أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - أنا ديموقراطي إذن أنا قاتل!















المزيد.....

أنا ديموقراطي إذن أنا قاتل!


فيصل القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1538 - 2006 / 5 / 2 - 11:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل نحن أكثر شعوب الدنيا لجوءاً إلى العنف والقتل والدمار والإرهاب، وبالتالي لا بد من غزونا ووضعنا تحت الوصاية وإخضاعنا لدورات مكثفة في التهذيب الخلقي والإنساني والحضاري والديموقراطي؟ لماذا تحاول القوى الاستعمارية الجديدة تصويرنا على أننا وحوش الأرض وبأنها تحاول تشذيبنا وتخليصنا من الهمجية والبربرية عن طريق الديموقراطية؟ هل الديموقراطية أصلاًً البلسم الشافي لاجتثاث العنف والتقاتل من المجتمعات البشرية؟ أم إنها كذبة من العيار الثقيل؟ هل فعلاً أن الديموقراطيات لا تتقاتل كما زعم الفيلسوف الألماني الشهير إيمانويل كانط في بحثه الموسوم "السلام الدائم"، وإنما تتعايش في جو من الوئام والسلام والمحبة؟ هل كلما توسع مجال الديمقراطية ضاق مجال الحرب؟ هل نصدق الأمريكيين عندما يرددون مقولة كانط هذه الأيام كما فعل الرئيس بوش في أكثر من خطاب له؟ هل فعلاً أن الأنظمة الشمولية أكثر ميلاً إلى البطش والإبادة من الأنظمة الديموقراطية المزعومة؟ هل علينا أن نسلــّم بهذه التخرصات؟ أم علينا أن نسخر من المروجين لتلك الخرافة ولتلك الترهات؟ أليس ما يسمى بالدول الديموقراطية أكثر مجتمعات الدنيا لجوءاً إلى العنف والحروب وسفك الدماء واستخفافاً بالأرواح البشرية في الداخل والخارج؟

هل يستطيع أحد أن ينكر أن الدول الديموقراطية هي أكثر من أساء لهذا العالم وجلب عليه المآسي والفواجع والكوارث الإنسانية والطبيعية؟ ألم يقل تولوستوي:"إن الذين يتظاهرون بأنهم أكثر شعوب الأرض تحضراً هم في الواقع أبشع سفاكي الدماء عبر التاريخ"؟ من الذي يحتاج لأن يؤنسن ويتخلص من نزعاته الوحشية؟ هل يستطيع أحد أن ينكر أن كل الدول "الديموقراطية" قاب قوسين هي دول استعمارية باطشة وهمجية في تصرفاتها مع الآخرين؟ من الذي كان يغزو ويستعمر الشعوب وينهب البلدان ويعيث خراباً ودماراً وفساداً في الأصقاع المغلوبة على أمرها؟ أليست الدول "الديموقراطية"؟ أليست معظم القوى الاستعمارية عبر التاريخ دولاً ديموقراطية مزعومة؟هل يستطيع أحد أن ينكر أيضاً أن الديموقراطيات تقاتلت مع بعضها البعض لعشرات السنين عبر التاريخ منذ العصر الإغريقي حتى الآن؟


لماذا يتناسى المتشدقون بالديموقراطية أن الديموقراطيات تقاتلت منذ اللحظة الأولى لنشوءها؟ ألم تتعارك أثينا القديمة بضراوة مع سيراكوزالديموقراطية الأخرى الوحيدة في العصر الإغريقي وكانت مستعدة لأن تمحوها عن وجه الأرض؟ وكي لا نغرق في التاريخ القديم، ألم تشهد الحقب الحديثة منذ القرن الثامن عشر أعتى الحروب بين الديموقراطيات المفترضة؟ ماذا يمكن أن نقول عن الحرب الضروس بين بريطانيا والولايات المتحدة بين عامي1775 1783؟ وماذا عن حرب فرنسا مع بريطانيا العظمى وسويسرا وهولندا في نهاية القرن الثامن عشر؟ وماذا أيضاً عن حرب فرنسا مع الولايات المتحدة في الفترة ذاتها؟ وماذا عن الحرب بين بريطانيا العظمى والمكسيك؟ وماذا عن المعارك بين إسبانيا والولايات المتحدة؟ وهل نسينا التطاحن الاستعماري الرهيب بين فرنسا وبريطانيا للفوز بهذه المستعمرة أو تلك؟ لماذا نسينا معركة أبي قير وولينغتون وغيرهما من المعارك الاستعمارية الفظيعة بين الديموقراطيين المزعومين؟ ألم تكن الحرب العالمية الأولى بين فرنسا وبلجيكا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة من جهة وألمانيا من جهة أخرى؟ وماذا عن حروب فرنسا وألمانيا؟ وهل كانت الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها أكثر من ستين مليوناً بين قبائل الهوتو والتوتسي أم بين الديموقراطيات الغربية "العتيدة"؟ من الذي ألقى القنبلة الذرية فوق رؤوس الأبرياء لأول مرة في التاريخ، هل كان نظاماً استبدادياً ديكتاتورياً همجياً أم "ديموقراطياً" بامتياز؟

وحتى بعد انتهاء عصر الحروب العالمية، من كان الأكثر قدرة على التدمير والقتل والتخريب خاصة بعد أن امتلك الأسلحة الحديثة الرهيبة، أليست الدول الديموقراطية المزعومة؟ لقد زاد عدد الاعتداءات الأمريكية "الديموقراطية" على الدول المسالمة عن ثلاثمائة اعتداء في المائتي سنة الماضية. ماذا نقول عن الديموقراطية الإسرائيلية "الغراء" التي تتلذ بتدمير البيوت فوق رؤوس أصحابها واقتلاع الأشجار وإحراق الأخضر واليابس بطريقة يخجل منها نيرون روما؟ وكي لا نذهب بعيداً، من الذي توعد بإعادة العراق إلى العصر الحجري وأوفى بوعيده؟ أليست دولة ديموقراطية؟ من الذي يعسكر المعمورة ويزرع قواعده وحاملاته في طول البحار وعرضها؟ من الذي يرهب العالم بترساناته التقليدية والنووية؟ أليس الديموقراطيين؟!! من الذي ينفق أكثر مما تنفقه مئات الدول مجتمعة على التسلح؟ أيهما أكثر همجية ووحشية الزعيم العربي الديكتاتوري أم الزعيم الغربي الديموقراطي؟ ألم يقل أحدهم إن الديموقراطية تمتلك أسناناً حادة للغاية؟

لا أدري بعد كل ذلك لماذا يظهر البروفسور الأمريكي رودولف روميل استاذ علم السياسة الشهير ليردد ببغائياً عام 1999 مقولة كانط التي لم تصمد أمام وقائع التاريخ للحظة واحدة! ويسخر الباحث جون بيدن من نظرية روميل قائلاً: "لقد نشبت نزاعات عنيفة بين كندا والولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج وايسلاندا واسبانيا والبرتغال من أجل السمك، وإذا فشلنا في دبلوماسية السمك فكيف يمكن أن ننجح في دبلوماسية القضايا الكبرى"؟

وكي لا يعتقد البعض أن الهمجية "الديموقراطية" تنحصر فقط في الحملات الاستعمارية على الدول الأخرى أو بين الديموقراطيات المزعومة ذاتها، أود فقط أن أذكــّر بأن نسبة العنف المنتشرة في البلدان الديموقراطية ليست موجودة في أي بلد استبدادي في العالم، إلا ما ندر. هل تمر دقيقة دون أن يحدث عمل إجرامي في الولايات المتحدة "الديموقراطية" الأبرز في العالم؟ هل هناك شعب أكثر ميلاً للعنف وسفك الدماء واسترخاصاً للأجساد البشرية أكثر من الشعب الأمريكي "الديموقراطي"؟ ألا تشهد المدارس الأمريكية أكبر نسبة عنف في العالم؟ ألا يحمل صغار الطلبة المسدسات والأعيرة النارية في المدارس؟ كم مرة سمعنا عن تلميذ يردي العشرات من زملائه قتلى برصاص مسدسه؟ أما تزال ثقافة الكاوبوي تسيطر على العقلية الأمريكية الشعبية والسياسية؟ متى كان الكاوبوي ديموقراطياً في أفلام "الويسترن"؟ هل يفهم غير لغة "الطاخ طيخ"؟

ألا تقوم الفلسفة الديموقراطية أساساً على تشجيع العنف والقتل والإبادة؟ انظروا إلى ألعاب البلي ستيشن(play station) الغربية مثلاً، فكلها تقوم على العنف الصارخ، حتى إنك بالكاد تجد لعبة لأطفالك تخلو من القتل والمبارزة الدموية الرهيبة والفتاكة. كلها تتخذ من الدمار الشامل والتطاحن والسحق الوحشي منطلقاً لها. ولا داعي للحديث عن أفلام العنف الفظيعة التي تنتجها شركات السينما الغربية "الديموقراطية". وإذا كان رب البيت في الدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.

هل يمر يوم دون أن تحدث ألوف عمليات السطو على المنازل في أوروبا؟ ألا يقدر عدد المجرمين والمعتدين على الأملاك الخاصة بمئات الألوف في الغرب؟ ألا تدفع شركات التأمين مليارات الدولارات سنوياً للمتضررين من عمليات السرقة والاعتداءت المنظمة؟

كم أضحك وأنا أشاهد قنوات التلفزة العالمية وهي تعرض مشاهد لابن لادن والزرقاوي والظواهري وهم يشهرون رشاشاتهم وبنادقهم البدائية التي لا تصلح لصيد قط بري وتصورهم على أنهم أساطين العنف والإرهاب في العالم! لا أريد طبعاً تبرئة هؤلاء من العنف والإرهاب، لكنني فقط أضحك من هذا الاستغباء الإعلامي لعقول البشر؟ أيعقل أن يكون هؤلاء التلاميذ الصغار رموزاً للرعب والدمار بقنابلهم وأسلحتهم المتخلفة والمضحكة وجحورهم الصخرية القروسطية بينما يتم تصوير سادة الإرهاب الكوني بترساناتهم النووية والتقليدية الرهيبة على أنهم حماة الديموقراطية وفرسانها؟ كم هو عدد الذين قضوا على أيدي "الإرهابيين الجدد" وكم هو عدد الذين محقتهم آلة العنف والحرب "الديموقراطية" قديماً وحديثاً؟ لا يمكن المقارنة أبداً. بالله عليكم احترموا عقولنا إذن!

إن الفرق شاسع جداً بين إرهابي ملتح يدمر بناية فوق رؤوس أصحابها أو ينسف جماعة من الناس بسيارة انتحارية مفخخة وبين إرهابي "ديموقراطي" يبيد قرى ومدناً بأكملها عن سطح الأرض بالأسلحة العنقودية والصواريخ المهولة والقنابل التي تزن أطناناً والفوسفور الأبيض والسلاح النووي التكتيكي أو يعيد بلداً بأكمله إلى غياهب العصور الوسطى ويسحق مئات الألوف من سكانه ويروع الملايين من شعبه. لا أدري لماذا نسمي الأول إرهابياً والثاني ديموقراطياً! فعلاً هزُلت!



#فيصل_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية المفترى عليها
- الليبراليون الأصوليون
- كيف غير المخترعون المسلمون وجه العالم ؟
- اشتُم العربَ والمسلمين وأصبح بطلاً في الغرب
- مبروك عليكِ العراق يا إيران
- الغزو الذي أعاد الهيبة للأنظمة العربية
- عولمة باتجاه واحد
- ما أحوجنا إلى النقد التلفزيوني
- الاستبداد العربي أكبر حليف لإسرائيل
- هل يلغون الحج يوماً ما بعد ضجة الرسوم الدنماركية؟
- لماذا لا يتوارون خجلاً؟
- عولمة الحزن والأسى والبلادة
- العولمة تعيد حساباتها
- أليست دولة المؤسسات كذبة كبرى؟
- كلنا أولاد حارة واحدة وما حدا أحسن من حدا
- العوّربة تصرع العولمة بأدواتها
- أنيتا روديك: لدي خمسون مليون جنيه لن أترك منها جنيهاً لأولاد ...
- عندما يتاجر مصممو الأزياء بعذابات الفقراء
- لماذا وحدتهم الوطنية مقدسة ووحدتنا مدنسة؟
- السمكة تفسد من رأسها


المزيد.....




- أمريكا تعلن تفاصيل جديدة عن الرصيف العائم قبالة غزة
- بوليانسكي: الحملة التي تشنها إسرائيل ضد وكالة -الأنروا- هي م ...
- بعد احتجاجات تؤيد غزة.. دول أوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطي ...
- بوليانسكي: أوكرانيا تتفاخر بتورطها في قتل الصحفيين الروس
- كاميرا تسجل مجموعة من الحمر الوحشية الهاربة بضواحي سياتل الأ ...
- فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ...
- رويترز: محققو الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبي ...
- حماس تبحث الرد على مقترح لوقف إطلاق النار ووفدها يغادر القاه ...
- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- -بلومبرغ-: البيت الأبيض يدرس إمكانية حظر استيراد اليورانيوم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - أنا ديموقراطي إذن أنا قاتل!