أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة الشرميطي - طقوس حزينة














المزيد.....

طقوس حزينة


سعيدة الشرميطي

الحوار المتمدن-العدد: 6286 - 2019 / 7 / 10 - 23:29
المحور: الادب والفن
    


"طقوس حزينة" بين ذاتية الشاعر و موضوعية الدلالة، مسيرة إحتجاج.

الحزن، أكثر من الفرح، إن لم يحضر إستدعيناه، وإن حضر تمدد، وإذ تمدد تبدد. الحزن...تلك الحالة من غياب الفرح يحضر حضورا صاخبا في حياتنا فيتحول فيصبح في أحيانا كثيرة طقسا من طقوس الحياة اليومية. ضمن هذا الإطار أنزل مجموعة شعرية عنوانها يوحي بمضمونها.."طقوس حزينة" ..هي مجموعة شعرية بعيدة كل البعد عما هو ديني تعبدي،وإن كان مفرد طقوس يتنزل ضمن المعجم الديني، وإنما هي تطويع لكل معاني الحزن في حياتنا.هنا يستدعي الشاعر احزانه ضمن مستويين. الأول ذاتي "للحزن في جسدي هنا أسرار" و الثاني تشاركي، جمعي.
يفتتح الشاعر المنجي العايدي مجموعته برثاء أمه و أبيه واصفا ما خلفه غيابهما في حياته من ألم وانكسار ليكتمل لديه"ثالوث الوجع" بوفاة أخيه طاهر فيشكل غيابهم حزنه الأول و الأكبر، حزن يتفاقم كل يوم كأنما إعصار قلب حياته خريفا قاسيا بعد أن كانت ربيعا مزهرا..كيف لا و الأبوان يعتبران وتد حياة الفرد. غياب الأحبة الأبدي عنه حوّل قلبه إلى "قصر جليد". بكاء الأحبة و حزنه لفراقهم أبكى الشاعر بحورا -على حد تعبير نزار قباني "أبكي و الدمع في عيني بحور" فيصبح حزنه خلاّقا للمعاني فالحزن في هذه المجموعة الشعرية يعد دافعا للقول الموزون فيروق للقارئ الإبحار في معاني الصدر و العجز. هنا يبسط الشاعر أحزانه على بحور عدة تراوحت بين الكامل والبسيط ليتخللها المحدث و المتدارك ليتجاوز معه الشاعر حزنه لفقدان أهله إلى حزنه على وطنه الجريح فتغوص طقوس حزينة في عمق المٱسي الوطنية و تحلق في تعاريج عذاباتنا، ينفخ فيها الشاعر من روحه فتنبعث قصائد عابرة للذاتي لتعتنق الموضوعي، قصائد تصف لحظات كربلائية نجح من خلالها الشاعر في تطويع الحرف للوجع الكامن فينا، وجع الوطن، وطن بعض السعادة لا تزور دياره، وطن صار فيه الأصل الغم و الحرمان يشكو فيه الفرد جوعا و فقرا مدقعا، حتى غابت فيه كل ألوان الفرح فصار لونا مبهما، وطن كثرت فيه الغربان السود راغبة في أن ترفع رايتها السوداء لتعلن عن نهاية الحياة التي نحب وبداية الحياة أو "اللاحياة" التي يحبون لكننا نقول لهم هيهات ...
للمتمعن في المجموعة الشعرية يلاحظ أن الشاعر نجح في أن تكون مجموعته الشعرية ملتزمة إلى أبعد حد، فجل القصائد إنبعثت من صميم السياسي و الاجتماعي و تتحرك ضمن مساري ما هو كائن – ما نعيشه من تُعس إقتصادي، إجتماعي و سياسي- و ما نأمل أن يكون -الأمل في تغيير الواقع- وهو ما يزيد من إلتزام الشاعر بقضايا وطنه و الالتزام هنا مبدأ لا يحيد عنه و هو لعمري من مقومات الجمال في جل القصائد ، هذا الالتزام لم يجعل القصائد تحيد عن الجمالي لفائدة السياسي وهي ترجمة لمقولة ابن خلدون عن الشعر الذي يجب أن يكون "ديوان العرب شرط أن ندونه بطريقة جمالية" .الالتزام هنا ينبع من روح شاعر يعيش مع أبناء الشعب و يتعايش معهم، يؤلمه ما يؤلمهم و يبكيه ما يبكيهم، لذلك اتخذ من الشعر-موزونا و حرا- طريق للاحتجاج و الكتابة هنا، نثرا و مقفاة "ليست نزهة ،بل مسيرة إحتجاج" على رأي الكاتب محمد شكري.
لسائل أن يسأل ما الجديد فيما كتب العايدي؟
يمكنني أن أقول أنّ القارئ يمكنه أن يلاحظ أنّ جلّ القصائد يمكن أن تكون لقطات مصورة من فيلم أو مسرحية و الكاتب لعب دور المخرج الذي حول تلك المشاهد إلى كلمات موزونة، لم يتصنع القول و إنما الكلمات تسافر إليه. هنا يطلّ علينا الشاعر كأنه مصوّر (cameraman) يلتقط بعض الصور بعدسة قلبه ويشاركنا ما أحزنه.

أنهي فأقول أن "طقوس حزينة" وثّقت لما هو سياسي و إجتماعي وأيضا بعض الأحداث التاريخية كالإغتيالات و قطع رؤوس الرعاة ..لذلك يمكن إعتبارها وثيقة لفترة ما بعد الربيع العربي "الكارثي" وهي إذا ليست ملكا للشاعر، وإن كانت حقوق الكتابة محفوظة، وإنما هي ملك للقارئ و قد أخرجها الشاعر من التعبير عن "أنا فردي" لتعبّر عن "أنا جمعي" وهي بانوراما يومية لما يعيشه المواطن على هذه الرقعة الجغرافية من همّ على جميع المستويات، و هي وسيلة للإحتجاج و الثورة على السائد ، و رغم ما فيها من ألم فإن الأمل يظل قائما و قد أنهى الشاعر مجموعته الشعرية هذه بفسحة قليلة من الأمل في قصيدة " أنثى الفصول" كي لا يضيق عيشنا و هنا يستحضرني درويش حين قال "و بي أمل يأتي و يذهب ولكن لن أودعه أبدا".



#سعيدة_الشرميطي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طقوس حزينة


المزيد.....




- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟
- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...
- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة الشرميطي - طقوس حزينة