أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موسي نجيب موسي - قصة قصيرة بعنوان المثال














المزيد.....

قصة قصيرة بعنوان المثال


موسي نجيب موسي

الحوار المتمدن-العدد: 6279 - 2019 / 7 / 3 - 18:34
المحور: الادب والفن
    


المَثَّال
وحيدًا هو.. لا يؤنس وحدته سوى تلك التماثيل التى يصنعها بمهارة وموهبة.. لم يتزوج بعدُ ولم يختر هو ذلك؛ لأنه لم يجد بعدُ تلك الأنثى التى تشبه تمامًا ذلك التمثال الذى صنعه بروحه فى ليالٍ طويلة مضت.. كلما قابل إحداهن يقفز إلى عقله دون إرادته المقارنة بين من تقف أمامه نبضًا ولحمًا ودمًا وبين ذلك التمثال.. ينتظر قليلًا لعله فى تأمله لها يعثر فيها على أشياء متشابهة، لكنه يطوى الصفحة فى يأس بحثًا عن غيرها عله يومًا ما يعثر عليها.. لم يتذكر متى قابلها لكنه يتذكر جيدًا أين... هناك فى محطة القطار عندما كان ينتوى أن يذهب إلى خلوته الريفية السنوية التى يقوم بها بشكل دورى حتى يعبئ روحه ومعينه الإبداعى من كنوز الطبيعة، تلك التى تساعده عند قيامه بنحت التماثيل على تسريب روحه خُفيةً داخل كل تمثال ينتهى منه.. تلك الروح التى لمسها جميع النقاد الذين تناولوا أعماله بالنقد والتحليل حيث اجتمعوا على رأى واحد لم يختلف عليه اثنان بأن تلك التماثيل تنبض بروح وحياة لا يعرف أحد مصدرها، ورغم أنها صماء إلا أنها تموج بحركة خفية رائعة تُحَسُّ ولا تُرى.. اندهش من موافقتها السريعة عندما دعاها إلى مرسمه حينما اقترب منها ليسألها عن موعد القطار القادم لم تجب عليه حينها ولكنها أجابت عن السؤال الثانى بهزة رأسها تعنى الموافقة فقامت معه على الفور حتى وصلت إلى مرسمه.
كان يتكلم كثيرًا وكانت تجيبه بإشارات وإيماءات ولم تنطق حرفًا واحدًا.. كانت تنفذ تعليماته حرفيًا وبدقة متناهية وكأنها كانت فى أيامها الأولى تعمل موديلًا لطلاب كلية الفنون الجميلة.. تعرّت تمامًا أمامه من كل شىء حتى كشفت عن كنوز جسدها المبهر الذى وقف طويلًا مشدوهًا إليه ولا يعرف من أين يبدأ النحت.. لكنه أخيرًا بدأ واستمر العمل أيامًا طويلة كانا يقضيانها معا.. كان من بين مهامها طوال فترة قيامه بنحت تمثالها أن تقوم بإعداد الطعام له ولا تشاركه فيه وتشترى له علب السجائر وجميع احتياجاته عندما تعود إليه فى صباح اليوم التالى.. لا ينفصلان عن بعضهما سوى فى سواد الليل.. فكان حينما يتعب أو ينتهى من عمل اليوم ترتدى ملابسها وتذهب فى صمت إلى أفخم الفنادق لتبيت ليلتها ثم تعود إليه محملة بكل طلباته التى لا ينسى أن يكتبها لها فى ورقة صغيرة فى يدها قبل أن تغادره.. لم تعترض نهائيًا على أى أمر من أوامره فقد كانت تلبى وفقط حتى عندما كان يمر بيده الحانية على مناطق حساسة جدًا من جسدها أو يضغط بحرفة وحنكة فى أماكن معينة حتى يستفز شهوتها لم تكن تعترض.. كان كلما انتهى من نحت جزء من التمثال يقف منبهرًا أمام ما صنعت يداه، فالتمثال يكاد يطابق الأصل فى الروعة والدقة وخاصة مناطق الإثارة فيها.. لم يشأ كما تعود أن يطلق اسمًا على تمثالها فهى لا تشاركه الحوار ولا تبادله الرأى وفضَّل أن يكون التمثال مجهولا كصاحبته.
ذات صباح أبلغها بأن اليوم هو آخر يوم عمل فى التمثال حيث اللمسات الأخيرة التى تبرز جمال التمثال أكثر وأكثر.. عند انتهائه من عمله فى ذلك اليوم قامت فى هدوء وارتدت ملابسها الفاخرة وقبل أن ترحل دست فى يده مبلغًا من المال وعندما اعترض عليها بشدة فاجأته بقولها: "هذا حقك فهذا المبلغ كنت أنتوى دفعه فى المصحة العلاجية التى كنت ذاهبة إليها بأمر من الطبيب المعالج عندما قابلتنى على محطة القطار".
قالتها وصفعت الباب خلفها بشدة.. بينما هو لم تستطع قدماه على حمله فغاص فى مقعده وهو يقبض بقوة على النقود وراح يفتش فى ذاكرته عن امرأة أخرى تشبه التمثال الذى انتهى من نحته هذا الصباح.



#موسي_نجيب_موسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بعنوان المثال


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موسي نجيب موسي - قصة قصيرة بعنوان المثال