|
صراع الاجيال
ياسر علاء
الحوار المتمدن-العدد: 6226 - 2019 / 5 / 11 - 00:41
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
إن الرخاء يولد رجال ضعفاء ، و الرجال الضعفاء يسببون الازمة ، و الازمة تنتج رجالا اقوياء ، و الرجال الاقوياء يسببون الرخاء ، و هكذا . هذه هي باختصار دورة الامم التي ذكرها ابن خلدون في مقدمته . و كشاب من جيل التسعينات ، قد تعرضت مرارا الى سؤال تعرض له اغلب ابناء جيلي ، ذاك السؤال الذي يُطرح علينا عادة بنبرة استهزاء ( كيف ستبنون البلد و انتم بهذه التفاهة ) . و بالطبع ، إن السؤال هذا يطرح من كبار السن ، في كل مرة أتعرض بها الى هذا السؤال ، لم اكن اجد جوابا . بداية الامر ، لا اعرف ما هي انجازات من طرح عليّ السؤال ، فهو من جيل قد قاد البلد و سلمنا اياه ترابا ، فلم يقوموا بثورة مثلا ، او لم يحصل احدهم على جائزة نوبل في اي مجال ، لم يبنوا فريق كرة قدم يهابه المنافسين ، لم يبدعوا في قطاع السينما او المسرح و الثقافة، تبا ، ان اجيالهم تحكم منذ ستة عشر عاما و لم تستطع حتى ان تحل مشكلة زحام تقاطع جامعة بغداد المروري ! . و قد تعتقد ان المشكلة ليست في اجيالهم و انما لان الحكام فاسدين ، و هذا الاعتقاد لا يكاد ان يكون اكثر من ضحك على ذقنك لسببين ، اولا لان هؤلاء الحكام من نفس الاجيال التي تعتبر نقطة سوداء في تأريخ العراق ، و ثانيا و الاهم ، ان المدراء العامين الذين يعدون بآلاف هم من نفس الجيل الذي سحق هذا البلد . مشكلة زحام جامعة بغداد ليست سوى شاهد على مدى فشل هذه الاجيال ، او هذين الجيلين بالتحديد ، الاربعينيات و الخمسينيات . الذين اعتادوا ان يصفقوا للحاكم ، و حالما يمسكون موضع سلطة ، يعيثون بالارض فسادا . ان هذين الجيلين بالتحديد لم يكونا سوى تركة ثقيلة على كاهل هذا البلد ، فلم يمثلوا ولو اضافة صغيرة مفيدة في المجتمع الذي عاشوا فيه ، و حتى دفاعهم و انضمامهم الى الجيش ابان حرب ايران ، قد حدث لانهم كانوا مرغمين على ذلك من قبل السلطة الحاكمة . انني لا اذكر لهم محاسنهم لانني لا اعرف شيئا جيدا قد فعلوه . ان الفساد الذي ينخر المؤسسات الان يتجسد في اشخاصا كبار السن و هم على وشك التقاعد . افة الفساد تتجسد في من تبوء المناصب العليا في الدوائر الحكومية ، و اما اصحاب المناصب في الشركات الخاصة و القطاع الخاص ، فقد عبروا مرحلة الفساد الاداري و الرشوى و وصل بهم الامر الى الفساد الاخلاقي و ابتزاز الموظفات و التحرش بهن . و انني هنا لا اريد ان اعرج على الحالة الفكرية الضحلة و الجهل المتواجد في رؤوس عناصر هذين الجيلين ، لان بإمكاني ان اكتب كتاب من عشر مجلدات عن هذا الامر و لن يسعني مقالا له . ماذا تريد من أناس يعتقدون ان تسريحة شعر مراهق في السادسة عشر من عمره ستتسبب في ان يكون مخنثا ! هذين الجيلين مجردين من اي طموحات للوصول الى قمم الجبال ، انني اعرف قصصا لشبانا مثلي قد حرموا من الفن و الرياضة و الاعمال الحرة لان اهاليهم يعتقدون ان التعيين الحكومي و الشهادة لهو اضمن لهم من هراء كرة القدم ، و التي يتقاضى لاعبوها اليوم رواتبا شهرية تعادل ما يتقاضاه الموظف طول عمره ، هذا في حال كان الشخص محظوظا و وجد وظيفة. لاسباب كونية و فلسفية عميقة ، هذا البلد سيبنى و ينهض بشبان جيل التسعينيات الذين لم يصفقوا لحاكم قط . و ان تسريحة الشعر و الملابس التي يسخر منها ذوي العقول الضحلة لهي ارحم من تفاهة اجيالهم حينما كانوا شبانا . ان انجحهم كان زير نساء ابان شبابه . لذايا صديقي الشاب ، حينما تتعرض لهذا السؤال مرة اخرى ، فقط ابتسم و اجب ب ( لا أعلم كيف سنبني البلد ، و لكن تأكد من انه لن يكون اسوء مما فعلتموه انتم ) .
#ياسر_علاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صراع الاجيال
المزيد.....
-
كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم
...
-
طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة
...
-
مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
-
الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
-
ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
-
انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج
...
-
مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
-
غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
-
ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|