أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - السدود علي نهر النيل بين العلم والحقيقة والأكاذيب















المزيد.....



السدود علي نهر النيل بين العلم والحقيقة والأكاذيب


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 6353 - 2019 / 9 / 16 - 04:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


السدود علي نهر النيل بين العلم والحقيقة والأكاذيب
إلهامي الميرغني
يمثل نهر النيل شريان الحياة الرئيسي الأمر الذي دفع هيردوت ليقول أن مصر هبة النيل. وعلي مدي الاف السنين كان ضبط مياه النيل والسيطرة علي تحركاته هي وظيفة الحكم والإدارة منذ العصر الفرعوني وحتي الآن.
تجلت عبقرية الدكتور جمال حمدان عندما كتب في ستينيات القرن الماضي في كتابه شخصية مصر واصفًا الدور المصري في أفريقيا بالقول بأنّ "الدور المصري في أفريقيا يماثل دور الرجل الأبيض في العالم الحديث". ولم يكن يقصد المعنى الاستعماري بقدر ما كان يعني المدلول التنويري والتحديثي لمصر في القارة السوداء.وإن لمصر دورها في قيادة التنمية الافريقية بحكم كونها الكبيرة وليس بحكم الاتفاقيات الموقعة في عصر الاستعمار والمصالح الضيقة وذلك هو الدور الذي لعبته مصر طوال الستينات.
بدأت مصر منذ سنوات عديدة في محاولة قياس منسوب مياه النيل. فتم إنشاء مقياس النيل في الروضة لقياس مناسيب المياه في نهر النيل ، أما أول مقياس تم إنشاؤه في العصر الإسلامي فقد أقامه أسامة بن زيد عامل الخراج من قبل الوليد بن عبدالملك سنة 96 هـ (715 م) في جزيرة الروضة ، ثم أعاد عمله في السنة التالية في خلافة سليمان بن عبدالملك. وقد بقى المقياس كله في حالة جيدة بفضل أعمال الصيانة والإصلاح التي قامت بها وزارة الأشغال في سنة 1927.
تم إنشاء خزان أسوان وبدأ العمل على إنشائه في مدينة أسوان في الفترة ما بين 1899 و 1906. وضع حجر أساسه الخديوي عباس حلمي الثاني واُفتتح في عهده. ويبعد خزان أسوان 946 كيلومتراً عن القناطر الخيرية. وكان سد أسوان القديم هو أول سد يُبنى بهذا الحجم وأكبر سد مُشيَّد في العالم آنذاك. ثم تمت تعليته في عام 1912 ؛ ثم التعلية الثانية في عام 1926 ليقوم بحجز المياه أثناء فيضان النيل حيث يتم تصريف المياه بالكميات اللازمة للري خلال فترة التحاريق. إذن قياس منسوب النيل ومحاولات السيطرة عليه والاستفادة من خيراته وضبط استخدام المياه كانت السبب الرئيسي لقيام الدولة المركزية المصرية منذ العصر الفرعوني وحتي الان حيث بدأ أهمال شريان الحياة .
ثم جاء مشروع السد العالي في الستينات ليتوج إجراءات الحفاظ علي المياه وتخزينها خلف السد في بحيرة ناصر إضافة الي توليد الكهرباء وهو المشروع الذي حمي مصر من سنوات الفيضان والجفاف وحول كل ارضي مصر للري الدائم. لذلك فإن المشاريع المصرية لحماية نهر النيل والحفاظ عليه ممتدة لالاف السنين.وهو أيضا المشروع الذي رفض البنك الدولي للإنشاء والتعمير تمويل إنشائه في مرحلة الناصرية والذي أدي الي تاميم شركة قناة السويس وبناؤه بدعم الاتحاد السوفيتي.هو نفس البنك الذي يمول مشاريع خصخصة المياه ومشاريع السدود الافريقية منذ سنوات.
رحلة النهر
يبدأ النيل رحلته من مدينة جنجا ثاني أكبر المدن الأوغندية ويعبر على أكثر من بحيرة في الطريق داخل أوغندا إلى أن يدخل السودان. ويكون اسمه في هذه الحالة بحر الجبل، يلتصق به بحر الغزال فيكونا هما الإثنين فرع اسمه النيل الأبيض، يشق النيل الأبيض طريقه حتى يصل للعاصمة الخرطوم.
في إثيوبيا توجد بحيرة تانا. يخرج منها فرع النيل الأزرق.. ويظل النيل الازرق يمضي أيضاً حتى يدخل السودان ويلتقي في المقرن بالخرطوم مع النيل الأبيض. من هذه النقطة يخرج لنا نهر النيل الذي يواصل رحلته الي مصر.
يشكل النيل الأبيض حوالي 16% من اجمالي الماء في نهر النيل. اما النيل الازرق فيكون باقي النسبة، حوالي 84%، من النهر. ومعنى ذلك أن النسبة الأكبر من ماء نهر النيل هي من إثيوبيا النيل الأزرق حيث يمد النيل بـ 84% من الماء تزيد الي 90% خلال موسم الفيضان.
يعتبر نهر النيل من أطول أنهار العالم إذ يقطع مسافة حوالي 6671كم، وهو نهر عابر يمر بعدّة دول جميعها لها شراكه في مائه، تقع منابع نهر النيل في هضبة البحيرات في أوغندا، وتنزانيا، وبرواندي، وهي بحيرات فيكتوريا، وألبرت وادوارت ضمن الدائرة الاستوائية التي تسودها أمطار دائمة وغزيرة على مدار العام ممّا وفر للنهر مصدر مياه دائم. وبعد خروج النهر من الدائرة الاستوائية تتناقص كميات الأمطار إذ ينتقل إلى بيئات ذات أمطار صيفية. يمر نهر النيل بتسع دول إفريقية هي مصر، والسودان وجنوب السودان ، وأوغندة، وأثيوبية، والكنغو، و تنزانيا، و رواندا، و كينيا.
شهد العقد الأول من القرن الحادى والعشرين بعض التطوارت الهامة فيما يتعلق باستخدام المياه فى حوض النيل، ومنها: اتجاه دول الحوض نحو التعاون الجماعى لتحقيق التنمية المستدامة من خلال الانتفاع المنصف والمعقول لمياه النيل، وذلك فى إطار "مبادرة حوض النيل" التى أعلن عن قيامها عام ١٩٩٩ ، والتى كان المقرر أن تتحول إلى إطار دائم للتعاون تحت اسم"مفوضية حوض النيل" ، وفى نفس الوقت تصاعدت مطالب بعض دول المنابع فى مياه النيل،من خلال التصريحات المتكررة من جانب المسئولين فى هذه الدول ، كإثيوبيا وكينيا وتنزانيا، على حقها فى استخدام مياه النيل، بغض النظر عن الاتفاقيات القائمة منذ العهد الاستعمارى، والتى أعلنت تلك الدول أنها لا تعترف بها، كما شرعت بعض هذه الدول - كإثيوبيا - فى إقامة سلسلة من المشروعات المائية على نهر النيل دون الالتزام بمبدأ الإخطار المسبق لدولتى المجرى والمصب (مصر والسودان)، وفى نفس السياق اتخذت دول المنابع موقفا متشددا فى مفاوضات اتفاقية الإطار التعاونى (الإطار القانونى والمؤسسى) بين دول الحوض، وانتهى الأمر بقيام خمس من هذه الدول (إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا) بالتوقيع على الاتفاقية محل الخلاف فى مايو ٢٠١٠ ، رغم معارضة مصر والسودان، ولحقت بها الدولة السادسة (بوروندى) فى فبراير عام ٢٠١١ . ( د. صبحى على قنصوه - المطالب الإثيوبية فى مياه النيل وأثرها على الأمن المائى المصرى).
لقد غابت مصر عن إفريقيا لعقود واشتدت القطيعة عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال مبارك وتركت منابع النيل مباحة للعدو الصهيوني وخبراء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذين وضعوا خطط لمستقبل نهر النيل تعتمد علي تسليع المياه رغم كونها مورد عام ملك جميع السكان. فأين كانت ثورة 25 يناير وثوارها من المقاطعة المصرية لإفريقيا؟!!!
صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ مطلع التسعينات يبشرون بتسليع المياه وقد طرحت في إطار ترشيد استهلاك المياه في الزراعة وانها احد مدخلات الزارعة ويجب ان يكون لها ثمن واقترح وضع عدادات علي رؤوس المساقي وقد تعامل المصريين مع الموضوع كنكته بينما كانت خطوات عملية تتسجد علي الأرض من منابع النيل الي المصب وبرعاية وتمويل الصندوق والبنك. فأين كانت ثورة 25 يناير وثوارها من مخططات الصندوق والبنك واسرائيل ومشاريعهم في دول المنبع؟!!!
الخصخصة ومشاريع الصندوق والبنك
البنك الدولي هو إحدى الجهات الرئيسية المقدمة للمعارف والمساعدات الفنية المعنية بالمياه. وهو أيضاً أكبر جهة مانحة متعددة الأطراف لتنمية موارد المياه، إذ تشكّل حافظة المشرعات المائية لديه 18 % من حافظته العامة (أو 32 مليار دولار من الارتباطات الجارية) حتى عام 2014. وهو صاحب نظرية الشراكة بين القطاع العام والخاص التي صدر بها القانون 67 لسنة 2010 في مصر وقبل شهور من ثورة 25 يناير.
كانت تسعينيات القرن العشرين هي عِقد خصخصة المياه التي أثبتت فشلها منذ ذلك الحين. وكان من المتوقع تحقيق فاعلية أكبر وأسعار أقل، وجذب أحجام من الاستثمارات أكبر، وبخاصة في البلدان النامية، وتوسيع خدمات المياه والصرف الصحي للفقراء المفتقدين إليها. ولكن جاءت التجربة الفعلية مختلفة. فقد كان توسع شركات المياه الخاصة بدعم من البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى جزءا من سياسات تحويل هذه البلدان النامية والانتقالية إلى اقتصاديات السوق. ( شبكة حقوق الارض والسكن – استعادة الملكية العامة للمياه – إنجازات ونضالات ورؤي من أنحاء العالم – ترجمة ربيع وهبة).
ويبدو هذا الاهتمام أيضا فى سياق ما تطرحه إثيوبيا من رؤية استراتيجية للتقليل من الفقر فى البلاد ، وطرحت فى هذا الشأن وثيقتان ، أولاهما باسم " برنامج تقليل الفقر والتنمية المستدامة والأخرى باسم " خطة لتنمية مستدامة ومتسارعة لإنهاء الفقر وتعتبر هذه الوثيقة ، تطويرا للوثيقة الأولى ، ووضعت كلتاهما بناء على شروط صندوق النقد والبنك الدوليين ، وقد أعلنت الحكومة الإثيوبية عن مسودة الوثيقة الثانية فى ديسمبر ٢٠٠٥ ، ( أي قبل ست سنوات من ثورة الشعب المصري في 25 يناير ) وبالمقارنة بالوثيقة الأولى يلاحظ أن هناك استمرارية فى التوجه الاستراتيجى العام ، أى التركيز على قضايا التنمية البشرية والتنمية الريفية والأمن الغذائى وبناء القدرات ، إلا أن الوثيقة الثانية تشتمل على بعض الاختلافات الهامة ، ومنها إعطاء تركيز أكبر على تحقيق النمو الاقتصادى بشكل رئيسى من خلال الزراعة التجارية على نطاق واسع بغرض التصدير، مع تنويع الصادرات الزراعية لتشمل سلعا أخرى غير البن وخاصة المحاصيل غير التقليدية ، والبحث عن أسواق خارجية ذات جدوى ، ويبدو من ذلك أن الزراعة تظل محور استراتيجية التنمية طبقا لوثيقة القطاعات الفرعية كالسياحة والتعدين.
لقد دفعت مشاريع البنك الدولي إلي خصخصة المياه في بوليفيا عام 1998 وقعت بوليفيا اتفاقية قرض مع صندوق النقد الدولي وفي عام 1999 وأمر البنك الدولي الحكومة البوليفية بإنهاء دعمها لخدمات المياه، وفي العام نفسه، قامت الحكومة البوليفية بتأجير نظام المياه المحلي في مدينة كوتشابامبا البوليفية إلى مجموعة من الشركات المتعددة الجنسيات، أغواس ديل توناري ، التي تضم شركة بكتل الأمريكية. بعد منح هذا الإتحاد عقد إيجار المياه لمدة 40 عاما، أصدرت الحكومة قانوناً فرض أن يتحمل السكان التكلفة الكاملة لخدمات المياه. في يناير من عام 2000، أغلقت الاحتجاجات في كوتشابامبا المدينة لمدة أربعة أيام، وحصلت إضرابات وأقيمت الحواجز في الشوارع ، وأُعلنت التعبئة ضد الزيادات في أسعار المياه لثلاثة أضعاف فواتير المياه الخاصة بالسكان كل مرة. استمرت الاحتجاجات في فبراير ، وتدخلت شرطة مكافحة الشغب التي استخدمت الغاز المسيل للدموع مما ادى الى اصابة 175 شخصا. بعد ذلك بيومين، أعلن رئيس البنك الدولي جيمس ولفنسون أنه يجب على شعب بوليفيا أن يدفع مقابل خدمات المياه. في 6 أغسطس 2001، استقال رئيس بوليفيا. لذلك يعد النموذج البوليفي افضل تجسيد لتنفيذ سياسات الصندوق والبنك وخصخصة المياه.
"هذا، بطبيعة الحال، لم يمنع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي - والحكومات الامبريالية التي تمولهما - من تشجيع خصخصة المياه في جميع أنحاء العالم لصالح حفنة من الشركات المتعددة الجنسيات. شجّع البنك الدولي خصخصة المياه في جميع أنحاء أفريقيا من أجل "تخفيف أزمة المياه في القارة"، من خلال جعل المياه أكثر تكلفة وأكثر صعوبة في الحصول عليها. ( دنيا الوطن – ترجمة د. حسين سرمك حسن - هدف البنك الدولي هو تحويل الماء إلى مال لصالح الشركات الغربية – 26/7/2016.
ربط الاستاذ عبدالمولي اسماعيل في دراسته المنشورة عام 2007 بعنوان " ملامح حول سياسات الخصخصة المتبعة فى مجال مياه الشرب بمصر " بتطور خطوات خصخصة مياه الشرب وتنفيذ تعليمات الصندوق والبنك الدولي والتي بدأت أولى الخطوات بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم "95 " باعتماد مبدأ الهيئات الاقتصادية بدلاً من الهيئات العامة ، والذى جرى بمقتضاه إنشاء الهيئة العامة لمرفق مياه الشرب والصرف الصحى لمحافظة " القاهرة ".وبموجب هذا القرار فقد تم إلغاء معظم القواعد القانونية التى تضمنتها مواد القرار 197 لسنة 1981 الخاص بإنشاء الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف. و كانت النقلة الثانية باتجاه الخصخصة فى عام 2004 وذلك بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم "135" بإنشاء الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى ، وبموجب هذا القرار تم تحويل الهيئات الاقتصادية فى 14 محافظة بمصر من بين 28 محافظة إلى شركات قابضة وتم إضافة باقى المحافظات تباعا حتى عام 2007 .
وعلى الرغم من أن قرار رئيس الجمهورية السابق الإشارة اكتفى بتحويل هيئة مياه الشرب والصرف إلى شركة قابضة ، إلا أنه فى العام التالى مباشرة "2005" صدر قرار وزير الإسكان رقم (14) الذى وضع التصور الكامل لتلك النوعية من الشركات من خلال تسييرها فى إطار الخصخصة وذلك من خلال المواد التى احتواها هذا القرار والتى نصت المادة الأولى منه على أن "غرض الشركة هو القيام بتنقية وتحلية ونقل وتوزيع وبيع مياه الشرب "، ومن الملاحظ هنا أنه ولاول مرة يرد بالقوانين المصرية كلمة بيع المياه ، وهذا معناه الإتجار فى المياه سواء بالبيع أو الشراء بغرض الربح وهو مبدأ ظل خلواً من القانون المصرى الناظم للإطار المؤسسى للمياه على مدار الحقب التاريخية المختلفة حتى عام 2005 مع صدور هذا القرار .كما نص القرار سالف الذكر بإنه وفى سبيل تحقيق الشركة للهدف السابق القيام بتأسيس الشركات التابعة وغيرها من الشركات المساهمة ، وذلك بالاشتراك مع شركات قابضة أخرى أو بالاشتراك مع الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأفراد ، كما يحق للشركة القابضة القيام بجميع التصرفات التى من شأنها أن تساعد فى تحقيق كل أو بعض أغراضها . لذلك صدر قانون مشاركة القطاع الخاص رقم 67 لسنة 2010 وقبل شهور من اندلاع ثورة الشعب المصري في 25 يناير تنفيذاً لخطط الصندوق والبنك في تسليع المياه وبيعها.

أثيوبيا
إثيوبيا – على حد وصف أحد الباحثين – تعتبر " بلد المتناقضات ، فهناك الفقر وسط الوفرة الطبيعية ، والعطش وسط الوفرة المائية" .ومما زاد الوضع سوءا تخلف القطاع الزراعى وضعف بنيته التحتية،رغم أن إثيوبيا دولة،زراعية تعتبر الزراعة عماد اقتصادها ويعمل بها معظم السكان ، فطبقا لتقديرات عام ٢٠١٠ كان نحو ٨٥ % من القوى العاملة فى إثيوبيا يعملون بالزراعة ، كما تسهم الزراعة بنحو ٤١ % من ، الناتج المحلى الإجمالى ، ويعيش نحو ٨٣ % من السكان فى الريف مقابل ١٧ % فى الحضر.
ورغم ذلك ما زالت الزراعة الإثيوبية عاجزة عن تحقيق إمكاناتها والمساهمة فى تحقيق التنمية الاقتصادية ، فما زال القطاع الزراعى منخفض الأداء بسبب عديد من العوامل الطبيعية والبشرية ،ونتيجة لذلك هناك فجوة كبيرة فى الاكتفاء الذاتى من الغذاء على المستوى الوطنى وحالة من عدم الأمن الغذائى على المستوى العائلى. وفى ظل هذه الحالة من الفقر والتخلف الواسع الانتشار تواجه إثيوبيا حاجات وضغوطا تنموية كبيرة ومن ثم شرعت الحكومات الإثيوبية ، وخاصة منذ أواسط التسعينيات من القرن العشرين، فى تبنى سياسات وخطط تنموية طموح ذات تأثيرات على مصالح باقى دول حوض النيل الشرقى ، وخاصة مصر ، إلا أن إثيوبيا تعانى فى نفس الوقت ، شأنها شأن باقى دول حوض النيل عموما - عدا مصر وكينيا – من محدودية القدرات الوطنية للقيام بمشروعات التنمية المائية وغيرها من مشروعات التنمية. (د. صبحى على قنصوه – مصدر سابق) فأين كانت ثورة 25 يناير وثوارها من التطورات الأثيوبية وخطط التنمية المعلنة منذ منتصف التسعينات؟!!! الا يعد ذلك تقصير من القيادة السياسية منذ منتصف التسعينات وحتي الآن.
ومنذ عام ١٩٩٣ اتبعت الحكومة الإثيوبية سياسة تنموية استراتيجية تهدف إلى تخفيف حدة الفقر فى البلاد ، وتقوم هذه السياسة على أساس أن تقود التنمية الزراعية عملية التصنيع فى البلاد وتهدف هذه السياسة التنموية ، Agricultural development led industrialization (ADLI) إلى تعزيز الروابط بين الزراعة والصناعة من خلال زيادة إنتاجية صغار المزارعين ، وتوسيع نطاق المزارع الخاصة الكبيرة ، وإعادة هيكلة قطاع التصنيع بطريقة يمكن من خلالها لهذا القطاع أن يستخدم الموارد البشرية والطبيعية للبلاد.
يصف الاستاذ أحمد أبوزيد أن الجولة الراهنة من الصراع بين مصر وأثيوبيا بشأن مياه النيل ليست الأولى بين الطرفين؛ إذ شهد البلدان صراعات وحروبًا عديدة بسبب المياه. تاريخيًا، كان الصراع يقع بين مصر والسودان من ناحية،وأثيوبيا من ناحية أخرى. وتبرر مصر مطالبها وحقها الطبيعي في ملكية مياه النيل استنادًا إلى معاهدتين: الأولى هي معاهدة عام 1929 بين بريطانيا التي كانت تحتل مصر في ذلك الوقت، والتي كانت بحاجة للقطن المصري كمادة خام لصناعة الغزل والنسيج،وبين حكومات المستعمرات البريطانية في حوض النيل كالسودان وأوغندا وكينيا وتنجانيقا وغيرها. وطبقًا لهذه المعاهدة يحظر على المستعمرات البريطانية في حوض النيل بناء أي مشاريع أو سدود على النيل إلا بعد الحصول على موافقة مصر. وترفض أثيوبيا الاعتراف بهذه المعاهدة بصورة أساسية؛ كونها لم تكن مستعمرة بريطانية،ومن ثمّ، فهي لا تخضع للمعاهدات والاتفاقيات التي وقعها التاج البريطاني ولا تلتزمها. أما المعاهدة الثانية فكانت معاهدة ثنائية عقدت بين مصر والسودان في عام 1959 لتقسيم مياه النيل بينهما،بحيث تحصل مصر على نسبة 75 % والسودان على نسبة 25 %؛ وذلك من دون استشارة أثيوبيا أو مشاركتها، وهي التي تنبع من أراضيها هذه المياه، مما فاقم العلاقات بين الدول الثلاث. ( أحمد محمد أبو زيد - الضفة الأخرى: الرؤية الأثيوبية للصراع على مياه النيل – مجلة سياسات عربية).
في عقد الثمانينيات وقعت المخاوف التي كان النظام الأثيوبي يخشاها ففي الفترة 1983 - 1985، وبسبب ندرة الأمطار على هضبة الحبشة ، وقعت مجاعة هائلة في أثيوبيا، ومن قبلها الصومال، راح ضحيتها نحو مليون إنسان، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ،وأثرت كثيرًا في الأوضاع السياسية والاجتماعية في دول الجوار مثل السودان. ولولا الاحتياطي المائي في بحيرة ناصر لكانت هذه المجاعة أصابت مصر هي الأخرى بأضرار جمة.
لذلك فمنذ وصول ميليس زيناوي إلى رئاسة الحكومة في أثيوبيا في عام 1995 كان من الواضح أنّه عازم على المضي قدمًا في إقامة مشروعات على النيل من أجل حماية شعبه من خطر المجاعات التي هزت مشاهدها ضمير العالم، وكذلك إعادة توجيه السياسات الاقتصادية والتنموية " المائية تحديدًا" التي ثبت فشلها وعجزها سابقًا عن حماية الأمن المائي والإنساني الأثيوبي.
السدود الأثيوبية والسودانية علي نهر النيل
السدود وسيلة رئيسية لمواجهة تغير منسوب الارض والمياه في حوض النيل والاستفادة من إقامتها في الزراعة وتوليد الكهرباء .
السدود في السودان تشمل
1. خزان سنار يقع علي مجري النيل الأزرق أحد أكبر روافد نهر النيل على بعد 300 كيلومتر من الخرطوم تم إنشاؤه في عام 1925 لريّ الأراضي الزراعية في مشروع الجزيرة ومد الخرطوم بالكهرباء، وهو اقدم السدود المائية التي اقيمت في السودان.
2. خزان جبل أولياء وهو سد حجري على نهر النيل الأبيض بالسودان، يقع على بعد 44 كيلومتر جنوب العاصمة الخرطوم ، إنشيء في عام 1937 م، وظل تحت الإشراف الفني والإداري للحكومة المصرية التي قامت ببنائه في السودان وفق اتفاقية بقبول قيام خزان سنار حتى تحفظ مصرحقها في مياه النيل دون أي تدخل من حكومة الحكم الثنائي أو الحكومات الوطنية بعد استقلال السودان.، وتم تسليمه إلى حكومة السودان في عام 1977 م، ليُستفاد منه في رفع منسوب المياه في المناطق أمام جسم السد وخلفه حتى يمكن ري مشاريع النيل الأبيض الزراعية وفي عام 2003 م، تم أنجاز مشروع لتوليد الكهرباء في السد، مضيفا له السعة القصوى لإنتاجه من الكهرباء وهي 30 ميغاوات.
3. خزان خشم القربة هو سد أنشىء على نهر عَطْبَرة، ويقع غرب مدينة خشم القربة التي يحمل إسمها، علي بعد 560 كيلومتر شرق مدينة الخرطوم. وقد تم تشييده في الفترة من عام 1961 وحتى 1964 م، ضمن إطار مشروع إعادة توطين سكان وادي حلفا المتأثرين ببناء السد العالي في مصر بعد أن غمرت مياه بحيرة النوبة قراهم. ومن المتوقع أن يكون لسد أعالي عطبرة وستيت المزمع الإنتهاء من تشييده قريبا، أثراً ايجابياً على خزان خشم القربة من حيث تحسن طاقته التخزينية. يتم التوليد المائي للكهرباء بالخزان عن طريق توربينات الكابلان وعددها اثنين بسعة 10.6 ميغاوات .
4. سد الرُوصِيْرِصْ هو سد كهرومائي خرساني سُمي على اسم مدينة الروصيرص الواقعة بالقرب منه، ويبعد عن العاصمة الخرطوم 550 كيلومتر ، يهدف السد إلى توفير مياه الرّى لكل المشروعات المرويّة بالنيل الأزرق بمساعدة خزان سنار.وقد تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى في العام 1966 م.وفي أبريل 2008، وقعت حكومة السودان وشركة سينوهايدرو الصينية على اتفاقية الأعمال المدنية لتنفيذ المرحلة الثانية لتشييد سد الروصيرص والتي عرفت بمشروع التعلية.وتعود فكرة تعلية سد الروصيرص إلى عام 1966م، أثناء انشائه ليتم تحقيقها في يناير 2013 م. والغرض الأساسي من التعلية هو رفع السعة التخزينية للسد إلى 7,4 مليارات متر مكعب .
5. سد مِرْوِي يقع على مجرى نهر النيل في الولاية الشمالية عند جزيرة مِروي التي أطلق عليه اسمها، على بعد 350 كيلومتر من الخرطوم.إكتمل بناءه السد في 3 مارس 2009، ويبلغ اجمالي طوله 9.2 كيلومتر فيما يصل ارتفاعه إلى 67 متر، وقد صاحب عملية بنائه عدد من المشاريع التحضيرية، مثل إنشاء عدد من الطرق والجسور وخط للسكة الحديد ومدينة سكنية .ويهدف السد الي توليد الطاقة الكهربائية حيث ينتج طاقة كهربائية بقوة 1,250 ميغاواط و ري حوالي 300,000 هكتار من المشاريع الزراعية في الولاية الشمالية .
6. مجمع سدي أعالى عَطْبَرَة وسِتَيتْ ، هو عبارة عن سدين ترابيين كهرومائيين بنواة طينية وبحيرة تخزين مشتركة، أحدهما يقع على أعالي نهر عطبرة والآخر على نهر سيتيت في ولايتي كسلا والقضارف لتوفير مياه الشرب لمنطقة القضارف ومياه الري لمشروع حلفا الجديدة الزراعي ومشاريع أخرى جديدة متصلة بهما إلى جانب إنتاج الطاقة الكهربائية . ويقع المجمع على بعد 460 كيلومتر من الخرطوم .وتعود فكرة إنشاء سد في منطقة الرميلة بأعالى نهر عطبرة إلى عام 1946 م بغرض تنمية المنطقة وتزويد مدينة القضارف بمياه الشرب، إلا أن الدراسات الفنية ودراسات الجدوى الاقتصادية للمشروع اجريت في سبعينيات القرن الماضي .
http://www.diu.gov.sd/ar/home/pages/url/78/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86
علي الموقع الالكتروني لوزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية كل معلومات السدود السودانية والتي توضح أن تعلية سد الرصيرص تمت عام 2008 وان إنشاء سد مروي بارتفاع 67 متر تم عام 2009 اي قبل ثورة يناير وضمن خطط الحكومة السودانية لتحسين فرص إدارة مياه النيل.
سدود أثيوبيا
- أول السدود التى بنتها اثيوبيا على منظومة النيل هوسدّ فينشا وهو سدٌّ صغير تمّ بناؤه عام 1973 على نهر فينشا، أحد روافد النيل الأزرق الذى يُعرف فى اثيوبيا بنهر أبّاى.
- سدّ تكزّى على نهر تكزّى (نهرعطبرة) وهوسدٌّ ضخم يبلغ إرتفاعه حوالى 188 متراً إكتمل العمل فيه عام 2010 ويُولّد المشروع حوالى 300 ميقاواط من الطاقة الكهربائية. ( قبل ثورة 25 يناير )
- سدّ تانا بيليس الذى يقوم بتحويل مياه من بحيرة تانا لنهر بيليس (أحد روافد النيل الأزرق) وبناء محطة لتوليد الطاقة عند مكان التقاء نقطة التحويل بالنهر. بدأ العمل بالمشروع فى عام 2004 واكتمل فى عام 2010. وقد انتهي العمل منه ايضاً قبل ثورة 25 يناير.
بالإضافة إلى هذه المشاريع فقد أعلنت الحكومة الاثيوبية أنها تنوى البدء فى بناء سد بنى شنقول، أو ما يُعرف الآن بسدّ الألفية العظيم، على نهر أبّاى (النيل الأزرق) حوالى 40 كيلومتر من الحدود مع السودان. ويُتوقع أن يقوم هذا السدّ بتوليد 5,250 ميقاواط من الطاقة الكهربائية عند إكتماله بعد أربع إلى خمس سنوات من بدء التنفيذ حسب بيان الحكومة الإثيوبية. وبالطبع هذا سدٌّ ضخمٌ بكل المقاييس، إذ تساوى الطاقة المتوقع انتاجها ثلاث مرات الطاقة المُولّدة حالياً فى اثيوبيا وحوالى ثلاث مرات الطاقة المُولّدة من السد العالى. ويُتوقّع أن يحجزالسد عند إكتماله حوالى 62 مليار متر مكعب من المياه، وهذه الكمية تساوى تقريباً ضِعف كمية مياه بحيرة تانا وأقل بقليل من نصف مياه بحيرة ناصر. أشارت اثيوبيا إلى أن التكلفة الإجمالية للمشروع تبلغ حوالى 4,8 مليار دولار وأن الحكومة الإثيوبية ستقوم بتمويل المشروع من مواردها ومن خلال إصدار سندات للإثيوبيين.
واذا تتبعنا تطور بناء سد الألفية والمعروف الان بسد النهضة نجد الآتي :
- تم تحديد الموقع النهائي لسد النهضة ما بين عامي – 1956 و1964 دون الرجوع إلى مصر حسب اتفاقية 1929.
- في أكتوبر 2009 وأغسطس 2010 قامت الحكومة الإثيوبية بعملية مسح للموقع.
- في نوفمبر 2010، تم الانتهاء من تصميم السد وتمهيد الموقع أي قبل شهور من ثورة يناير.
- في 31 مارس 2011، وبعد يوم واحد من الإعلان عن المشروع، تم منح عقد قيمته 4.8 مليار دولار دون تقديم عطاءات تنافسية للشركة الإيطالية .
- في 2 أبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ملس زيناوي حجر الأساس للسد وقد تم انشاء كسارة للصخور جنبا إلى جنب مع مهبط للطائرات الصغيرة للنقل السريع.
إذن أثيوبيا كانت تسير بخطوات متتالية في خطة إنشاء السد وبدأت مراحل تنفيذه قبل ثورة 25 يناير . وقبل الإعلان عن هذا المشروع كانت الدراسات تسير فى مراحل متباينة فى أكثر من17 مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية من مياه الإثنى عشر نهراً فى اثيوبيا. وتشمل هذه الدراسات ثمانية سدود كبيرة على منظومة النيل هى:
1. السد الحدودى: ويقع على نهر أبّاى (النيل الأزرق) على بعد حوالى 20 كيلومتر من الحدود مع السودان. ويتوقع أن يُولّد هذا السد حوالى 1,780 ميقاواط من الطاقة الكهربائية. ولم يوضّح الإعلان عن سد الألفية العظيم إن كان السدان سيُبنيان أم أن سد بنى شنقول هو بديل للسد الحدودى.
2. سدّ كارادوبى: على نهر أبّاى (النيل الأزرق) لتوليد حوالى 1,700 ميقاواط من الكهرباء بلإضافة الى مشروع رى.
3. سدّ ميندايا: على نهر أبّاى (النيل الأزرق) لتوليد حوالى 1,700 ميقاواط من الكهرباء.
4. سدّ مابيل: على نهر أبّاى (النيل الأزرق) لتوليد حوالى 1,440 ميقاواط من الكهرباء.
5. سدّ دوبَس: على نهر دوبَس وهوأحد روافد نهر أبّاى (النيل الأزرق) لتوليد حوالى 740 ميقاواط من الكهرباء بالإضافة الى مشروع رى.
6. سدّ ديدسّا: على نهر ديدسّا وهوأحد روافد نهر أبّاى (النيل الأزرق) لتوليد حوالى 300 ميقاواط من الكهرباء.
7. سدّ بارو: على نهر بارو (السوباط فى جنوب السودان) لتوليد حوالى 800 ميقاواط من الكهرباء.
8. سد بِربِر:على نهر بِربِر وهو أحد روافد نهر بارو (السوباط فى جنوب السودان) لتوليد حوالى 470 ميقاواط من الكهرباء.
شرعت اثيوبيا فى برنامجٍ ضخمٍ وطموحٍ لتوليد طاقةٍ كهربائية هائلة الحجم. وإذا قُدّر لإثيوبيا أن تّنْجِز هذا البرنامج أو حتى جزءٍ منه، فإنّ هذه المشاريع عند اكتمالها ستجعل من اثيوبيا قوةً اقليمية فى الطاقة الكهربائية. وقد أعلنت المؤسسة الإثيوبية للطاقة الكهربائية أنه بنهاية عام 2015 فإن المؤسسة تتوقع أن يكتمل بناء ثمانية مشاريع للطاقة الكهربائية وأن تُولّد هذه المشاريع مجتمعةً حوالى 5,000 ميقاواط من الكهرباء. إذا أضفنا إلى هذا إحتمال أن يكتمل سد الألفية العظيم بعد خمسة أعوام كما ذكرت الحكومةالإثيوبية فإن انتاج اثيوبيا من الطاقة الكهربائية سوف يصل إلى أكثر من 10,000 ميقاواط بحلول عام2017. ( د. سلمان محمد أحمد سلمان - سدود اثيوبيا وملف نزاعات مياه النيل (الجزء الثانى) – مركز قاش بركة للمعلومات )
إذن خطط أثيوبيا التنموية بدأت منذ عام 2002 وفي ظل وجود حكومة زيناوي كما أن اتفاق عنتيبي الخاص بمياه النيل تم توقيعه في 14 مايو 2010 وبذلك فإن فشل الدولة المصرية علي مدي عقود في إدارة ملف حوض النيل أقدم من ثورة 25 يناير بسنوات طويلة. كما ان مشاريع السدود وتعلية السدود قائمة في السودان واثيوبيا منذ مطلع الألفية. وقد ساعد علي انتشار ذلك بين باقي دول حوض النيل هو التعالي المصري وفشل مصر بكل وزارتها وأجهزتها الأمنية في إدارة ملف مياه النيل والذي وصل إلي محطة سد النهضة.
لذلك حاولت توضيح ان المشكلة أكبر واعمق من سد النهضة وأقدم من اتفاق عنتيبي بسنوات. كما إنها تعكس فشل الإدارة المصرية بعيداً عن أي شماعات تعلق عليها هذا الفشل. كما أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هم أصحاب الدعوي الرئيسية بالسيطرة علي مجاري الانهار وتحويل المياه الي سلع تباع لمن يملك ثمنها.وأنها مدخل في عملية الزراعة يجب حساب تكلفته لتزيد الاعباء علي الفلاحين وتزيد هجرتهم للزراعة.
بذلك نصل الي الصورة الكاملة لأزمة مياه النيل
تشير توقعات المراكز الديموجرافية العالمية؛ بأن تعداد السكان في مصر في عام 2050 سيصل إلى 135 مليون نسمة تتطلب احتياجات مائية لا تقل عن 135 مليار متر مكعب سنويا؛ لنعيش عند مستوى يلامس الشح المائي، بينما من غير المتوقع أن تزيد الموارد المائية المصرية عن معدلاتها الحالية عند مستوى 62.3 مليار متر مكعب سنويا؛ حيث أنهت اتفاقية عنتيبي الموقعة في 14 مايو عام 2010 الآمال المصرية في استقطاب مياه المستنقعات لزيادة الموارد المائية للنهر، واقتسامها مع الدول التي تقع فيها هذه المستنقعات؛ بسبب نص الاتفاقية الموقع عليها من إثيوبيا، وجميع دول منابع النيل الأبيض باستثناء دولة الكونغو على السيادة المطلقة لكل دولة على مستنقعاتها، وفواقدها المائية، والتحجج بالحفاظ على التنوع والتوازن الحيوي في هذه المستنقعات، وبالتالي فعلي مصر أن تبحث وتهتم من الآن بالدراسات المستقبلية لأمن المياه في مصر. هذا العدد من السكان لمصر في عام 2050 يحتاج إلى 135 مليارًا من المياه ، وبالتالي سيرتفع العجز المائي المصري إلى 75 مليارا، وهو عجز هائل ينبغي تسخير كل الدراسات للتوصل إلى كيفية التعامل والتغلب على هذا العجز، وينخفض معها نصيب الفرد إلى 460 متر مكعب للفرد سنويا لننتقل إلى حد الشح المائي المدقع والمزمن ، الذي حددته منظمات المياه الدولية بحصة 500 متر مكعب للفرد سنويا. ( هاني سليمان - رؤى مصرية: مصر وأزمة المياه في حوض النيل - المركز العربي للبحوث والدراسات - 27/أكتوبر/2015 )
إن فشل إدارة ملف المياه علي مدي سنوات والتحركات المصرية منذ 2014 وحتي الان وما قادت اليه كلها تشير إلي وجود أزمة.وعلماء مصر علي مدي سنوات قدموا حلول لهذه المشكلة وطريقة للتعامل مع الأزمة ومواجهتها بحيث يتم الحفاظ علي مصالح مصر المائية.
لكن في ظل استبعاد العلماء وعودة أهل الثقة واستبعاد أهل الخبرة يصبح من حق كل دول حوض النيل ان تفعل ما تراه دون ان تضع اي اعتبار لمصر التي كانت القائدة في فترات سابقة وتبحث كل دولة عن حلول فردية لمشاكلها المائية. وتقف مصر حائرة لا تطرح اي حلول أوخطة للدراسة أو استدعاء للخبراء لمواجهة الأزمة . وتستمر أزمة المياه وتتفاقم خلال السنوات القادمة ما لم نبدأ العلاج فوراً بالمواجهة والمصارحة والمكاشفة والمشاركة الشعبية في الحل.وبدون أن تعلق الدولة المصرية فشلها علي شماعة 25 يناير التي كانت لحظة مضيئة في مسيرة مظلمة .
لقد دخلنا منذ سنوات مرحلة الفقر المائي والتي تتزايد سنوياً ومن الضروري ان نتشارك جميعاً في البحث عن الحلول ومعرفة الأعباء . إن كل مشاكل المياه في منابع النيل تمت برعاية صندوق النقد والبنك الدولي رعاة الخصخصة في مصر والشركات الصينية والايطالية ولن اتحدث عن الدور الاسرائيلي في منابع النيل الآن فهو يحتاج لدراسة مستقلة.
إذا كان هيردوت قد قال ان مصر هبة النيل فإن وجود مصر واستمرار الحياة بها أصبح علي المحك ويحتاج الي العلم والدراسة وجهود العلماء والحوار الديمقراطي والمصالح المشتركة بعيداً عن أفكار كفتة عبدالعاطي وترويج الأكاذيب والبحث عن شماعات لتعليق الفشل المتوالي .

إلهامي الميرغني
15/9/2018



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة التوك توك في مصر بين التنظيم والحظر والسبوبة جمهورية ال ...
- أزمة عجز الأطباء وكيفية المواجهة ؟! نعم لدينا حلول وبدائل فه ...
- أسعار النفط في مصر بين الدعم والضرائب والسعر العالمي وصندوق ...
- تعقيدات أنظمة وسياسات الأجور في مصر ( 1 )
- الميرغني النجار الذي غيرته ثورة 1919
- أزمة الموازنة العامة للدولة خلال الخمس سنوات الأخيرة 2015/20 ...
- بيت حسنين كشك
- الشركة الأهلية للصناعات المعدنية ( مصنع أبو زعبل للحديد والص ...
- مقدمات 18 و 19 يناير 1977 وحاتم زهران
- الشعب السوداني حول الشتاء إلي ربيع الحرية
- القطاع العام في مصر الى اين؟
- أزمة المصطلحات والمفاهيم وإشكاليات التغير وطرح البدائل في مص ...
- الانيميا والبدانة والتقزم وسوء التغذية أهم أمراض الفقراء في ...
- بيع الجنسية المصرية حلقة من مسلسل التسليع والتفريط و البيع
- الانتحار في مصر
- أكاذيب حول غلاء الاسعار في مصر
- تعديل وزاري أم وزارة جديدة؟!!!
- أسعار البترول وانعكاساتها علي ميزان المدفوعات والموازنة العا ...
- أزمة المياه في مصر ( 1 )
- معركة التاكسي الأبيض والشركات الدولية وأزمة نقل الركاب بمصر ...


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - السدود علي نهر النيل بين العلم والحقيقة والأكاذيب