أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - الحرب الطاحنة بين أمريكا والصين















المزيد.....

الحرب الطاحنة بين أمريكا والصين


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 12:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصدر الرئيس "ترامب" مرسوما بوضع شركة "هاواوي" الصينية في القائمة السوداء، بوصفها خطراً على الأمن القومي الأمريكي.. وهذا المرسوم الذي شكل صدمة للعاملين في عالم التكنولوجيا والاتصالات، لم يكن معزولا عن الحرب الطاحنة التي تدور بين الولايات المتحدة والصين.

بموجب هذا المرسوم أعلنت كبرى الشركات الأمريكية وقف تعاملها مع "هاواوي"، منها فيسبوك وإنتل وميكروسوفت وغوغل.. ومنعها من استخدام البرمجيات الأمريكية، وتعطيل تطبيقاتها (إنستغرام، واتساب..). فإلى أي مدى ستؤثر تلك الإجراءات على الطرفين؟

الصين دولة صناعية كبرى، وعملاق اقتصادي، يصغر أمامها أقرب منافسيها، وليس من السهل تحطيمها، أو تجاوزها، أو استبدال منتجاتها وأسواقها، وهي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة وأوروبا، ويبلغ حجم ناتجها المحلى نحو 12 تريليون دولار (مقابل نحو 19 تريليون للولايات المتحدة)، وتمتلك أكبر احتياطي من النقد الأجنبي في العالم، بأكثر من 3 تريليونات دولار، واحتياطي من الذهب يبلغ 78 مليار دولار، وما زالت تحقق نمواً متسارعاً منذ سنوات، ما يجعلها أبرز الدول المؤثرة في القرار الاقتصادي العالمي. وقد تصاعد نفوذها وتأثيرها الاقتصادي مع تنامي قوتها التكنولوجية، على نحو يضاهي وربما يفوق مثيلاتها، ومع تعاظم حجم وتأثير شركاتها الكبرى، وافتتاحها أضخم شبكة طرق برية تقربها من الموانئ الدولية، تصل إلى قلب أوروبا، وهي المبادرة التي تلقى اعتراضا كبيرا من أمريكا، وتصفها بمبادرة الغرق والجشع الصينية.

هذه المعطيات تشكل مصدر قلق وذعر لأمريكا، التي ما زالت تعتبر نفسها سيدة العالم، ولا تقبل شريكا ولا منافسا لها في هيمنتها على العالم. لذا بدأت تشن حربا تجارية ضد الصين، هدفها الرئيس ليس حماية اقتصادها؛ بقدر ما هو عرقلة نمو الاقتصاد الصيني، وهذه الحرب أخذت تتصاعد بشكل خطير مع مجيء "ترامب"، ولكن، من المستبعد أن تصل إلى درجة المواجهة العسكرية، وذلك بسبب الظروف الداخلية لدى البلدين، فالصين تتجنب أي حرب عسكرية، لأن عصب سياساتها الحالية يتطلب الحفاظ على الاستقرار الداخلي.. والأمر نفسه ينطبق على الجانب الأمريكي.

والحرب التجارية تقوم بين دولتين أو أكثر، بهدف تحقيق منافع اقتصادية، وحماية مصالح كبار المستثمرين، ولفرض الهيمنة على الأسواق (الداخلية والخارجية)، وحماية الصناعات الوطنية، من خلال فرض رسوم جمركية، أو رفع معدلات التصدير، أو تخفيض قيمة العملة الوطنية.. وإذا كانت الحرب التجارية بين دول كبرى فإنها تؤثر على الاقتصاد العالمي، وتثير مخاوف المستثمرين في كل مكان، وتؤدي إلى تراجع مؤشرات أسواق المال والبورصات في مختلف العواصم، كما تؤثر على معدلات النمو والبطالة وأرباح الشركات في الاقتصاديات المرتبطة بالدول المتصارعة تجارياً، والأهم أنها تؤثر على جمهور المستهلكين.

تشن أمريكا حربها على الصين بإدعائها حماية حقوق الملكيّة الفكريّة، وأيضا باتهامها انتهاك حقوق الإنسان، واضطهاد الأقليات (المسلمون الإيغور).. وفي الحقيقة، تتضارب المصالح الأمريكية مع الصينية في عدد من القضايا، منها مبيعات الصين من الأسلحة غير التقليدية، واستثمارات الصين الضخمة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وامتلاك الصين لتكنولوجيا متطورة للجيلين الخامس والسادس من الإنترنت؛ فالصراع بين العملاقين الرقمييْن في مجال الإنترنت تكنولوجي/ تجاري/ أمني في آن معاً؛ ينطوي على رؤيتين مختلفتين كلياً للإنترنت ولطريقة إدارة الشبكة العالمية. كلّ نموذج يطمح إلى فرض رؤيته على الآخر، وتثبيت نفسه سيداً على الشبكة في العقود المقبلة.

بدأت الحرب فعليا بفرض "ترامب" رسوما جمركية بقيمة 200 مليار دولار على الواردات الصينية، بهدف إصلاح الميزان التجاري بين البلدين، الذي يميل لصالح بكين. وردت الصين بأنها ستفرض رسوما على 5000 منتج أمريكي.. ويقترح خبراء صينيون أن تتخذ حكومتهم إجراءات لإضعاف عملتها. وبما أنّ الصين هي الاقتصاد التجاريّ الأكبر في العالم، وأكبر مشترٍ للنفط، اقترحوا أن تستخدم تأثيرها بدفع عملتها الخاصة في الأسواق العالمية لتقليص هيمنة الدولار الأمريكي، وهذا يضر واشنطن بشكل كبير.

وهذه الحرب ستضر الدولتين، فكلاهما متعادلان تقريباً كطرفين في الحرب التجارية، والسؤال من يصبر ويتحمل أكثر؟

في الآونة الأخيرة أخذت حياة معظم الأمريكيين ترتبط بأشكال عديدة بالتجارة الصينيّة الأمريكية، ومع تصاعد التوتر، وتوسّع الحرب التجاريّة سيتأثر جميع الأمريكيين؛ فمثلا كبرى شركات صناعة الأحذية (أديداس، نايك) حذرت "ترامب" من تأثيرات الحرب السلبية على المستهلك، وطالبته بإنهائها. وكذلك فعلت الغرفة التجارية الأمريكية في الصين، التي تضم 900 شركة أمريكية تعمل في الصين، من بينها بوينغ، وشركة فايزر للأدوية، وعملاق المشروبات كوكاكولا، إضافة إلى شركات السيارات.

ويقول اقتصاديون من جامعتي برينستون وكولومبيا، إن الرسوم التي فرضت على شريحة كبيرة من الواردات، تكلف الشركات الأمريكية والمستهلكين 3 مليارات دولار شهريا، في صورة تكاليف ضريبية، إضافة إلى مليار و400 مليون دولار خسائر بسبب انخفاض الطلب. وتوصل بحث آخر إلى أن المستهلكين الأمريكيين والشركات هم من يدفعون معظم تكاليف الرسوم الجمركية، أما الضحية الكبرى فهم المزارعون، والعمال. كما أن الكثير من الشركات الأمريكيّة سوف تخسر السوق الصينيّة، 40% منها نقلت أو تفكر في نقل إنتاجها خارج الصين بسبب ارتفاع الرسوم، وهذه الشركات ستتعرض لهزات كبيرة، لأن تغيير وجهة الاستيراد والتصدير يستغرق وقتا طويلا، ويكلف الكثير.

وفي العام 2018، ارتفع العجز التجاري الأمريكي 12%، ليبلغ نحو 621 مليار دولار منها 323 مليار دولار مع الصين فقط، وتجاوز الدين العام الأمريكي حدود 22 تريليون دولار.

حتى لو تسببت الحرب التجارية ببعض الألم للصين، لكنّها لن ترضخ للابتزاز الأمريكي، وستجبرها الحرب في على تسريع تحولها الاقتصادي. وما يفيدها في هذه المعركة، طبيعة المجتمع الصيني، وتاريخ طويل من التربية الحزبية النمطية، التي تجعل الشعب بأكمله يصطف خلف قيادته، وتضعِف إلى حد كبير من قدرة أي قوة معارضة في المستقبل.

فرغم الحرب استمر نمو عدد الشركات المسجلة في بكين ليصل إلى نحو 1.65 مليون شركة، برأس مال يبلغ نحو 5.7 تريليون دولار، وخلال عام 2018 تم تسجيل نحو 180 ألف شركة جديدة، بمتوسط يومي 790 شركة، كما استبدلت الصين نحو 5% من الواردات الأمريكية بمنتجات محلية.

ترامب كارثة على أمريكا، وعلى العالم..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريطانيا بين زمنين
- لعنة النفط، وأثره على المجتمعات العربية
- المسيح المخلّص، والمهدي المنتظر، وحروب نهاية التاريخ
- الدين، والضرب على نقاط الضعف الإنسانية
- النكبة، ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- تاريخ النار
- عن تحديث الخطاب الديني
- أسلحة المناخ
- قصة مخطوطات قمران - مخطوطات البحر الميت
- رجل اسمه خوسيه موخيكا
- سفّاح نيوزيلندا
- عقلية المؤامرة
- نيجيريا، والفرص الإفريقية الضائعة
- النوم سنة كاملة
- عن الخلافة العثمانية
- لعنة البترول، في فنزويلا والعراق
- هل من حرب على الإسلام؟
- إسرائيل، والصراع على هوية الدولة والمجتمع - دراسة بحثية
- الثقافة السمعية
- علوم زائفة


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - الحرب الطاحنة بين أمريكا والصين