|
غارودي وابن عربي: كافر يعتنق الإسلام على يد زنديق
كمال رزق
الحوار المتمدن-العدد: 1543 - 2006 / 5 / 7 - 11:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرا ما نسمع عبارة "الغرب المادي" والتي طالما يستشهد بها المسلمون الآن كدليل قاطع على اقتراب الحضارة الغربية من نهايتها وبالتالي عودة الحضارة الإسلامية التي تتميز ببعدها الروحي إلى الصدارة ، على قاعدة( إذا سقط الغرب ساد الإسلام!!) ؛ ودون الإلتفات إلى أن هذه الفرضية التي تقارب الصواب بشكل أو بآخر- أي فرضية الغرب المادي، يقابلها الشرق ككل ببعده الروحي( ويدخل في هذا جميع أديان الشرق من الزرادشتية إلى البوذية إلى الهندوسية قبل الديانات التي توصف بالسماوية). والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يدخل الإسلام بشكله الحالي الذي يسوقه فقهاء السلفية والوهابية ومرشدوها ودعاتها في فضاء هذا الشرق الروحي أم أنه يدخل بفضلهم الآن في خانة الأحزاب العنصرية التي تهدف إلى السيطرة والهيمنة على العالم( كغيرها من الأحزاب المشابهة) بالقوة والترهيب ؛ وعن طريق إنشاء فرق انتحارية أوهموها بشعار مقدس محرف " الجهاد في سبيل الله!!" ؛ الله الذي عاد أخيراً ليطالب بالأضحية البشرية بعد أن بدلها بالخراف منذ أيام ابراهيم؟ فيقوم هؤلاء الذين يجاهدون في سبيله بالتكبير بعد ذبح كل ضحية والقول: " اللهم تقبل هذه الأضحية منا " 1 وبتحويل المتأسلمين إلى رعاة يحيطون بجمهور المسلمين ملوحين بالهراوات خوفا من هروب أحدهم من القطيع... لماذا كل هذا الرعب حين يخرج أحدهم من الإسلام( كما حدث مع الأفغاني عبد الرحمن)؟ وبالمقابل لماذا كل هذا التهليل والتكبير حين يدخل أحدهم الإسلام حتى لو كان معتوها أو لصا أو قاتلا ؟ هذا ما حدث فعلا في اليمن السعيد حينما هرب قاتل يهودي من موقع الجريمة وأشهر إسلامه عند شيخ" إصلاحي" فرفض هذا الشيخ تسليمه للعدالة بحجة أن هذا القاتل اليهودي أشهر إسلامه وأن الإسلام يجب ما قبله!!! وسانده في هذا الموقف أستاذ جامعي حين أكد : أن القاتل غير المسلم يُعفى من عقوبة القصاص اذا اعتنق الاسلام جريا ًعلى ظاهر حديث منسوب للرسول: «لا يقتل مسلم بكافر»!!
فكيف إذا كان المعتنق مفكرا كبيرا كروجيه غارودي – مثلا : يصبح هذا دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا على عظمة الإسلام ويصبح مكافأة من الله لهؤلاء المتأسلمين على جهودهم المبذولة من أجل إعلاء شأن الإسلام على طريقتهم وهم يدركون أن أحدهم لن يسأل كيف أسلم روجيه غارودي وعلى يد من ؟ هل على يد ابن تيمية أم حسن البنا أم على يد الشعراوي أم القرضاوي أم البوطي .. بالطبع روجيه غارودي لم تستوقفه أصول الفقه ولا مقاصد الشريعة .. وهو لم يسلم لخوفه من عذاب القبر ولا من الثعبان الأقرع .. روجيه غارودي - يا من تتجاهلون- أسلم على يد "الشيخ الأكبر" محي الدين ابن عربي الذي لقبه "شيخ الإسلام" ابن تيمية بماحي الدين والزنديق ؛ ومحي الدين هذا هو المرجع الأساسي لكل الفرق الصوفية والباطنية الملحدة( كما تنعتونها) داخل التراث الإسلامي الذي يفهمه غيرنا أكثر مما نفهمه نحن بكثير. ابن عربي الذي رأى أن الحب هو علة وجودنا وهو دين بذاته؛ فهو من قال: أدين بدين الحب :انى توجهت ركائـبه, فالدين ديني وايماني 2 وهو الذي جذب غارودي روحيا . وأما ماديا فحين رأى هذا الاشتراكي أن الشعوب الإسلامية تقف في وجه الهيمنة الإمبريالية التي تهدف إلى استعباد الشعوب وجدها تحلم بالعدالة الاجتماعية كما يحلم هو .... لم ير هذه الشعوب تقف في وجه الغرب الصليبي الكافر لأنه كافر وغير مسلم أو لأنه في دار حرب. وهو لم يلبس الجلباب ويطلق لحيته ؛ لم يفرض على زوجته الخمار ولا حتى الحجاب لم يعلن أن الديمقراطية كفر وأن العلمانية تهدم الإسلام.. لم يحلم بفرنسا مسلمة ولا بالشريعة الإسلامية تحكم بلده. بل أكثر من هذا هاجم النزعة المتعصبة عند المتطرفين الاسلاميين في كتابه : " عظمة الاسلام و انحطاطه". وهو من قال أن (الإسلاموية هي مرض الإسلام). ومع كل ذلك فهو أكثر من فهم الإسلام وإن كان لديكم شك في هذا اسألوا شيخنا البوطي - الذي عرف أنه من الضروري أن يعطى هذا الرجل شهادة على حسن إسلامه ( كما يفهم هو وأمثالهالإسلام) فأخذ على عاتقه مهمة مراقبة الرجل أثناء صلاته- وكان ذلك في الجزائر: " وكان يتقدمني بصف . وأخذت أرقبه وأتأمل صلاته ، وهو بين ذلك الحشد من الطلاب ..استزاد بعد الفريضة من النوافل ما شاء و راح يطيل القيام و الركوع ، ولما هوى ساجدا ، لبث في سجوده طويلا لا يرفع رأسه ..ونظرت إلى وجهه بعد أن استقر جالسا و قد تضرج بحمرة قانية ..! لقد كان واضحا أنه لم يكن يحفل بشيء مما حوله ، وأنه مندمج في صلاته لله عز وجل أكثر من أكثر الذين كانوا يصلون حوله ، ولعلي واحد منهم"3 بالطبع كان غارودي مندمجا في صلاته أكثر من يا شيخنا المخضرم وإلا كيف تسنى له أن يراقبه أثناء صلاته. المهم أن الوافد الجديد من دار الكفر أخذ شهادة من شيخنا هذا على صدق إسلامه !!.
وبعد كل هذا ألا يحق لنا أن نستغرب كيف لهؤلاء أن يتباهوا باعتناق غارودي لإسلام كان على يد زنديق ومرتد في رأيهم؟ هذا إن كانوا أوفياء لمبادئهم الفقهية ودعواتهم الظلامية . كمال رزق ============================= مراجع: 1 شفاف الشرق الأوسط 24/4/2006 2 ابن عربي/ ترجمان الأشواق 3 محمد سعيد رمضان البوطي (شخصيات استوقفتني ) ================================
#كمال_رزق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رقية
-
أرجوكم.. لا تطالبوننا بالديمقراطية
-
.. شرق الجنة
-
على مرمى الذاكرة..بغداد وأخواتها
-
عائد من بغداد
-
هاجس التكفير الوهابي؟
-
الوهابية.. غزو البداوة للحضر
المزيد.....
-
بزشكيان يؤكد في اتصال مع السوداني على تعاون الدول الاسلامية
...
-
ألمانيا.. الاتحاد المسيحي المعارض يرفض استقبال لاجئين من سور
...
-
-لا صورة استخباراتية واضحة-.. مستوطنون يهود يكشفون تحديات خط
...
-
بن غفير يصدر قرارا بمصادرة -سماعات المساجد-
-
بزشكيان حول الوضع بسوريا: يتوجب على الدول الإسلامية التدخل
-
وزير الخارجية الايراني: لا نرى فرقا بين الكيان الصهيوني والإ
...
-
بزشكيان: على الدول الإسلامية منع استمرار الأزمة السورية
-
عراقجي: الإرهاب التكفيري في سوريا أثبت أنه يتحرك في الخط نفس
...
-
عراقجي: التكفيريون لن يحققوا شيئا أمام المقاومة
-
عقد اجتماع مشترك للحكومة الايرانية ومجلس الشورى الاسلامي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|