أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الحلقة الثانية من لغز الثقوب السوداء في الكون المرئي والكون اللامرئي















المزيد.....

الحلقة الثانية من لغز الثقوب السوداء في الكون المرئي والكون اللامرئي


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 6353 - 2019 / 9 / 16 - 23:19
المحور: الطب , والعلوم
    


الحلقة الثانية من لغز الثقوب السوداء في الكون المرئي والكون اللامرئي

لغز الثقوب السوداء في الكون المرئي والكون اللامرئي – 2-
د. جواد بشارة

في فجر الكون المرئي، وفي الجزء الأول من مليار من الثانية الأولى بعد الانفجار العظيم وتحت درجة حرارة تجاوزت العشرة آلاف مليار درجة مئوية، حيث تنبث وتتبخر الكواركات التي ستشكل فيما بعد الذرات الأولية للمادة، وبالتوافق مع التقلبات والتخلخلات والتموجات الكمومية أو الكوانتية للبلازما المكهربة أو المشحونة كهربائياً، بلغت الكثافة طاقوياً قيماً تكاد تكون لانهائية إلى درجة جعلت الفضاء أو المكان المتولد حديثاً ينهار على نفسه ويفضي إلى تشكل " ثقوب سوداء أولية بدئية منها ماهو مجهري ومنها لا يتجاوز قطرها بضعة عشرات الكيلومترات وبكتل تقارب كتلة شمسنا وفي كل مكان في الكون الوليد في كل 10000 كلم . وكانت هناك موجات ناجمة عن التصادمات ذات قوة عنف مهولة انتشرت بسرعة الضوء في الحساء الطاقوي الساخن وقامت ببلورة المادة cristallisent la matière، بالتزامن مع تمدد الكون وانخفاض حرارته أو برودته. بعض العلماء اليوم يعتقدون أن هذه الحالة هي الأصل لما نعرفه اليوم بالمادة المظلمة أو السوداء ، أي الثقوب السوداء البدئية ألأولية التي خرجت سالمة من سعير الغليان البلازمي الأصلي، وانتشرت فيما بعد في الفضاءات ما بين المجرية وداخل المجرات نفسها بين النجوم ، حتى أن مجرتنا درب التبانة تحتوي على 10000 مليار ثقب أسود بدئي أولي ، أي أكثر عشر مرات من عدد النجوم التي تحتويها مجرتنا، حسب تقديرات العالم الذي افترض وجودها العبقري البريطاني الراحل ستيفن هوكينغ سنة 1971. ولقد فشلت حملتان لرصدها وهما ماشو MACHO سنة 1998 و إيروس EROS سنة 2006 أو العثور على آثار لمثل تلك الثقوب السوداء البدئية الأولية . لكنها عادت للواجهة بقوة نتيجة اكتشاف ورصد الموجات الثقالية ondes gravitationnelles منذ العام 2015 إذ أ، بعض تلك الموجات نجم عن تصادم ثقوب سوداء تبلغ كتلتها 30 مرة كتلة الشمس وهي كتلة خفيفة غير قادرة على خلق ثقب أسود فائق الكتلة كذلك الموجود في مركز مجرتنا ، ومن جهة أخرى هي كتلة كبيرة بالنسبة لثقوب سوداء نجمية ، أي تلك النجوم التي تنهار على نفسها في أواخر حياتها، الأمر الذي أدى إلى إنعاش فرضية ستيفن هوكينغ حيث أعيد تحليل ودراسة وإعادة النظر في نتائج تجربتي ماشو وإيروس. الفرضية أنيقة وملخصها يقول أن المادة السوداء هي في الحقيقة عبارة عن نجوم بدئية صغير وأجسام فضائية غير مرئية تنتشر كالنمل في الكون وتمارس في كل مكان جذبها الثقالي وهي فرضية قابلة للتدقيق حيث يمكن رصد مثل هذه المكونات يوماً ما وهي عرضة لحملات رصد ومراقبة مكثفة من قبل فرق علمية جادة متخصصة في هذا المجال. التلسكوب البولوني OGLEالذي يبحث في قلب مجرة درب التبانة منذ سنة 2001، رصد ثمانية ثقوب سوداء من هذا النوع كتلها تتراواح بين ضعف وخمسة أضعاف كتلة الشمس أي تتطابق مع تقديرات كتل الثقوب السوداء النجمية البدئية والأولية كواشف الموجات الثقالية ليغو LIGO و فيرغو VIRGO ترصد وتبحث هي الأخرى بدورها هذا النوع من الثقوب السوداء البدئية الأولية trous noirs primordiaux،وتم رصد عشرات التلاحمات والتصادمات والاندماجات بين مثل هذه الثقوب السوداء. فلو كان وزن بعض الثقبوب السوداء أقل من خمسة أضعاف كتلة الشمس أو أكثر من ثلاثين مرة كتلة الشمس ، وهي القيم المحددة الموضوعة لنظرية الثقوب السوداء النجمية، مع البقاء أدنى من 1000 ، وهي الحد الأدنى للثقوب السوداء المجرية العملاقة، عندئذ يمكننا اعتبارها ثقوب سوداء بدائية أولية أو بدئية ولدت مع ولادة الكون المرئي ونفس الشيء لو كان دورانها يقرب من الصفر.
بالرغم من أن الثقوب السوداء نفسها ليست مصدراً للإشعاعات والضوء إلا أن قرص التراكم المكون من الأغبرة والغازات التي تحيط به، هو الأصل لإنبعاث أشعة كهرومغناطيسية قوية ، خليط من الضوء المرئي وأشعة إكس وأشعة غاما والأشعة الراديوية الخ، من المحيط المباشر لثقب أسود هو الذي يبعث الضوء وهو أمر نادر فلقد رصد فريق من علماء الفيزياء الفلكية ثقباً أسود مجري يحتوي على دورة إشعاعية ومضية كل تسع ساعات وهو الأول من نوعه الذي يبعث على نحو سريع ومنتظم إشعاعاً قابلاً للرصد والمراقبة أو المشاهدة التلسكوبية في حين لا يعرف العلماء سبباً ذلك لحد الآن. فكل تسع ساعات يقوم ثقب أسود يوجد في مركز مجرة GSN 069، التي تقع على بعد حوالي 250 مليون سنة ضوئية عن الأرض، ببث دفق ضوئي منتظم. وهو ثقب أسود نشط في عملية التراكم حيث تسخن المادة وتبث إشعاعاً كهرومغناطيسياً عندما تسقط نحو أفق الأحدث vers l’horizon des événements. ولقد لاحظ العلماء المتابعون والمراقبون لنشاط الثقب الأسود المشار إليه والذي يستخدمون تلسكوب XMM-Newton التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، بين ديسمبر 2018 و شباط 2019، أنه في كل مرة في قمة الدفق الإشعاعي، كل تسع ساعات، يحدث ذلك، ربما بسبب سرعة دوران الثقب، حيث يكبر إشعاع أو ضوء الثقب الأسود GSN 069 100 مرة أكثر و أقوى سطوعاً، ضمن إشعاعات إكس . فبالعادة تكون الإشعاعات الناجمة عن ثقوب سوداء فائقة عملاقة تقارن بضوء شمعة، في حين كان الأمر مختلفاً تماماً مع الثقب الأسود GSN 069. هناك فرضيات لهذا الشذوذ تعزى، إما لإضطراب وخلل في قرص التراكم المحيط بالثقب الأسود، أو بسبب وجود ثقب أسود آخر غير مرئي بالقرب يتسبب بعملية الإضطراب في القرص على نحو دوري منتظم، أو بسبب حدوث بعض الظواهر الكمومية أو الكوانتية الغريبة في الفضاء المجاور والتي تم رصدها مؤخراً وراء هذا النوع من الخلل والتميز والشذوذ. وهناك احتمال افتراضي يتعلق بإمكانية تشكل غيمة من الإلكترونات بالقرب من هذا الثقب الأسود ، والجدير بالذكر أن الثقب الأسود الفائق العملاق القابع في مركز مجرتنا درب التبانة أصبح فجأة أكثر سطوعاً بقوة 75 مرة أكبر من العادة لأسباب لا تزال مجهولة لدى العلماء.
ماذا يحدث فعلاً داخل الثقب الأسود؟
لم يذهب أحد إلى ثقب أسود وعاد إلينا ليخبرنا لأنه لايمكن لأي شيء أن يخرج من الثقب الأسود وليس أمامنا من خيار سوى أن نصدق ونعتقد بما تقوله لنا " النظرية" وهذه الأخيرة تم التحقق من صحتها عدة مرات، والمقصود بها نظرية النسبية العامة التي ثبتت صحتها بالمشاهدة والرياضيات. تخبرنا النسبية العامة بأن من المستحيل البقاء ساكنين إذا كنا بالقرب من ثقب أسود فسوف نسقط حتمياً في داخله ونتجه نحو مركزه حتى لو كنا داخل مركبة فضائية سريعة فلن تستطيع الإفلات من جاذبية الثقب الأسود الهائلة. وأفضل شيء هو ألا نفعل شيء ونحن بداخله. تقول لنا النظرية أننا لا نشعر بشيء عندما نتخطى حدود أفق الأحداث لكن ذلك لايعني أن الولوج داخل ثقب أسود خالي من المخاطر فهناك أولاً تأثير المد والجزر على الجسد الذي يتعرض للتمدد إلى أن يتعرض للتقطع فالأقدام تسحب بقوة قبل سحب الرأس وتقوم الجاذبية بتمزيق الجسد ويمكن أن يحدث ذلك في بداية دخولنا للثقب أو في داخله تماماً حسب حجم الثقب الأسود فالثقوب السوداء الصغيرة هي الأخطر من الثقوب السوداء العملاقة فعملية تمزيق وتفريق أجزاء الجسد قد تحدث متأخرة في حالة سقوطنا داخل ثقب أسود فائق عملاق، وذلك بسبب تعرضنا لحالات إنحناء وتحدب الزمكان بقوة شديدة داخل الثقب الأسود. خاصة في الثقب الأسود الأعلى trou noir toupie الذي يدور حول نفسه، كباقي الأجسام في الكون، النجوم والكواكب والمجرات التي تدور حول نفسها، فهذه هي الحالة السائدة والطبيعية في الكون، عدا حالات شاذة و نادرة، ولكن مع الثقب الأسود الذي يدور حول نفسه الأمر مختلف كلياً والذي وصفه العالم الفيزيائي كيرKerr بدقة رياضياتاً وصار يقرن بإسمه والحال أن كل الثقوب السوداء هي من هذا النوع الذي يدور ولكن بسرعات مختلفة ومتنوعة. فعندما يدور الثقب الأسود يسحب معه في حركته المكان أو الفضاء الذي يتواجد فيه. فحتى من يتواجد خارجه سيكون مجبوراً على أن يدور مثله لأن الفضاء أو المكان المحيط كله يدور. النظرية تقول أن مركز الثقب الأسود ليس نقط مركزية بل حلقة أو خاتم يمكن المرور خلاله. فلو كان المركز نقطة تعرف بالفرادة فسوف يسقط الداخل للثقب عليها، ولكن لو كان حلقة مجوفة فيمكن المرور خلالها وربما الخروج من الجهة الأخرى نحو عالم آخر أو نحو منطقة أخرى في الكون بعيدة جداً ، أي طريق مختصرة، أو تأخذنا نحو كون آخر، وعندها يمكن وصفها بالثقب الدودي. ومن الناحية النظرية يمكننا استخدام واستغلال الطاقة الهائلة داخل الثقب الأسود والمسماة بتأثير بينروزeffet Penrose، العالم البريطاني الذي افترضها. وهي موجودة نظرياً ورياضياتياً ولكن فيزيائياً من غير المحتمل أن نعثر عليها بتكنولجيتنا البدائية لأن هناك احتمال أن ينغلق الثقب الدودي ويمنع المادة من المرور خلاله والخروج منه من الجهة الثانية.
اكتشف ستيفن هوكينغ ، وهو من أشهر المتخصصين بالثقوب السوداء، أن هذه الأخيرة تمتلك انتروبيا عملاقة هائلة gigantesque entropie ، أي اللا انتظام الكبير، فأحد قوانين الطبيعة يقول أن الأشياء تتطور عفوياً وذاتياً وعشوائياً مما يجعل اللانظام le désordere يكبر، والأنتروبيا هي اللانظام. ولقد استنتج هوكينغ أن الثقوب السوداء تتضمن فوضى ولانظام كبير . والثقب الأسود إن هو إلا كرة هندسية باستطالة اسطوانية مفترضة غير مرئية والعلماء يعملون ما وسعهم رياضياتياً ويحسبون ويجربون ليعرفوا حقيقة ونوع الفوضى واللانظام داخل الثقب الأسود الذي تحدث عنه ستيفن هاوكينغ. لكن الدليل الأقوى الذي توفر لدى البشر عن الثقوب السوداء هو موجاتها الثقالية، وبالطبع الصورة التي تمكن العلماء من تحقيقها قبل أشهر حيث نجحوا في تصوير ثقب أسود فوتوغرافياً وعلى نحو فعلي وحقيقي وليس افتراضي بطريقة المحاكاة الكومبيوترية كما كان الحال في السابق.
يتبع



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت والمتغير في الكون المرئي
- الكون اللامرئي والكون المظلم وأبعادهما الخفية – 1-
- لغز الثقوب السوداء في لكون المرئي والكون اللامرئي 1
- الإسلاموية L’Islamisme مرض الإسلام العضال 2
- الإسلاموية L’Islamisme مرض الإسلام العضال
- رحلة الإنسان من العصر الخرافي إلى العصر العلمي
- الكون الواعي
- لعبة القط والفأر بين إيران وأمريكا
- فرضية الله الزائدة في العلم
- الله الفرضية الزائدة في العلم؟
- نحو تجارب ثوروية في الفيزياء المستقبلية
- بعض ملامح السينما الإيرانية ضمن السياق المسموح
- العراق بين مطرقة واشنطن وسندان طهران
- بعد الجمود والمراوحة، هل ستحدث انعطافة في الفيزياء المعاصرة ...
- خطاب مفتوح لرئيس مجلس الوزراء العراقي السيد عادل عبد المهدي ...
- الواقع وما حوله في الكون المرئي 2
- الواقع وما حوله في الكون المرئي 1
- الكون المرئي والكون المظلم
- الأكوان الموازية 5
- الأكوان الموازية الحلقة الرابعة


المزيد.....




- شاهد: ارتفاع قياسي في مستويات المياه تزامنًا مع فيضانات تضرب ...
- ريابكوف: روسيا تعد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو لمنع س ...
- كيف أثر التغير المناخي على شدة أمطار الإمارات وعُمان؟ دراسة ...
- الرواد الروس يخرجون بأول مهمة إلى الفضاء المفتوح لهذا العام ...
- انفجار هائل يغطّي مجرّة بأكملها.. تبعد عنا 12 مليون سنة ضوئي ...
- مشاحنات روسية أميركية بمجلس الأمن بشأن تسليح الفضاء
- الإمارات: حالات -محدودة- مرضت بسبب التأثر بالمياه الناجمة عن ...
- بوتين: النجاح في ساحة المعركة يعتمد على السرعة في حل المشكلا ...
- الجزائر.. منتدى تكنولوجيا الإعلام
- ما مشروع -نيمبوس- الذي ضحت غوغل بموظفيها وسمعتها من أجله؟


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الحلقة الثانية من لغز الثقوب السوداء في الكون المرئي والكون اللامرئي