أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - رقصة الماء /قصة قصيرة














المزيد.....

رقصة الماء /قصة قصيرة


حسن كريم عاتي
روائي

(Hasan Kareem Ati)


الحوار المتمدن-العدد: 6382 - 2019 / 10 / 17 - 23:02
المحور: الادب والفن
    


لم يكن مصدر ماء الشرب غير كتل كونكريتية ، مثبت فيها انابيب ماء للاستخدام المتعدد والمشترك .تأتي الفتيات من البيوت كأسراب القطا .يكتلن الماء منها . فيكون وقت الفجر أفضل الاوقات ، لقوة تدفقه ، وقلة المكتالين منه . غير ان المدة ما بين الضحى وحتى المغيب تشهد تنازعهن على الدور ، وتنافسهن على الاسبقيات ، فيرتفع الضجيج من أصداء الاواني في محاولة أولى لتحقيق الخصومة . يليها ضجيج أصواتهن ، وتشابك أيديهن التي تترك الاواني في محلها ، لتتشبث في شعور الاخريات.
عراك قد ينجم عنه سقوط احداهن في بركة المياه الآسنة التي تحيط بكتلة الكونكريت . وقد ينجم عنه شق الثوب ، لتخرج كنوز الجسد عارية إلى هواء طلق ؛ ويؤدي إلى امتداد اوار العراك إلى رجال الحي . لتنتفض الشاكرية باجمعها بين مهاجم أو مدافع أو طالب صلح .
حين ينتهي اليوم بسلام ، يرجعن يترنحن تحت وطأة ثقل الاواني المنقولة من قرب معمل تصليح عربات السكك الحديد إلى بيوتهن البعيدة . وهو ما يبرر المشي بتثاقل وبايقاع يثير شهية الناظر . يتمنطقن بعباءاتهن على وسطهن بقطعة قماش ، يُترك الجزء العلوي منها ينسدل إلى اسفل ، مشكلة كتلة سوداء لماعة على العجيزة ، التي تبدو أكبر من حجمها المعتاد . وهو ما يمنح مشيتهن إيقاعاً خاصاً ، يجعل من كل خطوة ، حركة نافرة إلى خارج الجسد ، الذي يرتد بالخطوة التالية إلى الاتجاه المعاكس لها بالايقاع نفسه .
وبتناوب الايقاع تتعلق الابصار باجساد تتلظى تحت وقع الحاجة إلى الراحة ، والتوق إلى النشوة . وحين يسرعن في خطوهن تحكم اجسادهن ضرورة بقاء النصف العلوي ثابتاً حفاظاً على الماء المترعة به الاواني الموضوعة فوق رؤوسهن ، يفصل بينه وبين عظام الرأس (الوقاء) .فيترنح النصف الاسفل بايقاع آخر مختلف ، فتزداد سرعة الورك بقذف نفسه إلى خارج الجسد يميناً وشمالاً ، وتتحرك الساقان بالايقاع نفسه ، وكأنهن لا يحركن سوى الساقين والوركين في سباق مشي لا ينتهي الا عند بيوتهن ، فيدخلن الازقة ، وقد تبللت الاثواب من ماء ينساب من فوهات الاواني ، لينزل على الجباه المكتحلة والشفاه المصبوغة بلون (الديرم) . فينساب الكحل الرخيص من بين المآقي على الخدود . فينزل خطاً اسودَ . يُحاذرن على مسحه بأكمام اثوابهن . ينزل البلل إلى الصدور المزدانة بزهرات كبيرات رُسمت على قماش الثوب الذي يتعمدن أن يكون ضيقاً عند هذه المنطقة . فيشترك الماء باظهار مفاتن الجسد الذي يضج له الناظر من شباب الشاكرية ؛ عجباً وتأوهاً . فينساب إلى منطقة البطن ، ليتوقف عند حزام وسطهن . فيشارك الجسد رغبة البوح بمفاتنه.
بصمت الشفاه ، ولغة العيون ، وعض الشفة السفلى ، وحركة الرأس المتباطئة إلى يمين وشمال ، واطلاق حسرة تطول حتى انتهاء حركة الرأس . يتغنى بعض منهم ، بانشاد معروف ، وبقصد معروف ايضاً ، مظهراً براءة الغناء :
_ (( لعنه على الوداج للمي تترسين...)).
تلتفت احداهن وبانفعال واضح تجيب بغضب:
_ ((لعنه على امك وابوك...)).
وقبل ان تكمل شتائمها ، ينسل الفتيان خجلاً من المكان ، في حركة أقرب إلى الهرب ، في انتظار جولة جديدة من ذهاب واياب إلى الماء.



#حسن_كريم_عاتي (هاشتاغ)       Hasan_Kareem_Ati#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوكب الهوى / ميلاد مدينة
- الحماية الدولية لأموال العراق المهربة والمجمدة وفقاً لقرارات ...
- ابواب/ قصة قصيرة
- (الشهداء الخونة)
- كارثة تهريب اموال العراق
- ورق النعناع/ قصة قصيرة
- تبادل الادوار تبدل الدلالات في مسرحية (الخاتم) لمحيي الدين ز ...
- قصة قصيرة قماشة الجنفاص
- سارسم موتي على ثوبها
- النزاهة مؤسسة وقضية
- قصة قصيرة/ (م...)
- وثيقة مشروع شرف دفاعية عن حق المثقف العراقي
- حماية حق المؤلف في القانون العراقي...الجزء الاول
- قانون حماية حق المؤلف العراقي...الجزء الثاني
- حماية حق المؤلف العراقي ....الجزء الثالث
- الموروث المعماري العراقي في خطر
- المواطنة بين الدولة والحكومة
- هناك من يستذكر للملك
- أثر مناهج التعليم في المدارس العراقية على ثقافة المتعلم
- كرة صوف في خوذة


المزيد.....




- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - رقصة الماء /قصة قصيرة