كان ذلك النهار هو 8/8/1988

سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)

الحوار المتمدن-العدد: 6315 - 2019 / 8 / 9 - 01:11
المحور: سيرة ذاتية
    

كان ذلك النهار هو 8/8/1988

سمير حنا خمورو
جاءت الى المعهد العالم العربي في باريس حيث كنت اعمل كرئيس قسم الابداع السمعي البصري، فنانة إيطالية تطلب العون للحصول على معلومات عن المسرحي العربي خاصة وانهم قد قرروا ان تكون هذه الدورة عن مسرح الدول العربية الواقعة على البحر الابيض المتوسط.
وفِي الاستقبال في الطابق الأرضي، شرحت لهم عن مهمتها، فأجابتها احدى الشابات؛ اننا لا نملك مسرح، وليس لدينا معلومات! وبالصدفة كنت مارا من هناك وسمعت الجواب، غضبت وعاتبتها، واقتربت من الشابة الايطالية وقلت لها لدينا مسرح، ومسرح متطور تأليفاً وإخراجاً وتمثيلا، تفضلي الى مكتبي في الطابق الاول، وجلسنا في المكتب واخرجت لها أرشيفي الخاصة عن المسرح العربي (كنت اجمع كل ما ينشر في الصحف والمجلات عن العروض المسرحية، وايضا عن السينما)، وكنت قد بوابتها بحسب الدول العربية، ولما كان مهرجانهم كما شرحت لي مختص بمسرح دول الواقعة على البحر الابيض المتوسط، قدمت لها شرح عن مسرح هذه الدول وأخذت تسجل وتكتب المعلومات في دفتر صغير .

ولوحدها قالت نحن لن ندعو اسرائيل بسبب احتلالها لاراضي فلسطينية والهمجية التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني، شكرتني وذهبت ...بعد أسبوع وصلتني رسالة من ادارة "المهرجان مارسلا" في ايطاليا، تشكرني على المعلومات القيمة التي زودتهم بها، ثم تسألني ان أكون مسؤولا عن الجانب العربي في تنظيم البرنامج، وتترك لي حرية دعوة مسرحين من مخرجين وممثلين وكتاب مسرح وايضا ان اختار لهم عملين لعرضها في المهرجان، وفِي نهاية الرسالة كتبوا؛ وطبعا انت مدعو كل ايّام المهرجان ونبقى على اتصال.
وهكذا اقترحت عليهما اسم مخرج، وكاتب وعمل من مصر، وكذلك من الجزائر اسم كاتب وناقد، ومن كذلك من سوريا ولبنان والمغرب، وفلسطين. مرسالا اسم مدينة إيطالية ساحلية جميلة تقع على البحر الابيض المتوسط.

وهكذا وجدت نفسي مدعوا في هذا المهرجان المسرحي في مدينة مارسالا، وجاءت فرق مسرحية من كل الدول الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، ولكن مع الأسف لم تشارك الدول العربية بعروض مسرحية، شاركوا مخرجين، وكتاب، وممثلين ونقاد، على امل المشاركة في الدورة القادمة.
وكانت خشبة المسرح هي امتداد للبحر. وخلال 10 ايّام المهرجان شاهدت مسرحيات رائعة، وقبل حفل الختام دعتني ادارة المهرجان الى قرية على أطراف مارسلا تصنع خمرا اصفرا معروفا في ايطاليا وأوروبا واكلنا طعاما ايطاليا لذيذا، لا علاقة له بالمطاعم المنتشرة في فرنسا، وخرجت من هناك بصندوق خشبي فيه 6 قناني من الخمور صفراء اللون كأنها الذهب، هدية لي على مساعدتي في إنجاح المهرجان.

ومن الأسماء التي اقترحتها على ادارة المهرجان الفنان المسرحي المغربي المعروف "الطيب الصديقي". واثناء امسيات وليالي المهرجان أصبحنا قريبين، وكان لديه مشروع لبناء مسرح في المغرب من تبرع ومساعدة كل الاصدقاء والمعارف الذين كان يعرفهم، وبعد انتهاء المهرجان قررنا ان نذهب الى مدينة المافيا باليرمو التي لا تبعد عن مرسالا الا عدة ساعات قليلة بالسيارة وما ان وصلنا ووضعنا حقائبنا في الفندق حتى أسرعنا بالخروج للتعرف على معالم المدينة، ولما كنّا نعرف من السينما والاعلام انها مدينة اشهر رجال المافيا، واثناء التجول كنّا نمزح ونمني النفس بالتعرف على وجوه المافيا وكلما يمر رجل من أمامنا أقول لطيب وانا اضحك انظر قد يكون هذا او ذاك الرجل منهم، ويمزح بدوره لا هذا لايشبه مارلون براندو، وتعبنا من التسكع وعدنا للفندق وكانت غرفتي في الطابق الثاني والطيب في الاول وما ان استقر بي المقام وإذا بالهاتف يرن، وقلت في نفسي من يعرف أني في باليرمو ؟ وسمعت الطيب يصرخ من الفرح سمير عندك ويسكي قلت له طبعا وقنينة فودكا أيضاً. قال انزل واجلب كل الخمر الذي معك فاليوم خمر... انزل الى بار الفندق، حاولت معرفة ما الامر، ولكنه كان يقول لي عندي لك ولنا جميعا خبرا مفرحا، نزلت حاملا زجاجتي الويسكي والفودكا وكان في استقبالي على مدخل البار، وصاح ما راني ووجهه ينطق بالفرح، سمير الحرب توقفت انتهت انتهت الحرب، استسلمت ايران .. ولم اصدق ما يقول وقال اسمع التلفزيون اسمع الراديو لقد إذاعو الخبر قبل قليل من التلفزيون بريك نيوز، قطع البث وإذاعة خبر انتهاء الحرب. وصاح بماذا نبدء قلت بالويسكي والمزة ؟ التفت الى النادل وطلب منه ان يجلب لنا الى غرفته، عدد من الاجبان كان يعرف اسمائها بالإيطالية، وصحن كبير من فواكه البحر، وايضا الثلج، كان الجو حارا في المدينة وصعدنا الى غرفته وفتح التلفزيون، وبين حين واخر يعاد الخبر ... كان ذلك النهار هو 8 /8/ 1988 .
ولم نكن ندري انه كان هناك فخ أكثر موتا هو فخ الكويت !

#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)       Samir_Khamarou#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل