أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي الشبيبي - الناس*














المزيد.....

الناس*


محمد علي الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6236 - 2019 / 5 / 21 - 21:02
المحور: الادب والفن
    


(الناس) من كتابات المربي الراحل علي محمد الشبيبي
سالكو سبيل هذه الحياة، وملتمسو النجاة من الزلات والآفات، قد ساروا الى مصير بين الشك واليقين يحفهم الشوك والريحان، وتطلع عليهم الشمس تارة، ويظلهم عنها تارة الغمام، وتعصف بهم هوج الرياح، شرابهم رتق زلال.
قد يسرعون الخطى نحو النهاية والمصير في سبيل وهم عرفوا اسمه وما وُلد، وحلموا بظله ولم يُمَدَّ!
مصارع بعضهم تحت الأقدام. وآخرون تاه عنهم القدر، فتبعوه حتى وجدوه، وتعلقوا به فنبذهم، ثم كرّ عليهم بلهفة وصرّ عليهم بأسنانه.
قلت لنفسي مرةً، أمامكِ الناس فأقرئي سر الحياة بأوجههم، وخذي العبر من سَيرهم. ورحت أمعن النظر. وأرهف السمع، في ضحك الطفل وبكاه، بما يؤلمه، ويهمه ويشغله، بمرحه عند يقظته، واستسلامه عند هجعته فوددت لو أني بقيت طفلاً!
وصدفت إلى الشباب، فتأملته، في أمانيه وأحلامه، في غروره وطيشه، في شقوته وسعادته، في أمله وخيبته، في حبه وضغنه، وهُداه وحيرته، وريّه وضماه، في أمسه وغده، فوجدت حرارة الشباب قد الهبت فيه غُلّة العواطف، فلا تطفيها غير الشيخوخة!
وعرجت على الكهول والشيوخ، فيما حصلوا وأضاعوا، وآمنوا وجحدوا، وقدّموا وأخّروا، وضحكوا له وبكوا عليه، وسعدوا به وأشقوا لأجله. في الشيب اللامع وما بعثه، والظهور المحنية بما أنذرت، والرؤوس المرتجفة بما حملت. والعيون الذابلة في نظراتها. فعرفت أن المنتهى قريب، وكل ما بقى فيهم حسرة في الروح إن عجزت عن سحب هذا الجسم حيث تشاء، وظل لا يملك غير الذكريات في نفسه، والاستغفار منها على لسانه.
ثم انغمست بين أجناس من الناس. بين الفقير والغني، والخامل والنابه، والمعافى والسقيم، والقبيح والجميل، والخلي والشجي، والمجرم والبريء، وساكني الأكواخ والقصور.
فوجدت كُلا ً يحوز النار الى قرصه، ويحول الباطل حقاً لنفسه. يلين بلسانه ويحكم بسره كي ينال العنقود، فإذا ما ناله بنى حوله من الأنانية سياجاً، وأسدل عليه من الاستغلال ستاراً، لا يكتفي بالقليل، ولا يقنع بالكثير.
وعدت بعد هذه السياحة والاستكشاف أساءل نفسي عما عرفت وجربت؟ فنويت أن اباعد الناس، وألزم الوحدة، ولكن نفسي لم ترض من ذلك! كيف؟ ومن الناس أتعلم كل علم. وأفهم كل سر. وأحصل كل عظة ... فإن وجدت السقيم حرصت على الصحة. وإن وجدت المجرم تعلمت النزاهة والفضيلة. وإن رأيت الجاهل طلبت العلم. وإذا ما لاحظت الغني والفقير، تعلمت الرحمة وفائدة الثراء، وتعلمت الصبر من الجزوع. والحلم من الأحمق. والهدوء والسكينة بظل الصخب والضوضاء. ولذة الصمت من المهذار.
ولُقنتُ من كل صور الحياة المرح والسرور، لأن (ثروة الدنيا رغيف ورداء[1]). ونهاية الجميع موت وفناء. فلا يحملون معهم ما ملكوا، ولا يملكون أن يرقبوه أو يتمتعوا بشيء في المسكن الأخير!
وعرفت أن لابد أن أكون بعد هذه الحياة أنشودة حمد وثناء على ألسِنة بعض، ولعنةً ونقمة عند آخرين.

المربي الراحل
علي محمد الشبيبي
1913 - 1997
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*- نشرت في جريدة الهاتف عدد 210 صفحة 9 عام 1939.
1- من شعر جبران خليل جبران في قصيدته (ماذا تقول الساقية) ومطلع القصيدة: سرت في الوادي وقد جاء الصباح معلنا سر وجود لا يزول ... ثم يقول: ما الفقير بالحقير ... ثروة الدنيا رغيف ورداء./ الناشر محمد علي الشبيبي



#محمد_علي_الشبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة وسكون*
- خطيئتي*!
- صور*
- مُصَلّي وسكارى*
- مأساة فلاح عراقي*
- غرام*
- عريف المخفر*
- قلم*
- هذا من فضل ربي!
- حسون أفندي*
- القضية الوطنية أولاً!؟
- سرقة أم خطأ بريء يا سعد الزبيدي!؟
- نداء من أجل إنقاذ الوطن!
- مقاطعة الانتخابات!؟
- الانتخابات وشروط مقاطعتها!
- وداعاً أبا ظافر (جبار خضير الحيدر)!
- ساعة مع مومس
- دموع اللقاء
- الأكراد بين الطموح القومي وشهوة الفساد المالي والإداري والعش ...
- السر الرهيب


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي الشبيبي - الناس*