أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - إلى أين يقود المتخلفون العراق ..؟















المزيد.....

إلى أين يقود المتخلفون العراق ..؟


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 6265 - 2019 / 6 / 19 - 09:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو كان هناك أمل ضئيل في تعافي العراق من سرطان العمامة، فالعراضة العشائرية الأخيرة في مستشفى مدينة الطب ببغداد قضت على هذا الأمل وقبرته نهائيا، أو تكون قد أجّلت في أحسن الحالات تعافيه من القيم العشائرية المتخلفة وسلطة العمامة الفاسدة الى وقت يكون الخراب قد أتى فيه على كل شيء في البلاد، وحينها فقط سيشعر العراقيون بهول الكارثة التي أحاقت بهم ودمّرت بلدهم.

العراق في عهده الإسلامي اليوم، عراق ممّزق، فاقد لهويته الوطنية. فالإسلاميّون وهم يعتمدون على العشائر والعمائم في بسط سلطتهم على مقدّرات بلدنا، لا يعرفون الا ثقافة المآتم والمقابر والمزارات، ثقافة عبادة الطقوس التي جعلت بلدنا في آخر سلّم التطور الإنساني والعلمي والثقافي مقارنة ليس مع الدول المتقدمة، بل مع بلدان الجوار الإقليمي التي كنّا متقدّمين عليها في شتى المجالات لعقود خلت. العراق اليوم بلد ليس للعقل فيه سلطان، فالمتخلفون هم من يقودون البلد، والكارثة هي أنّ القطيع يرقص على جثة وطنه أمام هؤلاء المتخلفين.

عراقنا متخلّف وشعبنا متخلّف، وهذه الحقيقة علينا أن نواجهها بشجاعة. فعندما تحتل عشيرة ببيارغها وهوساتها مشفى عام وتحولّه الى ما أشبه بالمضيف العشائري، وتبثّ الرعب والخوف بين الأطباء والمرضى، دون أي تدخل من أجهزة الدولة المختلفة. فهذا يعني إننا نعيش عصر الإنحطاط الفكري والثقافي والأخلاقي، عصر ضياع الكرامة والشرف، عصر غياب الدولة وهي تتهاوى تحت ضربات العقال والعمامة. فما من سلطة تملك ذرّة من الكرامة أو قليل من الشرف تسمح لمثل هذه الأحداث المخزية أن تمرّ دون عقاب، اللهم الّا إذا كانت هي نفسها خريجة المدرستين العشائرية والدينية المتخلفتين.

ماذا أبقيتم من العراق أيها الفاسدون المتخلّفون، والى أين تسيرون به وأنتم تغتالون كل شيء فيه؟ تغتالون بغداد وجمالها بحقد العشائر لكل أشكال التحضر، تغتالون الطفولة حين يقف الأطفال يبيعون سقط المتاع في الشوارع، تغتالون الجمال بإغتيالكم النساء، تغتالون العقل بإغتيالكم التعليم في كافة مراحله، تغتالون آلاف الدونمات الزراعية من محاصيل يحتاجها شعبنا لتستوردوها من دول الجوار بحرقكم لحقولنا، تغتالون الثقافة بكل حقولها وأنتم تبرقعون التماثيل، تغتالون الحريّة وأنتم تشيعون ثقافة العبيد، تغتالون الفرح وأنتم تشيعون ثقافة البكاء والحزن اليومي، والكارثة الأكبر هي إغتيالكم للأمل والأحلام في نفوس الناس. لا أظنّ أنّ فيكم أيّها الفاسدون وأنتم تقودون بلدنا نحو الخراب ،عراقي، وإن كان فيكم عراقي فهو كاره لوطنه حاقد عليه ويعمل على خرابه وتدميره، ولم يشهد التأريخ ولن يشهد سلطة فاسدة وحاقدة على "وطنها وشعبها" مثلكم.

العراق يتهاوى، وعوضا عن نقد الظواهر السلبية في المجتمع وإيجاد حلول علمية لتجاوزها، نرى رجال الدين ومعهم زعماء العشائر يحركون القطيع للوقوف بوجه من ينتقد السلبيات بحجّة المساس بالعادات والتقاليد، أو المساس بالمشاعر الدينية! لكن الطامة الكبرى تكمن في وقوف أدعياء الثقافة الى جانب القطيع ومن يحركه من قوى ولنفس الأسباب. سيقف البعض هنا قائلا، لماذا وصف الناس بالقطيع، وهل هذا الوصف يليق بشعبنا أو جزء منه على الأقل؟ هنا لا نملك ردا واحدا، بل آلاف الردود والتي نستمدها من واقع مأساوي يعيشه شعبنا تحت ظل سلطة العمامة والعقال، أي الدين والعشيرة. وهذا الواقع لا ينحصر في جزء من البلد دون غيره، فالمناطق الغربية حيث السنّة، لا تختلف بشيء عن مناطق الجنوب حيث الشيعة، ولا عن منطقة كوردستان حيث تتحكم السلطة العشائرية الدينية بزمام الأمور.

مشكلتنا بالعراق اليوم ليست العشائر وقيمها المتخلفة فقط، ولا رجال الدين ومؤسستهم وخطابهم المتخلف هو الآخر فقط. بل في أحزاب سياسيّة إسلاميّة ولدت من رحم هاتين المؤسستين المتخلفتين، والتي أنهت مفهوم الدولة وهي تتربع على السلطة منذ الإحتلال الأمريكي للبلاد الى اليوم. الدولة اليوم هي العشيرة والعشيرة هي الدولة، وهذا التماهي أدّى الى تراجع دور الدولة بمؤسساتها المختلفة أمام سطوة العشائر وقيمها البالية.

الأحزاب الإسلامية لا تعمل أبدا على الحد من سلطة العشيرة، كونها تمثل قاعدتها الإجتماعية التي تنطلق منها لإستمرارها بالسلطة. لذا نرى أنّ الدولة التي يقودها الإسلام السياسي هي دولة عشائر وقبائل، أي دولة متخلفة وفاسدة على مختلف الصعد. ولكي تكتمل فصول الكارثة، نرى السلطة السياسية اليوم تعمل بجد على ترييف المدن الحضرية. فمدينة مثل بغداد وغيرها من المدن أصبحت اليوم عبارة عن مضايف عشائرية، يجري فيها حل مشاكل الناس على طريقة الأعراف العشائرية، كما وأنّ هذه المضايف هي من تتحكم بالسياسة العراقية. فالوزراء وأعضاء البرلمان، هم من زوّار هذه المضايف أثناء فترات الإنتخابات، والشيوخ في هذه المضايف هم يمنحون أصوات عشائرهم لهذا السياسي أو ذاك مقابل إمتيازات كبيرة. وهؤلاء الشيوخ قادرين على معاقبة أي سياسي يحاول الخروج عن النهج العشائري في الحكم. لذا نرى وزراء وأعضاء برلمان وموظفين من ذوي الدرجات الخاصّة، يلجأون الى الفصل العشائري حينما يختلفون فيما بينهم، وهذا بحد ذاته هو إغتيال للدولة. ويبقى السؤال الكبير هو: هل النظام "الديموقراطي" الذي يقوده الإسلام السياسي، قادر على إنهاء سلطة العشيرة والعمامة؟

إنّ العراق اليوم كما وصفه الشاعر الراحل زاهد محمد زهدي

أمّا العراقُ فدعْكَ عن أخباره ...... رجعَ الزمانُ به على أدبارهِ
كُمّتْ به الأفواهُ حتى لم يعد ............. ليل يتوق لملتقى سُمّارهِ
والناسُ فيه يرقصونَ لموتهم .....يمشي الخراب وهم على آثارهِ
بلد تملّكهُ الضلالُ ولم يعدْ ............. للعقل سلطان على أفكارهِ

الا أنه يعود وفيه بقايا أمل ليقول:

يا صاحبي إنّ العراقَ وأهله ..... أسرى وفي يدهم فكاك أسارهِ
إنّي لأعلم أنّ يوما قادما ............. سيلفّ أرض الرافدين بنارهِ
ويهدّ (بيت البغي) حتى لا ترى ..... شُرُفاتُه من سقفِه وجدارهِ

فهل سيهدّ شعبنا بيت البغايا بالخضراء يوما، ويتنفس أنسام الحريّة بعيدا عن الأعراف العشائرية وفتاوى الشياطين ..؟



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرك البرلمان العراقي بين الإصلاح والگوامة
- إنتحار الإمام عليّ
- وطن حر وشعب سعيد .. شعار شيوعي
- السم الزعاف بين الخميني وخامنئي
- هيفاء الأمين وبارومتر التخلف بالعراق
- الخارجيّة العراقية تكيل بمكيالين
- 9 نيسان إنهيار بلد وإذلال شعب
- السيد السيستاني .. هل يشاركني وكلائكم فقري؟ زكي رضا
- -قرّة- عيونكم سائرون .. رايتكم بيضة سائرون!!
- الكورد الفيليون في حوار قناة دجلة الفضائية حول مشروع قانون ا ...
- زعماء الشيعة والجغرافيا والخيانة
- رواندا نحو الفضاء .. والعراق نحو الهاوية
- أنا مواطن عراقي .... أنا أرفض
- إشكاليات مفهوم العمليّة السياسيّة بالعراق
- 14 شباط .... الكارثة
- التحالفات اليسارية مع القوى الدينية في تجربتين
- كم فنحاس إسلامي في العراق اليوم ..؟
- خطاب كراهية من جامع البعث
- ساسة وعمائم العراق لا رجولة لهم ولا كرامة
- الى عريان .. ضميرك موزغيرك .. للوطن شدّك


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - إلى أين يقود المتخلفون العراق ..؟