محمد ليلو كريم
الحوار المتمدن-العدد: 6409 - 2019 / 11 / 15 - 21:08
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
وقفَ نبيٌ ، معصوم بفضيلتهِ ، على سطح المطعم التركي وراح يجول ببصره في الأرجاء ، رأى الناس متجمهرة غضبى ، وأبصر الجُندَ مدججين بالسلاح والحيرة ، وشاهد من بعيد عشرات السلاطين وقد طوحهم الحنق ، فراعه كل ما رأى ، وبرمية من يده وزعَ في الهواء آلاف القصاصات الورقية ، والعجيب أن الناس راحت تتلقف القصاصات الطائرة وتلتقط ما وصل منها للأرض ، وبعد دقائق عشر صرخ الجميع كصوت واحد : فوق سطح المطعم التركي نبي كذاب ، أحرقوه أو قطعوه ، أو ليُقذف من فوق لتتكفل الأرض بدك عظامه .
بكى النبي .
سمع اغلب المتظاهرين صوت نحيبه ، ورقّت القلوب ، إلا قلوب السلاطين ، وظل الجُند في حيرتهم .
" أأرجع من حيث أتيت عبر نهر دجلة ، ولكني وعدت الأسماك بأن هذا الدفق الباعث للحياة لن يتوقف ، ووعدت العصافير وتلك الحمامة التي تنظر لي متوسلة بأن الجمال لن يؤخذ بجريرة القُبح ، ولكن قلبي الشفاف وشغافه الرقيقة لا تحتمل هذا العتو والغلظة " ما إن أنهى النبي كلامه حتى عاد للنحيب ، فزاد نحيب الناس .
اقتربت مروحية فيها رئيس الجند وخاطب النبي عبر مكبر للصوت : كيف وصلت للسطح ؟
اومأ النبي نحو السماء وأطال نحوها النظر حتى غابت المروحية وضجيجها ، وعلى ركبتيه جلس النبي عند طرف سطح البناية وراج يجول ببصره في المتظاهرين ، وأما المتظاهرين فقد انشغلوا به لدقائق قبل أن يستعيدوا هتافاتهم ورغبتهم بعبور الجسر .
هتفت الجموع بعد أن سقطت من جهة النبي قصاصات قليلة قرأها القليلون ولكنهم نقلوا ما فيها للجمهور : هذا مدعٍ للنبوة ، مُندس ، فلما لا يحاسبه الجُند أو يقمعه الحُكام .
" هم لم يطلبوا معجزة " قالها النبي وأكمل : " لو أنهم استجابوا لي وافرغوا الساحة للأطفال ، وللأطفال فقط ، لكان بينهم والخلاص ليلة واحدة "
امرأة تُدعى ( جدائل ) صرخت بأعلى صوتها صوب النبي متوسلة : " ليس هذه المرة ايضًا ، فامكث بيننا يا كريم ، وها انك ترى ؛ عدد الاطفال أكثر ، وأما ما سمعت من سوء بحقك من هذه الأفواه فلا تلتفت له ، فالناس يا نبي ما عادت تُصدّق بأرضٍ ولا سماء "
ينقل أحد الرواة ، والعهدة على القائل أن النبي سيمكث ايامًا أخرى بعد أن بدى انه مغادر .
#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟