أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - بيت حسنين كشك














المزيد.....

بيت حسنين كشك


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 6151 - 2019 / 2 / 20 - 14:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بيت حسنين كشك
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ
منذ أن بدأت طريق العمل السياسي سمعت اسمه يتردد وكان بالنسبة لي شئ كبير.فهو وقلة ممن صاغوا موقف من حرب أكتوبر في وسط المعارك فكان ذلك منعطف سياسي كبير.وبعد ذلك اختلف حسنين مع التنظيم السياسي الذي كنا ننتمي له وهو حزب العمال الشيوعي المصري وكان من قادة الانشقاق الذي حدث عام 1976 وطوال تلك الفترة لم اكن علي علاقة شخصية به .
لكن في فترة لاحقة سكنت في شارع أحمد عصمت بمنطقة عين شمس حيث كان الشارع يبدأ بمحل المهندس محمد الصعيدي رحمه الله ثم منزل الشاعر شعبان يوسف وفي فترة لاحقة منزل المهندس أحمد بهاء شعبان قرب نهاية الشارع . ولا يمكن لسكان عين شمس الا يحجوا الي ميدان النعام القديم أقرب ميادين القاهرة اليهم .هناك بيت اسرة المهندس احمد بهاء وبيت المناضل عبدالقادر ياسين وبيت كمال عارف وبيت محمود الطويل وبيت حسنين كشك.
بيت حسنين في النعام كان دائما بابه مفتوح للجميع علي مدار ساعات اليوم ، المرهق يجد مكان ليرتاح والجائع يجد وجبة معتبرة والمفلس يجد نقودا وسجائر وكتب ومناقشات علي مدار الساعة. وحول منزل حسنين مجموعة من الشباب الذين التفوا حوله وكانوا ينادونه " أبيه " . وكنا نتندر ونحن نسأل عنه هو " أبيه " موجود والا لأ. كانت حفلات الشيخ إمام ونجم في منزل حسنين وامسيات شعرية ومناقشات ثقافية وسياسية علي مدار ساعات اليوم .وكانت زوجته في تلك الفترة السيدة شادية السمان أخت الجميع التي تقابل كل الزوار بابتسامة وكرم يجعل بيت حسنين من الاماكن المحببة ومزار للجميع من داخل وخارج القاهرة.
مرات كنت اذهب لأجد الشقة مغلقة ولكن الأنوار مضاءة فأعرف ان هذا هو ميعاد نوم نادية ونسرين فأكمل المسير باتجاه شريط قطار المرج لأجد حسنين وشادية يجرون عربة اطفال بها البنات ذهاباً وايابا الي ان يبدؤ في النوم ويعودون بهم للمنزل .ذلك قبل ميلاد يارا والمرحوم نديم. كان منزل حسنين علامة من علامات ميدان حجيلان والنعام القديم الذي يقصده الاصدقاء من القاهرة ومن خارج القاهرة . فقد كان حسنين قادر دائما علي ان يمنح روح مميزة للمكان فيجعله مكان مألوف لكل اصدقائه واحبابه .
وعندما انفصل حسنين عن اسرته واقام في شقة شارع فهمي مع المرحوم المحمود إبراهيم سرعان ما تحولت شقته الي مزار لكل جماعات اليسار القديم والجديد والمفكرين والباحثين . وكان العديد من شباب وسط البلد يتحدثون عن زيارة بيت حسنين للاستفادة من ارائه او استعارة بعض الكتب التي لم يبخل بها ابدا علي الباحثين أو مناقشته في خطة دراسة يفكرون فيها.
حصل حسنين علي بكالوريوس التجارة ولكنه لم يتكيف للعمل كمحاسب وبدء دراسة علم الاجتماع فحصل علي الليسانس في الآداب ثم الماجستير والدكتوراة وغير مسار حياته ليصبح عبر سنوات أحد أهم علماء الاجتماع المهمومين بقضايا الريف والفقر في الريف المصري والطبقة العاملة المصرية وصراع الطبقات .
واستطاع حسنين ان يلتحق بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية كباحث وتحول مكتبه مثل بيته الي قبلة للباحثين وزوار المركز. وعندما تزوج الدكتورة مايسة وانتقل للسكن في مساكن هيئة التدريس بجامعة القاهرة ظل بيته ملتقي الاحباب.وفي سخرية قدرية فقد زوجته في حادث مفاجئ واصبح وحيداً . لكن من يملك عقل وقلب " أبو نديم " لا يمكن ان يكون وحيداً.
ظل بيت حسنين ملتقي الاصدقاء والمفكرين من كل انحاء العالم من ري بوش الانجليزي الي جينارو جيرفازيو الايطالي الي صديقه عالم الاجتماع الياباني الي المفكر جليبير اشقر وعشرات من المفكرين العرب والاجانب الذين يضعون زيارة حسنين ضمن برامج زيارتهم للقاهرة . وعندما تدهورت حالته الصحية وأصبح حبيس جهاز الأكسجين كان ينظم لقاءات دورية ويجيد تصنيف اصدقائه حسب اهتماماتهم . فيضع خطة للقاءات تجمع الاصدقاء من داخل مصر وخارج مصر وكانت " قعدات " حسنين ندوات فكرية وسياسية منتظمة نتزود منها ونجتمع فيها علي محبة واهتمام حسنين .
عندما بدأت حالته الصحية تتدهور وضع الاصدقاء جدول للمناوبات لكي لا يكون وحده وربما يصاب بأزمة خلال الليل ويجب ان يكون هناك شخص قادر علي التصرف . كانت حالته الصحية تتراجع وكنا نطالبه بالمقاومة. إلي أن وهن الجسد وضعفت المقاومة فأمتنع عن الطعام والشراب وطلب " الموت الرحيم " كما قال الصديق الدكتور علاء عوض .
الاسابيع الأخيرة مرت بطيئة ومؤلمة إلي أن توقف عن المقاومة وقرر الرحيل .
لقد رحل حسنين كشك عن عالمنا أمس 19 فبراير 2019 ولكنه سيظل باقي معنا بذكرياتنا المشتركة وحياتنا المشتركة وتجاربنا الناجحة والفاشلة . وستظل ذكريات " بيت حسنين" من النعام الي شارع فهمي الي هيئة التدريس ذكريات لا تنسي وعلامة فارقة في حياتنا.
قطعت بينا جامد يا صاحبي الحبيب . لن أقول لك وداعا ولكن أقول الي لقاء قريب .
إلهامي الميرغني
20/2/2019



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشركة الأهلية للصناعات المعدنية ( مصنع أبو زعبل للحديد والص ...
- مقدمات 18 و 19 يناير 1977 وحاتم زهران
- الشعب السوداني حول الشتاء إلي ربيع الحرية
- القطاع العام في مصر الى اين؟
- أزمة المصطلحات والمفاهيم وإشكاليات التغير وطرح البدائل في مص ...
- الانيميا والبدانة والتقزم وسوء التغذية أهم أمراض الفقراء في ...
- بيع الجنسية المصرية حلقة من مسلسل التسليع والتفريط و البيع
- الانتحار في مصر
- أكاذيب حول غلاء الاسعار في مصر
- تعديل وزاري أم وزارة جديدة؟!!!
- أسعار البترول وانعكاساتها علي ميزان المدفوعات والموازنة العا ...
- أزمة المياه في مصر ( 1 )
- معركة التاكسي الأبيض والشركات الدولية وأزمة نقل الركاب بمصر ...
- ثروات مصر بين الفقراء والأغنياء
- الوضع االقتصادي في المنطقة العربية
- لماذا نرفض مشروع قانون التأمين الصحي الجديد؟
- ماذا يحدث في السعودية – زلزال 4 نوفمبر ؟!! 2 – ثنائية النفط ...
- ماذا يحدث في السعودية – زلزال 4 نوفمبر ؟!! 1-أهمية السعودية ...
- عودة صندوق الدين والمندوب السامي إلي مصر
- العاصمة الإدارية الجديدة


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - بيت حسنين كشك