أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات ( 165)















المزيد.....

مباحث في الاستخبارات ( 165)


بشير الوندي

الحوار المتمدن-العدد: 6240 - 2019 / 5 / 25 - 21:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مباحث في الاستخبارات ( 165)

التجنيد المزدوج

بشير الوندي
---------------
مدخل
---------------
التجنيد المزدوج هو تجنيد وتجسس لجهتين او اكثر في ذات الوقت , سواء كانت الجهات متضادة او كانت المعلومات تباع لأطراف متعددة تهمها المعلومات , وهو من اقدم انواع التجسس , حيث برز بشكل واضح ايام الصراع الاروبي في القرون الخمس الفائتة , فكان الجاسوس يعمل لصالح دولتين او اكثر حيث يعمل لصالح النمسا والانكليز والدولة العثمانية و الفرنسيين والروس وغيرهم , الا ان الاشهر في التجنيد المزدوج هو مايتم بين دولتين عدوتين وتزداد وتيرته في الحروب والصراعات.
--------------------------------
مهمة استخبارية معقدة
--------------------------------
التجنيد المزدوج هو من اساليب الاحتواء الفنية للاستخبارات , فعندما يزرع العدو عيناً عندك فإن مهمة الجهاز الاستخباري الوطني واجهزة مكافحة التجسس يتمثل بكشف العين (الجاسوس) , لتبدأ بعدها خيارات ذكية في التعامل مع الامر , فهي امام مفترق طرق وخيارات اهمها ان تعتقل الجاسوس وتفضح عمالته وينال جزاءه العادل بالاعدام او بالسجن او بتبادله مع العدو ضمن صفقة .
وبموازنة الخيارات , تجد الاجهزة الاستخبارية ان من اهم تلك الخيارات واكثرها اهمية وخطورة وتكتيكاً هو العمل على ان لاتكتشف استخبارات العدو إن جاسوسها الذي زرعته لم يكشف ولايزال فعالاً , لأنه ليس من المفيد دوماً ان تفقأ تلك العين ومن ثم ستدفع العدو الى ان يزرع عيناً غيره قد يصعب اكتشافه , فتقرر اجهزة الاستخبارات الوطنية ان تجند الجاسوس.
-------------------------------
انواع التجنيد المزدوج
-------------------------------
هنالك اشكال عدة للتجنيد المزدوج اهمها نوعان هما :
1- التجنيد العكسي : وهو ان تجند المجند بالضد ممن جندوه بعد القاء القبض عليه ومواجهته بالادلة وبالعقوبة التي تنتظره ان لم يتعاون , وغالباً مايكون هذا التجنيد بين الاعداء .
وهذا النوع من التجنيد يتم عادة بإحدى ثلاث طرق :
الطريقة الاولى : ان تتركه يشعر بالاطمئنان وانه لم يكشف , وفي ذات الوقت تسهل له الوصول الى معلومات مزيفة ومفبركة لينقلها بإعتبارها معلومات موثوقة ومهمة , ويتم من خلاله ممارسة خداع للعدو , وفي نفس الوقت تعرف - من خلال مطالبه ومن خلال مايبحث عنه – مايحتاجه العدو ومايطلبه وما يبحث عنه.
الطريقة الثانية : ان يلقي القبض عليه ويواجهه بجريمته وبعقابها وبمصيره وتتم مساومته بطريق النجاة الوحيدة امامه وهو ان يعمل كعميل مزدوج يقوم بالعمل مع الطرفين وفق ضمانات محددة تتمثل بأن لايعاقب على جريمته مع تحذيرات وتهديدات جدية للجاسوس في حال فكر اللعب بذيله .
الطريقة الثالثة : ان التجنيد المزدوج يتم احياناً بطريقة عكسية من خلال التجنيد القسري لضابط مخابرات في دولة العدو واجباره بالابتزاز بالعمل على ان يكون عميلاً مزدوجاً لاسيما اذا كانت مهامه الاستخبارية الوظيفية تقع فيها بلد العدو الذي جنده قسراً , وهذا النوع من التجنيد المزدوج لا ينطبق على ضابط عسكري او موظف او شرطي او اي شخص في جانب العدو , وانما يشمل فقط ضباط الاستخبارات ومصادر العدو.
2- التجنيد التراتبي : وفيه يتم انتقاء مصدر يعمل لعدة جهات ضمن حلف واحد او اهداف واحده , فمثلا يكون مجنداً لإسرائيل وامريكا وبريطانيا ويبيع معلومات لكل الاطراف , اي يصبح بائع معلومات لاطراف متعددة غير متضادة في المصالح الاستراتيجية , فيبيعها لمن يدفع اكثر , ويصبح له زبائن يتعامل معهم .
وعلى العموم , لايشترط في التجنيد المزدوج - اياً كان نوعه - ان يحمل العميل المزدوج هوية احد الطرفين المتناحرين , فأنت قد تجند يوناني ليكون عينك على بعثة الامم المتحدة او تجنده ضد عدوك , لكنه لايحمل جنسية عدوك.
----------------------------------
تكتيكات التجنيد العكسي
----------------------------------
في الغالب , يكون المجنِّد الثاني هو المستفيد اكثر من الأول لانه يعرف الحقيقة , اي ان الذي يقوم بالتجنيد العكسي المزدوج هو المستفيد اكثر لانه كشف المصدر او الجاسوس وانتزع منه الدافع وحوله الى جاسوس لصالحه.
ان التجنيد العكسي ليس تجنيداً عادياً بل هو تقدم بخطوة على العدو والسيطرة على ادواره من خلال ضخ معلومات زائفة له وحرب نفسية وحرب ناعمة والكشف عن تفكير العدو واهتماماته وماذا يخطط .
ان أثمن انواع التجنيد المزدوج هو الذي تتمكن فيه اجهزة الاستخبارات من كسب ود العميل المزدوج وان تولد عنده الدافع للعمل كعميل لصالحك بإرادته , وهو أمر ممكن في بعض الحالات كما حصل مع كيم فيلبي الذي تم تجنيده آيديولوجياً لصالح الاتحاد السوفيتي والKGB اثناء دراسته في جامعة كامبردج , ووصل الى منصب مسؤول ملف الاتحاد السوفيتي في المخابرات البريطانية MI6 وترشح لرئاستها والذي تسببت تقاريره الى اعدام المئات من الجواسيس البريطانيين والامريكان والعاملين لهم خلف الستار الحديدي في الاتحاد السوفيتي.
ان العميل المزدوج العكسي له غطاء ممتاز امنياً , فهو موثوق لدى العدو وهو صيد ثمين لكنه في نفس الوقت مهمة صعبة جدا لكونه متدرب ومتعلم اساليب الاستخبارات ويعرف التملص ومقاومة التحقيق وقد لا يستجيب ويخبر مشغليه , فالتجنيد المزدوج هو من اصعب حالات التجنيد لانك تتعامل مع شخص يعمل ضدك اساس وقد تمرس في العمل ضدك وقد يكون عمل لسنوات طويلة .
ومن هنا , لابد قبل الامساك بالجاسوس ومساومته على التجنيد المزدوج المعكوس , ان تتم مراقبة سرية استخبارية مطولة تجمع فيها جميع الادلة المطلوبة لمواجهة الجاسوس بالأدلة الدامغة التي تشل عنده اية مناورة , وان هذا المراقبة يجب ان تتخللها أدلة قوية ( اتصالات , صور , تسجيل مكالمات , تدقيق حسابات , تدقيق سفر , متابعة , مطاردة , مراقبة , تقصّي) وحينها ستصبح مهمة تجنيده ممكنة .
--------------------------
الحفاظ على النصر
--------------------------
ان التجنيد المزدوج المعاكس هو انتصار كبير لابد من الحفاظ عليه بشدة , فالاخطر من التجنيد المعاكس هو الاحتفاظ بالمجند, لان المجند المزدوج سيشعر شيئاً فشيئاً انه استبدل شعور الرعب كجاسوس بشعور الارتياح لأنه لن يعيش تحت ضغط الخوف من كشفه , وهذا الشعور بالامان سيثير الشكوك لدى من ارسله للتجسس , وستشك به استخبارات بلاده لأنها سترى انه يجلب لها المعلومات بسهولة , فلابد في هذه الحالة ان توحي اجهزة الاستخبارات التي كشفته لمجنديه انه غير مكشوف ومهتم بأمنه الشخصي وان تعالج التأثير النفسي بالشعور بالامان عنده كي لا يكون سببا في كشفه , فحين تطلبه استخبارات بلاده للقاء خارجي لابد ان يبدو قلقاً من رقابة العدو .
ايضا يجب ان لا توضع المعلومات المفبركة في متناول يديه بشكل سريع ومستعجل وعليه العمل كما في سابق عهده وان يستمر هو بكسب المعلومات التي تدقق من قبل الجهاز قبل ان يرسلها ,وان يزود ببعض المعلومات الحقيقية كي لايكشف ولا تثير حفيظة جهازه الاول, فمثلاً شخص كان يتجسس ويجلب معلومات عن فرقة عسكرية في منطقة ما , وفجاة, يأتي بمعلومات عن وزارة الدفاع والقوة الجوية والبحرية بسهوله , حينها سيشك جهازه الاستخباري ان الجهاز المعادي قد كشفه وضخ من خلاله تلك المعلومات الدسمة , كذلك يجب ان لايتم الاستعجال في ضخ معلومات مزيفة بسرعه الى العدو عن طريقه , لان مجنديه الاساسيين سيشكوا من انه قد كُشِف.
وغالبا ما يكون المصدر المزدوج تحت تصرف ضابط ارتباط خبير وليس ضابط ارتباط ميداني جديد او ذو خبرة قليلة , لان ادارة المجند المزدوج صعبة وتحتاج الى دقة وحذر وخبرة ومواكبة.
كما ان على الجهاز الاستخباري ان يتوقع من عميله المزدوج ان يخبر في مرحلة ما مرؤوسيه بأنه قد تم كشفه وانه مضطر للعمل كجاسوس مزدوج , وهذا يعقد العمليه اكثر ويجعلها حرب الاذكياء بين طرفين , وان انتفت الحاجة له في هذه الحالة يتم الاستغناء عنه من قبل الجهاز الذي كشفه ويقدمه للعدالة كجاسوس او تجري مبادلته.
--------------
خلاصة
--------------
التجنيد المزدوج من اكثر انواع التجنيد احترافاً , حيث ان معرفة عيون العدو وكشفها وتجنيده بالضد من مجنديه الاصليين , هو اكبر واكثر فائدة من اعتقالهم , فحينها سيأخذ العدو حذره ويرسل بديلاً غير معروف واكثر حذراً , ولاشك فإنّ التجنيد المزدوج بكل اشكاله هو عمل فني احترافي ومؤشر على احتراف الجهاز الاستخباري, والله الموفق.



#بشير_الوندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث في الاستخبارات (164) التجنيد الاختباري
- مباحث في الاستخبارات (163) التجنيد الإيهامي ( تجنيد من خلف ا ...
- مباحث في الاستخبارات (162) التجنيد الثأري ( الانتقامي )
- مباحث في الاستخبارات (161) التجنيد القهري
- مباحث في الاستخبارات (160) التجنيد المالي
- مباحث في الاستخبارات (159) التجنيد الوظيفي
- مباحث في الاستخبارات ( 158) التجنيد العقائدي
- مباحث في الاستخبارات (157) التجنيد الاستثماري
- مباحث في الاستخبارات (156) الاستخبارات العلمية بشير الوندي
- مباحث في الاستخبارات (155) الاستخبارات كعلم متاح
- مباحث في الاستخبارات (154) الامن الخارجي وادوار الدول
- مباحث في الاستخبارات (153) الخرائط العسكرية
- مباحث في الاستخبارات (152) المطاردة
- مباحث في الاستخبارات (151) تخريب العقل الجمعي
- مباحث في الاستخبارات (150) استخبارات التنظيم
- مباحث في الاستخبارات (149) مديات النفوذ الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (148) التمويل الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (147) الاستخبارات والغزو الثقافي
- مباحث في الاستخبارات (146) الملاك الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (145) عوامل اختراق المجتمعات


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات ( 165)