أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفرفار العياشي - العنف و الهوية السائلة.















المزيد.....

العنف و الهوية السائلة.


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6265 - 2019 / 6 / 19 - 09:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ارتفاع موجة العنف التلاميذي , سواء بالمؤسسات التعليمة او خارجها , كان اخرها ماوقع امام البرلمان المغربي , اقدام مجموعة من الثلاميذ على احراق العلم الوطني في حالة استمتاع بالتقاط صور السيلفي و رغبتهم الجامحة في التنازل عن الجنسية المغربية يكشف عمق العطب وراء موجة لعنف المتزايد بوثيرة تصاعدية .
الكم الرهيب من الشتائم المستفزة و الغير الغير الاخلاقية ضد شحص رئيس الحكومة ليست فقط مؤشرا على الانحطاط و التحولات الكبيرة في النسق القيمي لسلوك التلاميذ .
ربما العنوان الابرز ان ما وقع هو سلوك صادم , يؤشر على انهيار القيم الوطنية لدى متعلم انفقت الدولة الكثير من الجهد و المال لكي يتثسبت بحب الوطن في زمن السلم و الحرب , ان يحفظ النشيد الوطني كما يحفظ الرقم السري لحسابه على الفيس بوك , و النتيجة صدمة في اول امتحان عنف هادر و رغبة جامحة للتحرر من كل ما يربطه بالوطن . المشهد كان صادما و لافتا و ان كان متوقعا باستحضار وضع المؤسسات المهترئة و العاجزة على اداء مهمتتها .
ربما ما يقع يشكل صدمة لكي نفكر فيما وقع و فيما سيقع و لماذا وقع ؟؟؟ اسئلة تكتسب مشروعيتها من خطورة الحدث . الملاحظة الاهم هو مؤشرات مرتبطة بخصوصية جيل المستقبل و بقيمه الوطنية و الاجتماعية و حتى الكونية .
ربما التوقف عند حالة احراق التلاميذ للعلم الوطني سيكون تعاملا انتقائيا , لاسيما ان حالات كثيرة مرت من امام اعيننا , و على شبكات التواصل و لم تحض بنفس النقاش العمومي ولم تتثر حجم النقاش العمومي حولها , و لم نفعل وحتى ننفعل ولم نبدي غضبنا و ولم نعلن شجبنا , و غيرتنا على علم بمثابة رمز لهوية جماعية .
بالامس القريب : سائح فرنسي يتبول على العلم الوطني و بنشوة بارزة , و هو يلتحف به بعد مضاجعة جنسية , و كأن العلم اصبح و سيلة تنظيف في مشهد مقزز , و مؤلم و طافح بكل معاني الاستهزاء بمشاعرنا و قيمنا ورموزنا الاجتماعية و الدينية .
شخص مجهول مثل نييبا ( ), خارج للتو من السجن اصبح نجما في اطار موجة التافهين يلتحف العلم الوطني لكي يمارس هوايته في السب و التشهير و هو سائح يقدم صورة سلبية عن الثقافة و الانسان المغربي .
مغنية , لا تغني لكنها تتغنج , مقيمة بتلفزات الدولة , تمنح لها اموالا و امتيازات و هواتف كل المسؤولين مفتوحة امامها , حين تمارس وطنية مدفوعة الثمن تغني النشيد الوطني فتتعسف عليه , فيتحول المعنى الى اللامعنى بعدها تقدم اعتذرا في كلمتين باردتين بلا حس و بلا قيمة .
امراة عجوز بجبال الاطلس من شدة البرد التحفت بالعلم الوطني لعله يحميها قساوة الطبيعةالباردةوتنكرالدولة ؟
سيكون سوء تقدير للامور , ان انتقدنا اطفالا في حالة اندفاع و طالبنا بمحاكمتهم , لانهم كشفوا لنا حقيقة الوضع و عمق الازمة .
الواقع اذا لم ننصت ينتقم عبارة لسوسيولوجي لجاك بيرك يكشف ان تجاهل الواقع يقود الى نتائج عنيفة , ربما الحسنة الوحيدة للعنف التلامذي انه كشف للجميع حقيقة منتوج المؤسسات المكلفة بالتنشئة الاجتماعية دون أي استثناء : الاسرة و المدرسة والاعلام و الجمعيات و كل مؤسسات الوساطة الاجتماعية .
بلا شك , فالمنتوج يدل على المنتج , و ان مؤسساتنا المهترئة اصبحت عاجزة على انجاز المطلوب منها , و ان ما تنتجه يقود الى العبث و الفوضى .
مدارسنا لم قادرة على انتاج اجيال بهوية صلبة متمسكين بقيمهم الدينية و الاجتماعية و مستعدين للتضحية من اجلها.
ربما انتهى زمن الهويات الصلبة و عوضت بهويات سائلة متدفقة لجيل بلا قيم و بلا مرجعيات تائه شمالا و يمينا و احيانا في كل الاتجاهات , جيل لا يعترف بالقيم لدرجة انه يستمتع بالتحرر منها و مستعد لحرقها/ رمزية حرق العلم الوطني ؟؟
الامر الصادم و هو المفعول العكسي لمنتوج مؤسساتنا , بدل تكوين جيل متشبع بالقيم الوطنية نجد ه يستمتع بمعاداة ما كان المفروض فيها ان يتمسك به , و يدافع عنع في زمن السلم والحرب وفي اوقات الشدة .
ماذا لو وقع عدوان على ارضنا ووطنا هل سيدافع هؤلاء عن وطنهم , هل سيموتون لكي يعيش الوطن ؟؟؟ هو سؤال افتراضي , لكن التفكير فيه يثير الضجر ...
ان كانت الدولة تستصغر و تهين الوطن , فكيف نطالب بجيل ان يفعل ما عجزت عنه الدولة ومؤسساتها الضخمة و الممتدة و الواسعة و العريضة و بكافة امكانياتها .
الوطن يعني ارض للجميع و قانون على الجميع و الوطنية احساس بالوفاء لمن يمنحنا الحب و الاستقرار و الكرامة . الطيارون اليابانيون في حرب العالمية الثانية , و بعد ان سمعوا خبر اعلان نهاية الحرب و توقيع قرار الهزيمة لم يستطيعوا النزول حفاظا على كباريائهم , و قرروا مهاجة السفن الامريكية انتحارا , لم تكن لهم القدرة على النزول فوق ارض لم يستطيعوا الحفاظ عليها , فكان الموت شكلا من اشكال الحب و الوطنية و الوفاء.
لا عبو المنتخب الوطني الياباني لا يحتفلون حين يسجلون اهدافا في مباريات كرة القدم اقتناعا انهم يقومون بواجب وطني.
لذا سيستمر العنف و يستمر مسلسل معاداة الوطن لان الدولة منحازة للبعض على حساب البعض , انها تكره البعض و تحابي البعض , تكافئ البعض و تعاقب البعض , لا توزع الحب بنفس المقدار انها دولة تشبه الاب فيودور كارمازوف في رواية دستويفسكي حين يكره الاب ابناءه
للاسف بعض تجار السياسة حولوا الوطن الى سعلة , و جعلو ا النشيد الوطني مجرد اغنية يرددها بلا حس و بلا احساس من اعتاد الغناء للسكارى في العلب اللليلية و الاماكن المغلقة .
اما اعلام الدولة فقد حول شاشة التلفاز الى مطبخ و قاعة موسيقى .
شئ لا يصدقه العقل و يخدش الحس الانساني السليم ان تنفق المليارات على برنامج تلفزي في شكل مسابقة للطبخ للاطفال الصغار , بالصدفة و انا بمكتبي سمعت صوت طفلة ات من تلفاز دولتنا , وهي تتحدث بالكثير من الثقة انا استطاعت اعداد طبق الكسكس , تتحدث بحرفية عالية و بثقة خبير في الطبخ . ما يقع جريمة في حق الطفولة , حين نجعل الكبار صغار و نجعل الصغار كبارا , انه اعلام يقوم بعملية مسخ كلي لهوية شعب .
نقتل الوطن حين نزرع التفرقة بين ابناءه و بين مناطقه , وحدها العدالة و قيم العدل و الانصاف قادرة على التصحيح و مواجهة الاختلالات , فلا يعقل ان نحاكم و نصدر بيانات التنديد و الشجب ضد من احرق العلم الوطني و نتجاهل من اساءت للنشيد الوطني و الاسؤا يتم تكريمها.
ان العنف ابن اللاعدل , لذا و حده العدل طريق لبناء الوطن و الحفاظ عليه , و العدل يعني الصرامة و لا احد فوق القانون و لا احد ينبغي ان يكون تحت القانون , انذاك سيولد جيل جديد يحمل الوطن في قلبه وعقله .
سيتحقق ذلك حتما حين تصبح الدولة بنت المجتمع و خادمة للوطن , غير ذلك سيستمر العنف و الانحدار و ربما السقوط .



#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاة مرسي : الديموقراطية طريق للموت ؟
- شفافية الشر!
- اللغة العامية وصناعة الفوضى
- الشغل و الشرط الانساني : مقاربة فلسفية
- اللامعقول و اللامل : تأمل اجتماعي في مظاهر الهشاشة الاجتماعي ...
- الهيدورة حين يصبح الثرات قمامة : تأمل سوسيولوجي
- الزواج و البقر : دراسة مقارنة في النسق الثقافي بين منطقتي قب ...
- ساخبر الله بكل شئ !
- زواج الكونترا : التجارة الممنوعة !
- الحق : مقاربة فلسفية
- مفهوم المجتمع المدني : بين هيجل وماركس
- الشباب و الهوية السائلة
- الطريق الى السعادة ! رؤية من داخل الفكر الاسلامي .
- الحقيقة ! ماذا يخفي هذا المفهوم ؟
- السياسة و الحجاب .
- الصفقة مع الشيطان
- واقعة جمعة اسحيم: عنف العنف ؟
- الانا و الاخر : مسارات الائتلاف و الاختلاف .
- منازل نظيفة و شوارع متسخة : مفارقة بين ما نملك و ما لا نملك ...
- ضابط و مواطن: حكاية في زمن الحكرة !


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفرفار العياشي - العنف و الهوية السائلة.