أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - نهضة ثقافية ام أزمة ثقافية؟















المزيد.....

نهضة ثقافية ام أزمة ثقافية؟


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6314 - 2019 / 8 / 8 - 00:24
المحور: الادب والفن
    


نهضة ثقافية ام أزمة ثقافية؟
نبيل عودة
(اراجع بعض نصوصي المحفوظة بدون نشر، منذ 10 سنوات، واجد ان واقعنا الثقافي يدور في حلقة مفرغة، حقا برزت بعض الأسماء الهامة، لكن السيل الهائل من النشر الثقافي بمستوى ضحل نسبيا، يعطي صورة سلبية )

الشعر كأهم ظاهرة ثقافية، منذ أقدم عصر ثقافي عربي، كان اما شعرًا هجائيًا أو مديحًا اما إذلالاً او تكريمًا، اما حبًا أو كراهية، أو بطولات اسطورية، او غزلا بالحبيبة او رثائيات وما زلنا في نفس الساحة لم يتغير فينا الا وسائل تنقلنا ونوع مساكننا، وأنواع أكلنا ووسائل استماعنا.

انبهار العالم العربي بما يعرف بشعر المقاومة، اعطى في وقته للجنار الشعري دفعة حماسية غير معهودة فتكاثر الشعر والشعراء، تكاثر ايضا منظمي الكلام تحت تسمية الشعر، فكثر الشعراء وقل الشعر، وقد انتبه محمود درويش آنذاك لهذه الظاهرة وكان محررا لمجلة "الجديد" الثقافية، فكتب افتتاحية هامة بالعدد السادس – عام 1969 بعنوان "أنقذونا من هذا الحب القاسي". ختم مقاله الهام بقوله:" آن الأوان لأن توضع حركتنا الشعرية في مكانها الصحيح، بصفتها جزءا صغيرا من حركة الشعر العربي المعاصر عامة، وذلك يستدعي تخلص الناقد العربي من الخضوع التام لدوافع العطف السياسي، وحدها، على أصحاب هذه الحركة، فلا يكفي هذا الشعر أن يكتب في إسرائيل. إن وضع الحركة في مكانها الصحيح هو خير طريقة لنموها وتطورها لارتياد آفاق أوسع، خاصة إذا تذكرنا دائما أنها مازالت في المراحل الأولى من الطريق الطويل". للأسف لم تقد صرخته لعقلنة الانفعال العربي بشعرنا الفلسطيني المقاوم، وانعكس ذلك سلبا على تطور شعرنا داخل اسرائيل بعد مرحلة درويش وزملائه!
كشعب بنيت ثقافته التاريخية على الشعر، ما زال الشعر مزايدة تهدف الى احتلال المكانة في رأس الصف، والحصول على المراد بالموهبة وقوة الصوت (السنا شعوبا سماعية؟)، وهو مجد ما بعده مجد، وتذكرة تسمح بالصولان والجولان في دنيا السلاطين ودنيانا كلها سلاطين، من السلطان الكبير ووريثه حتى سلاطين الأحزاب والتنظيمات القومية والالهية.
هل بالصدفة أن أهم شعراء العرب البارزين في العصر الحديث، قضوا جل حياتهم بعيدًا عن بلادهم وعن سلاطين بلادهم حتى لا يطولهم سيافي سلطاتهم بسيوفهم الجاهزة لقطع الرؤوس؟
وهل بالصدفة ان سائر رافضي نعم السلاطين، مشردون في "بلاد الغرب الكافر"، او مقيدون في سجون حكامهم، تلافيا لشرهم على أمن النظام وضمان حب الجمهور لحكامه؟
اليوم تمتلئ صفحات الجرائد والأنترنت بالقصائد والنثريات والخطابات القومية التي تطفح بالاعتزاز العروبي والفلسطيني، مؤكدين بديهية انتمائهم للحضارة العربية الشرقية. أصبحت الوفرة سنة مبادئ حياتهم، ولم تعد مجاهرتهم بدعم النضال الفلسطيني وانتمائهم القومي العروبي، وشتم الصهيونية قبل وبعد الوجبات الدسمة، يجرهم الى المعتقلات او التضييق بأشكاله المختلفة!!
فقدت الكلمة قيمتها، أصبحت الوطنية تقاس بعدد الكلمات وضخامة معانيها وطول القصائد الحماسية. أصبح التهريج والصراخ مقياسا للوطنية وصار كل مكتشف لسر صياغة الكلام شاعرا وكاتبا وطنيا.
كان الخرس خيارهم حين كان شعبنا وطليعته النضالية يدفعون ثمنا رهيبا بحريتهم وبلقمة خبزهم. اليوم يريدون اقناعنا بمصداقيتهم الوطنية والشخصية، فابشروا وانشروا تفاهاتكم، شعراؤنا ومثقفونا ومناضلونا وشبابنا وشيوخنا ونساؤنا ورجالنا لم يهادنوا نظام القمع العنصري حتى في أحلك ايامه على شعبنا وأكثرها سطوة وتعسفا وارهابا. افتخر أني كنت صبيا يافعا بالسابعة عشر من عمري حين فرضت علي الإقامة الجبرية في مدينتي الناصرة، وكنت اسافر للعمل في حيفا بتصريح عسكري محدد بالوقت وبالطريق وعنوان مكان العمل وأي تجاوز معناه السجن والعقاب. لذا لم أكمل دراستي للهندسة الميكانيكة في حيفا، قضيت سنتين اتعلم بدون تصريح متهربا من الشرطة، ثم اقترح علي السفر للاتحاد السوفييتي آنذاك لدراسة الفلسفة والاعلام وليس الهندسة كما كنت ارغب، وخسرت عمليا مستقبلي المهني. لأني لم أجد عملا مناسبا، حتى حزبي تخلى عني واختار لوظائف مناسبة تماما لقدراتي الإعلامية او التعليمية المهنية، من لهم واسطة او قرابة لا يمكن ردها، كما جرى معي ثلاث مرات في بلدية الناصرة الجبهوية، رغم كوني من انشط كوادر الحزب الشيوعي والجبهة، تنظيميا وإعلاميا وانتخابيا (لدي كل التفاصيل ولا انشرها احتراما للراحلين).
لا أحبائي لم نصل الى ما نحن به من دمقراطية وحقوق، رغم نقصانها الفاضح، لأن بطلا قوميا ظهر فجأة، وأرعب الصهيونية في عقر دارها. أو لأن العواصم العربية أصبح يحسب لها حساب في صهيون.
حين كان المتنعمون اليوم "يقرفصون" على عصاعيصهم أمام عتبة السلطة العنصرية، كان شعراء المقاومة في فلسطين 48 وادباء ومناضلين صامدين آخرين يصلبون في الزنازين ويشتتوا في السجون والمنافي ويطردون من سلك التعليم وتقيد حرياتهم ويفتقدون للعمل المناسب. اين نحن اليوم من مناضلين لم يرضوا حتى بالصمت، وجاهروا بمواقفهم وطردوا من التعليم ومن العمل، وضيق السلطان مصادر الرزق عليهم، ولم يشتروا رضاء السلطان حتى بكلمة خادعة ؟!
حتى اللغة فقدت قيمتها، لا أهمية لما تنشر، المهم ان تضبط قواعد اللغة وتملأ صياغاتك بياض الجريدة أو صفحات الكتب، والويل لك إذا ألقى القبض على خطأ لغوي في نصك. مسموح لك ان تخطئ في استقامتك، ان تخطئ في مصداقيتك، ان تخطئ في شرفك، ان تخطئ في وطنيتك، ان تبيع نفسك ببعض الفضة، ببعض الشواقل، ولكن الويل إذا أخطأت بتشكيل آخر الكلمة.
ما قيمة اللغة عندما تصبح كلمات لا معنى لها، كيفما قرأتها من فوق الى تحت أو بالعكس، لا يتغير المعنى، ويجب ان تقر رغما عنك، أنك امام مبدع طال انتظارنا له، أكثر من انتظار اليهود للمسيح. المهم ان تضرب بسيف السلطة، مهما كانت موهبتك متدنية، سنسميك شاعرا وكاتبا وناقدا وأديبا عبقريا وفيلسوفا وسياسيا وطنيا ومناضلا لم يبدأ النضال والصمود الا مع ظهوره وتجليه بعد أن صمت طويلا، وحين صار ضامنا للدخل من السلطة العنصرية، تفتحت مواهبه الوطنية والابداعية واللسانية.
هل الرأي الذي يطرح حين تزول المخاوف، له نفس قيمة الرأي الذي يطرح ويتعرض صاحبة لبطش السلطة؟!
هل الراي الذي يطرح بتفكير واختيار صعب للمعاني، للتحايل على قوانين السلطة، قيمته نفس قيمة الرأي الذي يقال بدون أي حساب وبدون أي تفكير وبدون ملابسات تعرضك للبطش السلطوي ؟!

هناك شعراء قتلهم شعرهم، واليوم تقتل التفاهة الشعر، تقتل الأدب الجيد، تقتل المواقف، تقتل العقلانية، تقتل الفكر، تقتل اللغة، تقتل الكرامة الشخصية وتقتل رغبة القراءة لدى القراء. يقول الشاعر محمود درويش: "الشعر هو الذي يعيد الحياة الى اللغة " هذا حق. والكرامة تعيد الحياة الى الأنسان، والصدق يعيد الحياة الى المجتمع البشري، والاستقامة تعيد للنفس البشرية تفاؤلها. نحتاج حقًا الى إعادة تفكير، وإعادة ترتيب بيتنا الثقافي والسياسي، والفصل بين الأدب وبين الضحالة التي اغرقتنا، بين السياسة والتهريج الذي أنزلنا الى القاع، علنا نُعيد للكلمة رونقها وللنص جماليته، وللغة معناها وقيمتها، وللشعر اسطورته، وللأدب قيمته التي نفتقدها، وللعقلانية منبرها ومكانتها، وللسياسة احترامها.
امنيات، ولكن تجربتنا علمتنا انه لا شيء مستحيل !!

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات نصراوي: حكايتي مع الابداع الثقافي
- محاولة لرؤية جديدة: جذور العنف في الوسط العربي
- مخيم الناصرة يستقبل رئيس البلدية علي سلام بالأغاني والرقص ب ...
- أنقذونا من هذا الشعر
- القائمة المشتركة: مشكلتها لجنة الوفاق!!
- انطباعات أولية من زيارة مخيم الناصرة البلدي
- كلمات للتفكير بعد عاصفة تي بي جوشوا في الناصرة
- سياسة نتنياهو: تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام
- اللغة العربية بين الإتقان والتهريج
- بركة يشق صفوف الجماهير العربية بإدارته للجنة المتابعة
- استمرار واقع التمييز سيعمق ظواهر العنف المدني في المجتمع الع ...
- العنف في الوسط العربي بات ارهابا مدنيا
- حين يصعد رؤساء أمريكا الى السماء
- فلسفة مبسطة: دوافع نقد الدين عند نيتشه وماركس
- لننتصر على هتلر - كتاب تزداد اهميته بظل تعمق سيطرة اليمين ال ...
- ثقافتنا والنقد الأدبي
- يوميات نصراوي: الهاجس الثقافي
- تزوير التاريخ والآثار حسب النهج الإسرائيلي
- إشكالية الحداثة في مجتمعنا العربي
- يوميات نصراوي: ضعيف يقاويني قصير يطاول


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - نهضة ثقافية ام أزمة ثقافية؟