آليات حماية المنافسة فى التجارة الخارجية

احمد حسن عمر
(Dr.ahmed Hassan Omar)

الحوار المتمدن-العدد: 6382 - 2019 / 10 / 17 - 11:02
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

في خضم المعترك التنافسي قد ترتكب سلوكات غير مشروعة يرمي من ورائها رجال اعمال نحو إقصاء عدد من المنافسين في السوق ، أو منع دخول منافسين جدد، ومن الناحية التاريخية تميزت المرحلة التي بدأت مع نشوء الرأسمالية وانتهت في أواخر القرن 19 بسيادة المنافسة الحرة في الاقتصاد الرأسمالي، وعلى عتبة الانتقال من القرن19 إلى القرن20 حدثت تغيرات نوعية هامة في أسلوب الإنتاج الرأسمالي عندما ظهرت الرأسمالية الاحتكارية لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرة الالقتصاد الرأسمالي.

وترتبط المنافسة مع النشاط الإنساني بوجه عام ، والنشاط التجاري بوجه خاص، وتعد المنافسة المحرك الفعلى للحريات الإقتصادية للألفراد والجماعات ، كما تكون بين التجار والمنتجين في مجال التجارة والصناعة، كما تكون أيضا بين المنظمات الالقتصادية وبين الدول. ويمنح مبدأ حرية المنافسة الحق لكل تاجر في استعمال كل الوسائل المتاحة والمشروعة، والتي يراها مناسبة لجذب العملاء, والتي تساعده على تجاوز منافسيه وتتماشى مع نظام الاقتصادي العالمى.
وبالرغم من انعكاس التجارة الدولية بالإيجاب على اقتصاديات الدول ، حيث وفرت المستلزمات وسدت فجوة النقص التي تعاني منها, إالا ان الساحة الاقتصادية شهدت ممارسات غير مشروعة وذات بعد احتكاري تهدد االاستقرار الاقتصادي للدول خاصة الدول النامية، وذلك باحتواء التجارة الدولية وتعطيل حافز الإبداع والتطوير لدى المنظمات والشركات المنتجة بسبب تنامي الممارسات الضارة بالمنافسة والتي تستهدف الإضرار بحقوق ومصالح رجال الأعمال العاملين فى مجال التجارة والصناعة في شتى أنحاء العالم.
لذلك عملت الدول المتقدمة على حماية حقوقها الفكرية والإبداعية ومنع كل ما يحول دون تجارتها عالميا، فهذه الحماية القانونية تحقق لها مكاسب كبيرة ، وذلك يمنح للأقوى فنيا وتكنولوجيا السيطرة على الألسواق وترويج منتجاته وفق قواعد منظمة التجارة العالمية.
وتعرف المنافسة بمدى قدرة الدولة أو المنظمة الإقتصادية على زيادة حصصها في الألسواق المحلية والعالمية من خالل القدرة على الإنتاج للسلع والخدمات التي تواجه اختبار المنافسة الخارجية، في الوقت الذي تحافظ فيه على توسيع الدخل المحلي الحقيقي، وتتمثل عوامل ظهور التنافسية في التجارة الدولية من خلال ظهور الشركات المتعددة الجنسيات والتكتلات الاقتصادية وقيام منظمات دولية متخصصة تعنى بشؤون التجارة.
وهناك فرق بين المنافسة والتنافسية ، فالتنافسية تعبر عن الأداء المتميز للمنظمات والمؤسسات من خلال السياسات التجارية المنتهجة أو الخطط الاقتصادية المرسومة ، في حين أن المنافسة تشكل الإطار العام الذي يشمل كافة عناصر السوق.
ويهدف قانون المنافسة إلى حماية المتنافسين بعضهم من بعض من خلال حظر الممارسات التي من شأنها أن تقيد المنافسة أو الأخذ بأساليب الممارسات التقييدية، بما يهدم السوق ويجعل الفضاء الإقتصادي مساحة للتصارع والتصادم بدل الإبداع والتجديد.
وعليه فقانون المنافسة يعمل على التنظيم الاقتصادي من خلال مجموعة القوانين والأنشطة لهيئات معينة في آلية الأسواق بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق التأثير على العرض والطلب والمنافسة.
اهتم القانون الأمريكي بموضوع االاحتكار فى القرن الثامن عشر،سعيا من أجل ضبط السوق ودحر الممارسات غير التنافسية الناجمة عن مؤسسات قائمة تسعى إلى ضرب استقرار السوق من خلال الأخذ بأساليب الفعل الإحتكاري ، فكان قانون شارمان الصادر سنة 1890 أول خطوة أمريكية في الإتجاه الصحيح نحو وضع حدود للممارسات التجارية التي يتذرع فيها التجار بمبدأ الحرية في المنافسة لأجل استعمالها لأغراض غير مشروعة وأهمها الإحتكار.
وعملت الحكومة الأمريكية على إنشاء جهاز إداري يحمي الشركات من ظاهرة االاحتكار عن طريق ضبط الألسعار وتوزيع القوى التجارية بشكل متوازن في السوق وكانت العقوبة التي يقررها جهاز حماية المنافسة غرامة أقصاها 50ألف دولار ، وقد لاقت هذه الإجراءات التشريعية استحسانا من قبل الكونغرس وتمت الموافقة بالإلجماع على قانون شارمان الهادف إلى ضبط أداء السوق.
كما أقر قانون الاتحاد الأوروبي بحرية المنافسة التجارية، بما يساهم في تحقيق التنمية والرخاء للمجتمع ويحقق االإستقرار الداخلي لدول الاتحاد الأوروبي ومجابهة المنافسة الخارجية ذات الأدوات المتعددة في استخدام الممارسات الاحتكارية، التي أضحت تمثل تهديدا لإيرادات الدول الأوروبية من تجارتها الخارجية بحكم تنامي مظاهر التقليد وممارسات الإغراق والتمييز السعري وغيرها من أعمال المنافسة الضارة في بيئة الأعمال الدولية، خصوصا مع غياب آليات التدخل الفاعلة.

#احمد_حسن_عمر (هاشتاغ)       Dr.ahmed_Hassan_Omar#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل