كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي
(Kamal Ghobrial)
الحوار المتمدن-العدد: 6335 - 2019 / 8 / 29 - 11:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين تتحول الديموقراطية إلى ديماجوجية
بريطانيا العظمى صاحبة أعرق وأعظم تجربة ديموقراطية على امتداد تاريخها، في ورطة الآن تتخبط في كيفية عبورها. بدأت باستفتاء الشعب على البقاء بالاتحاد الأوروبي، وجاءت النتيجة شبه متعادلة، مع تفوق طفيف لا يكاد يذكر لصالح قرار الخروج. وكانت نتيجة ذلك ما شهده أعظم برلمانات العالم وأعرقها، من فشل في إقرار خطة خروج آمنة لبريطانيا من الاتحاد، لا تتسبب لها ولشركاء الاتحاد في خسائر. وتفك الاشتباك وتداخل المصالح الذي حدث خلال فترة الاتحاد.
المشكلة الأساسية هنا هو تلك المقاربة التي اتبعتها بريطانيا، ومن قبلها دول أوروبية أخرى. والمتمثلة في اللجوء إلى الاستفتاءات الشعبية لتقرير البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي.
مذهل أن يساء توظيف آليات الديموقراطية في مهد الديموقراطية الحديثة.
يُطلب رأي عامة الناس في التوجهات العامة عبر صناديق الاقتراع. سواء بالاقتراع المباشر، أو عبر التمثيل النيابي. لكن في مقاربة موضوعات اقتصادية متخصصة، كالبقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي، فالذي يجب أن يؤخذ رأيه هنا ليس عامة الناس، ولا حتى السياسيين الإيديولوجيين ونواب البرلمانات. لكنها المقاربة العلمية المنوطة بتقارير ودراسات الخبراء، سواء الاقتصاديين، أو الخبراء في شتى نواحي الموضوع الفرعية.
كلما تطورت الحضارة الإنسانية وتعقدت وتداخلت عناصرها، كلما تضاءلت قدرة الفرد العادي في تحديد ما هو الصالح له، حتى في قرارات حتى حياته الشخصية العادية، ولزم اللجوء للمتخصصين ومراكز الدراسات. وتجاهل هذا باسم "رأي الشعب" أو "الديموقراطية"، ليس أكثر من غفلة وإساءة استخدام وعبادة عمياء لأصنام فكرية أو بيروقراطية.
#كمال_غبريال (هاشتاغ)
Kamal_Ghobrial#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟