أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام بن الشاوي - الهواية: التلصص














المزيد.....

الهواية: التلصص


هشام بن الشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6436 - 2019 / 12 / 13 - 15:05
المحور: كتابات ساخرة
    


لم أحاول معرفة تفاصيل الجدل المصاحب للمادة 9، فكل صباح، أكتفي بقراءة العناوين فقط، بينما أحرص على قراءة ما يكتبه الصديق رشيد نيني، ويونس جنوحي، بفضلهم أستعيد صفة مواطن، نسي أنه كاتب ومبدع، لبضع دقائق، وأعرف ما يدور في هذا البلد الأمين، أرمي الجرائد جانبا، وعلى عجل، أحتسي قهوتي الإيطالية المرة، التي اعتدت على مرارتها، مثلما صادقت مرض السكري، بيد أنني لم أستسغ بعد مرارة طعم هذا الواقع المغربي، الذي يسحقنا تحت رحى إكراهات الحياة اليومية ومتطلباتها…
نبهني صديقي يوسف إلى أنني لم أعد أقرأ الجرائد كما كنت، من قبل، وسألني عن سبب توقفي عن الكتابة في الصحف، أجبته بأنه لم يعد لدي وقت حتى للكتابة في المجلات العربية، التي تقدر "عرق" الكتّاب، بينما، هنا، لا نتوصل حتى بكلمة شكرا، عند استلام المادة، فما جدوى أن تكتب رواية في سنة أو في شهر، إن كانت لن تسدد مصاريف تمدرس أبنائك لشهر واحد؟ لقد تركت الإبداع لهذه الحكومة السعيدة، التي تتفنن - دوما- في ابتكار كل ما يدخل البهجة إلى قلوبنا.. لمن أكتب؟!
أحيانا أغالب دمعي، وأكاتب الشاعر - الذي نفتقده- نيني إلكترونيا، حين تفلح جملة نوستالجية أو مقطع وصفي، موغل في بكارة الطفولة، في انتزاعي من بركة حياتي اليومية الآسنة. إن زبائن المقهى، وأغلبهم جيران، لا ينتبهون إلى ما أكتب، وأحيانا، ترفق موادي بصورتي؛ فكل همهم الكلمات المتقاطعة وأخبار الرياضة، في حين ثمة زبون، أحيل على التقاعد، بفنجان قهوة واحد، يضع على طاولته كل الجرائد اليومية، وحتى الأسبوعية، ليملأ وقته الثالث اللا منتهي، لقد "تواضعت أحلامي كثيرا"، ولتسمح لي الشاعرة سعدية مفرح، أن أستعير منها عنوان أضمومتها الشعرية، حتى أنني توقفت عن متابعة جديد السينما و الدراما التلفزيونية العربية، والفضل في ذلك لهذه الحكومة الميمونة، ذات الإنجاز الواحد، والوحيد : حولتنا إلى شعب كل همه متطلبات الحياة اليومية، هذه الحياة التي نحتملها ولا نعيشها…
قبل سنة تقريبا، كتبت هنا، والفضل الكبير لحكومتنا الغالية، التي تتحفنا دوما بالجديد، حتى بت أشك أننا مجرد كومبارس في مسرحية عبثية، لا تريد أن تنتهي. لكن مهلا، الواقع المغربي ليس رديئا إلى هذه الدرجة، من يستحق اللوم هو أنت، لولا إشارة جريدة الأخبار في ملحق "حب وتبن" الساخر إلى روتينهن اليومي، لبقيت في دار غفلون.. لا شيء يستحق المتابعة، لا يعقل هذا! من هنا، اسمحوا لي أن أوجه رسالة لوم وتوبيخ إلى يوتيوب، لأنه حرمني من نصيبي من الفرجة، وكنت أكتفي بالدخول إلى الموقع الأحمر من خلال مفضلة المتصفح، للبحث عن مقطع "تغريد ويداني" للحسون، أو المقنين، كما يدعونه في الجارة الشرقية، أو أبحث عن تغاريد طيور أخرى.
هكذا اختصرت حياتي في "ولاعة" تربية طيور الزينة؛ فالطائر حين تحسن إليه، لا ينسى ذلك أبدا، لا سيما إذا أهمله صاحبه، عن غير قصد، وتحول إلى مجرد "حمار كروسة"، كل همه مصاريف الكراء، المعيشة... إلخ. لقد اشتريت طائر بندوق، باعه صاحبه مكرها، وهذا الهجين أو النغل، وكلها مسميات لــ "الميستو"، عندما أفتح باب البيت، ويسمع صوتي، يبدأ في تغريده الذي يشبه الزغردة، فتقول ابنتي الصغيرة إنه كان صامتا قبل مجيئي. ألا يستحق هذا الطائر أن يكون صديقي الوحيد؟!
نعم، أنا عدمي، لقد نُعِتت، بمعية بعض الأصدقاء المبدعين، بهذه الصفة حين شاركنا في استطلاع رأي لعبد العالي بركات، قبيل انتخاب هذه الحكومة الإسلامية، فما الجديد بعد كل هذه السنوات العجاف؟ لا شيء، والله… لا شيء !!
سامح الله ربات بيوت، يشتكين من "شقا" رفاهيتهن، ونسين أن هناك من لا تملك حتى حصيرة، وتقضي حاجتها البيولوجية في دورة مياه مشتركة مع الجيران، لا أعرف ما جدوى أن يصورن روتينهن اليومي في المطبخ، في غرفة النوم.. وبعضهن يحرصن على ارتداء ثياب، تصرح بممتلكاتهن، فيسيل الكثير، الكثير من اللعاب الإلكتروني. كم كنت غبيا، وأنا أسأل صديقي "المولوع" عن طائر البسبوس الموزمبيقي، فأجابني بأنه لا يدخل إلى المغرب! كل هذه البهجة مسفوحة على ضفاف يوتيوب، وأنا أسأل أعضاء منتدى إن كان هجين طائر النعار الأخضر منتجا أم لا… حتى أتناسى أن رقم حسابي البنكي، منذ ثلاثة شهور، تعوي فيه الريح، مثل ضريح مهجور، تحت سفح جبل بعيد.
صديقي يوسف، صدقني لن يقرأ مقالي ذلك الزبون، الذي قلت لك إنه "يفلي" الجرائد، وأشك أنه يقرأ حتى رقم فاكس الجريدة، لأننا شعب تافه، الشيء الوحيد، الذي نجيده هو التطفل على خصوصيات الآخرين، وهذا ما جعل تفاهات ربات البيوت، ومجانين السوشيال ميديا تصنع "البوز"، شعب يقضم فائض وقته الثالث مثل جرذ، وهو يمارس هواية التلصص!

عن جريدة "الأخبار" المغربية



#هشام_بن_الشاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطيور تهاجر لكي لا تموت.. والكتابة من أجل شيء
- شعرية الاحتجاج عند أسامة أنور عكاشة
- المغاربة
- كتاب رقمي لهشام بن الشاوي نكاية في الجغرافيا
- رسالة لن تصل إلى وزير الاعلام الكويتي
- رسالة مفتوحة إلى وزير الإعلام الكويتي
- حي المطار بالجديدة.. حيل حْديدان -الحْرامي- ونفايات الصين
- إصدار جديد للكاتب المغربي هشام بن الشاوي
- في عددها الجديد... المجلة العربية تحتفي بثقافة بلاد الرافدين ...
- المبدعون المغاربة والنقد... أية علاقة؟
- فصلان من رواية: -قيلولة أحد خريفي- لهشام بن الشاوي
- يحدث في سورية الآن
- لماذا تركتُ القصيدة وحيدة؟
- جمالية المتقابلات السردية في -رقصة العنكبوت-
- كصبي ممتلئ بحب الحياة وحب السرد
- قراءة في رواية -كائنات من غبار- بقلم محمد عطية محمود
- في عددها الثلاثين.. مجلة -الجوبة- تحاور وديع سعادة وتحتفي بر ...
- القدس بعيون كويتية
- كتابة الإخفاق في -وخز الاماني- لمحمد عطية محمود
- أدبي تبوك يصدر حسمى 2


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام بن الشاوي - الهواية: التلصص