أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - العامل الأسود في الوطن الأبيض














المزيد.....

العامل الأسود في الوطن الأبيض


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6271 - 2019 / 6 / 25 - 20:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين تزور الدول الاوربية تشعر أن قلبك العاري خرج من شوارع العنصرية راكضاً في ساعات التجوال وأزقة الانبهار ، محتضناً البنايات والآثار والوجوه وراحة البال ، متأملاً أنفاس ولهاث البشر، الذين ينامون في أوطانهم دون أن تغرس في ظهورهم سكاكين الخلافات وغدر الأنظمة ، و تتدلى من كل شرفة رائحة الاستقرار وازدحام الاحلام التي لا تتوقف عند أبواب الخوف من الغد ، ومن الزمن القادم .
القلب العاري يهبط من تأمله الى مقولة " كل الشعوب تسكن في أوطانها إلا نحن الوطن يسكن فينا " لذلك نشعر عندما نتمتع بالمناظر الطبيعية أو في رؤية المدن والقرى والبحار والانهار والحدائق والسهول والوديان بوميض المقارنة بيننا وبينهم؟ بين استقرارهم الجغرافي الهادىء وحياتهم المرسومة بدقة رسام أراد أن يُظهر قيمة الحياة وبيننا وبين حياتنا التي تحيا على صفيح ساخن ، وغالباً ما ننحاز لحنجرة الوطن التي تغني في اعماقنا لحن الاعتزاز الصامت، مسحوبة بمواويل المنافي .
لا وقت لفتح صفحات الآهات والأحزان خلال السفر والتنقل بين الدول الأوروبية ، لأن الزيارة سريعة وحضور الهموم العربية بحاجة إلى فنادق العالم اجمع كي تنام في غرف الحزن وثقل المآسي.
لكن حين يركض خلفك أحد أبناء جلدتك كي تشتري منه أقلاماً أو العاباً بسيطة ، أو ترى متسولاً عربياً ، أو نادلاً في مطعم شعبي يعامله صاحب المطعم بفوقية وعنجهية ، أو سائقاً عربياً يشكو من استغلال الأجنبي صاحب السيارة ، أو شاباً عربياً يجمع النفايات في الحي يقول بابتسامة صفراء " نار النفايات هنا ولا جنة وطني الذي أنكرني، أنا الشاب الجامعي الذي لم أجد الوظيفة ، بل وجدت بطالة قاتلة وعيوناً تحدق في ملامحي تطالبني بالعمل حتى تسد ثغرة الجوع والفقر".
أصر الشاب السوداني الذي يحمل فوق كتفيه السلاسل والألعاب ، عدا عن الكرتونة الضخمة التي تجد فيها كل شيء - سوبر ماركت متحرك - أصر حين سألته عن وطنه السودان حيث نظر الى بعيد ونزف آهة خرجت من جوفه حمراء قانية " أي وطن" ؟؟ هربت من الحرب والدماء ، قتل أبي وأخي وأمي أيضاً قتلت ، واستطعت الهروب الى هنا ، بعد أن وجدت نفسي سأكون الضحية الرابعة !!
وتركني هارباً من دموعه التي رأيتها تحاول لملمة بقايا ذكرياته المرة . ثم رأيته من بعيد يلف بين الطاولات والكراسي عارضاً بضاعته على رواد المقهى الذين تعاملوا معه بجفاء ، ثم خرج دون أن تنهار ملامحه ، متابعاً تنقلاته بين المقاهي والأرصفة.
في الدول الأوروبية يتحدثون عن هجرة الشباب العرب الى دولهم ، نتيجة الحروب والفقر والبطالة ، ويتحدثون عن الأزمات الاقتصادية التي بدأت تطفو على السطح نتيجة هذه الهجرات التي تزيد من معدل البطالة ، والأسوأ حين تضيع إنسانية المواطن العربي وتتحطم أحلامه على رصيف لقمة الخبز فقط .
كم كنت أود أن يرى حكام الأنظمة العربية وجوه مواطنيهم على وقع المنافي وعضات الحسرة ومطاردة رغيف الخبز وتأرجح الخط البياني للحياة اليومية التي تروح وتجيء كمنشار ينشر سنوات اعمارهم القاحلة .
لقد ترك هؤلاء الشباب أوطانهم الغارقة في دهاليز العنف والفقر الى اوطان لها أجنحة الطيران ، لكن هذه الأوطان أيضاً تخذلهم حين تتعامل معهم بأسلوب تبديل الأوطان باستقرار مزيف، من الخارج سمات الهدوء ومن الداخل لوعة الغرباء .
كنت أتساءل أمام هذا الكم الهائل من الشباب العربي المتسلل من خارطة الدول العربية الى خارطة الدول الغربية ، لماذا لم نجد في أوطننا العربية عمالاً من الدول الأوروبية ، يعملون في الأعمال الصعبة ، الشاقة السوداء ؟؟
لماذا نراهم في الدول العربية فقط في المناصب العلياء كرؤساء لشركات او مسؤولين في إدارة شؤون الدولة ؟ أو رجال استثمار أو أو ؟؟؟ .
الكلمات أعلاه زفرة امرأة عربية وجدت نفسها أمام خيبة أمل من المحيط الى الخليج، خيبة أمل تعانق حقائب السفر التي سرعان ما تفرغ ، ويبقى السفر عند المواطن العربي المتعب هروباً من الوطن الذي أصبح مصيدة تكبس على أنفاسه .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث في يوم العيد
- فنجان التطبيع ودف الرفض
- صالحة تفوز بالجائزة ونحن نركب الحنتوش
- اضربوا الرجال .. وبيضة على رأس كل مسؤول
- المرأة الفلسطينية وتوهج الثامن من آذار
- اطلعوا برة .. وجاء أبو عواد وقال : آه يا ديسكي
- يهودية وسعودية وبينهما طفلة يمنية
- الرقص في وارسو بعيدا عن طريق سموني
- مقتل الخاشقجي ودموع فرح
- هل ستقوم مصر بتصدير الكلاب
- أنا في دار الصياد
- عندما يموت البحر من الجوع
- حرب الدم في داخل حبة بندورة
- الزائر الفلسطيني دفنه الحنين والزائر الاسرائيلي شبع من الترح ...
- قانون القومية يرقص رقصة الكيكي في ذكرى المجزرة
- ما زلت انتظر عودة ساعة جدي
- ريفلين وليبرمان لن يجدوا أنفاق الاصرار
- بدنا نلعن أبوه
- قتله لكن فقراء
- الشهيد نجمة في السماء والاسم المجهول لى الارض


المزيد.....




- فك لغز جثة ملفوفة بسلك كهربائي مدفونة أسفل ناد ليلي في نيويو ...
- ابتز قصّر في السعودية لأغراض جنسية وانتحل صفة غير صحيحة.. ال ...
- مع مجيء اليوم العالمي لحرية الصحافة، ما الأخطار التي تهدد ال ...
- إضاءة مقرات الاتحاد الأوروبي بالألوان احتفالاً بذكرى التوسع ...
- البهائيون في إيران.. حرمان من الحقوق و-اضطهاد ممنهج-
- خطة محكمة تعيد لشاب ألماني سيارته المسروقة!
- في ذكرى جريمة فرنسية -مكتملة الأركان- في الجزائر
- ‏ إسقاط 12 مسيرة أوكرانية فوق 5 مقاطعات روسية
- -واينت- يشير إلى -معضلة رفح- والسيناريوهات المرتقبة خلال الس ...
- انهيار سقف جامع في السعودية (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - العامل الأسود في الوطن الأبيض