أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الوطنُ …. عند السلف الصالح














المزيد.....

الوطنُ …. عند السلف الصالح


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6279 - 2019 / 7 / 3 - 14:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أما "الوطن"، فهو مصرُ الجميلة. وأما "السَّلفُ"، فهم سلفُنا المصري القديم، أجدادُنا المصريون. ولماذا هم صالحون؟ لأنهم علّموا العالمَ القيمَ الرفيعة والأخلاق، قبل الرسالات الدينية بآلاف السنين. علَّموا أبناءهم التحضّر والسُّموّ وعدمَ الانبطاح أمام المطامع. علّموا أبناءهم الرحمة والعدل والترفّع عن الصغائر. علّموهم أن الإنسانَ لا يستحقُّ البعثَ والخلود في الفردوس الأبديّ، إن فقط تسبب في دموع إنسان، أو تعذيب حيوان، أو شقاء نباتٍ إن نسي أن يسقيَه. علَّمونا أن نكون عينًا للأعمى، وساقًا للكسيح، ويدًا للمشلول، وأبًا لليتيم. وأن عدم احترام القانون أو خيانةَ الوطن أو الإهمال في العمل، أمورٌ تَحرمُ الإنسانَ من البعث والخلود، فيُلقى به في سلّة العدم ليأكله "عمعوت”. علّمنا أسلافُنا العظامُ أن الكذبَ وتشويه الناس بالشائعات، من أحطّ الخطايا، وفاعلُها لا يستحقُّ بعد موته حياةً أخرى مع الصالحين. علّمنا السلفُ المصريُّ الصالحُ أن العمل من أسمى ألوان التعبّد وإرضاء الله في عليائه. هكذا كان سلفُنا المصريُّ الصالحُ؛ الذي لو مشينا على دربهم؛ لعلونا فوق العالم.
تبدأ (قيمةُ الوطن) عند السَّلف الصالح من اسم الوطن. نحتوه من العبارة: (ها- كا – بتاح)، وتعني باللغة المصرية القديمة: (منزل روح الإله بتاح )، وهي أرضُ مصر العظيمة. ومع تعاقب اللسان الإغريقي ثم البيزنطي على مصرَ؛ تطورت العبارة إلى: (هي- جي- بتو)، وصارت مع الوقت إيجبت، Egypt. ومن "هيجبتو " جاءت كلمة (َ قَبَط ) المصريون. أوما (كاهي – رع) فهي أرضُ (رع). إله الشمس. وتُنطق: (كاهيرا)، وهي "القاهرة" الحالية.
وإذن، ربطَ أجدادُنا الأرضَ (أسماءَ البلاد)، بالسماءِ (أسماءِ الآلهة). (مصر): (منزل بتاح)، الإله واهب الحياة الذي نادى على الدنيا للوجود. (القاهرة): (أرض رع)، إله الشمس. وهذا يدلُّ على أن سلفَنا الصالح وضع (الوطنَ) في قداسة السماء. هنا نفهم كيف قدّس المصريُّ الوطنَ، وجعله تميمةَ فردوسه وخلاصه الأبديّ.
القبطيةُ إذن هي عِرقُنا المنسيُّ المهجور، والهُوية التي حافظ عليها أشقاؤنا المسيحيون الأقباطُ، رافضين أن يُفرّطوا فيها. وامتدّ حفظُهم لهُويتنا المصرية بالتمسّك باللغة "القبطية" في صلواتهم. فحافظوا عليها لنا من الاندثار. واللغة القبطيةُ هي المرحلةُ الأخيرة من تطور اللغة المصرية القديمة التي تكلم بها سلفُنا الصالح، قبل آلاف السنين. ثم يتجلّى حفاظُهم على الهوية المصرية كذلك في اختيار أسماء أطفالهم: إما فرعونية: (إيزيس- أوزوريس- حورس- رمسيس- نفرتاري- الخ)، أو قبطية: (بشاي (العيد)، باخوم (النسر)، بسادة (اللهب)، بيجول (الشهد)، أثانيسيوس (الخالد)، إيريني (السلام)، إنجي (ملاك)، أليس (النبيلة)، بطرس (الصخرة)، أبانوب (أبو الذهب)، تواضروس (عطيةُ الله ) الخ).
ولا تتوقفُ قيمةُ الوطن لدى السَّلف الصالح عند نحت أسماء البلاد والعباد، بل امتدت لما بعد الموت. فالسَّلف المصريُّ تأمل ظاهرةَ الموت، واختفاء الإنسان من (الوطن) الذي أحبّه فشيّد فيه وعمّرَ ورسمَ ونحتَ واخترعَ وألّفَ، فكان عليه أن يبتكر حلاًّ يعالجُ (فقدَ الوطن). فابتكر "البعث"؛ من أجل العودة إلى الحياة بعد الموت، ومن ثَم الرجوع إلى ذلك "الوطن" الذي عشقه وتركَ فيه المعابد والمسلاّت والقصور والقلاع والحصون والترسانات والأساطيل، وبقية تجليات الحضارة العظيمة التي دوّخت البشرية في عمقها العلمي والفلكي والطبي والمعماري والفني.
وتتجلى قيمةُ الوطن عند السلف الصالح كذلك في "مفتاح الحياة" (عنخ). ذلك الشكل التجريديّ الرامز للحياة والبعث. فجعله تجريدًا لخريطة مصر. الخط الرأسي يرمز لنهر النيل. يعلوه مثلثٌ بيضاويٌّ يرمز للدلتا. ويرمزُ الخط الأفقي لشرق مصر وغربها. هكذا يرتبط (الوطنُ) من جديد بالحياة والبعث في ذهن السَّلف الصالح. ولابد أن يحمل الملكُ الفرعوني (عنخ) في يدٍ، وفي الأخرى يمسك (صولجان واس) الذي يحمله الإله في الجداريات أو الملك الفرعوني القديم، ويرمز إلى السلطة والثبات ورعاية الشعب.
يقفُ الملكُ رمسيسُ الثاني قائلا: أنا رمسيس الثاني. أنا ابنُ مصرَ العظيم. أنا ملك أعظمَ أمةٍ علي وجه الأرض. سأمحو من الوجود كلَّ من يفكر في الاعتداء على مصرَ، أو إيذاء شعبي العظيم. سأذِّلُ أعدائي وأعداء بلدي ومملكتي. لتظلَّ مصرُ الأعلى والأقوى والأغنى والأعظم، مما على وجه الأرض.
كانت هذه هي الكلمة التي قلتُها في (صالون يونيو) أمام ضيف الشرف الكبير: قداسة البابا المعظّم تواضروس الثاني، الذي استضافنا مشكورًا في المقرّ الباباوي، واحتفى بنا خيؤَ اختفاء، وقدّم للصالون هديةً ثمينة من صنع يد الراهبات الكريمات، مؤكدًا على اهتمام الكنيسة المصرية الوطنية العريقة بإثراء الحياة الثقافية بالتنوير، الذي ينهضُ بالمجتمعات. أشكرُ الكنيسةَ المصرية الراقية ورئيسَها المستنير قداسة البابا على تلك الليلة التاريخية المفرحه التي حُفرت في ذاكرة الجميع، وفي ذاكرة الصالون الثريّ بضيوفه وروّاده ورسالته الطيبة. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برقياتُ محبة للبابا تواضروس … من المسلمين
- لماذا مصرُ استثنائيةٌ؟
- مرسي ... جاوز الإخوان المدى
- طاووسُ الشرقِ الساحر
- لا شماتة في موت مرسي … ولكن...
- حول قِبطية چورج سيدهم!
- محاولةٌ أخرى للتنفّس
- عيد ميلاد جورج سيدهم
- سهير، آنجيل … ماتَ معهما … كلُّ شيء!
- 1 يونيو … عيدًا مصريًّا
- محمد عبده يُشرقُ في سماء الأوبرا القاهرية
- كتابٌ … يبحثُ عن مؤلف!
- أنا أفريقية وأفتخر!
- أطفالُ السجينات ... فوق كفِّ السيدة الجميلة
- محمد ممدوح … صمتُه كلامٌ!
- الصحوةُ من الصحوة … وارتزاقُ الأصفار!
- محمد عبده وطلال … يراقصان صِبانا
- شافت الصليب قالت: والمصحف مانا واخدة تمنه!
- الطريدة
- كونوا طيبين … حتى تطيرَ بالوناتكم!


المزيد.....




- إسرائيل قاتلة الأطفال تحاول بث نار الفتنة الطائفية
- سلي أطفالك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- ماذا يعني اعتراف روسيا بإمارة أفغانستان الإسلامية؟
- “بدون تشويش أو انقطاع” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- بابا الفاتيكان يدعو لوقف ’وحشية الحرب’ في قطاع غزة
- الرئيس الروسي يلتقي في موسكو كبيرَ مستشاري قائد الثورة الإسل ...
- هآرتس: تصدع في دعم الإنجيليين الأميركيين لإسرائيل بسبب استهد ...
- بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء -وحشية الحرب- ووقف العقاب الجماعي ...
- بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء -وحشية الحرب- ووقف العقاب الجماعي ...
- تفاصيل خطيرة.. مصر تحبط مخطط -حسم- الإخوانية لإحياء الإرهاب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الوطنُ …. عند السلف الصالح