أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - انتهينا من احتفالية وعد بلفور














المزيد.....

انتهينا من احتفالية وعد بلفور


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 6399 - 2019 / 11 / 4 - 11:38
المحور: القضية الفلسطينية
    


انتهت المناسبة. كل شيء تم وفق ما هو مخطط، غنينا وخطبنا ولبس جزء منا ملابس سوداء. أنا بالمناسبة لبست تريننج رمادي، نكاية بالوضوح: أريد أن أبدو سريالياً غامضاً في هذا الزمن "المقرف" لشدة وضوحه. أفكر في وضوح الظواهر المختلفة:
1. أذهب للطبيب. التأمين يغطينا معشر الموظفين. والطبيب يريد أن يسعدنا بإعطائنا الإجازة التي نريد، والوصفة التي نرغب. حرفياً: سألني الطبيب عما أشكو منه، فقلت له كيت وكيت. سألني عن الدواء الذي أفضله –وقد لاحظ أنني أتكلم الإنجليزية التي تدل على العلم والنبوغ والعبقرية في عرف مجتمعنا المبهور بأمريكا- فقلت له الدواء كذا، فسألني كم علبة أريد، ثم سألني إن كنت أريد إجازة. لم يتحرك الطبيب من مكانه، قدم لي كل ما أريد بحسب رغبتي دون أن يتحقق من وجود الحالة التي أدعيها.
2. نزور المدارس التي تنهمك منذ عقدين في الخطابة حول الإبداع والتفكير الناقد والمنطقي وتضع لوحة حقوق الإنسان في مكان الصدارة في المدرسة بقرار قديم لا أعرف من اتخذه. ربما يكون الراحل عرفات أو وزير تعليم سابق ما. نجد الشتائم والضرب والإهانة ما تزال سيدة الموقف. نجد التلقين والملل والحفظ الصم ما يزال سيد الموقف. الوزير الجديد توقف عن متابعة هوس "الرقمنة، والمسابقات الابداعية في حفظ الكلمات الانجليزية والأحاديث عن ظهر قلب" لكنه لم يأت حتى اللحظة بجديد. وحتى عندما انتشر "فيلم" الجلد في الخليل بدت الوزارة تائهة تماماً: أوقفت المعلم عن العمل، ثم أمام التعاطف الذي ناله الرجل أعادوه إلى موقعه معززاً مكرماً. "الطاسة ضايعة" وتحديد مسؤولية "الجرائم" تبدو عملية محالة. اطمئنوا اخواتي واخوتي التعليم بألف خير، وعندنا الجوائز كلها، والجامعات تتسابق في نشر أخبار المراتب العالية التي تحصلت عليها في التصنيفات العالمية. كل شيء على ما يرام بما في ذلك فلسطين، كل فلسطين.
3. أستمع بدون شهية لأخبار اقتحام المخيمات، الجلزون، الدهيشة، شهداء غزة في القصف الأخير، والمصالحة وانتخابات السلطة التي يدور الحديث عنها من قبل ولادة ابني الأخير إنليل الذي تجاوز منذ قليل العاشرة. أتابع أخبار السيسي ومعجزات محطاته الفضائية في محاربة الإنس والجن من الأشرار والشريرات، وأتابع أخبار سلمان بن عبد العزيز وولده الحداثي "المعتوه"، ومسابقات دبي وابوظبي التي يفوز فيها الفلسطيني دائماً: يصيبني إحساس مثل الذي يلخصه مظفر النواب: "يا رب كفى".
4. أدخل محلات البقالة والسوبرماركت التي كتبت منذ بعض الوقت على أبوابها "خال من منتجات المستوطنات" باعتبار أن بقية "إسرائيل" شرعية مثلما تعلمون، فأجد البضائع من القُطر الجار بما في ذلك مستوطناته قد عادت لتملأ الرفوف. لا مقاطعة ولا ما يحزنون. عموماً النخب الثرية، نخب المال والسياسة لا تثق بالإنتاج المحلي، وتفضل السلعة "الإسرائيلية" الأجمل شكلاً، والأجود محتوى. على الأقل هذا ما يروّج في الثقافة المحلية.
5. أشاهد إنتاج الجامعات المحلية التي تسهم في البحث الكوني بما مقدراه صفر لا أكثر ولا أقل. أشاهد مختنقاً كيف أن خريجة الهندسة المعمارية تعرف اللغة العربية خيراً من خريج اللغة العربية، وتعرف الإنجليزية خيراً من خريجة اللغة الإنجليزية. أتذكر معادلة علمي/أدبي. وأتذكر أستاذ النحو الانجليزي في الجامعة الأردنية لويس مقطش وهو يدهشني وانا صغير بزعمه ان من يفهم الفيزياء يفهم النحو والعكس صحيح. تتخفى معادلة علمي/ ادبي وراء واقعة أليمة: هناك طالب شاطر يستطيع ان يحفظ المحتوى غيباً، هذا علمي، وهناك طالب "تيس" لا يستطيع حفظ شيء وهذا نسميه ادبي.
6. أشاهد الزراعة تتهاوى وحصتها من الميزانية لا تصل إلى واحد في المئة، وأشاهد أنوية الصناعة البسيطة تختفي، وأشاهد الاقتصاد "الوطني" كله يتحول إلى اقتصاد ريعي (يعتمد على الريع السياسي وعلى رضا سليمان والسيسي) مختزلاً في تمويل أجنبي سخي للسلطة ومنظمات المجتمع المدني. وأشاهد الفساد ينخر ذلك كله، أشاهد مدراء هنا وهناك يعيشون بمستوى علماء فيزياء في فرنسا وألمانيا، وأتأمل في طريقة توليد النخب الموالية لمستعمريها، وأبحث في المتاهة عن بصيص أمل.
7. أشاهد المواطن يتحول إلى وحش في مواجهة أخيه المواطن، يحملق في وجهه غاضباَ دون سبب. حتى الغزل الذي يفترض أن يكون تعبيراً عن الحب والعاطفة يتحول إلى فعل عنيف يتضمن النظرات الجارحة –خصوصاً من الرجال نحو النساء- وأحياناً يمتد ذلك ليشمل الضرب أو الاصطدام العنيف....الخ
8. أشاهد المواطن يمارس الاحتيال والغش من أجل أن "يعيش" ولا يوفر في سياق ذلك قريباً ولا بعيداً، وينكث بكل الأيْمان المغلّظة من أجل تحقيق أية منفعة مهما صغرت. ويتحدث صبيح صبيح عن مجتمع كامل من النصابين الذين يحميهم القانون أو يسهل مهمتهم أو يجعل ردعهم أمراً محالاً. أشاهد المواطن وهو يتملق الجندي على حاجز الاحتلال، وهو يتملق أي موظف نافذ في السلطة على أمل، فقط على أمل، أو خوفاً من الزمن. أتذكر النص القراني الكريم "يدعون ربهم خوفاً وطمعاً". ونحن نتزلف للنافذين خوفاً وطمعاً.
9. ينتابني الإحساس بأن منظومة كاملة تشمل السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة وبنية المجتمع قد ضُربت بقوة وأنها في حاجة إلى ثورة شاملة.
10.أهرب من أوجاعي إلى أخبار سوريا والمقاومة اللبنانية البطلة. أحاول أن ألتقط بصيصاً من نور يساعدني على رؤية شيء في حلكة هذا الديْجور، فأصطدم بألاف الحواجز والمصاعب التي يخلقها المستعمر وذيوله ووعي شعبي يتشكل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وفضائيات النفط. فلا يظل في جعبتي إلا كلام غرامشي التعسفي عن تفاؤل الإرادة على الرغم من تشاؤم الوعي. إنه زمن النفط في أسوأ لحظاته.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهية الثورة الممكنة في لبنان
- بين حزب الله الرجعي واليسار التقدمي
- فساد حزب الله
- حماس تضع بيضها في سلة اردوغان
- قراءة في الغزو التركي لشمال سوريا
- أمريكا وزمن الهبوط
- لماذا فشلت أنظمة الدفاع في حماية السعودية؟
- ما الذي يحدث في مصر الآن؟
- الصراع الإيراني/الأمريكي في الساحات العربية
- فضفضة في مسوغات الانتحار
- الفراغ والبحث عن العجائب
- المغرب يطلق العربية والعروبة
- دردشة في الفيتشية وفي سحر المطبوع
- أكذوبة القرن
- تفسير الظاهرة الكويتية
- صفقة القرن أو المحطة الأخيرة لأسلو
- النزام الدكتاتوري ومقتل مرسي
- صفقة القرن والخيارات الممكنة
- فلسطين قبل عشر سنوات
- ألمانيا والتفوق النووي الإسرائيلي


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - انتهينا من احتفالية وعد بلفور