أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل محمد العذري - عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ الدينِ ،هل هُو أفيون الشُعوب؟















المزيد.....

عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ الدينِ ،هل هُو أفيون الشُعوب؟


عادل محمد العذري

الحوار المتمدن-العدد: 6376 - 2019 / 10 / 11 - 09:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نستمع لقول الفيلسوف والاقتصادي الألماني كار ماركس (إن الإنسان يصنع الدين، وليس الدين هو الذي يصنع الإنسان. يقينا أن الدين هو وعي الذات والشعور بالذات لدى الإنسان الذي لم يجد بعد ذاته، أو الذي فقدها. لكن الإنسان ليس كائنا مجردا جاثما في مكان ما خارج العالم. الإنسان هو عالم الإنسان، الدولة، المجتمع. وهذه الدولة وهذا المجتمع ينتجان الدين، الوعي المقلوب للعالم، لأنهما بالذات عالم مقلوب. الدين هو النظرية العامة لهذا العالم، خلاصته الموسوعية، منطقه في صيغته الشعبية، موضع اعتزازه الروحي، حماسته، تكريسه الأخلاقي، تكملته الاحتفالية، عزاؤه وتبريره الشاملان. إنه التحقيق الوهمي للكائن الإنساني، لأن الكائن الإنساني لا يملك واقعا حقيقيا. إذن فالصراع ضد الدين هو بصورة غير مباشرة صراع ضد العالم الذي يؤلف الدين نكهته الروحية. إن التعاسة الدينية هي، في شطر منها، تعبير عن التعاسة الواقعية، وهي من جهة أخرى احتجاج على التعاسة الواقعية. الدين زفرة الإنسان المسحوق، روح عالم لا قلب له، كما أنه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح. إنه أفيون الشعب.إن إلغاء الدين، من حيث هو سعادة وهمية للشعب، هو ما يتطلبه صنع سعادته الفعلية. إن تطلب تخلي الشعب عن الوهم حول وضعه هو تطلب التخلي عن وضع بحاجة إلى وهم. فنقد الدين هو بداية نقد وادي الدموع الذي يؤلف الدين هالته العليا) 1. قبل أن نحكم على ماركس، كما تم الحكم عليه سابقاً، في موقفهِ من الدين ووصفهِ بالإلحاد. سنجرد أنفسنا من أي إطار فكري، لِنتسأل هل صدق ماركس أما كان كاذباً في مقالته السابقة؟ في واقع الامر، لو قلنا إن مقالة ماركس، تمثل حالة من الاعتقاد الذهني والنفسي اتجاه الدين. فهل تعد موضعاً مناسباً للاتصاف بخاصيتي الصدق والكذب؟ في لغة المنطق حالة الاعتقاد الذهني، شأنها كشأن أية حالة ذهنية ونفسية، يعبر عنها الفرد كالفرح والحزن والاكتئاب والقلق وغير ذلك، ولكونها كذلك، لا يتسنى لنا الحكم عليها. مالم يتم الاستعاضة عنها، بصدق الاعتقاد في حالة تطابقه مع الحقائق أو الواقع-هذا ما تقرره نظرية التطابق في الحق- تنص النظرية على ( أن الاعتقاد يكون حقاً إذا وفقط إذا كان تطابق محتواه مع ما يشير إليه من وقائع)2. وهي وجهة نظر، أيدَّها كل من الفيلسوفين رسل ومور مع بداية القرن العشرين.
)Narrowly speaking, the correspondence theory of truth is the view that truth is correspondence to,´-or-with, a fact—a view that was advocated by Russell and Moore early in the 20th century.)3
في سياق مفهوم لفظة التطابق يقول الحصادي (بأنه في حال صدق المعتقد (أو الفكرة أو القضية ) تكون في حوزتنا صورة للواقع، وأن ما يجعل المعتقد صائباً هو ان تلك الصورة " تشبه" أو" تحاكي" الواقع الذي تصوره .غير أن المعتقدات- بطبيعتيها- لا تشبه ولا تحاكي الواقع بأي حال)4. ممّا يثير ضرب من الغموض حول مفهوم التطابق وعلاقتهِ بمفهوم الحق، ويدلل على ذلك، بنوع من القضايا، ذات الصلة بعلوم الرياضيات والمنطق. لِنعد مجدداً لتحليل نص ماركس عن الدين. وقبل ذلك نُهيب بالقارئ العودة لمفهوم الدين، في مقال سابق كيف أرى في سبيل الله، بعين سبيل الفلسفة. وسوف نقدم صورة ذهنية رياضية لذلك تقرب وتثبت وحدانية الدين والسبيل إلى الله. في الهندسة عند تمثيل نقطتين في المستوى الديكارتي، لا توجد إلاّ طريقة وحيدة فقط لرسم خط مستقيم وحيد يمر بهما، هذا المفهوم يصور لنا الطريق المستقيم أو الصراط المستقيم بين الإنسان والإله، فلا يوجد تعدد في الصراط المستقيم أو الخط مستقيم الذي يصل بين الإنسان والإله. وذاك هو الدين المعرف من الله للإنسان، وليس الدين المقدم من الإنسان إلى الإنسان نفسه. هُنا يصدق ماركس في قوله (إن الإنسان يصنع الدين، وليس الدين هو الذي يصنع الإنسان)، فعندما يكون الإنسان صانع للدين، من خلال إنتاجه في المعابد والكنائس والمساجد، بما يخدم مصالح جماعة معينة، وليس كما أراده الله طريقاً للوصول إليه، يكون أكثر وبالاً على الإنسانية وعلى الإنسان نفسه. والتاريخ بِمجملهِ شواهد عل تسخير الإنسان للدين وليس العكس، إلاّ في فترات وجيزة. فالدين لا يخاطب الجانب المادي في الإنسان، بقدر ما يخاطب الجانب الروحي مِنه. لكن عندما يتقبل الإنسان الدين من الله للوصول إليه عندئذ يصنع الدين الإنسان، وندخل عبارة النفي على قول ماركس وليس الدين هو الذي يصنع الإنسان. لتصبح الدين هو الذي يصنع الإنسان. ثم يحدثنا ماركس عن الإنسان ككائن ليس مجرداً، وإنما يؤثر عليه ويتحكم به المحيط الذي يحيط به، وهو الدولة والمجتمع ذينك العاملين، الذين ينتجان الدين للإنسان ويمارسان السلطة عليه، ويشكلان الوعي المقلوب للعالم – أو كما نراه الوعي الديني المقلوب للإنسان ذات الصلة بالدين – ويصدق ماركس في مقولته بالنظرة البرجماتية للدولة والتي تشكل الوعي الديني للمجتمع، وتصيغ توجهاته وفقاً لمنافعها السلطوية، وتسهم بالمبررات الدينية ، فتعمل على توظيف الدين وترتدي لِباسهِ، كما يعكسُ الواقع التاريخي للدين وعلاقته بالدولة. فيتولد عنها واقعاً وهمياً للكائن الإنساني غير حقيقاً، تتولد عنه التعاسة الواقعية، ويصبح الدين زفرة الإنسان المسحوق والمقهور اجتماعيا، لعالم (الدولة والسلطة) روح عالم لا قلب له، ويغدو رهين الظروف الاجتماعية التي أفرزته، وطردت الروح الحقيقية منه، ليصبح أفيون للشعب، يبعده عن حريته الحقيقية، ويعمل على كبح جماحه للتخلص من نيران العبودية، والبحث عن كرامته، وممارسة حقه في ثروته وسلطته، وتقرير مصيره. ذاك الدين الذي يقدمه العالم (الدولة والسلطة) دين وهم لا تتحقق معه سعادة الشعب – يجب التخلص منه أو إلغاءه كم يذكر ماركس-وعليه تبدئ رحلة نقده بوادي الدموع الذي يؤلف الدين هالته العليا كما يصنعه عالم الدولة والسلطة. أما دين الله فلقد جاء من أجل تحرير ذلك الإنسان والمجتمع من حالة الاستعباد والقهر الذي يمارس عليه بعد اصطفاء أنبياء رسل من البشر لتلك المهمة، فكأنت مهمة الرسول تتجسد في تقديم شريعة، لقومِ كافرين بوجود ذلك الإله أو نبيّ بعث لِقومِ مؤمنين بشريعة رسول أٌرسل من قبله، ليحكم بينهم بالعدل، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويعمل على تكميل تلك الشريعة، بما يتناسب مع ظروف الزمان والمكان والقوم. ويصحح الانحراف بها. من قبل من يدعون انهم القائمين على تنفيذ وتطبيق شريعة الرب. كما يُدَّلل التاريخ مع ظهور الدين في كل مرحلة. ولنضرب بعض الاّمثلة التاريخية على ذلك. نموذج أول، إبراهيم (ع) كان يمثل أرادة الله، ودين الله لتحرير المجتمع المُستعبد والمظلوم بدين الدولة والسلطة بإله الأرض بشخص النمرود وحاكمها وكهنة معابد الدين السلطوي، التي عملت على خلق الواقع الاجتماعي لذلك المجتمع المقهور. نموذج ثاني عبودية الشعب الإسرائيلي وممارسة فرعون الفساد والظلم بحقهم ذبح المواليد منهم خشية أن تحقق رؤية زوال مُلكه على مولود يُولد منهم، كما أخبروه الكهنة. فكان فرعون يمثل الدولة والسلطة الظالمة، ودين الدولة والسلطة والمجتمع الإسرائيلي ذلك المجتمع المقهور آنذاك، وموسى (ع)نبيّ الله ومحررهم بالتوراة رسالة الله إليهم. نموذج ثالث، يأتي عيسى (ع) ليصحح الانحراف الذي ينتجه الإنسان في رسالة الله، ممن يعملون على خدمتها في المعابد، وتوظيفها لغير مقاصدها، ليتم استغلال المجتمع ويتحالفون، مع سلطة روما بحجة الحفاظ على بلاط القيصر، ويرفضون الإيمان برسالة الله الإنجيل. خشية أن يفقد كهنة المعابد منافعهم ومصالحهم، تحت مبرر الدعوة الجديدة للناًصري في أورشليم. نموذج رابع، تختم به صلة السماء مع الأرض، مع محمد (ص) ورسالة الله (القرآن) لم يؤمن برسالته، في بادي الأمر، إلاّ أولئك المستضعفين من الناس، والعبيد عند اسيادهم، لِما وجدوه في ذلك الدين، من تحرير لهم ولكرامتهم الإنسانية، ومساوة لهم بغيرهم دون تميز اجتماعيا، وليس أولئك الذين يمثلون القوة الاقتصادية والتي ترى في الدين تجارة وعباده لهم. لتستقر معالم المجتمع الجديد، تحت المضلة الاجتماعية الواحدة ورابطة الإخاء المشترك تحت تأثير العامل الديني، بدل عن العصبيات القبلية القائمة، وما ان يغادر ذلك النبيّ الحياة الدنيا، بدء صراع على الحكم والسلطة، تحت مبرر العصبية القبلية والحق في الحكم، أخذ اتجاه معين في الصراع ،خمدت نيرانه لبعض الزمن ،ثم تصاعدت وتيرة الصراع بعد ذلك، كانت الدولة والسلطة توظف الدين كما يحلو لها في تبريرها لممارسة الحكم، ترتكب معه الدولة وسلطتها سفك الدماء ،وكل المظالم لمن يخالفونها ،حتى يومنا هذا ،ليكن صدق الحديث أن الدولة هي من تصنع الدين ،وتتطوع الواقع الاجتماعي له. وكل ذلك كان بعيداً عن الصراط المستقيم عن دين الله كما أراده أن يكون يصنع الدولة والمجتمع. تناقض الواقع مع يدعو له الدين من قيم إنسانية ولدَّت ردة الفعل تلك، عبر التاريخ بين صدق المفهوم، والحكم عليه بنظرية التطابق مع الواقع الذي يعكسه. فمن خلال الاستقراء لواقع العالم اليوم. قد يثار سؤال كبير يؤرق الإنسان ويعصف به عن ماهية النظام الذي يصلح للإنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية؟ فيعمل على تنظيم أفراد الإنسانية وتوجيهم، بروابط العلاقة والروابط المشتركة بينهم ليتحقق الانسجام والمصالح المشتركة، في واقعهم الإنساني فيتحقق الاستقرار والسلم والسعادة لذلك المجتمع الإنساني. ويتخلص من مظاهر المظالم والماسي التي يعج بها. ويسبح بشكل مستمر ودائم ببحور الدموع التي يذرفها نتيجة الانحراف والشذوذ عن الصراط المستقيم. فهل يكون ذلك بالعودة لدين الله كما ورد في كل الشرائع السابقة والبحث عن القيم المشتركة التي تتفق مع كل الكرامة الإنسانية؟ أما بالابتعاد عن كل دين تنتجهُ الدولة السلطة والمجتمع في كل زمان وعصر!

المصادر:
1).https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%81%D9%8A%D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%88%D8%A8.

2) تقريض المنطق نجيب الحصادي ،منشورات جامعة قاريونس، بنغازي، الطبعة الأولي(1995).
3) https://plato.stanford.edu/entries/truth-correspondence/




#عادل_محمد_العذري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان هو جوهر الله في الكون المادي (ح 1-3)
- الإنسان هو جوهر الله في الكون المادي(ح2)
- الإنسان هو جوهر الله في الكون المادي(ح1)
- هل تكون أحداث عدن العبور لتقسيم اليمن؟
- ضرورات إسلامية وليست حقوق آنية
- في حدود الحرية المتاحة نقول كلمتنا لتطبق الحد الأدنى من العد ...
- الإسلام والإعلان العالمي لحقوق الأنسان.
- اليمن بين منزلة شرعية من لا يتفقون ومنزلة الولاية.
- جُمهوريات الوطن العربي بين واقع اليوم وأحلام الغد .
- غياب الدور الجماهيري عن ممارسة السلطة يجسد طغيان الحاكم السي ...
- في سبيل فكر إنساني يخلصنا من الطغيان المتجدد
- تساؤلات مشروعة عن الأحداث تبحث عن إجابات بين منطق العلم وتفس ...
- كيف أرى في سبيل الله بعين سبيل الفلسفة؟


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل محمد العذري - عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ الدينِ ،هل هُو أفيون الشُعوب؟