أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر أبوالقاسم - علاقة الإيمان بالله بمفاهيم العلم والاجتماع














المزيد.....

علاقة الإيمان بالله بمفاهيم العلم والاجتماع


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1544 - 2006 / 5 / 8 - 11:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في بلد كالمغرب، قد يبدو غريبا بعض الشيء تواجد حركية متطرفة ومنغلقة لمجموعات التيار السياسي الديني، بالنظر إلى التميز الذي يطبع هذا البلد، سواء بموقعه الجغرافي أو مساره التاريخي أو طبيعة وشكل تفكيره، المختلف عما عرفته وتعرفه المجتمعات الشرقية، التي تجمعنا بها علاقة اللغة والدين. وهو ما يدفعنا إلى اعتبار هذه الظاهرة من المشاكل التي تم تصديرها لنا من المجتمعات الشرقية التي "لنا معها بعض القواسم المشتركة" بدوافع وأسباب متعددة.
فالمغرب كان منبعا من منابع الفكر الإسلامي في مختلف المجالات العلمية والفقهية، وفي كافة النواحي المتنوعة من اجتماع وسياسة واقتصاد وتربية ...إلخ، لكن استيعاب مفاهيم الدين الإسلامي وقيمه الأساسية في المغرب، كان مختلفا بشكل كبير عن الطرق والكيفيات التي كان يتم بها الاستيعاب داخل المجتمعات الإسلامية الشرقية، بحيث كان هناك نوع من التفرد على مستوى التحلي بخصائص من قبيل: الانفتاح على مختلف تجارب الحضارات والثقافات المجاورة للمغرب، والتفاعل معها، وهو ما كان يشكل مصدر غنى وثراء، وباعثا للاجتهاد قصد التعاطي مع الإشكالات التي تطرح في سياق التلاقح، ولم يكن ذلك قط في تاريخ المغرب مسخا لهويته المتعددة الأبعاد، ولا طمسا لمعالم حضارته وثقافته المتنوعة، أو أي شيء من تلك النعوت المشينة التي تعود أصحاب التيار السياسي الديني على إلحاقها بالتجربة المغربية.
وضع التفرد والتميز هذا هو الذي ساهم بشكل كبير في بروز أعلام فكرية وفقهية متميزة في تاريخ الغرب الإسلامي؛ كابن رشد، وابن حزم، وابن خلدون، والقاضي عياض... وغيرهم كثير، فقد اجتهدت هذه الأعلام في إطار التلاقح الحضاري والثقافي، دون أن يطرح إشكال التشبث أو الانغلاق على المرجعية بالحدة التي طرح بها في الآونة الأخيرة من قبل التيار السياسي الديني.
اجتهدت هذه الأعلام في إطار الشروط السوسيوثقافية المغاربية، وأفادت من الفكر الإنساني الذي اتصلت به، من خلال العلاقة مع المجتمعات الغربية القريبة جغرافيا، والتمست منه كافة أساليب ومناهج النظر، وبذلك استطاعت العمل على تجاوز كل ما كان سائدا في الشرق والغرب، دون أن يعمل هذا الفكر الإنساني على مسخ هويتها أو تحطيمها أو إدخالها في بوتقة انشغالاته، أو يصهرها في ثقافته، أو أي شيء من هذا القبيل. والآن حين نستعرض أعمال مفكرينا نجدها متعددة في العمل والفهم والتصور والاستنتاج، لكنها متماثلة في السلوك والخلق، الخلق المتمثل في السعي في طريق الحصول على بعض خيوط الحقيقة، لا ادعاء الحصول على الحقيقة ذاتها، وفي التواضع البعيد المدى، والتحقيق الصادق، وذكر فضل السابقين والمعاصرين، حتى ولو لم يكونوا مسلمين. وهو للأسف ما أخذنا نفتقده بفعل "ثقافة السب والشتم" التي يعمل على تسييدها التيار السياسي الديني بدوافع سياسية ومصلحية ضيقة.
والتاريخ اليوم يؤكد أنه بالقدر الذي يُفسح المجال للاجتهاد في إطار التلاقح، بالقدر الذي يصبح فيه الفكر الإسلامي فكرا منتجا، بل ومؤثرا في تطوير آليات التفكير الإنساني عموما، وقادرا على تسييد أفكاره وابتكاراته وقيمه على المستوى الدولي والإنساني، وبالقدر الذي يُسد أفق الاجتهاد في إطار التقوقع على الذات، بالقدر الذي يصبح فكرا كسولا قابلا للاختراق عبر آليات تفكير مستجدة، وعبر قيم إنسانية نبيلة، دون أن يكون مسهما في بلورتها، ولا في اعتناقها، وقد يصبح مناهضا لها باسم الإسلام، وهو حال جماعات التيار السياسي الديني.
لذلك، لا يسعنا القول سوى أن المغرب لا يزال قادرا على العطاء، وعلى الكشف عن أحداث العصر ووقائع الحاضر ومطالع المستقبل، ولا زال الفكر المغربي قادرا على الحفاظ والدفاع عن طابعه الخاص المميز؛ الإيمان العميق والراسخ بالله، إلى جانب تعميق مفاهيم العلم والاجتماع وأدواتهما، وهما مساران غير متعارضين ولا متناقضين.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجبر والاختيار
- مادة التربية الإسلامية
- منزلق نعت المخالفين ب-الخوارج- عن المذهب المالكي
- بعض العوامل المؤدية إلى إنماء شروط الغلو والتطرف
- المواصفات والكفايات مدخل أساسي لتجديد التفكير الإسلامي
- السياسة فعل يهدف التقرب إلى معاني الصلاح
- المنظومة القيمية المغربية بين: الحاجات الشخصية والحاجات المج ...
- الفهم الساذج للهوية معيق للبناء المجتمعي وتحديثه
- ضرورة استئناف النظر في مناهج الاجتهاد المغربي
- مهام منظومة التربية والتكوين وتحديات التعبئة والإدماج الاجتم ...
- الواقعية السياسية وواقع الممارسات الحزبية
- أي دور للدين في سياق التطور التنموي والديموقراطي الشامل؟
- هل العلمانية تعبير عن تحول دخيل منحرف ؟
- التيار السياسي الديني وإشكالية الجنوح إلى الإرهاب
- الديمقراطية بين:واقع التدين المصلحي ومطلب التغيير المجتمعي
- الفهم الساذج للهوية معيق للبناء المجتمعي وتحديثه
- حين تتحجر الأفكار أو تتطرف أو تحلق في الغيب
- تغيير المناهج التعليمية
- إصلاح التعليم الديني جزء من
- الجابري وإشكالية الفصل والوصل بين الدين والسياسة


المزيد.....




- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- بعد تحديد موعد محاكمته.. إمام المسجد الأقصى لـ«الشروق»: انتق ...
- منظمة تشتري المباني العربية لإعادة اليهود لمركز مدينة الخليل ...
- الاحتلال يقتلع 135 شجرة زيتون من ديراستيا شمال غرب سلفيت
- منظمة تشتري المباني العربية لإعادة اليهود لمركز مدينة الخليل ...
- فيديو.. حاخام اليهود السوريين يبارك الشرع في واشنطن
- لماذا يقرأ نتنياهو كتاب -اليهود ضد روما-؟
- فضيحة النصف مليار دولار.. تورط -الإخوان- في نهب تبرعات غزة
- اسلامي: سياسة منظمة الطاقة الذرية هي -الأبواب المفتوحة والاب ...
- -الفوضى صناعة إخوانية-.. هكذا رد ضاحي خلفان على -اتهام الإخو ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر أبوالقاسم - علاقة الإيمان بالله بمفاهيم العلم والاجتماع