أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابراهيم ابراش - السيبرانية السياسية :علم السياسة في زمن الثورة المعلوماتية















المزيد.....

السيبرانية السياسية :علم السياسة في زمن الثورة المعلوماتية


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 6395 - 2019 / 10 / 31 - 13:24
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لأن التطور سنة من سنن الحياة والكون ،فإن المعرفة والعلوم بكل تفرعاتها ومنها علم السياسة تتطور أيضاً .فالمعرفة السياسية عند المجتمعات القديمة كاليونانية والفرعونية والهندية الخ ليست هي معرفة عصر النهضة والثورة الصناعية ،والمعرفة السياسية في القرن العشرين التي تحولت إلى علم له مدارسه وقوانينه ومناهجه التحليلية ليست هي المعرفة السياسية وعلم السياسة في القرن الواحد والعشرين الذي شهد توسيعاً لتكنولوجيا المعلومات والثورة المعلوماتية .
إن قدرة علم السياسة على الانفتاح على العلوم والمجالات المعرفية الأخرى غير محدودة ،حيث لا يمكن للسياسة إلا أن تؤثر وتتأثر ليس فقط بالمجالات والعلوم الاجتماعية والإنسانية بل أيضاً بما يطرأ من تطورات علمية .ومن المعلوم أنه كلما تزايدت نقاط الالتقاء والتفاعل بين علم السياسة والمجالات المعرفية الأخرى وتراكمت المقاربات والنظريات بهذا الشأن كلما ظهرت الحاجة لفرع جديد لعلم السياسة .
مبكراً تفاعل علم السياسة مع الاقتصاد وظهر علم الاقتصاد السياسي ،ومع المجتمع وظهر علم الاجتماع السياسي ،ومع الجغرافيا فظهرت الجغرافيا السياسية أو الجيوبولتيك Geopolitics والجيوستراتيجي Geostrategy ،ومع القانون فظهر علم الاجتماع القانوني ،ومع الدين فظهر علم الاجتماع الديني ،ومع علم النفس فظهر علم النفس السياسي ،ومع البيئة ظهر علم البيئة السياسية Political ecology ،ومع تراكم المعرفة السياسية حول الانتخابات ظهر علم الانتخابات الخ ،وفي القرن الواحد والعشرين ومع الفضاء الالكتروني أو السيبراني مطلوب إعادة نظر لتجديد المرتكزات التقليدية لعلم السياسة وظهور تفرعات جديدة له .
التطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية لم تقتصر على مناحي الحياة المادية والعلوم الطبيعية بل تركت بصماتها على العلوم الاجتماعية بما فيها علم السياسة .فلم تترك الثورة المعلوماتية informational revolution مجالاً في حياة البشر إلا وأثرت فيه ايجاباً من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومة ومراكمتها وتحليلها بدقة أكبر،وإن كان تأثير هذه الثورة أكثر بروزاً في العلوم الحقة أو الطبيعية Natural science لأن الظواهر الطبيعية والمادية أكثر تطويعاً وتجاوباً من الأتمتة Automation والتكميم أو لغة الرياضيات Accuracy Quantification والتجاوب مع الفضاء السيبراني cybernation ،إلا أن العلوم الاجتماعية بما فيها علم السياسة تأثر وتفاعل مع الثورة المعلوماتية ولا يمكنه إلا أن يتأثر ،الأمر الذي حول علم السياسة من علم نظري واهن وضعيف إلى علم دقيق يستعمل لغة الرياضيات ومناهج التحليل اعتماداً على ما توفره الثورة المعلوماتية من كم هائل من قاعدة بيانات ومناهج تحليل علمية تستعمل لغة الإحصاء و الرياضيات وتتجاوز المكان والزمان وتستشرف المستقبل من خلال ما يتم مراكمته من معلومات وسهولة توصيلها .
وهكذا مع ثورة تكنولوجيا المعلومات ظهر فضاء جديد وهو الفضاء أو المجال السيبراني أو الالكتروني الرقمي الذي بدأ من الانترنت (الشبكة العنكبوتية) وما أحدثته من انقلاب في مختلف مناحي حياتنا بما فيها المجال السياسي والدولي من خلال ما أتاحه من قوة جديدة بيد الدول الأكثر قدرة على توظيفه وفي نفس الوقت من مخاطر غير مسبوقة نتيجة سهولة اختراق المجال والأمن القومي وخصوصيات الناس بأدوات خارج ما هو متعارف عليه في المفهوم التقليدي للسيادة ,
نظرا لقوة تأثير الانترنيت والفضاء السيبراني على مفهوم وواقع القوة والسيادة والأمن والحرب والإرهاب والجيوسياسة والاقتصاد والحريات الشخصية الخ اشتق المختصون في هذا المجال مصطلحات جديدة مثل الأمن السيبراني Cyber-Securityوالحرب السيبرانية الباردة Cyber Cold War أو سباق التسلح السيبراني Cyber arms race ،وقد لمس الجميع قوة تأثير هذا المجال في مجال التجسس بين الدول وفي مفهوم الحرب وأدواتها سواء الحروب العسكرية أو الاقتصادية أو النفسية وفي سباق التسلح ،ومن أحدث تأثيراتها التوترات الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين ،وبين الأولى وروسيا الاتحادية بخصوص التأثير على الانتخابات الأمريكية ، واستعمال المجال السيبراني في المواجهة بين أمريكا وإيران ،وفي الجدل الدائر بين أنظمة الحكم ومستعملي وسائط التواصل الاجتماعي وخصوصا أثناء الحراكات والثورات الشعبية،وسيكون تأثيرها ودورها حاسما في الحروب والمواجهات المستقبلية حيث من غير المستبعد أن تحل القنابل الالكترونية محل القنابل التقليدية والذرية .
القوة السيبرانية كما يعرفها جوزيف.س ناي Nye.S Joseph وهو أبرز المهتمين بالقوة السيبرانية هي : "القدرة على الحصول على النتائج المرجوة من خلال استخدام مصادر المعلومات المرتبطة بالفضاء السيبراني، أي أنها القدرة على استخدام الفضاء السيبراني لإيجاد مزايا للدولة ،والتأثير على الأحداث المتعلقة بالبيئات التشغيلية الأخرى وذلك عبر أدوات سيبرانية". وارتباطاً بذلك ظهر ما يسمى بالأمن السيبراني الذي أصبح جزءاً من الأمن القومي للدول .
هذه الثورة المعلوماتية والمجال السيبراني بما أتاحا من كم هائل من المعلومات والقدرة على توصيلها للجميع بسهولة واختراقهما للحدود والحواجز التي فرضتها السيادة التقليدية للدول حولا الشأن السياسي من شأن محلي منعزل عما يجري في العالم يقتصر على دراسة وتحليل النظريات من منظور تاريخي ومتقوقع على أيديولوجيات وبراديغمات محصنة بالمقدس أو بالجهل الخ حولاها إلى فضاء العولمة السياسية الخارقة للحدود ،هذه الأخيرة التي قربت بين المفاهيم والمصطلحات وساعدت على التوصل لنماذج لأنظمة الحكم المُثلى الملتزمة بمبدأ الحِكامة أو الحكم الرشيد Good Governance ووضعت تحت تصرف شعوب وحكام الدول النامية خلاصة تجارب وخبرات الدول المتقدمة في مجال النظم والحياة السياسية ،كما أحدثت تغييراً في مفهوم ومصادر الثقافة السياسية والتنشئة السياسية ،هذا ناهيك عن تغيير أدوات العمل السياسي الوطني من خلال استعمال نموذج الحكومة الالكترونية ودور وسائط التواصل الاجتماعي في نشر الوعي السياسي وفي التأثير في العملية الانتخابية الخ .
إن كل هذه التطورات التي تؤكد أن العالم نظام أو نسق يعتمد على التفاعلية والتبادلية بين مكوناته مع تزايد ملحوظ لقوة تأثير التكنولوجيا والثورة المعلوماتية على بقية أجزائه ،جسرت الهوة ما بين النظري والتطبيقي أو العملي في الشأن السياسي وأدخلت السياسة في العالم الافتراضي وجعلت فكرة الخيال السسيولوجي التي تحدث عنها تشارلز رايت ملز عام 1959 أقرب للواقع والملموس من خلال المجال الالكتروني أو السيبراني .
وضع الثورة المعلوماتية تحت تصرف الباحث والعالم السياسي إمكانيات هائلة للمفاضلة بين بدائل متعددة والقدرة على التواصل لأن السياسة ليست مؤسسات ونظريات فقط بل ومجال للتواصل مع الآخرين ،كما أعادت النظر في الابستمولوجيا Epistemology أو نظرية المعرفة وفي الاساليب البيداغوجية للتعليم ومناهج البحث وأدوات التحليل والقدرة على الوصول للمراجع والوثائق .
كل ذلك يتطلب ظهور علم سياسي جديد يعكس هذا التطور المعرفي ومخرجاته ويستوعبه ويوظفه بما يجعل علم السياسة أكثر قدرة على الإحاطة بالظواهر السياسية من خلال توظيفه لتكنولوجيا المعلومات ،ونقترح تسمية هذا العلم بـ (علم السياسة السيبراني) أو (السيبرانية السياسية) .
[email protected]



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة سسيوتاريخية للحراك الشعبي في لبنان
- الانتخابات وحدها لا تكفي
- الانتخابات الفلسطينية :الشعب يريدها والأحزاب تتهرب منها
- حول المسألة الانتخابية في فلسطين
- الوجه الآخر لتركيا
- ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس
- كيف ومن أين أتى محمد دحلان بأنصاره ومؤيديه ؟
- المثقفون الفلسطينيون بين اكراهات المكان وواجب الإنتماء ( ادو ...
- التضليل في مصطلح المشروع الاسلامي
- النخب السياسية الفلسطينية ما بين الجهل والتواطؤ
- قراءة تفكيكية لمصطلح (المقاومة) وعلاقته بالممارسة
- عندما تغيب مقاومة الاحتلال تحضر الفتنة
- اغتيال شعب وقضية بالفتنة والحرب الأهلية
- إدارة ترامب تفضح أوهام السلام الأمريكي وعجز إسرائيل
- الدين والوطن ملكية عامة لا يجوز خصخصتهما
- القانون لا يقل أهمية عن الدين
- منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح :ما لهما وما عليهما
- فلسطين قضية وطنية سياسية لا تحتاج لمشروع إسلامي
- عيد العرش في المغرب : تاريخه ورمزيته
- نعم لإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل ، ولكن


المزيد.....




- يوم -الجمعة 13-.. أضاعت ماسة خاتم خطوبتها في المطار ووجدتها ...
- بوتين يقول -أعتقد أن أوكرانيا كلها ملكنا- وكييف تتهمه بـ-ازد ...
- تفاصيل الاتفاق السوري التركي بشأن شمال حلب
- شاهد.. استقبال حاشد للنيجيري صادق بعد عودته إلى بلاده لقضاء ...
- 26 شهيدا بنيران الاحتلال في غزة والمعاناة الإنسانية تتفاقم
- الأمن السوري يعتقل وسيم الأسد في كمين
- سقطت الصخور فوق رؤوس المتنزهين.. فيديو يظهر لحظة انهيار جبلي ...
- انطلاق أسبوع الموضة الرجالي في ميلانو.. وهذه أبرز التوقعات
- تحليل جملة قالها ترامب عن سد النهضة وتأثيره على نهر النيل يش ...
- الأسد والشمس في واجهة حملة إسرائيل الرقمية ضد إيران


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابراهيم ابراش - السيبرانية السياسية :علم السياسة في زمن الثورة المعلوماتية