أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد كشكار - ما هي مصادر النمو الاقتصادي المزيف في تونس، قبل وبعد الثورة؟














المزيد.....

ما هي مصادر النمو الاقتصادي المزيف في تونس، قبل وبعد الثورة؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6266 - 2019 / 6 / 20 - 17:37
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إهداء المقال: إلى الفلاسفة الماركسيين الذين علموني تثمين النمو الاقتصادي وإلى الفلاسفة غير الماركسيين الذين علموني ألا أقدسه.

مَن قال عن التوانسة أنهم عديمو الضمير المهني، متكاسلون ولمهنهم لا يتقنون، فهو كاذب!
التوانسة لا يتكاسلون، لا يتغيبون، بل أعمالهم يتقنون وفي سبيل خدمة المستثمرين الأجانب في الخارج والداخل يتفننون ويتفانون. يتفانون طمعًا في الكسب الوفير والسريع مما نتج عنه طبقية مقيتة وتفاوت في الدخل أمقت.
يبدو لي أن سبب هجرة الأدمغة التونسية ينحصر فقط في البحث عن تحقيق المتعة الذاتية الخالصة بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، كالشعور بالمسئولية الاجتماعية أو الالتزام الخُلقي حيال الوطن الأم. ويبدو لي أيضًا أن طريق تحقيق السعادة الفردية الانتهازية على حساب المجموعة هو أسوأ طريق، وأن أنبل طريق لتحقيقها ودوامها هو السعي لتحقيق سعادة المجموعة، فسعادة الفرد لا تكتمل إلا بسعادة المحيطين به، عائلته وجيرانه الذين تركهم وراءه في تونس . تركهم اختيارًا وليس ضرورةً.

حتى حكوماتنا المتتالية أصبحت شبه مُسخّرةٍ لخدمة الأجنبي: بعد الثورة، استمر النظام في استكانته لإملاءات الاتحاد الأوروبي وأمريكا (عدم تجريم التطبيع مع إسرائيل في الدستور مثلاً)، إملاءات ممثلة في الرضوخ لأوامر وشروط المؤسسات المالية العالمية، شروط مُذِلّة ومُجحِفة (FMI, BM, BCE, club de Paris, etc).

"نموّنا الاقتصادي" ٌ (5 في عهد بن علي، 0 ثم 2 بعد الثورة). لو حدث عندنا نموّ فهو نموٌّ هشٌّ وتابعٌ: جل مصادر دخلنا الخام خرجت عن سيطرتنا فأصبحت نهضتنا الاقتصادية رهينةً لتحويلات مهاجرينا بالخارج وتحويلات صدقات أمريكا وأوروبا والخليج وتحويلات المستثمرين الأجانب وتحويلات السياح الأجانب عجمًا وعربًا.

كلها تحويلات هشة، ظرفية وغير مضمونة، والدليل القاطع على هشاشتها يتمثل في ما عشناه بعد الثورة خاصة في سنواتها الأولى: عملية سوسة الإرهابية (قُتِل فيها حوالي أربعين سائحًا بريطانيًّا) أوشكت أن تطيحَ بقطاعٍ كاملٍ، فبين عشية وضحاها أصبح 500 ألف تونسي دون مصدر رزقٍ. ظاهرةُ رحيل آلاف الشركات الاستثمارية الأجنبية (قانون أفريل 1972) تركت وراءها مئات الآلاف من العمال العاطلين. ارتفاع المديونية أفقدنا المناعة الوطنية فأصبحنا لا نعيش إلا بالمضادات الحيوية، الحُقنة بعد الحُقنة والقرض يليه قرض، بينهما قرض.

مناعتُنا الوطنية تتمثل في تحقيق اكتفائنا الذاتي من الأغذية الحياتية عبر زراعة الحبوب واللفت السكري، وتتمثل أيضًا في صناعة النسيج والصناعات التحويلية والتقليدية. سرقوا بذورنا الأصلية - الله لا تربّحهم - وحوّلوا بلادَنا إلى "سلة غلال أوروبا"، نُصدِّر لهم الزيت والقوارص والدﭬلة (en vrac) وبأبخس الأثمان، ونستورد منهم البذورَ والسيارات وقِطَعَ الغيار والويسكي والعطورات والألبسة الجاهزة والسلع الكمالية الفاخرة وبأبهظ الأثمان (محصول 10 آلاف دﭬلاية في السنة لا يكفي لشراء سيارة بورش واحدة). صدّروا لنا مصانعَهم الكيميائية الملوِّثة، وأسوأ مثال يحضرني الآن هو "مُركّب الصناعات الكيميائية بـﭬابس"، جريمةٌ نكراءُ ضد البيئة والسكان، صناعةٌ يجني منها المستثمر المقيم في الكويت أو فرنسا الربح الوفير، ولم يجنِ منها سكان ﭬابس إلا التدمير الكبير، تدميرٌ شاملٌ بأتمّ معنى الكلمة: تلويثٌ مكثّفٌ لخليج ﭬابس، مزرعة السمك الطبيعية، إتلافٌ شاملٌ لزراعة الرمّان والحنة التي اشتهرت بفضلها ﭬابس المدينة، وتدهورٌ خطيرٌ في صحة الـﭬوابسية. المفارقة الكبرى تكمن في أن الـﭬوابسية لا يرون من جبل الثلج إلا ما ظهر منه فوق سطح البحر: يطالبون بإنشاء كلية طب بـﭬابس لمعالجة النتائج ويتجاهلون الأسباب. والأجدر بهم أن يطالبوا بإغلاق "مركب الصناعات الكيميائية" إغلاقًا نهائيًّا وإلى الأبد، ولو فعلوها فستكون خيرًا من ألف كلية طب. لقد نبّههم مبكرًا الكومندان كوستو، عالِم البحار الفرنسي، نبّههم منذ السبعينيات من القرن الماضي إلى خطورة هذا المشروع على المدي الطويل، نبّههم وللأسف الشديد لم ينتبهوا. قد نجد لهم عذرًا على صمتهم في عهد بورﭬيبة وبن علي، زمن القمع، لكن ما عذرهم اليوم في زمن "الديمقراطية والحرية"؟

ملاحظة: للأمانة العلمية، استوحيتُ مقالي أعلاه واستعرتُ بعض جُمله وتراكيبه من كتاب "ماذا علمتني الحياة سيرة ذاتية"، جلال أمين، دار الشروق، الطبعة السابعة 2015، بداية من صفحة 360 إلى صفحة 363، فاختلط في نصي النقلُ بالبيان وتشابهت مآسي الأوطان، تونس وهبة النيل وسد أسوان.

إمضائي: "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" جبران



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل تونسي من النخبة هاجر وترك تونس تغرق فقد غرق معها حضاريًّا ...
- قصة واقعية من التراث الجمني
- ابنة يساري تحجبت وابنة نهضاوي بقيت سافرة
- ماذا تعني كلمة -لباس- في سن 67؟
- -تَخارِيفُ- رَجُلٍ مُسِنٍّ (67 عام)؟
- ماذا علمتني الحياة؟
- ثورة يوليو 1952 والولايات المتحدة الأمريكية؟
- الإعجاز العلمي؟
- حوارٌ سِرْياليٌّ بين الشعب التونسي وضمير الشعب التونسي؟
- الناسْ!
- ألِفْ باءْ العلم (Les abc de la science)؟
- مقارنة مقتضبة بين أنشطة المجتمع المدني في بلدية حمام الشط وف ...
- الشعب التونسي -شعب 3000 سنة حضارة -: أكبر كذبة في التاريخ! م ...
- إحباط!
- جوابٌ غيرُ عميقٍ على سؤالٍ عميقٍ!
- لماذا؟
- أعجبني حديثٌ يُقالُ أنه موضوعٌ!
- هل يحتمل وطني التمزيق على اثنين بين والدتين مزيفتين؟
- باسم الإسلام و باسم القومية، لم نخدم الإسلام وفقدنا بعض الوط ...
- هل أصبح تراثنا العربي الإسلامي كالبيت الآيل للسقوط؟


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد كشكار - ما هي مصادر النمو الاقتصادي المزيف في تونس، قبل وبعد الثورة؟