُصَوِّرُ | دَخِيَا : الطَّاهِرُ | دَيَّانَا : الْدَّيَّانُ | مِديَّانَا : الْمُدِين | رَافَايِّي : الرَّافِعُ | رَاَمْا : السَّامِيُّ | رَبايِّي : الْجَلِيلُ | رَبُّواثا : الْجَلالُ | رُهْصَانا : الأَمِيِنُ | رَهْمَانَا : الرَّحْمَـٰنُ | رَهُومَا : الرَّحُومُ | رَهمَايِّي : الرَّحِيمُ | رُورّبي : الْقَدِيرُ | رُوشَنايِّي : الْبَدِيعُ | رَيّشان : الأَوَّلُ | رِيشَايِّي : الْمُبْدِئُ | رَيُّوَانَا : الْوَدُودُ | زَاكِن : الْغَالِبُ | زَاَكِيَا : الزَّاكِي | زَكَّايِّي : الزَّكِيَّ | زَاهرَا : الْمُضِيءُ | زَدِيق : الصَّادِقُ | زَدِيقا : الْعَادِلُ | زَكايَا : الْمُزَكَىٰ ، الْمُزَكَّي | زَكوثا : الظَّافِرُ | زِيوَا : الضَّيَاءُ | سِبْرَايِّي : الْمُرْتَجىٰ | شِدْقا : الْأمانُ | شَرُويِّي : الْمُجيِّرُ | شَلِيا : الْهَادِئُ | شَلّيِطْانَا : السُّلْطَانُ | شَليّمَا : الْكَامِلُ | شَهْبانا : السُّبْحَانَ | مِشُوزِيبَا : النَّاصِرُ | شُوزِيبنَا : النَّصِيرُ | طَابْا : الْخَيِّرُ | طُوبْا : الطَّيِّبُ | فَاروقَا : الْفَارُوقُ | فَارُوشَا : الْمُطِّلعُ | فَرْوَانقَا : الْمُخَلِّصُ | قَايِمْ : الْقَائِمُ | قَدُوشَا : الْقُدُّوسُ | قَشْيشْ : الرَّشِيدُ | كَبرَا : الْمُمَجَّدُ | كَبِيّرا : الْكَبِيرُ | كَوشْطا : الْمُقْسِطُ | كَيْنَا : الْعَدْلُ | مَارَا : الْوَلِيُّ | مَاطرَايِّي : الرَّقِيبُ | مَاطُوتَا : الْمُعْطِي | مَاليِكُ : الْمَالِكُ | مَانَا : اَلْحَاكِمُ | مَاهَيِّي : الْمُحْيِي | مِتْقَنَا : الْمُتْقِن | مَشْرَا : الْمُعِزُّ | مِشُوزِيبَانَا : الْمُبدِعُ | مُفرقَانَا : الْمُغِيثُ | مَقِيم : الْمُقِيمُ | مُقَيمَانَا : الْمُقَوِّمُ | مَلْكَا : الْمَلِكُ | مَنْدَا : الْعَارِفُ | مِيِقَّر : الْمُوَقَّرُ | مِينِهْرا : الْمُنِيرُ | نَاجِد : الْمُنْجِدِ | نَاصِبّا : الْخَالِقُ | نُخرَايَّي : الْغَرِيبُ | نَيْهَا : اللَّطِيفُ | هَادِي : الْهَادِي | هَازيِّي : الْبَصِيرُ | هَاكَيْمَا : الْحَكِيمُ | هانَانَا : الْحَنَانْ | هَاوي : الْبَاقِي | هَايْلاَ : الْقَادِرُ | هَدر : الْمُتميِّز | هَزنَان : الْفَاحِصُ | هَيَّاسَا : الْغَفُورُ | هَيْلاَ : الْقَوِيُّ | وَسَاخَا ليِثْلىٰ : الْوَاسِعُ | يَادَا : الْعَالِمُ | يَادُوْيِّي : الْعَلِيمُ | يَاهُوبَا : الْوَهَّابُ | يَاوْر : الْمُعِينُ | يَايّا : الْجَمِيلُ | يَتِّيري : الْغَنِيُّ | يَقِيرَا : الْمُهِيبُ | يُورَا : النَّيِّرُ |
رْكَان الدِّين الصَّابِئِي الْمَنْدَائِي:ـ
لِلديانةِ الصَّابِئِيَّة الْمَنْدَائِيَّة ، رِسَالة الله الأولى ونِداءه الاول خَمسة أرْكان اسَاسِيّة ، اولها: التَّوْحِيدُ وَالشَّهادة لِلحَيِّ الْعَظِيمِ ، ثانيها: الوُضُوءُ وَالصَّلاَةُ ، ثالثها: الصَّدَقَةُ وَالْإِحْسَانَ ، رابعها: الصُّوْم ، خامسها: الصِّبَاغَةُ وَالطَّهُورُ.

الرُّكْنُ الْأوَّل: ( اهْدوثا وسَهْدُوثَا اِدْ هَيِّي رَبَّا : التَّوْحِيدُ وَالشَّهادة لِلحَيِّ الْعَظِيمِ ): يُمثل ركن التّوحيد جوهر الإيمان والرُّكن الأسَاسي والاول مِن ارْكان العِبادة في الشَّريعةِ الصَّابِئِيَّة ، ويتحقق ذلك مِن خلالِ الأعتراف بِوجودِ الله الحَيّ العظيم ، رب الارباب وخالق الخلق جميعاً ، وشهادة لا إله إلا هو سُبحانه الحَيّ القيوم ، ملك النور السَّامي ، الوَاحد الأحد ، الذي لا اب لهُ ولا ولد ولا يُشاركه ملكه أحد ، وعِبادته وحده لا شريك له في سلطانهِ ؛ حيث جاءَ في آياتِ صُحُف كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ( گِنْزَا رَبَّا : الْكَنْز الْعَظِيم ):ـ ﴿ هُوَ الْحَيُّ الْعَظِيم ،..، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي سُلْطَانِهِ ، وَلَا صَاحِبَ لَهُ فِي صَوْلَجَانِهِ ،..، هُوَ الْمَلِكُ مُنْذُ الْأزَلْ ، ثَابِتٌ عَرْشُهُ ، عَظِيمٌ مَلَكوتُهْ ، لَا أبَ لَهُ وَلَا وَلْد ، وَلَا يُشاركهُ مِلكَهُ أحَدْ ، مُبَارَكٌ هُوَ فِي كُلِّ زَمَانْ ، ومُسبَّحٌ هُوَ فِي كلِّ زَمَان ، مَوْجُودٌ مُنْذُ الْقِدم ، بَاقٍ إِلَىٰ الْأبَدْ ،..، اللهُ مَلِكُ النُّورِ السَّامِي ، مَلِكُ الْمَلاَئِكَةِ وَالْأُثِريِّينَ ، مُسبَّحٌ اِسْمُهُ إِلَىٰ أَبَدِ الْآبِدِينَ ، وَالْأثُرِيِّون وَالْمَلاَئِكَةُ وَالرُّسُلُ وَالسِّيمَاءُ وَالْأمْثَالُ وَالْغُيُوم السَّارِيَةَ ، وَالْمِيَاهُ الْجَارِيَة ، وَالْأَشْجَارُ الْعَالِيَة ، وَالضِّيَاءُ الَّذِي هِيَ بِهِ حَالِيَةْ .. كُلُّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، مَلِكِ النُّورِ السَّامِي ﴾ ، وقد ذُكر التّوحيد ووجوب تَوحيد الخالق والشّهادة له وعبادته وحده لا سواه ، وإنه لا معبود حق إلا هو سُبحانه ، الله الحَيّ المَولى العَليم العَظِيم ، في عددٍ من آياتِ مُصْحَف الصَّابِئِينَ الحُنَفَاء:ـ ﴿ وَأَشْهَدُوا بِالْأَحَدِ ، رَّبُّ الْعَوَالِمِ جَمِيعًا ، مَلِكُ النُّور ، الْعَظِيمُ السَّامِي ، الَّذِي اِنْبَعَثَ مِنْ ذَاتِهِ ﴾ : ( وَسَاهَدا ابْهَادَ ، مَارَيهون إِدْ كُلَهون آلْمِي ، مَلكَا ربّا رَامَا إِدْ انْهُورَا ، إِدْ مِنْ نافشِي هُوَا ) ، ﴿ وَأَشْهَدُوا بِالْحَيِّ الْقَدِيرِ الْأزَليُّ ، الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ فِي الْوُجُودِ لَوْلَاه ﴾ : ( وسَاهدين ابْهَييِّ رُوربي قَدمايي ، إِدْ لا هُوا كِد إِدْ لَا هُون ، ولا هَاوي كِد إِدْ لَا هَاويَن ) ، و يتشهد الصَّابِئُونَ من خلالِ نطق الشّهادة للحَيّ سبحانه ( سَهْدُوثَا اِدْ هَيِّي ) ، حيث يقولون فيها:ـ ﴿ مُسَبَّحٌ الْمَوْلَىٰ بِقَلْبٍ نَقِيٍّ ، مُسَبَّحٌ الْمَوْلَىٰ عَهْدًا مَصُونًا .. بِأَسْمَاءِ الْحَيِّ الْعَظِيم ؛ إِنْجَلَي أَيُّهَا الظَّلاَم ، وَلْيَثْبُتْ مَحِلَّهُ النُّورِ ، مَوْجُودٌ الْحَيّ "هَيِّي" ، مَوْجُودٌ الْمَوْلَىٰ "مَارِي" ، مَوْجُودٌ الْمُدْرِك "مَنْدَا ادْ هَيِّي" ، مَوْجُودٌ بَاعِثُ الْأَنْوَارِ ، بِشَهَادَةِ الْحَيِّ ، بِشَهَادَتِهِ مَلِكُ النُّور ، الْعَظِيمُ السَّامِي ، اللهُ الْعَظِيم الَّذِي اِنْبَعَثَ مِنْ ذَاتِهِ ، اسْمُكَ الَّذِي لَا يَبْطُل وَلَا يَزُول ، أَيُّهَا الْحَيُّ ، وَالْمَوْلَىٰ ، وَالْمُدْرِك ، وَالْحَيُّ الْغَالِبُ ﴾ : ( إمْشَبّا مَارِي بَلبَّا دَخِيا ، إمْشَبّا مَارِي كُوشْطَا أسْنَخُون ، ابْشُومَيْهُون إِدْ هَيِّي رَبِّي ، إِكْبِشْ إهْشُوخَا ، وَإِتْرُص مَالَا إِدْ إِنَّهُورَا ، أكّا هَيِّي ، أكّا مَارِي ، أكّا مَنْدَا ادْ هَيِّي ، أكّا بَاثَر إِنْهُورَا ، إبْسَهْدُوثَا إِدْ هَيِّي ، إبْسَهْدُوثَا إِدْ مَلْكَا رَامَا رَبَّا إِدْ إِنَّهُورَا ، إلاهْا رَبَّا إِدْ مِن نَافْشِي أفْرَشْ ، إِدْ لَا بَاطِلْ وَلَا إِمْبَطَل شُومَاخ ، إِدْ هَيِّي ، وَمَارِي ، ومَنْدَا إِدْ هَيِّي ، وَهَيِّي زَاكِن ).

الرُّكْنُ الثَّانِي: ( اِرْشَامَا وَصَلُّوتَا : الْوُضُوءُ وَالصَّلاَةُ ): يُعد رُكن الوضُوء والصَّلاة احد الأرْكانِ الأسَاسيّة لِلعبادةِ في الدّينِ الصَّابِئِي ، حيث يُصلي الصَّابِئُونَ في اليومِ خمس مرات ، ويسبق كل صلاة الإِرْتِسَامَ ( اِرْشَامَا : الرِّسَامَةُ ، رَشَم : اِرْتَسَمَ ) ، واِرْتَسَمَ لِلَّهِ في اللغةِ تعني أَطَاعَ الله وَخَشِيَهُ وَامْتَثَلَ لِأمْرَهِ ، والغْاية من الرِّسَامةِ هي التّهيؤ لِاقامةِ الصّلاة من خلالِ إرتداء اللباس الأبيض المَعروف بـ ( رَسْتَا ) والتّطهر ومن ثم التّوضوء والإرتسام بِالماءِ ؛ وذُكِر فرض إقامة الصّلاة في آياتِ مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك:ـ ﴿ عَلِّمْهُمُ الصَّلاَة يُقِيمُونَهَا مُسَبِّحِينَ لِمَلِكِ النُّورِ السَّامِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ ، وَمَرَّتَيْن فِي اللَّيْلِ ﴾ ، والصّلوات الخمس ثلاثة مِنها أساسيّة ، الاولى عند الفجر والثّانية عند الظّهيرة والثّالثة قبل غروب الشّمس ، كما جاء في كِتَابِ الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس:ـ ﴿ مَعَ اِنْفَلَقِ الْفَجْرِ تَنْهَضُون وَإِلَىٰ الصَّلاَةِ تَتَوَجَّهُون ، وثَانِيَةً فِي الظُّهْرِ تُصَلُّونَ ، ثُمَّ صَلاَةَ الْغُرُوب ، فَبِالصَّلاَةِ تَتَطَهَّرُ الْقُلُوب وَبِهَا تُغْفَرُ الذُّنُوب ﴾ ، وتقع بين الصّلوات الثّلاث الأساسيّة صلوات الايام والتي تُعرف عند الصَّابِئِينَ بِالرَّهَمِيَّاتِ ( رَهْمِي : رَحْمَة ) أي: صلوات الرّحمة وطلب المغفرة من الخطايا والذّنوب ، وجاء في صُحُف مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ان الذين لا يقيمون الصَّلوات في مواقيتِها سوف يُحاسبون على ذلك:ـ ﴿ يَا آنُوش ، عَلِّمْ النَّاصُورَائيِّينَ وَالْمَنْدَائِيِّينَ ، عَلِّمْ الْمُخْتَارِينَ الَّذينَ سَتَعُودُ بِهِمْ مِنْ الْعَالَمِ ، عَلِّمْهُمْ الصَّلاَةَ فِي أَوْقَاتِهَا ، وَعَلِّمْهُمْ التَّسْبِيح ، وَلْيَعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ صَلاَةٍ تَتَأَخَّرُ عَنْ مِيقَاتِهَا ، تَبْقَىٰ عِنْدَ بَابِ بَيْتِ الْحَيّ ، لَا تَصْعَدُ حَتَّىٰ يُفْتَحَ بَابُ الْبَعْثَ "أَبْاثَرَ" الْعَظِيم ، فَإِذَا فُتِحَتْ بَابُ الْبَعْثِ "أَبْاثَر" ، صَعِدْتْ مِنْهَا الصَّلاَة ، إِنَّ الَّذِين لَا يُقِيمُون الصَّلاَةَ فِي أَوْقَاتِهَا سَيُسْألُون فِي بِيْتِ الْبَعْث "أَبْاثَر" ، فِي بَيْتِ الْبَعْث "أَبْاثَر" سَوْفَ يُسْألُون ، عَنْ كُلِّ مَا يَفْعَلُون ﴾ ، وجاء في الْمُصْحَفِ الْمُقَدَّس ، ان الآباء مسئولون عن أبنائِهم قبل بلوغهم سن التَّكليف ، فهم مسئولين عن تربيَةِ أبنائهم التَّربِية الصَّالحة وتَعليمهم فرائض الدِّين وسنته كَالصَّلاة والصُّوم والصَّدقة وغيرها من فرائضِ الدين الأساسيّة:ـ ﴿ وَاعْلَمُوا أنَّ الْأبَ يُسْألُ عَنْ أَبْنَائِهِ حَتَّىٰ يَبْلُغُوا الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ ؛ إنْ لَمْ يَعِظْهُمْ ، وَلَمْ يُوقِظْهُمْ ، وَلَمْ يُعلِّمْهُمْ الصَّلاَة فِي مَوَاعِيدِهَا ، وَلَمْ يُسَيِّرْهُمْ فِي دُرُوبِ الْحَقِّ "كَـُشْطَا" وَالْإِيْمَان ، فَعَلَيْهِ وِزْرُ أَخْطَائِهُمْ وَمَا يَفْعَلُون ، أَمَّا بَعْدَ هَـٰذَا فَهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمِ يُسْأَلُون ﴾ ، وجاء في الْمُصْحَف الْمُقَدَّس : مُصْحَفِ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك في صَحائِفِ نبي الله يحيى بن زكريا عليه السّلام ان الاكثار من الادعيةِ والصّلواتِ والتّسبيحاتِ للهِ سبحانه فأنها تضاعف أجور المُؤمنين عنده سبحانه:ـ ﴿ مَنْ يُضاعِفْ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ يُضاعِفْ أرْبَاحَهُ عِنْدَ اللهِ ﴾ ، والصّلوات عند الصَّابِئَة فيها سجود للهِ الْحَيّ العَظِيم وركوع وقيام ، وانحناء ووقوف ، ويَبتدء الصَّابِئُونَ الْأحْنَاف صلواتهم الْيُوميّة بِصلاةِ الْفجر ، حيث يُرددون فيها بعد تطهرهم وتوضوئهم ونطقهم للشهادة:ـ ﴿ مُسَبَّحٌ الْمَوْلَىٰ ، بِاسْمِ الْحَيِّ الْعَظِيمِ ، قُومُوا.. قُومُوا يَا بَاهِري الصِّدْقِ ، قُومُوا يَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُؤْمِنُونَ ، قُومُوا اسْجُدُوا وَسَبَّحُوا للْحَيِّ الْعَظِيم ،...، إِنَّا سَجَدْنَا وَسَبَّحْنَا إِلَيْهِ ، لِرَبِّنَا مَلِكُ النّورِ السَّامِي ، الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ : ( امْشَبّا مَارِي ، اِبْشُومَا إِدْ هَيِّي رَبِّي ، قُوم .. قُوم ابْهِيرِي زِدقا ، قُوم شَلمَاني امْهَيْمِني ، قُوم إِسْغِد وَشَبْا للهَيِّي رَبِّي ،...، إنا سَغدنَالا وَامْشَبّينَالَا ، لَهَاهُو مَلْكَا رَامَا رَبَّا إِدْ إِنَّهُورَا ، هَيَّاسَا إدْ إمْليَ رَهْمِي ) ، ويختم الصَّابِئُونَ جميع صلواتهم اليُوميّة بِالسّجودِ للهِ سبحانهِ ، الخالق الواحد الأحد ؛ ويرددون في خاتمةِ صلواتهم وهم للهِ الحَيّ ساجدين:ـ ﴿ بِاسْمِ الْحَيِّ الْعَظِيم ، لِلْحَيِّ الْأَزَلِيّ سَجَدْنَا ، ولِلْمَوْلَىٰ الْحَيِّ الْمُدْرِكِ سَبَّحْنَا ، وَلِذلِكَ السِّيمَاءِ الْعَظِيمِ ذِي الْوَقَارِ الْذّي اِنْبَعَثَ مِنْ ذَاتِهِ ، مَوْجُودٌ الْحَيّ ، مَوْجُودٌ الْمَوْلَىٰ ، مَوْجُودٌ الْمُدْرِك ﴾ : ( اِبْشُومَا إِدْ هَيِّي رَبِّي ، لِهَيِّي قَدَّمَاييّ سَغَدنَا ؛ لِمَارِي مَنْدَا إِدْ هَيِّي مِشَابِينَا ، وَلهَاخ بَرصُوفَا رَبَّا إِدْ ايقَارَا إِدْ مِن نَافْشِي أفْرَشْ ، أكّا هَيِّي ، أكّا مَارِي ، أكّا مَنْدَا ادْ هَيِّي ) ، وبعد إقامة الصّلوات غالباً يبدأ الصَّابِئُونَ بدعاءِ الله سبحانه من خلال قراءة الأدعية وتلاوةِ الابتهالات والتّضرعات والتّوسلات ، أو ما يعرف بِالتّبَرُّكِ ( اِبْرَاخَا : الْبَرَكَةُ ) ، ويعتبر ذكر الله الحَيّ العَظِيم وطلب البَرَكَة ورجاؤها منه سُبحانه والتَّسبيح باسماءهِ والتبركِ بها من أساسياتِ الإيمان في الدَّينِ الصَّابِئِي التي على المؤمنِ القيام بها في كلِ زمان ومكان ، وبينت آيات مُصْحَفِ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك فضل ذكر الله سبحانه ، حيث جاء فيه أن يذكروا الله ويكثروا من ذكرهِ ودعائهِ والتسبيح باسمائهِ جل جلاله ووعدهم جل شأنه بانه سيجزيهم بما كانوا له ذاكرين:ـ ﴿ يَا مَنْ أَحْبَبْتُم الْحَيّ "هَييّ" ، وَأحْبَبْتُم الْمُدْرِك "مَنْدَا إِدْ هَيِّي" ، فَضَفَرَ عَلَىٰ رُؤُوسِكُمْ أَكَالِيلَهُ .. لَا تَنفَكُّوا سَاجِدِينَ للحَيِّ مُسَبِّحِينَ ، يَجْزِيكُمْ مَا كُنْتُمْ لَهُ ذَاكِرِينَ ، إِنَّمَا تَتَطهَّرُ نُفُوسَكُمْ بِالتَّسْبِيحِ فَتُصْبَحُ أَتَّقىٰ ، وتُصْبَحُ أنْوَارُكُمْ أَنْقَىٰ ، وَيَكُونُ اسْمِي عَلَىٰ أَفْوَاهِكُمْ هُوَ الْأَبْقَىٰ .. ذَاهِبِينَ أوْ آيبِينَ ، آكِلِين أوْ شَارِبِينَ وُقُوفًا أوْ جَالِسِينَ ، أوْ فِي أسِرَّتِكُمْ رَاقِدِينَ ﴾ ، وبينت آياتِ مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ان ذكر الله الْحَيّ القيوم والتّسبيح بأسمائهِ عز شأنه واجبة على جميعِ المُؤمنين به:ـ ﴿ يَا جَمِيعَ الَّذِينَ تَسْتَمِعُونَ إِلَىٰ نِدَاءِ الله ؛ حَينَ تَقُومُونَ وَحَينَ تَقْعُدُونَ ، حَينَ تَذْهَبُونَ وَحَينَ تؤَوّبُون ، تَأْكُلُونَ أوْ تَشْرَبُونَ ، أوْ فِي مَضَاجِعِكُمْ ، أوْ وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، اذْكُرُوا الله وَسَبِّحُوهُ كَثِيرًا ﴾.

الرُّكْنُ الثَّالِث: الصّوم ( صَوْمَا : الصَّوْمُ ): يعتبر الصّوم عند الصَّابِئِينَ من خيرةِ الاعمال وافضلها واصلحها ، ويمارسونه بغية التّقرب إلى اللهِ سبحانه وطلب مرضاته ، والصّوم عند الصَّابِئِينَ يُقسم إلى قسمين اثنين ، يكمل احدهما الآخر ، هما:ـ الصّوم الكبير ( صَوْم النَّفْس ) ، والصّوم الصّغير ( صَوْم الْجِسْم ).

الصّوم الكبير ( صَوْمَا رَبَّا : الصَّوْمُ الْكَبِيرُ ، صَوْمَا إدْ نِشمْثا : صَوْمُ النَّفْس ) هو صوم النّفس قلباً وعقلاً وضميراً ، ورؤيةً وكلاماً وسماعاً ، وتهذيبها قولاً وفعلاً وسلوكاً ومنهجاً ، فالصُّوم الكَبير هو الصُّوم في سبيلِ الله سبحانه من خلالِ إمساك النّفس وضبطها وتهذيبها عن الوقوعِ في المُحرماتِ وامساكها عن معصيتهِ وعن الوقوعِ بِالخَطيئةِ ، واجتنابِ المُوبقات والمُنكرات ، والزّهدِ عن ملذاتِ الحَياة الدُّنيا ومتاعها ، والتّغلبِ على الشَّهواتِ والرَّغبات والغْرائزِ ، وطاعةِ الله وتنفيذ أمره واجتناب نهيه ، والعَملِ بِالحَلالِ والنّهي عن الحَرامِ ، ويتحقق ذلك من خلالِ إمساك الجَوارح عن الآثامِ المُتمثلة في: صَومِ القَلب عن الشَّهواتِ والغَضبِ والضَّغينةِ والغْلِ والحِقدِ والتّفرقةِ ، ومِسكِ الفَم عن اكلِ مال الرّبا والحَرام ، وصمتِ اللِّسان عن فُضولِ الكَلام ، وإمسَاكه عن قولِ الكَذب والزّور ، وعن الزّيفِ والمُنكرِ ، وصيانته عن سيء الكَلام ، ومِسكِ الأُذُن بِالبعدِ عن سماعِ الباطل والحرامِ ، وعن سماعِ الغْيبةِ والنّميمةِ ومِسكها عن الإصغاءِ إلى كلِ مكروه ، وغضِ العَيْن عن النّظرِ إلى الحرامِ ، وغضِ البصر عن عوراتِ النّاس ، وعن الحَسدِ والغْيرةِ ؛ وَكفِ اليد عن الأذى والقَتلِ ، وعن السّرقةِ والرّشوةِ وفعلِ السّوء ، ووقفِ الرِّجل من السّيرِ إلى أماكنِ الفِسق والفجور ، وكفها عن المَشي إلى كل مكان لا يرضي الله ، ومِسكِ الأجساد مِن الزّنى والفَاحشةِ ، ومن السّجودِ لغيرِ الله سبحانه ؛ ومدة الصُّوم الكَبير تدوم على مدارِ ايام حياة الصَّابِئِي في هذهِ الدُّنيا الفَانية ، حيث جاء في آياتِ مُصْحَف الْكَنْز الْعَظِيم الْمُبَارَك:ـ ﴿ صُومُوا الصَّوْمَ الْكَبِير ، صَوْمَ الْقَلْبِ وَالْعَقلِ وَالضَّمِير ، لِتَصُمْ عُيُونكُمْ ، وَأفْوَاهُكُمْ ، وَأيْدِيكُمْ .. لَا تَغْمِزُ وَلَا تَلْمِز ، لَا تَنْظُرُوا إِلَىٰ الشَّرِّ وَلَا تَفْعَلُوه ، وَالْبَاطِلَ لَا تَسْمَعُوه ، وَلَا تُنصِتُوا خَلْفَ الْأَبْوَاب ، وَنَزِّهُوا أَفْوَاهَكُمْ عَنْ الْكَذِب ، وَالزَّيفَ لَا تَقْرَبُوه ، أمْسِكُوا قلوبَكُمْ عَنْ الضَّغينةِ وَالْحَسَدِ وَالتَّفْرِقَة ، أمْسِكُوا أيْديَكُمْ عَنْ الْقَتلِ وَالْسَّرقةِ ، أمْسِكُوا أجسَادَكُمْ عَنْ مُعَاشَرَةِ أَزْوَاجِ غَيْرِكُمْ ، فتِلْكَ هِيَ النَّارُ الْمُحْرَقَة ، أمْسِكُوا رُكَبَكُمْ عَنْ السّجُودِ لِلشَّيْطَانِ وَلِأَصْنَامِ الزَّيفِ ، أمْسِكُوا أَرْجُلَكُمْ عَنْ السَّيْرِ إِلَىٰ مَا لَيْسَ لَكُمْ ؛ إنَّهُ الصَّوْمُ الْكَبِيرُ فَلاَ تَكْسِرُوه حَتّىٰ تُفَارقُوا هَـٰذَه الدُّنِيا ؛ مَنْ أَخْطَأَ ثمَّ تَاب ، ثمَّ إِلَىٰ رُشدِهِ ثَاب ، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، هُوَ مَلِكُ النُّورِ الْحَنَّانُ التَّوَّابُ الْكَرِيم ﴾.

اما الصُّوم الصَّغير ( صَوْمَا زُوْطَا : الصَّوْمُ الصَّغِيرُ ، صَوْمَا إدْ بُغرَا : صَوْمُ الْجِسْم ) فهو صُوم الجِسم عن المَلذاتِ الدّنيويّة والشّهوانيّة والحِسيّة ، والغْاية منه إخضاع النّفس في البدنِ وترويضها على الإستغناءِ عن المُتعِ الدّنيويّة وعلى التّخلصِ من الشّهواتِ الجَسدية ، وتدريبها على حياةِ الزّهد والسّيطرة على الغْرائزِ حباً للهِ وطاعة له ورجاءاً لِجزائهِ ؛ ويقع الصُّوم الصّغير فريضة واجبة على الصَّابِئِينَ في ايامٍ مَعدوداتٍ مجموعِها ستة وثلاثين يوماً موزعةً على مدارِ أشهر السّنة ، وتُسمى هذه الايام في الدّيانةِ الصَّابِئِيَّة بِالإمسَاكاتِ الدّنيويّة ( امْبَطِّلِاتْ إدْ تِيَبل ، امْبَطِّلِاتْ : إمْسَاكَاتٌ ، مُبَطَلاَتٌ ــ امْبَطِّل : إِمْسَاكٌ ، كَفّ ، صَوْم ، تَبْطِيل ، إبْطَال ، تَوَقُّف ، إِنْكَفَاء ) ، وتقسم ايام الإمساكات ( امْبَطِّلِاتْ ) السّتة والثّلاثين إلى قِسمين اثنين:ـ أيام ثابتة واخرى مُتحركة ، فالإمسَاكات الثّابتة سميت بذلك لان مواعيد ايامها ثابتة على تقويمِ سَنة الصَّابِئَة الْمَنْدَائِيِّينَ ، كونها تحسب وتحدد حسب السّنة الشّمسيّة التي تعتمد على دورانِ الارض حول الشّمس ؛ والمُتحركة سميت بذلك لانها متغيرة من عامٍ لآخر ، ذلك لان الايام المُتحركة يتم تحديدها حسب السّنة القَمريّة التي تقل أيامها عن أيامِ السّنة الشّمسيّة بأحد عشر يوماً تقريباً ، حيث يؤدي الصَّابِئُونَ فريضة صُوم الجَسم من خلالِ الإمساك عن شهوتي البَطن والفَرج ، فيمسكون افواهم عن تناولِ ملذات الاطعمة والأشربة بما فيها الامتِناع عن اكلِ وتناول جميع أنواع اللّحوم ومُشتقات المُنتجات الحَيوانيّة ، حيث تُقسم أيام الصّوم الثابتة منها والمُتحركة الى أيام صيام ثقيلة وخفيفة حسب نوعية الأطعمة المُباح اكلها خلال الإفطار ، ففي الأيام الثقيلة يكون الامتناع تاماً عن تناول اللحوم والمُنتجات الحَيوانية بجميعِ اشكالها وفي الخفيفة يجوز فيها الإفطار من خلال تناول الأسماك وشرب الحَليب وتناول مشتقاته ؛ ويمتنعون في ايامِ الصّيام الصَّغير عن الجماعِ واقامةِ العِلاقات الجِنسيّة الزّوجيّة ؛ وإلى جانبِ الصّيام عن الطّعامِ والشّراب والجِنس ، فالصَّابِئَة في هذهِ الأيام يتوقفون عن إجراءِ بعض الطّقوس الكَبيرة والمُجهدة كالصِّباغة وتكريس رجال الدِّين وطقوس الزّواج ؛ وتقع ايام الصُّوم الصَّغير على تقويمِ الصَّابِئِينَ حسب التّرتيب الآتي:ـ
اولاً إمساكات الأيام الثّابتة وعددها اثنان وثلاثون يوماً:ـ في شهر اول الشّتاء ( شباط الصَّابِئِي ) اربعة عشر يوماً تبدأ مع بداية الشّهر ، واليوم الثّاني والعشرون من هذا الشّهر إمساك ايضاً ؛ ويقع في اليومِ الخَامس والعشرين منِ شهرِ وسط الشّتاء ( آذار الصَّابِئِي ) يوم إمساك واحد ؛ وفي شهرِ آخر الشّتاء ( نيسان الصّابئي ) لا توجد أية إمساكات ؛ وثم اربعة إمسَاكات في الايامِ الاربعة الاولى من شهرِ أول الرّبيع ( ايار الصَّابِئِي ) ؛ وفي شهرِ وسط الرّبيع ( سيوان ) لا توجد فيه أية إمساكات ، وتقع في شهر آخر الرّبيع ( تموز الصَّابِئِي ) ثلاثة إمساكات في اليومِ التَاسع والخَامس عشر والثّالث والعشرون ؛ وفي شهر اول القيظ ( آب الصَّابِئِي ) لا توجد أية إمساكات ؛ وتقع خمسة إمساكات في آخر خمسة ايام منِ شهر وسط القيظ ( أيلول الصَّابِئِي ) ؛ ويقع في الأولِ من شهرِ آخر القيظ (تشرين الصَّابِئِي ) إمساك واحد ؛ وفي شهر اول الخريف ( مشروان ) لا توجد أية إمساكات ؛ وفي الثّاني من شهرِ وسط الخريف ( كانون الصَّابِئِي ) إمساك واحد ؛ ويقع إمساكان آخران في آخرِ شهر من اشهرِ السّنة الصَّابِئِيَّة ، شهر آخر الخَريف ( طابيت ) ، حيث يقعان في الثّامنِ والعشرين والتّاسع والعشرين.
ثانياً إمساكات الأيام المُتحركة وعددها اربعة ايام:ـ يدعى اليوم المُتحرك الاول عند الصَّابِئَة بيومِ عرفات ( عَرَفَتا : عَرَفَات ، عَرَفَة ) ، ويقع هذا اليوم في التَّاسعِ من الشّهرِ القمري برك ( المُوافق التَّاسع من شهرِ ذي الحجة حسب التَّقويم الهجري ) ؛ ويعرف حالياً يوم عرفات بيومِ عرفة عند المُسلمين ، ولِصيامهِ فضل كبير في الدّيانةِ الاسلاميّة الكريمة ؛ ثم يليه اليوم المُتحرك الثّاني الذي يدعى بيومِ القربان او يوم الأَضاحِي ( قِرْبَاتَا : الْقُرْبَان ، الْأُضْحِيَّةَ ) ويقع هذا اليوم في العَاشرِ من شهرِ برك القَمري ( المُوافق العَاشر من شهرِ ذي الحجة حَسب التّقويم الهِجري ) ، وكانت العَرب قديماً تسميه بيومِ الاضاحي ايضاً او بيومِ الحَج او النَّحر ؛ ويعرف يوم القربان في الوقتِ الحاضر كأول ايام عيد الاضحى عند المُسلمين ، ويرجع تاريخ هذين اليومين عرفات والقربان إلى زمنِ نبي الله ابراهيم عليه السّلام ، ثم يليهما اليوم المُتحرك الثّالث يوم الإمساك الذي يُدعى عند الصَّابِئَة بـ ( اشْفَاطا : إِمْسَاك ، إِسْتِهْلال ، إِبْتِدَاء ، أشْوَارَا : اِنْكِفاء ، اسْتَكَفَاء ) والذي يقع في اولِ ايام الشّهر القَمري ناتق ( المُوافق الاول من شهرِ رمضان حسب التّقويم الهجري ) ؛ وآخرها اليوم المُتحرك الرّابع ، الذي يدعى عند الصَّابِئِينَ بيوم الإنتهاء ( إلْغَاطَا : اِنْتِهاء ، إلْغَاء ، إِتْمام ، اِختِتام ، إِنْقِضَاء ) ، والذي يقع بِاليومِ الأول من شهرِ واغل القمري ( المُصَادف اليوم الأول من شهرِ شوال حسب التّقويم الهجري ) ، والمَعروف حالياً بِاولِ ايام عيد الفطر في الدّيانةِ الاسلاميّة الكَريمة.

وإلى جانبِ الأيام السّتة والثَّلاثين التي كُتِبت على الصَّابِئِينَ كفَريضة واجب القيام بها ، فهم يَستحبون صِيام كل يوم أحد وأربعاء وخميس مِن كلِ أسبوع كصيام مندوب ، وكذلك يستحبون صيام أيام شهر ناتق القَمري ( رمضان ) كصيام نافلة ، اي الايام الواقعة بين اشفاطا ولغاطا ، وكذلك يَستحبون صِيام الايام التي تحدث فيها الظّواهر الفَلكيّة ، أي عند حدوث كسوف لِلشمسِ او خسوف لِلقمرِ كصيام مندوب ؛ والصِّيام مباح في الدّيانةِ الصَّابِئِيَّة ، بحيث يجوز الصّيام وحسب الإستطاعة في اي يوم من الأيامِ الأخرى من السّنةِ كصوم نافلة ، يثاب فاعله ولا يأثم تاركه ، إلا في حالةِ صادفت أيام الإمساكات ( امْبَطِّلِاتْ ) المُتحركة او المَرغوب بها تطوعاً مع ايامِ الأعياد والمُناسبات الصَّابِئِيَّة ، عندها لا يجوز ولا يستحب صِيامها ، لان أيام الإمساكات هي ايام دنيويّة مرتبطة في عالمِنا الأرضي المَادي الذي يسوده الظّلام ، بينما الأعياد والمُناسبات في الشَّريعةِ الصَّابِئِيَّة ما هي إلا إحياءً لذكرى تجليات كونيّة ، نورانيّة وسَماويّة ، كتجليات الخليقة وإنبثاق الحَياة وغيرها من المُناسباتِ المُقَدسة غير المُرتبطة بِعوالمِ المادة والظّلام ، وما دامت تلك المُناسبات محاكاة لِمناسباتِ نورانيّة علويّة فلا يُبطِلها شيء مرتبط بِعوالمِ المادة والظّلام ؛ والله سبحانه هو ملك النّور السّامي ، هو النُّور الذي لا ظلمة فيه ، سبحانه العَظِيم ذو النُّور الذي لا يشبهه شيء ، ولا يُبطِل نوره شيء ، ولا يحد نوره شيء ؛ بِوجودهِ صار النّور والضّياء ، والنّور وجِد قبل الظّلام ، لذا لا يبطله شيء ، والظّلام على النّورِ لا يُحسب ، والنّور والظّلام لا يمتزجان ، كما جاء في مُصْحَفِ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك:ـ ﴿ بِاسْمِ الْحَيِّ الْعَظِيمِ .. الْأغْنَىٰ وَالْأَسْمَىٰ ، هَـٰذَا هُوَ السِّرّ ، هُوَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ لِتَعَالِيم الْحَيِّ الْأَزَلِيّ الَّذِي لَا بِدَايَةَ لَهُ ،..، لَا حَدَّ لِلنُّورِ ، لَا يُوجَدُ حَدٌ لِلنُّورِ ، وَلَا يُدْرَىٰ مَتَىٰ صَار ، مَا صَارَ إِذْ لَمْ يَكُنْ النُّور ، مَا صَارَ إِذْ لَمْ يَكُنْ الضِّيَاء ، مَا صَارَ إِلَّا بِوُجُودِ الْحَيِّ الْعَظِيمِ ، وَ مَا صَارَ حَدٌّ لِلنُّورِ ،..، النُّورُ قَائِمٌ مِنْ الْبَدْءِ إلَىٰ الْمُنْتَهَىٰ ،..، الْكَلِمَاتُ الْخَفيَّةُ مَخْفِيَّةٌ مَصُونَةٌ فِي أسْفَارِهَا ، الْمَاءُ لَا يَمْتَزِجُ بِالْقَارِ ، وَالظَّلاَمُ عَلَىٰ النُّورِ لَا يُحْسَبُ ، لَا يُحْسَبُ الظَّلاَمُ عَلَىٰ النُّورِ ، الدَّارُ الْمُظْلِمَةُ لَا تُنِيرُ ، وَالْمِيَاهُ الْعَكِرَةُ لَا تُبْهِجُ ، وَالظَّلاَمُ لَا يَتَّسع ، وَسَاكِنُهُ مَجْبُولٌ جَبْلا ، الظَّلاَمُ مَجْبُولٌ جَبْلًا ، إنَّهُ فِي كُنِّ ذَاتِهِ يَسْتَتِر ، وَكُلُّ مَا يَنْتِجُ عَنْهُ بَاطِل ، أَبْنَاءُ الظَّلاَمِ بَاطِلُون ، وَأَبْنَاءُ الْمُعَظَّمِ بَاقُونَ ، بُيُوتُ الْأَشْرَار بَاطِلَة ، تَنْطَفِئُ حَرَارَتُهَا الْآكِلَة ، سِحْرُهُمْ يَنْطَفِئُ وَيَزُولُ .. وَأَعْمَالَهُمْ تَحُول ، وَسُلاَلَةُ الْحَيِّ هِي الْبَاقِيَة ﴾.

وذكر الصُّوم الصَّغير في آيات مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك كفريضة واجبة على المُؤمنين ، وحذرت آيات الْمُصْحَف الْمُبَارَك من السّهوِ والتّغافل عن إداءِ فريضة الصِّيام في ايامهِ المُحدده ، فإن مصير الذين لم يلتزموا بِفرضِ الله سبحانه وتعاليمه ووصاياه ، النّار الحَارقة ، والذين اطاعوه ونفذوا امره وعملوا صالحاً فمصيرهم جناته النّورانيّة السّعيدة:ـ ﴿ الْحَيُّ الْمُدْرِكُ "مَنْدَا ادْ هَيِّي" قَائِلًا بِنِدَاءِهِ وَمُنَادِيًا بِصَوْتٍ سَنِيّ: مَنْ سَمِعَ وَآمَنَ بِأَقْوَالِهِ وَتَعَالِيمِهِ "جِنْزَا رَبَّا" ، وَالتَّزَمَ بِتَعَالِيمِهِ ، وَتَمَسَّكَ بِأَقْوَالِهِ ، سَوْفَ يَصْعَدُ وَيَرَىٰ بَلَدَ النُّورِ ؛ أَمَّا الْفَاسِقُونَ الْمُتَكَاسِلُونَ وَالَّذِينَ اغْفَلُوا مُتَرَاخِينَ عَنْ أدَاءِ صِيَامِهِمْ فَلَنْ يَرَوْا بَلَدَ النُّورِ ، هَـٰؤُلاَءِ الصَّائِمُونَ وَالصَّائِمَات فِي الدَّرْكِ الْأسْفَلِ مِنَ النَّارِ الْمُوقَدَةِ يُحْشَرُونَ ، وَالْحَيُّ الْغَالِبُ ﴾ : ( مَنْدَا ادْ هَيِّي قَارِيَ بِكَالوزَا وَمِيشمَا ابْقَالِيَ شَانِي: إيتْ إِدْ شُومَا وَهَايمِينْ بِجَنْزَا وَمَلَالَا ، قَامْ بِجِنْزَا ، قَامْ وَمَلَالَا ، وَإِسْلِق وَهَزيَ لَآتَرَ انْهُورَ ؛ وَبِيشِي إِدْ إِتكَلِل وَشَكِيب اكَاندِيت ايَاتبِي اِبْصُومَا وَلَا اهْازِيَلا لَآترَ انْهُورَ ، صَايامِي وَصَايامَاثا لِيقدانِي إِدْ نُورا شَافلِي ، وَهَيِّي زَاكِن ) ، وجاء في الْمُصْحَفِ الْمُبَارَك أن الذين لم يصوموا كما شرع الله سبحانه ، ولم يقيموا صلواتهم في حدودها وفروضها سيكون حسابهم في الْمَطهرِ ( الْبَرزخِ ) عسير ، سوف يُعذبون بِالجُوعِ والعَطشِ ، وسوف يُزج بهم في النّارِ الحارقة إلى يومِ الدّين:ـ ﴿ فِي هَـٰذَا الْمَطْهَر "مَطِرَاثَا" يَجْثُمُ أُولَـٰئِكَ الْمُنَافِقُونَ فِي صَومِهِم مِنْ الصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْمُصَلِّينَ الَّذِينَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ كَاذِبِينَ ، أُولَـٰئِكَ جِيَاعًا لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ يَأْكُلُونْ ، وَعِطَاشًا لَّيْسَ لَهُمْ مَاءٌ يَشْرَبُونْ ، يُتْرَكُونَ نَائِحِينَ وَمُتَأَلِّمِينَ ، رُؤُوسُهُمْ حَاسِرَة ، وَسَلامًا لُا يُحْيِيهِمْ ، مُقِيمُونَ فِي هَـٰذَا الْمَطْهَر ، وَبِالْكَلاَلِيبِ يُعَلِّقُونَ وَفِي النَّارِ وَالْحَمِيمِ يُسْجَرُونَ إلَىٰ يَوْمِ الدِّين ، لسَاعَةِ الْعَالمِ .. سَاعَةَ الْخَلَاصِ ﴾ : ( ابْهَازَا مَطرَاثَا صَيامي وَصَيامَاثا صَايمِي صَومَا إِدْ آولَا وَمصَلِين صَلوتَا إِدْ كَدبَا ، هَالين إِدْ كَافنِين وَلاهمَا لَاكلِين ، وَصَاهين وَميَا لَاشَاتِين ، وَبيبلي وَمَالِي يَاتِبين ، وَرِيشايون نَاجِدي ، واشْلامَا لَا يَاهبيَ ، مَابطِيلون ابْهَازَا مَطرَاثَا ، وَسَالِيقلون ابْهربَا ، وَنورَا وإيشاتا آلمَا لِيومَا يَوم دِينَا ، وَآلمَا لِشيتَا شَايِّي إِدْ بُرقانَا ) ، وتكرر التّحذير في آياتِ مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك من مغبةِ التّهَاون في أداءِ الْفرائض الدّينيّة كفريضة الصِّيام:ـ ﴿ إنَّ الَّذيِن لَا يَذُودُون نُفُوسَهُمْ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُوبِقَات فِي غَيَاهِب الظَّلاَم يُوثَقُون ، بَعِيدًا عَنْ الْعَالمِ عِطَاشًا يُحْشَرُون ، وَكُلُّ حَفْنَةِ مَاءٍ يُسْقَونَهَا يُعَذَّبُونَ أَضْعَافَهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ ، وجاء في الْكِتَابِ الصَّابِئِي الْمُقَدَّس ان المُؤمنين الذين لم تفسدهم الشَّهوات الدّنيويّة ، ولم يَعبثوا بِصيامِهم او يفسقوا عنه ، سَيُجزيهم الله ، وسَيَصعدون إلى الدّارِ المَتقنة ، جنان الرّحمن:ـ ﴿ سَتصْعَدُ نَفْس "نِشمْثا" النَّاصُورَائِيِّينَ ، الَّذِينَ لَمْ يَأْكُلُوا أَكْلَ الْفَاسِدِينَ ، وَلَا كَانُوا عَابِثِينَ وَلَا فَاسِقِين ، يَصْعَدُ الصَّادِقُونَ الْمُؤْمِنُون .. يَرَوْنَ الدَّارَ الْمُتقَنةَ وَعَنْهَا يَتَحَدَّثُون ﴾ ، وجاء في الْمُصْحَفِ الْمُبَارَك ، ان الذين صَانوا اجسادهم في سبيلِ الله لهم اجرهم عند رب العَالمين:ـ ﴿ طُوبَىٰ لِمَنْ سَمِعَ وَآمَنَ .. إِنَّهُ يَصْعَدُ ظَافِرًا إِلَىٰ بَلَدِ النُّورِ ، مَنْ تَعْلَمَ تَسَابِيحِي ذُكِرَ اسْمَهُ فِي عِلِّيِّين ، مِنْ اسْتَنَارَ بِكَلِمَاتِي أَصْبَحَ مِنْ وَالْأُثِريّينَ ، وَمَنْ نَجَا مِنْ غِوَايَةِ الشَّيْطَان صَعِدَ إِلَىٰ بَلَدِ النُّورِ الْأَمِينُ ، وَمَنْ صَانَ جَسَدِه حُبًّا فِي اللهِ فُهُوَ الْمُزَكَّىٰ ﴾ ، وجاء فيه ان صَوم الجَسد يحفظُ الانسان مِن الخطايا وَالسّيئاتِ:ـ ﴿ كُلَّ مَنْ يُضْحِي بِجَسَدِهِ حُبًّا لِلرَّبِّ سَوْفَ يَصْعَدُ خَالِيًا مِنْ الْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ ﴾ : ( كُلمَنْ إِدْ برَهمُوتَا إِدْ مَارَا بغرَا لجِيطلا نَشلِم إِدنقي هَطايّي وَهُوبِي ) ، وجاء في كِتَابِ سُنَّة نبي الله ورسوله يحيى بن زكريا عليه السَّلام دروسه وتعاليمه ومواعظه ووصاياه ( إِدْرَاشا إِدْ يَهيَا : دُرُوس يَحْيَىٰ ) ، ان النّبي يحيى عليه السّلام كان نبياً صالحاً ومومناً عابداً مُتواضعاً يعبد الله حق عبادته ، وكان نبياً تقياً وقانتاً لله ، مُخلِصاً في عبادتهِ ، وزاهداً وناسكاً في دنياهِ ، مبتعداً عن مظاهرِ التّرف ، غير متعلق بمظاهرِ الدُّنيا الزَّائفة ، ولم يكُ سَاعياً من اجلِ المَال او الجَاه او السَّلطة ، وغير مُحب لِلشهواتِ والرّغباتِ والمُتعِ المَاديّة والمَلذات الدّنيوية ، بل كان متبتلاً في مَسكنهِ ، ومَأكلهِ ، ومَشربهِ ، ومَلبسهِ ، وفي سَائرِ أموره وأحوالهِ ، وكثير العبادة والخشوع لله ، آمراً بما امره به سبحانه ، وناهياً عما نهاه عنه جلاله:ـ ﴿ يَحْيَىٰ يَعِظُ فِي اللَّيَالِي .. يَقُولُ: بِاسْمِ أَبِي تَألّقَتُ وَبِتَسْبِيحِي لِلْخَالِقِ صِرْتُ كَبِيرًا فِي الدُّنْيَا ، ابتعدْتُ عَن الْمُنكَرِ وَالْأَعْمَالِ الَّتِي لَا تُجْدِي نَفْعًا ،..، قُلْتُ: قَائِمٌ أَنَا بِقُوَّةِ أَبِي ، وَلِلْخَالِقِ أُسَبِّحُ وَقَدْ أَقَمْتُ عَالَمًا كَبِيرًا ، وَلَمْ أُقِمْ عَرْشًا بَيْنَ الْيَهُودِ ، مَا أَحْبَبْتُ أَكَالِيلَ الْوَرْدِ ، وَلَمْ تُغْرِني النِّسَاءَ ، لَمْ أهوَ النَّقْصَ ، وَلَمْ اكُ مِنْ شَارِبِي الْخَمْرِ ، لَا أُحِبُّ اِلتِّهَامَ طَعَام الْأَجْسَاد "اللُّحُومِ وَالمَلَذَّات وَالرَّغَبَات وَالشَّهَوَات" ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَرْمُقُنِي الْعُيُونُ الْحَاسِدة ، لَمْ أَنْسَ تَرَاتِيلِي ، وَلَمْ أُغْفِلْ عَنْ نَهْرُ الْأُرْدُنِّ "يَرْدِنَا" ، وَلَمْ أَتْرُكْ صِبَاغَتِي ، وَلَا الرَّسْم الطَّاهِر ، لَمْ أَنْسَ يَوْم الْأَحَد وَلمْ أَنْقَطِعْ عَنْهُ ، وُ لَمْ أَنْسَ شِلمَي وَنِدبِي ﴾ ، وحذر النّبي يحيى عليه السّلام اولئك الذين فتنت قلوبهم ملذات العالم الزّائلة من مأكلِ ومشرب وملبس ومال وغيرها ولم يشبعوا من بهرجةِ الدّنيا الزّائفة ، بحيث تغاضوا عن صِيامِهم غير ملتزمين بفرض الله سبحانه:ـ ﴿ وَيْلٌ لِلْبُطُونِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي كُلَّ أَكَل الْبُطُونِ أَكَلَتْ وَلَمْ تَمْتَلِئ ﴾ ، وبينت سنّة نبي الله يَحْيى عليه السَّلام المُبَارَكة ، ان للصيامِ فضل كبير ، وإن الامساكات ( امْبَطِّلِاتْ ) فريضة واجبة ، وبينت ان الأيام التي يُستحب فيها الصّيام هي:ـ ايام الآحاد والأربعاء والخميس من كل اسبوع ، وثاني ورابع ثلاثاء من كلِ شهر:ـ ﴿ يَحْيَىٰ يَعِظُ فِي اللَّيَالِي .. يَقُولُ: سَعِيدٌ مَنْ يَتَّخِذُ لِنَفْسِهِ زَوْجًا ، وَمُوَقَّرٌ مَنْ يَكُونَ لَهُ أَبْنَاءً ، وَلَـٰكِنِّي أَخْشَىٰ إِذَا تَزَوَّجَتُ وَحانَ وَقْتُ النَّوْمِ ، وَتَوَدَّدَتْ زَوْجَتِي إِلَيَّ ، فَأُبَطِّلُ فُرُوضِي اللَّيْلِيَّةِ .. مَاذَا لَوْ تَتَأَجَّجُ فِيَّ الشَّهْوَة فَأَنْسَىٰ ذِكْرَ رَبِّي؟ مَاذَا لَوْ تَتَأَجَّجُ فِيَّ الشَّهْوَة فَأُبَطِّلُ الْقِيَامِ إِلَىٰ فُرُوضِي فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهَا؟ عِنْدَمَا قَالَ يَحْيَىٰ هَـٰذَا ، جَاءَتْهُ رِسَالَةً مِنْ بَيْتِ الْبَعْثِ "ابْاثَر": يَا يَحْيَىٰ خُذْ لَكَ زَوْجَةً ، اِطْمَئِنَّ وَتُقَيَّدْ فِي إمْسَاكَاتِ الْأَرْضِ "امْبَطِّلِاتْ إدْ تِيَبل" ، وَفِي فَجْرِ الْاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ تَوَارَ إِلَىٰ مِخْدَعِكَ الزَّوْجِي ، وَفِي فَجْرِ الْأرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ قُمْ بِفرَوْضِكَ ألسَّنيّةُ ، وَفِي فَجْرِ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ تَوَارَ إِلَىٰ مِخْدَعِكَ الزَّوْجِي ؛ وَيَوْمِ الْأَحَدِ ، فِي فَجْرِ الْأَحَدِ وَفِي غَدَاةِ يَوْمِهِ قُمْ بِصَلَوَاتِكَ ألسَّنيّةُ ؛ وَأَمْسِكْ ثُلَاثَاءَ وَاتْرُكْ ثُلَاثَاءَ ، وَأَمْسِكْ ثُلَاثَاءَ وَاتْرُكْ ثُلَاثَاءَ ، وتَقِيدْ بِإمْسَاكَاتِ الْأَرْضِ "امْبَطِّلِاتْ إدْ تِيَبل" ﴾.

الرُّكْنُ الرَّابِع: ( زِدْقَا وَطَبْوُثَا : الصَّدَقَةُ وَالْإِحْسَانُ ): ايتاء الصَّدقات عند الصَّابِئِينَ تتم من خلالِ مُسَاعدة الفُقراء والمَسَاكين والمُشردين والأيتام والبُؤساء والمُحتاجِين ونحوهم من خلالِ تقديم عطيّة مال أو طعام أو لباس تقرباً للهِ سبحانه ورجاءً لِثوابهِ ؛ وفِعل الإحسان يتم من خلالِ العَمل بِالبرِ والمَعروف وفعل الخيرات على أكملِ وجه ابتغاءً لِمَرضاتِ الله الْحَيّ القيوم سُبحانه كبناء المَعابد والمَساكن لِلفقراءِ والمُتعبينَ وطباعةِ الكُتب وعِلاج المَرضى وغيرها من الاعمَالِ الصَّالحة. ويكسب المُتصدقين والمُحسِنين مِن خلالِ اعطاء الصَّدقات وافعال الإحسان الأجر والثّواب التي تُسهل عُروج نُفوسهم نحو الحَياة الآخرة كما جاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس ، مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ( گِنْزَا رَبَّا : الْكَنْز الْعَظِيم ) التي بينت فضل الصَّدقات والْإحسَان:ـ ﴿ الصَّدَقَةُ وَالْإِحْسَانُ وَثَبَاتُ قَلْبِكَ فِي الْإِيمَانِ.. ذَاكَ هُوَ زَادُكَ فِي طَرِيقَكَ إلَىٰ الدَّيَّانِ ﴾ ، وجاء فيه ان مُنقذ النَّفس لا يَكون إلا من خِلالِ الايمَان الصَادق بِاللهِ ، والتَّسبيح له ، والإحسَان:ـ ﴿ لَا تَكْنِزُوا الذَّهَب وَالْفِضَّة ، فَالدُّنْيَا بَاطِلَةْ ، وَمُقْتَنَيَاتِهُا زَائِلَةْ .. ولَا تَحسَبُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةُ مُنقِذَينَ النَّفْس الرُّوحِيَّة "نِشِمَاثَا" .. إنَّمَا يُنقِذُها الصِّدْقُ وَالْأيْمَانُ وَالتَّسبيحُ وَالْإِحْسَانُ ، بِهَـٰذَا تُنقِذون النَّفْس الرُّوحِيَّة "نِشِمَاثَا" فَتُخرِجونَهَا مِنْ الظَّلاَمِ إِلَىٰ النُّورِ ، وَمِنْ الضَّلالِ إِلَىٰ الْهُدَىٰ ، وَمِنْ الْكُفْرِ إِلَىٰ الْإِيْمَانِ .. فتَنعمُ بِالصَّلاَةِ وَالتَّسبيحِ بَعْدَ الْانْحِرافِ وَالْعِصْيَان ﴾ ، وجاء فيه ، ان العَمل الصَّالح والصَّدقة والصِّبغة سيسأل عنها الأنسان في الدّارِ الآخرة:ـ ﴿ وَلَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةَ مَلاَذًا فِي بَيْتِ الْحَيِّ .. إنَّمَا مَلاَذُ الْإِنْسَانِ عَمِلَهُ وَصَدَقَتِهِ .. وَوَسْمُهُ وَصِبَاغَتُهُ . يُسْأَلُ عَنْهَا إِذَا خَرَجَ مِنْ الْجَسَد ، وَلَنْ يُجِيبَ عَنْهُ أَحَد ﴾ ، وجاء في آياتِ صُحُف مُصْحَف الصَّابِئَة الْمُبَارَك ان إطعام الجَائع وسِقايَة الظّمآن وكسوة العريان لها اجرٍ عظيم وثوابٍ كبير عند الله جل شأنه وان سبحانه سيجزي المُحسنين والمُتصدقين خير الجَزاء:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي ، إذَا رَأَيْتُمُ جَائِعًا فَأَطْعِمُوهُ ، وَإذَا رَأَيْتُمُ عَطْشَانَ فَاِسْقُوهُ ، وَإذَا رَأَيْتُمُ عَارِيًا فَاِكْسُوه ، طُوبَىٰ لِمَنْ وَهَبَ فَإِنَّهُ لَمَأْجُور ، طُوبَىٰ لِمَنْ كَسَا فَسَيُكْسَىٰ أرْدِيَةً مِنْ نُور ﴾ ، وجاء في آياتِ كِتَاب الصَّابِئَة الْمُقَدَّس عدد من الاياتِ الكريمة في الدّعوةِ لِمساعدةِ الايتام واعانة المُشردين والمَساكين والمُضطهدين والمَحرومين ورعايتهم وإيوائهم وسد حوائجهم من طعامٍ او شرابٍ ، والعَطف عليهم والإحسان اليهم مَادياً ومَعنوياً ، وتيسير اعمالهم والتّرحم عليهم والرّأفة بِحالِهم ، وعدم الاستعلاء عليهم ، وعدم الازدراء من وضعِهم وحالِهم ، وحفظ حقوقهم وحمايتها ، والسّعي لإيتاءِ حقهم وإحقاق الحَق بينهم والقضاء بينهم بِالعدلِ والإنصافِ والمُساواةِ ، والحكم بينهم بِالقِسطِ والقِسطاسِ القَويم:ـ ﴿ هَبُوا الْخُبْزَ وَالْمَاءَ وَالْمَأْوَىٰ لِبَنِي الْبَشَر الْمُتْعَبِينَ وَلِلمُضْطَهَدِين ، وَكُونُوا عَادِلِين ، وَتَحَابَبْوا صَادِقِين ﴾ ، وجاء في كِتَابِ الْكَنْز الْعَظِيم في آياتِ صُحُف نبي الله يحيى بن زكريا عليه ازكى السّلام ان افضل الصّدقات هي إطعام جائع ما يسد به رمقه وشراب يروي به ظمأه:ـ ﴿ رَأْسُ الصَّدَقة أنْ تُطْعِمَ الْجَائِعَ ، وَتَسْقِيَ الْعَطْشَانِ ﴾ ، وجاء فيها ايضاً:ـ ﴿ الْمُتَصَدِّقُ مَائِدةٌ مَبْسُوطَةٌ لِلْجِياعِ وَالْمُحْتَاجِين ﴾ ، وجاء فيها ان قمة الحَنان هي العَطف على الفُقراء والمُضطهدين:ـ ﴿ رَأْسُ الْحنَّانِ أنْ تَحِنَّ إلَىٰ الْفُقَرَاءِ وَالْمُضْطَهَدِينَ ﴾ ، وجاء في آيات الْمُصْحَف الصَّابِئِي الْمُقَدَّس ان هِبة الصّدقة على المَساكين والمُحتاجين المَاديّة والمَعنويّة ليس لها مَحدوديّة او مِقدار مُعين فإنها تَعتمدُ على ما تجود به ايادي المُتصدقين ، فَمَنْ لم يتمكن مِن التَّصدقِ بخبزةٍ كاملة وكان يمكنه ان يهب نصف خبزة فليفعل ذلك وهكذا ، فالصّدقة هي ما تيسر اعطاءه ، ومَنْ لم يتمكن من ان يُعطي صدقة ماديّة من مالٍ او طعامٍ او كساءٍ او غير ذلك ، فيمكنه ان يُعطي الصَّدقة المَعنويّة من خلال الوعظ والارشاد والكلمة الطّيبة ونحوها:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي: اللهَ وَحَّدُوه ، وَالشَّرَّ لاَ تُقَرِّبُوه ، وَالصَّدَقةَ أَعْطُوهَا ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيؤدِّ نِصْفَهَا ، وَسَأحْسِبُهَا لَهُ كَامِلَةً فِي أرْضِ النُّور ﴾ ، ويشترط في الصّدقة عند الصَّابِئَة ان يَمنحها المُتصدق في سبيلِ الله ، دون المَنّ بها او ابتغاء غايَة غير مُساعدة المُحتاج ( الْمُتَصدَّق عليه ) والاحسان إليه ، وينبغي ان تُعطى دون إعلام احد وفي الخَفاء ابتغاء مرضاة الله ، ونيل الأجر وثواب الآخرة ، فَمَنْ جاهر بها علانيّة او أفشى سرها او اذاع امرها فقد ابطلها وافسدها ولن تُحسب لِلمتصدقِ بها أجراً في ميزانِ حسناته ، حيث جاء في الآياتِ الْمُبَارَكات لِكِتَابِ جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي ، أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، أَرْشِدُوا الْأَعْمَىٰ ، وَأَحْسَنُوا إلَىٰ الْفَقِيرِ ، وَإذَا تَهَبُونَ صَدَقَةً يَا أَصْفِيَائي لَا تُشَهَّدُوا عَليْهَا ، لَا تَعْلَمْ يَمِينُكُمْ بِمَا وَهَبَتْ شِمَالُكُمْ ، وَلَا شِمَالُكُمْ بِمَا وَهبَتْ يَمِينُكُمْ ، بِئْسَ مَنْ وَهَبَ صَدَقَةً فَأفْسَدَهَا بِالتَّشْهِيرِ ﴾.

الرُّكْنُ الْخَامِس: ( مَصْبُتَا إِدْ هَيِّي وَاِطْمَاشَا : صِبْغَةُ الْحَيّ وَالتَّطَهُّرُ ) ، الصِّباغة بِصِبغةِ الله فريضة رئيسيّة في الشَّريعةِ الصَّابِئِيَّة فهي الإصطباغ بِصُبغةِ الله تعالى التي لا تماثلها صُبغة اخرى وهي اعظم صِبغة ينالها المُؤمنين بِاللهِ ، وتتم هذه الصّباغة من خلالِ الإصطباغ بماءه الطّهور ، والغْايَة منها اظهار التّسليم والخضوع لِسُبحانهِ ، الْحَيّ العَظِيم ملكُ الانوار العَلي ، وذِكره والايمَان به رباً واحداً احداً لا شريك له وبِقدرتهِ ومَشيئتهِ وعِبادتهِ ، والتّوبة والإنابة إليه سُبحانه ، وطَلب مغفرة الذّنوب والخَطايا والسِّيئات ؛ حيث جاء في كِتَابِ الصَّابِئَة الْمُقَدَّس كِتَاب جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ، أن نفوس الصَّابِئِينَ الذين شهدوا بِوحدانيّةِ الله الْحَيّ الْعَظِيم ولم يعبدوا سواه ، ولم يَشركوا به شيئاً ، ولم يَرتكبوا المَعَاصِي ، وبِوسمهِ قد وِسِموا ، وبِصِبغتهِ اِصْطبغوا ، وعَملوا الصّالحات ففي يومِ الحساب لا مؤخر يؤخر نفوسهم من الوصولِ نحو فردوس النّور ، جنان الرّحمن:ـ ﴿ أصْبُغُوا نُفُوسَكُمْ بِالصِّبْغَةِ الْحَيَّة الَّتِي أنزَلَهَا عَلَيْكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أكْوَانِ النُّور ، وَالَّتِي اِصْطَبَغَ بِهَا كُلُّ الْكَامِلِينَ الْمُؤْمِنِينَ ،..، مَنْ وُسِمَ بوَسْمِ الْحَيِّ ، وَذُكِرَ اِسْمُ مَلِكِ النَّور عَلَيْه ، ثُمَّ ثَبَتَ وَتَمَسَّك بصِبْغَتهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ، فَلَنْ يُؤَخَّرَهُ مُؤَخَّرٌ يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ ، وجاء في الْمُصْحَف الْمُبَارَك ان الذين أضلوا الحَق او بِغيرِ صِبغة الله الحَيّ الوَاحد الأحد اصْطبغوا سيكون الظلام والعذاب مثواهم ، اما مَنْ اصطبغوا بِصبغتهِ تعالى ، ولم يضلوا طريقهم فالحي كفيل بِأمرِهم:ـ ﴿ إِنَّ مَنْدَاِدْهَيِّي يَقُول: كُلُّ نَفْسٍ تُسْألُ هِيَ عَنْ أَعْمَالِهَا ، لَا تُشَارِكُ نفسٌ نَفْسًا ، وَلَا تَتَحملُ نَفْسٌ نَفْسًا ، كُلُّهُمْ يَوْمَئِذٍ مُنْخَطِفُون ، هَالِكُونَ عَنْ هَالِكِينَ ، مَشْغُولُونَ إِلَىٰ بَعْضِهُمْ لَا يَلْتَفِتُون .. لَا يُلقُوْنَ السَّلاَم ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ الْكَلاَم ، مِثْلُهُمْ كُلُّ نَاصُورَائِيٍّ تَرَكَ تَعَالِيمَ الْحَيّ ، وَسَارَ فِي طَرِيقِ الظَّلاَم .. هَـٰؤُلاَءِ أَيْضًا فِي الظَّلامِ يُحْشَرُونَ .. يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا: إِلَىٰ مَتَىٰ هُمْ فِي عَذَابِهِمْ مُقِيمُونَ؟ يَقُولُ يَاوَر زِيوَا: إِنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مَأْخُوذ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاه ، النَّاصُورَائيُّونَ بِأَحْكَامِهِمْ ، وَالرُّؤَسَاءُ بِأَعْمَالِهِمْ ، سَوْفَ يَقِفُ النَّاصُورَائيُّونَ لِلحَيِّ يَنْحَنُون .. وَمَنْدَاِدْهَيِّي يُمَجِّدُون ، مُتَوَسِّلِينَ .. مُتَضَرِّعِين: يَا مَنْدَاِدْهَيِّي .. كَانَ الَّذِي كَان .. أَغْوَانَا الشَّيْطَان ، وَنَحْنُ خُلَصَاؤُكَ الْآن ، فَكُنْ شَفِيعَنَا عِنْدَ الرَّحْمَـٰنُ ، فَيَقُولُ لَهُمْ مَنْدَاِدْهَيِّي: كُنْتُمْ خَاصَّتِي .. بِوَسْمِ الْحَيِّ وُسِمتُمْ ، وَبِصِبْغَتهِ إِصْطَبَغتُمْ ، لَـٰكِنَّكُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَيِّ خَرَجْتُمْ ، وَبِاسْمِ غَيْر الْحَيِّ إِلَىٰ مِيَاهِ الأَنْهَارِ "يَرْدِنَا" نَزَلْتُمْ .. مَنْ يَا تُرَىٰ يَغْفِرُ لِهَـٰذِهِ النُّفُوسِ خَطَايَاهَا؟ .. أمَّا النُّفُوسُ الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مَجْرَاهَا ، وَلَمْ تُوسَمْ بِغَيْرِ وَسْمِهَا وَسِيمَاهَا .. رُغّمَ أَنَّ الشَّيْطَان دَعَاهَا ، أَضَلَّهَا وَأَغْوَاهَا .. فَالحَيُّ كَفِيلٌ بِأَمْرِهَا .. وَلَنْ يَطُولَ فِي الظَّلامِ مَثْوَاهَا ؛ يَقُولُونَ لَهُمْ: نَحْنُ نُصْعِدُكُمْ إِلَىٰ جَنَّاتِ عَدْنٍ حِينَ تَمُوتُونَ .. يَوْمَ مِنْ أَجْسَادِكُمْ تُخْرَجُونَ ، إِلَىٰ تِلْكَ السَّعَادَةِ سَتَذْهَبُون ، وَيَقُولُ لَهُمْ مَنْدَاِدْهَيِّي: اُنْظُرُوا.. أَيْنَ أَنْتُمْ مُقِيمُون ، أفَهَـٰذِهِ جَنَّاتُ عَدْنٍ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُوعَدُون؟ .. هَـٰذَا الظَّلامُ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مُوَثَّقُون؟ .. أَرْوَاحُكُمْ تُبْلَىٰ ، وَنُفُوسُكُمْ بِالْعَذَابِ تُصْلىٰ ، مُقِيمِينَ فِيهِ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ ، يَوْمَهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ تتَهْدَّمَان .. وَلَيْسَ لَكُمْ بَيْنَهُمَا مَكَان ، الْكَوَاكِبُ تَتَسَاقَطُ وَيَلُفُّهُا الدُّخَان ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَتَبعْثَرَان .. فَأَيْنَ تَذْهَبُون؟ .. بَلْ أَنْتُمْ فِي الظَّلامِ مُوَثَّقُون ، مَوْتًا ثَانِيًا تَمُوتُون ، لَا تَنْطَلِقُون وَلَا تَصْعَدُون ، إِنِّي دَعَوْتُكُمْ إِلَىٰ الْحَيَاةِ الَّتِي لَا مَوْتَ فِيهَا ، وَإِلىٰ النُّورِ الَّذِي لَا ظَلاَمَ فِيهِ .. فَاخْرُجُوا إِلىٰ طَرِيقِ الْحَيَاةِ .. أُخْرِجُكُمْ إِلىٰ طَرِيقِ السَّمَاءِ ، حَيْثُ لَا مَوْتَ وَلَا ظَلْمَاء ، يَا مَنْ نَادَيْتُهُمْ فَمَا أَجَابُوا ، وَخَاطَبَهُمْ الْأثُرِيّون فَاسْتَرَابُوا ... إِنَّ أَبْنَاءَ آدَمَ الْجَسَدِيّ سَمِعُوا صَوْتَ الْحَيَّ فَثَابُوا ، وَآمَنُوا وَاسْتَجَابُوا ، أَصْغُوا إِلَىٰ صَوْتِ الرِّجَالِ الثَّلاَثَةِ وَعَظِّمُوهُمْ تَعْظِيمَهمْ ، وَانْشُرُوا تَعَالِيمَهُم ، لَقَدْ كَرِهُوا الْمُوْتَ وَأحَبُّوا الْحَيَاة .. كَرِهُوا الظَّلامَ وَأحَبُّوا النُّور .. لَبِسُوا الضِّيَاءَ وَاكْتَسَوْا النُّور .. هَـٰؤُلاَءِ فِي طَرِيقِ الْحَيِّ يَصْعَدُونَ ، وَفِي بَلَدِ النُّور يُقِيمُون ، لَقَدْ صَرَخُوا هُمْ أَيْضًا فِي آذَانِكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا ، وَبَصَّرُوكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا .. لَا سَلَكْتُمْ طَرِيقَ الْحَيِّ حَيْثُ يَمْشِي الصِّدِّيقُون ، وَلَا فَعَلتُمْ فِعْلِ الْحَقِّ كَمَا يَفْعَلُ الصَّالِحُون .. فَعَلَامَ تَعْتَمِدُون؟ .. أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الْهَالِكةُ مِثْلَ النِّعَاج ، وَالْمُنْطَفِئَةُ مِثْلَ السِّرَاج ، السَّاكِنَةُ فِي أعْتَمِ الْفِجَاج ﴾ ، وجاء في الْمُصْحَف الْمُبَارَك ان الصَّابِئِينَ الذين لِلحَيِّ لا يَشهدون ، او طقوس الدِّين لا يؤدون ، وصَدقة لا يَهبون ، وصِباغة لا يَصطبغون ، وابنائهم لا يُعلمون فاولئك عن الحق بعيدون:ـ ﴿ مُمَجَّدٌ مَنْدَاِدْهَيِّي الرَّسُولُ الْأَوَّل الْقَائِمُ عَلَىٰ أَكْوَانِ النُّور ، مُمَجَّدٌ شِلْمَاي وَنِدْبَاي حَارِسَا يَرْدِنَا الْعَظِيم ، الشَّاهِدَان عَلَىٰ صِبْغَةِ النُّور ، وَالْمَانِحَانِ الْأسْمَ وَالْوَسْمَ للنَّفْسِ الرُّوحِيَّةِ "نِشْمَاثَا" ، وَأَبْنَاءُ الْجِيلِ الْحَيِّ مُمَجَّدُونَ: هِيبَلُ ، وَشِيتَلُ ، وَأنُوشُ ، التَّألُقُ وَالْأُتْقَان ، وَالْبَهْجَةُ وَالْغُفْرَان ، لِكُلِّ مِنْدَائِيٍّ عَرَفَ طَرِيقَ الْإِيمَانِ ، أَمَّا الْمَنْدَائِيُّونَ وَالْمَنْدَائِيَّاتُ الَّذينَ لَا يَدْخُلُونَ بُيُوتِ الصَّلاَةِ وَالعِبَادَة والْمَعْرِفَة "مَنْدِي" فَجْرَ يَوْمِ الْأَحَدِ خَاشِعِينَ ، وَلَا يُؤَدُّونَ طُقُوسَ الدِّين ، وَلَا يَلْتَزِمُونَ بِالصَّلَوَاتِ وَلَا يَسْجُدُون ، وَالْخُبْزَ الْمُقَدَّسَ "بَهْثَا" لَا يَتَنَاوَلُونَ ، ويَدَ الْعَهْدِ "كَـُشْطَا" وَالْائْتِلافِ "لُوفَا" لَا يَمُدُّون ، وَأَبْنَاءِهُمْ وَبَنَاتِهِمْ لَا يَصْبَغُون ، وَلَا يُعْطُونَهُمُ رَسْمَ الْحَيّ ، وَلَا يَمْلأُونَ قُلُوبَهُمْ بِالْأَيْمَانِ بِالْحَيّ ، وَلَا يَتَصَدَّقُون ، وَلَا يَعْطِفُون ، فَأُولَـٰئِكَ الْخَاسِرُون ، طُوبَىٰ لِلْمَنْدَائِيِّينَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَصْبُوغَيْنِ فِي يَرْدِنَا ، وَالْمَنْدَائِيَّاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَأَبْنَاءِهُمْ وَبَنَاتِهِمْ ، مَنْ عَرَفَ نَفْسَه وَأَحَبَّ رَبَّه ، وَشَهِدَ لِلْحَيِّ الْأَزَلِيّ الْعَظِيم ، وَاصْطَبَغَ فِي يَرْدِنَا ، وَوُسِمَ بِوَسمِ الْحَيّ ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ بَيْتِ الدِّين ، فِي فَجْرِ يَوْمِ الْأحَدَ يَتَوَافَدُون ، وَبِنَسقٍ جَمِيلٍ خَلْفَ التَّرْمِيذِي يَقِفُون ، يُسَبِّحُون وَيَسْجُدُون ، وَالْخُبْزُ الْمُقَدَّسَ "َبَهْثَا" يَتَنَاوَلُونَ ، ويَدَ الْعَهْدِ "كَـُشْطَا" يَمدُّون ، وَالْائْتِلافِ "لُوفَا" إِلَىٰ بَعْضِهُمْ يُعْطُون ، وَأَبْنَاءُهُمْ وَبَنَاتُهُمْ يَصْطَبِغُون ، وَرَسْمَ الْحَيِّ يُمْنَحُون ، وَالْإِيمَانَ بِهِ يَحْمِلُون ، الَّذِينَ عَلَىٰ الفُقراءِ يَعْطِفُون ، وَلَا تَبِيتُ الصَّدَقَةُ فِي بُيُوتِهِمْ ، بَلْ إِلَىٰ الْمَنْدِي بِهَا يَأْتُون ، مُبَارَكٌ هُوَ الْحَيُّ الْأَزَلِيُّ الْعَظِيم ،..، الْبَرَكَةُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلِجَمِيعِ الْمَنْدَائِيِّين الْمَصْبُوغِين فِي الْمَاءِ الْحَيّ ، الَّذِينَ لِلْحَيِّ يَشْهَدُون ، وَالْأَعْمَالَ الصَّالِحَة يَعْمَلُون ، وَبِالْحَيِّ الْعَلِيم "مَنْدَا إِدْ هَيِّي" يَعْتَرِفُون ، وَلِلثّلاَثَةِ أَبْنَاءِ الْجِيلِ الْحَيِّ المُتَألِّقِ يَخْشَعُون ،..، أمَّا الْمَنْدَائِيُّونَ الَّذِين عَلَىٰ اِسْمِ الْحَيّ الْعَلِيم "مَنْدَا إِدْ هَيِّي" مُقِيمُون ، ولـٰكِنَّهُمْ فِي أَعْمَاقِ قُلُوبِهُمْ لَا يُؤْمِنُون ، وَلَا إِلَىٰ بُيُوتِ الصَّلاَةِ وَالعِبَادَة والْمَعْرِفَة "الْمَنْدِي" يَقْدِمُون ، وَلَا أَبْنَاءِهُمْ وَبَنَاتِهِمْ بِصِبْغِةِ الْحَيِّ يَصْبَغُون ، وَالصَّدَقَةَ لَا يَمْنَحُون ، وَيَعِظُهُمْ رِجَالُ دِينِهُمْ فَلاَ يَسْمَعُون ، أُولَـٰئِكَ نُشْهِدُ عَلَيْهِمْ الْحَيَّ الْأَزَلِيَّ الْعَظِيم ،..، إنَّهُ إِنْذَارٌ مِنْ أَرْضِ النُّور ، أَتَىٰ بِهِ أَنُوش الْأثُرِي ، وَسَلَّمَهُ لِأَحِبَّائِهِ ، ليَتَحَدَّثُوا بِهِ مَدَىٰ الدُّهُورِ ، كُلُّ مَنْ اعْتَرَفَ بِاسْمِ الْحَيّ الْعَلِيم "مَنْدَا إِدْ هَيِّي" ، وَلَمْ يَصْطَبِغْ بِالْيَرْدِنَا ، وَلَا وُسِمَ بِاسْمِ الْحَيّ ، يَقِفُ بَعِيدًا عَنْ الْحَقّ "كَـُشْطَا" ، ويَعْمَلُ بَعِيدًا عَنْ الصَّلاَحِ ، نَحْنُ التَّرْمِيذِي ، نُكَلِّمُهُمْ فَلاَ يَسْمَعُونَ ، ونُعَلِّمُهُمْ فَلاَ يَتَعَلَّمُون ، إِنَّهُمْ عَنْ خَطَايَاهُمْ يُسْأَلُونَ ، غَفَرَ الْحَيُّ لِلصَّالِحِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ ، الَّذِين يُعَلِّمُونَ الْمَنْدَائِيِّينَ ﴾ ، ويشترط بالصِّباغة ان تكون بماء جاري غير منقطع ويفضل ان تكون في مياهِ الأنهار ، ويتم القيام بها في أيام الآحاد والاعياد والمناسبات الدينية وفي مراسيم الزّواج ، ويعتقد الصَّابِئُونَ ان جميع انبياء الله وملائكته قد نالوا الصّباغة في عالمِنا هذا او في عوالِم الأنوار ، ومنهم انبياء الصَّابِئَة آدم ، وشيت ، وانوش ، ونوح ، وسام ، وادريس ، وابراهيم ، وزكريا ، ويحيى عليهم وعلى انبياءِ الله ورسله جميعاً اطيب السّلام ؛ ويُذكر تأريخياً ان عيسى المَسيح عليه السَّلام كان قد تلقى صبغته على يدِ النَّبي يحيى بن زكريا عليه السَّلام وبعد تلقيه الصّباغة كان قد اطلق دعوته الدّينية ، وذكرت حَادثة صباغته في كتابِ تعاليم النّبي يحيى ، حيث جاء في كِتَابِ سُنَّة نبي الله ورسوله يحيى بن زكريا عليه السَّلام دروسه وتعاليمه ومواعظه ووصاياه ( إِدْرَاشا إِدْ يَهيَا : دُرُوس يَحْيَىٰ ):ـ ﴿ عِيسَىٰ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، عِيسَىٰ عَلَىٰ ضَفَّةِ مِيَاهِ نَهْرِ الأُرْدُنِّ "يَرْدِنَا" مُتَكَلِّمًا وَقَائِلًا: يَا يَحْيَىٰ اُصْبِغنِي بِصِبَاغَتِكَ ، ومِنْ الأَسْمَاءِ الَّتِي تَذْكُرُهَا .. أُذْكِرُهَا عَلَيّ ... عِنْدَمَا فَرَغَ عِيسَىٰ الْمَسِيح مِنَ الْكَلاَمِ .. رِسَالَةً مِنْ بَيْتِ الْبَعْثِ "ابْاثَر" أَتَتْ: يَا يَحْيَىٰ أُصْبِغْهُ فِي مِيَاهِ نَهْرِ الأُرْدُنِّ "يَرْدِنَا" ، انْزِلْ فِي مِيَاهِ نَهْرِ الأُرْدُنِّ "يَرْدِنَا" أُصْبِغْهُ .. وَأَصْعِدْهُ لِضَفَّتِهِ الْمُحَاذِيَة ﴾ : ( إِيشُو امْشِيهَا بْر مَرِيَام ، لإيشو مِن امَارَلا إِدْ اسْجِيّ لِكِيفَا إِدْ يَرْدِنَا ، وَأمْرَلَا : يَاهِيَا صُوبَيان ابْمَصبُوتَاخ ومِنْ شُومَا إِدْ مَدجَريت ادْخِر عَلَيّ ... كَث هَازِن أمَر إِيشُو امْشِيهَا .. انْجَرْثَا مِن بَيْت ابْاثَر أتّت: يَاهِيَا صُوبَا .. ابْيَارْدِنَا ، اهِيتْ ابْيَارْدِنَا .. صَبَا وَاسِيَاق لِكِيفَا قَايمَ ) ، وذكرت الحَادثة ايضاً في كتبِ الاناجيل المَسيحيّة:ـ ﴿ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ ، وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ ﴾ ، وبينت آيات مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ان الأنسَان سيسأل بعد ايمانه بِاللهِ عن عَملهِ وصَدقتهِ ووسمِهِ وصِبغتهِ:ـ ﴿ وَلَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةَ مَلاَذًا فِي بَيْتِ الْحَيِّ .. إنَّمَا مَلاَذُ الْإِنْسَانِ عَمِلَهُ وَصَدَقَتِهِ .. وَوَسْمُهُ وَصِبَاغَتُهُ . يُسْأَلُ عَنْهَا إِذَا خَرَجَ مِنْ الْجَسَد ، وَلَنْ يُجِيبَ عَنْهُ أَحَد ﴾.

وحَرصت الشَّريعة الصِّابِئِية على صفاءِ القلوب ، ونظافةِ النّفوس ، وطهارةِ الابدان ، حيث حثت آيات كِتَاب الصَّابِئَة الْمُبَارَك الصَّابِئِينَ على النّظافة والنّقاء ، وعلى طهارةِ النّفوس والاجسادِ والثّيابِ ؛ حيث يتم ذلك من خلالِ الإرتسام والوضُوء قبل اداء الصَّلوات ، ومن خلالِ الاغتسال والغَطس بِالماءِ ( طَمَشَ : غطَسَ ، طَمَسَ ، غَمَسَ ، غَمَرَ ، اطْمَاشَا : اِنْطَمَاسُ ) ، والغْرض من الاغتسال هو النَّظافة وتَطهير الأبدان والنَّظافة وهي من مُكملاتِ الطُّقوس الدِّينيّة ومن الشُّروطِ الواجبة القِيام بها ، حيث لا يؤدي الصَّابِئَة طقس من طقوسِهم او فرائضِهم إلا بعد الاغتسال والتَّطهر ، ويردد الصَّابِئَة خلال اغتسالهم وتطهرهم بِالماءِ وهم سَاجدون وراكعون لله الحَيّ العَظِيم:ـ ﴿ بِاسْمِ الْحَيِّ الْعَظِيم ، أَنَا "فُلاَنُ بْنُ فُلاَنَة" مُصْطَبِغ بِصِبْغَةِ إِبْرَاهِيمِ الْجَلِيلِ الْقَدِيرِ ، صِبْغَتِي تَنْطُرَنِي وَتَرْفَعُنِي نَحْوَ الْعُلاَ ، اِسْمُ الْحَيّ "هَيِّي" ، اِسْمُ الْمُدْرِك "مَنْدَا إِدْ هَيِّي" مَذْكُورَان عَلَيَّ ، وَالْحَيُّ الْغَالِبُ ﴾ : ( اِبْشُومَا إِدْ هَيِّي رَبِّي ، انَا "مِلُواشَا" اِصْبِيت ابْمَصُبَتا إِدْ بِهْرَام رَبَّا بِرّ رُورّبِي ، مَصْبُتاي تِينَاطِرِي وَتِسَق لِرِيش ، اشْومَا إِدْ هَيِّي ، اشْومَا إِدْ مَنْدَا إِدْ هَيِّي ، مَدَّخِر إِليّ ، وَهَيِّي زَاكِن ) ؛ وجاء ذكر تطهر الاجساد في عددٍ من آياتِ مُصْحَف الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ، منها:ـ ﴿ اِغْطِسُوا "اِطْمِشُوا" ، وَاغْسِلُوا ، وَطَهِّرُوا ؛ وَاطْبُخُوا ، وَسَمُوا ثُمَّ كُلُوا ﴾ ، وجاء فيه ان تطهر الابدان بعد الجِمَاع واجبة:ـ ﴿ وَإِذْ تَقْرَبُونَ أَزْوَاجَكُمْ فَطَهِّرُوا أَبْدَانَكُمْ "اِطْمِشُوا" ، وَطَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ ﴾ ، وجاء فيه:ـ ﴿ يَا أَصْفِيَائِي ، إِذَا عَاشَرْتُمْ نِسَاءكُمْ فَاغْتَسِلُوا ، وَتَطَهَّرُوا ، وَلَا تَقْرَبُوا النِّسَاءَ فِي الْحَيْضِ ﴾ ، ولكثرةِ اصطباغ الصَّابِئِينَ واغتسالهم وارتباطهم بِالماءِ اطلَقَ عليهم جيرانهم بِالمُغْتَسِلةِ ، وفي النّصوصِ الْمَنْدَائِيَّة اطلق عليهم بِالصَّابِئَةِ ، وأسم الصَّابِئَة في اللّغةِ الْمَنْدَائِيَّة ( صَابِيا : صَابِئَة ، إِدْ صَابِيا : الصَّابِئَة ) والصَّابِئُون ( صَابِينَ : صَـٰبِ‍ِٔيّنَ : صَابِئِينَ ، إِدْ صَابِين : الصَّـٰبِ‍ِٔيّنَ : الصَّابِئِينَ ، صَابِي : صَابئِي ، صَابِئ ) ، وهي من الفعلِ الْمَنْدَائِي الثّلاثي صَبَّا ( صَبْا : صَبَعَ : صَبَغَ ) أي: صَبَغَ او اصْطَبَغَ ، وتَعني تسمية الصَّابِئَة حَرفياً:ـ ( الصَّابِغَة ) ، ومن نفس الجذر اللغوي: صَبَّ ( صَبَّ المَاء ) ، والمراد من الصِّباغةِ هي الاصطباغ بِصِبغةِ الله تعالى الذي لا إله إلا هو الحَيّ العَظِيم ، وتسمية الصَّابِئَة يرددها الصَّابِئَة كثيراً في تراتيلِهم وصَلواتهم وادعيتهم ، كصَلاة العَصر التي يؤدونها في مساء كلِ يوم ، والتي يقولون فيها:ـ ﴿ بِأَسْمَاءِ الْحَيِّ الْعَظِيم ، أذَانُ .. أذَانُ الرَّحْمَةِ قَدْ حَانَ ، وأذَانُ رَبَّ الصَّلَوَاتِ قَدْ حَانَ ، وَعَظَنَا هِيبَل ، وَأرْشَدنا كَلاَم شِيِتَل النَّبِيلُ ، وَاِبْتِهَالاَت آنُوش ، صَابِئُونَ "مُصْطَبِغُونَ" نَحْنُ بِصِبَاغَة شِلمَي ، وَمُتَقَومُون بِصَلَوَاتِ نِدبِي ﴾ : ( ابْشُومَيْهُون إِدْ هَيِّي رَبِّي ، إيِدَانْ .. إيِدَانْ إِدْ رَهْمِي مَاطِي ، وَإيِدان إِدْ رَاب بَواثا إِمْطَا ، مَيارَانَي هِيبَل ، وَداروشَايَّيَ شيتَل رَامِا ، وانْيانَي آنُوش ، صَـابِيا ابْمَصبُوتّا شِلمَي ، وَامْقَيمَانَا إِدْ بَوَاثا نِدبِي ) ، ولا يقتصر ذكر تسمية الصَّابِئَة في صلواتِ الصَّابِئَة اليوميّة بل ذكرت هذه التّسميّة في نصوصِ كتبهم ومخطوطاتهم الدّينيّة ، منها مُصْحَفهم الْمُقَدَّس جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك الذي وردت في صُحُفهِ المُكرمَات تسميّة الصَّابِئُونَ سبعة مرات بِصيغةِ صَابِئَة ومرتين بِصِيغةِ صَابِئِين ، أولها كانت في صَحِيْفَةِ الوصَايا التي انزلها الله على سيدنا آدم عليه السّلام ، حيث جاء فيها:ـ ﴿ وَلَمَّا تَقُومُ سَّاعَةُ خَلاَصَ عَالَم الصَّابِئِينَ ، مَلِكُ النُّور السَّامِي سَيَدِينُ حِينُهَا الْعَالَمِينَ جَمِيعًا ، سَيَدِينُ نَفْس كُلّ إِنْسَان ، بِقَدْرِ أَعْمَالهَا ﴾ : ( وَألْمَا لِشِيتا شَايِّي إِدْ فُرْقانا آلْمَا إِدْ صَـابِيا ، مَلكَا رَامَا إِدْ انْهُورَا إِدْ دايّينلون لكُلهون آلميا ، دايّينلين لنِشِمَاثا كُل إنْش ، كِد اُبادِي ) ؛ وفي اللهجةِ العربيّة العِراقيّة الدَّارجة والمُستخدمة في وسطِ وجنوبِ العِراق يقول العراقيون: ( صُبَّه ، الصَّبْه ) في إشارة إلى الصَّابِئَة ، ولم يقتصر ذكرها في اقدمِ الكتب السّماويّة المُتمثل في كِتَابِ الصَّابِئَة الْمُقَدَّس مُصْحَف جِنْزَا رَبَّا الْمُبَارَك ، بل ايضاً في آخرِ الكتب السّماويّة وهو كِتَاب الْقُرْآن الْكَرِيم ، حيث وردت فيه تسميّة الصَّابِئَة صريحة في ثلاثةِ مواضع ، في ثلاثة آيات ، في ثلاثةِ سور كريمة: هي البقرة والمائدة والحج:ـ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ ، ويذكرُ تأريخياً ان العرب المُشركين في شبهِ الجَزيرة العَربيّة وقريش كانوا قد دَعوا الرّسول مُحمد عليه السّلام وصَحابته بِالصَّابِئَةِ ، وكان ذلك بعدما اطلق النّبي الكريم محمد عليه السّلام دعوته في التُّوحيدِ وعبادة الله سبحانه ؛ ولان دعوته التُّوحِيديّة وتعاليمه ووصاياه كانت تشابه دعوة انبياء الصَّابِئِينَ الحُنَفَاء في التّوحيدِ وعبادة الله رب العزة لا إله الا هو الواحد الاحد سبحانه ، جعلهم يظنون او يعتقدون ان الرّسول محمد عليه السلام واصحابه قد اعتنقوا الدِّين الصَّابِئِي ، وفي ذلك احاديث كثيرة في كتبِ الدين والتّأريخ لِلديانةِ الاسلاميّة الكَريمة التي ذكرت ذلك ، كحديث رواه الإمام البُخاري والإمام الطّبراني عن الصّحابي الفَاضل الحَارث بن الحَارث:ـ ( قُلْتُ لِأَبِي وَنَحْنُ بِمِنًىٰ: مَا هَـٰذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قَالَ: هَـٰؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَىٰ صَابِئٍ لَهُمْ ، قَالَ: فَأَشْرَفْنَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَىٰ تَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْإِيمَانِ بِهِ ، وَهُمْ يَرُدُّونَ عليه وَيُؤْذُونَهُ ، حَتَّىٰ ارْتَفَعَ النَّهَارُ ، وَانْصَدَعَ عَنْهُ النَّاسُ ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ قَدْ بَدَا نَحْرُهَا تَبْكِي ، تَحْمِلُ قَدَحًا ، وَمِنْدِيلا فَتَنَاوَلَهُ مِنْهَا ، فَشَرِبَ ، وَتَوَضَّأَ ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةَ خَمِّرِي عَلَيْكِ نَحْرَكِ ، وَلا تَخَافِي عَلَى أَبِيكِ غَلَبَةً ، وَلا ذُلًا ، قُلْنَا: مَنْ هَـٰذِهِ؟ قَالَ: هَـٰذِهِ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ ).

وتزخرُ كتب الاحَادِيث في الدّيانةِ الاسلاميّة الكَريمة بِاحاديثٍ لِلنبي مُحمد عن النّبي يحيى عليهما السَّلام ، احَاديث تبين مكانة النّبي يحيى عليه السَّلام وشريعته وسِيرته الطّيبة وشيء من تعاليمهِ ووصاياهِ ، ومن بين تلك الاحاديث القُدسيّة حديث صحيح في مسندِ أحمد وسنن التّرمذي والمُستدرك على الصّحيحين وفي صحيحِ ابن خزيمة وصحيح ابن حبان لِلنبي محمد عليه السَّلام عن ديانةِ النّبي يحيى بن زكريا عليهما السّلام ، حيث جاء في الحديثِ المَذكور ان الله سبحانه امر نبيه يحيى عليه السّلام بِخمسةِ كلماتٍ ، أي: الأركان الايمانيّة الخَمسة ، أرْكانِ الشَّريعة الصَّابِئِيَّة الخَمسة ، وأمره ان يعمل بها ويدعو ويُعلم النّاس أن يعملوا بها ، وهي التّوحيد والصّلاة والصّيام والصّدقة ، وجاء في الحديث ان يعلمهم ان يذكروا الله ويعملوا بما امرهم به سبحانه:ـ ﴿ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَىٰ بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا ، وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا ،..، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَىٰ الشُّرَفِ ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ ، أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَىٰ عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، فَقَالَ: هَـٰذِهِ دَارِي ، وَهَـٰذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَىٰ غَيْرِ سَيِّدِهِ ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَىٰ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ ، مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ ، فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ ، أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا ، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَىٰ عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ ، فَقَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَفَدَىٰ نَفْسَهُ مِنْهُمْ ؛ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّىٰ إِذَا أَتَىٰ عَلَىٰ حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ ﴾.

ويُضَاف إلى الْأرْكَانِ الْأيمَانيّة الخَمسة الأسَاسيّة في الدِّينِ الصَّابِئِي ، المَبادئ الاخلاقيّة والقِيم العُليا والآداب الحَميدة وحُسن الخَلق والسُّلوك والعَمل الصَّالح ، ومن الخِصالِ الحَميدة بِالدّينِ الصَّابِئِي الإستقامة والعَدل ، والسّعي نحو الخِير والسّعي نحو العَلم ، والعِفة والحَياء والسّتر ، والشُّكر والتّواضع والرّضى والقَناعة ، والصِّدق والامانة والمَودة ، والصَّبر والتّواضع والعَفو والتَّسامح ، والحلم والتّوبة والمَحبة والاعتدال والسّلام ، والمروءة والقِسط والكَرم والتَّعاون والإيثار والتَّروي والوفاء والاحترام ، والرّفق والرّحمة والبر بِالوالدّين وبكبار السّن وتربية الأبناء ، والرّأفة بِالحيوانِ وصيانة الطّبيعة والحِفاظ عليها ، وحفظ اللسان وصِيانة الخلوات وحُسن السَّريرة وغير ذلك ، ونبذ أعمال الشّر كالقَتل والكِذب والبغي والزّنا والفَحشاء والسَّرقة والتّعسف والظّلم والجُور والطّغيان والاستبداد وغير ذلك ، فإن الدِّين والفَضائل صِنوان لا يفترقان ، حيث جاء في مُصْحَفِ الصَّابِئِينَ الْمُقَدَّس:ـ ﴿ إِذَا كُنْتَ قَوِيًّا فَكُنْ بَاهِرَ الصِّدْق ، كَالْملِكِ الَّذِي يَضَعُ التَّاجَ عَلَىٰ رَأْسِهِ وَيَشهَرُ سَيْفَهُ فِي وَجْهِ الشَّرِّ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِهَـٰذِهِ أَلْقوَّةِ فَكُنْ نَاصُورَائِيًّا صَادِقًا مِثْلَ فَلاّحٍ مُثْمِر يَسْتَخْرِجُ غِلاَلَ الْأَرْض ، فَمِنْهَا عَوْنٌ لِلْكَامِلِينَ .. وَمِنْهَا قُوَّةٌ لِبَاهِرِي الصِّدْق ؛ إِذَا أصْبَحْتَ نَاصُورَائِيًّا ، فَكُلُّ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلَكَ سِلاَحٌ يُعِينُ بَاهِري الصِّدْق .. إنَّك تُعِينُهُمْ بِالْأَيْمَانِ ، وَالْاسْتِقَامَةِ وَالْمَعْرِفَةِ ، وَالْحِكْمَةِ ، وَالتَّعْلِيمِ ، وَالرَّجَاءِ وَالصَّلاَةِ ، وَالتَّسْبِيحِ ، وَالصَّدَقَةِ وَالطّيِبةِ ، وَالتَّوَاضُعِ ، وَالْإتْقَانِ ، وَالنَّقاءِ ، وَالرَّأْفَةِ ، وَالْحَنَانِ وَالتَّبصُّر ، وَمَحَبَّةِ الْحَقّ ﴾ ، وجاء فيه:ـ ﴿ أيُّهَا الْأَصْفِيَاءُ وَالْكَامِلُونَ ، صُونُوا أنفُسَكُمْ مِنْ الْغِشِّ وَالْإثمِ وَالزَّورِ ، وَالْكَذِبِ وَالزَّيفِ وَالشُّرورِ ، وَاتَّقوا الدَّجَل وَالْإفْك وَالضَّلاَلَة ، وَالْفِتنَةَ وَالْقَسْوَةَ وَاَلْجَهَالَةُ ، وَلَا تَكْفُرُوا ، وَلَا تَقْرُبُوا الزِّنَىٰ ، وَاجْتَنِبُوا الْحَسَدَ وَالْبُغَضَاء ، وَالْحِقْد وَالْكُرُهَ وَعَدَمَ الْحَيَاء ؛ ايُّهَا الْأَصْفِيَاءُ: إِيَّاكُمْ وَتَصْعِيرَ الْوُجُوه ، وَالسُّكْرَ لَا تَقْرَبُوهُ ، وَالظُّلْمَ الْمُرَّ تَجنَّبُوه .. إنَّهَا مِنْ رِجْس الشَّيْطَان ﴾.

👇
المصدر 👇✋👇

http://www.mandaeannetwork.com/mandaean/ar/index.html



#شفيق_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شفيق جلال - الصَّابِئَّة الْمَنْدَائِيُون !! ج1