أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام بن الشاوي - يحدث في سورية الآن














المزيد.....

يحدث في سورية الآن


هشام بن الشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


كالعادة، تطول مدة تبضعي، حين أختار دكان محمد، ذلك البقال العربي، الذي يتقمص دور الفقيه أحيانا، ودائما أجده يقص الكيف بسكين خلسة تحت المنضدة، وسبق أن تباهى بماضيه في الصعلكة إبان وجوده بفرنسا.. بينما أحرص على أن يكون تعاملي مع البقال الأمازيغي عاديّا جدا، بسبب مزاحه البذيء مع بعض زبائنه، فإن تزامن حضوري مع وجود معاونه حسن، لا أفوت الفرصة للمزاح معه، وهو يوزع ابتساماته هنا وهناك، في حضور الفتيات والخادمات، وأسأله في خبث: لم لا تبتسم في وجهي؟ ، تتسع ابتسامته، يغرق في ارتباكه، ولا ينبس بكلمة..
لامني البقال الفقيه لأنني تجاهلته عند مروري من أمام دكانه بالأمس، إذ لم أرغب أن يكون هناك أي جسر تواصل بيني وبين أحدهم.. فعاتبني: السلام لله ، وشرع يحدثني عن معنى السلام عليكم ، وعدد الحسنات وأجر من يرد تحية الإسلام كاملة، وهو يقص نبات الكيف المجفف. وفطنت إلى سرّ إصرار بعض جيراننا الملتحين على إلقاء التحية عليّ، حتى لو لم أكن أرد عليهم، ولا ألتفت إليهم.. فكرت في عدد الحسنات، التي سأحصدها، وأنا في طريقي.. لا سيما إن قمت بإلقاء التحية على امرأة، واعترض سبيلي زوجها أو أخوها أو ابنها.. !!
لم أجادله؛ فألم ضرسي كان يعصر كل قطرة دم في عروقي. هذا الألم جعل توازن كل شيء يختل، ونومي صار متقطعا، ولم أعد أحتمل أي ضجيج، وسكان البيت المجاور المؤقتين يعتبرون الصخب وسيلة للتعبير عن فرحهم بالحياة.. وبالصيف. كيف أحس بهذا الصيف وأنا أمقته، وقد أفعل مثل بالوما * في روايتي: (قيلولة أحد خريفي)، حين لعن يوم الأحد قائلا: لعن الله من اخترع العطل ؟
لأول مرة، لم أنتبه لفصل الربيع، لم أتنزه يوما واحدا، بل - منذ سنوات- لا أتذكر أنني رأيت فراشة أو أزهارا برية. هذه السنة، وعلى الرغم من عدم اهتمامي بالسياسة، فاندلاع الثورات قلب كل الموازين.. إنه عام الإحباط والكآبة بامتياز!
هكذا، وجدتني أفكر في هذه الحياة وجدواها، وأحس بالألم حين أرى كل هذه المباهج المسفوحة...
كنت أعرف أن مدة تبضعي ستطول عند محمد. اختلست نظرة إلى الشاشة الصغيرة، وحدثني عن الرئيس اليمني، الذي شاء الله تعالى أن يعذبه في الدنيا قبل الآخرة، إذ لم يمنحه شرف الشهيد، المقتول غدرا.. رفعت عيناي إلى شاشة التلفزيون، حيث لا أشاهد قناة الجزيرة إلا حين أقصد دكانه.. لأنني لم أعد أتحمل متابعة تلك الفظاعات، وكانت القناة تعرض مشاهد تفضح جرائم زبانية بشار الأسد**..
وقف إلى جانبي شاب مراهق، اعتدت رؤيته مرابطا أمام شباك جارتنا المهجرية مع صديقه.. ليلا. رمقته بازدراء فصيح، حدقت في لحيته الدقيقة، والتي تسمى بــ خط النمل ، حيث يشكل الزغب ما يشبه صف نمل فوق خديه وذقنه، تذكرت حين غادرت البيت، في اتجاه محطة القطار، فرأيته وصديقه ما زالا متشبثين ببركة الشباك المقدس، والشمس تدغدغ سكون الصباح الصيفي. وعقدت الدهشة لسان البقال حين سأله الدون جوان، وهو يرفع بصره إلى الشاشة، كمن يرى تلك المناظر لأول مرة: أين يحدث هذا؟! .

* يستحسن قراءتها هكذا:palouma.
** كتبت مسودة هذه القصة، قبل أن يقصف الطاغية المواطنين العزل بالدبابات.



#هشام_بن_الشاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تركتُ القصيدة وحيدة؟
- جمالية المتقابلات السردية في -رقصة العنكبوت-
- كصبي ممتلئ بحب الحياة وحب السرد
- قراءة في رواية -كائنات من غبار- بقلم محمد عطية محمود
- في عددها الثلاثين.. مجلة -الجوبة- تحاور وديع سعادة وتحتفي بر ...
- القدس بعيون كويتية
- كتابة الإخفاق في -وخز الاماني- لمحمد عطية محمود
- أدبي تبوك يصدر حسمى 2
- -عائشة القديسة- و-أحلام النوارس- جديد مصطفى لغتيري
- حوار مع النجم خالد الصاوي والسيناريست بلال فضل
- الحفر السيكولوجي في رواية-رجال وكلاب- لمصطفى لغتيري
- مع الروائي المصري يوسف القعيد
- أسامة أنور عكاشة يفترش”جنة مجنون”
- ثلاثة أجيال يضيعها الحب ويقتلها الحنين!
- لا تصدقوا الكتاب
- نساء يرفضن البكاء على أكتاف الرجال
- المبدعون المغاربة وثقافة الصيف
- تعب كلها الحياة
- القاص المغربي هشام بن الشاوي في لقاء مفتوح مع منتدى أوراق
- من حكايات قريتنا


المزيد.....




- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام بن الشاوي - يحدث في سورية الآن