أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسان عشاق - الحكومة الخفية او الدولة العميقة في المغرب















المزيد.....

الحكومة الخفية او الدولة العميقة في المغرب


الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي


الحوار المتمدن-العدد: 6296 - 2019 / 7 / 20 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحسان عشاق

الحديث عن الدولة العميقة في المغرب يجرنا الى التساؤل ان كانت هناك قوى حقيقية مندسة في أحشاء وتجاويف الدولة تشتغل خارج القانون تتشكل قاعدتها الصلبة من سلطات دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية وامنية وشركات عابرة للقارات من مهامها الاساسية فرملة الاصلاحات العميقة التي تعد المدخل الاساسي لنقل المغرب من دولة تعاني الفقر والحاجة الى دولة عصرية تحتكم الى مبدا تكافؤ الفرص والمساواة والعدالة الاجتماعية.
ومن المهامات الاساسية لحكومة الظل عدم السماح بتجاوز الخطوط الحمراء في التعاطي مع النظام الحاكم ومناقشة ميزانية القصر والعكسر والسفريات والممتلكات والريع باعتبارها طابوهات بل مقدسات الاقتراب منها يعرض للمسائلة والمتابعة القضائية،ثم هل القوى الخفية في اجهزة الدولة تتحمل المسؤولية في الاوضاع المزرية التي يعاني منها الشعب المغربي مند الاستقلال...؟ وهل القوى الخفية من مصلحتها كبح تطور المجتمع ومن اولوياتها الحرص كل الحرص على ضبط ميزان التغيير الافقي والعمودي وعدم تجاوز جرعات محددة للوعي والتفكير المتقدم انطلاقا من كون الشعب لا يزال قاصرا ولاباس من ممارسة وصاية دائمة على اختياراته وتطلعاته.اذا كان الامر كذلك فما دور الحكومة والاحزاب والنقابات والجمعيات في المشهد العام خصوصا ان الخريطة الانتخابية متحكم فيها وتعيين الوزراء والولاة والعمال يخضع لاعتبارات متعددة...؟ هل وجود وامتداد مكونات المجتمع المدني مرتبط بالتعايش مع كائن هلامي تنفذ مخططاته بحثا عن ثغرة للمشاركة في اللعبة وليس في صناعتها...؟ ومن خلال هذه المنطلقات هل الدولة العميقة تشكل قوة النظام الضاربة ومناعته وحصانته والضامنة و الماسكة بزمام الامور و الكفيلة بمواجهة التحديات الانية والمستقبلية على اعتبار انها خلقت شبكات اخطبوطية من العلاقات واذرع سياسية ومالية وتشريعية وقضائية واعلامية وتنفيدية وامنية متعاونة ومنقادة تخدم في العمق توجهات الجهاز المؤثر في القرارات السيادية.
رغم الاصلاحات الخجولة التي دشنها المغرب في العشرية الاخيرة والانفتاح على المبادرات فان حضور الدولة العميقة في الوعي الجماعي لا يزال حاضرا ويمثل بالاساس في المحيط المقرب للنظام ورجالات الدولة الذين يتمتعون بصلاحيات واسعة ونفوذ قوي يصعب تليينه واختراقه في الوقت الراهن على اعتبار ان ميزان الثقة لا يزال هشا كما ان الاوضاع الاجتماعية غير مستقرة مما يجعل من حكومة الظل حاجة ملحة للنظام لتسويق توجهات ونموذج سياسي واقتصادي مسموح به.
ان سيطرة كارتل رؤوس الاموال على ثروات ومقدرات الوطن ووضع يد رجالات السلطة على المناصب السامية والمؤسسات التشريعية بل وتحفيظها والافلات من المسائلة والمحاسبة كلها امور تدفع في اتجاه التاكيد القطعي على وجود ( الدولة العميقة) في مغرب الحداثة والديمقراطية وحقوق الانسان وحرية التعبير وهلم جرا من المفاهيم الفضفاضة و والواسعة التي لا نجد لها مكانا في المغرب القرن 21 رغم المحاولات المبسترة للمخزن في تقديم صورة مغايرة للمنظمات والحكومات الدولية.
ان وجود مؤسسات تشريعية ومنظمات وهيئات مدنية ومؤسسات اعلامية لايعني بالضرورة ان المغرب بلد ديمقراطي لان الاطارات لا تمارس دورها الحقيقي في التوعية والتثقيف والرقابة و تعقب بؤر الفساد وفضح تهريب الثروات والتربح غير الشرعي والافلات من العقاب ... ان الغالبية العظمى من الاحزاب والجمعيات النشيطة تابعة للدولة تشتغل وفق اجندتها وبتوجيه صريح منها وكل تمرد على القوالب الجاهزة يقابله قطع صنابير الدعم العمومي وتقزيم بل وتفتيت الاطارات الى حلقات ضعيفة تتاكل من الداخل وتضمحل تدريجيا.
و انطلاقا من المعطيات السالفة والحقائق الصارخة في المجتمع على تمركز الثروة والسلطة في ايدي الحلقات المقربة من النظام فان وجود الدولة العميقة في المغرب ثابت ومؤكد لا يحتاج الى كثير عناء لاكتشافه بالنظر الى العائلات التي تتحكم في الحكومة والاقتصاد والمؤسسات الانتاجية المعفي غالبيتها من الضرائب و الامتناع الصريح عن تطبيق قانون الشغل ومنح الحقوق الكاملة للعمال وضبط الاسعار والاحتكام الى التنافسية الشريفة وفق تصور يخدم في المقام الاول الطبقة الكادحة ويمكن للدولة العميقة خلق الاضطرابات والرجات في المجتمع كلما تعارضت مصالحها انها اقوى بكثير من مؤسسات الدولة الغارقة في التبعية المطلقة للجهة الخفية التي تؤتمر باوامرها وفي حالة العصيان فان الاقالة تكون كل نهاية للمسؤول المتمرد.
رغم الشعارات البراقة المستهلكة فانه لا مقدرة للحكومة في مواجهة لوبي متشابك ومعقد يمتلك الادوات و الوسائل للاستمرار من خلال حبك الدسائس والمؤامرات والاضطهاد الفكري باستغلال التغول السياسي والتمركز في مفاصل الاجهزة العمومية والمجتمع عموما ناهيك عن ممارسة الرقابة الشاملة على جميع الانشطة وتحريك السلطة الاعلامية لتكسير شوكة الخصوم المفترضين ولا ضير من استعمال القمع والقوة والاعتقال لتحقيق الطموحات والمرامي.
وجود الدولة العميقةاوالقوى الخفية التي تدير دواليب الحكم من الخلف يعني بشكل قطعي وجود دولة هشة بعيدة عن كل البعد عن المفاهيم الكونية للديمقراطية في مفهومها الواسع والشامل ويبقى راسمالها الشعارات والخطابات الفارغة المدغدغة للاحاسيس وهذا المعطى تفضحه الهزات والقلاقل الاجتماعية التي يتم فرملتها بالقمع في غالب الاحيان والعقوبات السالبة للحرية امام غياب الاحترام الكلي للحريات الجماعية التي اقرها الدستور والمعاهدات الدولية.
كلما انكشفت المتناقضات داخل المجتمع وتعرت اساليب التدجين والاستمالة بفعل القوى المؤثرة في الوعي الجماعي ونعني بها النخبة المثقفة القادرة على صناعة القرار هذه الاخيرة التي استهلكت وطالها التبخيس والقمع وانسحبت تدريجيا من الساحة لعدم وجود ارادة جماهيرية للانتصار للمثاقفة ومطالب الدولة العصرية الحديثةالتي يستحيل الحديث عنها داخل منظومة مضببة تحركها وتغديها الجماعات البيروقراطية والدينية الطفيلية المرتهنة بدورها الى القوى الخفية التي تمارس ادوارا مزدوجة وبامكناها خلق القلاقل والهزات بل القدرة على خنق الدولة والبطش بالفكرين وسحق المعارضة ويمتد تأثيرها المستتر الى المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
عناصر الدولة العميقة تفبرك الاحداث وتخلق الازمات وتثير الاشكالات وتوجه الحياة العامة لترجيح كفة المصالح الخاصة وهذا ما حدث فعلا سنة 2011 ابان الربيع العربي الذي هل على المغرب وانخطرت حركة 20 فبراير في تنظيم المسيرات لحمل المخزن على الاذعان والاستجابة لمطالب مشروعة ليتم اختراقها من طرف الاحزاب السياسية التي اصبحت تتحكم فيها وتنتقي الشعارات وتوجه اتجاهاتها ناهيك عن القمع الذي طال رموزها من قبل عصابات (البلاطجة) في اغلب اقاليم المملكة..
ومن خلال هذه التدخلات السافرة والوحشية لضرب الحراك الشعبي اتضح بجلاء ان القوى الخفية لا تعمل على تعزيز مفاهيم الايديولوجية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وخلق تنمية مستدامة حفاظا على كرامة المواطن بل تضع اسس صلبة ومثينة لتوليفة طيعة وملحقات ادارية وسياسية ورجال دين وإعلام و عسكر وقضاء واستخبارات ومثقفين متواطئة لخدمة التصور العام والقواسم المشتركة بين المقربين المصالح الاقتصادية ومشاريع تجارية ومالية في اغلب المدن، وعلاقات اجتماعية وعائلية ومصاهرة لتقوية اللحمة ومنع الاختراق وكبح الاحتجاج وحماية المصالح و الحفاظ على الامتيازات، انهم فوق القانون معفيون من أية محاسبة أو مساءلة ولو عظمت الجرائم المرتكبة في حق الدولة والشعب.
يمكن اعتبار الدولة العميقة في المغرب من مهامها الاساسية الظاهرة الحفاظ على ملكية الدولة فمن اشهار ورقة الملكية تستمد حكومة الظل الشرعية القانونية وايضا تبرر وجودها واستمرارها في لعب ادوار خارج القانون انطلاقا من مسالة اساسية مفادها ان هناك دائما عدو يتربص بركائز الملكلية والمقدسات ومن واجبها حراسة القيم الوطنية الضامنة للاستقرار سواء من اعداء الداخل او الخارج رغم ان المغرب قطع اشواطا كبيرة في المصالحة ولم يعد هناك خلاف جوهري على النظام الملكي بل على طريقة توزيع واحتكار الثروة وادارة شؤون البلاد فمن غير المقبول وجود مسؤولين في اجهزة الدولة يمتلكون الشركات الاستثمارية العملاقة والاشراف على مشروعات اقتصادية متنوعة في البناء والصيد في اعالي البحار والمنتجات الاستهلاكية والتعدين والنقل... وهذه الامكانات المالية والادارية المتاحة تؤهل الدولة العميقة الى لعب دور قوي في الحياة العامة عبر الاحتكاك والاستثمار في البيروقراطية الادارية في مؤسسات الشعب التي تساهم في تقوية جبهات حكومة الظل المقاومة لجميع اشكال التغيير والاصلاح للوصول الى دولة الحق والقانون التي ما تزال مغيبة في المشهد العام رغم محاولات التوهيم والتخدير الممارس على الشعب المدجن الذي تغضبه خسارة الفريق الوطني مباراة في كرة القدم ولا تحركه الاوضاع الاجتماعية البائسة وغاب عنه روح التضامن والتازر مما يعني ان الدولة العميقة استطاعت ضرب اللحمة الشعبية وخلق جبهات اقتتال على التافه من الامور.
الحسان عشاق



#الحسان_عشاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤشرات متعددة على نهاية حزب العدالة والتنمية المغربي
- دفاعا عن استقلالية القضاء وليس دفاعا عن الصحافي بوعشرين
- الحملة الشعبية المغربية لمقاطعة منتجات استهلاكية والحملات ال ...
- مقاطعة شعب المغرب منتجات استهلاكية وتخاذل الحكومة
- استمرار القمع والاعتقال بمدينة الحسيمة المغربية الوجه الاخر ...
- استمرار الحراك الاجتماعي بالحسيمة وباقي المدن المغربية وفشل ...
- اعذرونا اخواننا في الريف لقد ماتت الرجولة والكرامة في اهل زم ...
- مجلس اليزمي يمنح شهادة حسن السيرة لوزارة الداخلية المغربية ف ...
- ملايير تصرف على مجلس اليزمي بالمغرب للدفاع عن توجهات القصر
- وزير العدل المغربي والقاضي الهيني ومصادرة الحق في التعبير وت ...
- الاصلاح الاداري بالمغرب مدخل اساسي للتنمية المستدامة وتقليص ...
- الاصلاح الاداري مدخل اساسي للتنمية المستدامة ومحاربة الفوارق ...
- الفساد السياسي بالمغرب واليات تفعيل الخيار الديمقراطي
- اي دور للجهلة والاميين في المؤسسات الدستورية بالمغرب...؟
- الخميسات نقابة الأموي بين شطحات الجيلالي بوحمارة وخرجات قاسم ...
- اسباب فشل الاتحاد الاشتراكي في تحقيق فوز صغير باقليم الخميسا ...
- كيف تصبح رئيسا لمؤسسة دستورية في 14 يوما بدون تاريخ نضالي


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسان عشاق - الحكومة الخفية او الدولة العميقة في المغرب