أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - هل يجوز الاستثمار في المقابر؟ تعليق في ضوء القانون والشريعة والقيم الاجتماعية















المزيد.....

هل يجوز الاستثمار في المقابر؟ تعليق في ضوء القانون والشريعة والقيم الاجتماعية


سالم روضان الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 6353 - 2019 / 9 / 17 - 21:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


عندما كتبت قبل أيام عن سياسة الحكومات وأثرها على القيم الاجتماعية تبادر إلى ذهني أن ابحث عن آثار ايجابية لتلك السياسات، لكن الحكومات لم تمنحني فترة من الزمن لتحقيق الغرض، لأنها عرضت مثالاً عن كيفية التأثير على تلك القيم عبر سياستها التي تتبعها، حيث اطلعت في وسائل الإعلام على كتاب صادر من محافظ إحدى المحافظات غير المنتظمة بإقليم موجه إلى مجلس النواب يستعطفه ويحثه على دعم طلب إحدى الشركات والضغط على هيئة الاستثمار لمنح إجازة استثمار في مقبرة لدفن الموتى من المسلمين، كذلك كتاب هيئة الاستثمار في تلك المحافظة الموجه إلى إدارة الوقف للموافقة على المشروع الاستثماري، ولغرض الوقوف على قانونية المشروع ومدى مطابقته للقواعد القانونية النافذة ثم الوصول إلى معرفة تأثير ذلك القرار بإيجاد هكذا مشروع على قيم المجتمع العراقي. سأعرض له على وفق الآتي :
1. إن المقترح اعتبر ذلك الامر مشروع استثماري وسعى إلى شموله بقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل، وفي هذا القانون ورد تعريف لكلمة المشروع حيث جاء في الفقرة (ز) من المادة (1) من قانون الاستثمار النافذ الآتي (المشروع : النشاط الاقتصادي المشمول بأحكام هذا القانون) وفي هذا التعريف القانوني أن يكون نشاط اقتصادي بينما الأسباب التي ساقها أصحاب المقترح بأنها نشاطات اجتماعية وفي بعضها اقتصادية وحضارية، ويذكر ان دفن الموتى هو التزام شرعي ديني وأخلاقي يقوم به ولي الأمر على وفق ما أشار إليه فقهاء المسلمين لأنها من المنافع العامة التي تدخل في واجبات الدولة في العصر الحديث وهذا يخرجها من الإطار الاقتصادي لان النشاط الاقتصادي كما يعرفه أهل الاختصاص بأنه المجهود الذي يبذله الفرد لإشباع حاجاته أو من أجل الحصول على الأموال والسلع والخدمات كما يعبر البعض عن مفهوم النشاط الاقتصادي بأنه مجموعة من الأفعال و المبادرات التي يأخذها الفرد أو المجتمع في الميدان الاقتصادي أي فيما يخص(الإنتاج، المبادلة، التوزيع و الاستهلاك) لذلك فان المشروع الاستثماري لابد وان يكون ذو نشاط اقتصادي ويتوفر على عناصره الأساسية التي أشرت إليها سلفاً (الإنتاج، المبادلة، التوزيع و الاستهلاك) فضلاً عن ذلك لابد وان يكون هذا المشروع الاقتصادي فيه توظيف للمال من اجل تحقيق أرباح تخضع للضرائب والرقابة وغيرها وتدخل في مفهوم الدخل القومي والناتج المحلي وهذا ما أشار إليه قانون الاستثمار عند تعريفه للاستثمار حيث جاء في الفقرة (ن) من المادة (1) من قانون الاستثمار الآتي (هو توظيف المال في أي نشاط أو مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد) والسؤال الذي ينهض هل وجود مقبرة يتم فيها دفن الموتى يعتبر مشروع اقتصادي ويدر أرباح على مجلس وإدارة المحافظة على وفق التعريف أعلاه؟ وهو في أصله التزام شرعي يقع على عاتق الحكومة المحلية في تلك المحافظة بتوفير أماكن لدفن الموتى فضلاً عن التزامها القانوني بموجب قانون إدارة البلديات رقم 165 لسنة 1964 المعدل حيث اعتبر من واجبات الإدارة المحلية هو توفير وتخصيص المقابر وعلى وفق ما جاء في البند (ب) من الفقرة (2) من المادة (43) من قانون إدارة البلديات رقم 164 لسنة 1965 المعدل حيث اعتبر مجلس وإدارة المحافظة ملزم بالقيام بالمهام والوظائف الآتي (تعيين الأراضي للمقاصد العامة على اختلاف أنواعها بما في ذلك الشوارع والحدائق والمدارس والمستشفيات والمؤسسات الصحية الأخرى والمخافر ودوائر البريد والمصارف والساحات الرياضية والمسابح والأسواق والمجازر والحمامات والمغاسل والمكتبات والمتاحف ومطافئ الحريق وأماكن العبادة والمقابر) وهذا الواجب القانوني على إدارة المحافظة يشير إلى أن أراضي المقابر هي من الأمور التي تعين للمقاصد العامة وتخرج عن نطاقها التجاري أو الاقتصادي الخاضع لمعايير السوق والربح والخسارة لان مفهوم المقاصد العامة هو المنفعة العامة ويراها البعض بأنها أمر يختص به المجتمع ويستهلكه بشكل جماعي وليس بالضرورة من جانب مستهلك فردي، كما يتم تمويل المنفعة العامة من قبل الإيرادات الضريبية، ويجب أن يتم استهلاك المنفعة العامة دون تقليل من توافر المنفعة للآخرين، ولا يمكن حجبها عن الذين لا يدفعون ثمنها بشكل مباشر، تعتبر جميع المنافع العامة تقريبا منافع غير تنافسية وغير قابلة للإلغاء، وهذا يحول دون جعلها من بين مفردات النشاط الاقتصادي الخاضع للاستثمار وإنها تخرج عن نطاق قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل لان القانون وفي الأهداف التي أعلنها في صلب المادة (2) من القانون أعلاه بأنه يهدف إلى تشجيع الاستثمارات ونقل التقنيات الحديثة للإسهام في عملية تنمية العراق وتطويره وتوسيع قاعدته الإنتاجية والخدمية وتنويعها، فضلاً عن ذلك فان ادارة المحافظة سواءممثلة بالمحافظ او مجلس المحافظة ملزم بالعناية بالمقابر وتسويرها وإدامتها وتشجيرها او بتخصيص مقابر أخرى وهذا من واجباته الواردة في الفقرة (1) من المادة (4) من نظام المقابر رقم 18 لسنة 1935 المعدل النافذ وعلى وفق النص الآتي (وظائف اللجنة هي العناية بالمقابر وتسويرها وتشجيرها تدريجا ومنع الدفن في المقابر التي تقرر السلطة الصحية ‏بمصادقة اكبر موظف اداري محلي عدم السماح بالدفن فيها لقربها من العمران او لتقرب العمران منها او لاي سبب ‏معقول اخر على ان تخبر مديرية الأوقاف العامة بذلك والاهتمام بتنظيم المقابر وترتيب طرقاتها وتاسيس المقابر ‏الجديدة)
2. كان على المحافظ او مجلس المحافظة ان يكلف ديوان الوقف الخاص بالطائفة التي تدفن موتاها في تلك المحافظة بتأسيس مقابر خاصة بها وتديرها لان ذلك من واجباتها الشرعية والقانونية وعلى وفق ما ورد في الفقة (1) من المادة (4) من نظام المقابر رقم 18 لسنة 1935 المعدل وعلى وفق النص الآتي (ولمديرية الأوقاف العامة تأسيس مقابر خاصة بها تكون هي وحدها المسؤولة عن تنظيمها وإدارتها وصيانتها مباشرة)
3. ان مجرد نخصيص قطعة ارض لدفن الموتى تصبح هذه الأرض وقف عام وتخرج عن ملكية الدولة أو الإدارة المحلية وهذا موقف جميع فقهاء المسلمين ومنهم محمد حسن الجواهري النجفي حيث يقول بان الأوقاف على الجهات والمصالح العامة وهي التي لا يملكها احد وليس لفئة او طبقة معينة وإنما عامة مثل المساجد المشاهد العتبات المقدسة والمزارات والمقابر ونحوها على وفق ما جاء في كتابه الموسوم جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ـ دار إحياء التراث العربي ـ الطبعة السابعة بيروت عام 1981 ـ جزء 28 ـ ص 70) وكذلك آية الله العظمى السيد علي السيستاني في كتابه الموسوم (الفتاوى الميسرة ـ الطبعة الثالثة لعام 1977) ومحمد جواد مغنية في كتابه الموسوم (فقه الإمام جعفر الصادق عرض واستدلال ـ منشورات مؤسسة انصاريان) كذلك ما جاء في قرار الهيئة الموسعة في محكمة التمييز الاتحادية العدد /الهيأة المدنية الموسعة/2011 في 22/2/2012 الذي جاء فيه الآتي (وترى هذه المحكمة إن المقابر تعد من الأوقاف الخيرية وهي تابعة للأحكام الشرعية بمجرد دفن رفات واحدة فيها سواء صدرت حجة وقفية بذلك ام لم تصدر) وهذا الوصف المتعلق بجعل المقابر من الأوقاف يمنع المحافظ او مجلس المحافظة من إدارتها او استثمارها لأنها تخضع لقواعد إدارة الوقف وعلى وفق قواعد نظام المزايدات والمناقصات الخاصة بالأوقاف رقم 45 لسنة 1969 المعدل، وفي هذا النظام قواعد خاصة ناشئة عن خصوصية أموال الوقف وبذلك فان إدارة المحافظة بمحافظها ومجلسها لا يملك صلاحية تأجير او استثمار المقبرة إن تم تخصيصها أو القائمة حاليا لأنها وقف خيري عام لا يجوز التصرف فيه.
إن هذا الاتجاه من الحكومة المحلية الذي هو جزء من سياستها العامة التي تتفق ونهج السياسة العامة للحكومة الاتحادية، الذي سوف ينعكس على قيمنا الاجتماعية لأنه يتعامل مع حرمة موتانا بأسلوب تجاري مع إن الشريعة قد أضفت على الموتى حرمة وقدسية لا يجوز تجاوزها مثلما عاقب عليها القانون عندما جعل المساس بحرمة الموتى جريمة على وفق احكام المواد ( 373 ـ 375) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل وبذلك فان تطبيق هذه السياسة عبر هذا المقترح سوف ينعكس سلبا على تلك القيم الاجتماعية والأخلاقية لان المستثمر سوف يفرض مبالغ مرتفعة لربما تصل الى الملايين من الدنانير والغالبية قد لا يملكونها فهل تترك جنائزنا في الشوارع أم تترك في ثلاجات الطب العدلي وقد يكون ذلك سبب في تذمر الأولاد من جنائز أبائهم او ذويهم لأنها تثقل كاهلهم في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطن العراقي في الوقت الحاضر كما يجعل من الموت تجارة يستثمر فيها الموسر على حساب الفقير فيؤثر على عقائدنا بقدسية الموت وكونه الواعظ الكافي والكاف عن كل موعظة أخرى ( وكفى بالموت واعظا) وأنا لغتنم الفرصة لاذكر السادة القائمين على إدارة تلك المحافظة من أصحاب المقترح أن يتعظوا من الموت قبل إن يجعلوه تجارتهم في الدنيا التي ستخسرهم تجارة الآخرة وتبعدهم عن رضا الله.



#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرق الطعن بعدم دستورية القوانين أمام المحكمة الاتحادية العلي ...
- معاناة استحصال الزوجة لنفقتها مع وجود الحلول القانونية
- القانون هل يمثل وجهة نظر من اقترحه أم من شرعه؟
- مفهوم المدد في الدستور العراقي والآثار المترتبة عنها في ضوء ...
- من هي الجهة المختصة بمحاسبة المتولي على الوقف الذري ؟
- التقادم في الدعوى الدستورية
- قواعد المرافعات في الدعوى الدستورية قراءة في كتاب شرح قانون ...
- مفهوم عبارة (الشك) في القانون المدني وفي قانون الإثبات
- ختلاف المركز القانوني بين النائب في مجلس النواب والمرشح الفا ...
- القيمة الدستورية لقانون النشيد الوطني
- هل يثق الدستور بالسلطة التشريعية؟
- معيار الجودة في العمل القضائي
- الاستهداف السياسي للسلطة القضائية
- دور المحكمة الاتحادية العليا في حماية استقلال القضاء تعليق ف ...
- من تراث القضاء الدستوري في العراق القرار التفسيري المؤرخ في ...
- الوصي على القاصر ملزم بالحفاظ عليه وعلى امواله بحكم القانون
- دراسات في القضاء الدستوري العراقي
- مصادر القاعدة الدستورية والقانونية للاختصاص القضائي للمحكمة ...
- مفهوم عبارة (الرمز) في الدستور العراقي ومدى توافقه مع أعمام ...
- دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق الدستورية للأسرة (المحكم ...


المزيد.....




- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - هل يجوز الاستثمار في المقابر؟ تعليق في ضوء القانون والشريعة والقيم الاجتماعية