أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كيفي امين - خرافة الطبقة الوسطى في العالم الرأسمالي














المزيد.....

خرافة الطبقة الوسطى في العالم الرأسمالي


كيفي امين

الحوار المتمدن-العدد: 6433 - 2019 / 12 / 9 - 01:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الاول:
آليات صعود وانهيار دولة الرفاه الديموقراطية في الغرب

تراكم الثروات في يد حفنة من الشركات و والبنوك والأفراد هي إحدى مظاهر النظام الرأسمالي. ففي سعي البشر لجمع الثروات و ضمان مواقعهم الاقتصادية في نظام قائم على المنافسة الشرسة تتجمع الثروات لدى البعض كنتيجة طبيعية لآليات المنظومة. فمن ينجح في تكوين ثروة بمقدوره وتوظيفها لزيادة ثروته, او كما يقال المال يأتي بالمال. بالنهاية يتشكل هرم اجتماعي على أساس كمية الثروات التي في حوزة كل شركة، مؤسسة، شخص او أسرة.
عندما يسعى اغلبية الناس الى الحصول على حاجاتهم فانهم يعملون بالاجرة "راتب". عملهم سيعطي مردودا لصاحب العمل أيضا. منذ الخمسينات و الستينات من القرن الماضي دخلنا في عصر الإنتاج الآلي الضخم الذي يعتمد استخدام الروبوت و الحواسيب و العقول الالكترونية والبرمجيات في الإنتاج و يتم الاستغناء تدريجيا عن أعداد كبيرة من البشر. فكانت هنالك ازمة خانقة, الإنتاج يتضاعف باستمرار و القدرة الشرائية تتدهور باستمرار بسبب تسريح العمال. و باستخدام حسابات رياضية بسيطة كان يمكن رؤية أن استمرار ذلك كان سيؤدي الى توقف الدورة الراسمالية و معها الانتاج. استخدمت الراسمالية الورقة الاخير التي كانت في يدها, و ذلك عبر فصل النقود عن الغطاء الذهبي و تحرير البنوك لخلق النقود من العدم عبر نظام التسليف الجزئي الذي أقره البنك الفيدرالي الأمريكي 1971 و تحول الى نظام مصرفي عالمي فيما بعد. و بهذا أصبح لدى البنوك القدرة على تسليف الأفراد و الشركات و الدول في عملية تسمى بخلق المال من العدم أو
"create money out of thin air "
يستطيع من يريد البحث في الموضوع أن ينسخ هذه الجملة في اليوتوب او الجوجل ليحصل على شرح عنه.

أدت عملية خلق النقود هذه الى انتعاش اقتصادي في السبعينات شهدته البشرية بشكل عام و كان سببه تضخم قطاع جديد هو قطاع الخدمات. وظهرت ملايين الاعمال غير الضرورية مثل قطاع الدعاية و المبيعات و توسعت الأسواق ليصبح السوق و التسوق اسلوبا لحياة الناس. أصيب الجميع بحمى التسوق. فالنقود الجديدة التي تضخ في الأسواق على شكل قروض بدأت تؤجج الاسواق و تدفع إلى إنتاج المزيد من البضائع و الخدمات طالما كان الناس لديهم النقود للشراء. و طالما كان الجميع يتسوقون فإن فرصا جديدة للعمل أخذت تظهر و صار لدى الكثير من الناس محلات تجارية و شركات دعاية و مطابع يعمل فيها ملايين الموظفين. فكان كل شئ يبدو و كانه يسير على أفضل مما يرام.
هذه العملية ادت الى انتعاش طبقة كانت في طريقها الى الضمور و هي الطبقة الوسطى. فالطبقة الوسطى لم تكن في الحقيقة سوى هؤلاء البشر اصحاب المشاريع الصغيرة في قطاع الخدمات و المشاريع الانتاجية الصغيرة و الموظفين و العمال الذين كانوا يعملون لديهم او لدى الشركات الكبرى. فهم في الحقيقة الطبقة التي كانت تستطيع استلاف النقود وشراء البضائع و دعم دورة الإنتاج الراسمالية. هذه الطبقة استلفت النقود ايضا لشراء المنازل و كلما استلفت اكثر ارتفعت اسعار العقارات و أدى الى ظهور ما يعرف الآن بـ فقاعة العقارات. و كلما زادت اسعار العقارات كلما زاد قدرة البنوك على التسليف و ضخ الاموال في الاسواق.

الطبقة التي تسمى بالطبقة الوسطى كانت المسؤولة عن دفع الضرائب و انتعاش الأسواق و استمرار الدورة الانتاجية و بالتالي فان الاقتصاد الرأسمالي برمته كان وما يزال يقف على أكتافها. هذه الطبقة في الحقيقة لم تكن طبقة و لكنها كانت ظاهرة ساخرة تم خلقها من الديون. فالطبقات الوسطى ما عدا فئات قليلة جدا منها لا تملك سوى الديون التي تتراكم عليها باستمرار ولكنها رغم ذلك أصبحت رمزا لمفخرة انصار النظام و سببا في بقاء المنظومة.

منذ انتهاء المفعول السحري لنظام الديون وتفاقم ازمة الديون بدأت الطبقة الوسطى تنحسر وتخسر مواقعها وقدرتها الشرائية يوما بعد يوم و ينحدر اعدادا متزايدة منها الى طبقة ثالثة مسحوقة و مغمورة تماما. طبقة تعيش في الدول الأوروبية و بعض الدول المتقدمة مثل كندا استراليا امريكا و اليابان على نظام المعونات الاجتماعية التي يتم تمويلها من الضرائب. وفي دول العالم الثالث يعيش هؤلاء في العشوائيات او في غرف حقيرة في الاحياء الشعبية حيث تتقاسم عدد من الاسر غرف ضيقة في ظل غياب انظمة ضريبية و نظام ضمانات اجتماعية فيها.

إن الطبقة الوسطى كانت خرافة صدقها الجميع. انها لم تكن موجودة سوى في إطار نظام الديون الذي أقيم في عالم افتراضي. وهي خرافة أخذت تختفي تدريجيا من الوجود يوما بعد يوم. و هذا يلقي بظلاله على اقتصاديات جميع دول الرفاه التي أصبحت تمارس سياسات التقشف لحماية عملاتها من الانهيار الأمر الذي يؤدي الى توقف دورة الانتاج و ينذر بكارثة اقتصادية.

و تظهر دعوات يائسة هنا و هناك في العالم الغربي لانقاذ الطبقة الوسطى ودعمها لأنها العمود الفقري لهذه المنظومة. و لكن الرياضيات لا تصغي الى رغبات السياسيين. و منظومتنا قائمة على رياضيات خاطئة و تدهور و ضمور هذه الطبقة لا مفر منه. هذا هو سبب انتشار شعار نحن ال 99% في اوروبا و امريكا. حيث ان الصورة بدأت تتجلى حول حقيقة أن الثروات في الواقع كانت دائما في يد اقل بكثير من 1% من الناس أما البقية فهم لا يملكون سوى ديونهم أو قوة عملهم ليبيعوها في أسواق لم تعد بحاجة إلى العمل البشري.
الهرم الاقتصادي الرأسمالي بدأ ينهار من وسطه ليترك النخبة التي في القمة في مواجهة مباشرة مع 99% من المجتمعات البشرية. و انهيار اسطورة الطبقة الوسطى هو بداية لانهيار منظومة السوق الرأسمالية.

ماذا عن الطبقة الوسطى في العالم الثالث وما انعكاسات انهيار الطبقة الوسطى في العالم الغربي على دول العالم الثالث؟ هذا ما سأتناوله في الجزء الثاني من المقال



#كيفي_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم يتهاوى تحت الديون


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كيفي امين - خرافة الطبقة الوسطى في العالم الرأسمالي