أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - احمد شحيمط - الاعلام العربي وأوهام الموضوعية















المزيد.....

الاعلام العربي وأوهام الموضوعية


احمد شحيمط
كاتب في مجالات عدة كالفلسفة والاداب وعلم الاجتماع

(Ahmed Chhimat)


الحوار المتمدن-العدد: 6400 - 2019 / 11 / 5 - 15:27
المحور: الصحافة والاعلام
    


تعتبر الموضوعية من أهداف الفكر العلمي الموضوعي، ومن طموحات العلوم الانسانية في دراسة الظاهرة الانسانية كشيء معزولة ومستقلة عن ذات العالم. افراغ للذهن من الافكار والتمثلات القبلية والتجرد من النزعة الذاتية الميالة لإسقاط الاحكام العفوية بعيدا عن منطق العلم في الفصل التام بين الذات والموضوع . وفي مرامي النزعة العلمية لأجل بناء صروح من النظريات العلمية على القوانين المتينة والمفاهيم المقعدة على اسس صلبة وصحيحة، كانت الموضوعية مقياسا للبناء وتحقيق نتائج قطعية في مجال الدراسة للظواهر الطبيعية، وبقي المفهوم يراوح ذاته في ميادين اخرى في الابتعاد عن التحيز والذاتية . فدخل هذا المفهوم الى سياق الاعلام العالمي والعربي كذلك. في ميثاق الشرف المهني هناك ديباجة من المعطيات والبنود التي تمنح الصلاحية للعاملين في الاعلام للتعامل مع الخبر وأدبيات العمل الصحفي. التعامل الموضوعي مع التنوع الذي يطبع المجتمعات التي يغطيها الاعلام، والتنوع الذي يطبع التقارير وانواعها في عملية الرصد والتتبع والتأكد من مصداقية الخبر بناء على تحريات ومصادر موثوقة. الشفافية والمصداقية وتحييد العواطف والذاتية الخاصة بالصحفي والمراسل الاعلامي، ومن الذين يعملون وراء الستار في نقل الاخبار، وتفنيد الآراء المضللة للجمهور . والتمييز في عالم الاعلام بين الخبر والتحليل والتعليق في تجنب الانحياز والدعاية المجانية لطرف ما تحت أجندة خفية ومعلنة، الخبر مقدس والتعليق حر.
التضليل الاعلامي والنوايا السيئة لا تصنع اخبارا ولا تبني مصداقية. بل تولد الانقسام في الجسد الاعلامي وتشكك في نوايا القنوات الاعلامية، وتفند شعارات من قبيل" الرأي والرأي الاخر، والشفافية والمصداقية والجرأة، والتغطية المحايدة من المكان..."، في شبكة القنوات الاعلامية الكبرى يعتبر الاعلام اداة في خدمة السياسة الخارجية وفي تسويق صورة معكوسة للداخل في الحملات الدعائية، وفي الانتخابات وفي قوة المصادر المعتمدة من قبل الاعلام الذي يتغلغل في دواليب المؤسسات، ويكون السبق الاعلامي في قضايا ذات حساسية تتعلق بالرؤساء والفضائح والاختلاس، وقضايا كبرى تتحول الى مادة دسمة للتحليل والتعليق والزيادة في نسبة المشاهدة .
من الاعلان الغربي الى الاعلام العربي الذي عرف تناسل الفضائيات وتنوع برامجها، من قنوات سياسية الى قنوات في الموسيقى وقنوات الترفيه والبرامج الاجتماعية. قيمة الفضائيات العربية في انهاء الاحتكار، واحادية الخبر من المصادر الاعلامية الغربية، ومنافسة القنوات الكبرى في تغطية الاحداث من اماكن مختلفة في العالم ، وسائل جديدة في العالم العربي والتي حاولت نقل الممكن عن خبايا الاشياء، ومميزات هذا العالم في مستويات كالسياسة، وما يلفت النظر ايمان المشاهد بهذه القنوات التي دخلت كل البيوت، وعبرت عن النقص والحرمان من المعرفة لما يدور في البلدان العربية بالصوت والصورة . قنوات كبرى على شاكلة الجزيرة والعربية وبي بي سي بالعربية والقنوات الناطقة بالعربية من فرنسا وبريطانيا وروسيا. لعبت هذه القنوات ادوارا في استمالة المتتبع للبرامج الحوارية والنقل للحروب والصراعات، وكل منها يحمل اجندات ظاهرة وخفية . ستنكشف لاحقا في اطار الحروب المتتالية في الشرق. من حرب الخليج الثانية وسقوط نظام صدام. الى الربيع العربي وسقوط بعض الانظمة، حملات التحريض والنقل المباشر والصور العابرة من شبكة المراسلين. وشهود عيان واراء المختصين والخبراء في المجال العسكري والسياسي والدراسات الاستراتيجية .
انقسم هذا الاعلام بانقسام الرؤى والايديولوجيات والاهداف، والنوايا المعلنة والكامنة في نفس الوقت . الاعلام الخليجي في الريادة من القنوات الضخمة التكاليف والمسلحة بالأدوات التقنية والفنية في النقل المباشر والسبق الاعلامي. اعلام موجه بالغايات في مساندة حركات بذاتها وانتقاء ما يناسب الخط التحريري للقناة. الاعلام الغربي والعربي على السواء موجه بخلفيات ومحدد بالأهداف والنوايا في قلب الحقائق وتعزيز منطق القضايا القومية والمصلحة الذاتية لدول بعينها. والتجانس بين العمل الميداني وميثاق الشرف مسألة في غاية الصعوبة نظرا للأحداث التي تفرض نفسها، والمواقف منها تنقسم باختلاف اطراف الصراع . ولا يوجد حياد تام بل تعتبر قضية الحيادية ضرب من الاستحالة والوهم في ظل اجتياح الاخر للأوطان العربية وهيمنة الانظمة العسكرية ومناصرة قضايا جوهرية .
في الازمة اليمنية كانت القنوات العربية على اختلاف بين مساندة الحراك الشعبي والنظام القائم هناك، وتحولت القضية الى صراع بتدخل أطراف أخرى على الخط حيث تغيرت قواعد المعركة، وأصبحت في الميدان بين التحالف العربي وجماعة الحوثي. الانقسام وتباين الرؤى في الاعلام العربي في أزمات عدة ، التحيز للتيارات الاخوانية أو للحكم العسكري، واختيار الحياد في بلدان معينة. هذا النوع من الاعلام متهم بالتحريض والتقصير، وغياب الموضوعية التي تعني منح الكلمة للكل ومعالجة الملفات من كل الجوانب، وعدم البتر والاختصار أو الميل لأطراف معينة وبذلك تختفي المصداقية والشفافية . امبراطوريات الاعلام المرئي الممول من دول الخليج والمؤسس على تجارب العاملين والمتمرسين في القنوات الاجنبية يحمل في ذاته تناقضات بين الادوات المستعملة وطريقة الالقاء والعرض والتي تنم عن المهنية العالية، وجودة الخدمات والاخراج الذي يشد المشاهد للمتابعة واستقصاء الخبر، وبين الميل العاطفي والعملي لأطراف معينة في استقبال رموز وقيادات واستبعاد الرأي الاخر. فالموضوعية بالمعنى العادي أن نكون غير متحيزين لجهة معينة، وأن يكون النقل للأخبار مستفيض بما يليق بالعمل الصحفي، والصورة التي تتحرك في جهة ما، مواصفات معقولة من واجب الاعلامي تسليطها على الطرف الاخر لأجل بناء الرأي .
في مرامي العمل الاعلامي معرفة الآراء والمواقف، وللمشاهد الحكم على الاشياء بالعقل والمنطق . فالإعلام سلطة رابعة في العالم لا يخلو من محاسن ومساوئ ، عيون مراقبة للواقع واداة في تقييم عمل الحكومات والتنبيه عن كل انزلاق، ونقل الحقائق والتأثير في السياسات العامة من خلال صناعة الرأي . عيون من المفروض أن تلتقط ما يشبع الفضول الخاص من الاخبار الواردة من الامكنة المختلفة. من خلال الإعلام شاهد العالم بالصورة احداث الحادي عشر من شتنبر، فكانت الصورة معممة وقاسية في حق الانسانية جمعاء. ومن بغداد شاهد العالم الدمار الشامل واحتراق المدينة بشتى انواع الاسلحة المحرمة دوليا. وعبرت صورة القدافي عن همجية الانسان في التنكيل بحرمة الجسد دون محاكمة منصفة . من سوريا الصورة بليغة في خراب المدن التي كانت بالأمس لوحة فنية ومعمارية كمدينة حلب. فالإعلام يعزز منطق التفكيك والخلخلة واعادة البناء والاعمار في ظرف وجيز. المال المتحرك والشركات العملاقة والهندسة الاخرى للمدن باليات وتقنيات بديلة عن الترميم. هكذا تصنع الاحداث وينجر العالم الى حروب وصراعات تنتهي في مدة زمنية معينة بتقسيم المناطق الى نفود وتفكيك الوحدة الى اجزاء وكيانات متنافرة، وتنقلب السياسة العدائية الى مصالح ومكاسب مادية، من السيطرة على منابع النفط ومعادن اخرى، وبقاء الحكومات أو اعادة تشكيلها وما يتوافق وسياسة الغالب واتفاق الاطراف المتصارعة .
الاعلام العربي الذي يدعي الموضوعية وعدم الانحياز لأطراف الصراع. فقد لاحت في الافق معالم التحيز والذاتية في أوسع معانيها، من الدعاية والتحريض وتمويه المشاهد. أصبح واضحا في الخطاب المباشر عندما انقسم هذا الاعلام في المواقف من القضايا السائدة، الموضوعية والشفافية تعني تحري الاخبار الكاذبة من الاخبار الشائعة والمفبركة، وتلك من اولويات الاعلام الجاد والهادف. ميثاق الشرف يعني الالتزام بأدبيات واليات العمل الصحفي، في الدفاع عن القضايا القومية والهوية من منطلق الحرص على وضوح خط التحرير. فالمصلحة الوطنية والقضايا الجوهرية للامة والدفاع عن الثوابت تعني انحياز الاعلام لذلك. فالقنوات الفضائية العربية ومنها الجزيرة نقلت من عين المكان معاناة الجيش الامريكي في اقتحام مدينة الفلوجة. وبالصورة اجتياح القوات الامريكية وتحالف الشمال مدينة كابول. وسقوط مطار بغداد قبل سقوطه بالفعل والتركيز اكثر على نظام بن علي وعبد الفتاح السيسي ، والحرب في الشيشان ومزايا أردوغان، ومجموعة من الصور عن الحرب في سوريا وليبيا وتغطية الربيع العربي في بلدان معينة وخصوصا مصر وتونس واليمن والسودان والتزمت الصمت حيال دول اخرى. وبقيت المكونات الرئيسية للموضوعة من الحياد والتوازن وفصل الخبر عن الرأي معايير على الاوراق ومقاييس في بلوغ المصداقية.
فالموضوعية مفهوم علمي هيمن على البيولوجيا والفيزياء والعلوم الانسانية في عدم التحيز والتجرد من الاحكام المسبقة للباحث للوصول الى نتائج قطعية. وفي مجال الاعلام يستحيل تحقق الموضوعية التامة في نقل الاخبار والوقائع. اخبار تروى وتحتاج الى مصادر متنوعة في تأكيدها وتفنيدها. المعاينة ممكنة والسبق الصحفي يولد في الناس الحاجة للتحليل والمعرفة اكثر. وما أشد الصورة والكلمة المضللة، والتجرد من أخلاقيات المهنة في تمرير خطاب انتقامي وانتقاصي واستئصالي، هذا النوع من الخطاب يشكل دلالة على غياب الموضوعية، وتزييف الحقيقة وبالتالي يبقى الاعلام اداة في خدمة السياسة والتوجهات الاقتصادية واعادة انتاج الثقافة. اعلام التمويه والتغليف للحقائق. اعلام الصورة المزينة بأدوات الاقناع واستمالة الجمهور العريض. يشهد الواقع أن الإعلام العربي وفي شدة الصراعات والحروب والحراك الشعبي انقسم في الرؤى والمرامي، واصبح يميل باتجاه التطابق مع السياسة العامة للبلدان، واداة في خدمة مصالح ذاتية لأطراف معينة. هذا الاعلام الممول مطالب بإعادة النظر في مصلحة المجتمعات. عندما يعيد الاعتبار للإنسان وللرأي الاخر. حاجتنا للإعلام الذي يزيد في درجة الوعي السياسي العربي والمساهمة في حلحلة القضايا، وليس في اثارة الازمات وتأجيج العنف، وتغليب العاطفة والصراعات البينية على المصالح القومية والروابط التاريخية والاجتماعية بين الكيانات المختلفة .
فالإعلام الحر مسؤولية، ومؤشر على تنوع المواقف والآراء المساهمة في بناء صرح متين للديمقراطية في مجتمعات منغلقة. توليد الرأي والرأي الاخرن، وترسيخ السلوك المهني والمدني في قلب الممارسة والنقل بدون انحياز لأطراف معينة، وتحويل الخبر الى نقاش يستدعي الخبراء وصناع القرار وذوي التحليل المعمق للشؤون السياسية والاجتماعية في أمل التنوير وعدم التنميط .



#احمد_شحيمط (هاشتاغ)       Ahmed_Chhimat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان يصنع الحدث
- لا أمل في الخلود بفضل الثراء
- الانسان في الفلسفة الوجودية
- هل يعود المكبوت التاريخي من جديد ؟
- في مفهوم السلطة
- نوال السعداوي ضد شهريار
- في التفلسف والعودة للذات
- الاقتراب من العلوم الانسانية
- الانا والاخر في الرواية العربية
- الانوثة والذكورة في عالم السرديات العربية
- اسئلة الراهن وتحديات المستقبل


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - احمد شحيمط - الاعلام العربي وأوهام الموضوعية