أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فاضل رضوان - نخبنا:ملامح النخب العربية من خلال لائحة أقوياء العرب















المزيد.....

نخبنا:ملامح النخب العربية من خلال لائحة أقوياء العرب


محمد فاضل رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 08:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للسنة الثانية على التوالي تنظم مجلة أرابيان بيزنيس تصنيفها لأقوى 50شخصية عربية في المنطقة و العالم، و قد تضمن تصنيف هذه السنة الذي اشتغل على أزيد من 300 إسم في كافة المجالات باستثناء السياسة، و امتد على فترة ثلاثة أشهر 40 إسما من لائحة السنة الماضية إضافة إلى 10 أسماء جديدة، و حول المعايير المعتمدة في اختيار الأسماء فقد صرحت المجلة المعنية بأنها ربطت مفهوم القوة بالنفوذ و التأثير الشيء الذي جعلها تعتبرها بمثابة قدرة شخص مفرد على أداء عمل مفرد يؤثر في حياة الآخرين. وكلما ازداد عدد الناس الذين يستطيع هذا الشخص التأثير عليهم نتيجة لدوره كلما زادت قوته... و إذا كانت هذه المعايير غير واضحة و لا دقيقة بشكل كاف بالنظر إلى ضبابيتها وبل و تضاربها أحيانا كإعلان المجلة استثناء الساسة و المنتمين للعائلات الحاكمة، ثم تضمنها لاسمي الأمير الوليد بن طلال بالرغم من انتمائه للعائلة الحاكمة بالسعودية و سعد الحريري وريث ثروة و نفوذ والده رفيق الحريري السياسي، فإنها مع ذلك قد توفر قاعدة كمية يمكن إعادة الاشتغال عليها لمحاولة استخلاص بعض معالم النخب المهيمنة في المنطقة العربية من خلال قراءة الأرقام التي تضمنتها اللائحة ارتباطا بمجموعة من المتغيرات المهمة كالبلد و الجنس و الاختصاص...
على مستوى الانتماء القطري و الإقليمي:
حمل تصنيف الشخصيات المؤثرة في الحياة العربية تفاوتا قاسيا بين ربوع العالم العربي، فالشخصيات الخمسين المختارة تنتمي في جملتها لعشر دول عربية فقط، مما يعني أن ما يفوق هذا العدد من الدول خارج نطاق التأثير على كافة المستويات، و إذا أخذنا البعد الإقليمي بعين الاعتبار فإن دائرة التأثير الكبرى تتركز في منطقتي الخليج العربي و الشرق الأوسط مع غياب مطلق لمنطقة المغرب العربي، و مع ذلك فمن الصعب استخلاص معايير قارة تشترك فيها البلدان المتربعة على قائمة التصنيف، فالمرتبة الأولى مثلا عادت لكل من المملكة العربية السعودية و لبنان ب13 مقعد أي 26 في المئة لكل منهما، مع ما بينهما من اختلاف فلا لبنان في غنى و ثراء السعودية، و لا هذه الأخيرة في مستوى انفتاح و تنوع لبنان السياسي و الثقافي، أما مصر فتفوقها السكاني و الجغرافي و الاستراتيجي لم يشفع لها في شيء لتكتفي بالمرتبة الثالثة بسبعة أسماء فقط، فيما فلسطين التي لا تملك دولة كانت حاضرة بأربعة مناصب منحتها الرتبة الخامسة بعد الكويت، بنسبة 8 في المئة من الشخصيات العربية المهيمنة أمام 16 دولة عربية ممن يتجاوز استقلال أغلبها النصف قرن، بقية الدول المرتبة كانت الإمارات العربية المتحدة في الرتبة السادسة بثلاثة مناصب متبوعة بالبحرين بمنصبين ثم العراق و سوريا و الأردن بمنصب واحد لكل بلد، أي بنسبة لا تتجاوز 2 في المئة، هذه التصنيفات أنتجت رزنامة أرقام تستعصي على القراءة وفق معايير واضحة لان اعتبار منطق الثروة و النفوذ الاقتصادي كان يتطلب حضور بلدان الخليج الأخرى كقطر و سلطنة عمان... فيما اعتبار منطق التأثير السياسي و الاستراتيجي كان سيجعل مصر في الواجهة، أما البعدين الجغرافي و السكاني فقد كان من شأنهما أن يضمنا لبعض دول المغرب العربي كالمغرب و الجزائر موطئ قدم في اللائحة إضافة إلى تعزيز الحضور المصري، لكننا نجد ما يقارب اقتساما للمقاعد باللائحة بين كل من منطقتي الخليج العربي ب 27 مقعد و 54 في المئة و الشرق الأوسط ب23 مقعد و 46 في المئة مع غياب مطلق كما سجلنا لمنطقة المغرب العربي.

على مستوى الجنس:
استحضار متغير الجنس في تصنيف الشخصيات العربية المؤثرة وفق التصنيف المذكور يعكس اكتساحا هائلا للعنصر الذكوري على حساب النساء، فقد احتل الذكور ثلاثة و أربعين درجة من مراتب اللائحة بنسبة 86 في المئة من جملة المناصب، فيما لم يتبق للإناث أكثر من نسبة 14 في المئة بسبعة مقاعد، و على غرار المؤشر السابق فلم يخضع التصنيف لمنطق واضح بالنظر للمفارقات الكبيرة التي حملها سواء على مستوى الانتماء أو التخصص، فبلد مثل السعودية عليه مؤاخذات كثيرة فيما يخص وضعية المرأة و حضورها جاء على راس اللائحة في نفس مستوى لبنان بانفتاحه الكبير بسيدتين لكل منهما، فيما لم تتصدر الصفوف من بين كل سيدات مصر سوى واحدة إضافة إلى سيدة واحدة من الكويت و أخرى من الأردن، لكن المثير للاهتمام أن الأكاديمية الوحيدة التي شملها التصنيف كانت سعودية هي مي اليماني و هي للإشارة ابنة زكي اليماني وزير النفط الشهير على عهد الملك فيصل، أكاديمية معروفة مؤلفة و محللة في المركز الملكي للشؤون الدولية ( تشاثام هاوس) في لندن و أخصائية بشؤون حقوق الإنسان الإجتماعية و السياسية في البلدان العربية خصوصاً بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهي أول سيدة سعودية تحصل على شهادة الدكنوراة من جامعة أوكسفورد، كما أن المنصب الوحيد الذي حاز عليها العلماء في اللائحة كان لسيدة مصرية هي الباحثة الطبية نجوى عبد الحميد رئيسة قسم بحوث ذوي الإحتياجات الخاصة و أستاذة الوراثة البشرية بالمركز القومي للأبحاث في مصر و صاحبة بحوث رائدة على المستوى العالمي فيما يخص تحسين طرق عيش الكثير من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنها حاصلة جائزة لوريال التي تقدمها اليونسكو للعالمات على المستوى العالمي. كما أن المنصب الوحيد الذي ظفرت به الأردن عاد للدبلوماسية ريما خلف الهنيدي، فيما حملت اللائحة حضور الصوت الملائكي فيروز عن لبنان إضافة إلى ثلاث سيدات أعمال عن كل من لبنان و السعودية و الكويت. أما أول سيدة مرتبة في اللائحة فقد كانت سيدة الأعمال السعودية لبنى العليا رئيسة مجلس إدارة شركة العليان للتمويل OFC التي تتميز بنفوذ مالي كبير في السعودية بالرغم من الانتقادات التي تواجهها من الجهات المحافظة و قد جاءت في الرتبة السادسة عشرة.
على مستوى الاختصاص:
يمكن توزيع الشخصيات المدرجة على القائمة المذكورة على سبع مجالات مختلفة يمكن قراءتها وفق الترتيب التالي:
المال و الأعمال:
الشريحة الأعظم في اللائحة ب 32 مقعد و نسبة 64في المئة من المجموع الكلي إلى درجة أن 17 من بين العشرين مرتبة الأولى احتلها رجال الأعمال، و قد كان من الطبيعي أن تحتل منطقة الخليج العربي القسم الأكبر لثرائها المرتبط بالنفط مع استثناء حالة لبنان دائما، هكذا نجد العربية السعودية على رأس القائمة بعشرة مقاعد و نسبة تزيد عن 31 في المئة من عدد رجال الأعمال، متبوعة بلبنان بسبع مناصب ثم الكويت بخمس فالإمارات بثلاثة ثم البحرين و مصر و فلسطين بمنصبين لكل بلد فالعراق بمنصب وحيد، و قد عرفت لائحة رجال الأعمال اكتساحا ذكوريا بأزيد من 90 في المئة ممثلة في 29 مقعدا للرجال في مقابل ثلاث سيدات فقط موزعات على السعودية و لبنان و الكويت، و قد ضمت لائحة رجال الأعمال استثناءين اثنين لأهم معيار اعتمد في صياغتها و الذي يتعلق بعدم إدراج الساسة و المنتمين للعائلات الحاكمة في التصنيف، إذ نجد كما سبقت الإشارة لذلك الأمير الوليد بن طلال أولا على اللائحة و سعد الحريري في المرتبة 12 ،و قد برر الاستثناء بالنفوذ المالي الكبير لكليهما فالأول جاء رابعا على قائمة أغنياء العالم بينما الثاني ورث إضافة إلى اسم و أمجاد أبيه السياسية إمبراطورية اقتصادية ضخمة لها تأثيرها الكبير في المنطقة العربية. ومن أشهر الموجودين على قائمة رجال الأعمال نجد الكويتي ناصر الخرافي و المصري نجيب سويرس و الشيخ صالح كامل المعروف بملكيته لشبكة أرت التلفزية، و الواضح أن التعريف الذي استندت له المجلة لمفهوم القوة و النفوذ بربطها بالتأثير و الارتباط بوجود الآخرين هو ما جعل اللائحة تغرق برجال الأعمال الذين يوظفون آلاف الأشخاص.
الصحافة و الإعلام:
في المرتبة الثانية بعد رجال الأعمال لكن بفارق جد كبير، نجد رجال الصحافة و الإعلام ممثلين بست مناصب ذكورية مئة بالمئة يحتل فيها لبنان الريادة بنصف العدد ممثل في ثلاث مقاعد يتقدمهم في المرتبة37 الإعلامي البارز جهاد الخازن الرئيس السابق لجريدة الحياة الذي أثر بشكل بارز في الحياة الصحافية العربية إلى جانب اشتغالاته الأكاديمية التي أنتجت مؤلفات عديدة، إضافة إلى ألان خوري و رامي خوري .الثلاث مقاعد الأخرى توزعت بين كل من الصحافي السعودي عبد الرحمن الراشد، الرئيس السابق لمجلة المجلة وجريدة الشرق الأوسط الذي صنف أولا على لائحة الصحفيين و تاسعا على اللائحة العامة مخترقا بذلك أسماء كبيرة في عالم المال و الأعمال يعد من أكثر الأسماء الصحافية نفوذا في المنطقة كما يعرف بلبراليته و انتقاده للتطرف الإسلامي إضافة إلى قربه الكبير من الخيارات الأميركية في المنطقة. ثم أبرز وجوه قناة الجزيرة القطرية الذي يثير هو و برنامجه الشهير الاتجاه المعاكس ردود أفعال و انتقادات كثيرة انطلاقا من خلفياته و ارتباطاته إلى طريقة إدارته لبرنامجه الذي يعد مع ذلك أحد أكثر البرامج العربية متابعة، الإعلامي السوري/البريطاني فيصل القاسم في المرتبة 33، فممثل مصر حسام السكري في المرتبة 39 و هو أول عربي يترأس القسم العربي في خدمة البي بي سي العربية أقدم وأضخم خدمة لغوية لمؤسسة البي بي سي.
الأكاديميون:
جاؤوا في التصنيف الثالث بأربع مقاعد فقط واحد منها لسيدة سعودية هي الباحثة الأكاديمية مي اليماني و نسبة عامة لا تتجاوز 8 في المئة، أولهم على القائمة العامة هو اللبناني فؤاد العجمي الذي يحظى بسمعة سيئة في العالم العربي في مقابل احترام كبير في الولايات المتحدة الأمريكية لقربه من السياسات الأمريكية في المنطقة منذ كتابه الشهير مأزق العرب و لا عجب بأن يوصف في فترة التحضير لغزو العراق بأنه العربي المفضل من قبل البنتاجون، و الذي ينال إعجاب و رضا صقور اليمين الأمريكي، بعده في المرتبة 26 نجد الأكاديمي الفلسطيني راشد الخالدي خريج الجامعات الأمريكية و المدرس بها المعروف بانتقاداته اللاذعة لإسرائيل و السياسة الأمريكية الخارجية، ثم في المرتبة الثالثة على قائمة الأكاديميين نجد الوجه البارز في الساحة الثقافية العربية وزير الثقافة السابق غسان سلامة ثم مي اليماني و الملاحظ مرة أخرى هيمنة لبنان بنصف العدد و الذكور بثلاث أرباع العدد إضافة إلى توزع ولاءات الأسماء المذكورة بين القضايا العربية و الغرب.
الدبلوماسيون:
يحتلون المرتبة الرابعة بعد رجال المال و الأعمال و رجال الصحافة و الإعلام و الأكاديميون بنسبة 6 في المئة فقط من اللائحة العامة، و يتقدمهم السعودي عادل الجبير في الرتبة 13 الذي يعد مستشار الملك عبد الله بن عبد العزيز في الخارجية و أكثر الوجوه السعودية تأثيرا و نفوذا في تاريخ علاقة السعودية بالغرب بعد الأمير بندر، ثم موظفة الأمم المتحدة ممثلة الأردن الوحيدة ريما خلف التي عينت مساعدة للأمين العام للأمم المتحدة ومديرة للمكتب الإقليمي في البلدان العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سبتمبر 2000في المرتبة 22 على اللائحة، و المرتبة الثالثة على لائحة النساء بعد سيدة الأعمال السعودية لبنى العليان و العالمة المصرية نجوى عبد الحميد. ثم في المرتبة الثالثة على لائحة الدبلوماسيين و الثلاثون على اللائحة العامة نجد المصري محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية و على جائزة نوبل للسلام برسم السنة الماضية، و الذي ظهر إعلاميا بشكل لافت للانتباه في السنوات الأخيرة على هامش أحداث و صراعات الشرق الأوسط بالخصوص ما بين العراق و إيران. و الملاحظ أن أكثر الدبلوماسيين العرب نجاحا هم المرتبطون بمنظمات دولية و ليس بالسياسة الخارجية لبلدانهم.
الفنانون:
يقاسم الفنانون الدبلوماسيون العرب نفس مرتبتهم بنفس العدد من المقاعد، و تأتي السينما في المرتبة الأولى مع المخرج يوسف شاهين في الرتبة 19 متبوعة بالموسيقى في شخص المغني عمرو ذياب الذي تحتل شرائطه قائمة المبيعات في سوق الأغنية العربية في الرتبة ،28 ثم فيروز بكل رصيدها و تراثها في الرتبة 36، و الملاحظ هنا احتلال مصر المرتبة الأولى بكل من يوسف شاهين و عمرو ذياب و تقهقر منطقة الخليج العربي رغم تأثيرها الكبير في المجالات الكبرى، إضافة إلى غياب باقي الفنون و ممثليها.
العلماء:
تعكس اللائحة وضعية فادحة للعلماء العرب بالنظر لاحتلالهم المرتبة الأخيرة في ما يتعلق بتأثيرهم في المنطقة و العالم، فالمنصب العلمي الوحيد الذي تضمنته اللائحة كان مصريا و نسائيا إذ عاد للباحثة الطبية نجوى عبد الحميد المحتلة للمرتبة 21 ، لكنه يعكس مع ذلك تفوقا نسائيا نوعيا في الحياة العربية.
الشعراء:
يبدو أن الشعر لم يعد ديوان العرب، أو لم يعد على أقل تقدير مؤثرا في الحياة العربية كما كان في كل الأزمان، فقد كادت اللائحة تخلو من الشعر لولا اسم محمود درويش الذي أتى في ذيلها في المرتبة الثامنة و الأربعين أما الأدباء فلا أثر لهم.
استخلاصات عامة:
إن قراءة اللائحة في ضوء المتغيرات السابقة من شأنه أن يضع بين أيدينا بعض المعطيات المفيدة بخصوص بؤر التأثير في الحياة العربية و سماتها على كافة المستويات، في هذا السياق يمكن تسجيل ما يلي:
 إن مراكز التأثير التقليدية ليست بالضرورة المؤثرة في الحياة العربية فوجود دولة صغيرة الحجم سكانيا و جغرافيا و ذات مشاكل سياسية مركبة كلبنان على رأس القائمة يدعو إلى إعادة النظر في تصنيف المراكز المذكورة، و إلا فإن الحضور السياسي و السكاني و الجغرافي لا يضمن بالضرورة تفوقا في إنتاج النخب.
 إن النخب العربية بطيئة التجدد بدليل محافظة أزيد من ثلاثة أرباع لائحة السنة الماضية على مقاعدهم المؤثرة مع دخول عشر أسماء جديدة فقط مجال الأقوياء ...
 إن هناك اكتساحا ذكوريا للمراكز الحساسة ذات التأثير الكبير في الحياة العربية الشيء الذي تعكسه نسبة الرجال التي جاوزت 86 في المئة في لائحة الأقوياء، لكن هذا الأمر لا يخفي تميزا نوعيا للنساء العربيات من خلال احتلالهن لمراتب متقدمة من خلال الإبداع في مجالات مميزة كما هو الشأن بالنسبة لممثلة المجال العلمي الوحيدة في اللائحة المصرية نجوى عبد الحميد و الدبلوماسية الأردنية ريما خلف و الأكاديمية السعودية مي اليماني.
 إن احتلال رجال المال و الأعمال لرأس القائمة بنسبة تصل إلى 64 في المئة، و اندحار النخب الثقافية إلى أدنى القائمة يعكس طغيان القيم المادية و الاستهلاكية على حساب القيم الإنسانية في الحياة العربية، كما أن احتلال بلدان الخليج العربي لريادة عالم المال و الأعمال يعكس استمرار هيمنة البترودولار على المجال العربي بما يتبعه من تداعيات اقتصاد الريع على كامل المنطقة.
 رغم الانتشار الهائل لوسائل الإعلام و الاتصال، فإن الإعلام العربي لا زال عاجزا عن التأثير في محيطه فعدد الإعلاميين في اللائحة الذي لم يتجاوز الستة لا يبدو شيئا مقارنة بأصحاب المال، و هو ما يعني أن الإنتاج الإعلامي العربي لا زال بعيدا عن منتظرات حياة المواطن العربي الإعلامية و الثقافية بشكل عام، و رغم انتشار القنوات الفضائية العربية كالفطر في المجال اليومي العربي فما أتى به التصنيف على محدوديته ينبئ بان الوجوه المستنسخة في هذه المشاريع الكبرى المرتبطة في جملتها بالبترودولار هي ذات أدوار هامشية.
 إن عدد الأكاديميين الذي لا يتجاوز الأربعة من بين خمسين شخصية يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى التزام المثقف العربي بقضايا شعبه و قدرته على تجسيد مفهوم المثقف العضوي بتعبير غرامشي، كما أن ورود اسم فؤاد العجمي المقرب من الخندق الأمريكي على رأس القائمة يعكس انهيار الساحة الثقافية كساحة ممانعة.
 إن الدبلوماسيين العرب لا ينجحون و يتميزون إلا بتحررهم من السياسات الخارجية الرسمية لبلدانهم، و اشتغالهم في مناخ دولي فحالتين ناجحتين من الحالات المرصودة تعود لموظفين دوليين من قبيل ريما خلف و البرادعي.
 إن الفن لا زال بعيدا عن التاثير في حياة العرب، فحصة الفنانين في اللائحة التي لم تتجاوز الثلاث مقاعد تنبئ بأن الفن لا زال بعيدا عن التصنيف ضمن أولويات المنطقة، كما أن تقدم عمرو ذياب على فيروز بأزيد من ثمان درجات على اللائحة يضع الذوق العربي موضع تساؤل حول إذا ما كان تيار الأغنية المغربنة قد حسم الصراع لصالحه مع مختلف حصون حماية الذاكرة الفنية العربية الأصيلة من التلف من الضياع هذا إضافة إلى الغياب المفجع لمبدعي الفنون الأخرى.
 إن وضعية البحث العلمي في العالم العربي في وضعية جد متدنية تنبئ بها خلو لائحة المؤثرين من أسماء العلماء إلا من اسم وحيد هو العالمة الطبية نجوى عبد الحميد من مصر، كما أن الثروة العربية التي تتركز في منطقة الخليج العربي و الشرق الأوسط لم تعرف طريقها بعد لمختبرات البحث العربية الكئيبة في مقابل تفوق الأدمغة العربية في الخارج.
 إن وضعية الإبداع الشعري و الأدبي عموما بالوطن العربي لا تقل سوءا عن وضعية البحث العلمي بالرغم من تزاحم الأسماء و تناسخها، فقد قاسم الشعراء العلماء نفس مرتبتهم الأخيرة بمنصب وحيد حصل عليه محمود درويش في ذيل اللائحة فيما خلت اللائحة من أي أديب عربي ، و سواء أرجعنا الأمر إلى تدني مستوى الشعر و الأدب عموما أو انعدام شروط الإبداع بالوطن العربي من جراء التضييق على حرية الكتابة أو تدهور سوق النشر أو حتى عزوف القراء... فإن الأمر المؤكد أن القيم الجمالية قد انسحبت من واقع الحياة العربية لصالح القيم المادية الاستهلاكية...

إن اللائحة المذكورة بالرغم من كل ما قد يسجل على المعايير المحددة لحيثياتها قد ضمنت لنا فرصة لتحليل بعض ملامح النخب المؤثرة في المجال العربي على مستويات عدة لا ندعي إحاطتها بمختلف تفاصيل واقع شديد التعقيد و البلقنة بقدر ما نعتبرها محاولة لتحويل أرقام كمية إلى معطيات كيفية ارتباطا بمتغيرات نعتبرها مهمة في تحديد و رسم صورة هذه البلاد التي تسمى مجازا بلاد العرب...



#محمد_فاضل_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتقام الرقمي معالم جديدة على درب التفاعل الإنساني
- ترجمة النصوص الفلسفية شبيهة بمغامرة عوليس، حوار مع الأكاديمي ...
- اعترافات جبان يهوى الشماتة في بلد الأنوار
- صناعة الأعداء، السياسة في نسختها المكيافيلية
- الصحافة المستقلة بالمغرب: حرب الوجود، تعقيب على مقال وقع باس ...
- لماذا تورث مصر؟ لماذا لا تورث مصر؟
- الإسلامفوبيا: قلق المسار و الرؤى في النموذج الفرنسي
- الباحث السوسيولوجي المغربي محمد رضوان فاضل يصرح لهداية نت: ق ...
- في قضايا الهجرة و الاندماج العربيين بكندا, حوار مع الباحث و ...
- احتجاجات المهاجرين, حركات اجتماعية بفرنسا؟
- الكيل بمكيالين في قمة المفارقات بتونس
- المغرب و إسبانيا. حكاية جوار حذر
- لعبة الكراسي الصدئة,ما أحلى الإمارة و لو على الحجارة
- صناعة و تسويق أنصاف الآلهة في الإعلام الأميركي
- في الشأن السياسي القروي, نخب الشواهد الابتدائية المزورة
- بين دعاوى الدمقرطة وواقع الابتزاز السياسي ,.التصور الأميركي ...
- . مثقفون ضد الأعراف الديمقراطية.-الهتيفة- في مصر
- شيزوفرينيا خطاب الشمال تجاه قضايا الجنوب , قراءة في السلوك ا ...
- الإعلام و التربية بين الحفاظ على الهوية و الانفتاح على النما ...
- بعض من ملامح اكتساح السياسي للنقابي بالمغرب


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فاضل رضوان - نخبنا:ملامح النخب العربية من خلال لائحة أقوياء العرب