أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - من تاريخ الصراع الطبقي و حرب الشعب في الفليبين الفصل الأوّل من كتاب - حرب الشعب الماويّة في الفليبين















المزيد.....



من تاريخ الصراع الطبقي و حرب الشعب في الفليبين الفصل الأوّل من كتاب - حرب الشعب الماويّة في الفليبين


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6254 - 2019 / 6 / 8 - 01:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من تاريخ الصراع الطبقي و حرب الشعب في الفليبين
الفصل الأوّل من كتاب - حرب الشعب الماويّة في الفليبين

---------------------------------------------------------------
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 34 / أفريل 2019
شادي الشماوي

مكتبة الحوار المتمدّن

---------------------------------------------------------------

مقدّمة :
على صعيد الحركة الشيوعيّة العالمية ، كان و لا يزال الحزب الشيوعي الفليبيني معروفا نسبيّا خاصة و أنّه سنة 2001 ، شكّل بمعيّة جملة من الأحزاب و المنظّمات منظّمة عالمية أطلق عليها إسم " الرابطة العالمية لنضال الشعوب " نشطت لبضعة سنوات نشاطا محتشما و لم تعمّر طويلا ، هذا فضلا عن أنّه شارك في عدّة لقاءات أو ندوات عالميّة من مثل ندوة بروكسال التي كان ينظّمها حزب العمّال البلجيكي . إلاّ أنّه ، على صعيد الحركة الشيوعية العربيّة ، عدا بعض المعلومات المتفرٌّقة عنه في ثمانينات القرن العشرين بوجه خاص ، يكاد يكون مجهولا تقريبا تماما و تكاد تكون حرب الشعب الماويّة التي يخوضها و يقودها منذ نصف قرن الآن مغمورة .
و قد رصدنا هذا منذ فترة ، عدقنا العزم على النهوض بالواجب الشيوعي و كسر الطوق الإعلامي العربي المضروب على هذه التجربة الماويّة في الفليبين و سعينا جهدنا إلى توفير الوثائق و الإطلاع عليها و إنتقاء ما نراه صالحا و مفيدا للترجمة في الوقت الراهن . و شرعنا في الإشتغال لننشر بعد مدّة ، على صفحات الحوار المتمدّن ، بمناسبة الذكرى الخمسين للحزب الشيوعي الفليبيني ، ثلاث وثائق في منتهى الأهمّية . ثمّ ، إنكببنا على إتمام مشروع كتاب خطّطنا له و ها نحن نفرغ من الإشتغال عليه أخيرا لنضعه بتمامه و كماله بين أيدى القرّاء .
تأسّس الحزب الشيوعي الفليبيني أواخر ستّينات القرن العشرين ( على وجه الضبط سنة 1968 ) ، في خضمّ حدثين غاية في الدلالة هما أوّلا ، الصراع التاريخي العظيم للحركة الماركسيّة – اللينينيّة العالميّة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ ضد التحريفيّة المعاصرة ، السوفياتيّة منها و اليوغسلافية الفرنسية و الإيطاليّة و الأمريكية ... و ثانيا ، الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى في الصين كوسيلة و طريقة للحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية هناك ، و عميق أثرها العالمي على الشيوعيين الثوريين حقّا المتطلّعين إلى تغيير العالم فعلا بإتّجاه الشيوعية عبر العالم قاطبة .
و لم تمض سنة على تأسيسه حتّى شكّل هذا الحزب الفليبيني الفتيّ الجيش الشعبي الجديد و إنطلق على الفور في خوض حرب الشعب الطويلة الأمد .
في مارس 2019 ، بمناسبة إحياء الذكرى الخمسين للجيش الشعبي الجديد ، أصدر الحزب الشيوعي الفليبيني بيانا تحت عنوان معبّر جدّا " لنشدّد بجأرة من حرب الأنصار و نخوض مقاومة شاملة ضد النظام الفاشي للولايات المتحدة –دوترتى! لنمضى بحرب الشعب إلى قمم أعلى ! " و إنتهى بهذه االكلمات ذات الدلالة الكبرى لدى الشيوعيين و الشيوعيّات : " بكسب المزيد و المزيد من الإنتصارات ، يساعد الجيش الشعبي الجديد في إلهام الشعوب المضطهَدَة و المستغَلّة عبر العالم لرفع السلاح و خوض المقاومة الثوريّة ضد الإمبرياليّة و كافة الرجعيّة " .
و طوال خمسين سنة ، راكم الحزب الشيوعي الفلبيني و راكم الجيش الشعبي الجديد الذى يقوده الشيوعيّون و الشيوعيّات ، تجاربا و مكاسبا حريّ بكلّ الذين يرنون صراحة لتحقيق الهدف الأسمى للشيوعية عالميّا، أن يطّلعوا عليها و يستخلصوا منها الدروس و العبر ؛ و حريّ بكلّ الباحثين عن الحقيقة أن يستقوها من منابعها الأصليّة بعيدا عن المشوّهين و المضلّلين.
و من نافل القول أنّ بعض مواقف و تحاليل و خلاصات هذا الحزب و قياداته خلافيّة صلب الحركة الماوية العالمية ، و ما من إشكال في الأمر ذلك أنّه ما على الراغبين في التعبير عن تقييماتهم الإيجابيّة أو السلبيّة الخاصة بهذه المسألة أو تلك إلاّ أن يلتقطوا أقلامهم و يحبّروا نقدهم فالنقد و النقد الذاتي ( و بالمناسبة الفصلان الثالث و الرابع ينطويان على وثائق نقد و نقد ذاتي و حركة تصحيح ) مطلوبين بل و لازمين شيوعيّا و نحن من المشجّعين عليهما كوننا نؤمن عميق الإيمان بأنّ صراع الخطّين صلب أي حزب أو حركة أمر عادي و صحّي و حقيقة موضوعيّة لا غبار عليها و الأهمّ من الإقرار بهذه الحقيقة و هذا الواقع الموضوعي ، من منظور شيوعي ثوري، خوض الصراع بمبدئيّة و بمنهج علمي ، مادي جدلي ، و الغاية على الدوام هي بلوغ الحقيقة التي هي وحدها الثوريّة فعلى أساسها نتمكّن من الإنطلاق إنطلاقة صحيحة و بوسائل صحيحة نحو تغيير الواقع تغييرا شيوعيّا ثوريّا بإتّجاه المجتمع الشيوعي العالمي.
و نلفت عناية القرّاء إلى أنّ الوثائق التي ترجمنا لا تعدّ إلاّ غيضا من فيض ، بمعنى أنّها نزر قليل من مئات الوثائق المراكمة طوال عقود خمس . و قد بذلنا قصارى الجهد لإختيار ما نعدّه مناسبا في أيّامنا هذه و بطبيعة الحال لا نستبعد البتّة العودة ، في قادم الأيّام ، إلى الإشتغال على ترجمة نصوص قيّمة أخرى ، قديمة أو جديدة يصدرها الحزب الشيوعي الفليبيني . و لأنّ بعض النصوص ذات الأهمّية فرضت نفسها علينا فرضا و لم تدخل ضمن محاور الفصول الخمسة المكوّنة للهيكل الأساسي لهذا الكتاب ، إضطررنا إلى توثيقها كملاحق .
وقد إستقينا جلّ الوثائق المرتجمة من موقع الثورة الفليبينيّة على الأنترنت : http://www.philippinerevolution.info
أمّا وثائق الحركة الأمميّة الثورية ( منظّمة عالميّة جمعت في إطارها معظم الأحزاب و المنظّمات الماويّة و تأسّست و نشطت إلى 2006 على أساس " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 ، و أصدرت أكثر من ثلاثين عددا من مجلّة " عالم نربحه " ؛ أنظروا العدد الأوّل من " الماوية : نظريّة و ممارسة " و عنوانه " علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة " بمكتبة الحوار المتمدّن ) الناقدة لإنحرافات في الخطّ الإيديولوجي و السياسي للحزب الشيوعي الفليبيني فرابطها هو http://www.bannedthought.net/International/RIM/index.htm
و نقترح على من يرنو إلى مزيد التعمّقّ و الإطّلاع الأوسع على وثائق هذه الثورة الماويّة و الحزب القائد لها و حتّى على وثائق نقديّة أخرى تخصّهما بالتوجّه إلى موقع http://www.banndthought.net
و لا بدّ من التنويه إلى أنّنا لم نقم بتعريب الرسالة المفتوحة إلى الحزب الشيوعي الفليبيني من قبل لجنة الحركة الأممية الثوريّة ، ( ضمن الفصل الثالث من الكتاب ) فقد بعث بها إلينا أحدهم دون أن يحدّد من قام بالتعريب و نحن نشكره/ نشكرها على هذه اللفتة الكريمة و تقديرا منّا للجهد المبذول لتعريب الرسالة و إعتبارا لأنّ النصّ المتحصّل عليه بالعربيّة يحافظ في الأساس على جوهر الرسالة إيّاها ، ألحقناها بالفصل الثالث من كتابنا هذا ، على أنّنا مجبرون على الإشارة إلى أنّه لدينا عديد الملاحظات النقديّة بشأن التعريب الذى نحن بصدده نذكر منها بالأخصّ ملاحظتين مركزيّتين في إعتقادنا ، أوّلهما أنّ الماويين في البلدان العربيّة ، على حدّ علمنا ، شأنهم في ذلك شأن غالبيّة الأحزاب و المنظّمات الماويّة عبر العالم، لم يستخدموا مصطلح الفكر الماوي بقدر ما إستخدموا الماركسية – اللينينيّة – فكر ماو تسى تونغ إلى سنة 1993 و صدور بيان الحركة الأممية الثوريّة الرافع لراية الماركسية - اللينينية - الماوية ؛ و ثانيهما أنّ من قام أو من قاموا بالتعريب قفزوا أحيانا عن ذكر مراجع أو جمل معيّنة و هذا ، في تقديرنا ، لا يجوز من منظور الأمانة العلميّة .
و لعلّنا بهذا نكون قد مهّدنا الطريق لإنطلاقكم في رحلة معرفيّة شيّقة للدراسة و النقد المثمرين لمضامين هذا الكتاب عدد 34 أو العدد 34 من مجلّة " الماويّة : نظريّة و ممارسة " : فضلا عن هذه المقدّمة ، يحتوى هذا الكتاب على فصول خمسة و ملاحق ستّة ، تفصيلها كالآتى ذكره :
الفصل الأوّل : من تاريخ الصراع الطبقي و حرب الشعب في الفليبين
(1) - [ من تاريخ الصراع الطبقي فى الفليبين ]
تقاليد ثورية :-
- سلطة الإستعمار الجديد :
- إنتفاضة شعبية :
- الدكتاتورية الفاشية :
- حرب الشعب :
- نظام الولايات المتحدة – راموس :
- أزمة نظام فى إنحلال :
- تطوّر الثورة المسلّحة فى الفليبين :
(2) - الميزات الخاصة بحرب الشعب في الفليبين
- ثورة وطنيّة ديمقراطية من طراز جديد
- حرب طويلة الأمد في الريف
- القتال في أرخبيل جزر صغيرة و جبليّة
- من صغير و ضعيف إلى كبير و قويّ
- أزمة دكتاتوريّة فاشيّة عميلة الإمبريالية
- تحت هيمنة إمبريالية واحدة
- إنهيار الإمبريالية الأمريكية و تقدّم الثورة العالميّة
3- النضال ضد التحريفية و الثورة الثقافية و تأثيرهما على الحزب الشيوعي الفيليبيني
- النضال ضد التحريفية المعاصرة :
- الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى :
- آفاق الماركسيين - اللينينيين :
الفصل الثاني : برنامج الثورة الديمقراطية الجديدة
- برنامج الثورة الديمقراطية الشعبيّة(1)
1- الإطاحة بالقوات الإمبريالية الأمريكية و الإضطهاد الإقطاعي :
2- إرساء دولة ديمقراطية شعبيّة و حكومة تحالف :
3- القتال من أجل الوحدة الوطنيّة و الحقوق الديمقراطيّة :
4 - رفع راية مبدأ المركزيّة الديمقراطية :
5 - بناء و رعاية الجيش الشعبي الجديد :
6 - معالجة مشكلة الأرض :
7 - إنجاز تصنيعنا الوطني :
8 - التشجيع على ثقافة وطنية و علمية و جماهيريّة :
9 - إحترام حقّ تقرير مصير البنغسامورو و الأقلّيات القوميّة الأخرى :
10 - توخّى سياسة خارجيّة مستقلّة نشيطة :
- برنامجنا الخاص III
- في الحقل السياسي :
- في الحقل الاقتصادي :
- في الحقل العسكري :
- في الحقل الثقافي :
- في حقل العلاقات الأجنبيّة :
(2) - متطلّبات الجبهة المتّحدة الثوريّة
- أوّل المتطلّبات :
- ثانى المتطلّبات :
- ثالث المتطلّبات :
- رابع المتطلّبات :
- خامس المتطلّبات :
- سادس المتطلّبات :
- ملحق من إقتراح المترجم : برنامج الجبهة الوطنية الديمقراطية الفليبينيّة
(3) - حول قضيّة البيئة في العالم و في الفليبين
- حماية البيئة من منظور الأمم المتحدة و الرأسمالية الإحتكاريّة :
- تحطيم البيئة في الفليبين :
- أصدقاء البيئة و أعداؤها :
- سجلّ آداء الحركة الثوريّة :
الفصل الثالث : نقد الحركة الأممية الثورية لإنحرافات ظهرت في الخطّ الإيديولوجي و السياسي للحزب الشيوعي الفليبيني
( 1 ) - رسالة مفتوحة إلى الحزب الشيوعي الفليبيني من هيئة الحركة الأمميّة الثوريّة
آكينو : الحليفة المتردّدة أم العدوّة الملعونة :
" النقد الذاتي " للمكتب السياسي :
القضاء على الجهاز السياسي الرجعيّ أم إعادة تنظيمه :
" الكلّ سراب ... ما عدا سلطة الدولة " :
إختصار العدوّ في مجرّد حزب صغير :
معلومات إضافيّة عن الجبهة المتّحدة :
التراجع في الحكم على الإمبريالية الإشتراكية :
ما هو الطريق إلى السلطة ؟
مفاوضات وقف إطلاق النار :
الخروج عن الماركسية – اللينينية يعنى موت الثورة :
الماركسيّة - اللينينيّة و الفكر الماوي مفتاح الثورة الفليبينيّة :
( 2 ) - الحزب الشيوعي الفليبيني و الأصدقاء الزائفون للثورة الفليبينيّة
فكر ماو تسى تونغ :
إنكار النضال ضد التحريفيّة :
رغبة ليواناغ في حزب " مستقرّ و جاد " :
مفهوم ليواناغ للوحدة :
لندفن الأحقاد و لننكبّ على العمل :
الأممية البروليتارية أم الإستسلام في الداخل و الخارج :

الفصل الرابع : نقد ذاتي و حركة تصحيح
(1) - خمسة أنواع من الإنتفاضيّة
(2) - وضع حركة التصحيح و الحركة الثورية
التصحيح الإيديولوجي و توطيد الذات :
التلخيص و النقد الذاتي :
النضال ضد الخونة التحريفيّين :
دروس التربية الحزبية ذات المستويات الثلاثة :
مزيد تعميق حركة التصحيح :
(3) - وضع ماو تسى تونغ فى قلب حياة الحزب
إعادة تأكيد مبادئنا الأساسيّة و تصحيح الأخطاء
1- فى حقل الإيديولوجيا :
مستوى متدنّى من التربية الإيديولوجية :
حرب الشعب و مرحلتا الثورة :
صفّ واحد ضد التحريفية :
التحدّى الكبير الجديد أمامنا :
الفصل الخامس : خمسون سنة من خوض الحزب الشيوعي الفليبيني للثورة
(1) - مكاسب كبرى للحزب الشيوعي الفليبيني خلال الخمسين سنة من خوض الثورة
- المكاسب الإيديولوجية للحزب الشيوعي الفليبيني :
- المكاسب السياسيّة للحزب الشيوعي الفليبيني :
- المكاسب التنظيميّة للحزب الشيوعي الفليبيني :
الغرض من الإحتفال في خضمّ حرب الشعب و أزمة النظام الحاكم
(2) - حول نظام دوترتى و الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي الفليبيني
(3) - لنحتفى بالذكرى الخمسين للحزب و لقيادته للثورة الفيليبينيّة إلى إنتصارات أكبر
الكساد الاقتصادي المديد للنظام الرأسمالي العالمي و إحتدام المنافسة بين القوى العظمى :
سلطة دوترتى و إرهابه و طغيانه في خضمّ تدهور الأوضاع شبه الإستعماريّة و شبه الإقطاعية في الفيليبين :
نمّو قوّة الحزب بشكل مستمرّ مع إشتداد مقاومة الشعب :
لنحتفى بالذكرى الخمسين للحزب ونقود الثورة إلى إنتصارات أكبر :
لنحتفى بالذكرى الخمسين للحزب ونقود الثورة إلى إنتصارات أكبر :
ملاحق الكتاب ( 6 )
(1) - الأهمّية التاريخية لحرب الشعب فى الفليبين
(2) - لماذا لا يقدر نظام آرويو أن يحطّم الثورة المسلّحة و إنّما يتسبّب فى تقدّمها
+ دعوة من الحزب الشيوعي الفيليبيني للإعداد للذكرى الأربعين لتأسيسه فى السنة القادمة بالتسريع فى التقدّم
+ الأزمة الإقتصادية العالميّة والمحلّية تدفع الشعب إلى شنّ نضال ثوريّ
(3) - بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفليبيني بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيسه
1- أزمة إقتصادية ومالية غير مسبوقة :
2- الوضع الميؤوس منه للنظام الحاكم فى الفيليبين :
3- الإنتصارات العظيمة للحزب الشيوعيّ الفليبينيّ :
4- خطّة من أجل نقلة نوعيّة فى الثورة المسلّحة :
أ- تربية الكوادر وتدريبها على الخط ّالإيديولوجيّ الماركسيّ-اللينيني-الماويّ والخطّ السياسيّ العام للثورة الديمقراطية الجديدة :
ب- التعجيل بضمّ المرشّحين لعضويّة الحزب من الحركة الجماهيريّة الثوريّة
ت- تشديد حملات إستنهاض الشعب وتعبئته على أساس الخط العام للثورة الديمقراطية الجديدة :
ث- دعم الكفاح المسلّح الثوريّ من اجل تحقيق أقصى ما يمكن من الإنتصارات السياسيّة و العسكريّة :
ج- رفع الإصلاح الزراعي إلى مستوى جديد و أرقى :
ح- تطوير الجبهات الأنصاريّة لتصبح قواعد إرتكاز مستقرّة نسبيّا :
خ- تطوير مختلف التحالفات فى ظلّ سياسة الجبهة المتّحدة من أجل بلوغ أوسع الناس :
د-إعلاء راية الأمميّة البروليتاريّة و التضامن الواسع المناهض للإمبرياليّة :
(4) - لنوفّر متطلبات التقدّم بحرب الشعب من الدفاع الإستراتيجي إلى التوازن الإستراتيجي
ا- الإنهيار الإقتصادي و الفوضى العالميين المتواصلين :
ب- الأزمة الدورية للنظام الفاسد تستفحل :
ت- الحزب يقود الثورة :
ث- مهامنا النضالية الجديدة :
(5) - بلاغ عن المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي الفليبيني
- تعديلات في القانون الأساسي :
- تحيين البرنامج العام :
- انتخابات :
- قرارات :
( 6 ) - فهارس كتب شادي الشماوي
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الأوّل :
من تاريخ الصراع الطبقي و حرب الشعب في الفليبين

(1)
[ من تاريخ الصراع الطبقي فى الفليبين ]

إنّ تاريخ الفليبين تاريخ نضال مديد و شاق فى سبيل التحرّر الوطني و الإجتماعي ضد كلّ من المضطهِدِين و المستغِلّين الأجانب و المحلّيين . إنّه ثورة مستمرّة . فالثورة الديمقراطية الجديدة إمتداد للثورة الديمقراطية القديمة لسنة 1896 مهمّتها إتمام النضال من أجل التحرّر الوطني و الديمقراطية وهي ثورة بقيادة البروليتاريا و أفقها إشتراكي . و تتشكّل قوى الثورة الديمقراطية من البروليتاريا و الفلاحين و البرجوازية الصغيرة المدينية و البرجوازية الوطنية ضد إضطهاد و إستغلال الإمبرياليين الأمريكان و البرجوازية الكبيرة المحلّية الكمبرادورية و الطبقات الإقطاعية . و تهدف هذه الثورة إلى بناء دولة ديمقراطية شعبية فى ظلّ قيادة الطبقة العاملة من خلال حزبها و فى وحدة بين البروليتاريا و الفلاحين ، متحالفين مع طبقات ديمقراطية أخرى.
تقاليد ثورية :
إنتفض أجدادنا فى الفليبين مئات المرّات ضد الغزو الإسباني و الإستعمار اللذان لم يقدرا قط على التحكّم تحكّما كلّيا فى الأرخبيل بفضل المقاومة الشعبية و قد تمكّن الفليبينيون فى مندناو و الكرديارس من إنقاذ مناطقهم .
وفى 1896 ، قام الكاتيبونان بثورة وطنية و ديمقراطية مثّلت أوّل نضال ضد الإستعمار تكلّل بالظفر فى آسيا . فتدخّلت الولايات المتحدة و نفّذت حربا عدوانية فى 1899 سلبت الفليبينيّين حرّيتهم الوطنية . و قد ناضل الفليبينيون ضد القوات العسكرية للولايات المتحدة إلاّ أنّ قادة ثورة 1899 إستسلموا أمام المستعمرين الجدد . و أمسى هؤلاء القادة الذين كانوا يمثّلون الطبقات المستغِلّة المحلّية عملاء لأسيادهم الإمبرياليين . و أغدق عليهم أسيادهم الجدد العطاء الإقتصادي و السياسي من خلال نظام إستعماري يستفيد منه إلى حدّ بعيد الإقطاعيون و الكمبرادوريون لكنّه يلحق الضرر بالتصنيع المحلّي و يؤبّد إقتصادا متخلّفا فى الفلاحة . فقاوم العمّال و الفلاحون النظام الإستعماري الأمريكي و نظّموا نضالات غايتها تحقيق الطموحات الوطنية و الديمقراطية .
فى بداية الثلاثينات ، تأسّس الحزب الشيوعي الفليبيني الذى قاد مباشرة حركة العمّال و الفلاحين فى الثلاثينات من خلال أهمّ منظّماته ألا وهي إتحاد العمّال و الإتحاد الوطني للفلاحين الفليبينيّين . بيد أنّه ، بعد بضعة أشهر فقط من تأسيسه إعتبر الإمبرياليون الأمريكان و دُماهم المحليين و خوفا من إشتداد العود الثوري للطبقة العاملة ، إعتبروا الحزب الشيوعي الفليبيني حزبا غير قانوني . و وقع إيقاف قادته و تمّ منع نشاط منظّمات الفلاحين و العمّال التى كان يقودها الحزب الشيوعي .
مع ذلك ، لم تقف المقاومة الشعبية . و فى 1932 ، تأسّس الحزب الإشتراكي الفليبيني ممّا أعطى حركة الفلاحين دفعا و زخما جديدا. و إزاء تهديد الغزو الفاشي الياباني ، جرى الإعتراف بالحزب الشيوعي كحزب قانوني و أُطلق سراح قادته كيما يتمكّنوا من المشاركة فى الجبهة الشعبية . و فى 1939 ، إتّحد الحزب الشيوعي الفليبيني و الحزب الإشتراكي الفليبيني ليولد الحزب الشيوعي الجديد.
عندما غزى الفاشيون اليابانيون الفليبين ، عبّأ الحزب الشعب لتنظيم حرب أنصار ضد الغزاة . و بفضل سلطته المسلّحة ، إستطاع الشعب بناء مقاومة محلّية و تركيز حكومة مقاومة و الشروع فى إصلاح زراعي فى المناطق التى كان يسيطر عليها . غير أنّه نظرا للخطّ المعادي لليابان حصرا و للشعار الأخرق " السلم و الديمقراطية " كانت القوى الثورية غير مهيّأة للوقوف فى وجه إعادة تركيز سلطة الإمبرياليين الأمريكان و دماهم ، الأوليغارشية الكمبرادورية – الإقطاعية تركيزا عنيفا . و بالتالى خسر الشعب السلطة السياسية المسلّحة التى شيّدها فى بعض المناطق الريفية .
سلطة الإستعمار الجديد :
مثّل الإستقلال الزائف سنة 1946 تحوّلا كبيرا فى إستراتيجيا الإمبريالية الأمريكية نحو سلطة الإستعمار الجديد . و قد كان ذلك ردّا على النداء الشعبي من أجل الإستقلال الوطني و ظهور حركات التحرّر الوطني فعُهد بسلطة الدولة إلى تعاقب من الدمى بهدف إخفاء تواصل الهيمنة الإمبريالية الأمريكية و تحكّمها فى البلاد .
و إستغلّت الولايات المتّحدة الوضع المأساوي للأمة إثر الحرب لإملاء معاهدات غير متكافئة مع جمهورية الإستعمار الجديد. تسمح هذه المعاهدات للولايات المتحدة بإستغلال حرّ للموارد الإقتصادية للبلاد و التحكّم فى القوى المسلّحة الرجعية و الحفاظ على قواعد عسكرية ضخمة على التراب الفليبيني و ممارسة الهيمنة السياسية .
و تحت قناع المؤسسات الديمقراطية وهي تعمل من خلال نظام حزبين إثنين ، كانت السلالات السياسية و كُتل السلطة الممثّلة لمصالح الإقطاعيّين تملى السيرورة السياسيّة الرجعيّة محاصرة الطبقات الديمقراطية و حائلة دون التطوّر الإجتماعي الضروري .
سنة 1950 ، عاد الكفاح المسلّح إلى الظهور على أيدى الهش أم بى بقيادة الحزب الشيوعي وليد الوحدة بين الحزب الإشتراكي و الحزب الشيوعي . فحصلت حملة دموية مضادة للثورة على نطاق واسع قادها البنتاغون و السى أي أي . و قد هاجمت بشراسة منظّمات الفلاحين و النقابات و منظّمات أخرى و هكذا بلغت الحملة المعادية للثورة التى نفّذها الأمريكان و الطبقات المحلّية السائدة أهدافها جرّاء الضعف الناجم عن الأخطاء " اليسارية و اليمينية " و الإنتهازية و إرتباك قيادة لافا .
ولئن مثّلت الخمسينات فترة قمع شديد ، فإنّ وطنيون و تقدّمون بقيادة كلا رو مايو ركت و عناصر من البرجوازية الوطنية نظّموا حملة دعاية و تحريض مناهضة للإمبريالية منذ نهايات الخمسينات إلى بداية الستينات. و لتهدئة الشعب عمد الأمريكان و طبقات الإقطاعيين الكبار إلى مجرّد سرك [ لعبة ] إنتخابات فخلقوا أوهاما ديمقراطية بل و أضافوا إليها إصلاحات مثل الإصلاح الزراعي الزائف .
و وجدت الفليبين نفسها مقحمة فى حروب عدوانية أمريكية ضد حركات التحرّر فى آسيا إذ إستُعملت القواعد فى الفليبين كأرضية إنطلاق لبعثات القوى المسلّحة الأمريكية نحو كوريا فى الخمسينات و الهند الصينية فى الستّينات و السبعينات . و بعثت الأنظمة الدمى حتّى جنودا فليبينيين لمساندة العدوان العسكري الأمريكي .
لكن ّ الأزمة طفقت تنخر نظام الإستعمار الجديد . فالفقر فى تفاقم و لم تتوصّل سياسة الإستيراد فى الخمسينات التى جعلت البلاد معتمدة إعتمادا كبيرا على الموارد الخارجية من المواد الأوّلية و الآلات ، لم تتوصّل هذه السياسة إلاّ إلى نموذج مصانع تابعة و إلى إستفحال إنعدام التوازن التجاري . وفرضت الولايات المتحدة و صندوق النقد الدولي فرضا سياسة عدم مراقبة و تخفيض قيمة العملة المحلّية ، فى بداية الستينات . لذا تداعت الصناعات أو ركدت. ومع تدخّل الرأسمال الأجنبي أكثر فى الإقتصاد الفليبيني تفاقم العجز فى ميزان الدفعات و أدّى ذلك إلى تعويل متزايد على القروض الأجنبية و كذلك تسارع التضخّم .
فى أواخر الستينات ، جري بسرعة تعويض المستعمرين بإقطاعيين جدد . و نظرا لغياب التطوّر الصناعي و توجّه فائض سكّان الريف إلى المدن إستفحلت البطالة . و تعمّقت الأزمة الفليبينية بينما إتّبعت دمى متتالية إستراتيجيات تطوّر و برامج يفرضها الإمبرياليون عبر البنك العالمي و صندوق النقد الدولي .
إنتفاضة شعبية :
فى الستّينات ، نهضت الحركة الوطنية الديمقراطية من جديد . كان الغضب الشعبي فى تصاعد و أعطت دعاية الثوريين البروليتاريين و جهودهم التنظيميّة ، بدعم من بعض متمرّسى الحزب القديم ، أكلها تدريجيا . و كان النضال البطولي للفتناميين ضد العدوان الأمريكي و تطوّر حركات التحرّر الوطني فى ما يسمّى بالعالم الثالث و حركة الإحتجاج المناهضة للحرب الأمريكية فى الفتنام و الثورة الثقافية فى الصين و تصاعد الراديكالية الطلاّبية و الفكرية فى الغرب و فى اليابان مصدر إلهام لحركة الجماهير التقدّمية .
فكان أن إتّسعت الحركة الوطنية فى صفوف الطلبة و المثقّفين حول محاور مثل الحقوق المتساوية و القواعد الأمريكية و تأميم التجارة بالتفصيل و إقحام الفليبينيين فى العدوان على الفتنام . إلى ذلك ، شوهد إنفجار عظيم فى الإضرابات و إستعادة للأفكار الثورية و النشطة داخل الحركة العمالية إثر عقدين من العمل النقابي الأصفر . و فى الريف ، تمثّلت الدوافع الرئيسية فى النضال فى سبيل الحقوق فى الأرض و ضد تجاوزات الإقطاعيين و إشتدّ النضال بحيث حملت جماهير الفلاحين السلاح .
و حوالي نهاية 1968 ، أُعيد تشكيل الحزب الشيوعي الفليبيني الذى صاغ الخطّ العام لثورة الديمقراطية الجديدة الشعبية فى ظلّ قيادة البروليتاريا . و مع بداية 1969 ، تأسّس الجيش الشعبي الجديد تحت القيادة المطلقة للحزب الشيوعي . و رفع الحزب و الجيش راية الحرب الشعبية الطويلة الأمد للقضاء على النظام السائد المفلس و شرعا فى إنشاء قواعد النضال المسلّح الثوري فى الريف و الحركة الثورية السرّية فى المدن بينما وطّدا حركة الجماهير الديمقراطية القانونية . و فى الفترة عينها ، كان بعض المثقفين المورو و القادة التقليديين ينادون بالنضال ضد الإضطهاد الوطني و بحقّهم فى تقرير المصير و أخذوا ينظّمون و يخوضون نشاطات عسكرية و يعدّون لخوض الكفاح المسلّح .
و فى مطلع السبعينات ، إنبعثت جملة من الإحتجاجات يقودها الشباب و الطلبة . ثمّ إمتدّت إلى مختلف أنحاء البلاد و كانت هذه الحركة الثقافية و السياسية تناضل ضد الإمبريالية الأمريكية و الإقطاعية و الرأسمال البيروقراطي .
الدكتاتورية الفاشية :
لمّا كانت الأزمة المزمنة للنظام شبه المستعمر شبه الإقطاعي تحتدّ و كانت الجماهير الواسعة تطالب بتحويل ثوري ، فرض ماركوس قانون الطوارئ فى سبتمبر 1972. و بدفع من الأمريكان ، تركّزت دكتاتورية فاشية لسحق الموجة الثوريّة و تمديد عمر النظام السائد. ذلك أنّ الطبقات الحاكمة لم تعد تستطيع الحكم بالطريقة ذاتها . و بالقوّة و الإرهاب ألغت أيّة سيرورة ديمقراطية فجرى الإنتقام من كلّ القوى التقدّمية و الوطنية .
و ترتّب عن التصعيد العسكري إنتهاك للحقوق الديمقراطية إذ وقع ترحيل ستّة ملايين شخص عن منازلهم و حقولهم و قُتل أكثر من 150 ألف إنسان و تمّ إيقاف الآلاف و الآلاف و إعتقالهم و تعذيبهم . وقُضي على ما تمّ كسبه عبر النضال المناهض للإمبريالية مثل تحديدات الإستثمارات الأجنبية فى البلاد و الملكية الإقطاعية . و فُتحت كلّ مجالات الإقتصاد على مصراعيها أمام النهب الإمبريالي و تضاعفت الإمتيازات الإمبريالية . كما تضاعف التدخّل المكثّف للشركات المتعدّدة الجنسيات فى القطاع البنكي و المعاهدات التجارية و البحريّة بما أوقف التصنيع الوطني و عمّق نهب الثروة الوطنية . و شُيّدت إمبراطوريّات إقتصادية نتيجة لسرقة بيروقراطيى الحكومة للموارد و العائلات و الحرفيّين و أبدعوا فى إغراق البلاد فى إفلاس شامل .
وإزداد الدين الخارجي بنسب كبيرة فاتحا البلاد أمام مزيد الشروط الإمبريالية و ملقيا على كاهل الشعب ديونا ضخمة . و ربط البنك العالمي و صندوق النقد الدولي البلاد بالسوق الرأسمالية العالمية و أبعداه عن تصنيع حقيقي . و تفاقمت مشكلة الأرض بالنسبة للأقليات القومية و المزارعين ممّا جعل مستوى العيش يتدهور . و خُرّبت البيئة بفعل الإستغلال النهّاب للثروات الطبيعية للبلاد من قبل الإحتكارات الأجنبية و الإقطاعيين الكبار . و عمّ الفقر الغالبيّة الساحقة بما فى ذلك الطبقات الوسطى و إضطرّ مئات الآلاف إلى الهجرة معرّضين أنفسهم لعبودية تأجير و تفرقة عنصرية و إستغلال جنسي شديدين . و فى ظلّ الإنحطاط الإجتماعي ، إزدهر البغاء و الإجرام المنظّم .
حرب الشعب :
تشكّلت اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الديمقراطية سنة 1971 بمبادرة من الحزب الشيوعي الفليبيني و سعت لإعداد قواعد صلبة لوحدة كلّ القوى الشعبيّة التى إنتقلت إلى السرّية على إثر نظام " قانون الطوارئ ". و فى أفريل من سنة 1973 ، نشرت اللجنة برنامج العشر نقاط و مرّت بعد ذلك سنتان كي تنشأ فعليّا الجبهة الوطنية الديمقراطية فإلتحق بها الآلاف عبر التنظيمات الجماهيريّة الثوريّة و الممثّلة لطبقات و شرائح مختلفة . و فى الريف ، شهد الكفاح المسلّح الثوري دفعا كبيرا حيث عمل الحزب الشيوعي و الجيش الشعبي الجديد على بناء قوّة ثوريّة فى الريف : فى البداية فى مناطق إستراتيجية و بعد ذلك فى مناطق ثانويّة . و كرّس الحزب نفسه لمهام الكفاح المسلّح و الثورة الزراعيّة و بناء الخطّ الجماهيري .
و إتّسع الكفاح المسلّح و جنبا إلى جنب مع منظّمات الفلاّحين جرى النضال من أجل تقليص الريع و فوائض القروض و من أجل رفع أجور المزارعين و أسعار أفضل لإنتاج قطاع تربية الماشية . و إنتشرت الإضرابات و المقاطعات و الصحف البديلة و الإحتجاج المفتوح مساندة للكفاح المسلّح . فكانت النشاطات الجماهيرية فى الفترة الممتدّة بين 1983 و 1986 عظيمة. و بفضل الظروف المواتية ، تزايدت الهجمات التكتيكية للجيش الشعبي الجديد فى المنتصف الأوّل من الثمانينات . و فى القواعد الأنصارية عمل الحزب و الأنصاريّون وفق برنامج زراعي أدنى و أنشؤوا أجهزة سلطة مضادة للدكتاتورية . عندئذ هاجم النظام الدكتاتوري هجوما بلغ حدّ المجازر و مع ذلك إستمرّ شعب المورو فى النضال المسلّح و أوجد الجيش الشعبي الجديد تنظيمات فى صفوف المورو و جنّد قادة و مقاتلين من بينهم . و كذلك ، قاوم الشعب الكرديارس مقاومة رائعة مخطّطات الحكومة الرامية إلى طرده من أراضى أسلافه كما إنخرط فى تنظيم القوّة المسلّحة و فى جبهة ثورية تناضل من أجل حقّ تقرير المصير فى وحدة مع كافة الحركة الوطنية الديمقراطية . بالإضافة إلى ذلك ، تطوّرت حركات ثوريّة فى صفوف السكّان الأصليين و خاصة لوماس مندناو .
و أضعف التدهور السريع للظروف الإجتماعية الإقتصادية و التناقضات بين الرجعيّين و حرب الشعب إضعافا شديدا الدكتاتوريّة و إضطرّها إلى إتّخاذ إجراءات يائسة . و عقب إغتيال بنقنو آكينو ، فى أوت 1983 ، إشتدّ تقدّم النضال حيث تعاظمت الحركة المناهضة للفاشيّة و شملت حتّى قطاعات من الطبقات فى السلطة . و كان من المتوقّع أن يحصل إنقسام فى أقوى قاعدة سند للنظام و نقصد الجيش . غير أنّ قادة الثورة إستسلموا للأوهام و الإنتصار السريع بفضل الظروف المواتية و التقدّم السريع للنضال . و هكذا أضعفت المغامراتيّة و الإنتفاضيّة المدينيّة الثورة و تسبّبت فى خسائر كبيرة و إرتباك و إنحرافات فى خطّ حرب الشعب .
و لمّا أمسى ماركوس مشكلا بالنسبة للأمريكان و فقد ثقة المجموعة الدوليّة ، أعدّ الأمريكان دمى جديدة و فى 1986 ضغطوا عليه ليتنحّى جانبا . فأطيح بالدكتاتورية الفاشية نتيجة تمرّد عسكري و إنتفاضات شعبيّة . و لئن كانت للتمرّد قاعدة شعبية ، فإنّ قيادته أمسك بها مزيج من القوى التى تهيمن عليها الرجعيّة الموالية للولايات المتحدة : تحالف أكينو و قطاعات معادية لماركوس من ضمن العسكريين الفاشيين و الكنيسة المحافظة و الإقطاعيّين و رجال الأعمال الكبار المعادين لماركوس. و فى 1986 ، أُجريت إنتخابات و لكن القوى الثوريّة بحكم الخطّ الخاطئ للمغامراتيّة العسكريّة والإنتفاضيّة المدينيّة و البلبلة - الناجمة عن هستيريا معاداة الإندساس- لحقها الضرر على نحو فادح بما أنّها لم تأخذ بعين النظر أنّ حرب الشعب ما زالت إلى حينها فى مرحلة الدفاع الإستراتيجي و أنّ الثورة كانت بعدُ ناشأة و ضعيفة نسبة للقوى المسلّحة الرجعيّة . و لذا تمكّن الرجعيّون المحلّيون و الولايات المتّحدة من التحكّم فى الضرر الذى تسبّب فيه نظام ماركوس غير أنّ إنحلال النظام الحاكم لم يوضع له حدّ و تواصل الغضب الشعبيّ .
و ظلّت الطبقات الرجعيّة فى السلطة . و كان على آكينو أن تضمن بعض التنازلات على غرار إطلاق سراح المساجين السياسيين و الحقوق الديمقراطية الشكليّة و السيرورة الديمقراطية البرجوازية إلاّ أن الرجعيّين ما إنفكّوا يسحبون شيئا فشيئا تلك التنازلات، و تحت قناع " الإصلاح و الديمقراطية " أبّدوا الهيمنة الأجنبيّة و شبه الإقطاعيّة . و تمادوا فى عديد سياسات ماركوس و مخطّطاته و جعلوها أشدّ وطأة على الجماهير الشعبيّة .
و ما فتأت آكينو و مستشاروها الإقتصاديّون يلجؤون إلى الإستثمارات و القروض الكبرى الأجنبيّة . و جعلتهم حالتهم الماسّة إلى الإعانة العالميّة حتّى عبيدا إلى درجة أكثر لأوامر صندوق النقد الدولى و البنك العالمي . و قد إلتزمت آكينو بالخلاص الكلّي للديون الخارجية و ب" إصلاح إقتصادي " مناسب للرأسمال الأجنبي . و كانت حكومتها ترغب فى الإبقاء على القواعد العسكرية و الفيالق الأمريكية على الأراضي الفليبينية بعد 1991 وهو تاريخ نهاية الإتّفاقيات و مع ذلك ، جرّاء المعارضة الشعبية القويّة ، رفض مجلس الشيوخ المعاهدة الجديدة . و الإتّفاقيات السابقة بين الولايات المتحدة و الفيلبين مثل ميثاق الدفاع المشترك ، تضمن للولايات المتّحدة حق إستخدام أيّ جزء من التراب الفليبيني بتعلّة الدفاع المشترك و القيام بمناورات عسكريّة مشتركة . و فضلا عن ذلك ، لا تريد آكينو إيجاد إتّفاق يخصّ النزاع المسلّح و لمّا فشلت المفاوضات ، شنّ نظامها حملة وحشية مضادة للإنتفاضة المسلّحة . و فى بعض المناطق تجاوزت تلك الحملة حتّى حملات ماركوس في وحشيّتها . و وضعت آكينو موضع الممارسة السياسة الأمريكية " للنزاع المنخفض الحدّة " وبذا تبخّرت المساحة الديمقراطية التى طالما تحدّث عنها الشعبويّون البرجوازيّون و غيرهم من الإصلاحيين .
و غدت حكومة آكينو ، مع كلّ محاولة إنقلابيّة من طرف المتطرّفين اليمينيّين أكثر فأكثر خضوعا للقوّات المسلّحة الفاشية كيما تستمرّ في السلطة . و صارت الكتلة العسكرية ارموس أقوى . و أفرزت عدم القدرة على تأكيد سيادة المدنى على العسكري وضع قانون طوارئ غير معلن ( من ذلك ، أعيد تقنين الإيقافات دون ضمانات ) و إستمرّت الولايات المتّحدة فى تأثيرها السياسي و الإقتصادي و العسكري على البلاد عن طريق شبكة السياسّيين و البيروقراطيّين و الضبّاط العسكريّين .
و سرعان ما عزل نظام آكينو نفسه عن الشعب نظرا لسياسته اللاديمقراطية و اللاوطنية . و من 1986 إلى 1992 ، نُظّمت إحتجاجات جماهيرية كبيرة ضد نظام آكينو . وقد تفاقمت البطالة فى فترة ذلك النظام ممّا إضطرّ القوّة العاملة و غالبيّتها من النساء إلى الهجرة . و علاوة على ذلك ، لم تقدّم حلولا للوضع فى الريف ومسألة الحكم الذاتي للأقلّيات القوميّة رغم المفاوضات التى جرت بين آكينو و الجبهة الوطنية الديمقراطية حول هدنة .
و من ناحية أخرى ، منذ 1988 ، شرع الحزب الشيوعي الفليبيني فى النضال ضد الأخطاء و الإنحرافات الكبرى التى سقطت فيها الحركة الثورية و فى تصحيحها .
نظام الولايات المتحدة – راموس :
بفضل تسهيلات الحكومة الرجعيّة و النفقات الإنتخابية الضخمة التى قدّمها الرأسماليون الإحتكاريّون الأجانب ( من الولايات المتحدة و اليابان و تايوان ) ، تحصّل فيدال راموس على 23.5% من أصوات الناخبين . وإعتمد منفّذ الدكتاتوريّة الفاشية على البيروقراطية المدينيّة التى سمّى فيها ضبّاطه العسكريّين الأوفياء . و كان فيدال راموس وزيرا للدفاع سابقا فى حكومة كورى آكينو و قريبا من أقرباء الدكتاتور ماركوس و أثناء " قانون الطوارئ " كان مسؤولا عن سياسية القمع .
و إتّبع راموس خطى سياسة آكينو : فى الريف أصدر قوانينا تزيد مشكل الأرض تعقيدا و تسمح للأجانب بإكتراء الأرض طوال 78 سنة الشيءالذى يعنى بالفعل التمتّع بملكية الأرض و يسمح بدخول المنتوجات الفلاحيّة الأجنبيّة دون ضرائب ما يؤدى إلى إنخفاض فى أسعار منتوجات الفلاحين .
و يرمى برنامج " الفليبين 2000 " إلى فرض السلم على القوى الثوريّة بالقوّة و القضاء على الحقوق الديمقراطيّة للفلاحين و العمّال. و يبحث راموس عن ديمومته فى السلطة مثلما فعل ماركوس بتعلّة " التعديل الدستوري " و مناهضة الإنتفاضة والتطوّر الإقتصادي. إنّ سياسته اللاديمقراطية تفاقم أزمة النظام القائم و تزيد فى مدى الإضطهاد و الإستغلال .
أزمة نظام فى إنحلال :
البطالة و التضخّم المالى السريع و العجز فى الميزان التجاري و فى ميزانية الحكومة و إنفاق الثروة الإنتاجية على الديون الخارجية الكبيرة ، و إنقسام الطبقة المهيمنة إلى كتل متناحرة و الفساد و تداعى الجيش المحترف المتورّط فى نشاطات إجرامية : هذا ما يميّز وضع النظام . و تواجه الإمبريالية الأمريكية فى كلّ مرّة صعوبة أكبر فى التمادي فى حملتها " المعادية للثورة ". فى منطقة آسيا-المحيط الهادي ، تتعاون الولايات المتحدة و اليابان فى إستغلال الشعوب لكنّهما تتنافسان أيضا - و حتّى الطبقة الوسطى مضطرّة إلى الوقوف موقفا نقديّا أكثر و مقاوما للولايات المتحدة و دُماها .
طالما بقي النظام شبه المستعمر و شبه الإقطاعي الذى يهيمن عليه الأمريكان والبرجوازية الكبيرة المحلّية و الإقطاعيين ، فإنّ الأزمة ستظلّ دون حلّ و ستحتدم سواء تواصل نظام راموس أم عُوّض بدمية أخرى ، فى حين تناضل القوى الثوريّة بصلابة فى سبيل التحرّر الوطني الديمقراطي والحرب تتصاعد و يتحقّق البرنامج الأدنى للإصلاح الزراعي و تتركّز المنظّمات الجماهيرية و الأجهزة المحلّية للسلطة فى الريف و تتقدّم الحركات القانونية المفتوحة الآن فى المدن.
و بالرغم من الأضرار الفادحة التى ألحقتها سياسة " الحرب الشاملة " المعادية للثورة بحركة التحرّر الوطني ، فإنّ حركة التصحيح و مستوى أرقى من الترسيخ السياسي و الإيديولوجي و التنظيمي ستعطى أكلها إنتصارات كبيرة فى السنوات القادمة . و إنّ أية محاولة للرجعيّين لفرض الحكم الفاشي أو تشديد الإرهاب المسلّح ستجعل التناقضات الطبقيّة و الوطنية تستفحل و سيترتّب عنها نزاع داخل الطبقات الحاكمة ذاتها .
تطوّر الثورة المسلّحة فى الفليبين :
من الممكن أن يقسّم تطوّر الثورة إلى ثلاث فترات . و تشمل الأولى الفترة الممتدّة من 1968 إلى 1979 وهي فترة إقامة الإصلاح الزراعي . و الثانية ، من سنة 1980 إلى سنة 1991 وهي فترة تقدّم القوى الثوريّة و تقويض الإنتهازية " اليسارية " و اليمينية لهذه القوى . و الفترة الحالية منذ 1992 وهي فترة تصحيح الأخطاء وإعادة تشكيل القوى الثوريّة .
فى الفترة الأولى ، كانت المكاسب الرئيسية : إعادة البناء السياسي و الإيديولوجي و التنظيمي للحزب الشيوعي الفليبيني على أساس خطّ الماركسية - اللينينية - فكر ماو تسى تونغ و هيئات قياديّة فى النقاط الإستراتيجية بغية تطوير الكفاح المسلّح و تطوير حركة الجماهير فى المدن و تطوير القوى المدينية السرّية و تطوير الجبهات الأنصاريّة . غير أنّه منذ 1972 ، كانت دكتاتورية ماركوس وراء أضرار فادحة ذلك أنّها أسرت عديد قادة الحزب على أنّها لم تقدر أبدا على إلحاق الهزيمة بهم .
فى الفترة الممتدّة من 1982 إلى 1991 ، إرتفع كثيرا عدد أعضاء الحزب و الجيش الشعبي و توطّدت منظّمات الحزب و الجيش و شُكّلت أكثر من 60 جبهة أنصاريّة و نهضت من جديد الحركة القانونية ( و بالأخصّ إنطلاقا من إغتيال آكينو) و قطعت خطوات كبيرة نحو عزل دكتاتورية ماركوس و تحطيمها و تعاظم الحقد الشعبي على الدكتاتور . فى تلك الفترة ، قرّرت الولايات المتحدة بمعيّة الرجعيين المحلّيين الإنهاء على ماركوس . و فى غضون الفترة عينها ، إرتكبت أخطاء إنتهازية و ذاتيّة حيث اُهمل العمل الإيديولوجي و وجدت تيّارات تفكير برجوازيّة صغيرة و تحريفيّة أرادت القفز على مراحل ضروريّة للتوصّل إلى الإنتصار محمّلة الجيش الشعبي ما لا طاقة له به . لم تفهم المجتمع الفليبيني فهما صحيحا و صاغت تحليلا خاطئا يقول إنّ الفليبين لم تعد بعدُ بلدا شبه إقطاعي و فلاحي بما أنّه شهد تصنيعا و تمدينا على أيدى دكتاتورية ماركوس .
و إعتبر الإنتهازيون " اليساريون " أنّهم بلغوا المرحلة الثالثة من حرب الشعب ألا وهي مرحلة الهجوم المضاد الإستراتيجي ممّا يجعل العامل الحاسم هو الإنتفاضة فى المدن و كان ذلك على حساب تدعيم القاعدة الشعبية فى الريف و تعاطوا مع الجيش الشعبي على أنّه قوّة عسكرية لا غير . و إعتبر اليمينيّون الجبهة المتّحدة الطليعة منكرين الدور القيادي للبروليتاريا و الحزب و إعتبروا الشكل القانوني الشكل الرئيسي للنضال . و تمّ الدفع بوحدات عسكرية كثيرة ، بالكاد مجهّزة و غير منظّمة بما فيه الكفاية ، إلى القتال على حساب حركة الجماهير . و رأوا أنّ الإعانة الماليّة الأجنبيّة عاملا رئيسيا للإنتصار الثوري و شنّوا " صيد سحرة " هستيري تسبّب فى ضرر كبير.
و بعد سقوط ماركوس سنة 1986 ، أثنوا على نظام آكينو معتبرينه نظاما ديمقراطيّا و انكروا طابع الرئيسة اللاشعبي و المعادي للشيوعية . و منذ 1988 ، كانت غالبية تلك العناصر محبطة نظرا لخطّها المجانب للصواب . و وقع أسوء تلك العناصر بين أيدى الرجعيين و ساهموا فى إنشقاق الحركة الثوريّة كجزء من الإستراتيجيا التى رسمها الأمريكان فى " النزاعات المنخفضة الحدّة ". و من 1989 إلى 1991 ، قدّموا قراءة خاطئة للأنظمة التحريفيّة للكتلة السوفياتيّة و نشروا السياسة الإمبريالية و العدوانية ضد الأنظمة التحريفيّة. و إحتفلوا بإنحلال الإشتراكية و عدم صلوحيّتها و نعتوا بالستالينيّة الأنظمة المرتدّة التحريفيّة المعادية لستالين .
فى 1991 ، كان الثوريّون على إستعداد لإطلاق حركة تصحيح لتطهير الحزب من كلّ أخطاء تلك المرحلة القاتمة و للقيام بحملة إيديولوجية معيدة تركيز المبادئ الماركسية – اللينينية : النقد و النقد الذاتي والدراسة النظرية و العمليّة و وعي طبيعة المجتمع الفليبيني و ضرورة قيادة الحزب للثورة ، الحزب الذى أعيد توجيهه نحو خوض حرب أنصار شديدة و على نطاق واسع معزّزا قاعدته الشعبية و عمل تجذير الجماهير و حملاتها الأهمّ فى إرتباط بالبرنامج الأدنى أي الإصلاح الزراعي و إلغاء الريع و التقليص فى قيمة الإيجار و الرفع فى الأجور و مصادرة الأرض ...
--------------------------------------------------------------------------------------














(2)
الميزات الخاصة بحرب الشعب في الفليبين
سيمون ريبل ، الناطق الرسمي ، قسم جنوب منداناو – 01 ديسمبر 1974
( العنوان الأصلي : الميزات الخاصة لحربنا الشعبيّة – المترجم )
محتوى المقال :
1- ثورة وطنيّة ديمقراطية من طراز جديد
2- حرب طويلة الأمد في الريف
3- القتال في أرخبيل جزر صغيرة و جبليّة
4- من صغير و ضعيف إلى كبير و قويّ
5- أزمة دكتاتوريّة فاشيّة عميلة الإمبريالية
6- تحت هيمنة إمبريالية واحدة
7- إنهيار الإمبريالية الأمريكية و تقدّم الثورة العالميّة
-----------------------------------------------------------------
من الكنز العظيم للماركسيّة -اللينينيّة ، نستخلص مبادئا جوهريّة و دروسا تاريخيّة لنسلّط الضوء على حرب الشعب التي نخوضها ؛ هذه المبادئ و الدروس ذات قيمة عامة فهي المرشد العام لممارستنا إلاّ أنّ الإكتفاء بمضمونها ، دون دمجها مع الممارسة الملموسة ، يساوى تحويلها إلى دوغما عديمة الحياة . و الإستغناء عنها يعنى الإنخراط في ممارسة عمياء .
الدغمائيّة و كذا التجريبيّة كلاهما لعنة بالنسبة للشيوعيين . و كما في كافة الأمور، يجب علينا أن ندمج النظريّة بالممارسة العمليّة في إدارة حرب الشعب ، يجب تطبيق النظريّة الكونيّة للماركسية – اللينينيّة – فكر ماو تسى تونغ على الظروف الملموسة للواقع الملموس . و فقط بفهم الميزات الخاصة لحربنا الشعبيّة يكون بإمكاننا فهم القوانين التي تحكمها و هكذا نتمكّن من أقلمة و تكريس الإستراتيجيا و التكتيكات الصحيحة للمضيّ بها إلى الظفر .
و المبادئ الجوهريّة و الدروس التاريخيّة التي تنطوى عليها بعدُ النظريّة الكونيّة للبروليتاريا الثوريّة وقع دفع ثمنها دما من قبل شعوب متباينة حقّق كلّ شعب منها إنتصار ثورته . لكن طالما يتعلّق الأمر بخوض حربنا الشعبيّة و كسبها ، ما من شيء أهمّ من تلك المبادئ و الدروس التي نتعلّمها على قاعدة الظروف الفليبينيّة و تجربتنا الثوريّة الخاصة . و بهذا المضمار ، نعطى الأولويّة للمبادئ و الدروس التي دفع شعبنا ثمنها دما .
و دمج النظريّة الماركسية-اللينينيّة بالممارسة العمليّة الفليبينيّة سيرورة ذات مسارين . لا نستفيد من الإنتصارات المحقّقة في الخارج فحسب كي نتمكّن من النجاح في ثورتنا الخاصة و إنّما نأمل أيضا أن نضيف إنتصارنا الخاص إلى الإنتصارات الخرى و نساهم مساهمة ذات بال في التقدّم بالماركسية – اللينينيّة و الثورة البروليتاريّة العالميّة كيما في النهاية تتحرّر الإنسانيّة من كارثة الإمبرياليّة و تدشّن عصر الشيوعيّة . و في هذه المرحلة من الثورة الفليبينيّة ، نخوض حرب الشعب ، حربا ثوريّة ، لأنّها الوسيلة الوحيدة لوضع حدّ للإضطهاد المسلّح للشعب من قبل الدولة الرجعيّة التي تمثّل جهازا قمعيّا بيد الطبقة الكمبرادوريّة الكبرى.
و للتمكّن من فهم شامل للميزات الخاصّة لحرب الشعب ، يجب أن نأخذ بعين النظر مثل هذه الظروف الخاصة على غرار كون حربنا الشعبيّة تسير وفق خطّ الثورة الوطنيّة الديمقراطية من الطراز الجديد ؛ و كوننا نحتاج إلى خوض حرب طويلة الأمد في الريف ، و كوننا نقاتل في أرخبيل جزر جبليّة ن و كون العدوّ كبير و قويّ بينما لا نزال نحن بعدُ صغارا و ضعفاء؛ و كون دكتاتوريّة فاشيّة قد صعدت في أتون أزمة سياسيّة و إقتصاديّة تشهدها الطبقة الحاكمة ؛ و كون البلاد تقع تحت هيمنة قوّة إمبريالية واحدة و بالتالى هناك رجعيّة مسلّحة موحّدة ، بإستثناء في جنوب غرب مندناو ؛ و كون الإمبريالية الأمريكية تنهار في آسيا و عبر العالم و الثورة العالمية تتقدّم وسط الزمة العامة غير المسبوقة للنظام الرأسمالي العالمي منذ نهاية الحرب الإمبريالية الثانية .
في نقاش الميزات الخاصة لحربنا الشعبيّة ، سننزع إلى الإشارة إلى بعض الميزات و بعض العوائق أو نقاط القوّة و نقاط الضعف . و في الوقت نفسه ، نشير فورا إلى السيرورة العامة التي بفضلها يمكن توسيع ميزاتنا و قوّتنا إلى أقصى درجة و تجاوز العوائق و نقاط الضعف .
1 - ثورة وطنيّة - ديمقراطية من طراز جديد :
بلدنا بلد شبه مستعمر شبه إقطاعي وهو واقع تحت الحكم غير المباشر للإمبريالية الأمريكية و حكم العملاء الذين تعوّل عليهم هذه الأخيرة و هم الكمبرادوريّون و الإقطاعيون الكبار و البيروقراطيون الكبار . و المدن تحكمها البرجوازية الكمبرادوريّة الكبرى بينما تحكم الريف طبقة الملاّكين العقّاريين .
و الغالبيّة العظمى من ال41 مليون نسمة ، أكثر من تسعين بالمائة ن تتعرّض إلى الإستغلال و الإضطهاد الشديدين على يد الكمبرادوريين الكبار و الملاّكين العقّاريين الكبار ، الذين معا مع الأتباع السياسيين و التقنيين الأقرب و الأفضل أجرا ، يمثّلون أقلّية صغيرة ليست أكثر من إثنين بالمائة من السكّان . و الأكثر إضطهادا و إستغلالا هي الجماهير الكادحة من العمّال و الفلاّحين . و البرجوازية الصغيرة المدينيّة و البرجوازية الوسطى أو الوطنيّة تشكو كذلك من الوضع شبه المستعمر شبه الإقطاعي ، مع أنّ الطبقة الأولى تعانى أكثر من الطبقة الثانية .
و من البديهي سبب حديثنا بلا تفرقة بين حرب الشعب و الحرب الثوريّة . فنحن نقاتل من أجل المصالح الثوريّة لأوسع جماهير الشعب . و نقاتل بوجه خاص من اجل مصالحها الوطنية – الديمقراطية . ثورتنا ثورة وطنيّة – ديمقراطيّة تهدف إلى إتمام نضالنا من اجل الإستقلال الوطني و تجسيد الطموحات الديمقراطية لشعبنا . و ليست لنا غاية أخرى عدا القتال في سبيل التحرّر الوطني و التحرّر الاجتماعي ، ضد افمبريالية الأمريكية و الإقطاعيّة و الرأسماليّة البيروقراطية .
بمعنى ما ، ثورتنا الوطنيّة – الديمقراطية متمّمة للثورة الفليبينيّة التي إنطلقت سنة 1896. لكن لهذه الثورة ميزاتها الخاصة. إنّها من طراز جديد . ذلك أنّها لم تعد جزءا من الثورة البرجوازية – الرأسماليّة القديمة . بل صارت جزءا من الثورة البروليتاريّة – الإشتراكية التي ظهرت منذ الحرب الأولى بين القوى الإمبريالية و إنتصار الثورة الإشتراكية العظيمة ، ثورة أكتوبر . و على الرغم من أنّنا لا نزال نناضل من أجل ثورة وطنيّة - ديمقراطية ، فإنّ هذا يمثّل إعدادا لإنجاز ثورة إشتراكية في بلدنا .
إنّنا بالتالى منخرطون في ثورة فليبينيّة مستمرّة ، ذات مرحلتين متباينتين : المرحلة الوطنية – الديمقراطية و المرحلة الإشتراكية . و في كلتا المرحلتين ، تكون القيادة للبروليتاريا التي هي تاريخيّا الأكثر تقدّ/ا ، سواء سياسيّا أم إقتصاديّا ، وهي تملك الإيديولوجيا الأكثر تقدّما .
و عبر فيلقها الطليعي ، الحزب الشيوعي الفليبيني ، تسهر البروليتاريا على إنجاز الثورة الوطنيّة – الديمقراطية و إتمامها على أن تتبع فورا بالثورة الإشتراكية عقب إنتصار الثورة الوطنية الديمقراطية ؛ و على أن ترسي طوال حقبة تاريخية إشتراكية أسس الشيوعية .
في المرحلة الراهنة من الثورة الفليبينيّة ؛ يرفع الحزب سلاحين ضد العدوّ . و هما الكفاح المسلّح و الجبهة الوطنيّة المتّحدة. وهما مترابطان ترابط الرمح و الدرع . و يخدم كلّ منهما الآخر . و تضمن الجبهة الجبهة الوطنية - الديمقراطية أوسع دعم شعبي ممكن للكفاح المسلّح ؛ و تشقّ صفوف العدوّ و تعزل أسوأ عدوّ واحد في وقت معيّن . و الكفاح المسلّح هو بصورة خاصة سلاح إنجاز المهمّة المركزيّة للثورة المتمثّلة في تحطيم حكم العدوّ و الإطاحة به و إفتكاك السلطة السياسيّة.
مستخدمين كلمات لماو تسى تونغ ، نقول دون جيش كالجيش الشعبي الجديد ، لا يملك الشعب شيئا . كسب بضعة مقاعد في برلمان رجعي و عدم كسب جيش في بلدنا يعادل المشاركة في لعبة خداع للجماهير الشعبيّة . في أي وقت يختاره العدوّ لتغيير قوانين اللعبة ، على سبيل المثال ، الدستور ، سيتمكّن من القيام بذلك على حساب الشعب .
و من بين الكفاح المسلّح و النضال البرلماني ، الأوّل هو الرئيسي و الثانى هو الثانوي . و يعلم كلّ ثوري حقيقي انّ أهمّ مكوّن للدولة الرجعيّة هو الرجعيّ . دون جيشه الخاص يظلّ الشعب الفليبيني فاقدا للسند . لن يستطيع قطع خطوة واحدة نحو تحطيم كامل الجهاز العسكري – البيروقراطي للعدوّ جون جيش شعبي .
بخوض حرب الشعب ، يبنى الحزب الجيش الشعبي كأهمّ شكل من أشكال التنظيم ز و ليس الجيش الشعبي منظّمة حيث تتركّز عضوية الحزب و إنّما هو كذلك منظّمة لتوحيد الثوريين البروليتاريينو جماهير الفلاّحين في كلّ من الجيش والمناطق. و على هذا النحو ، يتّخذ التحالف الأساسي للبروليتاريا و الفلاحين الضروري للغاية للجبهة الوطنية المتّحدة شكله الملموس الأكثر فعاليّة .
و التحالف الأساسي بين البروليتاريا و الفلاّحين هو أساس الجبهة الوطنيّة المتّحدة . و بقدر ما يكون هذا التحالف أقوى في مسار حرب الشعب ، بقدر ما تكون أقوى رغبة البرجوازية الصغيرة المدينيّة في الإلتحاق بالجبهة الوطنيّة المتحدة و المساهمة بنشاط في العمل الثوري . و كذلك ، يتمّ تشجيع البرجوازية الوطنيّة على تقديم دعمها لمثل هذه القوى الأساسيّة للثورة كالبروليتاريا و الفلاّحين والبرجوازية الصغيرة المدينيّة . و في هذه المرحلة من الثورة ، قيادة الحزب و البروليتاريا تثبت كأفضل ما يكون الإثبات بقدرتها على بناء جيش شعبي و تحقيق التحالف الأساسي للجماهير الكادحة .
2 - حرب طويلة الأمد في الريف :
خمس و ثمانون بالمائة من سكّان الفليبين يقطنون في الريف . و من هؤلاء السكّأن الريفيين ، يمثّل الفلاّحون الفقراء إلى جانب العمّال الزراعيين حوالي خمس و سبعون بالمائة ؛ و الفلاحون المتوسّطون يمثّلون حوالي خمسة عشرة بالمائة و الفلاحون الأغنياء حوالي خمسة بالمائة . و قد يمثّل الملاّكون العقّاريون فقط 1 على 2 بالمائة . و زهاء الثلاثة أو الأربعة بالمائة هم أجراء غير فلاحيين و حرفيين و باعة متجوّلين صغار وتجّار و طلبة و أساتذة و مهنيّين آخرين . و هناك إنحرافات صارمة عن هذه النسب المائويّة في أماكن معيّنة فحسب أين توجد مناجم و مقاطع أشجار و مزارع معاصرة و بعض الصناعات . و الصيّادون على طول السواحل هم بالأساس فلاّحون .
و بناء على هذه المعطيات الواقعيّة للسكّان الفلاّحون و للريف دلالة خاصة بالنسبة لنا في خوض حرب الشعب . و المشكل الاجتماعي الأساسي ، المشكل الوحيد الذى يطال العدد الأكبر من الناس يكمن في الريف وهو مشكل الرض . تضطهد الإقطاعية و شبه الإقطاعية و تستغلّ الفلاحين الفقراء و العمّأل الزراعيين و الفلاّحين المتوسّطين من الفئة الدنيا . و دون تركيز الاهتمام على هذا المشكل و تقديم حلّ له ، ليس بوسعنا أن نجلب إلى صفوف الثورة القوّة الأهمّ التي يمكن أن تسحق العدوّ .
الثورة الزراعيّة هي الحلّ . يتمّ إستنهاض جماهير الفلاّحين و تعبأتهم للإطاحة بسلطة الملاّكين العقّاريين و إنجاز الإصلاح الزراعي خطوة خطوة . و طبقا للظروف الملموسة ،و بالخصوص القوّة التي تبلغها القوى الثوريّة ، تقليص الإيجار و إلغاء الربا أو المصادرة التامة لملكيّة الملاّكين العقّاريين يجب أن تكرّس . و في الناطق الحدوديّة ، السكّان الأصليّين الفقراء و المعمّرون الفقراء ، يبج أن تضمن لهم ملكيّة أراضى بحجم عادل .و يدافع الحزب عن أنّ المضمون الأساسي للثورة الوطنية – الديمقراطية هو تلبية عطش الفلاّح للأرض .
و بإنجاز الثورة الزراعيّة فقط بوسع القيادة الثوريّة أن تفعّل جماهير الفلاّحين بإعتبارها القوّة الأساسيّة للثورة و تنشأ التحالف الأساسي بين البروليتاريا و الفلاّحين . و من صفوف الفلاّحين المطحونين بالإمكان جلب أكبر عدد ممكن لتكوين الفيالق العسكريّة . و مثلما يلاحظ ذلك الآن ، يتكوّن الجيش الشعبي الجديد أساسا من فلاّحين.و يرتهن نموّ جيشنا الشعبي بدعم جماهير الفلاّحين .
بعبارات عامة ، نؤكّد أنّ الحليف الذى يمكن التعويل عليه أكثر من غيره بالنسبة للبروليتاريا هو الفلاّحون و بعبارات أخصّ، لنربط البروليتاريا الثوريّة أساسا بالفلاّحين الفقراء إلى جانب العمّال الزراعيين و نكسب الفلاّحين المتوسّطين و نحيّد الفلاّحين الأغنياء . في مسار الثرة الوطنيّة – الديمقراطية نعتنى بعدم الإضرار على نحو غيرملائم بمصالح الفلاّحين الأغنياء حتّى و نحن نتحلّى باليقظة تجاه نزعاتهم الرجعيّة .
في معارضة الملاّكين العقّاريين و الإطاحة بهم ، نعتبر أهمّ الأهداف هي الملاّكون العقّاريون الذين بحوزتهم أملاك شاسعة و الذين تحصّلوا عليها بمجرّد الإستيلاء و الذين يمسكون بالسلطة السياسيّة و يمارسون الطغيان . ونولى إهتماما خاصا، على حدّ ما تسمح به الجماهير و الظروف ، إلى أناس مستنيرين من الطبقة العليا الذين يتبنّون و يتبعون سياساتنا و يساندون حربنا الثوريّة .
بلدنا بصورة عامة بلد متخلّف بفعل الهيمنة الإمبرياليّة و يملك ريفا ممتدّا نسبيّا أين تسيطر الإقطاعيّة و شبه الإقطاعيّة . و هذا الريف المتخلّف في بلدنا الصغير ليس بشساعة الريف الصيني بل هو بالتأكيد شاسع مقارنة بمدننا الخاصة و هذا هو الإطار الأساسي لحربنا الشعبيّة . فغالبيّة السكّان تعيش هناك .
و الرابط الأضعف لحكم العدوّ يوجد في الريف . أسوء الإضطهاد و الإستغلال يجرى في صفوف جماهير الفلاّحين على يد الرجعيّين . و مع ذلك الريف شاسع إلى درجة أنّ القوّات المسلّحة للعدوّ ليس بإمكانها أن تنتشر إنتشارا بصورة دقيقة أو ليس بإمكانها إلاّ أن تتخلّى عن مناطق شاسعة حيث تتمركز في نقاط معيّنة . و بالتالى فإنّ الريف أرض خصبة لظهور و نموّ السلطو السياسيّة الحمراء -الجيش الشعبي و أجهزة السلطة السياسيّة الديمقراطية و المنظّمات الجماهيريّة و الحزب. لا يمكن أن يوجد مجال أوسع و أفضل للمناورة بالنسبة لجيشنا الشعبي و بالنسبة لنوع حربنا .
و تبيّن تجربتنا لأكثر من خمس سنوات أنّنا أوجدنا في الجملة عشرين جبهة أنصاريّة في سبع مناطق خارج مانيلا - ريزال. و تواصل هذه الجبهات في الإزدهار في الريف حتّى وهي تواجه الإجراءات المعادية للثورة الفاشيّة القاسية غير المسبوقة. حينما يتقدّم العدوّ بقوّة كبيرة ضد قوّاتنا الصغيرة و الضعيفة ، نجعله يرهق نفسه ب توجيه لكمات في الهواء و يسعى الجعبي الجديد إلى ضرب أضعف وحدات العدوّ في مكان آخر أو التوسّع إلى أرضيّة جديدة . و الحملة الكبيرة و الطويلة للعدوّ ل " المحاصرة و السحق " قد فشلت في تحطيم قواتنا الصغيرة و الضعيفة في سهول كاغايان .
في بلادنا ، من الممكن أن نخوض حرب الشعب طويلة الأمد لأنّه لدينا ريف متخلّف شاسع نسبيّا أين توجد غالبيّة السكّان . و هناك عديد الأماكن نسبيّا بعيدة عن مركز العدوّ و الخطوط الأساسيّة للمواصلات و أين يعيش الناس بالأساس على إنتاج فلاحي متنوّع . و هذا الوضع مختلف كلّيا عن الوضع في بلد رأسمالي .
ففي البلدان الرأسماليّة ، الحرب الأهليّة تُسبق بفترة طويلة من النضال البرلماني. و شنّ حرب اهليّة هناك دون تفكّك على الأقل الجزء الأكبر من الجيش البرجوازي القائم و دون إستعداد البروليتاريا إلى الإنتفاضة العامة القادرة على تحقيق الإنتصار في ظرف زمني وجيز ، يعنى التسبّب في كارثة للقوى الثوريّة . و ترتهن الحرب الأهليّة بالأساس بواقع أنّ غالبيّة السكّان يوجدون في المدن وهي تنطلق و تتقرّر في المدن الكبرى أين يتركّز الاقتصاد العالى الوحدة و نظام المواصلات العالى التطوّر . و الإنتصار عبر البلاد أو الهزيمة في حرب أهليّة تتحدّد بسرعة أكبر في البلدان الرأسماليّة منها في البلدان شبه المستعمرة شبه الإقطاعية .
في الفيليبين ، من الضروري و بقدر ما هو ممكن خوض حرب الشعب الطولة الأمد . و فقط عبر فترة زمنيّة طويلة يمكننا أن نطوّر قواتنا خطوة خطوة بإلحاق الهزيمة بقوّات العدوّ قطعة قطعة . لسنا في موقع يخوّل لنا أن نضع قواتنا الصغيرة و الضعيفة في معارك حاسمة إستراتيجيّا مع قوّات العدوّ المتفوّقة عسكريّا . في المصاف الأوّل ، بدأنا من الصفر . و ما كان بوسعنا أيضا أن نتأخّر في الشروع في حرب الشعب . و بقدر ما يكون لدينا حيذز زمني طويل لتطوير قوّتنا القتاليّة من عمليّا لا شيء ، يكون ذلك أفضل لنا مستقبلا . و من سياساتنا الصارمة أن نقاتل فحسب في المعارك التي نكون قادرين على كسبها . و إلاّ سنواجه قوّ’ عدوّ لا طاقة لنا بإلحاق الهزيمة بها . و علينا أن نبحث عن فرص توجيه ضربات لقوّات العدوّ التي يكون بوسعنا إلحاق الهزيمة بها .
و نحن نخوض حرب الشعب الطويلة الأمد ، نطبّق الخطّ الإستراتيجي لمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف . و بثبات نطوّر القواعد و المناطق الأنصاريّة الخطّ الإستراتيجي لمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف . و بثبات نطوّر القواعد و المناطق الأنصاريّة في نقاط غستراتيجيّة متنوّعة من البلاد . و في مرحلة لاحقة ، ينبغي أن نربط بين هذه المناطق بواسطة قوّات متحرّكة نظاميّة يتعيّن أن تكون في موقع يسمح لها بالدفاع عن القواعد الثوريّة الأوسع و الأكثر إستقرارا في البلاد . و من مثل هذه القواعد الثوريّة المستقرّة ، علينا أن نتمكّن في النهاية من إفتكاك المدن و التقدّم نحو الإنتصار عبر البلاد بأسرها .
و بينما مهمّتنا الرئيسيّة هي خوض حرب طويلة الأمد في الريف ، مهمّتنا الثانويّة هي تطوير الأرضيّة الثوريّة و الحركة الجماهيريّة المناهضة للإمبرياليّة و الديمقراطية في المدن . و يترتّب علينا أن نمزج بين النضالات الثوريّة في المدن و الأرياف و في الأحياء في المناطق الحمراء و في المناطق البيضاء و المناطق المرتبكة .
يجب ان نتميّز في المزج بين النشاطات القانونيّة و غير القانونيّة و شبه القانونيّة من خلال نضال سرّي واسع النطاق و مستقرّ . و ينبغي أن يشجّع النضال السرّي الثوري المتطوّر مع النشاطات الديمقراطية و القانونيّة و شبه القانونيّة على النموّ الشامل للقوى الثوريّة و أن يخدم ربط الأجزاء الأخرى المعزولة للحزب و الجيش الشعبي في كلّ مستوى و أن يعدّ الأرضيّة للإنتفاضات الشعبيّة في المستقبل و للتقدّم بالجيش الشعبي .
3 - القتال في أرخبيل جزر صغيرة و جبليّة :
الفليبين أرخبيل جزر صغرة و جبليّة . ويتكوّن من 7100 جزيرة و جزيرة صغيرة جدّا و المسحة الجملية للبلاد هي 299.404 كم مربّع أو 115.600مايل مربّع . و تشكّل الإحدى عشرة جزيرة الأوسع التي نوردها في الجدول أدناه 94 بالمائة من مجمل المساحة وهي تحتوى كذلك على 94 بالمائة من مجمل سكّأن البلاد . و كلّ واحدة منها و العديد من الجزر الأخرى متكوّنة من جبال و أرض خصبة . و لا تتحدّ> أهمّية الجزيرة بحجمها فحسب ، فعدد السكّان و المناطق الغابيّة و الجبال أهمّ بالنسبة لحرب الشعب ، لا سيما في مرحلتها الأولى .
الجزيرة ----------- المساحة بالكم المربّع ---------------عدد السكّان (سنة 1970)
1- لوزون 104.688 18.001.270
2- منداناو 94.630 7.538.315
3- سمر 13.080 1.019.358
4- نغروس 12.705 2.218.972
5- بالاوان 11.785 236.635
6- باناي 11.515 2.114.544
7- مندورو 9.735 472.496
8- ليتى 7.214 1.634.182
9- سيبو 4.422 1.634.182
10- بوهول 3.865 683.297
11- مسباط 3.269 492.908

و هناك ثلاث ميزات بارزة ناجمة عن كون الفليبين أرخبيل جزر ،أوّلا ، بلدنا منقسم إلى عدد كبير من الجزر و ثانيا ، الجزيرتان الأكبر ، اوزون و منداناو منفصلتين بسلسلة من فوضى الجزر كفيساياس . و ثالثا ، بلدنا الصغير يفصله البحر عن البلدان الأخرى . و من مثل هذه الميزات تبرز مشاكل ذات خصوصيّة بالنسبة لحربنا الشعبيّة .
فمن ناحية ، صحيح أنّ بلدنا شاسع نسية إلى مدنه . و من ناحية ثانية ، صحيح كذلك أنّه علينا أن نقاتل ضمن جبهات ضيّقة لأنّ كامل البلاد صغير و ريفه ممزّق . و بسهولة تتّسم الحرب بيننا و بين العدوّ بميزات منها أنّها شديدة و بلا رحمة و سلسة إلى أبعد الحدود . و بينما لدينا أوسع مساحة ممكنة لتطوير قوّأت نظاميّة متحرّكة في لوزون و منداناو ، فإنّ هاتين الجزيرتين منفصلتين بمئات الكيلومترات و بجزر أصغر بكثير أين يبدو المجال مباشرة مناسبا فحسب لقوى أنصاريّة عبر مسار حرب الشعب . و الشرط الأقصى لظهور القوّات النظاميّة المتحرّكة في أكبر جزر فيساياس سيوفّر بالتطوير المسبّق لقوّات نظاميّة متحرّكة في لوزون و منداناو .

و خوض حرب الشعب في بلد متكوّن من أرخبيل جزر كبلدنا نهائيّا مشكل في غاية الصعوبة و التعقيد بالنسبة إلينا . و فى هذه المرحلة ، لا نزال نحاول تطوير حرب أنصار على النطاق الوطني ، و كان على القيادة المركزيّة أن تتنقّل من خطّة تنظيميّة إلى أخرى كي تولي إهتماما واسعا للمنظّمات الجهويّة للحزب و للجيش . و ليس هذا عدا مظهر من المشكل . و فرق الدعاية المسلّحة و الوحدات الأنصاريّة الأولى المتوزّعة في مناطق تغيب عن النظر يمكن أن تتعرّض للسحق على يد العدوّ . و هذا مظهر آخر من المشكل .

و بلا شكّ ن القتال في بلد كتكوّن من أرخبيل جزر كبلدنا في البداية من العراقيل كبرى النسبة إلينا . و إعتبارا لكون القيادة المركزيّة مضطرّة إلى التمركز في منطقة بعيدة في لوزون ، لا بديل الآن و حتّى لفترة زمنيّة طويلة قادمة عن تبنّى و تكريس سياسة القيادة المركزيّة و العمليّات اللامركزية . يجب أن نوزّع و نطوّر عبر البلاد كوادرا من نوع عالى بما فيه الكفاية ليجدوا تمشّيهم الخاص و ليحافظا على المبادرة ليس فقط في قترات قصيرة كشهر أو شهرين ، فترات التقارير النظاميّة ، بل كذلك في فترات طويلة كسنة أو أكثر في حال إخار العدوّ أن يركّز على جزيرة أو جبهة قتال معيّنة و محاصرتها .

إنّ تطوّر القاعدة الثوريّة المركزيذة في مكان ما من لوزون سيفيد و يستفيد بصورة حيويّة من تطوّر عديد القواعد الأصغر في لوزون و فيساياس و منداناو . و هكذا ، أعرنا الإنتباه على توزيع الكوادر من أجل حرب أنصار عبر البلاد قاطبة . و في بلد صغير كالفليبين أو بأكثر تحديد في منطقة معيّنة كلوزون كان سيكون من التهوّر بالنسبة للقيادة المركزيّة أن نقيم في منطقة محدّ>ة و تركّز كافة أفراد الحزب و كافة الجهود هناك و بالتالى كان سيعنى ذلك دعوة للعدوّ لتركيز قوّاته هو الآخر هناك . لقد كان سيكون من التهوّر أن نستهين بقدرة العدوّ على التحرّك السريع و تجميع قوّاته في جزيرة حيث الاتصالات اكثر تطوّرا .

لقد إنطلقت القيادة المركزيّة في الكفاح المسلّح في أفضل مكان ممكن بربط المقاتلين الحمر في المحافظة الثانية من ترلاك فلى بدايات سنة 1969 . و سرعان ما بُعث كوادر الحزب إلى المناطق الجبليّة و كثيرة التلال من إيزابالا . و من ثمّة ، ما يشكّل القوات الأساسيّة للجيش الشعبي الجديد نما بحيويّة هناك منذ بدايات 1971 إلى غداة حكم الطوارئ الفاشي . و بعض الكوادر المتدرّبة هنا أرسلت إلى العمل في الريف في مناطق أخرى . إعصار الأربعة الأشهر الأولى من سنة 1970 و التحرّكات الإحتجاجيّة الجماهيريّة التالية و التنظيم الجماهيري في مانيلا – ريزال و مراكز مدينيّة أخرى في البلاد أثمرت أكبر عدد من الكوادر للتوسّع الوطني للحزب و الجيش الشعبي في المناطق الريفيّة . و قد شرعت هذه الكوادر في العمل من الصفر لكنّها كانت متحمّسة فتطوّرت كوادر حزبيّة جديدة من صفوف النشطاء الجماهيريين المحلّيين والمقاتلين الحمر، و صُهرت في أتون النضال الثوري الشرس .

بعدُ قد أوجدنا سبع مناطق حزبيّة و منظّمات عسكريّة خارج مانيلا - ريزال . و عقب تعزيزها ، لا سيما تلك في الشمال الغربي ، و الشمال الشرقي و وسط لوزون ، يمكن أن ننظر بمزيد من الثقة على الأمام و نقطع الخطوة بإتّجاه بناء القاعدة الثوريّة المركزيّة على أرض مناسبة أكثر كثافة سكّانيّة و أوسع من شرقي نهر كاغايان . و يجب أن تكون منطقة أصعب للمحاصر من قبل العدوّ . و بالضرورة ، ستقدر القيادة المركزيذة على الحفاظ على علاقات مباشرة مع المنظّمات الحزبيّة المناطقيّة في لوزون أكثر من تلك في فيساياس و منداناو . و ستظلّ هذه الأخيرة تدار عبر جهاز خاص تابع للجنة المركزيّة.

و على المدى البعيد ، يتحوّل واقع أنّ بلدنا أرخبيل جزر إلى ميزة كبرى لنا و إلى عراقيل كبى بالنسبة إلى العدوّ . فالعدوّ سيضطرّ إلى تشتيت إنتباهه و قوّاته ليس فحسب في الريف بل أيضا على عديد الجزر . و أهمّ مية مفيدة لنا ستظهر عندما ننجح في تطوير حرب النصار على النطاق الوطني و عندما على الأقلّ يجب أن نكون على عتبة خوض حرب نظاميّة متحرّكة في لوزون أو في كلّ من لوزون و منداناو .

إنّنا ننتهج سياية " بضعة جزر كبرى أوّلا ، ثمّ الجزر الخرى بعد ذلك " . و هذا مفهوم جيّدا الآن في فيساياس . ففي كلّ جزيرة أو في جزء خاص من جزيرة إخترنا التمركز فيه ن وجب أن نطوّر التعويل على الذات ؛ و صيانة الوحدات الأنصاريّة داخل شعاع أو نطاق محدود في وقت معيّن لتجنّب تبديد جهودنا ، لكن نطاق واسع بما فيه الكفاية للمناورة ؛ و التقدّم في شكل أمواج ، و التوسّع الدائم على أساس التعزيز . و قد بيّنت لنا تجربتنا المرّة أنّ المبالغة في توسيع نطاق فرقنا الأنصاريّة على أمل كاذب بتغطية منطقة واسعة أو الحضور فى عديد النقاط الإستراتيجيّة في الوقت نفسه تنتهى إلى عمل سياسي ضحل وهي مميتة لفرقنا . و ضمن عدّة فرق أنصاريّة ، من الضروري أن يكون لدينا بعض المحاور أو نقاط توحيد أو تجمّع سواء للتراجع المؤقّت أو لعمليّة تمركز ضد العدوّ و في الوقت ذاته ، لا ينبغي أبدا أن نخفض من درجة يقظتنا تجاه ضرورة السلاسة التي غالبا ما تتطلّب تحرّك مثل هذا المركز من مكان إلى آخر .

و ينبغي على كلّ منظّمة حزبيّة أن تنظر في المرحلة الحاليّة إلى تطوير جبهة أو جبهتان أو ثلاث جبهات و حسب . كما ينبغي أن تُركّز اللجنة التنفيذيّة الجهويّة للحزب على الجبهة الأساسيّة . و يجب أن تظهر المزيد من القواعد الأنصاريّة و المناطق الأنصاريّة فقط على تعزيز القلّة التي يمكن المسك بها بما يكفى في وقت واحد . و حاليّا ، من غير الضروري أن تكون لدينا قوات مسلّحة في كلّ منطقة من الجهة . غالبا ، من المنصوح به بالنسبة إلينا أن نضع قوّتنا المسلّحة على منطقة حدود بين محافظتين لأجل الفعاليّة القصوى ذلك أنّه في المقام الأوّل ليست لدينا قوّة مسلّحة كافية لكلّ محافظة .

و مبدأ التعويل على الذات يحتاج التشديد عليه في صفوف كافة القوى الثوريّة على النطاق الوطني . و يعود هذا إلى كون بلدنا الصغير تفصله البحار عن البلدان المجاورة ، خاصة البلدان الصديقة لقضيّتنا الثوريّة . شعوب الفتنام و كمبوديا و لاووس أفضل حظّا منّا بمعنى أنّها تتقاسم حدودا برّية مع الصين التي تخدم كخلفيّة قويّة لها . و التعويل على الذات لا يمكن قطعا المبالغة في التشديد عليه في صفوفنا . فالحاجيات الأساسيّة لحرب الشعب يجب أن تتوفّر للجيش الشعبي و للجماهير العريضة نفسها . و مصدرنا الأساسي للتسلّح هو ساحات المعارك . و مستوانا التقني و قدراتنا التكتيكيّة و الإستراتيجيّة يجب أن يرتفعوا بإنخراطناالصارم في المبدأ الماركسي للتقدّم عبر المراحل و القيام بأفضل ما أمكن في كلّ مرحلة للإعداد للمرحلة الموالية . و طول مدى حرب الشعب يؤكّد عليه الطابع الأرخبيلي للبلاد .

و الطابع الجبلي يعوّض الطابع الأرخبيلي من البداية . فالأرضيّة الجبليّة ذات عدد سكّان منخفض و ذات نباتات كثيفة وضع ممتاز بالنسبة لحربنا الشعبيّة . و لئن كان الطابع الأرخبيلي للبلاد من جهة يقلّص التأثير على الجبهات القتاليّة ، فإنّ للطابع الجبلي تأثير مزدوج في التوسيع و تعميق . و الجبال غالبا ما تكون حدودا طبيعيّة للمحافظات . و هكذا ، يمكن أن نحافظ على التأثير على عديد المحافظات حتّى و إن كنّا ننشط من منطقة حدوديّة جبليّة واحدة . و كذلك ليس بوسع العدوّ أن يقترب منّا بسهولة نظرا لقساوة الأرضيّة و لكون لدينا فرصا أكبر من أي مكان آخر لإنجاز العمل السياسي في صفوف الشعب . قبل أن يشرع العدوّ في تسلّق جبل ، يمكن أن تصلنا التقارير من الجماهير في المدن و في الأحياء ، و يمكننا فعلا رؤية مجيئه من نقاط أفضليّة كما يمكننا أن نقيّم حجم عمليّته و المدى الزمني لإتّساعها الممكن بمراقبة فيالقه و آلياته الحربيّة و طائراته . و بالتالى يكون بوسعنا الإستعداد لمجيئه .
تمتدّ جبال السيارا مادرى تقريبا على طول لوزون على الجانب الشرقي من سهل كافايان إلى منطقة بيكول عبر لوزون الوسطى . إنّها تربط بين محافظات يبلغ عددها التسع . و في نقاط معيّنة ، تربط بين محافظتين أو ثلاث محافظات في وقت واحد . و تغطّى جبال الكرديارا و إيلوكس وسط غرب لوزون الشماليّة. وهي متّصلة بمحافظات يبلغ عددها إحدى عشرة . و في نقاط معيّنة ، تصل بين أربع محافظات في وقت واحد . و المحافظات الجبليّة و أطرافها تتميّز بكونها كانت منطقة أكبر تمركز للفيالق اليابانيّة إبّان الحرب العالميّة الثانية، بالغة 150 ألف جنديّا تمكّنت القوّات الأنصاريّة من القضاء عليها. و جبال تر – زمبالس تربط خمس محافظات و يجب على النضال المسلّح هناك أن يكون جيّد التنسيق مع النضال المسلّح في السهول الواسعة أسفل ، مع إيلاء عناية خاصة بواقع أنّ القواعد العسكريّة للولايات المتحدة و المخيّمات العسكريّة للقوّات المسلّحة الفليبينيّة توجد بالجوار . و هناك الكثير من الجبال الصغيرة الأخرى في لوزون و بوسعها هي الأخرى أن توفّر أرضيّة مواتية للقوات الأنصاريّة .
و منداناو أكثر جبالا حتّى وهي جزيرة أكثف غابات من لوزون . و توجد وسط منداناو المحافظات الجبليّة لبوكدنون و كوتاباتو . وهي كثيفة السكّان كالمحافظات الجبليّة شمال لوزون . وهي مرتبطة بتقريبا كافة محافظات منداناو . و خارج لوزون و منداناو ، تربط جبال باناي أربع محافظات و محافظات سَمر و ليتى و مندور و تربط محافظتين في وقت واحد .
و الأرض الجبليّة حيث يقطن عدد أكبر من السكّأن في سفوح الجبال و الأراضي المقطوعة الأشجار و السهول و ضفاف الأنهار أو الخلجان ، أكثر مواتاة لحرب الشعب . و السكّأن العاديون للمناطق الجبليّة من الأقلّيات القومية و معمّرون فقراء و لديهم قابليّة كبيرة للدعاية الثوريّة . و عدوّهم المشترك هو الحكومة الرجعيّة التي تتعاطى مع أراضهم بإعتبارها " أراضى عامة " أو تنتزعها منهم مباشرة أو تسمح للملاّكين العقاريين الكبار و البيروقراطيين الكبار و الرأسماليين الكبار بإنتزاعها منهم . و في كلّ بداية ، يجب أن نستنهضهم إستنهاضا قويّا و أن نعبّأهم للدفاع عن أراضيهم و ممتلكاتهم الصغيرة ضد مغنصبى الأراضى و قوات العدوّ . و في شنّ العمليّات العسكريّة ضدّنا ، يلجأ العدوّ عادة إلى الإخلاء القسري لسكّان الجبال هؤلاء حتّى يمنعهم من مساندتنا و حتّى يعبّد الطريق لإفتكاك أراضيهم . يجب علينا تماما أن نعارض كلّ إخلاء قسري .
و واقع أنّنا أعطينا الأولويّة القصوى لإيجاد قواعد و مناطق أنصاريّة في المناطق الجبلية ساعدنا كبير المساعدة على الحفاظ على قواتنا الأنصاريّة في وجه العديد و العديد من الحملات الصغرى و الكبرى ل " التطويق و السحق " التي شُنّت ضدّنا. و دون إستخدام جبال سيرا مادرى لم تكن قوّاتنا الصغيرة في سهل كاياغان ذات الثلاث سريات و حسب كأهمّ قوّ’ لتحافظ على ذاتها ضد 7000 من جنود فرق العدوّ . دون إستخدام المناطق الجبليّة لسرسوغون ، قوّاتنا الأولى الصغيرة هناك لم تكن لتتوسّع لتبلغ قمّة حجم مفرزة واحدة كقوّة أساسيّة و ثمانية فرق و كان سيكون من اليسير تقليصها مع مجيئ ألف جندي من فرق العدوّ . و مع ذلك ، تجب الإشارة كذلك إلى أنّه من الخاطئ التعويل حصرا على الأرض الجبليّة . و نقصد بذلك هنا أنّ إستخدام مزيج من الأرضيّة الجبليّة الأقلّ سكّانا و السهول الأكثر سكّانا ، و التعويل بالأساس على الأولى للأغراض العسكريّة في المرحلة الأولى لحربنا الشعبيّة .
و من المناطق الجبليّة و مناطق التلال ن بوسعنا الإنتشار نحو السهول الآهلة بعدد أكبر من السكّان. و حتّى حينما نكون مضينا بعيدا في بناء القواعد في السهول ، ستبقى لقواعدنا الجبليّة وعلى التلال أهمّيتها الإستراتيجيّة كضمانات للتقدّم المظفّر لحرب الشعب . و بإمكان القاعدة الثوريّة المركزيّة أن تقام على أرضيّة جبليّة كثيفة السكان هي أكبر إتساعا في لوزون . و في كلّ مكان آخر ، القواعد في السهول و على المناطق الساحليّة و البحيرات و الأنهار ستتلقّى الدعم الضروري من القواعد في المناطق الجبليّة و مناطق التلال .
و على أساس العشرين قاعدة أنصاريّة و المناطق الأنصاريّة الموجودة بعدُ و على أساس التجربة المراكمة في إنشائها ، يمكن للقيادة المركزيّة أن تنطلق في تركيز القاعدة الثوريّة المركزيّة في مكان ما في منطقة جبليّة كثيفة السكّان في شمال لوزون و يمكن للقواعد الأنصاريّة و المناطق الأنصاريّة لشمال لوزون و شمال غرب لوزون و وسط لوزون أن تنهض كمحطّات مستقبليّة للقوات النظاميّة المتحرّكة التي ستظهر في القاعدة الثوريّة المركزيّة .
و عقب البلاء الحسن في بناء قاعدتين أنصاريّتين أو ثلاث في كلّ منطقة خارج مانيلا- ريزال ، يمكن أن نمضي إلى إنشاء المزيد من القواعد و المناطق الأنصاريّة من كلّ صنف . و يجب على كلّ منظّمة جهويّة للحزب و الجيش الشعبي أن تركّز قاعدتها المركزيّة الخاصةّ و تنشأ على المدى الطويل قوّات جهويّة متحرّكة . و غداة إفتكاك السلطة عبر البلاد قاطبة ، ستتمّ محاصرة مانيلا- ريزال من قبل القوّات النظاميّة المتحرّكة من الشمال و من المنطقتين جنوبي لوزون .
و منداناو قابلة للتقسيم إلى ثلاث أو أربع مناطق و القاعدة الثوريّة المركزيّة يمكن كذلك أن تقام لتنسّق بين هذه المناطق . و المهمّة الطويلة الأمد لقوّاتنا بمنداناو هي جلب قوّات العدوّ من لوزون و تحطيمها . و بمستطاعنا أن نتعاون تعاونا جيّدا جدّا مع جبهة التحرير الوطني المورو و جيش البنغسامورو بهذا المضمار . و قوّاتنا في فيساياس يمكن أن تستفيد من مكاسبنا في لوزون و منداناو و تساهم بقسطها في مهمّة إجبار العدوّ على تقسيم قوّاته و على تحطيمها .
و لأنّ بلادنا أرخبيل جزر ، من الضروري بالنسبة لنا أن نطوّر قواعد و مناطق أنصريّة على طول المناطق الساحليّة . و السبب المباشر الواضح وراء ذلك هو الاتصالات . إذ ينبغي أن نكون قادرين على تطوير أكبر قدر ممكن من المسالك بين لوزون و فيساياسو مندناو بالقيام بالعمل السياسي في صفوف الصيّادين و البحّارة . داخل فيساياس ، الإبحار عادي مثلما هو عادي النقل بالشاحنات في لوزون أو منداناو ، و إن إستخلصنا الدروس من جنوب غرب منداناو ، و لا سيما من أرخبيل سولو ، بمقدورنا أن نطوّر أكثر الحرب البحريّة ، وهي شكل من الحرب الأنصاريّة مستعملين قوارب صغيرة و كبيرة و أيضا الجزر الصغيرة . و سيمثّل هذا دعما جيّدا لحربنا الأنصاريّة برّا .
4 - من صغير و ضعيف إلى كبير و قويّ :
يجب أن نقرّ بميزان القوى بيننا و بين العدوّ . وهذا من أوّل مستلزمات خوض سواء حرب شاملة أو حملة أو معركة واحدة. و كما هي الأمور الآن ، نحن صغار و ضعفاء و العدوّ كبير و قويّ . ولا شكّ في أنّ÷ متفوّق علينا منتهى التفوّق عسكريّا بالمعنى الخاص لعدد الكتائب و التشكيلات و الأعتاد و التقنية و التدريب و المساعدة الأجنبيّة و الإمدادات عامة . و سيستغرق منّا تغيير ميزان القوى هذا لصالحنا مدّة زمنيّة طويلة. و هكذا ، طول الأمد ميزة من ميزات حربنا الشعبيّة .
و للقوّات المسلّحو التابعة للعدوّ خدمات كبرى أربع : تحديدا ، الشرطة العسكريّة ، الجيش ، و القوّات الجوّية و البحريّة ، بإجمالي قوّة يبلغ على الأقلّ 100 ألف جندي في الوقت الحاضر . و في ظلّ الدكتاتوريّة الفاشيّة ، قوّة فرق العدوّ أضيف إليها 40 ألف بكلّ من الترفيع في عدد القوّات النظاميّة و بالتمديد في الخدمة العسكريّة للمجنّدين من سنّ العشرين ، من ستّة أشهر إلى سنة و نصف السنة . و قوّة العدوّ تعزّزت أيضا ب " قوّة الدفاع المدنيّة المحلّية " ( إسم آخر ل " وحدات الأحياء للدفاع الذاتي " ) و قد أعلنت الدكتاتور الفاشي أنّ مع أواسط 1975 القوّة العامة للقوّات المسلّحة الرجعيّة ستبلغ 250 ألف إثر إدماج قوات الشرطة المحلّية ضمن الشرطة العسكريّة الفليبينيّة .
و قوّة قوّاتنا الأنصاريّة الكاملة العضويّة بعيدة جدّا عن القوّة العسكريّة النظامية للعدوّ . و المحور النموذجي لقوّاتنا الأنصاريّة هو حجم مجرّد مفرزة . و في فلكها تدور فرق الدعاية العسكريّة و الفرق الأنصاريّة الكاملة العضويّة . و إلى ألان ، في شمال شرقي لوزون أين بلغنا مستوى تشكيلة مع بعض القوّة الكافية و قمنا بعمليّات منحجم السرية . و الآن ، حتى هنا مستوى النشاط المسلّح مقلّص إلى مفرزة و فرق . و مع ذلك ، تقليص القوّة بفعل حملات العدوّ بلا هوادة يتمّ تعويضه حتّى أكثر بنموّ الجيش الشعبي الجديد على النطاق الوطني . وطبعا ، إذا كنّا لندمج وحدات أنصاريّة و مليشيا لجزء من الوقت ، سنكون قادرين على ذكر عدد أهمّ من قوّاتنا العسكريّة لكن حتّى حينها كجسم من الرجال المسلّحين صغر و ضعفاء مقارنة بالقوات النظامية للعدوّ ذاته ، " قوات الدفاع المدني المحليّة " التي هي افضل تسليحا منّا بكثير .
ولا يمكننا أن نقيّم إنجازات الحقل العسكري دون إيلاء الإنتباه اللازم لبعض الظروف الموضوعيّة . و قد بدأت القوات الذاتيّة للثورة ، لا سيما الحزب و الجيش الشعبي ، من الصفر. فقد أعيد تشكيل الحزب من الصفر في 26 ديسمبر 1968 ؛ و علاوة على ذلك ، وجب عليه أن يواجه الهجمات ليس من العدوّ السافر فقط و إنّما أيضا من بقايا تحريفيّة طغمة لافا الخبيثة للحزب الموحّد القديم . و قد أنشأ كذلك الجيش الشعبي الجديد من الصفر في 29 مارس 1969 و علاوة على ذلك وجب عليه أن يواجه ليس القوات المسلّحة الرجعيّة فحسب بل كذلك تحريفيي لافا و عصابة تاروك – سومولونغ .
و لم تقدّت و لا بندقيّة واحدة للأنصاريين لوقت كامل التابعين للجيش الشعبي الجديد من سواء المقاومة المناهضة لليابان لهكبالاهاب أثناء الحرب العالمية الثانية أو من الحرب الأهلية التي تلتها . فمرتدّو لافا التحريفيين قد أتلفوا كلّ بندقيّة كُسبت بفضل الكفاح المسلّح السابق نتيجة الأخطاء الإنتهازيّة " اليساريّة " لخوسى و خيسوس لافا ثم للأخطاء الإنتهازية اليمينيّة لخيسوس لافا . و كان على الجيش الشعبي الجديد أن ينطلق ببضعة بنادق و مسدّسات إفتُكّت أساسا من عصابة تاروك-سومولونغ لتسليح تسع فرق صغيرة الحجم متكوّنة من حوالي سبعة مقاتلين في كلّ فرقة .
و منذ تأسيسه ، كان على الجيش الشعبي الجديد أن يخوض حرب الشعب في ظروف حيث لم تكن توجد حرب عالميّة بين القوى الإمبريالية و لا حرب مفتوحة بين الرجعيين المحلّيين. و من الإنطلاقة ، كان على الجيش الشعبي أن يحارب قوّات مسلّحة عالية الوحدة . و يستحقّ كبير التقدير لحفاظه على نفسه و لا يزال يحقّق بعض التوسّع و التعزيز في وجه قوات عكريّة قويّة للعدوّ ، و إلغاء أمر المثول سنة 1971 و حاليّا ، حالة طوارئ دكتاتوريّةفاشيّة . و حتّى الآن حين معظم قوّة العدوّ مركّزة جنوب غرب منداناو ضد جيش بنغسامور ، لا يزال العدوّ محافظا في كل منطقة على قوّة مكلّفة بمهمّة و في كلّ محافظة شرطة عسكريّة و قد دمج قوّات الشرطة المتفوّقة لمئات المرّات علينا في قوّة تسليحها .
و يبقى عائق كبير و نقطة ضعف كبيرة بالنسبة للجيش الشعبي الجديد إمتلاك بضعة بنادق و قوّات صغيرة قابلة للمركزة لمواجهة عدوّ يشنّ حملات " تطويق و سحق " بنشر عدد هائل من الوحدات ليست أقلّ من نصف سرية للعمل الطلائعي و مفارز أكبر من الحجم العادي ، موحّدة في سرية نظاميّة كاملة أو حتّى مفرزة كاملة ، بحثا عن مواجهات معنا ضمن منطقة محاصرة . و في ظلّ هذه الظروف ، من العسير جدّا بالنسبة إلينا أن نحافظ على المبادرة و أن نكرّس سياسة السحق في المعارك .فرص كنس فرقة أو مفرزة عدوّ لا تتوفّر غالبا . و يمضى العدوّ حتّى أبعد إلى الإخلاء القسري لمجمل السكّأن بإقتراف مجازر و النهب و القصف بالقنابل و إحراق الممتلكات عمدا . و محرومين من الدعم الجماهيري ضمن منطقة معيّنة ، تضطرّ قوّاتنا الأنصاريّة الصغيرة إلى التنقّل إلى مكان آخر ، بالأساس .
و في الوقت الحاضر ، الطريقة الوحيدة لتوسيع قوّتنا المسلّحة و رفع فعاليّتنا القتاليّة هي إطلاق العنان للدعم الشعبي الذى نتمتّع به . فالخناجر و الرماح و الأقواس و انشاب و الفخاخ و غيرها من أسلحة السكّان الأصليين التي يمكن بسهولة أن توفّرها الجماهير لنفسها ينبغي أن نمزجها مع المتفجّرات المصنوعة محلّيا و مع بعض البنادق التي بحوزتنا . و بالتطبيق الجدّي لسياسة إستدراج العدوّ و التقدّم بموجات على أرضيّة مواتية على حدّ سواء إستراتيجيّا و تكتيكيّا ، بوسعنا بالفعل أن نستخدم المزج بين البنادق و أسلحة السكّان الأصليين حينما يكون ببعض الحيل بوسعنا نزع سلاح قوّات " الدفاع المحلّى " و قوّات الشرطة المحلّية و وحدات صغيرة للعدوّ دون إطلاق و لو عيار ناري واحد . و بالمسك تماما بالمبادرة ، بإمكاننا بصفة متكرّرة أن ندفع العدوّ إلى السقوط في كمائننا المعدّة جيّدا أو إرسال قوّته الأكبر إلى مكان آخر حتّى يتسنّى لنا مهاجمة قوّته الضعيفة في مكان آخر . و في كلّ مناسبة ، نضمن إفتكاك الأجهزة العسكريّة للعدوّ .
و بوجه خاص نظرا لصغرنا و ضعفنا ، هناك خطران إثنان متعارضان يجب علينا تجنّبهما و إبطال مفعولها . و يتمثّل الخطر الأوّل في تغطية منطقة هي عمليّا فوق طاقتنا تغطيتها بصورة كافية . و يعنى هذا عادة المغالاة في نشر فرقنا الأنصاريّة . و يتمثّل الخطر الثاني في تركيز قوّاتنا في منطقة صغيرة لا نستطيع جرّء ذلك معرفة إلى أين ننتقل عند هجوم مفاجئ من العدوّ . إنّ القوّات الأنصاريّة في علاقة بالقوات النظامية المتحرّكة تعمل وفق مبدأ الإنتشار . لكن إعتبارا لكوننا نملك قوات أنصاريّة صغيرة ، مطلقا دون قوات نظامية متحرّكة لتساعد كقوّة أساسيّة في أية مناسبة ، يجب أن يكون لدينا تجميع نسبي و إنتشار نسبي فى حربنا الأنصاريّة الحالية . و يجب علينا إمتلاك وحدات أنصاريّة أساسيّة و كذلك وحدات أنصاريّة ثانويّة و قواعد و مناطق أنصاريّة .
حسب الظروف ، يجب أن تتوفّر لدينا قوات محدودة وفق مهام معيّنة ، في الإتّجاه الصحيح و ضمن شعاع أو نطاق معيّن. و تتّخذ حركتنا شكل إمّا التجميع أو الإنتقال أو الإنتشار . نتجمّع لنهاجم العدوّ أساسا في شكل كمائن و هجمات على الوحدات الصغرى للعدوّ التي يمكننا سحقها . و ننتشر لنقوم بالدعاية و العمل التنظيمي ل " نختفي " عن عيون العدوّ . و ننتقل لنحاصر أو نتراجع لكسب الوقت و البحث عن ظروف مواتية للهجوم . و تتميّز حربنا الأنصاريّة بالمرونة أو التنقّل من وقت إلى آخر من نمط تحرّك إلى نمط آخر ، و بالسلاسة أو التنقّل المتواتر على الأرض . و ينبغي أن درك هذه الميزة و نطلق العنان لها حفاظا على المبادرة ضد العدوّ .
و قد بيّنت تجربتنا أنّ تفوّقنا على العدوّ يكمن في كوننا نخوض حربا عادلة ن حربا من أجل المصالح الديمقراطية للشعب . لم نكن لنقدر على الدوام لفترة طويلة بهكذا قوّة مسلّحة صغيرة أو ضعيفة لولا الخطّ الإيديولوجي و السياسي الصحيح الذى يكرّسه الحزب الشيوعي الفليبيني منذ إعادة تأسيسه . و يغرق العدوّ في أزمة متعمّقة سياسيّا و إقتصاديّا و لا يكفّ عن إقتراف تجاوزات للدفاع عن نفسه و عن دفع الناس إلى التمرّد . و في ظلّ القيادة المطلقة للحزب ، الجيش الشعبي الجديد واثق من كسب الإنتصار لأنّه حيثما يوجد و حيثما يتّجه يثبت أنّه متفوّق سياسيّا على العدوّ لأنّه يملك إستراتيجيا و تكتيك مرنين قائمين على الظروف الملموسة المحيطة به . و لا يزال الحزب تنظيميّا صغيرا و ضعيفا شأنه في ذلك شأن الجيش الشعبي الجديد لكنّه ينزع إلى النموّ و التحوّل إلى قوّة كبيرة و قويّة طالما ثابر على تكريس خطّه الإيديولوجي و السياسي الصحيح.
و بما أنّ الأمور الآن تطرح على نطاق وطن أو حتّى على نطاق كلّ منطقة ، فغنّ الجيش الشعبي الجديد لا خيار له سوى أن يكون في مرحلة الدفاع الإستراتيجي في معارضة الهجوم الإستراتيجي لعدوّ مغرور . لكن مضمون دفاعنا الإستراتيجي هو سلسلة من الهجمات التكتيكيّة يكون بمقدورنا إنجازها و كسبها . و بكسب المعارك الخاطفة ، ننزع إلى مراكمة القوّة لكسب معارك أكبر و حملات للتمكّن من التحرّك إلى مرحلة أرقى من الحرب . و للمرور من حرب النصار إلى حرب نظاميّة متحرّكة كقوّة أساسيّة لحربنا ، يجب علينا أن نبذل قدرا كبيرا من الجهد طوال فترة زمنيّة ممتدّة . و لا نزال بعدُ في مرحلة فرعيّة و بدائيّة و وّلية من مرحلة الدفاع الإستراتيجي .
و يمكن أن نؤكّد أنّه في السيرورة المديدة لنموّه من صغير و ضعيف إلى كبير و قويّ ، يجب أن يمرّ جيشنا الشعبي ببعض المراحل و المراحل الفرعيّة و متذكّرين مسارا محتملا من التطوّر حيث قوّاتنا أدنى قوّة الآن و بالتالى ستصبح متساوية و في النهاية أكبر من قوّات العدوّ ، بوسعنا أن نحاول تحديد نراحل إستراتيجية ثلاث سيمرّ بها جيشنا الشعبي .
الآن ، يعرف المرحلة الولى ، مرحلة الدفاع الإستراتيجي . و من ثمّة ، يجب أن يمرّ بالمرحلة ثانية ، مرحلة التوازن الإستراتجي حين تغدو قوّتنا تقريبا مساوية لقوّة العدوّ و و سيكون الصراع العنيف مع العدوّ حول المدن الإستراتيجيّة و المناطق الأوسع جليّا . و في النهاية ، يجب أن يمرّ بالمرحلة الثالثة ، مرحلة الهجوم الإستراتيجي ، عندما يمسى العدوّ ضعيفا بعمق و معزولا تماما و يضطرّ إلى التحوّل إلى الدفاع الإستراتيجي فيحدث بذلك إنقلاب في موقعه ليمسي في مرحلتنا نحن الآن ، مرحلة الدفاع الإستراتيجي .
مستقبل الجيش الشعبي الجديد وضّاء ، بالرغم من كونه يتعين عليه المرور عبر سيرورة مديدة و متعرّجة . هذا من جهة و من جهة أخرى ، مستقبل القوّات المسلّحة الرجعيّة مظلم . جيش إنكشاري و طفيلي في خدمة الإمبرياليّة الأمريكيّة و الإقطاعيّة و الرأسماليّة البيروقراطية لا مستقبل له ، عدا الفشل و الموت . وأعتى سلاح بيد الجيش الشعبي هو الدعم الشعبي . و ليس بمستطاعنا خوض حرب ثوريّة دونه .
و يقاتل الجيش الشعبي الجديد في سبيل المصالح الديمقراطية للشعب ، بنكران للذات و إنضباط حديدي عن وعي و بشجاعة ذكيّة و قائمة على معلومات جيّدة . و قياداتنا الحمراء و مقاتلونا حملا يخوضون القتال دون خوف من التضحية و الموت لأنّ÷م يقاتلون من أجل المصلحة العامة للشعب و ليس من أجل المصلحة الضيّقة للإمبرياليين أو أي فرد أو طغمة من الرجعيين . و على صعيد الإستراتيجيا ، قياداتنا و مقاتلونا الحمر يمقتون العدوّ و يحتقرونه . لكن على الصعيد التكتيكي ، يتعاطون معه بجدّية و بدقّة ليلحقوا الهزيمة بجميع الخدع و المؤامرات التي يقدر على القيام بها .
5 – أزمة دكتاتوريّة فاشيّة عميلة الإمبريالية :
إنّ إرساء النظام الدكتاتوري الفاشي لطغمة الولايات المتحدة – ماركوس هو أوضح تعبير عن أنّ النظام السياسي الحاكم يرزح تحت وطأة أزمة لم يعد بإمكانه التعاطى معها بالطريقة القديمة . فالنظام الدكتاتوري العميل للإمبريالية إجراء مضاد للثورة و تعبير عن ضعف و يأس أكثر منه عن قوّة [...]
6 – تحت هيمنة إمبريالية واحدة :
التفسير الوحيد الأكثر صلوحيّة لسبب عدم وجود إلى ألان لحرب مفتوحة بين الرجعيين بالرغم من كافة مرارة التناقضات التى تشقّ صفوفهم ، تناقضات تتميّز إلى ألان بالأعمال الوحيدة الجانب الإرهابيّة و العنيفة لعصابة ماركوس الفاشيّة ، هو أنّ كافة البلاد ترزح تحت وطأة هيمنة قوّة إمبرياليّة واحدة . و بالتالى بلدنا مختلف جدّا عن الصين التي كانت مقسّمة بين عدّة أمراء حرب مدعومين من قبل قوى إمبرياليّة عديدة و متناقضة المصالح .
و تتبع ذلك جميع الشروح ،كواقع أنّ الرجعيين المناهضين لماركوس لم يملكوا أبدا قوّة عسكريّة مندمجة ذات حجم له دلالته، خارج القوات المسلّحة للدولة ؛ و كون البلد صغير و أرخبيل جزر و لا يوفّر الكثير من الفضاء للتقسيم إلى عدّة مناطق نفوذ ، و كون ماركوس كان ذكيّا بما فيه الكفاية ليصادر أسلحة المجموعات المسلّحة الصغيرة التي كانت تحت سيطرة السياسيين الرجعيين الذين ليسوا موالين له أو معروفين بمعارضتهم له ؛ و كون ضبّاط القوّات المسلّحة الرجعيّة قد تدرّبوا على الحفاظ على الولاء ولاء الكلاب لأيّ كان معيّنا قائدا أعلى بأيّة ذريعة " دستوريّة " ؛ و هلمجّرا ...
7 – إنهيار الإمبرياليّة الأمريكيّة و تقدّم الثورة العالمية :
إنّ الثورة الفليبينيّة و خاصة حرب الشعب تستفيد إستفادة كبيرة اليوم من إنهيار الإمبريالية الأمريكيّة في آسيا و عبر العالم و بالنتيجة المباشرة من تقدّم الثورة العالميّة . و التيّار الساسي للثورة يظلّ يتقدّم نظرا لأزمة الولايات المتّحدة و أزمة كامل النظام الرأسمالي التي ما فتأت تستفحل ...
لكن تحت غطاء القوّة الشاملة للإمبريالية الأمريكية ، ضعف كامل النظام الرأسمالي ضعف عميق أكثر من أي زمن مضى. و قد ظهرت الديمقراطيات الشعبيّة في ظلّ قيادة الأحزاب الشيوعيّة و العمّاليّة ، على مساحة واسعة من العالم ، في آسيا و شرقي أوروبا . في آسيا ، جمهوريّة فتنام الديمقراطية و جمهوريّة كوريا الديمقراطية الشعبيّة و جمهوريذة الصين الشعبيّة قد ظهرت إلى الوجود . و تشمل البلدان الإشتراكية ثلث الإنسانية . و أطلّت حركات التحرّر الوطني برأسها بحيويّة غير مسبوقة في المستعمرات و أشباه المستعمرات . و هكذا ، تراجع المجال الاقتصادي لمجمل النظام الرأسمالي و ما كان يستطيع غير مزيد التراجع .
و مثّل إنتصار الثرة الصينيّة و تركيز جمهوريّة الصين الشعبيّة أقسى صفعة للقوى الإمبرياليّة عقب الحرب العالميّة الثانية . فقد خسرت مجالات نفوذها في هذا البلد الممتدّ الأطراف و سكّانه الكثيفي العدد ، ربع الإنسانيّة ، بالرغم من المساعدة الكبرى العسكريّة منها و الاقتصادية التي قدّمها الإمبرياليّون لرجعيى الكيومنتانغ . و كانت الجبهة افمبريالية في الشرق قد تصدّعت على نحو لم يكن يمكن معه رأب الصدع . و كانت الدلالة العالميّة لهذا الإنتصار العظيم لا حدّ لها . و قد بثّ تأثير الثورة الصينيّة في آسيا وحدها الذعر في صفوف الإمبريالية الأمريكية . فقد شرعت الشعوب و الأمم المضطهَدة في آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة في توجيه نظرها صوب الصين من أجل الإلهام الثوري .
و بُعيد تحرير الصين ، سرعان ما شنّت الإمبريالية الأمريكية حربا عدوانيّة ضد جمهوريّة كوريا الديمقراطية الشعبيّة و فشلت في تحقيق هدف غزو كامل التراب الكوري . ثمّ شكّلت معاهدة جنوب شرق آسيا و داست إتفاقيّات جينيف حول الهند الصينيّة . و قد أخفقت في تعلّم الدروس من الحرب الكوريّة ، شنّت مرّة أخرى حربا عدوانيّة في الفتنام و سعت لإلحاق الهزيمة بشعب جنوب الفتنام و تدمير جمهوريّة فتنام الديمقراطية و إخضاع كامل الهند الصينيّة إلى هيمنتها . و في أوج الحرب الفتنامية ، إستخدمت 700 ألف جندي أمريكي معتدى و 1.5مليون جندي عميل قوّأت الشعبيّة المسلّحة . و أنفق الإمبرياليون الأمريكان حوالي 150 مليار دولار لخوض تلك الحرب . إلاّ أنّ الولايات المتحدة أُجبرت على التراجع منهزمة. و سرّعت حرب الفتنام في إنهيار الإمبريالية الأمريكية ليس في آسيا و حسب بل أيضا عبر العالم .
و شعوب الصين و كوريا و الهند الصينيّة جميعها جيران و أخوة بالنسبة للشعب الفليبيني . و إنتصاراتها إلهام كبير للشعب الفليبيني و لها تأثيرات موضوعيّة مواتية لنموّ و تقدّم الثورة الفليبينيّة . و إلى جانب هذه الإنتصارات هناك ظاهرة بارزة في آسيا تجعل آفاق حرب الشعب في الفليبيني وضّاءة . فالأمر يتعلّق بتواصل النضالات الثوريّة المسلّحة في جنوب شرق آسيا عامة منذ الحرب العالميّة الثانية . و حتّى في أوج قوّتها لم تستطع الإمبريالية الأمريكية أن تسحق هذه النضالات ؛ و لم تجد فعاليّة في إستخدام منظمة معاهدة جنوب شرق آسيا التي تعانى من الخلافات . و إلى ألان ، كان الكفاح المسلّح الثوري في الهند الصينيّة أبرز هذه النضالات و الإنتصارات . لكن نضالات مسلّحة أخرى مستمرّة في جنوب شرق آسيا منها حربنا الشعبيّة ، وهي تعد بالنموّ في آخر المطاف في الدلالة و الفعاليّة كإعصار يهزّ أكثر النظام الرأسمالي المتداعى و الإمبرياليّة الأمريكية المنهارة .
لقد شدّدت النضالات المسلّحة الثوريّة في الفتنام و كمبوديا و لاووس على واقع أنّه منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية ، صار من الممكن لشعوب البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة في الشرق أن تطوّر خلال فتلرة زمنيّة طويلة قواعد إرتكاز ثوريّة كبيرة و صغيرة و تخوض حروبا ثوريّة طويلة الأمد تتمّ خلالها محاصرة المدن إنطلاقا من الأرياف ، ثمّ تدريجيّا التقدّم نحو المدن و كسب الإنتصار عبر البلاد . و قد أشار الرئيس ماو إشارة صحيحة لتدشين عقد " تثبت فيه عوامل لا حصر لها و لا عدّ أنّ قضيّة عادلة تتمتّع بدعم وافر بينما تجد قضيّة غير عادلة القليل من الدعم . و يمكن لأمّة ضعيفة أن تهزم أمّة قويّة ، يمكن لأمّة صغيرة أن تهزم أمّة كبيرة . و يمكن لشعب بلد صغير بالتأكيد أن يلحقوا الهزيمة بعدوان بلد كبير ، شرط التجرّأ فحسب على النهوض للنضال ، و رفع السلاح و إمساك مصير بلده بيده . هذا قانون تاريخي ."
لقد تمكّن الكفاح المسلّح الثوري في الفليبين ، حتّى و قد إستؤنف قبل سنوات قليلة فحسب و قد إعترضته عراقيل جمّة إستُؤنف عمليّا من لا شيء في بلد صغير متكوّن من أرخبيل جزر تحت هيمنة قوّة إمبرياليّة واحدة ( و دون حرب مفتوحة في صفوف الرجعيين و لا حرب بين الإمبرياليين ) ، تمكّن من الإستمرار . و من أهمّ الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة الأزمة المستفحلة أبدا للإمبريالية الأمريكية و مجمل النظام الرأسمالي ،و التقدّم الذى لا يمكن إيقافه للثورة البروليتارية العالميّة . و لهذه الظروف الخرجيّة عميق الأثر داخل البلد [...]
--------------------------------------------------------------------------------------------------------












(3)
النضال ضد التحريفية و الثورة الثقافية و تأثيرهما على الحزب الشيوعي الفيليبيني
خوسي ماريا سيسون - أكتوبر 2011

أودّ أن أتحدّث عن مغزى النضال الماركسي- اللينيني ضد التحريفية المعاصرة منذ 1956 و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى منذ 1966 و أهمّيتهما. و أودّ أن أتطرّق لهذا الموضوع الواسع بتفحّص تأثيرات و إنعكاسات الأحداث التاريخية إيّاها على الحزب الشيوعي الفيليبيني .
و من البداية يمكن أن أعلن أنّ صرامة الحزب الشيوعي الفيليبيني و نضاليّته و مرونته و إنتصاراته قد ألهمها منتهى الإلهام النضال ضد التحريفية و الثورة الثقافيّة بقيادة الرفيق ماو تسى تونغ . فقد ساهما فى وضع أسس راسخة للحزب الشيوعي الفليبيني و عدم القدرة على إلحاق الهزيمة به و إنتصاراته أثناء نضال الثمانية والثلاثين سنة الماضية و ثقته التى لا تتزعزع فى إحياء الإشتراكية و الإنتصار النهائي للشيوعية .
النضال ضد التحريفية المعاصرة :
سنة 1963 ، شرع الثوريّون الفليبينيّون فى تلخيص التجربة التاريخية للحزب الشيوعي لجزر الفيليبين ( من 1930 إلى 1938) و الحزب الموحّد القديم المتكوّن من الحزبين الشيوعي و الإشتراكي ( من 1938 إلى 1968 ) وتحليلها . و قد إرتأينا مواصلة الثورة المسلّحة و معرفة سبب فشل هذه الأخيرة سابقا .
كنّا نسترشد بالنظرية الماركسية - اللينينية للدولة و الثورة و كنّا بالتأكيد متأثّرين بعمق بأعمال الرفيق ماو حول الثورة الديمقراطية الجديدة من خلال حرب الشعب . و كانت العواصف الثوريّة تتطوّر بسرعة فى جنوب شرق آسيا و غيرها من الأماكن .
حينها كان الصراع بين الخطّ الماركسي - اللينيني و خطّ التحريفية المعاصرة قد تفجّر بعدُ ، بالأساس بين الحزب الشيوعي السوفياتي والحزب الشيوعي الصيني . و وقفنا نحن الثورّيون البروليتارّيون الفيليبينيّون إلى جانب الخطّ الماركسي- اللينيني، حتّى و إن كان بعض القادة الهامين ضمن الحزب الموحّد القديم شدّدوا على أنّ الحزب الشيوعي السوفياتي و الحزب الشيوعي الصيني لم يكونا يتصارعان بشأن المبادئ الثوريّة الجوهريّة و إنّما كانا يتجادلان بشأن طرق النضال فحسب . و ستصبح هذه الكوادر لاحقا سنة 1967 ، محدّدة بدقّة على أنّها المرتدّون التحريفيّون لافا . و قد أخفقت فى إعادة بناء الحزب الموحّد القديم منذ وقع سحقه فى السنوات 1950 إلى 1952 و بخاصّة منذ 1957 إذ لم يكن لديها خيار لفترة إلاّ ربط علاقات صداقة مع البروليتاريّين الثوريّين الذين كانوا يقودون فروع الحزب الموحّد القديم المتكوّنة حديثا ، و غالبية المنظّمات الجماهيرية و الحركة الجماهيرية المنبعثة المناهضة للإمبريالية و الإقطاعيّة و من أجل الحرّيات المدنيّة .
و كنّا نحن الثوريّون البروليتاريّون مصمّمين على تطوير الحركة الجماهيريّة قصد إنجاز الثورة الديمقراطيّة الجديدة عبر حرب الشعب الطويلة الأمد فى ظلّ قيادة حزب الطبقة العاملة . كنّا معارضين بشدّة لخطّ خروتشاف التحريفي الشعبوي البرجوازي ( " حزب الشعب بأسره " و " ودولة الشعب بأسره " و السلم البرجوازي و" الإنتقال السلمي" ، و " المنافسة السلمية " و " التعايش السلمي" ).
كان موقفنا أنّ خروتشاف قد شوّه ستالين و أنكره تماما بتعلّة نبذ " عبادة الفرد " بغرض مهاجمة الماركسية - اللينينية و الإشتراكية . و صرنا واعين لنقد الرفيق ماو، فى أفريل 1956 لخطاب خروتشاف المعادي لستالين فى فيفري 1956، و الجدال حول تلك المسائل فى إجتماعات موسكو للأحزاب الشيوعية و العمّالية لسنتي 1957 و 1960. و قد درسنا بإمعان مجمل القضايا التى طرحت فى الجدال العلنيّ بين الحزب الشيوعي الصيني و الحزب الشيوعي السوفياتي فى بدايات الستينات .
و غدونا مدركين لعمليات اللامركزة و إعادة التنظيم المضلّلة الجارية فى صفوف الحزب و الدولة و فى الإقتصاد و الثقافة السوفياتيين لأجل الإنقلاب على الماركسية - اللينينية و الإشتراكية . وشاهدنا مدى خطإ إنبهار خروتشاف بالتحريفية التيتويّة التى تضمّنت نبذ الإصلاح الزراعي و التخطيط المركزي . و شاهدنا الإقتصادويّة و الإنتهازيّة فى وعود خروتشاف ببلوغ الشيوعيّة بعد عشرين سنة بتغيير القاعدة الماديّة و الثقافيّة للمجتمع السوفياتي عبر الإصلاحات الإقتصادية البرجوازية .
و كنّا غاضبين على سياسات خروتشاف تجاه البلدان الأخرى .فقد أدار ظهره لكلّ إتفاقيّات و مخطّطات التعاون الإقتصادي مع الصين كردّ فعل على خطّ الحزب الشيوعي الصيني المناهض للتحريفية فى الصراع الإيديولوجي . و رفض أن يمدّ يد المساعدة لإستعدادات الشعب الفيتنامي و جهوده لخوض حرب تحرّر وطني ضد الإمبريالية الأمريكية و عملائها . و شجّع التحريفيّين شرق أوروبا على إفتكاك السلطة وإحداث تغييرات سياسية . كما شجّع ممارسة الإستعمار الجديد فى العلاقات مع بلدان شرق أوروبا و آسيا .
و نتيجة هذه التجاذبات البديهيّة ، وقعت الإطاحة بخروتشاف و تعويضه ببريجناف سنة 1964. و بعض الكوادر التى إعتقدت أنّ الجدال بين الحزب الشيوعي السوفياتي و الحزب الشيوعي الصيني كان فقط حول طرق النضال ، فكّرت أنّ صعود بريجناف يعنى تعزيز الإيديولوجيا الماركسية – اللينينية و ممارسة الثورة و البناء الإشتراكيين نظرا لعمليّة تكرار الجمل الثوريّة السوفياتية و إعادة مركزة الوزارات التى قام خروتشاف بلامركزتها .
و أدركنا معنى الخروتشوفيّة دون خروتشاف . فقد وسّع بريجناف الفجوات التحريفيّة التى أوجدها خروتشاف فى الخطّ الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي للحزب السوفياتي و فى الدولة الإشتراكية و الإقتصاد و الثقافة حتّى وهو قد أعاد تركيز البيروقراطية بهدف الرأسمالية الإحتكارية البيروقراطية و عزّز الجيش السوفياتي بهدف سياسات قوّة عظمى و إمبريالية إشتراكية .
ما إنطلق كقاعدة إجتماعية برجوازية صغيرة ( بما فى ذلك القطاعات الفاسدة من البيروقراطية و الأنتلجنسيا ، و الكولاك و التجار الجدد ) ولّد البرجوازية الإحتكارية البيروقراطية الكبيرة و تبعيّتها للبرجوازية الكبيرة المجرمة فى القطاع الخاص الذى تآمر و إستولى على مؤسسات الدولة و مستودعات بضائعها ، و الذين نمّوا دورهم فى التجارة الداخلية والخارجية .
و نضج تلخيص تاريخ الحزب الموحّد القديم و تحليله ضمن الثوريّين البروليتاريين مع نهاية 1965. و قبل ذلك ، أوكلت لى اللجنة التنفيذيّة للحزب الموحّد القديم صياغة تقرير عام لمؤتمر جديد للحزب . فضمّنته تقييما للحزب الموحّد القديم فيما يتّصل بالخطّ الإيديولوجي الماركسي - اللينيني ، و الخطّ السياسي العام للثورة الديمقراطية الجديدة و الخطّ التنظيمي للمركزية الديمقراطية .
و أطلق مشروع التقرير العام جدالا وأحدث إنشقاقا صلب الحزب الموحّد القديم بين الثوريّين البروليتاريّين أو الماركسيين - اللينينيين من جهة و تحريفيى لافا من جهة أخرى . و شمل الجدال أساسا كيف أنّ سلسلة قادة لافا فى الحزب الموحّد القديم قد تسبّبت فى الكارثة تلو الكارثة ، و كيف إنغمست فى الذاتية و الإنتهازيّة ، و كيف أخفقت فى تطوير الحزب و الجيش الشعبي و الجبهة المتّحدة كأسلحة للثورة و كيف أهملت الإصلاح الزراعي و النضال المسلّح و بناء القاعدة الجماهيرية كجزء لا يتجزّأ من الثورة المسلّحة .
و قطع الماركسيّون - اللينينيون قطعا تاما مع المرتدّ التحريفي لافا فى أفريل 1967. و أصدروا بيانا فى غرّة ماي 1967 و أعلنوا مخطّط إعادة بناء الحزب الشيوعي الفيليبيني . و من جهتهم ، أصدر تحريفيو لافا بيانهم الخاص . و شنّ الماركسيون- اللينينيون ما يسمّى الآن بالحركة التصحيحية الكبرى الأولى بالإعتماد على وثيقة " لنصلح الأخطاء و نعيد بناء الحزب ". و صاغوا قانونا أساسيّا و برنامجا جديدين للثورة الديمقراطية الشعبية من أجل تركيز الحزب الشيوعي الفليبيني فى 26 ديسمبر 1968فى ظلّ القيادة النظرية للماركسية - اللينينية - فكر ماو تسى تونغ ( أو الماوية ).
الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى :
لقد إستفادت عمليّة إعادة تركيز الحزب الشيوعي الفيليبيني من نضال الماركسيين - اللينينيّين ضد المرتدّين التحريفيّين لافا و من النضال العالمي بقيادة الرفيق ماو تسى تونغ ضد التحريفيّة المعاصرة و مركزها فى الإتحاد السوفياتي . و فضلا عن ذلك ، إستفادت من نظريّة ماو تسى تونغ و ممارسته مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، عبر الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى إنطلقت فى 1966 لمقاتلة التحريفيّة و الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية و توطيد الإشتراكية.
بطبيعة الحال ، وجد إختلاف كبير بين إعادة تركيز الحزب الشيوعي الفيليبيني بهدف مباشر هو قيادة الثورة الديمقراطية الشعبية و ظاهرة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين الإشتراكية . لكنّنا نحن الماركسيّون - اللينينيّون فى الفيليبين نقدّر بعمق حقّ قدرها الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كسيرورة لمنع إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية و إعترفنا بالفائدة الكبرى للحصول على الحزم و الثقة فى التطوّر التاريخي للإشتراكية إلى بلوغ عتبة الشيوعية .
لقد أدركنا أنّ الرفيق ماو قام بإضافة نظريّة و عمليّة فى تطوير الماركسيّة - اللينينيّة إلى مستوى جديد و أرقى بنظريّة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا كطريقة و وسيلة لضمان الإنتصار النهائي للشيوعيّة . و توفّرت لنا فرصة إرسال بعثات إلى الصين خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . وتوفّرت لنا فرصة معاينة السيرورة و الإستماع إلى الشروح .
تعلّم الرفيق ماو من التجربة السابقة للإتحاد السوفياتي أنّ المرء يخطأ مثلما فعل ستالين بإعلانه قبل الأوان نهاية الطبقات و الصراع الطبقي ، بإستثناء الصراع بين الإمبريالية و الشعب السوفياتي ، فقط لأنّ للرأسماليين و الإقطاعيين بالمفهوم القانوني و الإقتصادي لم يعد لهم وجود فى الإتّحاد السوفياتي . و بعد ستالين أعلن الحزب التحريفيّ السوفياتي بإستمرار أنّ مهمّة الطبقة العاملة قد تحقّقت . و قد أعلن التحريفيّون الصينيّون أيضا أنّ الصراع الطبقي كان يضمحلّ .
و أقرّ ماو بالمخاطر و النتائج الكارثيّة لإنكار وجود الطبقات و الصراع الطبقي فى المجتمع الإشتراكي و إعتبار المرحلة الإنتقاليّة الإشتراكيّة ، من الرأسمالية إلى الشيوعية ، مرحلة قصيرة . و شدّد على أنّ الصراع الطبقي هو العلاقة المفتاح و أنّ السياسات الثوريّة يجب أن توضع فى مصاف القيادة . و أشار إلى تعاليم لينين بأنّ الإشتراكية تمتدّ على مرحلة تاريخية كاملة و أنّ البرجوازية بعد هزيمتها فى بلد ما تقاوم الإشتراكية بأكثر شراسة بآلاف المرّات ، و تتجمّع و تحاول أن تسترجع قوّتها فى كافة المجالات و كافة المؤسسات التى يمكن أن تستعيدها و تظلّ تستفيد من دعم البرجوازية العالمية و تأثيرها .
لا يتأتّى خطر إعادة تركيز الرأسمالية فحسب من بقايا البرجوازية و الإقطاعيين القدماء و إنّما من الفساد السياسي للثوريّين القدامى و كذلك من أبناء العمّال و الفلاحين الذين يصبحون متعلّمين شكليّا و يتربّون داخل الحزب و الدولة و الإقتصاد و الثقافة لكنّ يصبحون غرباء عن الكادحين و يتّبعون طريقة البرجوازية الصغيرة فى النشاط و التصرّف إلى أن يصبحوا تحريفيّين بصورة تامة .
و قد كان الأوّل فى الثورة و البناء الإشتراكيّين ، تمتّع الإتحاد السوفياتي بسمعة و تأثير كبيرين فى الصين بعد إنتصار الثورة الصينيّة . و كان عددا هاما من القادة الثوريّين الصينيّين يعبدون النموذج السوفياتي ، حتّى عندما كان قد عفا عليه الزمن ، و غير قابل للتطبيق على الظروف الصينيّة أو تميّز بالتحريفيّة .
ثمّ إثر إنتصار الثورة الصينيّة فى 1949 ، ذهب عديد الطلبة و العمّال الصينيّون إلى الإتّحاد السوفياتيّ لإحراز التعليم و التدريب ، بالضبط لمّا كانت التحريفيّة تتوسّع و عقب عودتهم إحتلّوا مواقعا مفاتيحا ضمن البيروقراطية و الحزب .
تحفّز نظرية و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا الحاجة إلى مواجهة الظاهرة التحريفيّة الصينيّة التى برزت ليس فقط بفعل الظروف الصينيّة بل أيضا ألهمتها التحريفيّة السوفياتيّة . فكان على ماو تسى تونغ أن يواجه التحريفيّين الصينيّين الذين إستعملوا المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الصيني لينسفوا الخطّ الإشتراكي و الذين شكّلوا معارضة و حاولوا تغيير إتّجاه القفزة الكبرى إلى الأمام و بعد ذلك حركة التربية الإشتراكيّة .
و قد وضع ماو تسى تونغ نظرية و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا لأجل تثوير كلّ من القاعدة الإجتماعيّة و البناء الفوقي للإشتراكيّة الصينيّة و ضمان الموقع القيادي للطبقة العاملة و حزبها ، و لأجل إنجاز الثورة الثقافيّة كأوسع شكل من أشكال الديمقراطيّة جرّبته أبدا الإنسانية ، و لأجل توحيد الحزب و البروليتاريا و الشعب برمّته ضد الحزبيّين فى السلطة أتباع الطريق الرأسمالي ، و لأجل جعل الشباب يحصل على تجربة ثوريّة و تدريبه كوريث ثوري لمواصلة معالجة التناقضات بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، بين العمّال و الفلاحين و بين المدينة و الريف و لأجل توحيد الكوادر و الجماهير و الأخصائيين فى المصانع ، و لأجل بناء الصناعات الريفيّة و توسيع نطاق الكمونات و لأجل تطوير الروابط الوثيقة مع الجماهير و لأجل بناء اللجان الشعبيّة الثوريّة على أساس جديد .
دون ثورة ثقافية بروليتارية كبرى ، كان التحريفيّون الصينيّون سيطيحون بخطّ ماو تسى تونغ الإشتراكي قبل ذلك لكن بإنجاز الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى حقّق الرفيق ماو والماركسيّون - اللينينيّون والشعب الصيني بأسره إنتصارات مدوّية ضد التحريفيّين أثناء العشر سنوات من هذه الثورة ، من 1966 إلى 1976. و ظلّ الصراع الطبقي بين الجانبين يشتدّ و لم يحلّ تماما . و إستطاع التحريفيّون أن يتآمروا و يقاتلوا و أن يخلقوا إضطرابا و ينجزوا تراجعا . و هذا ما يفسّر لماذا بُعيد وفاة ماو فقد الماركسيون - اللينينيون السلطة و صعد التحريفيّون إلى الحكم من خلال تركيبة من اليمينيّين و الوسطيّين .
لقد مكنت بعض الأخطاء و النقائص أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التحريفيّين من كسب المبادرة و التآمر . و ظهرت تكتيكات و صراع كتل كانت أحيانا مضلّلة للجماهير . و فى خضمّ الحركة الجماهيرية، لم يقع إحترام السيرورة اللازمة بصرامة و عانى بعض الناس الإضطهاد . و فى أوضاع حيويّة ، لم يكسب اليسار الوسط من أجل عزل اليمين و إلحاق الهزيمة به . و هكذا ، إستطاع اليمين أن يستفيد من الهجمات اليساريّة المتطرّفة ضد الوسط . و تصلّب عود الوسطيّين و نجحوا فى التآمر على اليسار الذى إنقسم على نفسه فى عديد المناسبات . و بدعم من الوسطيّين ، توسّع تأثير اليمينيّين و أعيدوا إلى المراكز العليا منذ أوائل 1971.
فى التجربة السوفياتية ، إثر وفاة ستالين ، صعد التحريفيّون إلى السلطة عقب سلسلة من الإنقسامات ضمن الموالين لستالين من 1954 إلى 1956. و لفترة طويلة ، من 1956 إلى 1989 ، إدّعى التحريفيّون تحسين الإشتراكية بتبنّى إصلاحات رأسماليّة . و فقط سنة 1991 أنكروا بوضوح راية الحزب الشيوعي و هاجموا إسم لينين و جميع إرث لينين و ستالين ، و جعلوا الرأسمال المراكم بأيدى حفنة قانونيّا و سرّعوا فى إعادة تركيز الرأسمالية بشكل تام . و مذّاك ، شهدت روسيا و الجمهوريّات الأخرى للإتّحاد السوفياتي السابق إنحطاطا غير مسبوق إقتصاديّا و إجتماعيا و سياسيّا و ثقافيّا . و حصل الشيء ذاته مع البلدان التى كانت ضمن دائرة تأثير الإتّحاد السوفياتي شرق أوروبا .
و إلى الآن ، ظلّ الحزب الشيوعي الصيني فى السلطة لكن منذ إنقلاب 1976 ، إنحرف عن الطريق الثوري الذى خطّه و قاده ماو تسى تونغ . و تبنّى شكلا مفضوحا من الرأسمالية و شجّع عليها منذ الإعادة السافرة لسلعنة قوّة العمل الصينيّة و تفكيك نظام الكمونات و الإنفتاح على الإستثمارات الأجنبيّة المباشرة . ووقع تفكيك الصناعات التابعة للدولة الصينيّة إلى درجة كبيرة لصالح المؤسّسات الخاصّة . و لا تزال ملكيّة الأرض شكليّا ملكيّة عموميّة لكن فى الواقع هي توفّر الأرض لرأس المال و على نطاق واسع .
و الإقتصاد الصيني فى منتهى التشوّه . تتكاثر المعامل المملوكة للأجانب فى الساحل الشرقي و تتواصل مشاريع البناء الخاص فى المدن . غير أنّ التخلّف و الفقر فى غالبيّة أنحاء الصين قد تعمّقا و إحتدّا. و إستشرت البطالة . و بأعداد هائلة وقع طرد الصينيّين من المؤسسات المنحلّة التى كانت تابعة للدولة . و مئات ملايين الصينيّين عمّال مهاجرون يحصلون على رواتب متدنّية للغاية و لا يستمتّعون بأيّة حقوق . و تعيش جماهير الفلاّحين فى ظروف مشابهة أو أسوأ من ظروف ما قبل إنتصار ثورة 1949. و يمكن وصف الصين بأنّها تابعة ، مستعمرة جديدة للبلدان الإمبريالية الأقوى بكثير إقتصاديّا، إذا ما لاحظنا تصاعد عمليّة جعل الإقتصاد الصيني كمبرادوري و عمليّة إعادة الإقطاعيّة .
و فى الوقت نفسه ، هناك من يصفون الصين بأنّها بلد إمبريالي صاعد فى بعض مظاهرها و إلى درجات معيّنة . للرأسمال الإحتكاري الصيني البيروقراطي الخاص ، و إن كان بصورة متصاعدة تحت السيطرة الأجنبية و له طابع كمبرادوري كبير، موقع مهيمن فى الإقتصاد الصيني . لقد إمتزج الرأسمال البنكي بالرأسمال الصناعي ليولد الرأسمال المالي إلى حدّ ما، و إن كان النظام البنكي غارق فى القروض الأجنبية الهائلة و كذلك فى قروض صناعيّة و تجاريّة فاسدة ، وهو يشهد سيرورة الرضوخ بصفة متزايدة إلى سيطرة البنوك الأجنبية عبر " الإصلاحات" التى إرتأتها منظمة التجارة العالمية.
لا يزال تصدير الصين لفائض رأس المال محدودا مقارنة مع الإستثمارات الأجنبيّة للولايات المتّحدة الأمريكية و أوروبا و اليابان ، وهو بالتأكيد صغير الحجم جدّا مقارنة بالتصدير الهائل للسلع ( غالبيّتها بفروع غير صينيّة ) من مصانعها التابعة أساسا للإحتكارات الأجنبيّة المقيمة فى الصين .
و تدخل الصين فى تحالفات مع إحتكارات أجنبيّة أخرى من خلال المجمّعات و الصناديق و ما شابه إلاّ أنّها مجرّد تابعة للقوى الإمبريالية الأكثر تطوّرا بكثير. ليست بعدُ من أكبر المتنازعين على المجالات الإقتصادية ( موارد المواد الأوّلية و الأسواق و حقول الإستثمارات ) و على المجالات السياسيّة ( المستعمرات ، و أشباه المستعمرات و البلدان التابعة ).
آفاق الماركسيين - اللينينيين :
لقد أثبتت إعادة تركيز الرأسمالية التامة فى البلدان الإشتراكية سابقا و الإنهيار السريع لظروفها الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية صحّة النضال ضد التحريفية منذ 1956 و نظريّة و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا عبر الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، لكن غداة الإضطراب الإجتماعي فى الصين و تفكّك الأنظمة التحريفية فى شرق أوروبا و إنهيار الإتحاد السوفياتي ، طفق الإمبرياليون و على راسهم الولايات المتحدة يصرخون فى أبواق دعايتهم بأنّ الإشتراكية قد إنتهت تماما و نهائيّا و من ثمّة بأنّه ليس بإمكان الشيوعيين أبدا أن يتعافوا و يتعلّموا من الخيانة التحريفيّة للإشتراكيّة .
أطلق الإمبرياليون كافة أنواع الهجمات الإيديولوجيّة و السياسيّة و الإقتصاديّة و الإجتماعيّة و الثقافيّة ضد البروليتاريا و الشعب . و أكّدوا أنّ الجشع الفرديّ هو محرّك التقدّم و أنّ العدالة الإجتماعيّة هي العلاج المضمون للفقر. و أحدثوا جلبة قائلين إنّ قضيّة الشيوعيّة لا أمل لها وهي عديمة الجدوى و إنّ الإنسانية ليس بوسعها أن تمضي أبعد من نهاية التاريخ ، المفترض أنّه الرأسمالية و الديمقراطية الليبرالية . و أطلقوا " العولمة الليبرالية الجديدة " لينبذوا كلّيا أيّة تدخّل إجتماعي للدولة البرجوازية و حتّى تدخّل الدولة كوسيلة مستخدمة ضد الأزمات .
و مع ذلك فى وقت قصير ، عرف إقتصاد الولايات المتّحدة الذى كان الأكثر تشجيعا " للعولمة الليبرالية الجديدة " سلسلة من الأزمات غير المسبوقة الواحدة تلو الأخرى . و إضطرّ بوش إلى أن يضيف الكينزيّة العسكريّة إلى العولمة الليبراليّة الجديدة . بيد أنّ المشكل فى رفع الإنتاج العسكريّ هو أنّه لا يمكنه فى الواقع أن يعطي دفعا للإقتصاد نظرا لحدود قدرته التشغيليّة . و زيادة على ذلك ، لم تفض الحروب العدوانيّة فى العراق و أفغانستان إلى أوضاع مستقرّة و فوائد خارقة للعادة - بالإستيلاء على مصادر النفط . و الشعب العراقي يقاتل بضراوة العدوان و الإحتلال الأمريكيين .
و أزمة النظام الرأسمالي العالمي تزداد تفاقما. و قد أدّت الأزمة الإقتصادية و الماليّة إلى أزمة سياسيّة و إلى إرهاب دولة واسع الإنتشار و إلى حروب عدوانيّة . و تدفع هذه الظروف البروليتاريا و الشعوب و تفرض عليهما خوض كافة أشكال الصراع الثوري . وفى الأخير ، لا زلنا فى العصر العام للإمبريالية المعاصرة و الثورة البروليتارية . و بالنسبة للوضع الراهن ، تنتعش الحركات المناهضة للإمبريالية من أجل التحرّر الوطني و الديمقراطية و الإشتراكية .
و الأحزاب البروليتارية الثورية التى تقود الحركة الجماهيرية واثقة من أنّها تملك المرشد العلمي ليس لتحقيق الهدف الثوري المباشر فحسب و إنّما أيضا لتحقيق الهدف البعيد لبناء الإشتراكيّة فالشيوعيّة . و مصدر ثقتنا هو نظريّة ماو لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا .
لأجل إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية من الطراز الجديد مثلما فى الفيليبين ، يسترشد الماركسيون- اللينينيون بالقيادة العلميّة المناسبة لماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو . و بإمكانهم أيضا أن يلخّصوا و يحلّلوا و يستخلصوا دروسا من تجربتهم الثريّة لما يناهز الأربعين سنة من حرب الشعب المتّصلة . فى المضيّ قدما نحو الإشتراكية فى المستقبل ، يمكن أن يبنوا على مكاسبهم الخاصّة و يمكن أن يستفيدوا من الدروس الإيجابيّة من عقود الثورة و البناء الإشتراكيّين الناجحين، و النضال ضد التحريفية و من الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و كذلك من الدروس السلبية لعقود خيانة التحريفيّين للإشتراكية . إبّان كافة المرحلة التاريخيّة للإشتراكية ، يمكن أن يطوّروا قوّتهم الذاتيّة و يستفيدوا من الظروف المواتية المتراكمة من أجل الثورة .
و بالضبط الآن و فى المستقبل ، يمكن أن نذكر إستفحال أزمة النظام الرأسمالي العالمي كمصدر للتفاؤل و الثقة الثوريّين. و تفرز هذه الأزمة أوضاعا أسوأ من الإضطهاد و الإستغلال و الشوفينيّة و العنصريّة و التعصّب الديني و الفاشيّة و الحروب العدوانيّة . و هذه بدورها تفرز المقاومة الثوريّة لدى الشعب . و يمكن أن نذكر مكاسب الثورة و البناء الإشتراكيّين فى الماضي كمصدر هام للمعرفة لبناء الإشتراكيّة . و يمكن أن نذكر فضلا عن ذلك ، الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كمنبع للمبادئ و الطرق الجوهريّة لتطوير الإشتراكيّة و إلحاق الهزيمة بالتحريفيّة إلى أن تتمكّن الإنسانية جمعاء من بلوغ هدف الشيوعيّة على أنقاض هزيمة الإمبريالية عبر العالم .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة الكتاب 34 : حرب الشعب الماويّة في الفليبين
- مع الشيوعية الجديدة ، لنرفع راية الأممية بيان غرّة ماي 2019 ...
- ملاحظات نقديّة ل- كتاب الإقتصاد السياسي - للإتحاد السوفياتي ...
- مقدّمة الكتاب 33 : متابعات عالمية و عربية – نظرة شيوعية ثوري ...
- لماذا تعنى الانتخابات الإيطاليّة أخبارا سيّئة بالنسبة إلى ال ...
- المملكة المتّحدة [ بريطانيا ] : قائد حزب العمل ، كوربين ، و ...
- - الصحافة الحرّة - و مسألة فنزويلا : - آلة دعاية تابعة للطبق ...
- اليوم العالمي للمرأة – لنناضل من أجل تحرير النساء و إنشاء عا ...
- لندعم تمرّد النساء الإيرانيّات ضد إجباريّة الحجاب !
- العدّ التنازلي للتدفّق الذى يجرى الإعداد له - حملة النضال ضد ...
- فنزويلا : تصاعد التهديدات بالحرب و إستخدام الولايات المتّحدة ...
- الإعدام السياسي للولا و رمي الفاشيّة بظلالها على البرازيل
- الولايات المتّحدة تدعم الإنقلاب في فنزويلا و تظهر عرّاب هذا ...
- ملاحظات حول - القضايا الإقتصادية للإشتراكية فى الإتحاد السوف ...
- لنحتفى بالذكرى الخمسين للحزب و لقيادته للثورة الفيليبينيّة إ ...
- حول نظام دوترتى و الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي الفليب ...
- برنامج الجبهة الوطنية الديمقراطية الفليبينيّة
- مكاسب كبرى للحزب الشيوعي الفليبيني خلال الخمسين سنة من خوض ا ...
- حول كتاب ستالين - القضايا الإقتصادية للإشتراكية فى الإتحاد ا ...
- مقدمة الكتاب 32 : ماو تسى تونغ و بناء الإشتراكية ( نقد لكتاب ...


المزيد.....




- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - من تاريخ الصراع الطبقي و حرب الشعب في الفليبين الفصل الأوّل من كتاب - حرب الشعب الماويّة في الفليبين