منسى موريس
الحوار المتمدن-العدد: 6325 - 2019 / 8 / 19 - 02:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن مجال الكهنوت هو الوحيد فى العالم أيها الساده الذى نجد فيه هذه الخاصية والميزة التى لم ولن ترى مثلها فى أى مجال آخر خارج نطاق الكهنوت , فلن نجد هذه الميزة عند العلماء والمُفكرين والفلاسفة الذين غيروا العالم للأفضل بفضل إجتهاداتهم الضخمة وحدهم فقط الكنهة أصحاب هذه العاده.
هذا السلوك ليس سهلاً برغم أنه يظهر وكأنه بسيط وطبيعى ومقبول لدى السواد الأعظم من الناس لكنه قد يؤسس لأفكارهدامه لا يستهان بها فالأشياء الكبيرة تبدأ بأشياء صغيرة وتافهه, إن تَقْبيل يد إنسان يقترن دائماً بالقداسة والتفرد والتميز ونوع من السُلطة الروحية , كونك تنحنى كى تَقْبل يد إنسان مثلك هذا معناه أنه أفضل منك فى الروحية السلطوية أيضاً , ولاتنفك هذه العاده عن القداسة وفى الغالب عندما تلتصق القداسة بالأبوة الروحية لشخص ما بذلك نحن نقتل بداخلنا كل فكر نقدى تجاه هذا الشخص ونعتبر أن كل أفكاره وآرائه نابعة من حكمه إلهيه عليا وبالتالى يكون هذا الشخص مُقدس فى أفكاره وسلوكياته مما يُمهد له ويكون فى وقت ما فوق كل نقد وتصحيح ومراجعه ونبدأ بتبريرأفكاره وسلوكياته حتى ولو كانت فارغة من أى معنى ومضمون وهدف وحكمة وهذا هو السبب الرئيسى فى نقدى لهذا الموضوع إن أى عاده حتى ولو بسيطة قادرة على التأثيرفى الواقع سواء بالسلب أو بالإيجاب والشعوب التى لاتنتقد هى ميتة .
وهذا المقال هو تجميع لأشهر أدلة المؤيدين لهذه العاده وتفنيدها , أولاً لايوجد نص فى الكتاب المُقدس يأمر بتقْبيل أيدي الكهنة ولم يذكر الإنجيل فى أى موضع من مواضعه أن هذا حدث حتى مع المسيح نفسه فلايوجد نص يقول أن الناس كانوا يقبلوا يد المسيح ولايوجد نص يقول أن التلاميذ كانوا يمارسون هذا السلوك مع المسيح أو نص حتى يقول أن الشعب كان يُمارس هذه العاده مع تلاميذه فلاتوجد آيه تُشرع تَقْبيل أيدي الكهنه .
الدليل الأول : يقولون أن هناك آيات فى الكتب المُقدس تُرسخ لهذه الفكره مثل
فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!»وَقَبَّلَهُ
(إنجيل متى 26: 49)
وأيضاً
(قَبِّلُوا الابْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَتَّقِدُ غَضَبُهُ. طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ .
سفر المزامير 2: 12)
وهناك أيضاً بعض النصوص التى فيها تَقْبيل وهؤلاء يأخذون هذه النصوص كدليل على تبرير هذا الفعل ولكن هل إستدلالاتهم صحيحة؟؟ بالطبع هذه ليست أدلة تُثبت رأيهم لعده أسباب منها أولا : كل هذه النصوص تتكلم عن القَبَلَةُ ليس هدفها التَقْبيل فى حد ذاته بل تعبير رمزى عن حبك لشىء أو الإيمان به فمثلاً عندما تجد شخص تحبه فأنت تُرحب به و ُتَقْبله كدليل على إيمانك بالعلاقه بينك وبينه ليس أكثر .
ثانياً : الكثير من الأشخاص الذين آمنوا بالمسيح لم يقْبلوه على يده فهل معنى هذا أنهم غير مؤمنين به؟ برغم أنه بارك إيمانهم ومدحهم عليه مثل المرأه الكنعانية؟
وإذا كانت القَبَلَةُ شرط أساسى للإيمان فإن المسيحيين لم يروا المسيح ولم يُتَقْبلوه فهل معنى ذلك أن المسيحيين غير مؤمنين بالمسيح؟؟؟؟
ثالثاً المسيح لم يفرض أى شىء على الإنسان بل رسالته واضحة يُريد قلب الإنسان من الداخل بل غسل أرجل التلاميذ كدليل على تواضعه وجاء لكى يخدم البشر , ولم نجد أن تلاميذ السيد المسيح مارسوا هذا الشىء مع الشعب.
الدليل الثانى :تَقْبيل يد الكهان يُعتبر إحترام للكنهوت .
وهنا أطرح سؤالاً على هؤلاء هل كل شىء أحترمه يجب عليا تقبيله؟ إذا كان ذلك كذلك فيجب علينا تقبيل أيادى العلماء لأننا نحترم علومهم ونحترم الأطباء لأنهم يعالجونا ونحترم عمال النظافه الذين لولاهم لإنتشرت الأمراض والأوبئة وهلم جرا..أم هؤلاء يحترمون الكهنه فقط ولايحترمون أصحاب المهن الآخرى؟؟؟وإذا كانوا لايحترمونهم فيقاطعوهم وإذا كانوا يحترمونهم فليقبلوا اياديهم أيضاً؟ !!
وإذا كان هؤلاء الذين يبررون هذه العاده بُحجه الإحترام فعل الكهنة تقبيل أيادى الشعب الذى منهم أشخاص أكبر عمراً من الكهنة أم يجب على الناس إحترام الكنهة فقط والشعب ليس له أى إحترام؟؟
من الممكن أن يقول شخص أن الكنهة متواضعين ويحترمون الشعب بدليل طقس غسل أرجل الشعب؟ هذا الطقس لاينفى الدليل الذى سُقتة فما المانع من ممارسة هذا الطقس وتقبيل أيادى الشعب أيضاً ؟
بالمناسبة هذا الطقس يمارسونه بشكل حرفى إنما المسيح كان يقصد به أن هدف الإنسان هو خدمة الآخر والتواضع وليس الطقس هو الهدف لأن الناس قادرين على غسل أقدامهم ولايحتاجون إلى شخص يغسل أقدامهم إلا فقط المرضى .
الدليل الثالث :
يقولون أن ممارسة هذه العادة من باب الأبوة الروحية.
وهنا أطرح بعض الأسئلة أليس هذا معناه أن الأبوة الروحية مُقتصره فقط على فئة الكهنة ولايمكن لأى إنسان عادى أن يكون أب روحى؟؟؟ أليس هذا معناه أن الله يُفضل فئة على باقى الناس ؟ أليس هذا معناه أن مهما بلغ الإنسان العادى من الإيمان لن يصل إلى درجة الكاهن؟ إذا كانت الإجابات بنعم فنحن وصلنا لكارثه روحية لايعلم مداها إلا الله وحده وإذا كانت الإجابات بلا لماذا لايكون للكاهن أب روحى من الشعب ويُقبل يده؟؟
الدليل الرابع : الكاهن هو الذى يُمارس الطقوس المقدسة.
يقولون أن ممارسة الكاهن للطقوس المقدسة مثل التناول ويقدمه للشعب فهذا يبرر هذا السلوك؟
وهنا أطرح بعض الأسئلة هل القداسة تأتى من ممارسة الطقوس أم من الإيمان القلبى؟؟ كيف تأتى القداسة ويأتى الإيمان من لمس وممارسة الطقوس ؟؟ أليس التاريخ يكشف زيف هذا المنطق كم من كاهن كان يُمارس هذا الطقوس وفعل جرائهم عظيمة ولكم أن تبحثوا فى تاريخ الكنيسة؟إن حمل ولمس أو حتى بلع أى شىء له معنى روحى لايُغير الإنسان للأفضل بل الذى يُغير الإنسان للأفضل هو التجربة الروحية القلبية مع الله مباشره.
تذكروا دائماً أن الأمور البسيطة قادرة على خلق أشياء كبيرة.
#منسى_موريس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟