أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - لهطة بنكيران وتعفف ماكرون .














المزيد.....

لهطة بنكيران وتعفف ماكرون .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 6444 - 2019 / 12 / 22 - 23:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


درس آخر من دروس الغرب العلماني الذي تُجمع عقائد المسلمين على "كفره" و"انحلاله" الأخلاقي و"انحطاطه" القيمي وخضوعه للشهوات واتباعه للنزوات ، يقدمه للمسلمين عامة والساسة على وجه الخصوص في الاستقامة والقناعة . إنه قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتمثل في التنازل عن المعاش التقاعدي الذي يستحقه كرئيس حين تنتهي ولايته في 2022 . قرار جريء وتاريخي يعطي فيه الدروس للفرنسيين وللإسلاميين المغاربة . إن المبلغ الذي تنازل عنه الرئيس الفرنسي ليس بسيطا يمكن أن يزهد فيه أي شخص ، بل مبلغ مهم (13500 يورو شهريا) لا يتنازل عنه إلا المتعفف القنوع . وماكرون ، بقراره هذا يضعنا كمغاربة نتطلع دائما إلى الاستفادة من التجارب الفرنسية في كل الميادين ، أمام مفارقة بليغة بين شخصيتين تختلفان في الثقافة والدين والسن ، وهما شخصية عبد الإله بنكيران شخصية إيمانويل ماكرون.
1 ـ شخصية بنكيران ذات المرجعية الإسلامية التي تتظاهر بسمو الأخلاق والتزام المبادئ وتَمَثّل التعاليم الإسلامية واستلهام سيرة الخليفة عمر بن الخطاب في العفاف والكفاف والغنى عن المال العام . طيلة معارضة حزبه للحكومة لم يكف بنكيران عن استحضار سيرة الخليفة عمر بن الخطاب والتذكير بها ؛ إذ استدل في إحدى تدخلاته التي انتقد فيها تخصيص معاش للوزراء بقولة الخليفة حين خاطب معدته: "غرغري أو لا تغرغري فلن تذوقي سمنا ولا زيتا حتى يشبع فقراء المسلمين ". تظاهر بنكيران ، خلال فترة المعارضة البرلمانية، بالقناعة والكفاف طالما كان في المجتمع فقراء هم أولى بالمال العام من الوزراء والبرلمانيين بعد انتهاء مهامهم أو إحالتهم على التقاعد . لكن حين تولى بنكيران رئاسة الحكومة لم يكتف فقط بأن صم أذنيه عن مطالب المجتمع المدني بإلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين ، بل رضي لنفس أن يجمع بين تقاعد رئيس الحكومة و تعويضات البرلماني . وكل ما كان يقوله بنكيران عن القناعة والعفاف تبخر أمام المال العام فزاد لديه الطمع فيه واشتدت "اللهطة" عليه . هكذا انساق بنكيران مع رغبته في المال العام وطمعه في معاش التقاعد وترك معدته تبتلع معاش سبعة ملايين رغم وجود عشرة ملايين فقير ، وملايين العاطلين . بنكيران لم يكن حازما مع معدته ولم يخاطبها بما خاطب عمر بن الخطاب معدته ("غرغري أو لا تغرغري) ، ومن ثم لم يتركها تغرغر . ورغم الانتقادات التي أثارها قرار تمتيع بنكيران بتقاعد دسم ، دافع عن أحقيته به وهو الذي سن قانون "الأجر مقابل العمل" ليشرعن اقتطاع أجرة أيام الإضراب . فكل ما كان يقوله بنكيران أيام المعارضة صار لغوا حين ترأس الحكومة وحين أحيل على التقاعد السياسي بعد أن أُعفي من تشكيل الحكومة. فهل تم القضاء على الفقر وما عاد في المجتمع محتاج أو متسول أو عاطل حتى يجيز بنكيران لبطنه أن تتخلص من الغرغرة بالتهام الملايين ؟ إن الثبات على المبادئ والوفاء لها تظهر مصداقيته أمام الإغراءات المادية . بنكيران بقبوله الاستفادة من معاش التقاعد عن مهامه السياسية يثبت أنه لا يتحمل "غرغرة" بطنه ولا يصمد أمام إغراءات المال العام .
2 ــ شخصية إيمانويل ماكرون ذات المرجعية العلمانية التي تأتمر بالمبادئ الأخلاقية والقيم الإنسانية ، ورئيس سادس أقوى الاقتصادات العالمية لم تتمثل تجربة عمر بن الخطاب ولا أحالت على سيرته في صرف المال العام . ماكرون احتكم إلى ضميره ومبادئه ووطنيته وهو بعدُ في بداية عقده الرابع ، فلم تنازعه بطنه أو تُغريه ملايين المعاش . ماكرون العلماني يعطي الدرس لبنكيران وعموم المسؤولين المسلمين والإسلاميين ، أن المهام السياسية ليست وظائف حتى يستحق الفاعل السياسي، بعْدَ أدائها، معاشا مدى الحياة.
هذا هو ماكرون العلماني الذي يشن جميع الإسلاميين عليه وعلى العلمانية حملات التشهير والتنفير وفتاوى التكفير . فالعلمانيون ، حسب الإسلاميين ، ماديون يعبدون المال ويقدسون المصالح الشخصية ولا يقدّمون لآخرتهم ما ينفعهم ؛ ها هو يثبت أنه متعفف وليس ماديا ، وطني وليسا انتهازيا .
ما أحوج السياسيين المغاربة إلى الاستفادة من الدرس الذي يقدمه إيمانويل ماكرون في الترفع عن الإغراءات المادية زاده في ذلك وطنيته وليس عقيدته الدينية . فهو لا يخاف عقاب الآخرة ولا ينقاد لمعيار الحلال والحرام ولا يطلب فتوى شرعية تبيح له الاستئثار بالمال العام ، وإنما يحتكم للوازع الوطني والمبدأ الأخلاقي .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرواح الشهداء ولعنة القتلة .
- بنكيران ورقصة الطائر المذبوح .
- رسائل الملك إلى رئيس الحكومة والأحزاب .
- فَعَلْتها يا بنشعبون !! .
- البيجيدي ومسلسل الإجهاز على الحقوق والحريات .
- لماذا أخفت موصلي جهود حزبها في مناهضة حقوق النساء ؟
- رسالة إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى.
- التوحيد والإصلاح ومحاولة فرض الرقابة على المؤسسات الدستورية.
- الفساد ثابت في صفوف حزبكم يا رئيس الحكومة.
- أعداء الوطن مصالحهم شتى وعداؤهم واحد للشعب.
- البيجيدي وبرنامج ال-تمكين- من النساء لا لهن.
- حكومة الكوارث لن تحمي منها.
- ازدواجية مواقف الريسوني من العلاقات الرضائية.
- قُتِل زعيم الإرهابيين ولم تُقتَل عقائد الإرهاب .
- مدونة الأسرة تقر بالعلاقات الجنسية في فترة الخطوبة.
- لما العقرة يعقر الدين والدستور.
- أيها الريسوني :حقوق الإنسان كل لا يتجزأ .
- أية رسائل للعفو الملكي عن هاجر الريسوني؟
- الإجهاض بين الفقه الإسلامي والتوظيف السياسوي .
- أي مغرب نريد ؟


المزيد.....




- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - لهطة بنكيران وتعفف ماكرون .